د. هود محمد قباص أبو راس
منذ منتصف 2015، كانت المليشيات الحوثية تشتبك مع قوات الجيش الوطني على بعد أمتار من المجمّع الحكومي لمدينة مأرب، وتصدى لهم أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بقيادة الشدادي وشعلان وباءت تلك المحاولات بالفشل الذريع وتكبدوا خسائر فادحة في الأرواح والعتاد وتم ملاحقهم ومطاردتهم مروراً بمحافظة الجوف. وفي 2 فبراير 2016، طرق الجيش أبواب صنعاء وتمكن من السيطرة على الجبال الإستراتيجية شرقي محافظة صنعاء (فرضة نهم)، واستمرت المعارك بين كر وفر وسقط خلال الثلاث السنوات الآلاف من الشهداء والجرحى من الطرفين نظراً لشدة وعورة تلك المناطق والجبال الشاهقة.
وفي يناير 2020، أعلن الجيش الوطني «انسحاباً تكتيكياً» من مواقعه شرق صنعاء، بينما أعلن الحوثي أنه تمكن من استعادة الجبال الإستراتيجية في فرضة نهم بالقوة، وتبعه بعد شهر ونصف من نفس العام استيلاء الحوثي على مدينة الحزم مركز محافظة الجوف ولم يتبقى منها إلا بعض من أطراف المديريات ومساحات واسعة من الصحراء لا يوجد فيها سكان، ولعل الجيش والمقاومة اتخذوا قراراً بالاستمرار في الدفاع بدلاً من الهجوم للحفاظ على أفرادهم من الاستنزاف والاستمرار في القتل وتحمل مزيد من الخسائر المادية والمالية في تلك الجبال الوعرة؛ وكان هذا الانسحاب دافعاً قوياً للحوثيين باستمرار الزحف نحو مأرب؛ التي اتجهت المعارك باتجاهها، ولذلك أصبحت معركة مأرب تكتسب أهمية خاصة؛ إذ تعد مأرب “قلب الاقتصاد اليمني” في الوقت الحالي، وتكتسب أهمية سياسية وعسكرية واقتصادية كبيرة في ظل الصراع القائم، إذ تضم المدينة مقر وزارة الدفاع وقيادة الجيش اليمني، إضافة إلى حقول ومصفاة صَافِر النفطية.
ولم يتوان الحوثي في إرسال مقاتليه خلال السنوات السابقة لمحاولة دخول مأرب والاستيلاء على حقول النفط والغاز والمحطة الغازية للكهرباء، بل إن القيادي البارز في جماعة الحوثي محمد البخيتي قال: إن الهجوم على مأرب “تنفيذ لإرادة الله وأوامره”، وإنها “بوابة للقدس” و تحرير القدس والمسجد الأقصى من أيادي اليهود، وكثف الحوثي هجماته بصورة جنونية ضد مأرب من عدة اتجاهات خلال العاميين الماضيين سقط خلالها الآلاف من الشهداء والجرحى وتكبدت المليشيات الحوثية النصيب الأكبر؛ فخلال أربعة أشهر صرح أحد المسؤولين في “وزارة” الدفاع التابعة للحوثيين في صنعاء إن المعارك وغارات الطيران “أدت إلى مقتل 14,700 مقاتل حوثي منذ منتصف حزيران/يونيو” وحتى 18 أكتوبر 2021. وأكد مسؤول آخر نفس الحصيلة السابقة، وأكد القيادي صالح هبرة رئيس المجلس السياسي للحوثيين سابقاً ورئيس فريق الحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني بقوله: محزن جداً، أن أكثر من 25 ألف شهيد خلال 5 أشهر في جبهات جنوب مأرب من أجل الوصول إلى نفط صافر.
وأورد قوله: لا حصلنا نفط صافر ولا سلمنا خسارة دماء الرجال المجاهدين، ولا عاش السفير الإيراني لأجل يرى نتائج مغامرته وتكتيكه العسكري النوعي والإستراتيجي، وأكد بقوله وهو يخاطب زعيم الجماعة: من يناير2020 إلى يناير2022 وأنت تحاول تحرير مدينة تسمى “مجمع مأرب” ولم تكلل محاولاتك بالنجاح، إذا فلتذهب للحوار والسلام وأنت في موضع قوة وافرض شروطك على الجميع، قبل أن تأتي قواتهم إلى بابك وتذهب للحوار وتقبل بالسلام وأنت في موضع ضعف دعونا لا نخسر كل شيء احتراماً لدماء الشهداء”(تويتر 27 يناير 2022).
وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2021، أطلقت جماعة الحوثي عملية عسكرية للسيطرة على مركز محافظة مدينة مأرب. وازدادت وتيرة الهجمات الحوثية وذلك بعد تسللهم إلى بعض مديريات مأرب، ومن ثم تمكن من السيطرة على مديريات أخرى من محافظة شبوة كمديرية عسيلان وبيحان وعين في شبوة، ومديريات حريب وماهلية ورحبة والعبدية والجوبة وأجزاء من جبل مراد، وفي بداية يناير 2022، تمكنت ألوية العمالقة التابعة للقوات الحكومية الشرعية من السيطرة على كافة مديريات محافظة شبوة، واستعادة مديريات عِسيلان وبَيحان وعَين.
وانطلاقا من مديرية عين شبوة توغلت ألوية العمالقة مسنودةً بوحدات عسكرية من الجيش الوطني في مأرب والمقاومة الشعبية واستعادت سيطرتها على مديرية “حريب” جنوب شرق محافظة مأرب في 24 يناير 2022.
إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي الحكم الذاتي
في 25/4/2020، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة المؤقتة عدن الحكم الذاتي وحالة الطوارئ في المناطق التي يسيطر عليها في جنوب البلاد، في تحدٍ للحكومة المعترف بها دولياً وتمرد واضح على الشرعية بدعم إماراتي. ودعي المجلس إلى تشكيل مجلس يدير الجنوب، ومنع الرئيس هادي من العودة إلى العاصمة المؤقتة عدن.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس في 20 مايو 2021، عن ثلاثة مصادر في الرئاسة اليمنية ومساعدون للرئيس عبد ربه منصور هادي أن الإمارات العربية المتحدة تقف وراء منع عودة هادي إلى العاصمة المؤقتة عدن. ونقلت عن المصادر القول إن الرئيس تقدم بأكثر من طلب إلى قيادة التحالف متمثلة في السعودية والإمارات لتمكينه من العودة إلى عدن بعد تشكيل الحكومة غير أن الرد في كل مرة كان أن الوقت غير مناسب وأن الوضع الأمني في عدن لا يزال غير مستقر.
وقال مصدر إنه عندما أصر الرئيس هادي على العودة إلى عدن وطالب قيادة المملكة بذلك وفقاً لاتفاق الرياض؛ تم تشكيل لجنة عسكرية وأمنية سعودية للتوجه إلى عدن لتنفيذ الاتفاق في يونيو/حزيران من العام الماضي. بل أن طائرة الرئيس هادي نفسها مُنعت من الهبوط في مطار عدن من قبل قوات الإمارات نهاية العام 2017.
القوات الحكومية تُسقط المشروع الانفصالي والإماراتي في آن واحد
في الثلث الأخير من 2019، تحركت مجموعة من قوات الجيش والأمن لإخماد حركة التمرد الانفصالية وبدأت بتحرير شبوة واتجهت نحو أبين، ومن ثم العاصمة المؤقتة عدن، وخلال ساعات معدودة تم إخماد نار الفتنة وهرب الكثير من القيادات الانفصالية باتجاه لحج والضالع، ووصل الجيش إلى العَلم مدخل عدن وبدأ يترتب الخطة العسكرية لدخولها حينها لم يقر للإمارات قرار. ففي يوم الخميس 29/8/2019، قامت بتحريك طيرانها ومارست عدوانها الهمجي الصارخ ضد قوات الجيش وقتل ما يقارب 300 جندياً ما بين قتيل وجريح بالإضافة إلى الخسائر المادية، مما أثار غضباً شعبياً ومظاهرات ومسيرات احتجاجية في الداخل والخارج. والموقف الرسمي اليمني تجاه الإمارات كان واضحاً من خلال تصريح وزير الخارجية ومندوب اليمن في الأمم المتحدة والأحزاب ومنظمات المجتمع الدولي.
ومما جاء في بيان الخارجية اليمنية الذي تم نشره في موقعها: “تدين القصف الجوي الإماراتي على قوات الحكومة الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن وضواحيها ومدينة زنجبار في محافظة أبين، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين الأبرياء وفي صفوف قواتنا المسلحة الباسلة، ونحمل دولة الإمارات العربية المتحدة كامل المسؤولية عن هذا الاستهداف السافر الخارج عن القوانين والأعراف الدولية”، وجددت (الحكومة) طلبها من الإمارات العربية المتحدة وقف كافة أنواع الدعم المالي والعسكري لكل التشكيلات العسكرية الخارجة عن الدولة وسلطة القانون”؛ وتابع “نهيب بالمملكة العربية السعودية الشقيقة وقيادتها الحكيمة كقائدة لتحالف دعم الشرعية بالوقوف إلى جانب الحكومة الشرعية وإيقاف هذا التصعيد العسكري غير القانوني وغير المبرر”. وشدد البيان على أن الحكومة اليمنية “تحتفظ بحقها القانوني المكفول بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإيقاف هذا الاستهداف والتصعيد الخطير”.
ولكن الإمارات لم تكتف بذلك وتبرير عدوانها الغاشم وإصدار بيان عبر خارجيتها، بل كان لها اليد الكبرى في شراء ولاءات بعض ضعاف النفوس للانسحاب من نهم وتبعه إسقاط محافظة الجوف.
التخادم الحوثي-الإماراتي في سقوط محافظات يمنية
يرى الكثير من المحللين السياسيين أو المتابعين في الداخل أن سقوط فرضة نهم ومحافظة الجوف بداية العام 2020 كان سببه الرئيس هو تحرك القوات الحكومية في مأرب وشبوة لتحرير شبوة من مليشيات المجلس الانتقالي والسيطرة على أبين واجزاء كبيرة من عدن دون الرجوع إلى الإمارات، وأنه كان سبب سقوط عدة مديريات من مأرب وشبوة بيد الحوثي، وانخفاض العملة اليمنية مقابل العملة الأجنبية نهاية العام 2021.
تعرضت الإمارات لتهديدات من محافظ شبوة بن عديو بإخراج القوات الإماراتية من معسكر العَلم وميناء بلحاف ورفضة الأوامر الإماراتية بتسليم بعض المناطق لمليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي وأن استعادة كل ما سبق مرهون بتغير محافظ المحافظة بن عديو، وأن السبب الأساس في انسحاب قوات الساحل بقيادة طارق صالح 11/11/2021، من وسط الحديدة مقدمة لإرسالها إلى شبوة ومأرب وتثبيتها هناك دعماً للمجلس الانتقالي وللمشروع التي تريد فرضه دول الجوار بالقوة داخل اليمن بعد رفض الرئيس هادي وبقية القوى الفاعلة في الميدان والسعي إلى إنشاء كيانات وقوى جديدة من شأنها تنفيد أجندات خفية لدول الجوار.
مسلسل تغيير القيادات يتبعه إسقاط المحافظات
لم تكتف بعض دول التحالف بكل ما سبق بل بدأت أبواقها الإعلامية المأجورة في الداخل والخارج بالهجوم على عدة قيادات في السلطة المحلية في عدة محافظات، وأخرى عسكرية ميدانية ومنها محافظ الجوف الشيخ أمين العكيمي والضغط عند رئيس الجمهورية وحكومة الشرعية تحت مبررات واهية منها أن تحرير محافظة الجوف من الحوثي مرهون بتغير الشيخ العكيمي وقيادات عسكرية أخرى في المناطق المختلفة.
وفي حقيقة الأمر، فإن كل ذلك كان سعياً منهم في تطويق محافظة مأرب من كل الاتجاهات للتحكم والسيطرة على حقول النفط والغاز وإدخال قوات موالية لبعض دول التحالف داخل مأرب وحولها تحت مسميات جديدة بحجة حماية مأرب واستعادة محافظة الجوف. ولكنها حقيقةً كما يعتبرها بعض المحللين خطوة خطيرة لإعادة التموضع داخل مأرب وتسليمها لقيادات موالية لأطراف خارجية بعيداً عن الأهداف المعلنة للتحالف في تحرير اليمن من الحوثي وإيقاف التمدد الإيراني الشيعي في المنطقة واستعادة الشرعية.
وفي النهاية، لن يكون شخص العكيمي هو المطلوب فقط كونه شيخ قبلي أو برلماني أو محافظ وإنما لعدة اعتبارات أخرى لعل أهمها: أنه رمز وواجهة للإصلاح في المحافظة التي قدمت قوافل كبيرة من الشهداء قبل وبعد 2011 وحتى اليوم، وكان للإصلاح النصيب الأكبر من تلك التضحيات ولعل من أوضح الأدلة أن جميع قيادات المكتب التنفيذي للإصلاح في الجوف قد استشهدوا في ميدان المعركة وهم في مواجهة المشروع الحوثي، ولذلك فإن الحفاظ على رمزية المحافظ في المحافظة وقيادة السلطة المحلية الحالية مهمة في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها البلاد، وحتى لا ينتقل الدور إلى محافظ مأرب الشيخ سلطان العرادة في مأرب والشواهد كثيرة جداً على هذه الممارسات خلال السنوات الماضية، وكل ما تم الصمت على تغيير محافظ محافظة محسوبة على حزب من الأحزاب فإن الدور يأتي على من بعده، فقد خرجت مظاهرات تتبع الحوثيين في عمران 2014 تطالب رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي بعزل محافظ المحافظة الشيخ محمد حسن دماج والعميد حميد القشيبي قائد اللواء 310 وقد أبدى الرئيس موافقته على إقالة دماج محافظ محافظة عمران، مقابل إيقاف الحرب في عمران، وتم إقالته في 9 يونيو 2014 وتم تعيين محمد صالح شملان بديلاً عنه. فلم يكن عزل محافظ عمران محمد حسن دماج القيادي في الإصلاح عام 2014 تحت مبررات واهية إلا مقدمة لإسقاط محافظة عمران بالكامل بيد الحوثيين بعد شهر من الإقالة.
حين اقتربت آلة الموت الحوثية من مدينة عدن أواخر مارس 2015، كان مسؤولوها يفكرون بمنافذ للهروب والمغادرة باستثناء بعض المسؤولين قرروا البقاء ليحرسوا خوف المدينة، وليتولى قيادة عملية تحرير عدن الأستاذ نايف البكري رئيس المجلس التنسيقي للمقاومة الشعبية الذي كان له الدور البارز في حشد المقاتلين الذين قاتلوا مسلحي جماعة الحوثي في عدن وتمكنوا من تحرير المدينة من قبضة الحوثيين ” في 17 يوليو 2015.
وبعدها بثلاثة أيام تم تعيين نايف البكري محافظاً لمحافظة عدن وبدأت الإمارات تخلق مجموعة من الأزمات من ضمنها المطالبة بتغيير محافظ عدن وأنه العائق أمام إعادة الإعمار وتوزيع المساعدات الاغاثية وبعد أشهر من تعينه وبالتحديد في منتصف سبتمبر من العام 2015، أصدر الرئيس عبدربه منصور هادي قراراً جمهورياً بإقالة نايف البكري من منصب محافظ عدن وتعين اللواء جعفر محمد سعد بديلاً عنه دون رضى الإمارات وتم اغتياله بعد أشهر، ليتم تعيين من ترضى عنه الإمارات في السلطة المحلية والمؤسسة الأمنية عيدروس الزبيدي وشلال شايع، ولم يكن عزل محافظ عدن وقيادات عسكرية وأمنية أخرى لم ترضى عنها الإمارات إلا مقدمة لتسليم عدن للأيادي الانفصالية الدموية الموالية لدول تسعى لفصل جنوب اليمن عن شماله والسعي إلى زعزعة الأمن والاستقرار داخل البلاد ونشر الفوضى ولم تتحرر عدن من العصابات الفاسدة والمتنفذة في البلد والذي تعمل من تحت الرماد.
وكذلك عزل محافظ البيضاء نايف القيسي وقائد مقاومتها في 23 يوليو 2017 بتهمة ولائه للإصلاح ودعمه للإرهاب وتعين صالح الرصاص بديلاً عنه إلا مقدمة لضرب المقاومة داخل البيضاء واسقاط المديريات تلو المديريات تمهيداً لزرع خلايا نائمة في المناطق الفاصلة بين شمال اليمن وجنوبه سابقاً تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي أو تنظيم القاعدة سعياً منهم في اخماد المقاومة الشرسة لأبناء البيضاء في مقاومة الحوثي. وكذلك عزل محافظ تعز علي المعمري في 24 ديسمبر 2017 وتعيين أمين محمود إلا مقدمة لإثارة الفوضى بين الأحزاب والسلطة المحلية من جهة والجيش والمقاومة والسلفيين من جهة أخرى والسعي إلى الصدام المسلح بين جميع فصائل المقاومة، ولكن ذلك لم يتم ولم يتحقق ولكنه آثاره السلبية لا زالت حتى اللحظة، وما عزل محروس محافظ سقطرى 25/ديسمبر 2021، إلا مقدمة لإسقاط المحافظة بيد العناصر الانفصالية الانقلابية الفوضوية التابعة للمجلس الانتقالي وتسليمها إلى الإمارات، ومثلها ما حصل لمحافظ شبوة بن عديو من هجوم إعلامي كبير تبعها إقالته 25/12/2021، وتعين عوض العولقي بديلاً عنه.
وكل هذه الخطوات لا تحتاج إلى تعامل عاطفي لا يرقى إلى درجة الحفاظ على القيادات الفاعلة في الميدان وعدم التفريط فيها تحت أي مبررات واهية لإن السنوات الماضية تؤكد أن تغيير القيادات في السلطة المحلية أو العسكرية إلا مقدمة لإسقاط عدة مديريات ومحافظات ووحدات في أماكن مختلفة من اليمن.
والملاحظ للخطوات المتسارعة التي يقوم بها من لا يريد الأمن والاستقرار لليمن في التحريض على القيادات في السلطة المحلية أو في المؤسسة العسكرية إلا مقدمة لتغيير قيادات عسكرية كان لها دور بارز في الحفاظ على مأرب معقل الشرعية أو دعمها وإسنادها، وتعيين قيادات جديدة موالية لدول أخرى تريد من خلالهم تنفيذ أجندة تضر بأمن اليمن واستقلاله وتنقص من سيادته الكاملة.
في 24 نوفمبر 2019، عقدت الجمعية السعودية للعلوم السياسية ورشة عمل بعنوان: تجريف الحوثيين للهوية اليمنية الوسائل والأهداف، حيث صرح العميد الشهري: بضرورة حل الجيش اليمني من وزير الدفاع المقدشي إلى آخر جندي وأتهم الجيش بأنه يعمل مع الحوثي والحد من حزب الإصلاح في الجيش وفي الحكومة.
وكرر ذلك في عدة مرات وظهر في عدة قنوات وهو يهاجم الجيش الوطني والحكومة وحزب الإصلاح وآخرها بعد تغيير محافظ شبوة؛ فهل يعقل أن مثل هذه التصريحات تصدر عن شخص دون علم صُناع القرار في بلاده بذلك، ودولته لديها غرفة مشتركة يشترك فيها قيادات الجيش اليمني وقيادات الجيش من التحالف.
فيما رد عليه ناطق الجيش الوطني اليمني العميد عبده مجلي وطلب من السعودية إيقاف مثل هذه الأصوات التي تؤثر على علاقة الشرعية بالتحالف من جهة، وعلى المقاتلين في الميدان من جهة أخرى، بينما يكون المستفيد من ذلك هي القوى التي تعمل خارج نطاق الدولة.
ما زالت القوات الإماراتية تتمركز في معسكر العَلم وميناء بِلحاف الخاص بمشروع الغاز الطبيعي المسال منذ عام 2015، والذي تديره شركة “توتال” الفرنسية؛ وهو ما أدى إلى توقف الصادرات منذ مشاركتها في التحالف 2015، وبسطت الدولة سيطرتها على جميع المحافظة لكن الإمارات ترفض الخروج من معسكر العَلم وميناء بِلحاف؛ مما جعل محافظ شبوة محمد صالح بن عديو في تاريخ 30/8/2021 يطالب الوفد السعودي الذي جاء للوساطة بسبب مشكلات متصاعدة بين المحافظ والإمارات، التي تحتل منشأة وميناء بِلحاف الإستراتيجي بالمحافظة، بضرورة إبلاغ أبوظبي بإخلاء قواتها من هناك فوراً، وهدد المحافظ باقتحام منشأة بِلحاف، في حال رفض الإمارات إجلاء قواتها من المنشأة الاقتصادية الأكبر في المحافظة، والتي ستسهم في حال عودتها في رفد موازنة اليمن بمليارات الدولار، بحسب باحثين اقتصاديين.
وفي النهاية، فإن إبقاء التحالف السعودي الإماراتي للرئيس وطاقمه وحكومته ومجلسي النواب والشورى وقيادات الأحزاب خارج اليمن من شأنه يؤكد أن نوايا التحالف بالسعي المستمر في سلب القرار اليمني/اليمني، وتقسيم اليمن إلى كونتيرات لإقامة حكم ذاتي في بعض المحافظات وتقسيمها إلى عدة أقاليم حتى يتمكن من فصل اليمن شماله عن جنوبه، وإيقاف أي مشروع من شأنه الوصول باليمن إلى الأمن والاستقرار والسيادة الكاملة، حتى تكون بؤرة صراع دائم تعيش بين الحياة والموت أشبه بلبنان.
سيناريوهات متوقعة:
1. الضغط على الرئيس والحكومة لتغير محافظ الجوف بحجة تحرير المحافظة للقيام بدور آخر من شأنه التعجيل بتغير محافظ مأرب وإدخال وحدات عسكرية إلى المحافظة.
2. الدعوات القائمة إلى تغيير محافظ محافظة الجوف، فالمقصود بذلك مدينة الحزم لا غير ولن يتم تحرير المحافظة بالكامل من مأرب إلى صعدة وسفيان وأرحب، والأهم من ذلك هو المجيء بقوات من خارج مأرب تتبع العمالقة أو اليمن السعيد أو الساحل أو غيرهم، ثم يتم بعد ذلك إعادة التموضع في مأرب وما حولها، والاستيلاء على آبار النفط والغاز في صافر بحجة حمايتها واختراق الجهاز الأمني داخل مدينة مأرب.
3. السعي إلى اضعاف عقيدة المقاتلين في الميدان في هذا الظرف من خلال تغيير قيادات مناطق ووحدات عسكرية، ولكن في نهاية الأمر لن يزيد المقاتلين في الميدان إلا عقيدةً وثباتا.
4. مبادرة السعودية لاستضافة طرفي الحرب في اليمن للمشاورات بين طرف واحد في الشرعية من شأنه إيصال رسالة للجيش والمقاومة في الميدان بالعودة إلى بيوتهم حتى يتمكن الحوثي من دخول مأرب تحت غطاء دولي؛ حتى يتم بعد بدء المشاورات الحقيقية بين طرفي الحرب في اليمن لتقديم الحوثي بأنه القوة الوحيدة المتواجدة في الميدان والخضوع لجميع مطالبه.
5. استمرار سحب المقاتلين من الجبهات إلى الحدود السعودية وتقديم رواتب مغرية من شأنه اضعاف الجبهات وسقوطها.
6. إعلان التحالف إيقاف ضرباته في اليمن بينما الحوثي يستمر في تحشيد المقاتلين في جبهات مأرب من شأنه التعجيل بالبحث عن حليف آخر صادق ودول أخرى تعين اليمنيين على الخروج من هذه الحرب إلى سلام دائم بين الطرفين أو حرباً تحسم لطرف واحد.
.
رابط المصدر: