أصبح المتطرفون اليمينيون منعزلون عن المجتمع الفرنسي وتنامت أنشطتهم عبر الإنترنت. ولايزال اليمين المتطرف يشكل تهديداً أكبر من أي وقت مضى في فرنسا. في الوقت التي أكدت فيه الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي أن عدة دول أوروبية تواجه تهديداً متزايداً من المتطرفين اليمينيين العنيفين لاسيما بعد تفكيك خلايا يمينية تستهدف الساسة. وإحباط مخططات إرهابية تستهدف الأجانب والجاليات المسلمة واليهودية.
معاداة الجاليات المسلمة واللاجئين
يدعو اليمين المتطرف في فرنسا إلى الحد من الهجرة واللجوء، ومنع عائلات الرعايا الأجانب من الانضمام إليهم في فرنسا، وطرد المهاجرين غير الشرعيين. ويطالبون بترحيل مليون مهاجر وأجنبي ممن يزعم أنهم وصلوا إلى البلاد بطرق غير شرعية وارتكبوا جرائم أو يشتبه في تعاطفهم مع الإرهاب. وزعم إن المسلمين عليهم التخلي عن عقيدتهم وأفكارهم، لأنها تتعارض مع قيم الجمهورية الفرنسية. ويطالب اليمين المتطرف أيضاً بزيادة الحماية القانونية لضباط الشرطة المتهمين بارتكاب أعمال عنف، وتقييد إجراءات الاندماج في الاتحاد الأوروبي، وإعادة فرض الضوابط على الحركة عبر الحدود.
اختراق المؤسسات العسكرية
تم العثور على حوالي (50) شخصاً جديداً متطرفاً ضمن ما يعرف بحركة “النازيون الجدد” في 17 مارس 2021، ولا يتردد هؤلاء في إظهار أفكارهم المتطرفة علنا، سواء داخل الثكنات أو خلال المهام العسكرية التي ينفذها الجيش. وأقرت القوات المسلحة الفرنسية عند استجوابها بأن العناصر التي كشف عنها “خطيرة للغاية”. يوزع غالبية هؤلاء الجنود على عدة أفرع للجيش الفرنسي خاصة “الفيلق الأجنبي” وكتيبة المشاة البحرية الثالثة وفوج المشاة الـ(35) وغيرها. كما أن معظهم لا يمثلون حالات معزولة بل كانوا يتواصلون مع بعضهم البعض، وظهروا في صور جماعية نشرت على حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي. هذه الحالات التي تم الكشف عنها تمثل جزءا من ظاهرة كبيرة، حيث تم اكتشاف (60) عنصرا فقط من النازيين الجدد لكن العدد الإجمالي للجنود الفرنسيين يناهز (210) آلاف جندي تقريباً.
تم تفكيك شبكة بعضهم يشتبه في صلاتهم بـ”تيار اليمين المتطرف” لتهريب الأسلحة ضمت عسكريين، وتوقيف (10) أشخاص وفي تحديد مسار هذه الأسلحة يعتقد أن يكون أعيد بيعها لمناصرين لليمين المتطرف. الشبكة تضم عسكريين اثنين، أحدهما يعمل في وزارة الدفاع والثاني في قاعدة بشرق البلاد، إلى جانب عسكريين سابقين وهواة لجمع الأسلحة وفقا لـ”فرانس24″ في 17 يناير 2021.
اليمين المتطرف ومعاداة السامية
تعرضت الغالبية العظمى من الجالية اليهودية لشكل من أشكال “السلوك المعادي للسامية “، بما في ذلك الاعتداء اللفظي أو الجسدي. و في 27 يناير 2022 تشير الاستطلاعات إلى أن (62٪) يعتقدون أن الكراهية كانت السبب الأول لسوء المعاملة التي واجهوها. بينما ذكر (74٪) ممن شملهم الاستطلاع أنهم تعرضوا لاعتداء لفظي أو جسدي مرة واحدة على الأقل، وارتفع المعدل إلى (78٪) بين أولئك الذين يرتدون الكيباه بانتظام. إضافة إلى ذلك ، أكد (68٪) ممن شملهم الاستطلاع إنهم تعرضوا فقط للسخرية اللفظية ، بينما أكد (20٪) إنهم تعرضوا للاعتداء الجسدي. كما هناك (85٪) من اليهود و (64٪) من الفرنسيين يعتقدون أن معاداة السامية منتشرة ومتنامية في فرنسا. بالإضافة إلى ذلك، هناك (60٪) من الإهانات المعادية للسامية تتعرض لها المدارس. وأن (48٪) من اليهود يخفون هويتهم الدينية أثناء الجدل. اليمين المتطرف في ألمانيا ـ التهديدات وتدابير المواجهة، بقلم حازم سعيد
استهداف الساسة الفرنسيين
خططت مجموعة يمينية متطرفة في 24 سبتمبر 2021 لاستهداف وزير الصحة الفرنسي “أوليفييه فيران” وكذلك مراكز التطعيم في جميع أنحاء البلاد. وكانا قد تم اعتقال (2) من المجموعة في في مايو 2021 اثر تبادلات بينهما لبحث امكانية تصنيع متفجرات. ومنذ عام 2017 ، استمرت (6) تحقيقات مرتبطة بمشاريع هجوم اليمين المتطرف داخل النيابة العامة لمكافحة الإرهاب.واستهدف أحدهم مجموعة صغيرة تسمى منظمة الدول الأمريكية ، وقد أدى بالفعل إلى إحالة (6) أشخاص إلى المحاكم الجنائية، وبدأت محاكمتهم في باريس.
تنامي أنشطة اليمين المتطرف
إثر تسلم باريس الرئاسة الدورية للكتلة الأوروبية، احتجت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا ” مارين لوبان ” في 2 يناير 2022 على وضع علم الاتحاد الأوروبي فوق قوس النصر. في موقف ساندها فيه ساسة آخرون من التيار اليميني. وتتنشط المجموعة اليمنية المتطرفة “Telegram ” الفرنسية على الإنترنت من خلال نشر خطاب كراهية ضد الأجانب والمهاجرين. حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى تؤيد بشكل أكثر صراحة نظرية مؤامرة ” الاستبدال العظيم” في 11أغسطس 2021. واحتج اليمينيون المتطرفون في فرنسا في 24 يوليو 2021 وفقا على مشروع قانون يطالب الجميع بالحصول على تصريح دخول خاص بالفيروسات لدخول المطاعم والأماكن الأخرى وإلحاق التطعيمات ضد فيروس كورونا لجميع العاملين في مجال الرعاية الصحية. اليمين المتطرف في فرنسا، كيف يؤثرعلى مستقبل سياسة الهجرة واللجوء؟
مساعي لتقويض أنشطة الجماعات اليمينية المتطرفة
سعت السطات الفرنسية في 13 ديسمبر 2021 إلى حل جماعة “Zouaves” التي يشتبه في قيامها بمهاجمة المتظاهرين المناهضين للعنصرية الذين شاركوا في مسيرة انتخابية نظمها المرشح الرئاسي اليميني المتطرف” إيريك زمور”. وتقول “ماريون جاكيه فيلانت” ، المتخصصة في مجموعات “الهوية” المتطرفة، إن المنظمة جمعت “أشخاصًا من مجموعات أخرى للقيام بأعمال سريعة وعنيفة”. وينتمي بعض الأعضاء أيضًا إلى “Génération Identitaire” ، وهي جماعة “شبه عسكرية” يمينية متطرفة حظرتها الحكومة الفرنسية في مارس 2021.
تمكن عملاء الاستخبارات الفرنسية في 17 نوفمبر2021، كشف (2) مرتبطين بحركة اليمين المتطرف في إطار تحقيق لمكافحة الإرهاب.حيث يشتبه في قيامهما بإصدار دعوة للعنف عبر تطبيق المراسلة” Telgram” و تم العثور على أسلحة في منزل أحد المشتبه بهما. ومواد تتعلق بصنع المتفجرات. وألقت الشرطة الفرنسية في 22 أكتوبر2021 القبض على متطرف يميني بتهمة “خطط لانقلابات وأعمال عنف أخرى” و الارتباط بمتطرفين أخرين . وقيادة منظمة شبه عسكرية على مستوى الدولة قوامها (300 ) شخص ، والتي خططت لهجمات على قصر الإليزيه الرئاسي ومؤسسات أخرى في انقلاب. وإرسال بريدًا إلكترونيًا إلى العديد من النواب وأعضاء مجلس الشيوخ ، وهددهم بالعنف ردًا على فرض التطعيم الإلزامي. ووفقا للتقارير الاستخباراتية تصور المشتبه به تصور تسلل مجنديه إلى مواقع لتدمير شبكات (5G) ومراكز التطعيم ومخزونات اللقاحات.
أيد مجلس الدولة الفرنسي قرارًا يحظر جماعة جيل الهوية اليمينية المتطرفة المناهضة للمهاجرين (Génération Identitaire). حيث مارست الجماعة عدة أنشطة متطرفة منها على نشر أفكار تسعى إلى تبرير أو تشجيع التمييز والكراهية والعنف ضد الأجانب والدين الإسلامي. تشمل الأعمال المثيرة التي تقوم بها شركة “Generation Identity ” القيام بأعمال عنصرية ضد اللاجئين والمهاجرين بارزة في جبال الألب وجبال البرانس ، ونشر المركبات على الحدود الإسبانية التي تحمل رسالة “الدفاع عن أوروبا” واستخدام طائرات بدون طيار لمراقبة الحدود في 4 مايو 2021. “النازيون الجدد” خريطة الإنتشار في ألمانيا
التقييم
يثير صعود اليمين المتطرف في فرنسا مخاوف اللاجئين. وما يزيد من مخاوف الأجانب واللاجئين والجاليات المسلمة في فرنسا، هو سعي من قبل بعض الأحزاب السياسية للمزايدة على ما يطرحه اليمين المتطرف، واتخاذ خطوات ضد الجاليات المسلمة لتعزيز موقعها في الشارع الانتخابي ، بهدف الحصول على الأصوات الانتخابية.
تعتبر تحركات المجموعات الصغيرة التي تدعو للعنصرية تحريضا على التمييز أو الكراهية أو العنف ضد شخص أو مجموعة من الأشخاص بسبب أصولهم، حسب قانون الأمن الداخلي الفرنسي. لذلك نجد أن هناك تحركات من الحكومة الفرنسية لاتخاذ إجراءات صارمة تجاه الجماعات اليمينية المتطرفة عبر حل مجموعات كـ”جيل الهوية” اليمينية المتطرفة المناهضة للمهاجرين.
يشهد المناخ السياسي في فرنسا تحولًا إلى اليمين في السنوات الأخيرة مع صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة. وأدى هذا التحول إلى انتشرت الأفكار اليمينية انتشاراً كبيراً داخل المجتمع الفرنسي. وأصبحت إيديولوجيات اليمين المتطرف من بين القضايا الأساسية المطروحة للنقاش داخل البرلمان الفرنسي.
الهوامش
Far-right loners pose ever-bigger EU terror threat
https://bit.ly/3NZ0W4g
Analysis of anti-Semitism in France
https://bit.ly/3y2kwXT/
Study highlights prevalence of antisemitism in France
https://bit.ly/3aqR84p
France seeks to ban ultra-right group suspected of attacking anti-racists
https://bit.ly/3azPUUE
The French Far-Right On Telegram: Laundering Extremism Through Support For Political Activism
https://bit.ly/3GZV6gv
French police arrest two linked to ultra-right in anti-terrorism probe – source
https://reut.rs/3GWihIG
French police arrest far-right extremists on charges of preparing a coup d’état
https://bit.ly/3MnsjUf
فرنسا: ضبط “مخزون استثنائي من الأسلحة والذخائر” واعتقال 10 أشخاص أثناء تفكيك شبكة كبرى
https://bit.ly/3NWjeTI
High court upholds ban on French anti-migrant group Generation Identity
https://bit.ly/3Nr3bgK
Une filière néonazie au sein de l’armée française
https://bit.ly/3zLznHv
رئيس بلدية فرنسي من اليمين المتطرف يعيد فتح متاحف مدينته رغم قرار الإغلاق الرسمي
https://bit.ly/3y47Ik3
اليمين الفرنسي المتطرف يحتج على وضع علم الاتحاد الأوروبي فوق قوس النصر
https://bit.ly/3b6XN44
كيف تحول اليمين الفرنسي المتطرف من قوة منبوذة بسبب عمالته لهتلر لتيار يُملي على حكام البلاد سياستهم؟
https://bit.ly/3zKiE7y
مارين لوبان تقترح حظر “الأزياء الإسلاموية” في فرنسا
https://arbne.ws/3O49CXo
نقلاً عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
.
رابط المصدر: