فقدان الزوج خسارة مدمرة تبقى المرأة تدفع ثمنها ما عاشت، وتبدأ مرحلة الكفاح المضاعف لتأمين أحتياجاتها واحتياجات اطفالها وحماية حقوقهم وكرامتهم، يحيي العالم اليوم الدولي للأرامل 2020، وذلك بهدف إسماع أصوات الأرامل والتعريف بتجاربهن وحشد الدعم لهن فى ظل تزايد أعدادهن بسبب تفشي فيروس كورونا، تلك الجائحة التي ادت الى تفاقم الحالة في الأشهر القليلة الماضية بسبب عدد الوفيات الكبير، الذي ربما تسبب في ترميل كثير النساء تزامنا في الوقت نفسه مع الفصل عن مصادر الدعم الاجتماعي والاقتصادي والأسري المعتادة، وتُظهر التجربة مع من الأوبئة السابقة، أن الأرملة غالبًا ما تُحرم من من حقوق الميراث، ويُستولى على ممتلكاتها بعد وفاة زوجها، بل ومن الممكن أن تواجه ممارسات التعيير والتمييز.
وفي جميع أنحاء العالم، تقل احتمالية حصول المرأة على المعاشات المتصلة بالشيخوخة عن احتمالية حصول الرجل عليها، ولذا فإن وفاة الزوج يمكن أن تؤدي إلى انتشار العوز بين المسنات وفي سياق سياسات التباعد الاجتماعي والإغلاق الاقتصادي، فربما عجزت الأرامل عن استخدام الحسابات المصرفية واستلام المعاشات التقاعدية لدفع تكاليف الرعاية الصحية إذا أصابهن المرض أو لإعالة أنفسهن وأطفالهن ومع وجود الأسر التي تكون المرأة فيها هي العائل الوحيد أو في حالة وجود العازبات المسنات الضعيفات في وهدة الفقر، يغدو هذا المجال بحاجة إلى اهتمام عاجل.
ويوجد 258 مليون أرملة في كل أنحاء العالم، ويعيش عشرهن في فقر مدقع، ومن المرجح أن عددهن الفعلي هو أكثر من ذلك بكثير، بل وربما ازداد مع تواصل انتشار فيروس كوفيد – 19 وتأثيراته في الصحة العامة ومع أن للأرامل احتياجات محددة، إلا أن غياب قضاياهن عن مكاتب واضعي السياسات غالبا ما يؤثر في معايشهن.
إذاً، اليوم، الثالث والعشرون من حزيران يونيو اليوم العالمي للأرامل في العالم. يوم يؤمل منه أن ننظر إلى مجتمعاتنا ونرى كيف نعامل أراملنا وما الذي يمكن القيام به لتحسين أوضاع الأرامل حولنا. لكن دعونا نطرح عليكم سؤالاً. عندما نقول أرامل، ما الذي يخطر في بالكم فوراً؟ الأرملة الأنثى، أليس كذلك؟
الواقع أن كثيرين منا يفكرون فوراً بالأرملة المرأة بمجرد ذكر كلمة أرامل ولعل هذا سببه وجود شعور لدى كثيرين بأن الأرملة بحاجة لمساعدة ودعم من حولها أكثر من الأرمل، ربما لأن النظرة للأرملة في العديد من المجتمعات تختلف كثيراً عن النظرة للأرمل. لكن اليوم العالمي للأرامل يعني الجنسين، ففقدان الزج أو الزوجة، الأب أو الأم، يترك بالتأكيد آثاراً كبيراً على باقي الأسرة.
تزايد أعدادهن بسبب كورونا
يحمل اليوم الدولى للأرامل هذا العام شعار ” إدراج الأرامل في العمل من أجل إعادة البناء بشكل أفضل فى ظل كوفيد-19″، حيث أدت جائحة كوفيد – 19 إلى تفاقم وضع الأرامل وزيادة عددهن في الأشهر القليلة الماضية بسبب العدد الكبير من الوفيات الذى تسببت فيه الجائحة، فضلا عن الفصل عن مصادر الدعم الاجتماعي والاقتصادي والأسري المعتادة، وفى رسالته بهذه المناسبة، قال “أنطونيو جوتيريش ” الأمين العام للأمم المتحدة إن العالم يحتفل باليوم الدولي للأرامل هذا العام فى ظل استمرار عدد الوفيات بسبب كوفيد-١٩، خاصة بين للرجال، مؤكدا إنها لحظة مناسبة للتركيز على أبعاد الأزمة المنسية في أغلب الأحيان، وهى حياة الأرامل ومستقبلهن التي تركت وراءها.
وقال غوتيريش:بينما نسعى جاهدين لمعالجة جائحة كوفيد 19، يجب على الحكومات العمل على تضمين دعم احتياجات الأرامل الفورية في برامج التحفيز المالي، على سبيل المثال من خلال الوصول إلى التحويلات النقدية وبينما نعمل على إعادة البناء بشكل أفضل من هذه الأزمة، يجب أن تكون جهود الإنعاش مصحوبة بتغييرات هيكلية طويلة المدى، بما في ذلك إنهاء القوانين التمييزية التي تحرم المرأة من حقوق متساوية مع الرجل وتضمن توفر الحماية الاجتماعية، حتى لا تبدأ النساء على نحو سيء.
فنحن نحتاج أيضًا إلى بيانات جيدة، مقسمة حسب العمر والجنس، لضمان احتساب الأرامل ودعمهم، الآن وفي المستقبل، بدورها، قالت ” فومزيل ملامبو نغوكا” وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، إنه على مدى الأشهر العديدة الماضية، رأينا الطرق العديدة التي يؤثر بها جائحة كوفيد-19 على حياة النساء والرجال بشكل مختلف في جميع المجالات، من الصحة إلى الاقتصاد، والأمن إلى الحماية الاجتماعية، تتفاقم آثار الوباء على النساء والفتيات وفي الوقت نفسه، تميل الوفيات الناجمة عن الفيروس إلى أن تكون أعلى لدى الرجال.
وأضافت إلى أن مركز بيانات هيئة الأمم المتحدة للمرأة، يعرض “عدد النساء” من خلال بيانات منظمة الصحة العالمية التي تظهر أن الرجال يمثلون 59 % من وفيات فيروس التاجي في إيطاليا، و68 % في المكسيك، و77 % في تايلاند. وهذا يمثل خسارة بشرية مدمرة، ومن المرجح أن يترك عشرات الآلاف من النساء الأرامل حديثًا في الوقت الذي يتم فيه قطعهن عن الدعم الاجتماعي والاقتصادي والأسري المعتاد.
وتابعت:”بالفعل، كانت الأرامل غير مرئية إلى حد كبير، وغير مدعومة وغير قابلة للقياس في مجتمعاتنا وتشير أحدث الأرقام التي لدينا (2015) إلى أن حوالي 258 مليون امرأة على مستوى العالم قد ترملت، ومن المرجح أن يكون العدد الفعلي أعلى بكثير وأن ينمو بشكل أكبر مع استمرار انتشار الفيروس التاجي وتأثيراته على الصحة في جميع أنحاء العالم، ودعت ملامبو نغوكا، إلى ضرورة عدم ترك الأرامل خارج عملنا “لإعادة البناء بشكل أفضل” من كوفيد 19 لنتأكد من أن تعافينا يعطي الأولوية لاحتياجاتهم الفريدة ويدعم المجتمعات لتكون أكثر شمولًا ومرونة ومساواة للجميع.
ارقام صادمة
بحسب الإحصائيات الصادرة من جهات حكومية ومنظمات مختصة ان البلاد شهدت زيادة واضحة في عدد الأرامل والمطلقات بسبب العمليات الإرهابية والعسكرية التي شهدتها في السنوات الأخيرة، وهذا يستدعي تدخلاً مباشراً من قبل الحكومة والمنظمات العالمية لمعالجتها بأسرع وقت خوفاً من زيادتها او عدم السيطرة عليها.
فقد وصل عدد الارامل إلى 878 الفا و455 ارملة منهن 203 الاف ارملة بعمر 14 إلى 49 سنة وهناك 675 الفاً و198 ارملة بعمر 50 سنة فما فوقK أن نساءً بين 15 و20 عاماً، ترملن وبعضهن لم يمض على زواجهن سوى أشهر قليلة، وأخريات أمهات لأطفال صغار، مشيرة الى ان بعض تلك الأرامل كانت تعيش في كنف عائلة زوجها، وهي عائلات فقيرة، كما انحدرت من اسر فقيرة أيضاً، أو عائلات مفككة ليس بينها روابط أسرية، وهو ما يجعل منهن فريسة للابتزاز والاستغلال من قبل بعض ضعاف النفوس الذين يستغلون حاجتهن للعمل بهدف ايجاد مصدر دخل لهن ولأطفالهن في ظل غياب الدور الحكومي الفاعل فيما يتعلق بتوفير حياة كريمة لهن.
وقد أكدت تقارير أن الحرب ضد تنظيم “داعش” رفعت نسبة الأرامل والأيتام بسبب ارتفاع عدد القتلى من القوات الأمنية ومن المدنيين وقد حذرت منظمات دولية من أن يتحول العراق إلى بلد الأرامل والأيتام، بالرغم من تضارب التقارير حول عددهم الفعلي فإن هناك إجماعاً على ضرورة مواجهة هذه المشكلة التي تفوق خطورتها على المجتمع العراقي التأثيرات المباشرة للحرب.
وأشار المراقبون إلى أن المتغيرات الحادة التي يمر بها العراق منذ عشرات السنين من حروب وحصار واحتلال ونزاعات داخلية واعمال عنف مختلفة، تترك الكثير من الآثار السلبية على المجتمع والعائلة، مما يؤدي إلى تزايد حالات الطلاق والتشرد والنزوح وارتفاع اعداد الأرامل والايتام، من دون وجود سياسة حكومية جادة للتعامل مع هذه الحالات تتناسب وخطورتها على المجتمع.
أرامل العراق بلا رواتب
كشفت مفوضية حقوق الإنسان في العراق عن عدم صرف رواتب الأرامل المستفيدات من رواتب الرعاية الاجتماعية منذ بداية العام الحالي، ودعا عضو مجلس المفوضية العليا لحقوق الإنسان علي البياتي الجهات الحكومية إلى الإسراع بصرف رواتب الأرامل المستفيدات من رواتب حقوق المرأة والرعاية الاجتماعية، وقال البياتي: “إن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لم تصرف الرواتب لهذه الشريحة منذ بداية العام الحالي ولحد الآن بحجة تحديث المعلومات” مؤكداً أن “تأخر صرف الرواتب لمدة (6) أشهر لشريحة لا تمتلك أي مورد آخر يعد انتهاكاً لحقها في العيش الكريم”.
وأضاف أن “المفوضية العليا لحقوق الإنسان وانسجاماً مع مبادئها في الحفاظ على الحقوق تحث الجهات المعنية لمتابعة اجراءات الصرف ومعرفة أسباب التاخير”، موضحاً أن “هذا الراتب يؤمن ابسط مستلزمات الحياة للأرامل”، وأشار البياتي عضو مجلس المفوضية إلى أن ضمان مستحقات هذه الشريحة مسؤولية وطنية واجتماعية وأخلاقية تتطلب من الجميع دعم و رعاية هذه الطبقة في مجتمعنا لتحقيق العدالة وضمان حقوقها، كما يشهد العراق تأخيرا في صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين، إلى جانب استقطاع 10 بالمئة من رواتب المتقاعدين، وكشفت مصادر عن عدم وجود أوامر بصرف رواتب الموظفين لهذا الشهر لغاية الآن، بسبب عدم توفر السيولة المالية.