انتخابات الكنيست المُبكرة.. عودة نتنياهو مرهونة بـ”قشة شاكيد”

محمد الليثي

 

يبدو أن الساحة السياسية الإسرائيلية في طريقها إلى فترة طويلة من الجمود؛ لعدم قدرة الأحزاب على تشكيل حكومة تستطيع إتمام مدتها القانونية، بجانب أن الائتلاف الحكومي الذي تزعمه نفتالي بينيت في الفترة الماضية لا يستطيع الحصول على العدد القانوني لتشكيل الحكومة وهو 61 عضوًا في الكنيست، في الوقت الذي ترتفع فيه حظوظ رئيس الحكومة الأسبق وزعيم المعارضة الحالي بنيامين نتنياهو بالعودة إلى رئاسة الوزراء حال استقطاب بعض أعضاء الائتلاف الحكومي المُتفكك في الفترة المقبلة، أما إذا لم يستطع نتنياهو فعل ذلك، فالجمود هو المصير الذي سيسيطر على الساحة الإسرائيلية المقبلة على انتخابات خامسة في غضون ثلاثة سنوات وإبان حكومة لم تصمد إلا عامًا واحدًا.

حل الكنيست

صباح الخميس الماضي، أعلن الكنيست الإسرائيلي أنه حل نفسه بالقراءتين الثانية والثالثة، ليكون بذلك قرار حل الكنيست الرابع والعشرين في تاريخ إسرائيل نافذًا. ويتولى يائير لابيد رئاسة الحكومة إلى حين إجراء الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة على ضوء نتائج تلك الانتخابات. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، الأربعاء الماضي، عدم ترشحه للانتخابات المقبلة واعتزاله الحياة السياسية، لتقود بذلك وزيرة الداخلية الحالية أييليت شاكيد حزبه «يمينا» في الانتخابات المقبلة.

وجاء ذلك بمبادرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت وشريكه في الحكم وزير الخارجية يائير لابيد اللذين اتفقا على حل الكنيست الإسرائيلي والذهاب نحو انتخابات مبكرة جديدة. ويقضي الاتفاق، الذي خرج يوم الاثنين 20 يونيو، على تنفيذ اتفاق تناوب الأدوار بين الاثنين الذي كان يُفترض أن يكون في 23 نوفمبر من العام المقبل، ولكن تم تنفيذه بشكل مسبق ليصبح يائير لابيد رئيسًا للحكومة الإسرائيلية ليصبح رئيس الوزراء رقم 14 في تاريخ إسرائيل.

والائتلاف الحكومي الذي شكله بينيت رفقة لابيد ضمّ أطيافًا سياسية من اليمين إلى اليسار مرورًا بالوسط، اجتمعت رغم خلافاتها الأيدلوجية على تشكيل حكومة لوضع حدٍ لحقبة بنيامين نتنياهو الثانية في حكم إسرائيل، والتي دامت بين 31 مارس 2009، وحتى تشكيل الحكومة الجديدة في 13 يونيو من العام الماضي، بعد حقبة أولى بين عامي 1996 و1999، ليكون بذلك أطول رؤساء وزراء إسرائيل من حيث مدة الحكم على مدار التاريخ، متفوقًا على دافيد بن جوريون، أول رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل.

انتخابات متتالية

وفقًا لقراءة الوضع الحالي في إسرائيل وللخريطة السياسية وتحالفات الأحزاب، لن تؤدي الانتخابات إلى تشكيل أي حكومة جديدة، بل ستذهب إلى انتخابات سادسة وسابعة إذا لم ينجح نتتياهو في تشكيل تحالف قوي يستطيع من خلاله حسم النسبة القانونية في الكنيست الإسرائيلي والعودة إلى منصبه الذي قضى فيه أكثر من أي رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل، وهذا أمر مستبعد في الوقت الحالي إذا لم تحدث تغيرات جوهرية.

ويرى الخبراء في الأوساط الإسرائيلية أنه بعد نجاح نتنياهو في تفكيك الائتلاف الحكومي لن يستطيع تشكيل الحكومة الجديدة إلا بالتحالف مع «أييليت شاكيد» الزعيمة الجديدة لحزب “يمينا”، والتي يرى الكثير أنها لن تستطيع قيادة حزبها للكنيست المقبل بسبب افتقارها للخبرة السياسية، فهي تحتاج إلى الحصول على 4 أو 5 مقاعد في الكنيست المقبل للعبور إلى “خط الحسم”، وفي هذا الحال تستطيع أن تصنع الفارق مع بنيامين نتنياهو، إلا أن الشكوك حول نجاحها تزداد في الأوساط الإسرائيلية. وتنتشر توقعات حول تفكيك الحزب بعد فشلها المتوقع في الانتخابات، ولذلك تتبدد آمال نتنياهو تجاه هذا السيناريو.

في هذا الشأن، رأى استطلاع جديد أجراه معهد “Kantar” أنه في “الانتخابات الإسرائيلية الوشيكة المزمع تنظيمها في نوفمبر قد تجد البلاد نفسها في وضع مسدود آخر، مع وجود فرص كبيرة لألا يتمكن قادة الأحزاب من تشكيل الائتلاف الحكومي. وبحسب الاستطلاع الذي نشرته هيئة البث الإسرائيلية “كان”، فإن حزب “يمينا” اليميني الذي تتزعمه شاكيد، لن يتجاوز نسبة الحسم، ومن المتوقع أن يفوز حزب “يش عتيد” الذي يتزعمه رئيس الوزراء الحالي يائير لابيد بـ 21 مقعدًا في الكنيست الإسرائيلي المؤلف من 120 مقعدًا.

ووفقًا للاستطلاع، فمن المتوقع أن يخسر حزب “الليكود” اليميني، برئاسة نتنياهو، مقعدين مقارنة بالاستطلاع السابق الذي حصل على 34 مقعدًا، وسيحصل كل من أحزاب “ميرتس” و”تكفا حدشا” و”العمل” و”القائمة الموحدة” على 4 مقاعد فقط، فيما من المتوقع أن يحصل حزب وزير المالية أفيجدور ليبرمان «يسرائيل بيتينو» على 5 مقاعد.

حزب الليكود بقيادة نتنياهو: 36 مقعدًا

حزب يش عتيد برئاسة يائير لابيد: 20 مقعدًا

حزب كحول لافان بقيادة بيني جانتس: 9 مقاعد

حزب الصهيونية الدينية بقيادة بتسلئيل سموترتش: 9 مقاعد

حزب شاس بقيادة آرييه درعي: 8 مقاعد

حزب يهدوت هتوراة بقيادة موشيه غافني: 7 مقاعد

حزب العمل 5 مقاعد

حزب يسرائيل بيتنو بقيادة أفيجدور ليبرمان: 5 مقاعد

حظب يمينا بقيادة آييلت شاكيد: 5 مقاعد

القائمة الموحدة بقيادة د. منصور عباس 4 مقاعد

حزب ميرتس بقيادة موسي راز: 4 مقاعد

حزب تكفا حداشا بقيادة جدعون ساعر: 4 مقاعد

اتهامات متبادلة

في هذا الإطار، قال جدعون ساعر رئيس حزب “تكفا حدشا” إن رئيسة حزب يمينا أييليت شاكيد تسعى إلى تشكيل ائتلاف حكومي برئاسة بنيامين نتنياهو، مضيفًا أن كل من يصوت لأييليت شاكيد يعرف أنها ستذهب مع نتنياهو، حتى قبل حل الكنيست، سعت إلى تشكيل حكومة تحت قيادته.

ردت شاكيد على تصريحات جدعون ساعر عبر موقع تويتر قائلة: “جدعون.. إذا اتهمتني بقلب العالم رأسًا على عقب للحيلولة دون الذهاب إلى صناديق الاقتراع فأنا أعترف بالذنب.. أنا دائمًا أتصرف بمسؤولية»، متسائلة: “لدي سؤال فقط.. لماذا كنت تتفاوض مع رجال نتنياهو منذ عدة أسابيع، إذا كان ذلك يزعجك كثيرا؟”.

وكان نتنياهو قد سعى قبل أيام من تصويت الكنيست على حل نفسه إلى الحصول على أغلبية مؤيدة من 61 عضوًا من أصل 120 بالكنيست لتشكيل حكومة بديلة دون حل الكنيست أو انتخابات، لكنه لم يتمكن من إقناع جدعون ساعر بالانضمام إلى ائتلافه.

ختامًا، يبدو أن أييليت شاكيد التي خلفت نفتالي بينيت في زعامة حزب “يمينا” لن تنجح في حصد العديد من المقاعد التي من الممكن أن تصنع فارقًا مع زعيم بنيامين نتنياهو الذي يتطلع إلى العودة لمنصبه السابق كرئيس للحكومة، لإجماع العديد من الآراء على ضعفها وضعف الحزب بعد اعتزال بينيت الحياة السياسية.

وبما أن عودة نتنياهو مرهونة بأمرين أولهما نجاح شاكيد والثاني تحالفها معه، فإن فرص تشكيل نتنياهو لحكومة إسرائيلية جديدة ضعيفة، ما يُعزز فرضية الدخول في متاهات الجمود السياسي من جديد؛ نظرًا إلى أن نتنياهو الشخصية القوية الوحيدة على الساحة الإسرائيلية الآن، إلا أنه يفتقد للأغلبية على الرغم من أن حزبه يستطيع الحصول على أكبر عدد من المقاعد في الكنيست ولكنها لن تصل إلى الـ61 مقعد المطلوبين لتشكيل الحكومة.

ستشهد العديد من القضايا التي تحتاج إلى قرار سياسي جمودًا في الفترة المقبلة؛ نظرًا إلى أن الساحة السياسية تشهد صراعًا حادًا، ولا يريد الطرف الذي يتولى الحكومة الآن تحمل مسؤولية أي من القرارات التي سيكون لها تأثير أو عواقب على الجمهور مما ينعكس عليه في الانتخابات المقبلة، وعلى سبيل المثال قضية «تبادل الأسرى» التي شهدت جمودًا في السنوات الأخيرة لتجنب أي من الحكومات الإسرائيلية اتخاذ القرار هروبًا من المسؤولية على الرغم من إعلان حركة «حماس» الفلسطينية في أكثر من مناسبة أنها مستعدة للتفاوض.

الاضطراب السياسي الذي تعيشه إسرائيل ومقبلة عليه في الفترة المقبلة يُمثل فرصة كبيرة للفلسطينيين من أجل التحرك الدولي في العديد من القضايا لإحراز تقدم فيها أثناء انشغال الإسرائيليين بالداخل.

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/71264/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M