مسلم عباس
مجموعة من السياسيين العراقيين الذين حضروا اجتماع تكليف مصطفى الكاظمي لرئاسة الوزراء يعلقون على ملابسهم الانيقة ما يشبه البطاقة التعريفية، مكتوب عليها “air doctor”، وبحسب ما نشر عنها عبر شبكة الانترنت فانها تقنية يابانية لتنقية الهواء، وحاصلة على تصريح من قبل هيأة الغذاء والدواء الامريكية ومنظمة الصحة العالمية، وقد استعملها بعض السياسيين للوقاية من الفيروسات والبكتيريا ضمن محيط الانسان عن طريق بث غازات ثاني اكسيد الكلور، وشوهد الكثير من السياسيين العرب وهم يضعون هذه البطاقة الصحية (كما يقال) للوقاية من فيروس كورونا في ظل تزيدا عدد الاصابات في البلدان العربية، ومع ضرورة عقد اجتماعات فيما يخص المستجدات الملحة.
البطاقة يتم شراؤها بثمن بخس بالنسبة للسياسي، لكنه ثمن غالٍ اذا ما اريد توفيرها لجميع المواطنين لحمايتهم من فيروس كورونا بما توفره من جدار حماية لجميع المواطنين ومن ثم يمكن فتح الحجر الصحي ولو جزئيا من اجل القيام ببعض الاعمال وتقديم الخدمات، لكن التقنية اليابانية المزعومة التي انتجت من كوكب اخر كما تصفها قناة دجلة في برنامج لها بثته قبل سنتين، اقتصرت على السياسي العراق.
لماذا يقتني السياسي افضل الاجهزة الطبية، وافضل السيارات، وتوفر له الحماية من الفيروس والبكتريا ومن الارهابي والجماعات المسلحة، وكل ما يهدد حياته؟ بينما يعيش المواطن في بيئة شبيه بالعراء، فاذا حل الارهاب في بلادنا تجد المواطن هو المستهدف والسياسي محمي منها، واذا حل الوباء تجد المواطن هو الضحية والسياسي محمي منه، واذا تردى التعليم تجد المواطن هو الخاسر ويعلم ابناءه في المدارس الطينية، والسياسي يرسل ابناءه الى افضل المدارس والجامعات الغربية.
سياسي من كوكب آخر
التقنية التي روجت لها قناة دجلة قبل سنتين في احد برامجها، وتقول انها من كوكب اليابان صنعت خصيصا للسياسيين العراقيين والعرب، لانهم من كوكب السياسة المنفصل عن الواقع، كوكب السياسة العراقي والعربي الذي يعتبر المنصب غنيمة يحقق بها اقصى قدر من المكاسب والمال والجاه خلال مدة تسنمه المنصب، كوكب السياسة العراقي والعربي جعل الشخص المنخرط في السياسة يفقد صوابه، ولا يرى الحقائق ويعتقد انه مستثنى حتى من التدقيق في التقنية التي يستخدمها، فالبطاقة الطبية التي علقها سياسيون على صدورهم “مزيفة” ولا حقيقة علمية لها، اغلب المؤسسات الصحية لم تصرح بها لا هيأة الغذاء والدواء الامريكية ولا منظمة الصحة العالمية، وحذرت منها هيأة الغذاء والدواء السعودية، كما حذرت منها وزارة الصحة العمانية، اما في العراق فقد علق مدير الصحة العامة في دائرة صحة بغداد بالقول انها “غير مثبتة علمياً”.
كيف يستعمل الزعيم بطاقة مزيفة؟
يحاول الزعماء العرب وحاشيتهم ان يظهروا ضمن نخبة النخبة، وانهم يجيدون الفحص واختيار ما يناسبهم شخصيا على اقل تقدير، لكن الواقع يفضحهم، فهم مجموعة من الشخصيات التي تضع غشاءً من الانتفاخ والعقد الدونية حول ذاتها، تشعر شخصية السياسي العراقي والعربي بالنقص والدونية تجاه كل ما هو اجنبي، وتستنكف من كل ما هو وطني، يكفيك ذكر كلمة منتج اجنبي حتى يثقون به ويريدون شراءه بأي ثمن مثلما اشتروا بطاقة “اير دكتور” المزيفة، لا يثقون بقدرات اوطانهم فيعتمدون على الخارج في الدواء والغذاء والملبس وحتى الجنسية، تجد السياسي العربي يملك اكثر من جنسية لأنه يعتقد ان بلاده غير صالحه للعيش وانها مكان للكسب المالي لا اكثر، والا فما الغاية من التمسك بالجنسية الغربية.
سؤال لكل سياسي استخدم بطاقة اير دكتور:
1. اذا كنت تعتقد ان هذه البطاقة تحمي الناس، فلماذا لا تشتريها لشعبك، اليس الاولى بك توصية وزارة الصحة ومناقشتها بهذا الشأن، لماذا تشتري بطاقة تعتقد انها مفيدة ولا تشتريها لشعبك؟ ولماذا لا تعلن عن فائدة هذه البطاقة المفيدة حسب ما هو مثبت على صدرك؟
2. بطاقة سرية تشبه السرقة، كما يبدو يا صاحب “اير دكتور” انك لم تفكر في استشارة المؤسسة الصحية، لان هذه البطاقة غير معتمدة لديها وتعتبرها غير مثبتة علميا، وبما انك اتبعت تفكيرك الاناني وتريد تحصيلها لنفسك فقط، سلكت طريق السرية ما اوقعك في مصيدة البضاعة المزيفة واصبحت اضحوكة لدى شعبك.
3. اذا كان السياسي بهذه المواصفات من فقدان القدرة على اختيار ما يناسبه شخصيا، فكيف يمكنه اختيار وزير او رئيس وزراء يخدم الشعب وينتشل البلاد من ازماتها المتراكمة؟ هل يختار لنا رئيس وزراء مزيف يشبه بطاقة “اير دكتور”؟ وهل سوف يختاره على اساس جنسيته الخارجية على اعتبار ان كل ما هو خارجي جيد وكل ما هو داخلي سيء؟
لو اننا نملك كوادر سياسية فعلا لما وجدناهم يختارون منتجات تميزهم عن الشعب، ولا حمايات تفصلهم عن الواقع، ولا يشترون المنتج الاجنبي لمجرد انه اجنبي، فالسياسي الذي لا يستطيع تمييز البضاعة المزيفة لا يمكنه حكم بلد مثل العراق؟ وقد تكون الوزارات السابقة تم اختيارها وفق معايير “اير دكتور” فالمواصفات واضحة يجب ان تكون البضاعة اجنبية وتحقق مصالح الطبقة الحاكمة فقط.
رابط المصدر: