مصطفى ملا هذال
تمرير الموازنة المزدوجة يُحمل رئيس الحكومة السيد فلاح السوداني وحكومته مهمة إضافية الى جانب المهام الموكلة اليها، اذ عليها الشروع بحل المشاكل التي جاءت بسبب تأخير الإقرار، فضلا عن التحديات الاقتصادية التي تواجه البلد، وغيرها من الملفات الأساسية التي بحاجة الى التعامل معها بطريقة معينة.
امام الحكومة الحالية العديد من الأولويات التي يفترض النظر بها قبل الذهاب الى مرحلة العمل الاستراتيجي، ومن هذه النقاط ذات الاولوية هي اثبات جديتها لكسب ثقة الشارع العراقي على انها تضع احتياجاته ومعاناته نصب الاعين ولا يمكن ان تهتم بغير ذلك، على العكس من الحكومات المتبقية التي وضعت الجمهور وراء ظهرها والتهت بالملذات.
الخروج من عنق الزجاجة بالنسبة لحكومة السوداني وتمرير الموازنة العامة يمثل الفرصة الأخيرة لإثبات الوجود، بعد الفشل الذريع الذي منيت به الحكومات السابقة خلال العقدين الماضيين، فالشركاء السياسيين وان كانو مرغمين على إعطاء الفرصة للحكومة الحالية، لكنهم مع ذلك يتربصون بها للقضاء عليها في حال انتهجت النهج السابق.
هنالك سببين يجعلان من نجاح الحكومة الحالية يقترب الى الواقع وهما:
السبب الأول هو ان قانون الموازنة العامة ساري المفعول لمدة ثلاث سنوات، ما يجعل حكومة السوادني توصد الباب امام المناقشات والخلافات التي تبرز مع اقتراب موسم إقرار الموازنة، وهي بهذه الخطوة وفرت على نفسها التحرك وفق غطاء قانوني وبأريحية تامة.
اما السبب الثاني فهو كمية التعينات التي قامت بها على القطاع العام الذي سبق إقرار الموازنة، الى جانب ما يضمنه القانون الحالي من تعينات تصل الى ما يقرب من الـــ 150 ألف درجة بمختلف الوزارات، وهذا بالتأكيد سيعطي الحكومة الحالية افضلية غير مسبوقة عبر وقوفها الى جانب الشعب والنظر بمشاكله التي يعتبر التعيين جوهرها الأساس.
التعيين بهذه الكثافة يعني ان الحكومة بطريقة غير مباشرة منحت الآلاف من الموظفين حق الحياة بكرامة لكنها منقوصة، ذلك ان الراتب الشهري لم يسد نقص الحاجات المتزايد بشكل يومي وأصبحت من الاشباح التي تطارد الفرد من اجل البحث عن عمل إضافي يفي هذه المتطلبات.
وعلى الرغم من المؤشرات الاقتصادية في السنوات الأخيرة ليس على ما يرام وغير مطمئنة بحال مستقر الى ان الوفرة المالية في الشهور الأخيرة تجعل رئيس الحكومة مبسوط الايدي الى حد ما، لوضع حجر الأساس للعديد من المشروعات ذات جدوى اقتصادية طويلة الأمد.
ومن بين هذه المشروعات هو إعادة الحياة الى المصانع الوطنية التي زهقت روحها بعد حرب التغيير عام 2003، من قبل جهات لا تريد للبلاد سوى التأخر والعودة الى سنوات الضياع والتخبط على مستويات عدة منها الاقتصادي والسياسي والمالي.
الاهتمام بالمشروعات الاقتصادية والابتعاد عن الحرب السياسية الداخلية التقليدية هي الأدوات الفعلية لنجاح لحكومة السوداني، والتغلب على التحدي الأصعب الذي أطاح بالحكومات السابقة من الناحية العملية وبقيت تدور في فلك التنظير الفارغ الذي يعده الشعب سراب خادع.
معالجة مشاكل الاقتصاد ليست بالأمر اليسير ولا يمكن الوصول لها بسرعة، وهو ما أكده رئيس الحكومة نفسه الذي أشار إلى حاجته للوقت لإخراج الاقتصاد من أزمته، لكن في العموم، يمكن القول ان اتباع سياسات اقتصادية ومالية يمكنها التخفيف من وطأة الأوضاع السيئة على المواطنين.
بهذه الحالة يستطيع السوداني زيادة رصيده الجماهيري وبناء قوة كبيرة مؤثرة وحاصدة للأصوات في الانتخابات المقبلة، اذ يبقى على المدى البعيد التحدي الأكبر والمؤرق الأخير لهذه الحكومة التي تبحث عما يجعلها تواجه الانتخابات المقبلة بحشد جميع طاقاتها واستخدام كل ما يرجح كفتها.
.
رابط المصدر: