رغم مرور مشروع التكامل الأوروبي بتغيرات متعددة ومستمرة منذ تأسيس الجماعة الأوروبية للفحم والصلب وصولا إلى الوقت الحاضر إلا أن الجدل حول طبيعة الاتحاد الأوروبي مازال محتدما، فهل الاتحاد منظمة دولية تتشارك فيها حكومات الدول الأعضاء اتخاذ القرارات بما يحقق مصالحها الوطنية في ظل احتفاظ كل دولة بسيادتها وقدرتها على الانسحاب من الاتحاد متى أرادت؟ أم أن الاتحاد الأوروبي نموذج تفوض فيه كل دولة جزءا من سيادتها إلى مؤسسات فوق وطنية تعمل على تحقيق المصالح المشتركة للدول الأعضاء بما يساهم في تحقيق المزيد من التكامل بين دول الاتحاد بمرور الوقت؟ أم هو شكل من أشكال الحكم متعدد المستويات؟
وفي سياق الإجابة على تلك التساؤلات يثور الجدل حول التأثيرات التي أدخلها الاتحاد الأوروبي على المفهوم التقليدي للدولة الذي يتمركز حول السيادة، فهل مازال مفهوم السيادة يحتفظ بشكله التقليدي الذي يرى أن السيادة سمة للدولة غير قابلة للتجزئة أم أنه في ظل العولمة وتزايد الاعتمادية بين الدول، وتنامي التعاون الدولي والإقليمي، وتداخل سلاسل التوريد ثم تجاوز مفهوم السيادة الويستفالي لتصبح السيادة أكثر مرونة وقابلية للتجزئة؟ وفي ظل ذلك كيف يمكن النظر إلى التعارض بين السيادة الوطنية والسيادة الشعبية وسيادة المؤسسات الأوروبية فوق الوطنية ؟
وقد انعكس الجدل حول طبيعة الاتحاد الأوروبي على تفسير العلاقات بين الدول الأعضاء بالاتحاد وسياساتها الخارجية، وطرح أسئلة من قبيل هل التكامل بين الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي يمكن أن يتعمق في القضايا المندرجة ضمن مسائل السياسة العليا مثل الدفاع والتعليم والضرائب أم أن الدول الأعضاء ستظل مترددة فيما يخص تفويض المزيد من سلطاتها إلى مؤسسات الاتحاد فوق الوطنية؟ هل ستتشارك دول الاتحاد في جميع الحالات الإشراف على تأمين حدودها مع مؤسسات الاتحاد المختصة بمراقبة الحدود أم ستفرض إجراءات أحادية الجانب للتحكم في حركة التنقلات عبر الحدود في حال شعورها بالخطر؟
تهدف هذه الورقة إلى تناول تأثير الاتحاد الأوروبي على المفاهيم التقليدية للدولة، ومناقشة آثار ذلك على السياسة الخارجية للدول الأعضاء بالاتحاد.
أولا: تأثير الاتحاد الأوروبي على مفهوم الدولة من منظور المدرستين الواقعية والليبرالية
تجادل المدرسة الواقعية بأن النظام الدولي يتكون من وحدات سياسية مستقلة تتشكل على هيئة دول تتمتع كل منها بسيادة متأصلة في ظل عدم وجود سلطة عليا فوقها، وتجادل بأن تلك الدول تتنافس مع بعضها البعض للبقاء على قيد الحياة وللحفاظ على سيادتها في ظل عدم وجود سلطة مركزية يمكن للدولة المُهددة أن تلجأ إليها للحصول على المساعدة مما يجعل النظام الدولي يتسم بالفوضى. ومن ثم تفكر كل دولة ذاتيا بشكل أناني من أجل تحقيق مصالحها، وخلال ذلك يمكن للدولة أن تتحالف مع دول أخرى على شكل زيجات مصلحة مؤقتة، حيث إن التعاون بين الدول عادة ما يرتبط بالاقتصاد السياسي دون أن يمتد إلى القضايا الأمنية حيث يمكن لحليف اليوم أن يصبح عدوَّ الغد كما يمكن لعدو اليوم أن يصبح حليفَ الغد. وأن الدول خلال تحالفاتها تنشغل بالنظر إلى كيفية توزيع المكاسب فيما بينها. ويذهب جون ميرشماير إلى أن أقوى الدول في النظام تقوم بإنشاء المؤسسات التي تساعدها في الحفاظ على حصتها من القوة العالمية أو حتى زيادتها مضيفا أن تلك المؤسسات ليس لها تأثير مستقل على سلوك الدولة[1]. أي أنه بحسب المدرسة الواقعية ستواصل كل دولة عضو بالاتحاد الأوروبي البحث عن مصالحها الوطنية ساعية إلى تعظيم قوتها داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه على حد سواء. ومن ثم توقع جون ميرشماير عقب انتهاء الحرب الباردة أن تضعف الجماعة الأوروبية[2].
وفي المقابل ترى المدرسة الليبرالية أن الدول أنانية عقلانية لكن يمكنها أن تتعاون فيما بينها إذا كانت ستحقق عبر التعاون مصالح مشتركة كبيرة، وتجادل بأن المؤسسات الناتجة عن التعاون بين الدول يكون لها تأثير تفاعلي تختلف نتائجه بحسب توازنات السلطة والمصالح داخل تلك المؤسسات[3]. كما أن العولمة أدت إلى زيادة الاعتماد المتبادل بين الدول بطرق مختلفة، وأصبحت الدول القومية فاعلًا واحدًا في السياسة الدولية من بين عدة فاعلين مثل المنظمات غير الحكومية والشركات متعددة الجنسيات. وكذلك أصبحت عملية حماية الأراضي الوطنية تعتمد بشكل متزايد على التعاون بين الدول وبعضها البعض فضلا عن المنظمات الدولية وليس على جهود الدولة القومية فقط. وبالتالي يصعب أن تنجح دولة بمفردها في القرن الحالي في مواجهة المشاكل العالمية مثل الإرهاب أو الاحتباس الحراري.
على أرض الواقع، ساهم مشروع التكامل الأوروبي في تغيير شكل أوروبا حيث عاشت الدول الأعضاء به في سلام لفترة طويلة لأول مرة في تاريخها المعاصر، كما تمكنت من تأسيس سوق موحدة يسمح بحرية حركة العمالة والسلع ورأس المال بين دول الاتحاد، واُعتمد اليورو كعملة نقدية موحدة في أغلب دول الاتحاد فضلا عن تبني الاتحاد الأوروبي لسياسة خارجية وأمنية مشتركة. وبالتالي قدم مشروع التكامل الأوروبي دليلا على إمكانية التوفيق بين مفاهيم السيادة الويستفالية والشكل فوق الوطني الشبيه بالدولة المتمثل في الاتحاد الأوروبي[4].
ثانيا: تأثير الاتحاد الأوروبي على مفهوم السيادة
تُعرف السيادة عادة بأنها السلطة العليا التي لا تعلوها سلطة أخرى[5]. وهو ما يعني أن الدولة ذات السيادة هي التي تسن القوانين المطبقة فوق أراضيها، وتتمتع بالاستقلال السياسي، والمساواة القانونية مع غيرها من الدول. فالسيادة مفهوم سياسي وقانوني حديث برز مع تشكل الدولة القومية عقب صلح ويستفاليا الذي أنهى ثلاثين عامًا من الاقتتال الطائفي بين البروتستانت والكاثوليك، والذي بموجبه صارت الدولة المستقلة هي الوحدة الأساسية في النظام الدولي بحيث تتمتع كل دولة بالسيادة على أرضها. وتمتنع الدول الأخرى عن التدخل في الشئون الداخلية لغيرها من الدول. وقد ارتبط مفهوم السيادة بفكرة السلطة على الأرض، والولاية القضائية على الشعب الذي يعيش على تلك الأرض أي أنه يتعلق بمن له حقُّ وضعِ القوانين وتطبيقها، ومن له حق التحكم في تحركات ومعاملات الأفراد في نطاق الأرض التي يعيشون فيها، وهو ما يمثله الشعب عبر ممثليه المنتخبين في الأنظمة الديموقراطية[6]. ففي الأنظمة الديمقراطية تكتسب الأنظمة التشريعية سلطتها في تشريع القوانين من الشعب الذي انتخبها، وهو ما يعكس حق المواطنين في تقديم ملاحظات مستمرة لصانعي القرار والمشاركة في العملية السياسية من خلال مختلف القنوات المتاحة[7].
لكن مع انتهاء الحرب العالمية الثانية وبروز ظاهرة المنظمات الدولية بالتوازي مع صعود الرأي القائل بأن الصراع القومي يأتي في مقدمة الأسباب التي أدت إلى اندلاع صراعات وحروب بين الدول الأوروبية، وأن الحل يكمن في بناء كيان فوق وطني عابر للقوميات يدمج المصالح المشتركة للدول الأوروبية، بدأ يظهر النزاع حول تفسير مفهوم السيادة. فأرنست هاس وزملاؤه من أنصار الوظيفية الجديدة جادلوا بأن المؤسسات فوق الوطنية تتجمع فيها سيادات الدول الأعضاء حيث ينقل الفاعلون المحليون ولاءهم إلى تلك المؤسسات بينما شدد أنصار (ما بين الحكومات) على أن الدول القومية تظل تحتفظ بسيادتها، وأن المؤسسات فوق الوطنية هي نتاج عملية المساومة بين الدول[8].
ومع تبلور مؤسسات الاتحاد الأوروبي عبر المعاهدات المتتالية مثل معاهدة باريس والقانون الأوروبي الموحد ومعاهدة ماستريخت وصولا إلى معاهدة لشبونة لم يعد النزاع حول السيادة أحادي البعد يقتصر على تنازع السيادة بين الدول الأعضاء ومؤسسات الاتحاد فوق الوطنية إنما صار نزاعًا متعدد الأبعاد يشمل أيضا النزاع بين السيادة الشعبية التي تعبر عنها البرلمانات الوطنية والسيادة فوق الوطنية التي تعبر عنها مؤسسات الاتحاد غير المنتخبة[9]، فذهب بعض المنظرين مثل هابرماس إلى وجوب هجر مفهوم سيادة الدولة للتفكير في السيادة الشعبية[10]، في حين ذهب بيلامي إلى وجوب توزيع السيادة رأسيًّا وأفقيًّا بين الوحدات الموجودة في مستويات دون الدولة وعبرها وفوقها[11].
أدت عملية التكامل الأوروبي إلى تكوين مؤسسات فوق وطنية لها اختصاصاتها المؤسسية وقوانينها الخاصة ومعاييرها المستقلة مع وجود أطر تحدد العلاقة بين مؤسسات الاتحاد والدول الأعضاء به، وبالتالي ظهر الاتحاد الأوروبي وفق بعض الآراء ككيان مستقل ذي سلطة سيادية يدير بشكل منفرد الأجندة الموكلة إليه عبر نقل الاختصاصات إليه من الدول الأعضاء، وهو ما نتج عنه تداعيات تؤثر على استقلالية القوانين الوطنية بالدول الأعضاء بالاتحاد، وتحد من احتكار الدول القومية بشكل حصري لسلطة الدولة [12]. وفي المقابل برزت آراء أخرى تذهب إلى أن تفويض الدولة القومية للمؤسسات فوق الوطنية بممارسة سلطتها على بعض اختصاصاتها الأصلية لا يعني فقدان السيادة الوطنية أو الانتقاص منها[13]. فلكل دولة عضو بالاتحاد الحق في الانسحاب منه وفقا للمادة 50 من معاهدة لشبونة مما يعني أن الدولة القومية تحتفظ بسيادتها فيما يخص استمرارها في مشروع التكامل الأوروبي أو الانسحاب منه.
وضمن هذه النقطة تبرز قضية العلاقة بين محكمة العدل الأوروبية والقوانين الوطنية لدول الاتحاد الأوروبي في ظل تمتع محكمة العدل بولاية قضائية إلزامية على أعضاء الاتحاد الأوروبي في بعض المجالات المحددة،، كما تبرز قضية التصويت عبر الأغلبية المشروطة في المجلس الأوروبي والتي قد تؤدي إلى وضع تكون فيه الدولة العضو ملزمة بأفعال قانونية لم تصوت لصالحها.
1- العلاقة بين محكمة العدل الأوروبية والقوانين الوطنية لدول الاتحاد الأوروبي
الطابع فوق الوطني للتكامل الأوروبي استلزم وجود نظام قانوني أوروبي موحد ومستقل عن القوانين الوطنية للدول الأعضاء للعمل على تحقيق أهداف التكامل[14]. ولتفعيل ذلك قيدت الدول الأعضاء بالاتحاد حقوقها السيادية ضمن مجالات محددة.
ولم يقتصر قانون الاتحاد الأوروبي فقط على القواعد الواردة في المعاهدات المنشأة للاتحاد، وإنما شمل القواعد الثانوية التي تصدر عن مؤسسات الاتحاد بناء على الصلاحيات المخولة لتلك المؤسسات[15]. وأصبحت بذلك قوانين محكمة العدل قوانين مستقلة لكنها في نفس الوقت تمثل جزءًا لا يتجزأ من الأنظمة القانونية للدول الأعضاء تلتزم محاكمها بتطبيقه. وقد صُنفت التشريعات الثانوية الصادرة عن مؤسسات الاتحاد الأوروبي ضمن 5 تشريعات تشمل:
- الأنظمة (Regulations)، وهي تشريعات موجهة للدول الأعضاء، وملزِمة لها، وقابلة للتطبيق عليها بشكل مباشر دون حاجة إلى تحويلها إلى تشريعات محلية أو وطنية.
- ● التوجيهات(Directives) وهي تشريعات موجهة للدول الأعضاء وملزمة لها من حيث الأهداف والنتائج التي تسعى لتحقيقها فقط، ولكنها غير ملزمة لها من حيث آليات ووسائل تحقيق الأهداف حيث تُترك لكل دولة تحديد الوسائل والآليات التي تفضلها للوصول إلى الأهداف والنتائج المرجوة، ومن ثم تحتاج التوجيهات إلى أن تتحول أولا إلى تشريعات محلية وطنية كي تصبح قابلة للتطبيق من الناحية الفعلية.
- ● القرارات(Decisions)، وهي تشريعات ملزمة للأطراف المخاطبة بها فقط.
- ● التوصياتRecommendations))، وهي غير ملزمة من الناحية القانونية، إذ يترك للدول حرية العمل أو عدم العمل بها، ولكن يتعين على الدول الأعضاء التقيد بها كلما كان ذلك ممكنًا لانتظام العمل داخل الاتحاد.
- الآراء (Opinions): يتم اللجوء إليها في حال الحاجة إلى تفسير مسألة غامضة. وتعبِّر هذه الآراء عن وجهة نظر المؤسسة الصادرة عنها، وعليه فهي لا تُلزم غيرها[16].
فرغم أن المعاهدات المؤسسة للاتحاد الأوروبي هي معاهدات موقعة بين دول
مستقلة إلا أنها تختلف في إلزاميتها عن المعاهدات الدولية التي لا تستلزم بالضرورة أن تصبح جزءا من القانون الوطني للدول أطراف المعاهدة. فالقانون الدولي لا يتمتع بصفة الإلزام في دائرة القانون الداخلي، وهو ما يعني من الناحية العملية أنه إذا تعارضت قاعدة داخلية مع قاعدة دولية فعلى القاضي أن يطبق قاعدة القانون الوطني لأنه يستمد سلطته واختصاصه من قانونه الوطني وليس من القانون الدولي، وفي حالة التعارض بين القانونين الدولي والوطني، تكون الأولوية لقواعد القانون الوطني. لكن في حالة معاهدات الاتحاد الأوروبي يختلف الوضع حيث أن المعاهدات المنشأة للاتحاد لم تمنح المحاكم الوطنية اختصاصا أو صلاحية للبت في قضايا تطبيق المعاهدات أو إصدار قرارات قانونية في حال الإخلال بالمعاهدات. وبالمقابل منحت المعاهدات صلاحيات لمحكمة العدل الأوروبية للبت في القضايا المتعلقة بانصياع الدول الأعضاء للمعاهدات واحترام قواعدها حيث منحت المادة 226 من معاهدة الاتحاد المفوضية صلاحية رفع دعاوى ضد أي دولة من دول الاتحاد تعتقد أنها أخلت بأي التزام تضمنته المعاهدات[17].
وبالإضافة لما سبق، أعطت محكمة العدل الأوروبية الأفراد حق الاعتماد
على قواعد قانون الاتحاد الأوروبي أمام المحاكم الوطنية، وهو ما تجلى عام 1962 في القضية المشهورة بقضية (Van Gend en Loos)[18] التي تبنت فيها المحكمة الأوروبية مبدأ التأثير المباشر ((Direct Effect) للقانون الأوروبي على القوانين الوطنية وفق ضوابط محددة. كما أقرت محكمة العدل الأوروبية خلال نظرها لقضية (Van Duyn v.)[19] الحق في الاعتماد على التوجيهات الموجهة للدول الأعضاء أمام المحاكم الوطنية في حال مرور المدة المحددة لتطبيقها. وقد عللت محكمة العدل الأوروبية تطبيقها لهذا المبدأ على التوجيهات بأنه من غير المعقول أن تعتمد دولة لم تنفذ التوجيهات الموجهة إليها خلال المدة المحددة لذلك، على تقصيرها في تنفيذ التوجيه في قضية تُوجه ضدها مطالبة إياها بتنفيذ التوجيه.
وبالإضافة إلى مبدأ التأثير المباشر، اعتمدت محكمة العدل الأوروبية مبدأ التأثير غير المباشر
.(Indirect Effect) وحسب هذا المبدأ يتعين على المحاكم الوطنية تفسير القوانين المحلية للدول الأعضاء، قدر المستطاع على نحو يتماشى مع قانون الاتحاد بما في ذلك، التوجيهات (directives) أي أنه إذا كانت هنالك إمكانيتان لتفسير نص القانون المحلي، الأولى تتعارض وتصطدم مع تشريعات الاتحاد، والثانية تتماشى معه، فيتعين عندها على المحكمة تفضيل التفسير الثاني على الأول[20]. وفي حال انتهاك السلطة القضائية الوطنية لقانون الاتحاد الأوروبي بشكل تعسفي أو بسبب إهمال جسيم تتحمل الدولة العضو المسؤولية عن الأضرار والخسائر الناجمة عن هذا الخرق[21].
تلك القرارات التي أصدرتها محكمة العدل الأوروبية ساهمت في تعزيز النظام القانوني للاتحاد الأوروبي ليس فقط بين الدول الأعضاء، وإنما في الإطار المحلي أيضا حيث ساهمت في إشراك المحاكم الوطنية في عملية فرض قانون الاتحاد، وهو ما آثر بشكل ملموس على المفهوم التقليدي لسيادة الدولة.
2- السيادة الشعبية مقابل السيادة فوق الوطنية
ساهمت التوجهات القومية المناهضة لمشروع التكامل الأوروبي في تسليط الضوء على التعارض بين أدوار المفوضية الأوروبية وغيرها من مؤسسات الاتحاد الأوروبي غير المنتخبة وبين السيادة الشعبية التي تعبر عنها البرلمانات الوطنية المنتخبة. فوفقًا لمورافسيك تحتكر السلطة التنفيذية عملية التفاوض في المنظمات الدولية عبر ممثلين وطنيين دون أن تتمكن أي جهات فاعلة محلية أخرى من القيام بدور رسمي سوى في حال عرض الاتفاقات على استفتاء شعبي أو طلب التصديق عليه من البرلمان، وفي حالة الاتحاد الأوروبي تقوم المفوضية الأوروبية بتدويل السياسات المحلية في ظل تحجميها لمشاركة معظم الفاعلين المحليين في عملية صنع القرار مما يخدم السلطة التنفيذية التي تحدد عادة جدول أعمال الاتحاد الأوروبي، وتتمكن بذلك من إدارة سياسة المفوضية الأوروبية دون قيود برلمانية كبيرة[22]. وهو ما يعزز من ظاهرة العجز الديموقراطي التي يتسم بها الاتحاد الأوروبي في ظل نخبوية عملية تكوين مؤسساته – باستثناء البرلمان- دون تفويض ديمقراطي مباشر، مما يُعرِّض السياسات الديمقراطية في أوروبا لضغوط كبيرة على خلفية تزايد عمليات التكامل الأوروبي.
وفي هذا السياق فسر مورافسيك المعارضة الشعبية لمعاهدة ماستريخت في الدنمارك وفرنسا بأنها رسالة تعبر عن عدم تسامح الجماهير الأوروبية مع غياب الرقابة البرلمانية أو العامة المباشرة على المفوضية الأوروبية[23]، وهو ما دفع بعض المنظرين مثل (Beetz and Rossi) إلى المطالبة بأن تظل البرلمانات الوطنية حاضرة دائمًا في إجراءات صنع القرار من أجل إضفاء الطابع المؤسسي الفعال على السياسات الأوروبية[24].
3- السيادة وقوانين الهجرة ومراقبة الحدود
كفلت اتفاقية شينجن فتح الحدود الداخلية بين الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، وأوجدت معايير جديدة تتعلق بالحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. وفي حين تناولت لائحة دبلن (Dublin Regulation) التي دخلت حيز التنفيذ في عام 1997 الأمور الخاصة بتنظيم التعامل مع طلبات اللجوء من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي[25]، إلا أنه في ظل أزمة اللاجئين التي تفجرت في عام 2015 مع توافد عشرات آلاف المهاجرين يوميا على دول الاتحاد الأوروبي هربًا من الحرب في سوريا والفقر والنزاعات في القارة الأفريقية، تعرضت اتفاقية شينجن للتهديد عقب اتخاذ عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل المجر والسويد ضوابط مؤقتة على التنقل عبر الحدود بذريعة الحفاظ على الأمن القومي. كما تسببت الخطة التي اقترحتها المفوضية لنقل اللاجئين من إيطاليا واليونان والمجر إلى دول أخرى عضوة في الاتحاد الأوروبي بغرض تقاسم الأعباء إلى حدوث خلافات وجدل بين دول الاتحاد الأوروبي وعلى المستوى الوطني[26].
وفي مواجهة أزمة اللاجئين تعرضت قضية إدارة الحدود التي تمثل إحدى الاختصاصات التقليدية للدول القومية وفق المفهوم التقليدي للسيادة إلى تحديات مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى تطوير وكالة فرونتكس المختصة بتنسيق عملية إدارة حدود دول الاتحاد الأوروبي عبر إنشاء وكالة جديدة تختص بأمن الحدود الأوروبية وخفر السواحل في عام 2016. ونصت المادة 19من قرار تأسيس الوكالة الجديدة على أنه في حال فشل دولة عضو بالاتحاد في السيطرة على حدودها بما يهدد الجهود الجماعية لمراقبة الحدود الخارجية لمنطقة شينجن، فيمكن للوكالة بناء على طلب المفوضية وبموافقة المجلس الأوروبي، نشر فرق حرس الحدود وخفر السواحل في تلك الدولة لتولي إدارة عمليات مراقبة الحدود[27]. إلا أن هذا التدخل لن يتم سوى بموافقة الدولة العضو، فبحسب المادة 72 من معاهدة عمل الاتحاد الأوروبي، فإن الدول الأعضاء هي المسؤولة في النهاية عن أمنها الداخلي[28].
4- السيادة والحوكمة الاقتصادية
conflicts of sovereignty about economic governance
كشفت الأزمة المالية التي ضربت منطقة اليورو في عام 2008 النقاب عن نزاعات على السيادة بين دول الاتحاد وبعضها البعض، وبين الدول الأعضاء ومؤسسات الاتحاد. فالدول الكبرى بالاتحاد الأوروبي التي تكفلت بتقديم حزم دعم مالية اشترطت على الدول المثقلة بالديون مثل اليونان شروطا تمثل تدخلًا مباشرًا في السياسة الاقتصادية والاجتماعية من قبيل خفض الإنفاق الحكومي وتحديد الميزانيات الوطنية، وهو ما عكس سيادة فعلية غير متكافئة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وساهم في تنامي الأصوات القومية المطالبة باستعادة السيادة الوطنية التي سلبها الاتحاد الأوروبي.
ثالثا: سيادة الدول والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي
نجح مشروع التكامل الأوروبي في تقديم عوامل جذب تغري الدول الأوروبية غير العضوة بطلب الانضمام له دون أن يُفرض عليها ذلك بالقوة، وبرزت القوة الناعمة المتمثلة في المفاوضات والفرص الاقتصادية كسمة بارزة لسياسات الاتحاد الأوروبي بدلا من القوة العسكرية التي تميز سياسات الولايات المتحدة الأمريكية. وقد حرصت الدول الراغبة في الانضمام للاتحاد على إجراء تغييرات سياسية واقتصادية وتشريعية داخلية تتكيف مع معايير كوبنهاجن من أجل تعزيز فرص انضمامها للاتحاد الأوروبي.
تزايد بمرور الوقت انخراط مؤسسات الاتحاد الأوروبي في قضايا السياسات العليا مثل الأمن ومراقبة الحدود بدلا من الاكتفاء بالقضايا الاقتصادية والتجارية، كما جرى تعيين ممثل أعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي عقب معاهدة لشبونة في عام 2009. ووافق الاتحاد الأوروبي على “استراتيجية عالمية للسياسة الخارجية والأمنية” في يونيو 2016 في خضم اضطرابات غير مسبوقة داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه[29].
ورغم ما سبق، فقد ظلت السياسة الخارجية الأوروبية تمثل سياسة الدول الأعضاء فيها بما تحمله من اختلافات في المصالح وتنوع في حجم التأثير ومدى الانخراط في السياسة الدولية. وبالتالي يُنظر إلى الاتحاد وفق تعبيرات المفوضية الأوروبية باعتباره شريكًا جذابًا لكنه غير فعال ومنقسّم داخليًّا[30]. فقبل معاهدة لشبونة، وخلال الغزو الأميركي للعراق ظهر للعلن انقسام عميق في الموقف الأوروبي تجلى في وجود فريق معارض للغزو على رأسه ألمانيا وفرنسا وآخر داعم للحرب ومشارك بها مثل بريطانيا وإسبانيا وإيطاليا وبولندا وهولندا والدنمارك. وهو ما أكد عدم وجود سياسة أوروبية خارجية موحدة. وبعد معاهدة لشبونة ظلت السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي تُتخذ بالإجماع، وهو ما يؤدي إلى عرقلة إيجاد حلول للقضايا التي تثير خلافات كبيرة بين الدول الأعضاء.
كذلك لم تنجح الدول الأوروبية في تنسيق سياساتها الدفاعية بشكل مستقل بمعزل عن حلف الناتو رغم إعلان الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في عام 1999 موافقتها على بناء القدرة العسكرية للاتحاد الأوروبي من خلال سياسة الأمن والدفاع المشتركة (CSDP)[31]، فحتى الآن لا يوجد جيش أوروبي يمثل الاتحاد الأوروبي، كما اعتمدت أوروبا في تسوية النزاعات التي جرت في البوسنة وكرواتيا وكوسوفو على الدور الأميركي. وبينما اختارت بريطانيا خلال عضويتها بالاتحاد وهولندا ودول أوروبا الشرقية ربط سياساتهم الخارجية بالولايات المتحدة الأمريكية، تُفضل ألمانيا وفرنسا سياسة أوروبية أكثر استقلالا.
وفيما يتعلق بالأزمات الإقليمية التي لها انعكاسات على الاتحاد الأوروبي كما في حالة الحرب الأهلية في سوريا وما نتج عنها من أزمة لاجئين هددت تماسك المجتمع الأوروبي، لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من تبني استراتيجية موحدة تساهم في إنهاء الحرب في سوريا. وكذلك في أزمة الحرب الأهلية في ليبيا انحازت فرنسا إلى جانب خليفة حفتر في حين تبنت ألمانيا وإيطاليا رؤية داعمة للحل السياسي بين الأطراف المتنازعة[32].
ورغم أن اعتماد التصويت داخل مجلس الوزراء الأوروبي وفق نظام الأغلبية المؤهل QMV) Qualified Majority Voting ) بدلا من الإجماع كان يفترض به أن يدفع الدول الأعضاء إلى وضع مصالح الاتحاد الأوروبي فوق المصالح الوطنية إلا أن احتفاظ كل دولة عضو بحق النقض منذ تسوية لوكسمبورغ في عام 1966 في حال شعورها بأن الإجراء المفترض صدروه يهدد مصالحها الوطنية قد عرقل إجراء أي تصويت في حال وجود تهديد باستخدام حق النقض، وساهم في الحد من صلاحيات المفوضية الأوروبية.
وتظل معضلة مراعاة المصالح المتفاوتة للأعضاء تمثل مشكلة، فالاتفاق على تبني سياسات دفاعية وأمنية موحدة يتطلب من الدول الأعضاء قبول تحمل تكاليف ملموسة على أمل أن تكون الفوائد المستقبلية أكبر، وفي حال عدم توافر ذلك تفضل الدول تبني سياسات أمنية ودفاعية وطنية منفردة تحقق لها أكبر قدر من الفوائد بأقل قدر من التكاليف.
الاستنتاجات
تظل الدول القومية جهات فاعلة ذات سيادة في المجتمع الدولي حيث لا توجد سلطة عليا فوقها، في ظل عدم إمكان إجبار أي دولة قومية على قبول التأثير الملزم للأفعال القانونية التي لم تشارك فيها أو لم توافق عليها. وفيما يخص مؤسسات الاتحاد الأوروبي نجد أن المؤسسة التي تقود عملية صنع القرار داخل الاتحاد فيما يتعلق بالسياسات العليا هي المجلس الأوروبي الذي يتألف من رؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في ظل عدم رغبة الدول الأعضاء في التخلي عن صلاحياتها للمفوضية [33] ، وهو ما يكفل أن تظل عملية صنع القرار داخل الاتحاد في يد الدول الأعضاء التي تحدد عبر اجتماعات القادة الأوروبيين والمجلس الأوروبي مقدار السيادة الممنوحة لمؤسسات الاتحاد الأوروبي وكذلك اتجاه ووتيرة التكامل[34]. وأيضا فإن مؤسسات الاتحاد الأوروبي التي تعتبر مؤسسات فوق وطنية لا تملك أدوات إنفاذ لقراراتها إنما تخول تنفيذها لحكومات الدول الأعضاء بالاتحاد.
رغم الخطوات المتقدمة في مشروع التكامل الأوروبي إلا أن الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي مازالت تحتفظ بالإشراف على سياساتها المالية الخاصة بالضرائب والإنفاق الحكومي والتعليم والرعاية الصحية وما شابه كما أن بإمكانها عقد معاهدات منفردة مع دول أخرى، وتحتفظ بجيوشها الوطنية، وفضلا عما سبق فقد رفضت بعض دول الاتحاد الأوروبي استبدال اليورو بعملتها الوطنية مثل الدنمارك والسويد في حين رفضت دول أخرى الانخراط في اتفاقية شينجن مثل بريطانيا قبل انسحابها لاحقًا من الاتحاد. وفي المحصلة يمكن للدول الأعضاء بالاتحاد الانسحاب منه متى أرادت مثلما فعلت بريطانيا.
إن الدول القومية رسخت شعور مواطنيها بهويتهم عبر التركيز على المورثات التاريخية والثقافية المشتركة مثل اللغة والأعراف والتراث، وصنعت رموزا وطنية، وتبنت تعليما موحدا، ونشيدا وطنيا، وعلما، وحرست حدودها الوطنية، وأسست مؤسسات موحدة ذات رمزية وطنية تحمي سيادة الدولة مثل الجيش والشرطة والقضاء. وفي المقابل لم ينجح الاتحاد الأوروبي في ترسيخ هوية أوروبية تتجاوز الهوية القومية بالرغم من اعتماد جواز سفر أوروبي موحد، وعلم خاص بالاتحاد، ونشيد خاص مما أثر على دعم الأفراد لمشروع التكامل. وقد ظهرت مؤشرات العزوف الشعبي عن دعم مشروع التكامل في رفض الشعب النرويجي مرتين الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ورفض الشعبي الفرنسي والهولندي المعاهدة الدستورية الأوروبية في عام 2005، واختيار البريطانيين في عام 2016 لخيار مغادرة الاتحاد الأوروبي. فقد أثبتت تلك الاعتراضات الشعبية أن الأفكار والهويات تتفوق على الاعتبارات الاقتصادية التي تميز بها مشروع التكامل الأوروبي[35].
وفي أعقاب أزمة الديون السيادية وأزمة اللاجئين، تصاعدت الخطابات القومية والشعبوية المناهضة للأجانب في العديد من أنحاء القارة مطالبة باستعادة السيادة الوطنية من الاتحاد الأوروبي، وصولا إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
إن مشروع التكامل الأوروبي أوجد تأثيرات ملموسة على السيادة بين الدول الأعضاء به لكنه على أقصى تقدير أضعف فقط سيادة الدول الأعضاء دون أن يتحول إلى كيان سيادي مستقل، كما أوجدت قرارات محكمة العدل الأوروبية تأثيرات ملموسة على القوانين الوطنية، لكن ظلت الدولة القومية هي صاحبة الكلمة الفصل في مواصلة مسيرة التكامل الأوروبي أو الانسحاب منها.
References
- Andrew Moravcsik. “Why the European Union Strengthens the State: Domestic Politics and International Cooperation”, Center for European Studies, Harvard University, (1994) p: 3-15.http://aei.pitt.edu/id/eprint/9151.
- Ben Wellings. “Brexit, nationalism and disintegration in the European Union and the United Kingdom”, Journal of Contemporary European Studies, (April, 2020), p: 13. https://www.tandfonline.com/doi/abs/10.1080/14782804.2020.1753664?journalCode=cjea20
- Corey Johnson. “Competing Para-Sovereignties in the Borderlands of Europe”. Geopolitics 10 (2017), 772-793. https://doi.org/10.1080/14650045.2017.1314962
- Christopher Doksy and Barry Fitzpatrick “The Duty of national Courts to Interpret Provisions of National Law in Accordance with Community Law”, Industrial Law Journal 20, No.2 (1991), 113-120. DOI: 10.1093/ilj/20.2.113
- Case 26/62 Van Gend en Loos v. Nederlandse Administratie der Belastingen [1963] ECR1. Accessed 21 December 2020 https://eurlex.europa.eu/legalcontent/EN/TXT/PDF/?uri=CELEX:61962CJ0026&from=EN,
- Consolidated version of the Treaty on the Functioning of the European Union, The institutions – Section 5: The Court of Justice of the European Union – Article 258 (ex Article 226 TEC), Official Journal 115 , 09/05/2008, P. 0160. Accessed 21 December 2020. https://eurlex.europa.eu/legalcontent/EN/TXT/HTML/?uri=CELEX:12008E258&from=EN
- Directorate-General for Research and Innovation. “A global actor in search of a strategy: European Union Foreign Policy between bilateralism and multilateralism” (European Commission document EUR 26572 EN, 2014), p: 68. https://ec.europa.eu/research/socialsciences/pdf/policy_reviews/kina26572enc.pdf
- Gaspare M. Genna and Florian Justwan “The European Power Hierarchy, Member State Trust, and Public Support for the Common Security and Defense Policy”, Miami-Florida European Union Center of Excellence 15, No. 2, August 2015, p 48. Accessed 21 December 2020. http://aei.pitt.edu/74530/1/Genna%26Justwan_PowerHierarchyCSDP.pdf
- John J. Mearsheimer. “The False Promise of International Institutions.” International Security 19, No. 3 (1994), 5-49. https://doi.org/10.2307/2539078
- Jan Pieter Beetz & Enzo Rossi “The EU’s Democratic Deficit in a Realist Key: Multilateral Governance, Popular Sovereignty, and Critical Responsiveness.” Transnational Legal Theory 8, No 1 (2017), 22-41, https://doi.org/10.1080/20414005.2017.1307316
- Jorrit Rijpma “The Proposal for a European Border and Coast Guard: Evolution or Revolution in External Border Management?” (European Parliament, Study for the LIBE Committee, 2016), 40. https://www.europarl.europa.eu/RegData/etudes/STUD/2016/556934/IPOL_STU%282016%29556934_EN.pdf
- John McCormick, Jonathan Olsen. “The European Union: politics and policies”, (London, Routledge, 2018), p: 366.
- Karen E. Smith. “A European Union global strategy for a changing world?”. International Politics 54, (2017), 503–518. https://doi.org/10.1057/s41311-017-0041-0
- Martin Deleixhe & Denis Duez. “The new European border and coast guard agency: pooling sovereignty or giving it up?”, Journal of European Integration 41, No7, (2019), 921-936.https://doi.org/10.1080/07036337.2019.1665659
- Nathalie Brack, Ramona Coman & Amandine Crespy. “Unpacking old and new conflicts of sovereignty in the European polity”. Journal of European Integration 41, No.7 (2019), 817-832. https://doi.org/10.1080/07036337.2019.1665657.
- Ondrej Hamuľák. “National Sovereignty in the European Union: View from the Czech Perspective”, (Switzerland, Springer, 2016), p: 95.
- Richard Bellamy. “A European Republic of Sovereign States: Sovereignty, Republicanism and the EU”, European Journal of Political Thought, (July 2, 2016), 1-30, https://ssrn.com/abstract=28039
- Richard Bellamy, “Constitutionalism and Democracy”, (London, Routledge, 2016) p: 622.
- Robert O. Keohane and Lisa L. Martin “The Promise of Institutionalist Theory.” International Security 20, No. 1 (1995): 39-51. https://doi.org/10.2307/2539214.
- Stanley Hoffmann, Robert O. Keohane, and John J. Mearsheimer “Correspondence: Back to the Future, Part II”. International Security 15, No.2 (1990), 191-99. https://doi.org/10.2307/2538869.
- Sergio Fabbrini & Uwe Puetter.”Integration without supranationalisation: studying the lead roles of the European Council and the Council in post-Lisbon EU politics” Journal of European Integration 38, No 5, (2016) 481-495. Accessed 21 December 2020. https://doi.org/10.1080/07036337.2016.1178254
- Treaty establishing the European Community (Amsterdam consolidated version) – Part Five: Institutions of the Community – Title I: Provisions governing the institutions – Chapter 2: Provisions common to several institutions – Article 249. Accessed 20 December 2020 https://eur-lex.europa.eu/legalcontent/EN/TXT/?uri=CELEX:11997E249.
- Treaty establishing the European Community (Amsterdam consolidated version) – Part Five: Institutions of the Community – Title I: Provisions governing the institutions – Chapter 2: Provisions common to several institutions – Article 249. Accessed 20 December 2020. https://eur-lex.europa.eu/legalcontent/EN/TXT/?uri=CELEX:11997E249
الهامش
[1]– John J. Mearsheimer. “The False Promise of International Institutions.” International Security 19, no. 3 (1994): p (7-10).
[2]– Stanley Hoffmann, Robert O. Keohane, and John J. Mearsheimer “Correspondence: Back to the Future, Part II”. International Security 15, No. 2 (Fall 1990), p: 199.
[3]– Robert O. Keohane and Lisa L. Martin “The Promise of Institutionalist Theory”. International Security 20, No. 1 (1995), p: 42.
[4]– Corey Johnson. “Competing Para-Sovereignties in the Borderlands of Europe”. Geopolitics 10 (2017), P: 778.
[5] – Richard Bellamy, “Constitutionalism and Democracy”,(USA, Routledge, 2016) p:171.
[6]– Ibid, 175.
[7]-Nathalie Brack, Ramona Coman & Amandine Crespy. “Unpacking old and new conflicts of sovereignty in the European polity”. Journal of European Integration 41, No.7 (2019), p: 824.
[8] -Ibid, 819-820.
[9] – Ibid, 818.
[10]– Ibid, 821.
[11]– Richard Bellamy. “A European Republic of Sovereign States: Sovereignty, Republicanism and the EU”, European Journal of Political Thought, (July 2, 2016), p: 1.
[12] – Ondrej Hamuľák. “National Sovereignty in the European Union: View from the Czech Perspective”, (Switzerland, Springer, 2016), p: 1.
[13] – Ibid, 3.
[14] – Ibid, 14.
[15] – Ibid, 18.
[16]-Treaty establishing the European Community (Amsterdam consolidated version) – Part Five: Institutions of the Community – Title I: Provisions governing the institutions – Chapter 2: Provisions common to several institutions – Article 249 :
https://eur-lex.europa.eu/legalcontent/EN/TXT/?uri=CELEX:11997E249, accessed 20 December 2020.
[17]– Consolidated version of the Treaty on the Functioning of the European Union, The institutions – Section 5: The Court of Justice of the European Union – Article 258 (ex Article 226 TEC), Official Journal 115, 09/05/2008, P. 160.
https://eur-lex.europa.eu/legal-content/EN/TXT/HTML/?uri=CELEX:12008E258&from=EN, accessed 20 December 2020.
[18] – Case 26/62 Van Gend en Loos v. Nederlandse Administratie der Belastingen [1963] ECR 1.
https://eur-lex.europa.eu/legal-content/EN/TXT/PDF/?uri=CELEX:61962CJ0026&from=EN, accessed 20 December 2020.
[19] – Van Duyn v The Home Office (case 41/74) [1974] ECR 1337,
https://learninglink.oup.com/static/5c0e79ef50eddf00160f35ad/casebook_102.htm, accessed 20 December 2020.
[20]– Christopher Doksy and Barry Fitzpatrick “The Duty of national Courts to Interpret Provisions of National Law in Accordance with Community Law”, Industrial Law Journal 20, No.2 (1991), 114.
[21] – Ondrej Hamuľák, 28.
[22]– Andrew Moravcsik. “Why the European Union Strengthens the State: Domestic Politics and International Cooperation”, Center for European Studies, Harvard University, (1994) p: 3-15.
[23] – Ibid, 54.
[24]– Jan Pieter Beetz & Enzo Rossi “The EU’s Democratic Deficit in a Realist Key: Multilateral Governance, Popular Sovereignty, and Critical Responsiveness.” Transnational Legal Theory 8, No 1 (2017), p: 41.
[25] – Corey Johnson (2017), 16.
[26]– John McCormick, Jonathan Olsen. “The European Union: politics and policies”, (London, Routledge, 2018), p: 255-256.
[27]– Martin Deleixhe & Denis Duez. “The new European border and coast guard agency: pooling sovereignty or giving it up?”, Journal of European Integration 41, No7, (2019), p: 921.
[28] – Rijpma, J. 2016. “The Proposal for a European Border and Coast Guard: Evolution or Revolution in External Border Management?” (European Parliament, Study for the LIBE Committee, 2016), p: 6.
[29]-Karen E. Smith. “A European Union global strategy for a changing world?” International Politics 54, (2017), 503.
[30]– Directorate-General for Research and Innovation. “A global actor in search of a strategy: European Union Foreign Policy between bilateralism and multilateralism” (European Commission document EUR 26572 EN, 2014), 47.
[31] – Karen E. Smith, 5.
[32] -Ibid, 13.
[33]– Sergio Fabbrini & Uwe Puetter.”Integration without supranationalisation: studying the lead roles of the European Council and the Council in post-Lisbon EU politics” Journal of European Integration 38, No 5, (2016) p: 482.
[34] – Gaspare M. Genna and Florian Justwan “The European Power Hierarchy, Member State Trust, and Public Support for the Common Security and Defense Policy”, Miami-Florida European Union Center of Excellence 15, No. 2, August 2015, p: 4.
[35]– Ben Wellings. “Brexit, nationalism and disintegration in the European Union and the United Kingdom”, Journal of Contemporary European Studies, (April, 2020), p: 5.
.
رابط المصدر: