بهاء النجار
يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)
التأمل الأول :
يبدو أن الآل هم ليس فقط من نسل شخص ما ، وإنما هم من يسيرون على نهجه وأخلاقه ومبادئه ، فآل داوود عليه السلام عاملون شاكرون سائرون على نهج أبيهم داوود عليه السلام ، وآل فرعون كافرون جاحدون سائرون على نهج أبيهم فرعون عليه لعائن الله ، وكذلك آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، فهُم حاملون لصفات وأخلاق ومبادئ جدهم المصطفى محمد صلى الله عليه وآله ، لذا استحقوا أن يكونوا أوصياءه لأنه لا نبي بعده صلى الله عليه وآله .
أما من كان من النسل ولم يكن طبق الأصل من الأصل فلا يكون من الآل وإنما من الذرية .
التأمل الثاني :
إن الشكر من السلوكيات المظلومة من قبل الإنسان ، هذا الظلم ناتج عن جهل بحقيقة الشكر وضرورته ، فبعضٌ لا يعرف بأن عليه أن يشكر خالقه جل وعلا إما جهلاً حقيقياً أو غفلة أو جهلاً بكيفيته ، فضلاً عن الكافرين والجاحدين بأنعم الله عز وجل ، والنتيجة أن قليلاً من عباد الله الشكور .
فالشكور يعرف كيفية الشكر وآليته ، ويدرك أن الشكر يحتاج الى عمل ، بمعنى أن الشكر باللسان لا يكفي ، بل أن التطوع العبادي لتأدية الشكر لا يكفي ، ومن أرقى مراتب الشكر هو استثمار النعمة المراد شكر الباري جل شأنه عليها في نصرته تعالى وإعلاء كلمته وكل ما يؤدي الى ذلك كما فعل داوود وسليمان عليهما السلام .
التأمل الثالث :
إذا أردنا أن نستعرض بعض مصاديق استثمار النعمة المراد شكر الباري جل شأنه عليها في نصرته تعالى وإعلاء كلمته فالمقام لا يسع ، ولكن سنأخذ أمثلة ومصاديق واضحة لتوضيح الفكرة ، فمثلاً عندما يُنعم الله جلّت آلاؤه على عبدٍ بأموال فيكون الشكر العملي لهذه النعمة هو تخصيص نسبة معينة من أمواله لأعمال البر كمساعدة الفقراء وتزويجهم وقضاء حوائجهم ونشر العلوم النافعة وغيرها ، وعندما يريد أن يشكر عبدٌ أنعم الله عليه بالوجاهة فإنه يسخّر وقته لحل مشاكل الناس والتوسط لفض النزاعات ، ومن يمنّ الله عليه بالصوت العذب فإنه يُوقِفُهُ لتجويد كتاب الله أو قراءة الابتهالات والمرثيات والأناشيد الدينية التي تقرّب الناس الى دين الله تعالى .
التأمل الرابع :
الشكور لغةً هو الذي يشكر بكثرة ، وهنا الكثرة ليس فقط الكثرة الكمية وإنما الكثرة النوعية أيضاً ، فالشكور يشكر بقلبه ولسانه وبعبادته التطوعية ، وكذلك يشكر من خلال استثمار النعمة والاستفادة منها في نصرة دينه والمسلمين .
والأهم من ذلك كله أن يلتفت العبد الشاكر ليكون شكوراً هو الشعور بالتقصير في شكره أمام المنعم جل وعلا ، فلا فائدة من الشكر إن لم يُلحَق به الشعور بالتقصير ، فشُكرٌ في القلب فقط يرافقه شعور بالتقصير أفضل من عبادات تطوعية لا يرافقها هذا الشعور .
* مشاركتها ثواب لنا ولكم
للمزيد من التأملات القرآنية انضموا الى قناة ( تأملات قرآنية ) على التلغرام :
https://t.me/quraan_views