بهاء النجار
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (43) وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (44)
التأمل الأول :
علينا كمؤمنين بالله سبحانه وكتبه ورُسُلِه أن نتعظ مما نقرأه في كتاب الله العزيز ، وذلك بحكم إيماننا ، وأن ندرس كتاب الله المجيد الذي آتانا إياه رب العالمين وجاءنا به البشير النذير صلى الله عليه وآله كما ندرس باقي العلوم بل وأكثر ، وأن لا تشغلنا تخصصاتنا عن دراسة القرآن الكريم والتأمل فيه وتدبر آياته ، فإن لم يكن إيماننا يدفعنا لدراسة هذا القرآن العظيم فلتدفعنا الثقافة والإطلاع على العلوم المختلفة ، فلماذا يتباهى البعض بحفظ الشعر الجاهلي مثلاً أو الأموي أو العباسي رغم أنه ليس من اختصاصه ولا يتقدم خطوة واحدة تجاه الكتاب الكريم الذي يفترض أنه مؤمن به ، وكذلك السنة المطهرة المليئة بالإنذارات المختلفة والمتعددة ؟!
التأمل الثاني :
إن دراسة الكتب السماوية لوحدها لتلقي الحجة والبينة تستلزم دراسة سيرة وسُنّة أنبياء الله وأوليائه وحججه على خلقه للإيمان بما جاءوا به ولضمان عدم التعرض لهم ، فالقرآن الكريم مثلاً صرّح بشكل واضح ( ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) وبالتالي فإن الله يؤتي الكتب السماوية للرسل والرسل يؤتونا بتفاصيل ما في الكتب من خلال سيرهم العطرة ، وعليه فإن دراسة السنة المطهرة تندرج ضمن دراسة القرآن الكريم ، والاكتفاء بدراسة القرآن الكريم من دون دراسة السنة المطهرة يمكن أن يعرّضنا لعداء أولياء الله من الأنبياء والأوصياء الذين يتلون علينا آيات الله البينات .
التأمل الثالث :
من الأسباب التي جعلت الذين كفروا يتعرضون لمن ينذرهم ويتلو عليهم الآيات البينات ويتهمونه بصدهم عن دينهم أنهم لم يدرسوا هذه الآيات البينات بتفحص وتأمل وتدبر وتحليلها إن كانت بالفعل بينة أم أنها إفك مفترى أو سحر مبين ، ولو درسوها بشكل مستفيض لاستوعبوا الإنذار الذي جاء به وعرفوا أنه الحق .
ولكي نستفيد من تجارب الماضي ودراسة التأريخ علينا أن ندرس كتاب الله العزيز الذي آتاه الله تعالى رسولنا ومنذرنا صلى الله عليه وآله الذي يجب أن نطلع على سيرته وسنته المطهرة كي لا نعترض (عملياً) على ما جاء به من بينات بعدم تطبيقها على أرض الواقع .
التأمل الرابع :
ليس كل منذر يجب علينا تصديق إنذاره ، وفي الوقت نفسه ليس كل منذر ينبغي أن نكذبه أو لا نصدقه ، فعلينا أن ندرس الآيات والحجج والأدلة التي يأتي بها فإن كانت بينات صدّقناه ، وإن كانت غير بينات لا نصدقه ، أما إن ثبت عندنا أنها إفك مفترى فعلينا تكذيبه من دون أن نبالغ بالتكذيب كاعتباره (سحر مبين ) ، فالحق لا يُعرَف بالرجال وإنما نعرف الحق فنعرف أهله ، فمن صفات المنذر الذي يجب إتباعه وتصديق إنذاره أنه يحمل علوم الكتب السماوية سواء كان حمله لها بشكل مباشر كالمرسلين والوصيين أو بشكل غير مباشر كالأولياء والعلماء ، وكلما كان مستوى حمل تلك العلوم أعلى كان تصديق الإنذار أولى وأأكد من دون الاستهانة أو التكذيب بالمستويات الأدنى من ذلك الإنذار .
التأمل الخامس :
إن من أسباب الالتزام بالأعراف والتقاليد العشائرية الى درجة التعبد بها وتقديسها هو هجران كتاب الله العزيز فضلاً عن العزوف عن دراسة آياته الكريمة والتأمل والتدبر فيها ، وكذلك الإعراض عن الإنذار الوارد في السنة المطهرة التي حذّرت من معارضة أولياء الله الذين يتلون آيات الله البينات ويجسدونها وإتهامهم بشتى أنواع التُهم ، فرغم وجود قوانين وسنن عشائرية مخالفة للشريعة إلا أننا نجد الإلتزام بها أشد من الإلتزام بما جاء به القرآن العظيم والرسول الكريم ، بحيث لو تعارض القانون العشائري مع القانون الشرعي لقدّموا الأول على الثاني ، ولو نبّههم أحد المؤمنين الواعين على خطورة ذلك لكان الرفض بيّناً عليهم .
ومع هذا لا يزال بعض شيوخ العشائر ملتزمين بالتوازن بين الشريعة الإسلامية والسنن العشائرية .
للمزيد من التأملات القرآنية انضموا الى قناة ( تأملات قرآنية ) على التلغرام :
https://t.me/quraan_views