وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20)
التأمل الأول:
إن أهمية الرسالة التي جاء بها المرسلون عليهم السلام تستدعي من كل من ينتمي إليهم فكرياً وعقائدياً أن يسعى بكل جهده وطاقته لينصح الناس بإتباع هؤلاء المرسلين ، فمن كان في أقصى مكان فليأتِ وليقُم بمهمته الإرشادية وتوضيح رقي رسالاتهم ، ومن يرى نصح الناس من خلال بذل الجهد فليبذله ولو كان في أقصى حالات التعب ، وإذا كان بلوغ النصيحة تتطلب أموالاً فلينفق حتى لو كان في أقصى حالات العسرة المالية ، هذا طبعاً مع ترتيب الأولويات وتقديم الأهم على المهم ، وأن لا يكلف نفسه أعلى من طاقتها لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها ، ولكن المهم أن لا يدخّر شيئاً لنصرة رسالة المرسلين وعلى رأسها رسالة الإسلام لأنها رسالة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وخاتمتها ، فهذه الرسالة لم تصلنا لو لم يسعَ السابقون بأقصى ما يبذلون ، حتى وصل الى الجود بالنفس وهو أقصى غاية الجود .
التأمل الثاني:
إن المقام السامي للمرسلين يجعل الكثير من المؤمنين يتمنون نَيلَه ، وهم يعلمون أن نَيلَه لا يمكن بالتمني ولا بالعمل ، لأن المرسلين مصطفون من قبل الله عز وجل لِعُلوِّ شأنهم ، ولكن استحالة بلوغ مقام المرسلين لا يقطع طريق التكامل على من يبحث عنه ، حيث صرّح القرآن الكريم بشكل واضح ( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) ، وما دام باب التأسي بسيد المرسلين صلى الله عليه وآله مفتوحاً وهو أعلاهم مقاماً فيكون التأسي بغيره أولى .
ومع هذا فمن لم يكن قادراً على بلوغ مقام المرسلين فيمكنه أن يكون حلقة وصل بينهم وبين الناس ، مدافعاً عنهم ، موضحاً ما يريدون ، داعياً إليهم ، ناصحاً بإتباعهم ، وبذلك يمكن أن يبلغ مقاماً عالياً وعظيماً أيضاً .
التأمل الثالث:
إن التبعية للآخرين ليست منقصة في ذاتها ، إذ لا بد أن يكون هناك قائد وتابع ، ولكن أن تكون التبعية للأدنى مع وجود الأفضل هو الأمر المرفوض ، فضلاً عن إتباع الفاسدين المفسدين ، وأن يكون القائد تابعاً والتابع قائداً فهذه مفسدة كبرى .
فإن لم تتمكن من أن تكون قائداً يُشار إليك بالبنان وتُذكَر في كتب التأريخ فكن دالاً على القادة المصلحين وأحد أتباعهم بل والدعوة الى إتباعهم، وذلك من خلال بذل أقصى ما يمكنك للدعوة لاتباعهم كما فعل حبيب النجار مع المرسلين بحسب بعض الروايات ، أما إذا كنت تسعى للقيادة مع وجود من يستحقها فقد تحصل على شيء من حطام الدنيا إلا أنك تخسر رضا الله تعالى .
* مشاركتها ثواب لنا ولكم
للمزيد من التأملات القرآنية يمكنكم الانضمام الى قناتنا على التلكرام:
https://t.me/quraan_views