مها علام – مارى ماهر
حازت الأزمة الأوكرانية جانبًا كبيرًا من اهتمامات مراكز الأبحاث والدراسات الأوروبية ثم الأمريكية، لكنها قوبلت باهتمام متواضع من قبل المراكز الآسيوية. إذ عملت المراكز البحثية على تقديم تقارير ومقالات وتحليلات للتطورات التصعيدية الجارية في قبل روسيا ضد أوكرانيا، في محاولة لتفكيك الخطط والسياسات الخاصة بموسكو، وأيضًا الأوضاع داخل أوكرانيا، بجانب التركيز على تأثير الأزمة الجارية على الأمن الأوروبي والتماسك الغربي وما يرتبط به من تأطير لتعاطي الغرب مع الأزمة، إضافةً إلى النظر في تأثير الأزمة على الشرق الأوسط وكذا الدور الذي يمكن أن تقوم به الفواعل الإقليمية في الأزمة، وأخيرًا المؤشرات التي تحملها الأزمة الأوكرانية في إعادة تشكيل النظام العالمي. وفيما يلي يمكن إبراز أهم اتجاهات المراكز البحثية حول العالم بشأن الأزمة الأوكرانية.
- تفكيك السياسة الروسية:
ركّزت تحليلات المراكز البحثية الأوروبية والأمريكية، منذ الملامح الأولى للتصعيد الأخير، على تفكيك الخطط والتحركات الروسية. فقد عرض (المعهد السويدي للشئون الدولية) تحليلًا بعنوان: تقود رؤية الإمبراطورية سياسة روسيا تجاه أوكرانيا، أكد فيه على أن طبيعة الموقف الروسي من الأزمة الأوكرانية، قد ترجع إلى أبعاد أيديولوجية وفكر إمبراطوري. معتبرًا أن المواجهة بين روسيا والاتحاد الأوروبي حول أوكرانيا هي مواجهة بين الكيانات الحديثة وما بعد الحداثة الشبيهة بالإمبراطورية. لافتًا إلى أن هناك قضية أكثر تعقيدًا تتعلق بكيفية ارتباط حدود الدولة الرسمية بما يمكن الإشارة إليه على أنه “مجال هوية روسيا”، استنادًا إلى المزاعم المتعلقة باعتبار الروس هم أكبر شعب منقسم في العالم. وفي مقابل التحليل الأيديولوجي للدوافع الروسية، استعرض (المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية) تحليلًا أكثر براجماتية بعنوان: أزمة أوكرانيا: لماذا وماذا الآن؟، اعتبر فيه أن الأزمة الحالية لديها جذور عميقة لا تقتصر على أوكرانيا، وإنما تتعلق بموقعها الاستراتيجي في وسط أوروبا، الذي يجعلها بمثابة النواة في محاولة إعادة تشكيل الاتحاد السوفيتي أو على الأقل لإنشاء مجال نفوذ جديد في الخارج القريب لروسيا. لكنه أشار إلى وجهات نظر أخرى تجادل بأن موسكو تسعى إلى لعب دور رئيسي في الأمن الأوروبي، ردت على محاولات الإخضاع التي تعرضت لها موسكو على مدار عقدين. كما أوضح خلال تحليل آخر بعنوان: لماذا تحشد روسيا قواتها على حدودها مع أوكرانيا؟، أن خطر حدوث غزو روسي لأوكرانيا حقيقي. وجادل بأن موسكو لا تهدد بغزو أوكرانيا، لكنها تهدد بتصعيد الحرب التي يشنها وكلاؤها في منطقة الدونباس. معتبرًا أن الدخول في حرب ذات كثافة منخفضة سيكون ذا فائدة استراتيجية لروسيا، لمنحها حق النقض الدائم على استقرار أوكرانيا، بل ووضع حد ضد الانجراف المحتمل لحكومة كييف غربًا. في حين أكد عبر تحليل إضافي بعنوان: خيارات روسيا واحتمال نشوب حرب في أوكرانيا، أن مظاهر الحشد العسكري والمناورات التي تجريها روسيا والهجمات الإلكترونية على أوكرانيا تعد مقدمة لعدوان محتمل. موضحًا أن “بوتين” عندما يمارس الإكراه يسعى لتغيير الحقائق على الأرض بسرعة وبشكل غير متوقع. مضيفًا أنه في هذه الحالة تتراوح السيناريوهات من توغل محدود يحط من قدر القوات المسلحة الأوكرانية إلى غزو واسع النطاق. مشيرًا إلى وجود أسباب معززة للحرب، أهمها: حسابات “بوتين” الخاطئة بشأن أوكرانيا، وهوسه المتزايد بها. لافتًا إلى أنه من الضروري على “بوتين” أن يوازن بين مخاطر الحرب كالخسائر الكبيرة والعقوبات الشديدة والقطيعة الدبلوماسية العميقة مع الغرب، وبين احتمالية النجاح والمكاسب التي سيحصل عليها. واختتم بالإشارة إلى إمكانية احتواء الأزمة عبر قيام واشنطن باحتواء مطالب موسكو في أوكرانيا.
ومن جهته، أفرد (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى) جانبًا كبيرًا من تركيزه على الأزمة الأوكرانية؛ إذ حاول –منذ بداية الأزمة- التكهن بالإجراءات والتحركات التي يمكن أن تتبعها موسكو تجاه أوكرانيا. فقد ذكر في تحليله المعنون: عملية “عاصفة الصحراء” الروسية: هل هي خطة “بوتين” لاستخدام قواعد اللعبة العسكرية الأمريكية ضد أوكرانيا؟، أن العالم على وشك رؤية نسخة روسية من عملية “عاصفة الصحراء” في أوكرانيا، انطلاقًا من كون هذه العملية إحدى أكثر العمليات العسكرية حسمًا وتأثيرًا في القرن العشرين، كما كانت أهدافها بالغة الأثر إذ تضمنت حملة جوية دعمتها قدرات فضائية وسيبرانية، ثم تلتها عملية برية ساحقة. معتبرًا أن الدروس المستفادة من هذه العملية قد ساعدت في تطوير نموذج الاستطلاع وإطلاق الضربات الحالي الذي تعتمده روسيا. كما ساهمت الخبرة التي اكتسبتها موسكو في الشيشان في تطور طريقة الحرب الروسية. مشيرًا إلى أن الساحة الأوكرانية تبدو جاهزة للسماح لموسكو بتنفيذ حملة فضائية مدفوعة بالتكنولوجيا، تدعمها الحرب المعلوماتية والسيبرانية من أجل تمكين حملة برية لاحقة يمكن أن تستولي على أجزاء من شرق أوكرانيا. مشددًا على أن التصعيد الروسي لا يتعلق بأوكرانيا في ذاتها، وإنما يتعلق بمراجعة الكرملين لنظام ما بعد الحرب الباردة بقيادة واشنطن. وارتباطًا بذلك، أكد (المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية) أن تحركات موسكو التصعيدية لن تتوقف عند حدود أوكرانيا، وذلك في تحليله المعنون: سلام العمل: خطط الكرملين في البوسنة وأوكرانيا. إذ أشار إلى أن الآثار المحتملة للحرب في أوكرانيا لن تتوقف عند حدود صياغة قواعد الأمن الأوروبي، وإنما ستنعكس على المؤسسات الأمنية العالمية كمجلس الأمن. معطيًا مثالًا برفع روسيا “الفيتو” ضد التصويت على التمديد السنوي لـبعثة “يوفور ألثيا”، المكلفة بالحفاظ على السلام والأمن في البوسنة. مؤكدًا أن السلوك الروسي في البوسنة يوضح طموحاتها وتكتيكاتها، بل وتطلعاتها في تأطير هيكل أمني دولي جديد يشمل المناطق التي تقوم فيها واشنطن وحلفاؤها بدور قيادي في مجال الأمن. مشددًا على ضرورة قيام الغرب بعدم السماح لروسيا بفرض شروط على الدول التي ترغب في الانضمام إلى المؤسسات الدولية. واختتم بضرورة استغلال مجلس الأمن من أجل الحفاظ على الوجود العسكري للاتحاد الأوروبي في البوسنة. ومن جانب آخر، أوضح أن ما تقوله موسكو بشأن تهدئة التصعيد يعد مجرد مزاعم، وذلك في تحليل بعنوان: استنتاجات روسية: مزاعم الكرملين التي لا أساس لها من الصحة بخفض التصعيد في أوكرانيا. إذ شدّد على أن إعلان روسيا في 15 فبراير الجاري بالانسحاب الجزئي للقوات الروسية من الحدود الأوكرانية مجرد مناورة. معتبرًا أن اتفاقية “مينسك” لا توفر أي أساس لسلام دائم. واختتم بأن التصريحات الغربية حول “التقدم الدبلوماسي” تولد قدرًا كبيرًا من التوتر في كييف وأجزاء أخرى من أوروبا الشرقية. وهي ذات النتيجة التي أكدها التحليل الذي أصدره (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى) بعنوان: الأزمة الأوكرانية لم تنتهِ بعد: روسيا كذبت في السابق بشأن سحب قواتها. أشار فيه إلى أن موسكو قد اعتادت، في أفغانستان أو سوريا أو غيرها من مناطق النزاع، أن تبقي نواياها وأفعالها مبهمة من خلال تصريحات كاذبة عن الانسحاب. موضحًا أنه على الرغم من التفاؤل الحذر في الغرب بشأن الإعلان عن انسحاب بعض القوات الروسية، إلا أن هذا التفاؤل في غير محله. معتبرًا أن إدارة “بايدن” محقة في عدم تصديقها الوعود الروسية بالانسحاب، وفي تشديدها على عدم وجود مؤشرات على وقف تصعيد حقيقي على الأرض. وفي السياق ذاته، اعتبرت بعض التحليلات أن الحديث عن انسحاب القوات الروسية ذو طابع إيجابي. فقد أوضح (المعهد الإيطالي لدراسات السياسة الدولية) في تحليله المعنون: أوكرانيا الخاصة: انسحاب القوات الأولى، أنه يُمكن ربط قرار موسكو بسحب بعض القوات من الحدود الأوكرانية بإيجابية ردود واشنطن على المطالب الأمنية التي تقدم بها الكرملين. كما أكد المستشار الألماني أن روسيا تمارس تصعيدًا على قضية ليست مطروحة بأي حال من الأحوال على جدول الأعمال، وهي انضمام أوكرانيا لـــ”الناتو”. لكنه على النقيض من ذلك، أشار في تحليل بعنوان: خاص روسيا وأوكرانيا: “بوتين” يعترف بالجمهوريات الانفصالية في دونباس، إلى استمرار مظاهر التصعيد الروسي عبر الاعتراف باستقلال جمهوريتي “دونيتسك ولوهانسك”، وكذا الإعلان عن استمرار التدريبات العسكرية في بيلاروسيا. معتبرًا أن الأوضاع على الأرض تشهد تدهورًا كبيرًا.
وفي سياقٍ موازٍ، ركزت بعض التحليلات على الآثار السلبية التي ستواجه روسيا جراء الأعمال التصعيدية التي تشنها ضد أوكرانيا، فقد أوضح (تشاتام هاوس) في تحليله المعنون: نهاية الألعاب الروسية ومعضلات “بوتين”، أن اقتصاد موسكو قد يتغلب على جولة جديدة من العقوبات لعدة سنوات، كما أن التوسع في أوكرانيا من شأنه أن يزيل حاجزًا حاسمًا بين روسيا و”الناتو”، فضلًا عن كونه تحقيقًا للإرث التاريخي والامتداد الإقليمي لروسيا. ولكن في المقابل، فإن مدى سهولة احتفاظ روسيا بالإقليم وتعزيز سيطرتها السياسية أمر مشكوك فيه، كما تجلب أيضًا تكاليف اقتصادية ودبلوماسية عالية المخاطر وطويلة الأجل لروسيا وللرئيس “بوتين” شخصيًا. واعتبر التحليل أن التدخل العسكري الروسي لا يزال أقل احتمالًا، وليس مرجحًا. ومع ذلك، لا يعني هذا أن سيناريو التدخل العسكري لن يحدث أبدًا. واتصالًا بذلك، قدم (المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية) تحليلًا بعنوان: لماذا يجب أن تأخذ حسابات روسيا في أوكرانيا بعين الاعتبار مرحلة ما بعد الصراع؟. أوضح فيه أن روسيا لا تمتلك خطة للتعامل مع التداعيات الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية للحرب. مضيفًا أن التدخلات الروسية السابقة والحالية تُظهر أن سياستها تركز على القوة العسكرية الحاسمة وسياسات القوة والمكاسب قصيرة المدى، في حين أن بناء السلام ليس ضمن مفردات الكرملين. معتبرًا أن موسكو غير جاهزة لفهم النطاق الكامل لسياق ما بعد الحرب، نظرًا لعدم مشاركتها في أية عمليات حفظ السلام أو إعادة الإعمار المتعددة الأطراف خلال العقود الثلاثة الماضية. وأكد أنه على خلاف ذلك، قد تضطر إلى الاكتفاء بدعم نظام صديق في كييف يترأس اقتصاد الدولة الفاشلة وإعادة الإعمار، لكن استدامة هذا السيناريو أمر مشكوك فيه.
وفي محاولات لتفكيك الأدوات التي يمكن أن تستند إليها موسكو، والأدوات العسكرية التي ستوظفها، طرحت بعض المراكز البحثية تحليلات بشأن ذلك؛ ومن أبرزها: التحليل الذي نشره (مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية) بعنوان: مقامرة روسيا في أوكرانيا. جادل فيه بأن روسيا تنتهج نهجًا مزدوجًا في أوكرانيا، يجمع بين حشد كبير للقوات التقليدية والأنشطة السرية غير النظامية. معتبرًا أنه إذا فشلت محادثات السلام فيمكن أن يساهم في امتداد التصعيد بين “الناتو” وروسيا إلى ما هو أبعد من أوروبا الشرقية، ويتضمن إجراءات انتقامية ذات طابع عالمي. موضحًا أنه من بين الأدوات التي يمكن أن يوظفها “بوتين”، إعادة تشكيل الهندسة العسكرية في كوبا أو فنزويلا. كما سعى (المعهد الملكي المتحد للخدمات) إلى تقديم رؤى تحليلية ذات طابع عسكري؛ فقد أكد في تحليل بعنوان: دور المدفعية في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، أن الصراع بين موسكو وكييف سوف ينطوي على استخدام مكثف للمدفعية التكتيكية من كلا الجانبين، حيث يتميز الجيش الروسي بأنه جيش مدفعي به الكثير من الدبابات، ويرجع ذلك إلى أن الكثير من أسلوب الحرب الروسي يعتمد على قدرة القوات البرية على استخدام أنظمة إطلاق النار التكتيكية والتشغيلية غير المباشرة لمواجهة قوات الخصم، وهو ما يتطلب من القوات الأوكرانية القيام بمهام نيران مضادة للبطاريات (مكافحة البطاريات)، وهي تتطلب معلومات استخباراتية بشأن ما هو خط التقدم الذي يمثل أخطر تهديد، ومركز الثقل الذي يمكن استهدافه، ومواقع بنادق العدو، وجع معلومات بشأن أصول الاستخبارات والمراقبة والاستحواذ على الهدف والاستطلاع (ISTAR). كما ركز في تحليل آخر بعنوان: خيارات الدفاع الجوي الأوكراني في حال وقوع هجوم روسي، على الفجوة في قدرة القوات الجوية بين روسيا وأوكرانيا. إذ أوضح أن قدرات الدفاع الجوي الأوكرانية لا تزال مقصورة إلى حد كبير على أنظمة أسلحة جو – جو، وجو – أرض من الحقبة السوفيتية. فيما يعتمد سلاح الجو الروسي على مقاتلات ذات تكنولوجيا متقدمة، إما أنها تم تصنيعها مؤخرًا أو شهدت برامج تطوير واسعة النطاق، وتعتمد على صواريخ نشطة وموجهة بالرادار أكثر حداثة وأطول مدى من أجل اشتباكات بعيدة المدى. مضيفًا أن الطيارين الروس اكتسبوا خبرة كبيرة في العمل في بيئة قتالية معقدة ومزدحمة في السنوات الأخيرة. واختتم التحليل بأن أوكرانيا لديها القليل من خيارات الدفاع الجوي الجيدة في مواجهة القوات الروسية.
- الارتدادات الغربية:
انقسم اشتباك مراكز الأبحاث الغربية والآسيوية مع البُعد الغربي للأزمة الأوكرانية بين بحث وتحليل مستوى الاستجابة الغربي للأزمة، ودوافع تباين التعاطي الغربي مع الأزمة، وبيان ارتدادها على المنظومة الأمنية الأوروبية، واختبارها لقدرات أوروبا على قيادة أمنها بعيدًا عن الولايات المتحدة، فضلًا عن مدى فاعلية العقوبات الغربية على روسيا، ودور القيم الغربية في مواجهة التطلعات الإمبراطورية الروسية. فبخصوص الاستجابة الغربية للأزمة، ركز تحليل (مؤسسة راند) بعنوان: المساعدة العسكرية الأمريكية لأوكرانيا: رصاصة فضية؟، على الأدوات التي يمكن أن توظفها واشنطن للتعامل مع الأزمة، موضحًا أن واشنطن كثفت المساعدات العسكرية لكييف، استنادًا لعدد من المبررات مثل كونها أداة لردع موسكو عن شن الهجوم، أو رفع التكاليف على موسكو حال قررت الهجوم. لكن هذه المبررات غير مقنعة انطلاقًا من الفجوة الكبيرة في التوازن العسكري بين روسيا وأوكرانيا لدرجة أن أي مساعدة قد تقدمها واشنطن في الأسابيع المقبلة ستكون غير ذات جدوى في مسار الصراع. وجادل التحليل بأن دعم واشنطن للتمرد الأوكراني يجب أن يكون الملاذ الأخير خلال نزاع ممتد، وليس محورًا للسياسة قبل أن يبدأ. وفي كل الأحوال، ستكون المساعدة العسكرية هامشية في التأثير على نتيجة الأزمة. لذا، فإن المسار الأنسب هو المسار الدبلوماسي. فيما شدد تحليل نشره (مركز التقدم الأمريكي CAF) تحت عنوان: كيف يجب أن ترد الولايات المتحدة إذا غزت روسيا أوكرانيا؛ على ضرورة أن تقود واشنطن ردًا قويًا على الغزو الروسي، إذ يجب أن يُنظر إلى القرار الروسي باللجوء إلى القوة على أنه هزيمة استراتيجية مدمرة اقتصاديًا وجيوسياسيًا للكرملين، لكن إذا وقع الغزو الروسي بنجاح وبتكلفة منخفضة، فقد يؤدي ذلك إلى تطبيع الصراع بين الدول، مما يؤدي إلى العودة إلى الجغرافيا السياسية للقرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. ومع استبعاد الخيارات العسكرية التي تبدو محدودة نسبيًا، هناك مجموعة من الخطوات الاقتصادية المهمة والمؤثرة؛ مثل: استهداف ثروة الأوليجاركية، ووضع ضوابط صارمة على صادرات التكنولوجيا، وشن حملة عقوبات اقتصادية متواصلة ضد موسكو، والضغط على أوروبا لتقليل الاعتماد على الغاز الروسي، ودعم المقاومة الأوكرانية، وتعزيز قدرات “الناتو”، وشن حملة دبلوماسية لعزل روسيا، والحفاظ على الحوار الدبلوماسي مع روسيا، وأخيرًا إنشاء مجموعة عمل تدابير نشطة جديدة مشتركة بين الوكالات في البيت الأبيض لتتبع جهود النفوذ الروسي ومراقبتها وكشفها ومكافحتها. بينما رأى (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى) في تحليل بعنوان: كيف نجعل روسيا تدفع الثمن في أوكرانيا؟ ندرس ما حصل في سوريا؛ أنه من الضروري لواشنطن أن تُظهر لـ”بوتين” أنّ تدخله المحدود في سوريا وإفلاته منه لن يتكرر هذه المرة، بل ما يحدث سيؤدي إلى استحكام جوهري لحلف “الناتو” وإلى انتكاسات استراتيجية كبيرة. ففي سوريا، لم ينجح الغرب في رفع تكاليف الانخراط العسكري الروسي، مما سمح لموسكو بترسيخ وجودها العسكري. لذا، يجب على “الناتو” زيادة قواته وقدراته ليس في أوروبا الشرقية فحسب، بل في البحر المتوسط أيضًا. وفي تحليل آخر بعنوان: هل حان الوقت للتعامل بقسوة مع روسيا؟، أوضح المعهد أنه إذا أرادت واشنطن أن يتصرف “بوتين” بشكل مختلف، فعليها أن تظهر قدرًا أقل من سياسة “تجنب المخاطر”، سواء في مناطق النزاع الواقعة في أوكرانيا أو في الشرق الأوسط مثل سوريا والعراق، مجادلًا بأن استشعار “بوتين” للضعف الغربي جعله واثقًا بشكل متزايد، سيما مع نفور واشنطن من المخاطر، وتفضيلها الحوار على المواجهة. ومن ثم فإن الحل يتطلب مزيدًا من الحزم في السياسة الأمريكية، حتى وإن تسبب ذلك في مزيد من التصعيد. فيما ركز (معهد بروكينجز) على خطوات واشنطن الاستباقية لكشف الخدع الروسية، وفي تحليل نشره بعنوان “استباق “بوتين”.. حملة واشنطن للكشف عن المعلومات الاستخباراتية تعقد خطط موسكو الخاصة بأوكرانيا“، أوضح أن الكرملين يخطط لإنتاج فيلم وهمي من شأنه أن يخلق ذريعة للتدخل في أوكرانيا، وهو ما تعاملت معه إدارة “بايدن” بإطلاق حملة استباقية لاستدعاء خدع الكرملين، أملًا في إحباط خطط موسكو. ولا تخلو هذه الاستراتيجية من سلبيات، فمشاركة المعلومات في الوقت الفعلي، يخاطر بالكشف عن مصادر وأساليب مهمة لجمع المعلومات الاستخبارية. وعلى المدى الطويل، قد تساهم هذه الاستراتيجية في تقويض مصداقية واشنطن وتصريحاتها. وأخيرًا، فإن شن الحملة الاستباقية للإفصاح عن المعلومات التي تقوم بها واشنطن قد لا يمنع “بوتين”، أو يقطع طريق اللوم على إدارة “بايدن”، لكنها مهمة بشأن تعقيد الخيارات أمام “بوتين”.
واهتمت بعض التحليلات بقدرة الدول الآسيوية الحليفة للغرب على تشكيل تحالف دولي لتقديم استجابة اقتصادية سريعة وفعالة للغزو الروسي، فقد رأى تحليل بعنوان: كيف يمكن لليابان وكوريا الجنوبية المساهمة في الرد الدولي على الغزو الروسي لأوكرانيا، نشره (مركز التقدم الأمريكي)، أن حلفاء واشنطن في آسيا هم نقاط مهمة في الشبكات الاقتصادية العالمية التي يمكن أن تكون ساحات لإدارة الصراع مع روسيا، كما أن اليابان وكوريا الجنوبية هما أيضًا ضمن أقوى الديمقراطيات في العالم. ومع ذلك، فإن رد الفعل الخافت لشركاء واشنطن في آسيا على ضم القرم في عام 2014 يؤشر على أن إدارة “بايدن” لا تستطيع افتراض أن حلفاءها الآسيويين البارزين سيكونون مشاركين متحمسين في فرض العقوبات، لكن هناك خطوات معقولة يمكن اتخاذها مثل: زيادة الدعم المالي لأوكرانيا والحكومات المجاورة، وتعليق العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع روسيا، وتشجيع الحليفين على تحسين تشريعاتهما المحلية لمكافحة غسيل الأموال.
وبشأن تقييم فاعلية الاستجابة الغربية للتهديدات الروسية بالغزو، رأى تحليل بعنوان: لماذا ليس لأوروبا رأي في الأزمة الروسية الأوكرانية؟، نشره (المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية)، أن أوروبا ليست حاضرة على الطاولة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الأزمة الروسية الأوكرانية، ويرجع ذلك إلى أن الأزمة جاءت في لحظة غير مناسبة بشكل خاص للحكومات الرئيسية في أوروبا؛ فرئيس الوزراء البريطاني مستغرق في فضيحة سياسية داخلية تهدد قبضته على السلطة، والحكومة الفرنسية مقبلة على انتخابات وترى كل شيء من خلال تلك العدسة، والحكومة الائتلافية الألمانية جديدة ومنقسمة ولا سيما فيما يتعلق بمسألة روسيا. علاوة على غياب التوازن في العلاقات عبر الأطلسي نتيجة لتفوق عناصر القوة الأمريكية مقارنة بحلفائها الغربيين منذ الأزمة المالية العالمية لعام 2008؛ ويشمل ذلك حجم نمو الاقتصاد، ودرجة الاعتماد على الدولار في معاملات الصرف الأجنبي العالمية، والهيمنة التكنولوجية للولايات المتحدة على أوروبا، وخسارة الأوروبيين للقوة العسكرية مقارنة بالولايات المتحدة، والانقسامات المزمنة في أوروبا التي أدت لإضعاف الاتحاد والمملكة المتحدة. وزعم التحليل أنه دون باريس وبروكسل، فإن كل شخص تقريبًا في أوروبا بحاجة ماسة لقيادة الولايات المتحدة، حتى لو كانت لديهم وجهات نظر مختلفة حول ما يجب أن تفعله واشنطن، وهو ما يؤكد وجهة النظر الروسية القائلة بأنه لا توجد حاجة للتعامل مع الأوروبيين ويجب على المرء فقط التحدث مع الأمريكيين. ومع ذلك، سيكون هذا الخلل المتزايد في القوة في العلاقة عبر الأطلسي مشكلة كبيرة للولايات المتحدة على المدى البعيد، ففي عالم تتزايد فيه المنافسة الجيوسياسية، تحتاج الولايات المتحدة إلى حلفاء أوروبيين يديرون الشئون الأمنية الأوروبية بمساعدة أمريكية أقل، لكن تستطيع التركيز على التحدي الذي تمثله الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وجادل تحليل آخر (للمجلس الأوروبي) بعنوان: يعرف “بوتين” بالضبط ما يريده في أوروبا الشرقية – على عكس الغرب، بأن أحد أسباب ضعف الاستجابة الغربية للتهديد الروسي هو إمضاؤه سنوات منذ عام 2008 يفشل في الاختيار بين نموذجين مختلفين للنظام في أوراسيا هما هلسنكي ويالطا. ونظريًا، يؤيد الجميع في الغرب نموذج هلسنكي القائم على أن أوروبا تتكون من دول ديمقراطية متساوية وذات سيادة ومستقلة وتحترم سيادة القانون وتلتزم بحل جميع النزاعات بالوسائل السلمية، بينما يقسم نموذج يالطا أوروبا إلى مناطق نفوذ غربية وشرقية. وأوضح التحليل أنه منذ أن أدى الخلاف الكبير بين الغرب في قمة “الناتو” لعام 2008 إلى التسوية الرديئة، واعتبر التحليل أن الغرب يحتاج إلى اتخاذ القرار الاستراتيجي واتباع نموذج هلسنكي، إذ يجب على الدول الأعضاء حاليًا في الاتحاد الأوروبي وحلف “الناتو” أن تكرس نفسها لتحقيق هدف أوروبا الكاملة والحرة، ويتمثل أحد المكونات الأساسية لهذه الرؤية طويلة المدى في الانفتاح على روسيا الديمقراطية ما بعد “بوتين” فعندما اقترح بعض كبار رجال الدولة من المؤسسة الأمنية الألمانية أن عضوية “الناتو” يجب أن تُعرض على روسيا، فإنهم كانوا على حق تمامًا، ففي مواجهة قوة عظمى صينية هناك كل الأسباب التي تجعل روسيا الديمقراطية عضوًا مرغوبًا للغاية في تحالف أمني دفاعي يربط بين أمريكا الشمالية وأوروبا وأوراسيا. كذلك قدم (المجلس الأوروبي) تحليلًا نقديًا للاستجابة الألمانية للخطوات التصعيدية الروسية، وتحت عنوان: لا تذكر الحرب في أوكرانيا: صورة ألمانيا المتدهورة في واشنطن، قال المركز إن إدارة “بايدن” ليست قلقة بشأن الموقف الألماني من أوكرانيا، في حين يراه الكونجرس موقفًا متناقضًا، فبينما يرسل قادتها إشارات بشأن الديمقراطية يعتمد اقتصادها على الغاز الروسي ويأخذ سياسيوها المزيد من العملات المعدنية الروسية. ورغم أنها اتبعت نهجًا منخفض المستوى تجاه الأزمة علنًا، يبدو أنها طمأنت الولايات المتحدة بأنها مستعدة لتحمل العواقب المؤلمة المترتبة على حزمة عقوبات روسية قوية. وأكد التحليل أنه حتى لو كانت إدارة “بايدن” راضية حاليًا عن ألمانيا التي تقوم بالحد الأدنى، فليس هذا أساسًا لبناء نموذج قيادة جديد للنظام الأمني الأوروبي، وفي ظل أي رئيس جمهوري مستقبلي في الولايات المتحدة، ستمثل السياسة الخارجية الألمانية شبه المسالمة والموجهة بالقيم عبئًا كبيرًا في علاقاتها مع واشنطن. وبالتالي يجب أن ترقى ألمانيا إلى مستوى التحدي وتُظهر للولايات المتحدة وحلفائها الآخرين أنها لا تخشى ذكر تلك الحرب، وأن بإمكانها أن تصبح زعيمًا مسئولًا في أوروبا.
وفيما يتعلق بتأثيرات الأزمة على النظام الأمني الأوروبي، جادل تحليل (المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية) بعنوان: لماذا يمكن للحرب في أوكرانيا أن تعيد تشكيل النظام النووي الأوروبي، بأن مصير أوكرانيا قد يغير النظام النووي الأوروبي؛ فإذا شنت موسكو عملية عسكرية ضد أوكرانيا فإنها ستكون ذات بُعد نووي وهو ما يُمكن الاستدلال عليه من إجراء التدريبات النووية السنوية والإشارات التي تطلقها الصحافة والإعلام الروسي بشأن القدرات النووية للبلاد التي لا يُمكن هزيمتها، علاوة على أن أي هجوم روسي من شأنه تعريض المحادثات بين واشنطن وموسكو للخطر بشأن الاستقرار الاستراتيجي واتفاقية متابعة لمعاهدة نيو ستارت، أما إذا تخلى “بوتين” عن مطالبه المتطرفة بإجراء مراجعة شاملة للنظام الأمني الأوروبي واستقر على أجندة معدلة للحد من التسلح، فقد تخرج أوروبا من الأزمة بنظام نووي أكثر استقرارًا ويمكن التنبؤ به. واعتبر تحليل آخر نشره المركز نفسه بعنوان: كيف يمكن للأزمة الروسية الأوكرانية أن تغير السياسة الأمنية السويدية؟، أن خطر الحرب في أوكرانيا أشعل من جديد الجدل السويدي بشأن عضوية “الناتو”؛ فمعارضو هذا التوجه يجادلون بأن هذه الخطوة ستزيد التوترات في منطقة البلطيق، وأن عدم العضوية سيوفر للسويد قدرًا أكبر من المرونة الاستراتيجية على المدى الطويل بينما ستفرض السياسة النووية لحلف “الناتو” التزام البلاد طويل الأمد بنزع السلاح النووي، علاوة على أنه ليس من الحكمة الانضمام إلى تحالف يقدم ضمانات أمنية لتركيا. وعلى الجانب الآخر، يرى المؤيدون أن الانضمام من شأنه إضفاء الطابع الرسمي على التعاون الوثيق بين الجانبين، وأن المادة 5 من معاهدة تأسيس “الناتو” بشأن الدفاع المتبادل ستوفر للسويد ما يكفي من الأمن، وأن الهواجس الواسعة النطاق بشأن العضوية مبالغ فيها. ومع ذلك، تركز مناقشة السويد حول عضوية “الناتو” أيضًا على فنلندا، فكلا البلدين لديهما سياسات أمنية متشابهة، وهما غير منحازين عسكريًا، ويشتركان في تعاون دفاعي بعيد المدى. كذلك، انضمت السويد إلى مبادرة التدخل الأوروبي التي أطلقتها فرنسا، ووقعتا مؤخرًا خطاب نوايا بشأن التعاون الدفاعي، انطلاقًا من شعورها بأن فرنسا لديها اهتمام متزايد بمنطقة البلطيق، وشكوكها بشأن صمود التزام الولايات المتحدة بالأمن الأوروبي بعد إدارة “بايدن”، لكن مع وجود “بايدن” في البيت الأبيض، فمن غير المرجح أن تتغير السياسة السويدية بشأن الدفاع في الاتحاد الأوروبي كثيرًا، أما إذا ظلت الديمقراطية الأمريكية غير مستقرة واكتسب السياسيون على غرار ترامب المزيد من الزخم، فقد تغير السويد موقفها تدريجيًا بشأن دفاع الاتحاد الأوروبي. بينما على جانب آخر، أظهر استطلاع رأي أجراه (المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية) في أواخر يناير 2022 ونشره تحت عنوان: أزمة الأمن الأوروبي: ما يعتقده الأوروبيون بشأن الحرب في أوكرانيا، وجود إجماع مفاجئ على الأزمة الأوكرانية بين الأوروبيين، حيث يتفقون على أنه من المرجح أن تغزو روسيا أوكرانيا في عام 2022، وأن على الدول الأوروبية واجب الدفاع عن أوكرانيا، واعتبر التحليل أن نتائج الاستطلاع تُظهر نجاح “بوتين” في طرح مسألة النظام الأمني الأوروبي على الطاولة. وبحسب الاستطلاع، سيفسر الأوروبيون غزوًا روسيًا آخر لأوكرانيا على أنه هجوم ليس فقط على دولة مجاورة ولكن على النظام الأمني الأوروبي نفسه، وبالتالي يعتقد الباحثون أنه يجب حماية هذا النظام. وإجمالًا، تشير نتائج الاستطلاع إلى أربع ملاحظات أساسية: أن الحرب في أوروبا لم تعد مستحيلة، وأن أوروبا يجب أن ترد على العدوان الروسي، وأن أكبر مخاوف الأوروبيين فيما يتعلق بالأزمة تختلف من بلد إلى آخر، وأن الحكومات الأوروبية بحاجة إلى التخطيط لحالات طوارئ مختلفة لتخفيف العبء عن المواطنين العاديين.
أما بشأن التبعات العامة للأزمة على الغرب، فقد بيَّن تحليل بعنوان: الدبلوماسية الأوروبية وأزمة أوكرانيا: خيارات محدودة واختبار التماسك نشره (المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية)، أن الحرب في أوكرانيا ستحمل تأثيرات غير مباشرة على الدول الأوروبية الأخرى من حيث: تدفق اللاجئين، والانقطاع في إمدادات الغاز من روسيا قد يخنق التعافي الاقتصادي من الجائحة، وزيادة العداء من جانب روسيا الذي من شأنه أن يخلق تحديات جديدة ليس فقط على طول الجانب الشرقي لحلف “الناتو” ولكن أيضًا بشأن قضايا مثل الاتفاق النووي الإيراني وليبيا ودول البلقان. ومع ذلك، لعب الأوروبيون أدوارًا محدودة في الأزمة وبدت مبادراتهم الدبلوماسية وكأنها عرض جانبي للمفاوضات الرئيسية بين الولايات المتحدة وروسيا، وقد كان الافتقار إلى موقف أوروبي متماسك سببًا رئيسيًا للدور المحدود للدبلوماسية الأوروبية خلال الأزمة، لكن التحدي يكمن أيضًا في أن روسيا لم تُظهر اهتمامًا يُذكر بالتعامل الحقيقي مع الأوروبيين. كذلك، سلطت (مؤسسة راند) الضوء في تحليل بعنوان: قد يؤدي غزو أوكرانيا إلى اندلاع أزمة لاجئين ضخمة، على احتمال اندلاع أزمة لاجئين أو هجرة ضخمة إذا حدث الغزو، وتوقعت حدوث توغل روسي كبير في عام 2022 في وسط وغرب أوكرانيا بشكل مختلف تمامًا ينتج عنه تدفقات سكانية كبيرة، بما في ذلك إلى البلدان المجاورة، ومعظمها دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي وقد تحمل تأثيرات سياسية تتعلق بتعزيز الحركات اليمينية والقومية. ولفت التحليل إلى أن الدول المجاورة والاتحاد الأوروبي و”الناتو” قد ترغب في العمل على تخفيف الأزمة عبر تفعيل الخطط الوطنية للكوارث، ويمكن أيضًا نقل مخزونات الإغاثة عن طريق البر والسكك الحديدية، بما في ذلك إلى غرب أوكرانيا.
وركز أحد اتجاهات متابعة مراكز الأبحاث على دلالات تباينات الاستجابة الأوروبية للأزمة، فقد فنّد تحليل (المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية) المعنون: هل سيوحد “بوتين” أوروبا؟ مخاوف وتطلعات الدول الأوروبية من الأزمة؛ فبولندا تخشى موجة لاجئين جديدة، وفرنسا والسويد تشغلهما الهجمات الإلكترونية، أما ألمانيا وإيطاليا فتخشيان أزمة طاقة، ويقلقهما إلى جانب النمسا واليونان تأثيرات الصراع السلبية على إقامة علاقات طبيعية مع روسيا. بينما تقف برلين ممزقة بين قيمها الغربية وتضامنها مع أقرانها في أوروبا الوسطى والشرقية وتقاليدها السلمية في فترة ما بعد الحرب. فيما تستغل فرنسا الأزمة لإثبات الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي وتلميع صورة “ماكرون” قبل الانتخابات الرئاسية. أما الولايات المتحدة فهدفها تقليل الموارد والوقت اللازمين للتعامل مع الأزمة. ومع ذلك، فإن هذه الاختلافات تكمن وراءها المصالح الرئيسية المشتركة للأوروبيين وتتلخص في منع أي حرب أخرى في أوروبا، والحفاظ على مصداقية “الناتو”، وإنقاذ أوكرانيا. أما مركز (تشاتام هاوس) فتناول دلالات الموقف البريطاني من الأزمة في تحليل بعنوان: يكشف رد أوكرانيا أن أمن أوروبا آخذ في التغير، رأى أن استجابة بريطانيا السريعة والجوهرية اعتبرت رمزًا قويًا لمصداقيتها في مواجهة الانقسام الأوروبي، كما أنها تكشف عن تطورات أعمق في المشهد الأمني الأوروبي الحالي، حيث كانت دول الاتحاد الأوروبي تخشى أن تختار بريطانيا الغياب بعد خروجها من الاتحاد، لذلك هناك ارتياح لأن أزمة أوكرانيا أظهرت أن بريطانيا ملتزمة بلا شك بالمنطقة، لكن عليها بذل المزيد من الجهد لكسب ثقة أكبر لاعبي الاتحاد الأوروبي، وهما فرنسا وألمانيا، بعد تدهور العلاقات مع باريس على إثر خلفات الصيد والمهاجرين وتحالف “أوكوس”، وألا تستخدم أزمة أوكرانيا كفرصة لتسجيل النقاط الجيوسياسية أمام ألمانيا. وجادل التحليل بأن بريطانيا في وضع جيد لدعم أنشطة “الناتو” مع الحفاظ على المرونة والاستقلال نظرًا لعلاقاتها بالدول الاسكندنافية ودول البلطيق، وامتلاكها علاقات دبلوماسية وتكنولوجية وتبادل معلومات استخباراتية مع الولايات المتحدة، وهو أمر مهم للتعامل مع التهديد الروسي.
وقد حظيت مدى فاعلية العقوبات باهتمام المراكز الغربية، حيث تطرق تحليل (المعهد الملكي للخدمات المتحدة) المعنون: تحويل الأقوال إلى أفعال: روسيا وأوكرانيا وخيارات العقوبات المالية، للتباينات بين أنظمة العقوبات في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بما يقلل من فاعلية العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، وبالتالي فإن الخيار الأول لواضعي السياسات في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة الذين يسعون إلى زيادة تأثير العقوبات هو سد الفجوات المختلفة وضمان توافق دولي أقوى، فضلًا عن ضرورة قطع وصول البنوك الروسية إلى نظام “سويفت”، وهو أمر سيؤثر على النظام المالي الغربي أيضًا.
وعن السيناريوهات المحتملة لتسوية الأزمة فإنها انقسمت إلى خطوات سابقة على الغزو الروسي وأخرى تفترض حدوثه، وقد مثَّل تحليل بعنوان: هل ستكون هناك لحظة ميونيخ في الأزمة الروسية الأوكرانية، نشره (المجلس الأطلسي) الاتجاه الأول، حيث رأى أن المشهد الحالي يمهد الطريق لصفقة دبلوماسية عالية المخاطر، مثل ميونيخ في عام 1938، حينما كانت وسائل الإعلام الدولية والجمهور يراقبون مثل هذه المحادثات الجارية بشكل مكثف، لكن المحادثات الحقيقية ستجري سرًا خلف أبواب مغلقة. ولفت إلى أنه إذا كانت هناك جولة أخيرة من الدبلوماسية عالية المخاطر، فسيتخذ “بايدن” أحد أهم القرارات في رئاسته في كيفية اختياره الرد على مناورة “بوتين” الدبلوماسية في اللحظة الأخيرة. كما ظهر في ميونيخ في عام 1938، فإن اختيار سلام قصير الأمد واسترضاء طموحات المستبدين ليس هو الحل الأفضل. معتبرًا أن مثل هذه اللحظات تُمثل اختبارًا للقادة على المسرح العالمي، مثلما حدث في اختبار ميونيخ 1938 التي تردد صدى فشلها على مدى قرن تقريبًا. كذلك، سار على النهج نفسه (تشاتام هاوس) الذي نشر تحليلًا يقيم فاعلية اتفاق “مينسك 2” لحل الأزمة دون تطورها إلى نزاع عسكري، وأكد في التحليل الذي حمل عنوان: لماذا لا تستطيع مينسك-2 حل أزمة أوكرانيا؟ أن الالتزامات التي تنص عليها الاتفاقية تنتقص من سيادة أوكرانيا على أراضيها وتهدد الاستقرار السياسي في البلاد، وبالتالي يفهم ضمنًا أنها لا تقدم حلًا توافقيًا للنزاع، وعليه طالب التحليل الحكومات الغربية بألا تتفادى الخلاف الجوهري حول السيادة في “مينسك -2″، ودعم تفسير كييف لمينسك -2. ومن جهتها، أكدت (مجموعة الأزمات الدولية) في تحليل بعنوان: روسيا وأوكرانيا: الدبلوماسية هي أفضل أمل للخروج من أزمة أعمق، أن الحرب ستؤدي إلى تبعات سلبية على كافة الأطراف، فأوكرانيا ستعاني من الفوضى الدموية، وستشهد موجة نازحين ولاجئين، وستكون التكاليف البشرية والاجتماعية والاقتصادية كبيرة وطويلة الأمد. كما ستواجه روسيا مخاطر كبيرة تشمل المقاومة العسكرية والمدنية الأوكرانية لقواتها، وتكبد تكاليف نتيجة الإجراءات الاقتصادية والعسكرية التي أشارت الدول الغربية إلى أنها ستتخذها ردًا على تصعيد يتجاوز بكثير العقوبات السابقة، وهو ما قد يثير الغضب الشعبي ضد “بوتين”. كما ستتعرض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي أيضًا لضربة اقتصادية. وأخيرًا، فإن التصعيد في أوكرانيا الآن سيعني بلا شك تصعيدًا في التوتر في أماكن أخرى من أوروبا مما يجعل البيئة الأمنية المهتزة بالفعل أقل استقرارًا. وخلص التحليل إلى أن الدول الغربية وأوكرانيا لديهما ثلاثة خيارات لمنع التصعيد، لكن من غير المرجح أن يتخذوهم. الأول هو إعطاء روسيا ما تريد وهو خيار مستبعد تمامًا. والثاني هو التهديد بعمل عسكري من قبل الدول الأعضاء في “الناتو” لدعم أوكرانيا وهو خيار غير مطروح على الطاولة. والثالث هو دفع أوكرانيا للالتزام بالحياد بحيث لا تسعى أبدًا إلى عضوية “الناتو”، وهو خيار خاضع للتوجهات السياسية للحكومات الأوكرانية. لكن بشكل عام، فإن اختيار الدبلوماسية هو الطريق الصحيح، وإذا نجحت يُمكن أن تخرج أوروبا من هذه الأزمة بوعود بأمن أكثر مما تتمتع به الآن، ويجب أن تقترن المحادثات حول الهيكل الأمني الأوروبي بالمفاوضات حول الحرب المستمرة في الدونباس بالنظر إلى أن التقدم في أحدهما يمكن أن يسهل التقدم من جهة أخرى. وأيضًا، رأت دراسة (معهد الدراسات والتحليلات الدفاعية) بعنوان: أهمية تنسيق نورماندي للمحادثات في الأزمة الأوكرانية، أن صيغة نورماندي تحظى بأهمية خاصة كونها الشكل الوحيد الذي يتحدث فيه الرئيس الأوكراني مباشرة مع نظيره الروسي، وأكدت أنه بالنظر إلى طبيعة الصراع بين روسيا وأوكرانيا، وتصلب مواقف أوكرانيا وروسيا، وتهميش وانقسام الاتحاد الأوروبي، وتعقيد علاقات روسيا مع لاعبين مختلفين في الغرب؛ فإن صيغة نورماندي تقدم بالفعل مساحة “باريتو الأمثل” لأي حل مستدام نحو التسوية، ويجب تقييم كفاءتها من حيث منع “حرب كبرى” في أوروبا، وتطوير آليات التسوية مثل اتفاقيات مينسك وخط وقف إطلاق النار. وأوضحت الدراسة أن فعالية صيغة نورماندي تزيد بالاقتران مع الجهود الدبلوماسية الأخرى مثل مجلس “الناتو” وروسيا، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والمحادثات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وروسيا. أما الاتجاه المتعلق بسيناريوهات ما بعد الغزو، فمثله تحليل نشرته (مؤسسة راند) بعنوان: خياران في أوكرانيا، أوضح أن هناك خيارين؛ الأول حال وقوع غزو حينها يُمكن أن تسهل إرادة الأوكرانيين للمقاومة تمردًا طويل الأمد قابلًا للحياة، وسيكون بإمكان كييف تدريب وتجهيز وحدات الدفاع المحلية للمقاومة اللا مركزية، كما قد تستخدم طائرات بدون طيار صغيرة للتوعية بميدان المعركة. والثاني، حال عدم الغزو، فقد تستفيد أوكرانيا من أي تهدئة للقيام باستثمارات دفاعية؛ يمكن أن تحصن مواقع القتال المموهة، والجسور الجاهزة والبنية التحتية الأخرى للهدم السريع، كما يمكن لأوكرانيا تحديث قدراتها العسكرية بشكل أكبر، بما في ذلك من خلال السعي للحصول على مساعدات عسكرية موسعة، وبناء المزيد من الدعم الدبلوماسي من الغرب. وفي سياق مشابه، افترض تحليل (مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية) بعنوان: تحليل السيناريو على التمرد الأوكراني، اندلاع تمرد أوكراني نتيجة للغزو الروسي، مؤكدًا أن الدعم الخارجي يُعد عاملًا حاسمًا في نجاح أي تمرد، والذي يُمكن أن يتخذ أشكالًا عديدة: الملاذ الآمن، والدعم المالي، وتسليم العتاد، والدعم الاستخباراتي، والتدريب. واعتبر التحليل أن عدم تقديم أي دعم للتمرد المفترض سيزيد من الخطر على المدى المتوسط المتمثل في تشجيع موسكو على مواصلة تهديداتها لأوروبا بلا هوادة، فيما سيلهي دعم التمرد موسكو عن جهودها المستمرة لتقويض الغرب، مع إرسال إشارة واضحة مفادها أن التحالفات الغربية لن تنهار في مواجهة عدوانية موسكو، كما سيزيد من التكاليف المحلية لـ”بوتين”، نتيجة للخسائر البشرية والمادية، كما سيرسل رسالة لبكين حول تايوان، مفادها أن تغيير الحدود بالقوة لن يمر بهدوء.
وظهر اتجاه يقيم فاعلية دور “الناتو” في الأزمة مثله (مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية) في تحليل بعنوان: “الناتو” وأوكرانيا: إعادة تشكيل “الناتو” لمواجهة التحدي الروسي والصيني، أشار فيه إلى أن واشنطن و”الناتو” ليسا مستعدين لتحدٍّ عسكري خطير من قبل موسكو، وأن واشنطن كانت قد ارتكبت خطًا سيئًا في ظل إدارة “ترامب” من خلال التركيز على تقاسم الأعباء بدلًا من التطوير، ورأى أن “الناتو” لا يبذل أي جهد جاد في العالم الحقيقي لتحسين قدراته، وبالتالي بغض النظر عن الأزمة الحالية، يحتاج “الناتو” إلى بذل جهود أكثر فاعلية لتحسين قدراته، والتعامل مع التحديات المرتبطة بالتقنيات الناشئة.
وفيما يخص دور القيم الغربية في مواجهة التطلعات الإمبراطورية الروسية، رأى (المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية) في تحليل بعنوان: السعي وراء الرؤية: كيف يجب على أوروبا حماية أمنها، أنه لا يُمكن فصل الأزمة الروسية الأوكرانية عن التطور السياسي في أوروبا منذ انهيار الإمبراطورية السوفيتية، حيث اعتبرها فصلًا جديدًا من الصراع بين الديمقراطية والحريات المدنية والاستبدادية، إذ تتحرك روسيا تجاه أوكرانيا انطلاقًا من نهج “بوتين” الاستبدادي الذي يرغب في البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة، ويتمثل جزء أساسي من نهجه في تهديد ليس فقط المعارضين المحليين بل البلدان المجاورة أيضًا. وأكد التحليل أنه يجب على الاتحاد الأوروبي فعل الكثير لتحسين المرونة الاقتصادية والسياسية لأوكرانيا، وفي الوقت نفسه تطوير أفكار جديدة للتعاون الصادق مع روسيا. كما يتعين على الدبلوماسيين الأوروبيين مواصلة الكفاح الأيديولوجي ضد النزعات القومية والمناهضة للديمقراطية خارج الاتحاد الأوروبي وداخله.
وأخيرًا، أشارت بعض التحليلات لوجود خلافات بين الرئيسين الأمريكي “بايدن” والأوكراني “زيلينسكي” بشأن احتمال شن روسيا هجومًا عسكريًا على أوكرانيا، وذلك خلال المرحلة السابقة للاحتياج الروسي للأراضي الأوكرانية بوجود، وقد أرجع تحليل (المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية) المعنون: حجج ودية: خلاف “بايدن” و”زيلينسكي” بشأن التهديد من روسيا، هذا الخلاف لعدة أسباب منها: اعتماد تقييم “بايدن” على اعتراض المخابرات الأمريكية للاتصالات والخطط الروسية، بينما ركز “زيلينسكي” على حجم نشر القوات الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية وهو تقدير مضلل بالنظر لعمليات التخفي الروسي، علاوة على التقديرات الخاطئة لخبراء الدفاع الأوكرانية التي تعتقد أن القوات الروسية المنتشرة بالقرب من الحدود ليست كبيرة بما يكفي لغزو واحتلال البلاد، وأن القوات المسلحة الأوكرانية سبق وأن صمدت في اشتباكات تكتيكية مع الجيش الروسي، وبالتالي فإن قواتها قادرة على صد أي هجوم، وهو تقدير يتغافل عدم امتلاك أوكرانيا قوات جوية متطورة، وتقادم وحدات الدفاع الجوي بحيث يمكن للمقاتلات الروسية رصدها وتدميرها قبل الهجوم. وتتجسد مظاهر الخلافات في اعتقاد الخبراء الأوكرانيون أن الحشد العسكري الروسي مصمم لتحويل الانتباه بعيدًا عن الأشكال الأخرى لزعزعة الاستقرار، مثل: الهجمات الإلكترونية، والهجمات الإرهابية، ومحاولات التحريض على الاضطرابات والدعاية والإكراه الاقتصادي والضربات البحرية والضربات الجوية ضد الأهداف الاستراتيجية، فيما يؤكد المحللون الأمريكيون أن روسيا تستعد لشن هجوم على أوكرانيا. وأخيرًا، يعود الموقف الأوكراني المتحفظ إلى خشيتها استجابة الغرب للمطالب الروسية لتجنب الحرب، وبالتالي يكافئون موسكو على تهديداتها، ولعل هذا أحد أسباب نظرتها القلقة لإحياء صيغة نورماندي.
- إعادة تشكيل النظام الدولي:
تجري على الأراضي الأوكرانية عملية مراجعة لمعادلة توازن القوى التي ترسخت عقب انتهاء الحرب الباردة ومنحت هيمنة مطلقة للولايات المتحدة على النظام الدولي، بشكل بات لا يعكس توزيع عناصر القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية الذي يميل لصالح المحور الشرقي “روسيا والصين”، وعليه يتشارك البلدان في هدف إعادة تشكيل نظام دولي لا تُهيمن عليه الولايات المتحدة بمفردها، ويراعي تطلعهما للعب أدوار قيادية داخله. وقد حظي هذا البُعد باهتمام مراكز الأبحاث الغربية والآسيوية أثناء معالجتها لمحركات السلوك الروسي في الأزمة، وانعكاساته على القضية التايوانية التي ربما تحمل أبعادًا مشابهة للأزمة الأوكرانية. وقد رأى تحليل (المجلس الهندي للعلاقات العالمية) بعنوان: هل أصبحت الجغرافيا السياسية العالمية متعددة الأقطاب؟ أن قمة 4 فبراير التي جمعت الرئيسين الروسي “فلاديمير بوتين” والصيني “تشي جين بينج” تكتسب أهمية في ضوء الخلافات الجادة بين الزعيمين مع الغرب بشأن مجموعة من القضايا من تايوان إلى أوكرانيا، ومن الأمن والاقتصاد إلى التكنولوجيا، معتبرًا أن تحول المأزق الدبلوماسي بشأن أوكرانيا إلى صراع عسكري، أو إذا اختارت الصين السيطرة على تايوان بالقوة، سوف يعمق خطوط الصدع بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي الصاعد، وهو ما يكسب التقارب الاستراتيجي بين موسكو وبكين أهمية متزايدة. وبشأن التأثيرات المتبادلة بين القضيتين الأوكرانية والتايوانية، جادل تحليل (المعهد الملكي للخدمات المتحدة) بعنوان: مصير أوكرانيا وتايوان غير مرتبطين، بأن الافتراض القائل بأن جيش التحرير الشعبي يمكنه الاستفادة من حالة الطوارئ في أوروبا لفرض أمر واقع سريع ضد تايوان يتجاهل جملة من الحقائق العسكرية، تتعلق بالأبعاد الزمنية اللازمة للقيام بهجوم برمائي، حيث إن وضع القوات في حالة استعداد كافٍ للقيام بغزو أراضٍ معادية يستغرق وقتًا طويلًا في ظل أفضل الظروف، كما سيطلب أي تقدم عسكري صيني التغلب على 450 ألف مدفع تقريبًا، وبالتالي فإن أي عملية متسرعة للسيطرة على تايوان سيكون بمثابة كارثة غير مدروسة لا يحتمل أن يحاول جيش التحرير الشعبي الصيني القيام بها. علاوة على أن الافتراض القائل بأن عدم قدرة الغرب على إظهار الردع في أوكرانيا سيشجع بكين على اتخاذ سلوك مماثل، وفق نظرية “الإجراءات الماضية”، التي تفترض أن الأفعال السابقة للخصوم كافية لفهم سلوكياتهم المستقبلية، لهو نهج خاطئ ويتسبب في تقديرات معيبة؛ فهناك العديد من الاختلافات السياقية التي تميز أوكرانيا وتايوان؛ أولها، استفادة تايوان من الضمان الأمني الأمريكي الضمني بموجب قانون العلاقات مع تايوان، وبالتالي مصيرها سيكون له تأثير عميق على مصداقية الولايات المتحدة أكثر من تأثير أوكرانيا. ثانيها، يتطلب الغزو الصيني لتايوان ضربات أولية على القواعد الجوية الأمريكية، لأن بدء الغزو دون القيام بذلك سيعرض القوة الغازية لمخاطر غير مقبولة. ثالثها، أن سقوط تايوان من شأنه منح الصين قبضة خانقة على خطوط الاتصال البحرية اليابانية، وبالتالي قلب تحالف الولايات المتحدة واليابان ومعه الموقف الأمريكي في شرق آسيا. وبالتالي، لن تُقدم الصين على تلك الخطوة إلا عندما تعتقد أن ميزان القوى الإقليمي في آسيا يمكّنها من القتال والفوز في حرب ستشمل الولايات المتحدة.
فيما اهتم (المجلس الهندي للعلاقات العالمية) بتداعيات الأزمة على فعالية مجلس الأمن الدولي، فقد زعم تحليل بعنوان: أزمة أوكرانيا والمواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن تولي روسيا الرئاسة الدورية لمجلس الأمن في الأول من فبراير، سيعني أن أي تصعيد بشأن أوكرانيا لن يؤدي إلى جلسة طارئة لمجلس الأمن لهذا الشهر، كما أن موسكو سوف تستخدم حق النقض ضد أي محاولة لاستصدار قرار ضدها، وبالتالي فإن الانقسام المتعمق بين الولايات المتحدة وروسيا قد يكون بمثابة ضربة كبيرة لعمل المجلس الذي أصيب بالفعل بالشلل بسبب جائحة كورونا، وقد يؤدي لإعاقة أي حل وسط بشأن قضايا أخرى تحتاج إلى اهتمام فوري بما في ذلك سوريا واليمن والصومال والسودان. وقد تبين خطأ هذا السيناريو إذ تم عقد جلستين لمجلس الأمن لمناقشة الأزمة، إحداهما أعقبت الاعتراف الروسي باستقلال جهوريتي دونيتسك ولوغانسك بإقليم الدونباس في شرق أوكرانيا خلال الساعات الأولى من يوم 22 فبراير، والثانية انعقدت يوم 24 فبراير إثر الاجتياح الروسي للأراضي الأوكرانية.
- موقع الشرق الأوسط من الأزمة:
ركّز عدد من المراكز البحثية على تداعيات الأزمة الأوكرانية على الشرق الأوسط، ومن أبرزها التحليل الذي أطلقه (المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية) تحت عنوان: غير مستقر: تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ذكر فيه أنه حال شنت روسيا هجومًا جديدًا على أوكرانيا، فإن الآثار المتتالية للمصالح الأوروبية ستنتقل إلى ما هو أبعد من البلدين، وتطال الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل خاص. لافتًا إلى أن دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لن تكون قادرة بمفردها على أن تصبح المزود البديل للطاقة الروسية، كما أنه من المرجح أن يؤدي تصاعد التوترات بين الغرب وروسيا إلى الإضرار بجهود الاستقرار الإقليمي، سيما في ليبيا وسوريا، وكذا قد تضع تركيا على المحك، كما قد تؤدي إلى زيادة حادة في أسعار الطاقة والقمح العالمية، مما يعني أن تأثيرها الإنساني سيكون مدمرًا على الدول الهشة بالفعل في المنطقة. مشيرًا إلى أن الدول الإقليمية التي كانت تكافح من الناحية الاقتصادية يمكن أن تجد نفسها أضعف وأكثر عرضة للضغوط الخارجية، وكذا أكثر عرضة للاضطرابات السياسية الأوسع نطاقًا. وعلى النقيض من ذلك، اعتبرت تحليلات أخرى أن تأثير الأزمة الأوكرانية على الشرق الأوسط سيكون محدودًا، وهي ذات النتيجة التي أكدها (معهد الشرق الأوسط بواشنطن) في تحليله المعنون: التأثير المحتمل للنزاع بين أوكرانيا وروسيا على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أوضح أن العلاقات بين النزاع في أوكرانيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أكثر تعقيدًا مما قد تبدو للوهلة الأولى. مضيفًا أن للدول الإقليمية مصلحة مباشرة في منع التصعيد، وفي حالة تصاعد الصراع فإن مصلحتهم تكمن في التقليل من عواقبه في أسرع وقت ممكن. لافتًا إلى وجود ثلاثة مجالات رئيسية للتأثر، وهي: (الطاقة، الزراعة وإنتاج الحبوب، واللاجئون). مشيرًا إلى أنه يمكن لبلدان المنطقة، وخاصة منتجي النفط والغاز، أن تساعد في التخفيف من بعض الآثار، ولكن من الأفضل لهم أن يفعلوا كل ما في وسعهم لمنع اندلاع الصراع من البداية. وعلى النقيض من ذلك، اتجهت بعض التحليلات إلى التأكيد على محدودية الأزمة الأوكرانية على المنطقة. فقد نشر (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى) تحليلًا بعنوان: أزمة أوكرانيا: الشرق يلتقي بالشرق الأوسط؟، جادل خلاله بأنه من الناحية النظرية قد تؤثر إيران وتركيا والخليج والجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى بأشكال مختلفة على موسكو، لكن التمعن الدقيق في الوضع يشير إلى أن معظم هذه الروابط محدودة الفائدة في أحسن الأحوال. مؤكدًا على أن الروابط المباشرة بين تلك الأزمة والشرق الأوسط قليلة نسبيًا عند التمعن بها بدقة.
أما فيما يتعلق بوضع تركيا، وتأثيرها على مسار الأزمة، فقد استعرض تحليل صادر عن (المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية) بعنوان “تتطلع تركيا إلى فرصة لإعادة الاصطفاف الجيوسياسي في أزمة أوكرانيا“، ذكر أن تركيا تواجه تداعيات خطيرة إذا مضت روسيا قدمًا في غزو أوكرانيا، فقد يؤدي الغزو إلى زعزعة استقرار مصالحها في البحر الأسود، ويخاطر بتدفق إمدادات الطاقة الروسية التي تعتمد عليها تركيا بشكل كبير، ويحتمل أن يعرقل سياسات تركيا الأمنية والدفاعية في شمال سوريا، والتي تعتمد على موافقة ضمنية من روسيا، كما ستتأثر تركيا بشدة من جراء العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد روسيا، التي ستحدّ من إمدادات الغاز والسلع المستوردة، وسيكون لها تأثير غير مباشر على التجارة والسياحة. وفي مقابل ذلك، أوضح أن الأزمة قد توفر فرصة لتركيا لإقحام نفسها في صراع متعدد الجوانب يسمح لأنقرة بفرصة لإعادة تنظيم نفوذها على المستوى الإقليمي في ظل تدهور اقتصادها وحاجتها لتحسين صورتها داخليًا، كما قد يسمح لها بتعزيز مصداقيتها الدولية الممزقة، وتعزيز صورتها كصانع للسلام الإقليمي. واختتم بأن أنقرة لا يمكنها التوسط بشكل واقعي بين واشنطن وموسكو لتحقيق مكسب للطرفين، كما تفتقر إلى التأثير الحقيقي لقلب ميزان القوى. كما أوضح تحليل صادر عن (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى) بعنوان: هل ستساعد تركيا واشنطن إذا غزت روسيا أوكرانيا؟ أشار فيه إلى أن المخاوف من القوة العسكرية الروسية قد تؤدي إلى إبقاء أنقرة بعيدة عن دائرة الضوء، لكن حساباتها المتعلقة بالبحر الأسود، وكذا تعاطفها مع تتار القرم، بجانب تعاونها الدفاعي المتزايد مع كييف؛ قد يدفعها إلى تقديم المساعدة من خلف الكواليس، إذا تطلب الوضع ذلك. موضحًا أن أنقرة تنتهج سياسة قائمة على تجنب النزاع المباشر مع موسكو، علمًا أن مستوى الانسجام بين الطرفين قد ازداد منذ محاولة الانقلاب في تركيا عام 2016. وبالتالي، في حين قد تقدم أنقرة مساعدة سرية لأوكرانيا إذا اندلعت الحرب، إلا أنه من غير المرجح أن تضاهي الدعم العلني الكبير الذي أبدته دول أخرى لأي تحالف محتمل بقيادة واشنطن. وفي السياق ذاته، نشر (معهد بروكينجز) تحليلًا بعنوان: هل يمكن للأزمة الروسية الأوكرانية أن تقدم فرصة لإعادة تثبيت تركيا في “الناتو”؟، جادل فيه بأن الأزمة الأوكرانية قد أعادت تحفيز الأهمية الجيوسياسية المتبادلة بين تركيا و”الناتو”. موضحًا أنه بنظرة أولية، قد ترغب أنقرة في مواصلة بيع الأسلحة إلى كييف، وتعميق تعاونها الدفاعي معها، وتوسيع صادراتها إليها. لكن الغزو الروسي قد يجعل أيدي تركيا مقيدة بشدة، لأنه سيؤدي إلى مزيد من الاضطرابات الاقتصادية وإحجام عن دعم سياسة العقوبات التي تقودها واشنطن. مضيفًا أن المشكلة لا تكمن في اعتماد تركيا على روسيا بحد ذاتها، بل تتعلق بحقيقة أن أنقرة لا تشارك بنشاط أكبر في الجهود الغربية لردع موسكو وحل الأزمة الحالية. لافتًا إلى أنه على الرغم من دعم “أردوغان” المطلق لوحدة أراضي أوكرانيا، بجانب حماسه لإيجاد حل تفاوضي للأزمة، إلا أنه غائب بشكل واضح عن الجهود الدبلوماسية رفيعة المستوى لتنسيق رد موحد عبر الأطلسي.
أما فيما يتعلق بقطر، فقد ركزت بعض التحليلات على دور الغاز القطري في تخفيف الاعتماد الأوروبي على روسيا؛ فقد استعرض (معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى) في تحليل بعنوان: الغاز ربما تصدر جدول أعمال أمير قطر في زيارته للبيت الأبيض. بلور فيه التغير في تركيز الاجتماع الذي جرى بين الرئيس الأمريكي وأمير قطر، من تقديم الشكر على المساعدة الحيوية أثناء الانسحاب من أفغانستان، إلى الدور الذي قد تضطلع به الدوحة في معالجة أزمة أوكرانيا. مشيرًا إلى رغبة الرئيس “بايدن” في توجيه بعض الناقلات القطرية من الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا إذا ما أوقفت موسكو صادرات الغاز الروسية أو تخفيضها، والتي تمثل 40 في المائة من الطلب الأوروبي. وتعليقًا على مسألة الطاقة أطلق (معهد واشنطن) تحليلًا آخر بعنوان: الاستعداد لزحف الدبابات الروسية إلى أوكرانيا وقَطع الطاقة عن أوروبا، جادل فيه بأن الصمود أمام أزمة الطاقة على المدى الأبعد قد يكون ممكنًا، وإن كان مؤلمًا. إذ ستتضمن الأركان الأساسية للتحرك الروسي ضد أوكرانيا مسألة تعطيل الطاقة. فداخل أوكرانيا، يمكن توقع انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع؛ وفي وسط وشرق أوروبا، ستكون إمدادات الكهرباء معرضة للخطر الشديد، إذ تبلغ نسبة الاعتماد الأوروبي على الغاز الطبيعي الروسي ما يقرب من 40 في المائة. لافتًا إلى أن كلًا من ألمانيا وبولندا والمجر تعتمد بنسبة تفوق 50 في المائة على واردات الغاز الروسية، أما النمسا وفنلندا وليتوانيا فتعتمد عليها بنسبة 100 في المائة، مما يعني أن إيقاف تدفق الغاز الروسي قد يمثل سلاحًا سياسيًا واضحًا لاختبار صمود النهج الموحد الذي تعتمده أوروبا في مواجهة العدوان الروسي. معتبرًا أنه على المدى غير الطويل، قد تكون أزمة الطاقة مؤلمة لكن يمكن الصمود أمامها عن طريق بدائل أخرى. وارتباطًا بذلك، نشر (معهد بروكينجز) تحليلًا بعنوان: الآن ليس الوقت المناسب للحد من صادرات الغاز الطبيعي الأمريكية، أشار فيه إلى أن القدرة على جلب الغاز البديل إلى أوروبا تقلل من تأثير سلاح الغاز الطبيعي الروسي. وثمن في هذا الإطار تحركات إدارة “بايدن” للمساعدة في إيجاد بدائل لأوروبا بما يتجاوز ما يمكن أن توفره الولايات المتحدة من غاز طبيعي؛ إذ اجتمع الرئيس مع أمير قطر، كما أقنع اليابان بتحويل بعض الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا. لافتًا إلى أن التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة يعد أيضًا خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح. مشددًا على أن إحدى مزايا إمدادات الطاقة من الولايات المتحدة في السوق العالمية تتمثل في أنها أقل عرضة للتلاعب السياسي من تلك التي تقدمها الشركات المملوكة للدول.
ملاحظات عامة:
- كان هناك تركيز كبير من المراكز البحثية الأوروبية تليها الأمريكية، في مقابل تواضع تركيز المراكز الآسيوية على الأزمة. الأمر الذي يبدو منطقيًا وفق دوائر الاهتمام والنطاقات الجغرافية الخاصة بالمراكز البحثية.
- تنوعت التبريرات والدوافع التي قدمتها المراكز البحثية بشأن تفسير السلوك الروسي، وكذا الاتجاه التصاعدي للأزمة. إذ وضعت في الاعتبار الأسباب القيمية والأيديولوجية والنفسية من جانب، والأسباب العملية والبراجماتية من جانب آخر.
- على الرغم من تنوع التبريرات المرتبطة بروسيا وتطلعاتها الإمبراطورية كسبب رئيس للأزمة الجارية، إلا أن أغلب التحليلات لم تغفل القصور والصدع الواضح على الجبهة الغربية. الأمر الذي استدعى دعوات متكررة لإصلاح نقاط الضعف هذه من أجل تعزيز القدرة على مواجهة روسيا.
- رأت أغلب التحليلات أن التعاطي الأوروبي مع الأزمة اتسم بالبطء والضعف مقارنة بالتأثيرات السلبية للغزو الروسي على المنظومة الأمنية الأوروبية، وما يُمكن أن تخلقه من أزمات إنسانية واقتصادية متعددة، وربما يرجع ذلك إلى الانشغال الأوروبي بالقضايا والأزمات الداخلية. واعتبرت بعض التحليلات أن روسيا تعلم جيدًا ما تريده في أوروبا الشرقية بعكس الاتحاد الأوروبي الذي ما زال منقسمًا بين نموذجي “هلسنكي” و”يالطا”.
- أكدت التحليلات أن العقوبات ستكون الخيار الأكثر فاعلية وجدوى لردع السلوك الروسي وليس العمل العسكري، ولكن يجب توحيد منظومة العقوبات الأوروبية والأمريكية والبريطانية لضمان فاعلية أكبر للعقوبات، وتوقع جانب من التحليلات استجابة أقل حماسة من الحلفاء الآسيويين على غرار اليابان وكوريا الجنوبية للانضمام إلى العقوبات بالنظر إلى سلوكهم خلال الغزو الروسي للقرم عام 2014.
- رأت بعض التحليلات أن الأزمة تظهر عدم قدرة الدول الأوروبية على قيادة المنظومة الأمنية الأوروبية دون دعم أمريكي.
- أغلب التحليلات استبعدت سيناريو الحرب واعتبرته غير مرجح، مما يعني أن التنبؤ بالمسار الجاري للأحداث لم يكن سهلًا.
- تضمنت أغلب التحليلات مخاوف واضحة من أن تطلعات روسيا لن تقف بالضرورة عند حدود أوكرانيا، وإنما ستطال دولًا أخرى.
- لفتت أغلب التحليلات إلى أن تداعيات الأزمة الأوكرانية لن تقف عند حدود أوكرانيا وإنما ستتجاوز ذلك إلى أوروبا، بل قد تصبح البؤرة التي يعاد عندها تشكيل العالم.
- استبعدت بعض التحليلات تكرار السيناريو الأوكراني في تايوان انطلاقًا من تباين السياقات.
- تباينت التحليلات بشأن النظر إلى تداعيات الأزمة الأوكرانية على الشرق الأوسط، كما تباينت بشأن دور القوى الإقليمية في الأزمة.
- ظهر اتجاه واضح في التحليلات يتعلق بشأن دور عامل الغاز والطاقة في تشكيل تفاعلات العلاقات الدولية ومسار الأزمات الجارية.
- اختلفت التحليلات فيما بينها بشأن الدور المتوقع لتركيا في الأزمة، ومدى التحركات التي يمكن أن تقوم بها كعضو في “الناتو”.
.
رابط المصدر: