- يأتي تشكيل تحالف “سكواد” الجديد في منطقة الإندوباسيفيك، الذي يضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والفليبين، كجزء من استراتيجية الولايات المتحدة لاحتواء الصين في المنطقة، وضمن مساعيها لإعادة هيكلة الأمن الإقليمي، وبهدف تعزيز منظومة ردع النفوذ العسكري لبيجين في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي.
- سيعمق التحالف العسكري الجديد شعور الصين بـ”التطويق”، وقد يدفع بيجين إلى نشر المزيد من الأصول العسكرية البحرية لمواجهة مطالبات الفلبين والدول الأخرى في بحر الصين الجنوبي، ما قد يؤدي إلى المزيد من زعزعة الاستقرار في بحر الصين الجنوبي.
- بينما يمكن أن يزيد تحالف “سكواد” الجديد من حدة التوترات في منطقة الإندوباسيفيك بشكل عام، فإنه لا يؤثر بشكلٍ جوهري في ميزان القوى الإقليمي في المرحلة الراهنة، وهو ما لن يكون له تبعات مباشرة على أمن دول الخليج أو استراتيجيتها لتنويع العلاقات مع الدول الآسيوية، كما أن غياب الهند عن تحالف “سكواد” يعني استمرار نيودلهي في الحفاظ على سياسة التعددية وتجنب التحالفات الرسمية.
تقود الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الإندوباسيفيك (منطقة المحيطين الهندي والهادي) ولادة تحالف عسكري جديد تحت مسمى “سكواد” Squad. ففي اجتماع رباعي عقد، في 2 مايو الماضي، بمقر قيادة منطقة الإندوباسيفيك الأمريكية في هاواي أعلن وزراء الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، والفلبيني جيلبرتو تيودورو، والأسترالي ريتشارد مارلس، و الياباني كيهارا مينورو، عن تأسيس تحالف “سكواد”؛ والذي يسمى أيضاً “كواد الجديد”. والتحالف هو شراكة عسكرية تهدف إلى تعزيز التكامل العملياتي بين أعضائه الأربعة، بهدف تعزيز منظومة ردع النفوذ العسكري لبيجين في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي. فما هو دور هذا التحالف، والدوافع من وراء إنشائه، ورد فعل الصين، وأهم التداعيات على مصالح دول الخليج؟
دور تحالف “سكواد” الجديد
يأتي هذا الإعلان عن التحالف الجديد في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين، وأيضاً بين الصين وحلفاء واشنطن الآسيويين مثل الفلبين واليابان، في منطقة غرب المحيط الهادي. فمن جهة، تواصل الولايات المتحدة تعزيز وتحديث وتوسيع تحالفاتها العسكرية في المنطقة مما يثير مخاوف بيجينن بينما تواصل الصين، من جهة أخرى، تأكيد مطالباتها البحرية من خلال نشر قواتها البحرية في بحر الصين الجنوبي، بالإضافة إلى عمليات استعراض للقوة حول تايوان.
وتراجعت العلاقات بين الصين والفلبين بشكل مستمر منذ عام 2016، إذ لا تزال الاحتكاكات بينهما قائمة في “بحر الفلبين الغربي”، الذي تَعتبره مانيلا جزءًا من الأراضي الواقعة تحت سيادتها. وفي آخر حادثة وقعت في مارس الماضي، تصاعدت التوترات بين الدولتين بشكل أكبر، عندما أصيب جنود فلبينيون في مواجهة بين القوات الصينية والفلبينية.
وفي عام 2016، رفعت الفلبين قضية ضد بيجين إلى هيئة التحكيم الدائمة في لاهاي، في سعي فعلي لتحدي المطالبات التاريخية للصين بشأن “خط النقاط التسع”، وهو أحد المكونات الجيوستراتيجية ضمن جهود الصين لإنشاء منطقة نفوذ اقتصادي ودرع جيوستراتيجي في بحر الصين الجنوبي. علاوة على ذلك، ومنذ تولي الرئيس فرديناند ماركوس جونيور منصبه في عام 2022، اتجهت مانيلا نحو تعزيز علاقاتها وتعاونها الدفاعي مع الولايات المتحدة بشكل أكبر.
يعتبر تحالف “سكواد” أحدث إطار تعاوني متعدد الأطراف في الجهود الغربية لاحتواء صعود الصين. وفي اجتماع وزراء الدفاع الأربعة، أكد أوستن، على غرار ما حدث في السابق عند إطلاق تحالف “أوكوس”، أن “اجتماعنا جاء لأننا نتشارك رؤية للسلام والاستقرار والردع في منطقة الإندوباسيفيك”. وعلى الرغم من أن المسؤولين الأربعة تجنبوا بشكل كبير ذكر الصين كدافع للاجتماع، إلا أن وزارة الدفاع الفلبينية أعربت لاحقاً عن “قلقها البالغ إزاء الوضع في بحر الصين الشرقي والجنوبي”، وأفادت بأن القادة الأربعة “أعادوا التأكيد على مخاوفهم الجدية بشأن تكرار اعتراض الصين لسفن الفلبين أثناء ممارستها حرية الملاحة في المياه الدولية”.
ويركز هذا التحالف على الناحية العملياتية، وسيساهم، من وجهة نظر تكتيكية، في تبني “استراتيجية أمنية أكثر تركيزاً ودقة” لمواجهة مطالبات الصين الجريئة في منطقة غرب المحيط الهادي. ويعد تحالف “سكواد”، وفقاً للمنظور الزمني، بمنزلة الخطوة التالية التي أعقبت تدريبات “نشاط التعاون البحري” التي أجراها نفس أعضاء التحالف في 7 أبريل الماضي، وتمثل كذلك تتويجاً للمناقشات التي بدأت منذ عام 2023. وبحسب التقارير، شمل “نشاط التعاون البحري” القيام “بمناورات ‘ضباط الحراسة’، ومناورات تكتيكية، وكذلك تدريبات قتالية مضادة للغواصات شملت أيضاً وحدات وأصول جوية من الدول الأربع المشاركة”.
وكان لهذه التدريبات هدفان: أولهما الردع، من خلال إظهار الدول الأربع “استعدادهم الجماعي والتزامهم المشترك بالدفاع عن النظام الإقليمي المبني على القواعد وردع عدوانية بيجين”. ومن جهة أخرى، كانت هذه التدريبات تهدف إلى “تعزيز التوافق العملياتي”، بالإضافة إلى “تعميق التعاون الوثيق” بين القوات المسلحة للدول الأربع، وبالأخص الفلبين، لا سيما أن الولايات المتحدة وأستراليا واليابان قد عملت على تعزيز تعاونها بالفعل لفترة أطول وبمستويات أعمق.
وعلى المستوى الإستراتيجي، يأتي إطلاق تحالف “سكواد” ضمن سياق التحولات الجوهرية التي تطرأ على هيكلية الأمن الإقليمي، وهي عملية تقودها الولايات المتحدة بشكل رئيس، لكنها ليست القوة الوحيدة التي تدفع بهذا الاتجاه. ويأتي الإعلان في أعقاب تشكيل تحالفات استراتيجية أخرى، مثل “أوكوس” (الذي يشمل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة اليابان) و”إطار العمل الاقتصادي لمنطقة الإندوباسيفيك” و”برنامج الطائرات المقاتلة العالمي“، فضلاً عن إحياء “الحوار الأمني الرباعي” المسمى اختصاراً “كواد” (الذي يضم الولايات المتحدة وأستراليا واليابان والهند) في السنوات الأخيرة.
وتعكس خريطة التحالفات هذه المساعي الأمريكية لصياغة نظام دولي ليبرالي جديد على الصعيد العالمي، والذي بات يُطلق عليه “النظام العالمي الليبرالي 2.0“، وكذلك إعادة هيكلة منطقة الإندوباسيفيك على المستوى الإقليمي من خلال إقصاء الدول التي تهدد الهيمنة الأمريكية، وعلى رأسها الصين.
وإلى جانب ذلك، فإن الاستراتيجية الأمريكية تهدف إلى توسيع الفجوة في علاقات حلفائها بالصين. وعلى سبيل المثال، من المنظور الدبلوماسي، يمثل تحالف “كواد” التطور الأكثر أهمية التي تعكس أبعاد هذه الأجندة، إذ بات يُنظر إليه على أنه المحفز لتوسيع نظام التحالفات الأمريكي ليشمل الهند.
تضارب أجندات
أثار إطلاق تحالف “سكواد” حالةً من الارتباك في أوساط المحللين لسببين: الأول محاولة تفسير الدافع وراء تأسيس تحالف إضافي رغم وجود تحالف “كواد”، الذي يشارك ثلاثة من أصل أربعة من أعضائه في التحالفين، والثاني سبب عدم دعوة الهند للانضمام إلى التحالف الجديد. وللوصول إلى إجابات منطقية، ينبغي أولاً فهم الفرق بين تحالفَي “سكواد” و”كواد”، وهو ما سيسهم في تفسير الدوافع وراء إنشاء “سكواد”.
أحد أهم أسباب إطلاق تحالف “سكواد” السماح للأعضاء بإمكانية التركيز على القضايا الأمنية التقليدية فضلاً عن توظيف القوة العسكرية. ووصف مسؤولون أمريكيون تحالف “سكواد” بأنه يهدف إلى “مواجهة الإكراه والعدوان عبر القارة الآسيوية”، وتعزيز مستوى التوافق العملياتي بين أعضائه في حالة حدوث نزاع. علاوة على ذلك سيشارك تحالف “سكواد” في تنفيذ الدوريات العسكرية. وهذه المهام تمثل فرقاً جوهرياً مقارنةً بمهام تحالف “كواد”، الذي لا يزال يواجه تحديات كبيرة فيما يخص مجال العمل ضمن إطار الأمن التقليدي لسببين أساسيين:
الأول، صُمّم تحالف “كواد” في الأساس بناءً على تصورات معاجلة قضايا الأمن غير التقليدية، مثل التهديدات التكنولوجية، وسلاسل التوريد، وتغير المناخ. وكما أوضح وزير الخارجية الهندي، سوبرامانيام جايشانكار، في مؤتمر ميونيخ للأمن الذي عُقد في عام 2022، فإن تحالف “كواد” لا تحكمه “معاهدة، أو هيكل، أو أمانة عامة”، بل يمثل أكثر “نوع من أنواع الاستجابة لعالم أكثر تنوعاً وتشتتاً ولكن بأسلوب القرن الحادي والعشرين”.
والثاني، يفتقر تحالف “كواد” إلى التماسك الداخلي، سيما في ظل اختلاف “رؤى واستراتيجيات أعضائه بشأن منطقة الإندوباسيفيك بشكل كبير”. وخلال السنوات الأخيرة، شكلت الهند، وبخاصة منذ إعادة انضمام أستراليا إلى التحالف –بعد أن كانت قد تخلت عنه سابقاً بسبب مصالحها الاقتصادية مع الصين– الحلقةَ الأضعف في التحالف، سيما أن العلاقة التي تجمع بين الهند وتحالف “كواد” كانت، ولا تزال، تتسم “بالحذر” ومنفصلة عن مفهوم “الدفاع الجماعي“.
ويعود ذلك، إلى حد كبير، إلى أن قدرات الهند العسكرية لا تمكّنها من المخاطرة بالدخول في مواجهة مباشرة مع الصين. وفي الوقت نفسه، حافظت نيودلهي على سياسات قائمة على “تعددية الانحياز” في ظل نظام دولي متغير، مما يخلق بيئة تسمح بصعود توافق بين الصين والهند داخل المؤسسات متعددة الأطراف، حتى في ظل استمرار الاحتكاكات على طول الحدود المتنازع عليها بينهما.
وبخلاف الهند، التي تتجنب إقامة التحالفات الرسمية، ترتبط الفلبين بمعاهدة دفاع مشترك مع الولايات المتحدة. ومن منظور جيوستراتيجي، على عكس موقع الهند البعيد جغرافياً عن بحر الصين الجنوبي، فإن الفلبين في قلب الصراع هناك ولها دور إقليمي حيوي في النزاعات الحاكمة للمشهد الجيوستراتيجي، وهو ما دفع مانيلا إلى زيادة عدد القواعد “التي تتمتع الولايات المتحدة بحق الوصول إليها بشكل دوري، بما في ذلك المنشآت القريبة من تايوان”.
وفي الوقت ذاته، ليس بالضرورة فهم هذه المعادلة باعتبارها تقليصاً لدور تحالف “كواد” أو لدور الهند في منطقة الإندوباسيفيك الأوسع، وبخاصة أن الفلبين لا تتمتع بالإمكانات العسكرية أو الاقتصادية التي تمتلكها الهند على المدى الطويل. علاوة على ذلك، فبينما تملك الهند نطاق عمل أوسع في منطقة الإندوباسيفيك، فإن الفلبين لا تُظهر نية للمساهمة في الجهود الإقليمية الشاملة التي تتجاوز بحر الصين الجنوبي وتايوان، حيث يقتصر التزامها بتحالف “سكواد” فقط على حماية أراضيها ومياهها الإقليمية. كما أن مشاركة مانيلا في تحالف “سكواد”، قد لا يضعها بالضرورة في وضع دبلوماسي أقل تعقيداً من وضع الهند في تحالف “كواد”، بالنظر إلى عضوية الفلبين في رابطة دول “آسيان”، التي تتبنى موقفاً حيادياً من القضايا الأمنية الإقليمية وتنافس القوى العظمى بين الولايات المتحدة والصين. وبالتالي، قد يصبح تحالف مانيلا مع واشنطن إشكالياً من المنظور الإقليمي.
ورغم أن السياسة الخارجية الهندية تعتمد على التعددية في إقامة التحالفات، فإنها تشهد تطوراً مستمراً. ومن ثَم قد “يكون من السابق لأوانه الحكم على تحالف كواد باعتباره كياناً غير فعال” أو استبعاد إمكانية تقديم الهند مساهمات أكبر للتحالف. وأخيراً، لا يستبعد بعض المحللين حقيقة أن تحالف “سكواد”، بجانب التحالفات الثنائية والمتعددة الأطراف الأخرى النامية، قد يسهم في استكمال الصورة الإقليمية المتغيرة للمنطقة ككل.
رد فعل الصين
قد يؤدي تحالف “سكواد”، كما هو الحال مع تحالف “أوكوس“، إلى زيادة التوترات المتفاقمة بالفعل بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، والصين من جهة أخرى. وذكرت صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية، فور الإعلان عن التحالف الجديد، أنه ينبغي النظر إليه كجزء من “استراتيجية منطقة الإندوباسيفيك” التي تتبناها واشنطن وتهدف إلى “احتواء الصين”. وأكدت الصحيفة أن هذا التطور يحاكي “نموذج أوكرانيا” بالنسبة للفلبين، بمعنى أن البلاد ستتحول إلى “بيدق تستخدمه الولايات المتحدة في المنطقة” في ظل تنافس القوى العظمى.
ورغم أن تحالف “سكواد” يمارس، من وجهة النظر الصينية، “ضغطاً استراتيجياً موجهاً بشكل كبير”، فإن ردود الفعل الصينية، في المقابل، جاءت مثيرة للاهتمام، إذ بدت أكثر رصانة وهدوءًا مقارنةً بردود الفعل إزاء إحياء تحالف “كواد”، الذي وصفته بيجين بـ”ناتو آسيوي“، وكذلك عندما أُطلق تحالف “أوكوس”، الذي تنظر إليه بيجين على أنه يزعزع استقرار المنطقة.
واعتمدت استراتيجية الصين، في سياق الرد على تحالف “سكواد”، على التركيز على علاقاتها بدول “الآسيان”، والإشارة إلى أن التحالف الجديد قد يقوض هذه العلاقات، كونه يخلق “تحدياً كبيراً للعلاقات الودية التاريخية بين الصين ودول الآسيان”. ويعكس ذلك سعي بيجين لتوظيف علاقاتها بدول الرابطة لممارسة ضغوط على مانيلا، بشكل غير مباشر.
وقد يسهم التحالف في تعزيز الشعور العام في الفلبين بالأمن والتزام واشنطن وحلفاءها بضمانه. لكنه، في المقابل، سيعمق شعور الصين بـ”التطويق” وسيزيد الاعتقاد في بيجين بتبني واشنطن “سياسة الحرب الباردة” في المنطقة. وقد ينجح تحالف “سكواد” في إثبات بعض الفاعلية في مواجهة القوات الصينية في بحر الصين الجنوبي. وقد يأتي ذلك في صورة مواجهة حرس السواحل والميليشيات البحرية الصينية وتقليل كثافة أنشطتها في المناطق المتنازع عليها. وعلى سبيل المثال، أجرى تحالف “سكواد” مؤخراً دورية مشتركة باستخدام “ست سفن حربية وأربع طائرات”. ويشير ذلك إلى أن هذا التحالف سيتمتع بقدرة استخدام قوة نيرانية قد تكون كافية لردع التحركات الصينية، وهو ما قد يدفع بيجين إلى نشر المزيد من الأصول العسكرية التقليدية التابعة “لأسطول جيش التحرير الشعبي”، لمواجهة المطالبات الإقليمية للفلبين والدول الأخرى في بحر الصين الجنوبي بفعالية أكبر. وقد تخلق هذه المعادلة مواجهات أكثر حدة واتساعاً عن تلك الجارية حالياً، ومن ثم المزيد من زعزعة الاستقرار في بحر الصين الجنوبي.
الانعكاسات على مصالح دول الخليج
ستُسهم زيادة حدة التوترات بين الصين والولايات المتحدة في الإندوباسيفيك في تعزيز قلق دول الخليج إذ إن أي اضطراب يشوب استقرار منطقة الإندوباسيفيك قد يؤثر في قدرة منطقة الخليج على تصدير موارد الطاقة إلى دول منطقة جنوب شرقي آسيا واستيراد التكنولوجيا الصينية. وبصورة أدق، إذا وقعت صراعات مباشرة بين تحالف “سكواد” والصين حول الجزر المتنازع عليها، فقد يؤثر ذلك في صادرات الخليج إلى اليابان وتايوان والفلبين، بالرغم من أن مستوى التجارة مع الصين قد يسير بشكل طبيعي، وستظل هذه التحديات محصورة في نطاق النزاع المحدود، ما لم يتصاعد ليشمل مستوى إقليميا أوسع.
ويشير نطاق عمل تحالف “سكواد”، بالمقارنة بنطاق عمل تحالف “كواد”، إلى أنّه من غير المرجّح أن يُلقي بتداعيات مباشرة على حركة التجارة الدولية في المحيط الهندي. ورغم ذلك، تثير بعض النقاشات الأكاديمية تساؤلات عميقة حول ما إذا كان الاحتواء المتزايد للصين في منطقة غرب المحيط الهادي سيُفضي إلى “تأثير المرآة”، بمعنى أنه سيدفع الصين إلى ممارسة ضغوط مماثلة على الولايات المتحدة في مناطق أخرى، خصوصاً التوسع الصيني المتنامي في منطقة جنوب المحيط الأطلسي، وكذلك في الشرق الأوسط
ولكنْ عند النظر في رد فعل الصين الهادئ مقارنة برد فعلها بعد إحياء تحالف “كواد” وإطلاق تحالف “أوكوس”، قد يصبح التقييم أكثر تفاؤلاً. فبينما يمكن أن يزيد تحالف “سكواد” الجديد من حدة التوترات بشكل عام، فإنه لا يؤثر بشكلٍ جوهري في ميزان القوى الإقليمي في المرحلة الراهنة، وهو ما لن يكون له تبعات مباشرة على أمن دول الخليج أو استراتيجية تنويع العلاقات مع الدول الآسيوية التي تتبناها دوله.
وأحد الآثار الأخرى المترتبة على إنشاء تحالف “سكواد” وغياب الهند، بالإضافة إلى احتمال تهميش تحالف “كواد”، قد يؤدي إلى استمرار نيودلهي في الحفاظ على سياسة التعددية وتجنب التحالفات الرسمية، وهو ما يفتح المجال أمام تقوية شراكات دول الخليج مع نيودلهي مقارنة بمشاركة الهند المحتملة في تحالف “سكواد” الجديد، أو أي إطار عسكري رسمي تقليدي، وذلك لسببين رئيسيين: أولهما، كلما زاد عدد الدول التي تتبنى سياسة التحوط وسط التنافس الاستراتيجي الأمريكي-الصيني، قل الضغط على كل منها، بما في ذلك دول الخليج. وثانيهما، يُساهم هذا الوضع في الحفاظ على إتاحة الفرص أمام القوى متوسطة الحجم والدول المحورية، مما يعني أن هذه الدول يمكنها أن تشكّل تحالفات داخل المؤسسات متعددة الأطراف تسمح لها بالسعي نحو تحقيق مصالحها الوطنية، مع تجنب الانحياز إلى أي من القوى العظمى.
إلى جانب ذلك، سيكون من المفيد مراقبة العلاقات المتطورة بوتيرة متسارعة بين الفلبين والولايات المتحدة. فاقتراب مانيلا أكثر من واشنطن قد يُؤدي إلى تقويض رابطة الآسيان من خلال إضعاف حياد الرابطة التاريخي وإحداث خلافات داخلية عميقة، لا سيما أن صمود “الآسيان” باعتباره تكتلاً محايداً يخدم مصالح دول الخليج من خلال إضفاء الشرعية على جهودها التي تهدف إلى تجنب تبنّي موقف صريح بشأن التنافس بين الولايات المتحدة والصين.
المصدر : https://www.epc.ae/ar/details/featured/tahaluf-skwad-aljadid-khatwa-amrikia-jadida-fi-iieadat-haykalat-al-amn-al-iiqlimi