تحديات الامتحانات الالكترونية في الجامعات

مسلم عباس

 

أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قرارا مهما يتعلق بانهاء الفصل الدراسي الثاني الكترونيا، فيما ستجرى الامتحانات للفصلين الأول والثاني الكتروني عبر استخدام المنصات التعليمية الرقمية وبرامج التواصل التي ستحددها الجامعات والكليات كل حسب ما يراه مناسبا.

تقول الوزارة ان “دوائر البحث والتطوير ومراكز التعليم المستمر ومراكز الحاسبات ودائرة الدراسات والتخطيط باشرت بتكثيف ورش التدريب للجامعات لأجل وضع آليات تضمن نجاح العملية الامتحانية، التي تعد غير مسبوقة، وتمثل تحديا ومثلما بدأنا بعملية التعليم الإلكتروني يجب أن نختمها بالامتحان الإلكتروني لاستقبال عام دراسي جديد”.

بعدها خاطبت وزارة التعليم وزارة الكهرباء بتوفير الكهرباء خلال فترة الامتحانات، كما خاطبت وزارة الاتصالات وهيأة الاعلام والاتصالات بضرورة توفير الانترنت مجانا في المنصات الالكترونية التي سوف تستخدمها الجامعات، واستضابتها بالسيرفرات الخاصة بشركات الاتصالات.

الى هناك تنتهي إجراءات وزارة التعليم، فيما يواجهنا الواقع بجملة تحديات بعضها يتعلق بفيروس كورونا وأخرى بتهالك البنية التحتية التعليمية، وفيما يتعلق بفيروس كورونا بات من الصعب جدا إعادة الطلاب الى مقاعد الدراسة، وبالتالي نتفهم قرار اعتماد التعليم الالكتروني، الا ان ما بعد هذا القرار يحتاج الى تدقيق ومراجعة، فالوزارة لم تبذل جهودا حقيقية لجعل عملية التعليم الالكتروني مفيدة وتحقق الأهداف العلمية منها، واغلب ما يستفيد منه الطلبة حاليا هو جهود ذاتية للأساتذة والبعض منهم تخلى عن مسؤوليته لضعفه في مجال التعامل مع التقنيات الحديثة، ومن ابرز التحديات التي تواجه الأستاذ الجامعي والطالب معا هي:

1. عدم وجود منصة تعليمية يستفيد منها جميع الطلبة بشكل متساوٍ، فالمنصة الرسمية عند اغلب الجامعات لا تعمل، وهي منصة “المودل” وانا كاستاذ جامعي جربتها اكثر من مرة واجهت صعوبة بالغة في فتحها والتعامل معها، ورغم انني أجبرت الطلبة على دخولها لكنني وجدت ان الاستمرار فيها لا يخدم العملية التعليمية، وكنت أتصور ان المشكلة في المنصة الخاصة بجامعتي فقط، لكنني وجدت ان اغلب الجامعات العراقية تعاني من نفس المشكلة، لان المنصة معقدة والأستاذ والطالب غير مدرب على استخدامها، والاسوأ انها لا تعمل بشكل سلسل مع الانترنت الضعيف في العراق.

2. الخيار الثاني لاساتذة الجامعات هو استخدام منصات اقل كفاءة مثل منصة “كوكل كلاس رووم” وهي منصة سهلة لكن الخيارات التعليمية فيها قليلة جدا وتكاد تكون شبيهة بموقع للتواصل العلمي اكثر من كونها منصة للتعليم الكامل، أي انها منصة مفيدة لتوصيل الواجبات البيتية للأستاذ وليس اكثر من ذلك، اما في نظام التعليم الالكتروني يفترض ان هناك تواصل فعال على مختلف المستويات بين الطالب والأستاذ وهذا ما لا توفره منصة “كوكل كلاس رووم”.

ولتلافي النقص الحاصل في “كوكل كلاس رووم” لجأ بعض الأساتذة لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي وابرزها تطبيق “تلغرام” كنوع من التواصل المباشر مع الطلبة، وهو ما ولد ارباكا لدى الطالب، فالطالب بات يتلقى الاشعارات على مدار الساعة وكل أستاذ يوجهه بتوجيه معين ولا يعرف الى اين يتجه، فضلا عن الصعوبات الأخرى التي تواجه الطالب الذي لم يتعود على التعليم الالكتروني.

3. في ظل هذا النقص الحاصل في وجود منصات الكترونية حقيقية للتواصل العلمي ويمكن من خلالها تحقيق تفاعل حقيقي بين الطالب، تقرر وزارة التعليم الامتحان الالكتروني، أي ان الطالب سوف يؤدي امتحاناته بنفس طريقة استلامه المادة من الأستاذ وذلك عبر اجراء اختبار الكتروني، فهل الامتحان الالكتروني ممكن في هكذا ظروف؟

الجواب عند وزارة التعليم سهل جدا وتعتبره امرا ممكنا وتقول انها تواصلت مع وزارتي الاتصالات والكهرباء لتوفير سبل أداء الامتحان الالكتروني، لكنه غير ممكن على ارض الواقع، لاسباب عدة ابرزها، ان الاختبار التقليدي القائم على وضع مجموعة من الأسئلة ليس الوسيلة الوحيدة لاكتشاف مدى فهم الطلبة للمادة، انما هناك أساليب أخرى اكثر فعالية ويمكن الاعتماد عليها مثل طريقة التقارير والبحوث التي تطلب من الطلبة، وتوضع لجان مختصة وليس أستاذ واحد لتقييم نتاجات الطلبة.

وقد يقول وزير التعليم ان التقارير والبحوث يمكن استنساخها من الانترنت، فنقول له يمكن وضع بحوث متخصصة لا يمكن للطالب الاعتماد فيها على الانترنت، كما ان طريقة اعتماده على الانترنت ستكون قليلة جدا، بالإضافة الى كونها مفيدة لانه سوف يطلع على اكثر من مجال وان البحوث سوف تعاد للطالب من اجل التعديل عليها، والتحقق من صحة المعلومات التي كتبها، ومن ثمة مناقشته فيها.

اما اعتماد الامتحان التقليدي، فانه يمثل كارثة حقيقية للتعليم، لان الغش سوف يكون على أوسع نطاق، وبطرق مختلفة، فهناك اشخاص يتم استئجارهم من اجل حل الأسئلة نيابة عن الطالب، او يتم انشاء مجموعات على مواقع التواصل لحل الأسئلة جماعيا بين الطلبة، وطرق أخرى يعرفها القاصي والداني، بالطالب الذي يشتري سماعة الغش بأكثر من 400 دولار ويدخلهاالى قاعة الامتحان لا يستصعب الغش في الامتحان الالكتروني.

نوجه رسالة الى وزير التعليم العالي، ونقول له ان اردت إنجاح العملية التعليمية فلا تحاول إسترضاء الأساتذة او الطلبة او رؤساء الجامعات، عليك اتخاذ الخطوات الصحيحة وليست الخطوات الدبلوماسية التي ترضي الجميع، فالتعليم لا يخضع للديمقراطية بل الى القرار الصائب حتى وان خالفك الجميع، ونحن نعلم جيدا اننا في أوقات حرجة ولا يمكن للقرارات ان ترضي احداً لان الوضع معقد ومستقبل الطلبة على حافة الهاوية، افعل شيئا مفيدا للطلبة أيها الوزير القدير.

 

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/education/23370

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M