يتعرض الأطفال في فصل الشتاء لالتقاط الفيروسات في المدارس والحضانات وغيرها، ويُعد ارتفاع درجة الحرارة من أوائل مؤشرات التقاط الفيروس، وبينما يدرك معظم الآباء أن الارتفاع البسيط لحرارة الجسم يساعد الطفل على مقاومة العدوى، فإن واحدًا من كل ثلاثة آباء يعطي طفله خافضًا للحرارة دون داعٍ عندما تكون حرارته أقل من 38 درجة مئوية.
ووفق استطلاع للرأي، أجراه فريق من الباحثين في مستشفى “سي. إس. موت للأطفال” التابع لجامعة “ميتشيجان” الأمريكية، فإن “بعض الآباء يسارعون إلى استخدام خافضات للحرارة بمجرد ارتفاع درجة حرارة صغارهم، ما قد ينتج عنه مضاعفات صحية”.
وتشير النتائج إلى أن “نصف الآباء الذين شملهم الاستطلاع يلجأون إلى استخدام الأدوية لو تراوحت درجة حرارة الطفل ما بين 38 و38.8 درجة مئوية، وأن 25% من الآباء يحرصون على إعطاء أبنائهم جرعةً إضافية حتى لا تعاود درجة الحرارة ارتفاعها”.
تقول “سوزان وولفورد”، أستاذ طب الأطفال المساعد بمستشفى جامعة ميتشيجان، والمدير المشارك للاستطلاع: “غالبًا ما يقلق الآباء بشأن إصابة أطفالهم بالحمى، ويبذلون ما في وسعهم لخفض درجة الحرارة تلك، غير مدركين أن العامل الرئيسي لعلاج الحمى بشكلٍ عام هو الحفاظ على راحة أطفالهم”.
تضيف “وولفورد” في تصريحات لـ”للعلم”: يشعر الأطفال المصابون بالحمى بخللٍ ما، قد يظهر في صورة قلة النوم وانخفاض معدل النشاط وتراجُع الشهية، في هذه الحالة يمكن للدواء التغلب على هذه الأعراض فيساعد الطفل على النوم بشكل أفضل وعلى ممارسة الأنشطة وتحسين الشهية، ولكن دون القضاء على العدوى المسببة للحمى!
اعتمد الاستطلاع على إجابات 1376 من الآباء الذين لديهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 12 عامًا وأقل، وذلك على مدى شهرين، وتبيَّن أن بعض الآباء يسارع بإعطاء طفله الدواء رغم أنه من الأفضل منح الحمى الفرصة كي تأخذ مجراها، وفق الأطباء.
وأوضحت النتائج أن “خفض الحرارة لا يساعد على الشفاء بشكل أسرع، وأن الارتفاع الطفيف في حرارة الجسم يساعد في محاربة العدوى، كما أن كثرة الأدوية قد تسبب آثارًا جانبية”.
وتختلف الطريقة المستخدمة في قياس الحرارة فيما يتعلق بمدى دقتها؛ إذ سجل الاستطلاع قيام معظم الآباء بقياس حرارة الطفل عن طريق مسح الجبين أو عن طريق الفم، بينما تلجأ نسبة قليلة إلى وضع الترمومتر في الأذن أو تحت الإبط أو في المستقيم.
تقول “وولفورد”: إن موازين الحرارة عن بُعد، سواء المستخدمة على الجبهة أو داخل قناة الأذن تكون دقيقةً إذا ما استُخدمت بشكل صحيح، لكن قد تكون قراءات الجبهة غير دقيقة إذا كان الترمومتر بعيدًا نسبيًّا أو كان جبين الطفل فيه آثار “عرَق”، أما ترمومتر الأذن، والذي لا يُنصح به للمواليد، فإن شمع الأذن قد يفسد قراءة درجة الحرارة، ويعتبر قياس الحرارة من المستقيم هو الأكثر دقةً بالنسبة للرضع والأطفال الصغار.
وتتابع: عندما يستطيع الطفل وضع الترمومتر في فمه المغلق، يتم تسجيل الحرارة بدقة، أما قياسها تحت الإبط فيُعد أضعف وسيلة يمكن الاعتماد عليها، وتستخدم موازين الحرارة الملامسة للجسم مجساتٍ حراريةً إلكترونية للقياس، غير أن القراءات قد تكون متباينةً وفق كيفية القياس، وهو ما يستلزم مراجعة تعليمات الجهاز للتأكد من ملاءمته لعمر الطفل بالإضافة إلى وضعه بشكل صحيح.
وأشار الاستطلاع إلى أن 75% من الآباء يسارعون إلى قياس درجة حرارة أطفالهم عند ملاحظة أي مشكلة، في حين أن أقل من 25% بقليل يمنحون أنفسهم فرصةً من أجل متابعة مدى تطور الحالة قبل القياس، ويفضل ثلثا الآباء اللجوء إلى عمل كمادات باردة قبل استخدام خافضات الحرارة، وقال معظم المبحوثين إنهم عادةً -أو غالبًا- يسجلون مواعيد جرعات الدواء ويكررون القياس قبل الجرعة التالية.
وتقدم المدير المشارك للاستطلاع بعض النصائح حول كيفية التعامل مع الحمى عند الأطفال، منها ضرورة اللجوء إلى الطبيب إذا كان عمر الوليد أقل من ثلاثة أشهر، أما بالنسبة للأكبر سنًّا، فإن الحرارة قد تكون مفيدةً كسلاح لمحاربة الفيروس والبكتيريا المسببة للمرض، ولهذا ينبغي أن نتركها تأخذ مجراها.
تقول “وولفورد”: تُعد الحمى جزءًا من استجابة الجهاز المناعي لمنع الفيروسات والبكتيريا من التكاثر، كما تساعد على إنتاج مزيد من كرات الدم البيضاء ومضادات الأجسام، وعلى جانبٍ آخر، تُخفي خافضات الحرارة أعراض الحمى، لأنها تعالج الألم أيضًا، الذي يُعد مؤشرًا لتحديد موضع العدوى، ولكن إخفاء الألم قد يؤخر التشخيص وأيضًا الحصول على العلاج المناسب، وقد يدفع انخفاض الحرارة الآباء إلى اصطحاب أطفالهم إلى الخارج رغم أنهم ما زالوا في طور العدوى وقد ينقلونها إلى غيرهم.
وتحذر “وولفورد” من إعطاء الطفل الدواء المقاوم لنزلات البرد مع مخفض الحرارة؛ خوفًا من زيادة الجرعة وما قد ينتج عنها من آثار جانبية، مضيفةً: على سبيل المثال، يؤدي الاستخدام المفرط لدواء “إيبوبروفين” إلى اضطراب في المعدة، خاصةً إذا لم يُتناول مع الطعام، كما أن استخدام دواء “الأسيتامينوفين” كمسكن مع دواء “إيبوبروفين” قد يسبب مشكلات صحية إذا ما تجاوزت العقاقير الجرعة المطلوبة.
وتضيف: يجب على الآباء مراعاة عمر الطفل، فإذا كان أكثر من 3 شهور ويمارس نشاطه بشكل طبيعي رغم أن الحرارة 38 درجة ويتناول طعامه جيدًا، فلا داعي لإعطائه دواء، ولكن إذا شعرت بأنه لا يتصرف كالمعتاد فيمكن تخفيف ملابسه وتهوية غرفته، وإذا لم تفلح هذه الوسائل في خفض حرارته فيمكن استخدام مخفض الحرارة، وإذا كان عمر الطفل أقل من عامين واستمرت الحرارة (38) لمدة 24 ساعة، أو كان أكبر من عامين واستمرت الحرارة أكثر من 72 ساعة، يجب استشارة الطبيب، وإذا ظهرت على الطفل علامات الجفاف أو أي أعراض أخرى مقلقة، فلا بد من اللجوء فورًا إلى الطبيب.
المصدر : https://annabaa.org/arabic/health/37850