يواجه حكام إيران خطر أزمة شرعية وسط تصاعد الغضب الشعبي من طريقة تعامل بلادهم مع حادث تحطم طائرة ركاب، احتاج الجيش ثلاثة أيام للاعتراف بأنه نتيجة صاروخ إيراني أطلق بالخطأ، فوسط غضب شعبي متزايد وانتقادات دولية، أدى اعتراف الحرس الثوري الإيراني بالمسؤولية عن تحطم الطائرة إلى تبدد الوحدة الوطنية التي تجلت بعد مقتل أكثر قادة البلاد نفوذا في غارة أمريكية بطائرة مسيرة في العراق يوم الثالث من يناير كانون الثاني، وتجمعت حشود ضخمة في شوارع المدن الإيرانية لتأبين قاسم سليماني وهي تهتف ”الموت لأمريكا“.
لكن منذ تحطم طائرة الخطوط الدولية الأوكرانية يوم الأربعاء، في حادث قالت كندا والولايات المتحدة مبكرا إنه بسبب صاروخ إيراني وإن كان بطريق الخطأ، اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي بانتقادات للمؤسسة الحاكمة. وقتل جميع من كانوا على متن الطائرة وعددهم 176 في رحلة كانت متجهة إلى كييف. وجاء سقوط الطائرة وسط تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران.
واعترفت إيران السبت بأن طائرة البوينغ الأوكرانية قد أُسقطت جراء خطأ بشري و”بغير قصد”، بعد أيام من إصرارها على نفي ضلوعها بإسقاط الطائرة وتكاثر الأدلة المؤيدة لهذه الفرضية، ونُجمل هنا كل ما نعرفه حتى الآن عن حادثة تحطم الطائرة.
ويرجح مراقبون عدة احتمالات وراء حادثة تحكم الطائرة، أولها ان إيران ارادت ان تمتص دعوات الانتقام لقاسم سليماني، وهذا الامر تكاليفه باهظة قد يؤدي الى اسقاط النظام، وثانيها ان هناك اختراق داخلي أراد ان يورط الحرس الثوري وبالتالي تحجيمه، ثالثها، ان إيران توقعت ان ترد أمريكا ف فاردات توريطها بالحادث وتحريك الرأي العام العالمي.
ما الذي حدث؟
أقلعت طائرة الرحلة PS752 من مطار الإمام الخميني الدولي بطهران في 8 يناير/كانون الثاني الحالي في الساعة 06:12 بالتوقيت المحلي (02:42 بتوقيت غرينتش). وكانت وجهة الرحلة إلى تورنتو في كندا عبر العاصمة الأوكرانية كييف، وكانت الطائرة من طراز بوينغ 737-800، الذي يعد أحد أكثر نماذج الطائرات استخداماً في صناعة الطيران الدولية، وبدا أن الطائرة استدارت وحاولت العودة إلى المدرج قبل مغادرتها المجال الجوي للمطار، لكنها تحطمت بعد ذلك بوقت قصير. وفقا لموقع البي بي سي.
واُستخرج من تحت الأنقاض الصندوقان الأسودان للطائرة، المُسجلة فيهما بيانات الرحلة والأصوات داخل قمرة القيادة، بيد أنه ثمة تقارير أخرى تفيد بأن جرافات أُرسلت إلى موقع تحطم الطائرة قبل وصول المحققين الدوليين، مما أثار تكهنات بأن الأدلة قد دُمرت.
ما سبب تحطم الطائرة؟
قالت السلطات الإيرانية في بداية الأمر، إن طائرة الخطوط الأوكرانية واجهت مشاكل تقنية بعد إقلاعها بوقت قصير، وأشارت إلى أن شهود عيان بضمنهم طاقم طائرة مسافرين أخرى قالوا إن النيران اشتعلت فيها قبل سقوطها، وأشارت السلطات إلى أن الرادار فقد الاتصال بالطائرة التي كانت على ارتفاع 8000 قدم (2400 متر) بعد دقائق من إقلاعها، وأفاد تقرير أنه لم يكن هناك أي نداء استغاثة عبر موجات الراديو من الطيار.
لكن توقيت تحطم الطائرة الذي جرى بعد ساعات فقط من إطلاق إيران لصواريخ على قواعد تضم عسكريين أمريكيين في العراق، أثار تكهنات حول وجود أسباب أخرى، وسارع خبراء في شؤون الطيران إلى التشكيك في مزاعم وسائل إعلام حكومية إيرانية أشارت إلى أنه من المرجح أن يكون التحطم جراء اشتعال النار في محرك الطائرة. فطائرات نقل المسافرين التجارية تُصمم بطريقة تكون قادرة على تحمل عطل المحرك وعلى الهبوط بسلام، بشكل عام، وقال رئيس الوزراء الكندي، جوستين ترودو، يوم الخميس إن الأدلة تشير إلى أن صاروخا إيرانيا قد أسقط الطائرة بالخطأ، وأضاف في مؤتمر صحفي في أوتاوا: “لدينا معلومات استخبارية من مصادر متعددة، بما فيها حلفاؤنا وعملاؤنا، وشدد على القول “تشير الأدلة إلى أن الطائرة اُسقطت بصاروخ أرض – جو إيراني، ربما كان الأمر غير مقصود”، وترددت في وسائل الإعلام الأمريكية في وقت سابق أخبار مفادها أن مسؤولي البنتاغون كانوا على ثقة من أن الطائرة قد أسقطت بفعل فاعل.
وبدأت أدلة تدعم فرضية إسقاط الطائرة بصاروخ بالظهور، لا سيما بعد أن حصلت صحيفة نيويورك تايمز على فيديو يُظهر صاروخا ينطلق إلى السماء ليلا ثم ينفجر بعد أن يصل إلى الطائرة، وبعد مرور ثلاثة أيام على الحادثة، أُذيع بيان في التلفزيون الرسمي الإيراني قال إن الطائرة أُسقطت “بشكل غير مقصود”.
هل أوضح الإيرانيون كل شيء؟
ثمة إقرار إيراني بالذنب بشكل عام، ولكن ثمة تفسيرات متناقضة بشأن التسلسل الدقيق للأحداث، ووصف الرئيس حسن روحاني تحطم الطائرة بأنه “خطأ لا يغتفر”، وأمر المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، الجيش بالتحقيق “في أي أخطاء أو أوجه قصور محتملة” قادت إلى حادث التحطم، وقال بيان عسكري إيراني إن الطائرة سقطت جراء “خطأ بشري” بعد تحليقها بالقرب من “موقع حساس” تابع للحرس الثوري الإيراني.
وبعد ساعات من هذا البيان، قال العميد المسؤول عن الوحدة التي أطلقت الصاروخ، وقائد قيادة القوة الجو-فضائية في الحرس الثوري، العميد أمير علي حاجي زاده للصحافيين: “إن الطائرة أسقطت بصاروخ قصير المدى انفجر بالقرب منها”.
وأوضح العميد حاجي زاده أن أنظمة الدفاع الجوي أخطأت في قصف طائرة البوينغ ظناً منها أنها “صاروخ كروز”، وأضاف أنهم حاولوا التواصل مع الطائرة وانتظروا عشر ثوانٍ للرد قبل أن يقرروا إطلاق الصاروخ.
وأشار إلى أنه قد قُدم طلب لحظر الطيران في المنطقة قبل وقوع الحادث، ولكن الطلب قد رُفض، ولا تزال الأسباب وراء ذلك غير واضحة، وفي الواقع، يبدو أن الضربات الإيرانية على القواعد التي كانت تتمركز فيها القوات الأمريكية في العراق لم تؤثر على العمليات في مطار الإمام الخميني الدولي صباح الأربعاء. وكانت الرحلة PS752 هي التاسعة التي تقلع بعد الضربات وفقاً لموقع Flightradar24 المختص بمتابعة بيانات حركة الطيران التجاري في العالم.
هل سينهي هذا الإقرار الجدل بشأن حادث الطائرة؟
تقول ليز دوسيت، كبيرة المراسلين الدوليين في بي بي سي، إن قبول إيران بتحمل المسؤولية هو محاولة لتخفيض التصعيد المطرد في أعقاب الحادثة، لكن السؤال المهم الذي يظل هنا بحاجة إلى إجابة هو: لماذا استغرق الأمر ثلاثة أيام حتى تقر إيران بمسؤوليتها، على الرغم من أن العميد حاجي زاده قال للصحفيين إنه أبلغ السلطات تفاصيل ما حدث الأربعاء في يوم الحادثة؟، وقال رئيس شركة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية: “لم نشك للحظة في أن طائرتنا وطاقمها يمكن أن يكونا سبب هذا التحطم المروع”.
لكن الشركة نفت أن تكون الطائرة قد انحرفت عن مسارها قبل تحطمها، مشددة على أنه من المفترض بالمسؤولين إغلاق المطار، (في ظرف وجود نشاطات عسكرية)، ودعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إيران إلى معاقبة المسؤولين عن الحادث، وقال “نتوقع من إيران أن تقدم المذنبين إلى المحاكم”، وقال رئيس الوزراء الكندي جوستين ترودو: “سنواصل العمل مع شركائنا في جميع أنحاء العالم لضمان تحقيق كامل ودقيق”.
كيف سيبدو التحقيق؟
بموجب البروتوكول الدولي، عادة ما يقوم البلد الذي تحطمت فيه الطائرة بقيادة التحقيق، ويقتضي التحقيق مشاركة مسؤولين أمريكيين، وبضمنهم خبراء من مجلس سلامة النقل الوطني (NTSB) وذلك لأن الولايات المتحدة هي البلد المُصنع للطائرة، وكانت إيران قد استبعدت في البداية تسليم أي معلومات إلى السلطات الأمريكية، إذ ليست هناك أي علاقات دبلوماسية بين البلدين إلى جانب التوتر الحالي بينهما.
بيد أن ممثل إيران لدى منظمة الطيران المدني الدولية التابعة للأمم المتحدة، قال لوكالة رويترز للأنباء الخميس إن إيران قد دعت رسميا مجلس سلامة النقل الوطني الأمريكي للمشاركة في التحقيق، الذي وافق على تعيين محقق في الحادث.
وقالت شركة بوينغ المصنّعة للطائرة إنها مستعدة للمساهمة في التحقيق وستدعم مجلس سلامة النقل الوطني، لكن من غير الواضح أي نوع من التحقيق يُمكن إجراؤه الآن بعد أن أصبح معروفاً أن الطائرة لم تتحطم بسبب عطل بل أسقطت.
من كان على متن الطائرة؟
ما زالت الصورة الكاملة غير واضحة. ويظهر سجل الركاب البالغ عددهم 176، من بينهم 15 طفلاً، أسماءهم وتواريخ ميلادهم ولكن لا يوضح جنسياتهم، وقدم وزير الخارجية الأوكراني، فاديم بلاتيكو، تفاصيل تشير إلى أن 82 من الركاب كانوا من الإيرانيين و63 من الكنديين و11 أوكرانياً من بينهم جميع أفراد الطاقم التسعة و10 سويديين وأربعة أفغان وثلاثة بريطانيين وثلاثة ألمان.
ومع ذلك، في 10 يناير/كانون الثاني، قال وزير الخارجية الكندي، فرانسوا فيليب شامبين، إنه يعتقد الآن أن عدد الكنديين الذين كانوا على متن الطائرة 57 شخصا، ولم يبين السبب وراء إعطاء الرقم الجديد، وقالت الحكومة الألمانية إنها “لا تعلم بوجود مواطنين ألمان بين ضحايا تحطم الطائرة في إيران”.
أما رئيس وزراء بريطانيا، بوريس جونسون، فقال يوم الخميس إن أربعة مواطنين بريطانيين كانوا على متن الطائرة المنكوبة، وقال رئيس عمليات الطوارئ في إيران إن 147 من الضحايا هم من الإيرانيين. وهذا يشير إلى أن 65 شخصا ممن كانوا في الطائرة ممن يحملون جنسيات مزدوجة، وهو أمر لا تعترف به السلطات الإيرانية.
وقال الاتحاد الدولي للطيران إن الطائرة صنعت في عام 2016 وخضعت آخر مرة للصيانة المنتظمة قبل يومين من إقلاعها، وإن هناك طيارَين ومدرب على متنها، وجميعهم من ذوي الخبرة، وقالت الشركة إن كل من الطيارين أمضى ما بين 7600 و 12000 ساعة طيران في رحلات على الطائرة 737-800 قبل الحادث.
وقال إيهور سوسنوفسكي نائب رئيس الاتحاد: “بالنظر إلى خبرة الطاقم، فإن احتمال الخطأ ضئيل للغاية. نحن لا نفكر في مثل هذه الفرصة”، ومنذ تأسيس الشركة في عام 1992، لم تتعرض لأي حادث مميت على الإطلاق باستثناء الحادث الأخير، كانت طائرة الرحلة PS752 من طراز بوينغ 800-737، وهو الطراز الأكثر شهرة وشعبية من إنتاج شركة بوينغ، التي انتجت نحو 5000 طائرة منه منذ إطلاقه في عام 1994.
لماذا اعترفت إيران أخيرا بإسقاط الطائرة الأوكرانية؟
لمدة ثلاثة أيام متواصلة، أنكر كبار المسؤولين الإيرانيين فكرة “إسقاط” الطائرة الأوكرانية بصاروخ، ثم أعلنوا فجأة السبت أن هذا ما حدث بالفعل، في موقف رسمي مغاير طرح تساؤلات حول السبب وراء هذا الاعتراف.
وكان التلفزيون الإيراني الرسمي قد نقل بيانا عسكريا السبت جاء فيه أن إيران أسقطت “عن غير قصد” الطائرة الأوكرانية بعد دقائق من مغادرتها مطار الإمام الخميني في طهران، وبرر ما حصل بما أسماه “خطأ بشريا”.
وسقطت الطائرة من طراز بوينغ 737 التابعة للخطوط الجوية الأوكرانية في غمرة اعتداء صاروخي شنته طهران على قواعد عراقية ردا على مقتل قاسم سليماني، وصباح السبت أقر النظام الإيراني رسميا بمسؤوليته عن إسقاط الطائرة الأوكرانية وقتله “بالخطأ لجميع ركابها، واعتبر بايمان بارسيان، أحد أبناء الجالية الإيرانية في كندا، أن الاعتراف الإيراني “خطوة صحيحة” ستدفع ملف القضية باتجاه الإغلاق.
ورأى في تصريح لوكالة أسوشييتد برس أن السبب وراء هذا الاعتراف الرسمي هو أن طهران كانت تدرك أن التحقيق كان سيتوصل في النهاية إلى النتيجة ذاتها، مشيرا: “فقط إيران أرادت حفظ ماء وجهها”، وفضلا عن ذلك، فقد وجدت إيران نفسها محاصرة، فمسؤولو الدول المعنية (كندا وأوكرانيا والولايات المتحدة) أحيطوا بمعلومات استخباراتية تفيد بأن الطائرة أسقطت بواسطة صاورخ.
وافترض محللون إسقاط الطائرة بواسطة صاروخ، بسب “خطأ” حدث مع رفع درجة الاستنفار في إيران بعد الضربات الصاروخية الإيرانية في العراق انتقاما لمقتل قاسم سليماني قبل ذلك بساعات.
“لا يوجد عذر”.. كيف أسقط الإيرانيون الطائرة الأوكرانية؟
مركز الأبحات IHS Markit قال في مذكرة نشرها الخميس إن الطائرة الأوكرانية “من المحتمل أنها أسقطت بصاروخ SA-15 أطلقه الحرس الثوري”، مشيرا إلى أن ذلك وقع عن طريق الخطأ، وفضلا عن ذلك، فقد صورت مقاطع فيديو للطائرة التقطها أشخاص على الأرض، أحد هذه المقاطع تظهر فيه الطائرة كتلة من اللهب تسقط على الأرض، وفيديو آخر للحظة سقوطها وتناثر حطامها المحترق على الأرض، ويظهر مقطع استهدافها بما بدا أنه صاروخ.
ما هي الخطوات المقبلة؟
بعد أيام من الإنكار، قوبل اعتراف إيران السبت بإسقاط الطائرة الأوكرانية عن طريق الخطأ، بشيء من الارتياح لكن أوكرانيا وكندا ودول أخرى لها رعايا ضمن الضحايا، دعت طهران لاتخاذ مزيد من الإجراءات.
الاعتراف الإيراني بإسقاط الطائرة، يحتم على طهران الالتزام بواجباتها التي تمليها القوانين والأعراف الدولية، ومن أبرز تلك الواجبات تعويض الضحايا.
تعويض الضحايا
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده تتوقع تحقيقا كاملا، وقبولا كاملا بالذنب، وتعويضا من إيران، بعد أن اعترفت بأسقاط الطائرة الأوكرانية، وأضاف “نتوقع من إيران تأكيدات باستعدادها لإجراء تحقيق كامل ومفتوح وتقديم المسؤولين عن ارتكابها إلى العدالة، وإعادة جثث القتلى ودفع التعويضات والاعتذار الرسمي عبر القنوات الدبلوماسية”، وأعرب زيلينسكي عن أمله في أن يتم التحقيق في حادث تحطم الطائرة الإيرانية دون تأخير أو عقبات مصطنعة، وشدد على ضرورة أن يتمكن الخبراء الأوكرانيون من الوصول الكامل إلى مواد التحقيق.
وأسقطت الطائرة الأوكرانية بعد فترة وجيزة من إقلاعها من مطار طهران، وتسبب الحادث في مقتل جميع ركاب الطائرة وعددهم 176 غالبيتهم إيرانيون، كانت الطائرة في طريقها إلى كييف قادمة من طهران وعلى متنها 57 كنديا على الأقل و82 إيرانيا و10 سويديين و10 أفغان وثلاثة ألمان وثلاثة بريطانيين. كما قتل 11 أوكرانيا، اثنان من الركاب وتسعة من أفراد الطاقم.
المساءلة والشفافية
وقال الرئيس الكندي جاستن ترودو، إن “المساءلة” ضرورية بعد اعتراف إيران” بإسقاط الطائرة، وأضاف في بيان “ما زال تركيزنا ينصب على إنهاء القضية، والمساءلة والشفافية والعدالة للعائلات وأحباء الضحايا. هذه مأساة وطنية، والكنديون جميعهم ينوون الحداد”. وأضاف “سنواصل العمل مع شركائنا في جميع أنحاء العالم لضمان تحقيق كامل وشامل، وتتوقع الحكومة الكندية التعاون الكامل من السلطات الإيرانية”.
أما رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون فقال إن الإقرار الإيراني “خطوة أولى مهمة (لكنا) بحاجة إلى تحقيق دولي شامل وشفاف ومستقل” بشأن إسقاط الطائرة الأوكرانية. وذات الدعوة أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وأنكرت طهران في البدء المسؤولية عن إسقاط الطائرة الأوكرانية وعزت السبب إلى مشاكل تقنية. وقال الحرس الثوري إن الطائرة “حرفت مسارها بسرعة واقتربت من قاعدة عسكرية، فاستهدفت خطأ ظنا أنها هدف معاد”، لكن بعد كم من الدلائل والمعلومات الاستخباراتية ناهيك عن الصندوقين الأسودين، أقرت طهران بمسؤولياته في إسقاط الطائرة.
الإيرانيون لم يتواصلوا مع أسر الضحايا
لكن أسر ضحايا الطائرة المنكوبة في إيران قللوا من تلك التصريحات وصبوا جل غضبهم على حكومتهم، منددين بعدم تواصل أي مسؤول معهم، بعد ثلاثة أيام من إسقاط الطائرة، وقال شهرام مولاني شقيق أحد الضحايا الذي قتل مع زوجته وابنته بعد تحطم الطائرة ” لم نتلق اتصالا ولا حتى جثثهم بعد”، فيما قالت شقيقة إحدى الضحايا “لن نغفر أبدا هذه الجريمة.. الجمهورية الإسلامية وعلى مدار الأربعين عاما الماضية لم تجلب سوى القتل والإيذاء للشعب الايراني. هذا الحادث سيسجل في التاريخ مع بقية جرائمهم”، ويتهم إيرانيون سلطات بلادهم بتضليل الرأي العام عن عمد حول إسقاط الطائرة التي كان بين ركابها العديد من الشباب الإيرانيين في طريقهم للدراسة في كندا، وقال وزير الخارجية الكندي فرانسوا فيليب شامبين إن كندا شكلت مجموعة تنسيق مع بريطانيا وأوكرانيا والسويد وأفغانستان لمساعدة عائلات الضحايا.
إجراءات إضافية، وعتب مسؤول بشركات الطيران الأوكرانية على إيران عدم إطلاعهم بخطورة الوضع قبل مغادرة طهران وقال “لسوء الحظ كان علينا أن ندرك أن طائرتنا كانت في المكان الخطأ في الوقت الخطأ” وقال إنه كان ينبغي على إيران إغلاق مجالها الجوي قبل البدء في إطلاق الصواريخ على القواعد العسكرية.
وقال رئيس الوزراء الأوكراني أوليكي هونشاروك إن اعتراف إيران بإسقاط طائرة الركاب الأوكرانية “لا يعني أن التحقيق في المأساة، قد انتهى”، وأسقطت الطائرة الأوكرانية بعد ساعات من إطلاق إيران 15 صاروخا على قاعدتين جويتين تأويان قوات أميركية في العراق بعد الضربة الأميركية التي أسفرت عن مقتل الجنرال الإيراني قاسم سيماني ونائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.
صدمة للإيرانيين
تمثل معرفة أن القوات الإيرانية أسقطت الطائرة، سواء عن طريق الخطأ أم لا، ضربة أخرى. وكان كثيرون من الركاب يحملون الجنسية الإيرانية، وغمرت تعليقات الإيرانيين الغاضبة وسائل التواصل الاجتماعي. وشكا كثيرون من أن السلطات قضت وقتا في إنكار تحمل مسؤولية تحطم الطائرة أطول مما قضته في التعاطف مع أسر الضحايا. بحسب رويترز.
وقال راي تقية كبير الباحثين في دراسات الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية ”لقد كانت صدمة للجماهير. مرة أخرى يقتل النظام شعبه بلا مبالاة“، وأردف قائلا ”هذا يبدد الرواية الزائفة بالفعل بأن مقتل سليماني قد وحد الشعب الإيراني وراء حكومته“.
وفضلا عن التصويت لاختيار أعضاء البرلمان، ستشهد انتخابات 21 فبراير شباط أيضا اختيار أعضاء مجلس الخبراء، وهو هيئة دينية ستكون مسؤولة في المستقبل عن اختيار خليفة لخامنئي البالغ من العمر 80 عاما، ولا توجد قيود على فترة ولاية خامنئي الذي يتولى موقع الزعيم الأعلى منذ وفاة آية الله روح الله الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية في 1989.
مهدي كروبي يطالب خامنئي بالتنحي
دعا مهدي كروبي أحد زعماء الحركة الخضراء المعارضة في إيران الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي إلى التنحي بسبب إسقاط الطائرة الأوكرانية، وتساءل كروبي في بيان على موقع سحام نيوز على الانترنت عن موعد معرفة خامنئي بإسقاط الطائرة بعد إقلاعها من طهران يوم الأربعاء وسبب التأخير في إبلاغ الناس بالأسباب الفعلية للتحطم.
مظاهرات تطال رموز الحكم بعد إسقاط الطائرة الأوكرانية
احتشد آلاف الطلاب الإيرانيين أمام بوابة جامعة “أمير كبير”، غير البعيدة عن مبنى السفارة الأمريكية السابق في طهران، السبت، ونظموا مظاهرات طالبوا فيها برحيل المرشد الإيراني، علي خامنئي، وكف يد الحرس الثوري عن الحكم في البلاد، وذلك على خلفية إسقاط الأخير للطائرة الأوكرانية بعد دقائق على إقلاعها من مطار الخميني، وذكرت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية الإيرانية أن الطلاب احتشدوا في وقفة لإحياء ذكرى ضحايا الطائرة الأوكرانية لكن مزاجهم تحول نحو الغضب واندلعت المظاهرات.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو قالوا إنها أظهرت المحتجين في إيران وهم يطالبون بتنحي خامنئي ومحاسبة المسؤولين عن إسقاط الطائرة، كما هتف بعضهم قائلا: “الموت للديكتاتور”، وطالب آخرون برفع يد الحرس الثوري عن الحكم في إيران، ولم يكن عدد المتظاهرين كبيرا مقارنة بالاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها عدة مدن إيرانية إلا أن العدد يبقى مرشحا للزيادة خلال الأسابيع المقبلة.
وأثارت حادثة الطائرة الأوكرانية غضب طلاب الجامعات، وذلك بعد أن قضى في الحادثة خريجو جامعات إيرانية كانوا في طريقهم للهجرة إلى كندا، ما نتج عنه إحساس بعض الطلاب بأن مستقبلهم قد يُدمر في بلد غارق بنسب البطالة العالية، وقالت فارس إن قوات الأمن الإيرانية ساعدت الطلاب في البداية لكنها قامت بتشتيتهم لاحقا بعد أن بلغوا الشوارع الرئيسية وتسببوا بإغلاق بعضها. بحسب السي ان ان.
يذكر أن الحرس الثوري الإيراني قد أعلن مسؤوليته عن إسقاط الطائرة الأوكرانية التي راح ضحيتها 176 راكبا كانوا على متنها، وأشار قائد القوات الجوية في الحرس إلى أن السبب يعود إلى “قرار خاطئ” باستهداف الطائرة التي ظن من استهدفها أنها صاروخ في طريقه نحو الأراضي الإيراني.
رابط المصدر: