- يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تشهد فيها الدول الأعضاء مزيداً من الانكفاء على الذات وعملية إعادة اختيار النُخب السياسية، لكن صُنَّاع القرار الأوروبيين يُدركون أن الاتحاد بحاجة إلى حلفاء وشركاء مُقرّبين ضمن تكتّلات جديدة مُتعدّدة الأطراف.
- ستكون القُدرة التنافسية الجيو-اقتصادية والأمن الاقتصادي من أولويات السياسة في الأجندة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي (2024-2029)، مع زيادة تأثير الحكومات الوطنية ومؤسّسات الاتحاد الأوروبي على الاقتصادات والتجارة الدولية.
- فيما يخص الفاعلين في منطقة الخليج، من المنطقي بالنسبة إليهم تقييم ودراسة التغيّرات السياسية والتأثير النسبي للانخراط على مستوى الدول الأعضاء (المستوى الوطني)، وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، عند بحث كل قضية اقتصادية وتجارية واستثمارية.
تشهد السياسات الوطنية والإقليمية في الاتحاد الأوروبي تغيّراً، وتبدو تلك التغييرات ملحوظة في السياسات المُتعلّقة بالجغرافيا الاقتصادية والتجارة الدولية. وفي حين لا يزال الفاعلون الأوروبيون يروّجون لرؤى عالمية مُعيّنة، هناك اعتراف أكبر بين مراكز الفكر وصنّاع القرار بصعود التعدّدية الجيوسياسية والأيديولوجية وتعدّدية الأقطاب والاصطفافات والاضطرابات. وقد أشار الأدميرال روب باور، الرئيس الهولندي للجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى أن عدم القدرة على التنبؤ وعدم الاستقرار سيكونان الوضع الطبيعي الجديد في السنوات الخمس عشرة المُقبلة.
وفي الوقت نفسه، تعتقد مجموعات كبيرة من الناخبين في جميع أنحاء الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن الكثيرين من بين النُخب السياسية والثقافية لا يأخذون مخاوفهم على محمل الجد. وتتباين هذه المخاوف من بلد إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى، ولكنها قد تشمل تلك المُتعلّقة بمحدودية المساكن الاجتماعية، أو البطالة المُقنّعة، أو ركود المُجتمعات الريفية، أو ارتفاع مُعدّلات الجريمة، أو ضغوط الهجرة، أو ارتفاع تكاليف المعيشة. ويلجأ هؤلاء الناخبون إلى أشكال مُختلفة من الاحتجاج أثناء عمليات الانتخاب، على أمل تغيير السياسات أو إعادة اختيار النُخب السياسية.
لقد كان خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي بعد إجراء الاستفتاء بهذا الخصوص إحدى النتائج الرئيسة لذلك. ومن بين النتائج الأخرى تزايد نفوذ الزعماء والأحزاب الشعبوية والقومية والمُتشكّكة في وحدة أوروبا في الدول الأعضاء، فضلاً عن تراجع نفوذ أحزاب الوسط، وتزايُد تفكّك سياسات الائتلافات. وقد أكّدت نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو 2024 هذا الاتجاه؛ فقد كانت الأحزاب الخضراء والليبرالية مثل حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخاسر الأكبر، حيث حلّت كتلة قومية وشعبوية جديدة محل الكتلة الليبرالية، بوصفها ثالث أكبر كتلة بعد كتلتي يمين الوسط ويسار الوسط.
تأثير النُّظم الجديدة وإعادة اختيار النُّخب
لقد كان لهذه التطوّرات الأخيرة عدة آثار؛ فتركيبة المجلس الأوروبي ومجلس الوزراء، وهما هيئتا صنع السياسات اللتان يجتمع فيهما رؤساء الحكومات والوزراء الوطنيون للدول الأعضاء على التوالي، آخذة في التغيّر. وستزداد مُحاولات العديد من الدول الأعضاء لتعزيز القوة النسبية للسياسة الوطنية والعمليات التشريعية في مواجهة الاتحاد الأوروبي في القضايا التي تهم الاتحاد. وستستمر عملية إعادة اختيار وإعادة تشكيل النُخب السياسية في أوروبا. وبالنظر إلى طبيعة بعض هذه الأحزاب المُعارضة وقاعدة الاختيار والديناميات الداخلية لبعض هذه الأحزاب المُعارضة، فإنها لن تنتج بالضرورة قادة سياسيين أكثر كفاءة في كل حالة.
وستظل النظرة الثاقبة وأداء البيروقراطيين في القطاعين الحكومي الخاص والتقييم الأفضل لتأثير التحوّلات الجديدة عاملاً رئيساً في استمرار ازدهار أوروبا. ويُدرك العديد من صانعي القرار على المستوى الوطني، وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، أن هذا الاتحاد لا يُمكنه تحسين الوضع الجيو-اقتصادي من دون الانخراط مع حلفاء وشركاء مُقرّبين ضمن تكتّلات جديدة مُتعدّدة الأطراف، والتي يُعدّ الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا أحد الأمثلة عليها.
التنافسية الجيو-اقتصادية
حتى قبل اجراء الانتخابات الأخيرة، أصبحت القدرة التنافسية الاقتصادية لأوروبا على المدى الطويل مصدر قلق لصنّاع القرار. وعلى سبيل المثال، تدهّورت ظروف الاستثمار في ألمانيا، أكبر اقتصادات الاتحاد الأوروبي، في ظل ارتفاع أسعار الطاقة، والنقص المتزايد في العمالة الماهرة، وارتفاع الضرائب على الشركات، والبيروقراطية المُفرطة، وتعثُّر البنية التحتية. وقد اعتمد المجلس الأوروبي لرؤساء الحكومات الأوروبية الأجندة الاستراتيجية 2024-2029 في 27 يونيو 2024. وتُحدّد هذه الأجندة التوجّهات والأولويات الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي، وتنصّ على أن الاتحاد الأوروبي ركّز على “الصفقة الخضراء” في الفترة السابقة (2019-2024)، والتي يجب أن تُستكمَل الآن بـ”صفقة اقتصادية” شاملة (2024-2029). وستهدف الصفقة الاقتصادية إلى الحفاظ على القدرة التنافسية الاقتصادية وحفظ مكانة أوروبا في العالم.
ووفقاً للأجندة الاستراتيجية، يجب أن يعود النمو الاقتصادي بالنفع على جميع المواطنين، وهو ما يعني أن التوظيف والرفاهية والتماسك الاجتماعي ستظل موضوعات مُهمّة. وسيستمر تزايد استياء الناخبين ودعمهم للأحزاب البديلة في الضغط على الحكومات الائتلافية في هذا الصدد. وقد تركت التعبئة السياسية وحشد التأييد، وبخاصة احتجاجات المزارعين في أوروبا، بصماتها. وتَعِدْ الأجندة الاستراتيجية بدعم المُجتمعات الريفية النابضة بالحياة وإرساء مكانة أقوى للمُزارعين في سلسلة الإمدادات الغذائية. كما أنها تعترف بالأهمية المحليّة والجيوسياسية للقطاع الزراعي المُستدام الذي يضمن الأمن الغذائي. وكما تؤكّد الأجندة أنه إلى جانب التنافسية الاقتصادية، سيكون البحث والتطوير التكنولوجي أولوية سياسية في الاتحاد الأوروبي؛ ففي الوقت الحاضر، تستحوذ الولايات المتحدة على 42% من قطاع البحث والتطوير على مستوى العالم، بينما تستحوذ كل من الصين والاتحاد الأوروبي على ما نسبته 17,8% و17,5% على التوالي بهذا المجال. ومع ذلك، سيستمر تسارع التكنولوجيات الحديثة وتطبيقاتها في تحدّي النموذج الصناعي التقليدي لأوروبا.
لقد اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية مُنعطفَاً واضحاً نحو الربط بين الأمن القومي والجغرافيا الاقتصادية في عهد إدارة الرئيس الأسبق ترمب، وهو ما انعكس في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي لعام 2017. وظلّت الجغرافيا الاقتصادية مسألة مُهمّة في عهد إدارة الرئيس جو بايدن، وانعكس ذلك في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي لعام 2022. وقد تأثّر الاتحاد الأوروبي بهذا التحوّل في نظام الحوافز الجيو-اقتصادية وآثاره. وأدّى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالفعل إلى إزاحة المملكة المتحدة، بصفتها داعماً لاقتصاد سياسي أكثر ليبرالية؛ ففي عام 2019، أطلقت الحكومة الألمانية، في استجابةً منها لضغوط شركاتها الصناعية الكُبرى، استراتيجية صناعية جديدة جعلتها أكثر انسجاماً مع فرنسا في رغبتها في حماية الصناعات الوطنية في قطاعات مُعيّنة من الصين والولايات المتحدة. وتربط الأجندة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي الآن ربطاً صريحاً بين السياسات التجارية والصناعية. كما أنها تتخطّى بعض التناقضات المُحتملة من طريق مُحاولة تعزيز الاقتصاد المفتوح، وخلق اقتصاد أكثر دائرية وكفاءة في استخدام الموارد، وجعل أوروبا قوة تكنولوجية وصناعية. وتهدف الأجندة الاستراتيجية إلى إنشاء مركز قوة من طريق دعم توسيع نطاق القدرة التصنيعية لأوروبا للتكنولوجيات والمُنتجات ذات الانبعاثات الصفرية، بما في ذلك في قطاع تصنيع المُنتجات ذات الاستخدام المزدوج والصناعات الدفاعية.
وخلال الانتخابات الأخيرة، دعت كتلتا يمين الوسط ويسار الوسط الرئيسيتان في البرلمان الأوروبي إلى تبنّي استراتيجيات “صُنع في أوروبا 2030″، ودعم المُصنِّعين الأوروبيين. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الاتحاد الأوروبي قد وضع لأول مرة منذ تأسيسه استراتيجية صناعية دفاعية أوروبية (EDIS). وفُعِّلَت هذه الاستراتيجية بواسطة البرنامج الصناعي الدفاعي الأوروبي في شهر مارس 2024، والذي يتضمن دعماً من الاتحاد الأوروبي لميزانية هذه الاستراتيجية بمبلغ 1.5 مليار يورو. وتعترف الأجندة الاستراتيجية بالشركات الصغيرة والمتوسّطة الحجم (SMEs) باعتبارها عناصر محوريّة في النسيج الاقتصادي والاجتماعي لأوروبا. ومع ذلك، لا تزال الشركات الكبرى وجماعات الضغط التابعة لها -بحسب قطاع عملها- هي التي تُمارس تأثيراً كبيراً على تصميم السياسة التجارية أو تنفيذها. ووفقاً لماكينزي، فإن من شأن زيادة حجم الشركات الرائدة في أوروبا، ربما عن طريق إنفاذ “النظام الثامن والعشرين” من القواعد التجارية المُشتركة إلى جانب القواعد التجارية للدول الأعضاء السبعة والعشرين، أن يُعزّز القدرة التنافسية لأوروبا.
ولا يزال الاتحاد الأوروبي وحكوماته الوطنية عرضةً لضغوط الولايات المتحدة، إذ تعتمد أكثر من الولايات المتحدة على الصادرات وخطوط الإمداد الخارجية الموثوقة. ووفقاً لما هو معروف علناً، لا تزال الولايات المتحدة توفّر ما يصل إلى 65% من الاحتياجات الدفاعية الأوروبية. وقد قلّل الاتحاد الأوروبي من اعتماده على مصادر الطاقة الروسية، لكنه أصبح أكثر اعتماداً على مصادر الطاقة الأمريكية. ومن المُتوقّع أن تؤثّر المخاوف الأمريكية والمحليّة أيضاً على السياسات الأوروبية فيما يتعلق بمراكز البيانات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي. فخلال فترة رئاسة دونالد ترمب، تبيّن أن الفائض التجاري للاتحاد الأوروبي في التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مُثير للجدل. ويُخطّط مسؤولو التجارة في الاتحاد الأوروبي لتبنّي نهج من خطوتين إذا ما تولّى ترمب السلطة مرة أخرى هذا العام، ويتضمّن ذلك اتفاقاً يُعالج بعض المخاوف الأمريكية، ونهج دفاعي وانتقامي إذا ما شنّت الولايات المتحدة حرباً تجارية على أوروبا.
اقرأ أيضاً لـ «هينريك ماتيه»: |
مع ذلك، لا يزال من غير المؤكّد فيما إذا كان التهديد بهذه التدابير أو تنفيذها سيُحقّق الأهداف المرجوة؛ فاقتصاد الاتحاد الأوروبي ينمو بوتيرة أبطأ بكثير من الاقتصاد الأمريكي، ما يُقلّل من الطلب. كما أن سلعها أعلى قيمة، ومن المُتوقّع أن تخسر أوروبا أكثر من الولايات المتحدة في حال نشأت حرب تجارية بين الجانبين؛ وبالتالي، سيظل الرأي المُهيمن هو تفضيل إبرام شراكة استراتيجية عملية جيدة وصفقة مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
ولا تواجه العديد من الشركات الأوروبية أي مشكلات في العمل مع الصين، ولكنها تأخذ في الاعتبار أنها قد تتأثّر بالإجراءات العقابية الأمريكية ضد بيجين. وبينما أصبحت تلك الشركات تعتمد اعتماداً مُفرطاً على السلع الصينية، يسعى العديد منها إلى تنويع مُنتجاته بعيداً عن الصين. فقد فرض الاتحاد الأوروبي رسوماً مؤقّتة تصل إلى 37.6% على السيارات الكهربائية الصينية الصنع في يوليو الماضي، مُسوِّغاً ذلك بالدعم غير العادل الذي توفّره الحكومة الصينية لمُصنّعي تلك المُنتجات. ومن المُرجّح أن تستمر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأوروبي عموماً باتخاذ خطوات مُماثلة، فضلاً عن أن الإجراءات العقابية من جانب الصين تؤثّر في تجارة الاتحاد الأوروبي.
الأمن الاقتصادي بوصفه أولوية سياسية
برز الأمن الاقتصادي باعتباره أولوية في السياسات الأوروبية، وأُضفيَ الطابع الرسمي عليه في استراتيجية الأمن الاقتصادي للاتحاد الأوروبي في يونيو 2023. وقد حدّدت تلك الاستراتيجية أربع فئات من المخاطر، هي: سلاسل التوريد؛ والأمن المادي والسيبراني للبنية التحتية الحيوية؛ والأمن التكنولوجي وتسرّب التقنيات المُتقدّمة؛ واستخدام التبعيات الاقتصادية سلاحاً أو الإكراه الاقتصادي. ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز الأمن الاقتصادي للاتحاد الأوروبي بثلاث طرق، هي: القُدرة التنافسية الاقتصادية، والحماية من المخاطر، والشراكة مع أوسع نطاق مُمكن من الدول لمُجابهة مخاطر الأمن الاقتصادي المُشتركة. ويتعيّن على الدول الأعضاء أن تُقرّر فيما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيسلك إلى حد كبير طريقاً أُحادياً سعياً إلى تحقيق أمن اقتصادي أكبر أو حلولاً مُتعدّدة الأطراف قائمة على القواعد.
ومن المُتوقّع أن يزداد الطلب تزايداً كبيراً على المواد الخام الضرورية في القطاعات الاستراتيجية، وسيستمر الاتحاد الأوروبي في الاعتماد على واردات هذه المواد في غالبية استهلاكه. وقد اقترحت المفوضية الأوروبية قانون المواد الخام الضرورية في مارس 2023. وهو ينص على مُراقبة سلاسل التوريد وتنسيق مخزونات المواد الخام الاستراتيجية بين الدول الأعضاء لضمان الحصول عليها. وسيتعيّن على بعض الشركات الكبيرة إجراء تدقيق لسلاسل توريد المواد الخام الاستراتيجية الخاصة بها. وتضع اللائحة معايير واضحة للقُدرات المحليّة لتنويع إمدادات الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030، تتعلّق بالاستهلاك السنوي للاتحاد الأوروبي من أجل استخراج المواد الخام ومُعالجتها وإعادة تدويرها. وسيتعيّن على الدول الأعضاء اعتماد تدابير وطنية لتحسين استكشاف المواد الخام وضمان إعادة تدوير النفايات الاستخراجية ذات الصلة من مواقع نفايات التعدين السابقة والحالية إلى مواد خام ثانوية ضرورية. ويتعين الانتظار لمعرفة ما إذا كانت التشكيلة الجديدة للعديد من الحكومات الوطنية والبرلمان الأوروبي ستؤدّي إلى محاولات للحد من الضمانات البيئية لمشاريع التعدين.
وسيسعى الاتحاد الأوروبي إلى إقامة شراكات ذات منفعة مُتبادلة مع الاقتصادات النامية، لاسيما في إطار استراتيجيته “البوابة العالمية”. وسيدرس أيضاً إنشاء نادي للمواد الخام الضرورية، للجمع بين “الدول المُستهلكة للمواد الخام” والبلدان الغنية بالموارد، لضمان أمن الإمدادات العالمية والشراكات الصناعية باستخدام تقنيات نظيفة ذات انبعثات صفرية. وفي الوقت الذي يسعى الفاعلون في الاتحاد الأوروبي إلى إقامة شراكات جديدة، هناك مخاوف بشأن الاستثمارات الخارجية في بعض التقنيات التي يُمكن أن تُعزّز القدرات العسكرية أو الاستخباراتية للخصوم المُحتملين؛ ففي يناير 2024، كشفت مفوضية الاتحاد الأوروبي عن حزمة من المُبادرات لتعزيز نطاق الاستثمار الأجنبي المُباشر القادم إلى أوروبا وتحسينه وتدقيقه، وتعزيز أمن الأبحاث على المستوى الوطني والقطاعي. واستعرضت المفوضية أكثر من 1200 مُعاملة استثمار أجنبي مُباشر أبلغت عنها الدول الأعضاء على مدى السنوات الثلاث الماضية.
انخراط الحكومات ومؤسّسات الاتحاد الأوروبي
تُشير الاتجاهات والأحداث والسياسات الأوروبية إلى تنامي دور الحكومات الوطنية ومؤسّسات الاتحاد الأوروبي في الاقتصاد والتجارة الدولية والاستثمار. وتعكس تلك السياسات تركيزاً أكبر على الدعم والتمويل للابتكارات الثورية والنماذج الأولية الابتكارية والتسويق التجاري. وتعكس أيضاً موقفاً تدخليّاً أكبر في عمليات الاستحواذ الأجنبية ونظاماً مُشدّداً لفحص وتدقيق الاستثمارات الأجنبية. ويتم إعادة تشكيل الاقتصادات من طريق الرسوم الجمركية المُباشرة وغير المُباشرة، والضرائب التفضيلية، وقيود التصدير، ومُتطلّبات الترخيص، وضوابط المُعاملات، والعقوبات، ومُراقبة سلاسل القيمة والتكنولوجيات التخريبية.
لقد تحوّل اهتمام جمهور الناخبين وتركيز العديد من صنّاع القرار في الدول القومية الأوروبية إلى الداخل أكثر من ذي قبل. وكان هذا هو الاتجاه السائد في العقد الماضي. أما فيما يخص الشؤون الدولية، فإن الحرب الروسية -الأوكرانية، وحرب غزة، والعلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين، تستحوذ حالياً على مُعظم الوقت والطاقة المحدودين للسياسيين والموظفين على المستويين الوطني والأوروبي، والذين غالباً ما يكونون مُثقلين بالمهام. وفي حين أنه من الناحية الموضوعية أصبح من المُمكن زيادة دور الاتحاد الأوروبي في منطقة الخليج، إلا أن الرغبة والقدرة الحالية لدى الفاعلين في الاتحاد الأوروبي على مُتابعة ذلك بطريقة رئيسة مُتفاوتة ومحدودة في أحسن الأحوال. وقد تُهيمن أولويات أخرى على نحو مُستمر على عملية صنع القرار اليومي.
وثمة جهود للتغلّب على الإجراءات البيروقراطية وتحسين صنع السياسات وضمان التنفيذ والإنفاذ المُتّسق لسياسات الاتحاد الأوروبي المُتفق عليها. ومع ذلك، قد تسعى الحكومات الائتلافية في العديد من الدول الأعضاء إلى القيام بدور وطني أكبر في صنع السياسات أو قد يكون لها مصالح داخلية مُتضاربة، ما قد يؤخّر أو يُخفّف أو يُجزّئ تنفيذ سياسات الاتحاد الأوروبي وإنفاذها على المستوى الوطني. وفيما يخص الفاعلين في منطقة الخليج، من المنطقي بالنسبة إليهم تقييم ودراسة التغيّرات السياسية والتأثير النسبي للانخراط على مستوى الدول الأعضاء( المستوى الوطني)، وعلى مستوى الاتحاد الأوروبي، عند بحث كل قضية اقتصادية وتجارية واستثمارية.
المصدر : https://epc.ae/ar/details/featured/thwwul-alaitihad-al-uwrubiy-nahw-altanafusia-aljiwaqtisadia-wal-amn-alaiqtisadi