إعداد الباحث: أُسامـة محمد يوسف عثمان – عضو لجنة الطاقة والبيئة ببرلمان شباب – مصر
مقدمة
لا شك أن تغير المناخ (Climate Change) وتداعياته أحد التحديات الرئيسة التي تواجه العالم، ويتضمن العديد من التهديدات لسبل الحياة والمعيشة، والنظم البيئية، والموارد المائية، والبنية التحتية، والاقتصاد، ولا سبيل إلى مواجهة هذا التحدي وتداعياته إلا من خلال الانتباه والاعتراف بخطورته، ويبدأ هذا الاعتراف على مستوى الأفراد، مرورًا بالحكومات، نهاية بالعالم كله ومنظماته الدولية ذات الصلة. ومن التحديات المهمة المرتبطة بتغير المناخ قضية اللجوء البيئي، أو الهجرة بفعل التغيرات المناخية، وخطورة هذه القضية مرتبطة بالحقيقة المتمثلة في أن العالم سوف يشهد٢٠٠ مليون لاجئ بسبب المناخ خلال العقود الثلاثة القادمة، وذلك وفق تقديرات مؤسسات ومنظمات دولية، ففي أواخر عام ٢٠٠٨ ، نظمت الأمم المتحدة مؤتمر قمة؛ لمعالجة مسألة التنقل البشري بسبب التدهور البيئي، وتشير كل الدلائل في هذا السياق إلى أن العالم سوف يواجه تحولًا بيئيًّا سلبيًّا، وهناك العديد من المخاوف الكبيرة بشأن هذا التحول وتداعياته، وبالرغم من اهتمام بعض المنظمات الدولية وبعض الحكومات، فإن قضايا التغير المناخي، بشكل عام، وفي العديد من الدول، وعلى مستوى غالبية الأفراد، محكومة بثقافة الإنكار أو التجاهل على أقل تقدير، ولذلك أحاول منخ الل هذا المقال، طرح قضية التغير المناخي وما يرتبط بها من ظهور أعداد من اللاجئين أو المهاجرين بسبب تداعياته، مع التركيز على الحالة المصرية، حتى يتم الانتباه اليها، والتعامل معها بالجدية المأمولة.[1]
كم أن موضوع المناخ وأزمة المياه في العالم على جانب كبير من الأهمية، وقد فرغت العديد من الجامعات أساتذة متخصصون لعمل دراسات مستقبلية نظرا لخطورة الموقف خلال الخمسين سنة القادمة، والحروب التي قد تحدث بسبب المياه، حتى سموها حرب المستقبل. ومن ينظر بعمق في مسيرة الحضارات الإنسانية القديمة يلاحظ أن معظمها نشأ بالقرب من ضفاف الأنهار أو مصادر المياه بصورة عامة، حيث شكلت المياه دوراً مهما في مسيرة الحياة الإنسانية وظهور الحضارات وتقدمها، حيث نشأت هذه الحضارات علي ضفاف الانهار أو بالقرب من مصادر المياه المختلفة، فوجود المياه كان اساس قيام الحضارات وتقدمها، وبالنظر إلي وضع المياه بالعالم نجد أن 71% من الكرة الأرضية تغطيها المياه، وتشكل المياه العذبة الموجودة نحو 3%.
والقضية التي نحن بصددها هي موضوع الصراعات القادمة في العالم حول المياه ومنابعها، وبالتالي موضوع الأمن المائي لكل أمة من الأمم في الخمسين سنة القادمة، ولا شك أن الأزمات المائية المتوقعة ستكون من عوامل الخطر الذي يتوقع العلماء أن يقود إلى حروب، حيث أنه يوجد 13 دولة عربية تقع ضمن فئة البلدان ذات الندرة المائية أهمها اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي وكذلك دول المغرب العربي بالإضافة إلي الاردن وفلسطين.[2]
مفهوم الأمن المائي:
الأمن المائي هو عبارة عن كميّة المياه الجيّدة والصالحة للاستخدام البشري المُتوافرة بشكلٍ يُلبّي الاحتياجات المختلفة كماً ونوعاً، مع ضمان استمرار هذه الكفاية دون تأثير، ويُمكن تحقيق ذلك من خلال حسن استخدام الموارد المتاحة من المياه، وتطوير أدوات وأساليب هذا الاستخدام، بالإضافة إلى تنمية موارد المياه الحالية، ثم البحث عن موارد جديدة، ونقص كميّات المياه الصّالحة لاستِخدام البَشر يؤدّي إلى الاضرار بالأمن القومي للدول، نتيجة اعتِماد الأفراد والمؤسّسات على المِياه في جميع الأعمَال.[3]
الأزمة المائية.
تعرف بأنها الخلل الذي يحدث في التوازن بين الموارد المائية المتجددة والمتاحة مقارنة بالطلب المتزايد والذي يتمثل في ظهور عجز في الميزان المائي ويطلق عليه (الفجوة المائية).
مفهوم التغير المناخي:
هو اختلال واضطراب في الظروف المناخية المعتادة، كالحرارة وأنماط الرياح والمتساقطات التي تميز كل منطقة علي الأرض وتؤدي وتيرة وحجم التغيرات المناخية الشاملة علي المدي الطويل إلي تأثيرات هائلة علي الأنظمة الحيوية الطبيعية[4].
حيث تجد ظاهرة الاضطراب المناخي تفسيرها لدى عدد من العلماء في ارتفاع حرارة المحيطات والغلاف الجوي على المستوى العالمي وعلى مدى سنوات مديدة، وتُرجع أغلب الدراسات في هذا المقام ظاهرة التغيرات المناخية إلى جملة من العوامل أبرزها النشاط الصناعي وما يخلفه من غازات سامة تتكدس في الغلاف الجوي، مؤثرة بشكل حاد على انتظام حرارة الأرض وتعاقب وتوازن الظواهر البيئية[5]، وستحدث للتغييرات المناخية تأثيرات كبيرة على الأنظمة البيئية وسبل الحياة والتنمية في العالم وذلك من خلال التغيرات في الأنماط الجوية سواء اليومية منها أو الموسمية أو السنوية وذلك عبر الظواهر والأحداث الغير مألوفة وخصوصا التغيرات على درجات الحرارة وكميات هطول الإمطار ومستويات سطح البحر وتقلبات المد والجزر بالإضافة إلى حدوث العواصف والفيضانات والجفاف وتكون هذه التغيرات متفاوتة في شدتها من بلد إلى آخر، حيث تظهر الدراسات والتقارير[6] في بعض الدول زيادة في معدل درجات الحرارة وسقوط الأمطار السنوية[7] كما تظهر زيادة في منسوب البحار وتكرار حدوث العواصف المؤثرة على الاستقرار والحياة والأنظمة الطبيعية حيث ويلاحظ حدوث ذلك غالبا في مناطق مصبات الأنهار والمناطق الساحلية.
هناك عدة إجراءات عملية بالإمكان اتخاذها استعدادا لحدوث أية تغيرات مناخية[8] وبإمكان حث صانعي القرار أيضا لعمل خطوات معينة للتخفيف والتكيف استعدادا لهذه التغيرات، تعتبر كيفية استغلالنا لموارد المياه والطاقة من أهم الإجراءات الواجب اتخاذها حيث سيؤدي تحسين إدارتنا للماء والطاقة إلى تحضيرنا لنكون قادرين على التكيف مستقبلا، إن فهم ومعرفة مواردنا المائية المتوفرة ومصادرها وطرق إدارتها سيؤدي إلى إتباع أساليب مستدامة لاستغلال المياه وتوفير أنظمة توزيع مائية أكثر مرونة وكفاءة وبالتالي الاستثمار الأمثل في البنية التحتية لاستخدامها وذلك بهدف تحسين إمكانية الحصول على الماء وتقليل مخاطر التغير المناخي.
تشمل التغييرات الرئيسية في دورة المياه في الطبيعة (الدورة الهيدرولوجية) نتيجة للتغير المناخي الآتي.
- التغيرات في التوزيع الموسمي وكمية هطول الأمطار.
- زيادة في كثافة هطول الأمطار في معظم الحالات.
- التغيرات في التوازن بين الثلج والمطر.
- ذوبان الجليد المتسارع.
ثمة خطر إضافي يحدق بالأمن المائي، يأتي من تغيّر المناخ؛ إذ يشهد العالم حرارةً لم يسبق لها مثيل، وتزيد درجات الحرارة الآن بنحو 0.5 درجة مئوية عن معدلاتها المتوسطة خلال الفترة ما بين 1961-1990. وحقًّا أثر تغيّر المناخ على موارد المياه في جميع أنحاء العالم، كما تعمل الطاقة الشمسية المحتبسة في الغلاف الجوي بفعل غازات الدفيئة على توجيه الدورة الهيدرولوجية، وأية زيادة ستؤدي إلى تكثيف ملحوظ في الدورة، مما يغيّر من أنماط سقوط الأمطار ويُفاقم الظواهر المتطرفة مثل الجفاف والفيضانات، وحالياً يمكن مشاهدة آثار تغيّر المناخ على الأمن المائي.
كما يتسم الأمن المائي في العالم النامي بسرعة تأثره على نحو خاص بتأثيرات تغيّر المناخ بعض الشيء، لأن مواقعها تعني أن هذه الأمم تستشعر بتغيّر المناخ، لأنها تعول بشدة على الصناعات القائمة على المياه مثل الزراعة. وفي أفريقيا، تضافر ارتفاع درجات الحرارة وزيادة التبخّر مع وانخفاض معدلات سقوط الأمطار لتقليل تدفق المياه بنسبة تصل إلى 40% في العديد من الأنهار الرئيسية، كما تسببت في وقوع حالات جفاف متكررة بمنطقة القرن الأفريقي.[9]
المبحث الاول: الاطار القانوني الدولي لمواجهة التغيرات المناخية
الفريق الحكومي الدولي للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ
تم تعيين الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لتوفير مصدر موضوعي للمعلومات العلمية. وقدم عام 2013 مزيدا من الوضوح من أي وقت مضى حول تغير المناخ الناتج عن البشرية. وأصدر الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ تقرير التقييم الخامس والذي بحث في علم تغير المناخ، وتوصل إلى نتيجة قاطعة إلى أن تغير المناخ هو حقيقة واقعة وأن الأنشطة البشرية هي السبب الرئيس في ذلك.
وهناك بعض القلق إزاء تحولات هامة، والتي ستؤدي إلى تغيرات لا رجعة فيها في النظم البيئية الرئيسية ونظام المناخ في الكوكب، وقد تكون النظم البيئية المتنوعة مثل غابات الامازون المطيرة والتندرا في القطب الشمالي، قد اقتربت من عتبات تغيير جذري من خلال ارتفاع درجات الحرارة والجفاف، كما وتنذر الانهيارات الجليدية الجبلية بتراجع خطير وكذلك آثار انخفاض إمدادات المياه في الأشهر الأكثر جفافاً حيث سيكون لها تداعيات تتجاوز الأجيال.ٍ
الأدوات القانونية للأمم المتحدة
اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ [10]
تعد أسرة الأمم المتحدة في طليعة الجهود الرامية التي تهدف إلى إنقاذ كوكبنا، ففي عام 1992، ومن خلال “قمة الأرض” أنتجت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ كخطوة أولى في التصدي لمشكلة تغير المناخ، واليوم تتمتع هذه الاتفاقية بعضوية شبه عالمية، وصدقت 197 دولة على الاتفاقية وهي طرفاً فيها، إن الهدف النهائي للاتفاقية هو منع التدخل البشري في النظام المناخي.
بروتوكول كيوتو[11]
بحلول عام 1995، بدأت البلدان مفاوضات من أجل تعزيز الاستجابة العالمية لتغير المناخ، وبعد ذلك بعامين، أعتمد بروتوكول كيوتو.
وقانونياً يُلزم بروتوكول كيوتو الأطراف من البلدان المتقدمة بأهداف خفض الانبعاثات، وبدأت فترة الالتزام الأولى للبروتوكول في عام2008 وانتهت في عام2012، وبدأت فترة الالتزام الثانية في1/1/2013 وستنتهي في عام2020، ويوجد الآن197 طرفاً في الاتفاقية و192طرفاً في بروتوكول كيوتو.
اتفاق باريس
توصلت الأطراف في المؤتمر الـ21 للأطراف في باريس إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، إلى اتفاقية تاريخية لمكافحة تغير المناخ، وتسريع وتكثيف الإجراءات والاستثمارات اللازمة لتحقيق مستقبل مستدام منخفض الكربون، ويستند اتفاق باريس على الاتفاقية، ولأول مرة تجلب جميع الدول إلى قضية مشتركة للقيام ببذل جهود طموحة لمكافحة تغير المناخ والتكيف مع آثاره، مع تعزيز الدعم لمساعدة البلدان النامية على القيام بذلك، وعلى هذا النحو فإنه يرسم مساراً جديداً في جهود المناخ العالمي.[12]
وبمناسبة يوم الأرض الذي يحتفل به في22/4/2016، وقع175 زعيماً من قادة العالم اتفاقية باريس في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، حيث كان هذا أكبر عدد من البلدان توقع على اتفاق دولي في يوم واحد من أي وقت مضى حتى الآن. [13]
أما في مصر، فقد احتفلوا بيوم الأرض22/4/2019 في ظل رئاسة لمصر لمؤتمر التنوع البيولوجي 2018:2020 حيث شاركت مصر في هذا اليوم بالعديد من الفقرات والاحتفاليات أبرزها ساعة الارض البيولوجية، كما تضمنت ايضاً الحث علي تفعيل وابراز مبادي وأهداف التنمية المستدامة.
المبحث الثاني: التغير المناخي في مصر وجهود الحكومة المصرية في مواجهته
التغير المناخي في مصر
يعد التغير المناخي ظاهرة بيئية تواجه العالم كله، إلا أن مصر على ما يبدو معرَّضة بشكل خاص لتداعيات التغير المناخي؛ بسبب اعتمادها على نهر النيل كمصدر رئيس للمياه، وقاعدتها الزراعية الأساسية، وخطها الساحلي الطويل، الذي يمر بتغييرات وتآكل مكثّف، أسهم هذا الوضع الجغرافي لمصر، في خلق حالة مناخية من المحتمل أن تنتج العديد من التهديدات البيئية، ويعتبر الجفاف وارتفاع مستوى سطح البحر من الأسباب الرئيسة بين أسباب أخرى، كما أن دلتا النيل تنحسر بالفعل بمعدل ٣ – ٥ ملم سنويًا، بالإضافة إلى أن ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار ٠,٢٥ متر فقط من شأنه أن يدمر معظم المدن التي تحافظ على حيوية الاقتصاد المصري، وارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار٠.٥ متر فقط، من شأنه أن يضع ٦٧ % من السكان، و ٦٥,٩ % من القطاع الصناعي، و ٧٥,٩ % من قطاع الخدمات، تحت مستوى سطح البحر، وفي مثل هذا الوضع، سيتعين تهجير ١,٥ مليون شخص، وسيترتب عليه تداعيات اجتماعية واقتصادية، وما يمكن أن ينتجه ذلك من تهديدات أمنية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن مراجعة “التقرير المحدَّث كل سنتين” الذي قدَّمته الحكومة المصرية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ ٢٠١٨ ، الذي سرد عددًا من التغيرات المناخية المتطرفة في مصر، مثل: ارتفاع درجات الحرارة، وشدة البرودة، والرياح الشديدة، وغير ذلك، ويضاف إلى ما سبق، ظهور العديد من الدراسات والتقارير التي ربطت بين التغير المناخي وقطاع السياحة الذي يعد أحد القطاعات الرئيسة في مصر، ومع كل المخاطر المحتملة والمتوقعة نتيجة التغير المناخي، من المحتمل أن تواجه مصر العديد من الضغوط البيئية، ومن هذه الضغوط هجرة السكان داخليًّا وخارجيًّا؛ بسبب تداعيات التغير المناخي، أو ما يُطلق عليه عالميًّا ظاهرة اللجوء البيئي. .[14]
جهود الحكومة المصرية[15]
وبذلت الحكومة المصرية عددًا من الجهود لمواجهة تحديات التغير المناخي؛ حيث قامت بدراسة مدى تأثير التغيرات المناخية على قطاعات الموارد المائية والزراعة والسواحل والسياحة والصناعة والإنتاج الحيواني، حيث تتأثر هذه القطاعات بتغيرات المناخ، وكانت مصر من أوائل الدول التي وقَّعت على اتفاقية تغير المناخ عام ١٩٩٤، وفي طليعة الدول التي وقَّعت على بروتوكول “كيوتو”؛ للمساهمة في الجهود الدولية لمكافحة آثار التغير المناخي، من خلال التعاون مع الدول الصناعية المتقدمة. كما قامت مصر بإنشاء المجلس الوطني للتغيرات المناخية، ونفَّذت عددًا من المشروعات في مجال تحسين كفاءة الطاقة، وحماية الشواطئ الساحلية، واستنباط بعض المحاصيل القادرة على تحمُّل درجة الحرارة والملوحة، كما نفَّذت دراسة عن الاستراتيجية المصرية لآلية التنمية النظيفة. كذلك طالبت مصر المجتمع الدولي بضرورة الوفاء بالتزاماته تجاه مصر بتوفير الدعم المالي والفني اللازمين لتنمية القدرات المؤسسية والبحثية في مجال التغير المناخي، وإجراء دراسات مستفيضة لتقييم الآثار البيئية والاقتصادية التي قد تنجم عن التغيرات المناخية في مصر، والإسهام في إجراءات التأقلم والتكيف مع هذه الآثار.
المبحث الثالث: نظرة على تداعيات التغيرات المناخية على مستقبل العالم
اولا: مستقبل الأمن المائي العالمي في ضوء التغيرات المناخية
نشرت الأمم المتحدة قبل أيام تقريرها لتنمية المياه، والذي جاء فيه أن 3.6 مليار إنسان أو نصف سكان العالم يعيشون في مناطق يمكن أن تصبح فيها المياه نادرة في شهر واحد على الأقل في السنة، وأضاف أن هذا العدد مرشح للارتفاع إلى 5.7 مليار بحلول 2050.[16]
يشكل مجموع هذه التدابير مثالاً جيداً للحلول القائمة على الطبيعة التي أبرزها التقرير المعنون “الحلول المرتكزة على الطبيعة لدعم الموارد المائية”.
وفي هذا الصدد، قالت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي “نحن نحتاج إلى حلول جديدة لإدارة الموارد المائية من أجل التعويض عن التحديات الناشئة المتعلقة بالأمن المائي التي يطرحها النمو السكاني وتغير المناخ، وبحلول عام2050، سوف يعيش حوالي5 مليار نسمة في مناطق تفتقر إلى المياه إذا لم نفعل شيئاً،[17] ويقترح هذا التقرير حلولاً تقوم على الطبيعة من أجل تنمية الموارد المائية ويشكل هذا الأمر تحدياً كبيراً علينا أن نتصدى له معاً من خلال نهج سليم من أجل درء النزاعات المتعلقة بالمياه.[18]
ثانيا: التأثيرات البيئية لحرائق غابات الامازون
حيث ترجع أهمية الغابات في كونها تغطي نحو31% من مساحة الكرة الأرضية ويعتمد أكثر من1.6 مليار نسمة عليها ويسكنها300 مليون نسمة، حيث تلعب الغابات دور مهم في ثبات التربة وحماية الاراضي من التجريف بفعل الرياح والمياه، كما تعمل علي امتداد مستدام من المياه العذبة النظيفة، حيث (3/4) كميات المياه العذبة المتوفرة في العالم،[19] من مستجمعات المياه في الغابات، حيث أنها تعتبر أكبر غابة مطيرة في العالم إذ تزيد مساحتها عن800 مليون هكتار وتمتد عبر9 دول، كما أن الغابات تعتبر جزء لا يتجزأ من الجهود الدولية لمكافحة التغيرات المناخية بسبب دورها المحوري في قضية التغيرات المناخية وتوازن المناخ العالمي[20]، حيث أن استمرار هذه الكوا رث في الامازون من شأنها تؤثر علي المياه وما تنتجه هذه المنطقة لكميات المياه العذبة المتوفرة في العالم، لذلك يجب تضافر الجهود الدولية لتحقيق العدالة البيئية والمناخية وعدم الاضرار بموارد المياه.
ثالثا: تحليل مستقبلي لبعض قارات العالم إزاء التغير المناخي:
- افريقيا
من المتوقع أن يتعرض ما بين75 : 200 مليون شخص لارتفاع في الإجهاد المائي الناشئ عن تغير المناخ وسوف يشهد بعض البلدان انخفاضاً بنسبة تصل إلى50% في المحاصيل الزراعية التي تعتمد على الأمطار والإنتاج الزراعي، فتتعرض العديد من البلدان الأفريقية للخطر مثل بتسوانا ودول شمال افريقيا هي أشد الدول التي تعاني من النقص الشديد للمياه ومُعرضه للتغيرات المناخية التخريبية وتدني سقوط الامطار.
- آسيا
مع التغيرات المتوقعة في الدورة الهيدرولوجية بحسب الإسقاطات، كما أن الاحتباس الحراري يسئ الوضع، وبحسب بيانات البنك الدولي بحلول عام2050 ستتكبد بعض المناطق الاسيوية أكبر الخسائر الاقتصادية بسبب نقص المياه المتعلقة بالمناخ بقدر يتراوح لـ14% من الناتج المحلي وتعد أكثر الدول الذي ستعاني من انخفاض المياه، قطر وفلسطين وايران.
- أوروبا
من المتوقع أن يزيد تغير المناخ من الاختلافات الإقليمية على صعيد الموارد والأصول الطبيعية في أوروبا وتشمل الآثار السلبية تزايد خطر حدوث الفيضانات الداخلية المفاجئة وازدياد تواتر الفيضانات الساحلية (بسبب العواصف وارتفاع مستوى سطح البحر) وسوف تواجه المناطق الجبلية تراجعاً في الأنهار الجليدية، وتقلص الغطاء الجليدي والسياحة الشتوية
- أمريكا الجنوبية
من المتوقع بحسب الإسقاطات أن تؤدي بحلول منتصف القرن الارتفاعات في درجة الحرارة والانخفاضات المرتبطة بها في مياه التربة إلى الاستبدال التدريجي للغابات الاستوائية بالسافانا شرق الأمازون ومع انتشار ظاهرة الجفاف وانخفاض درجات حرارة المحيط الهادي سوف تتأثر العديد من الدول أهمها شيلي بإنخفاض معدلات المياه تصل ل37% للتغيرات المناخية والنمو السكاني.
- أمريكا الشمالية
من المتوقع أن يحدث انخفاض في التراكم الثلجي، وزيادة في الفيضانات الشتوية، وانخفاضاً في التدفقات الصيفية، وتفاقم التنافس على الموارد المائية، وقد تشهد العقود الأولى لهذا القرن تغيّراً معتدلاً في المناخ يؤدى إلى زيادة في إجمالي محاصيل الزراعة وظهور تحديات جسيمة في وجه المحاصيل القريبة من أعلى درجات الحرارة المناسبة لها، أو المحاصيل القريبة التي تعتمد على مصادر مائية تستخدم بكثافة. [21]
ختامًا، وفيما سبق عرضه، تهدف الورقة البحثية إلى تسليط الضوء إلى ضرورة الاهتمام بقضايا التغير المناخي، وما يمكن أن يؤدي إليه من نزوح سكاني، سواء من المناطق المصرية المحتمل تضررها إلى المناطق الأخرى الأقل تضررًا، أو نزوح سكاني إلى مصر من بعض الدول المجاورة المحتمل تضررها، وهنا نوصي بضرورة الحاجة إلى توصيف مثل هذا النمط من النزوح، والاستقرار على مفهوم وتعريف واضح، خاصة وأن هناك عددًا من المفاهيم المستخدمة، مثل: اللجوء البيئي، والهجرة البيئية، والهجرة الناجمة عن التغير المناخي، والمهاجرين القسريين؛ بسبب نقص الموارد البيئية الأساسية.. إلخ، ويجب أن يكون المفهوم متفقًا عليه دوليًّا؛ من أجل الحصول على درجة كبيرة من الشفافية.
وقد يكون بناء المهارات والتعليم للأفراد المعرَّضين لمخاطر النزوح الداخلي بسبب التدهور البيئي، وفقدان أسلوب الحياة الآمن، خطوة مهمة في إحداث تدخل حكومي مستدام، ويجب أن يشمل بناء المهارات التثقيف حول التهديد البيئي، وطرق مكافحته وإبطائه، كما يجب تدريب المزارعين على طرق زراعية جديدة. وتجب الإشارة إلى الجدل المتزايد حول ما إذا كان السكان المتأثرون بتغير المناخ هم جماعة جديدة بحاجة إلى الحماية، وما إذا كانت الأطر القانونية الحالية كافية لتوفير الحماية لهم، هنا لابد من التأكيد على أن الدول تتحمل مسؤولية أخلاقية بالإضافة إلى الدوافع الأمنية، للمساعدة في تحمُّل عبء الحماية من التدهور البيئي.
المراجع
- الكتب
- كتاب التغير المناخي–تأليف ايف سياما–ترجمة زينب عبدالمنعم – مكتبة نور للتغير المناخي
- مقدمة عامة عن التغيرات المناخية – م/ صابر محمود عثمان
- قاموس التغيرات المناخية eeaa.gov.eg
- التقارير الدولية والاتفاقيات
- تقرير أممي يشدد علي الحلول الطبيعية للتصدي لأزمة المياه العالمية – موقع الامم المتحدة – academicimpact.un.org
تقرير الأمم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية، موقع منظمة اليونسكو: - https://ar.unesco.org/news/lhswl-lmyh-lamn-tzyz-lhlwl-lqy-m-ltby
- التقرير التوليفي الصادر من اللجنة الدولية للتغيرات المناخية https://www.ipcc.ch/publications_and_data/ar4/syr/ar/spmsspm-3.html
- اتفاقية الامم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ – الامم المتحدة1992م
- بروتوكول كيوتو الملحق باتفاقية الامم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ – الامم المتحدة2005م
- نظرة تحليلية لاتفاقية باريس حول تغير المناخ – دكتور ماري لومي – ديسمبر2015
(ج) المواقع الإلكترونية
- موقع الأمم المتحدة، قضايا عالمية، تغير المناخ http://www.un.org/ar/sections/issues-depth/climate-change/index.html
- محمد عبده يماني، الأمن المائي ومخاطر المستقبل، http://dryamani.com/ar/News.aspx?NID=292#.W5VvT1QzbIX
- عبد الله بن سالم بن مسلم الغيلاني، الأمـن الـمــائي ،وسـبــل تحقـيقـه، http://www.omandaily.om/532945
- مستقبل الأمن المائي العربي كارثة يمكن تفاديها – موقع قناة DW بالعربية https://www.dw.com/ar/%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%83%D8%A7%D8%B1%D8%AB%D8%A9-%D9%8A%D9%85%D9%83%D9%86-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%87%D8%A7/a-4309164
- حرائق الامازون، تأثيرات بيئية واقتصادية قبل تحدي سبتمبر، العين الاخبارية، لميس العربي.
- حقائق عن أزمة المياه في العالم العربي – غنيمة العنتيبي – مدونات البنك الدولي.
- دراسة التغيرات المناخية وأثارها علي التنمية المستدامة – الدكتور سرحان سليمان – سبتمبر2015م
[1] https://idsc.gov.eg/DocumentLibrary/View/4573
[2] حقائق عن أزمة المياه في العالم العربي – غنيمة العنتيبي – مدونات البنك الدولي
[3] عبد الله بن سالم بن مسلم الغيلاني، الأمـن الـمــائي ،وسـبــل تحقـيقـه، http://www.omandaily.om/532945
[4] قاموس التغيرات المناخية www.eeaa.gov.eg
[5] موسوعة الجزيرة،
http://www.aljazeera.net/encyclopedia/conceptsandterminology/2015/12/14/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE%D9%8A
[6] حيث أشارت إحدى الدراسات الصادرة عن المنظمة الدولية للأرصاد الجوية إلي ارتفاع في متوسط درجات الحرارة عالمياً بنحو أربع درجات مئوية بحلول عام 2060
[7] دراسة اقتصادية للتغيرات المناخية وأثارها علي التنمية المستدامة – الدكتور سرحان سليمان – سبتمبر 2015
[8] كما يوجد بعض الوسائل للحد من أسباب تغير المناخ ومنها
1- تسعير الكربون
2- انهاء دعم الوقود الاحفوري
3- بناء المدن المرنة منخفضة الانبعاثات الكربونية
4- زيادة كفاءة استخدام الطاقة واستخدام الطاقة المتجددة
[9] ) لوسيندا ميلهام، تأثير تغيّر المناخ على الأمن المائي للبلدان النامية
[10] اتفاقية الامم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ – الامم المتحدة 1992
[11] بروتوكول كيوتو الملحق باتفاقية الامم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ – الامم المتحدة 2005
[12] نظرة تحليلية لاتفاقية باريس حول تغير المناخ – دكتور ماري لومي – ديسمبر 2015
[13] ) موقع الأمم المتحدة، قضايا عالمية، تغير المناخ
http://www.un.org/ar/sections/issues-depth/climate-change/index.html
[14] https://idsc.gov.eg/DocumentLibrary/View/4573
[15] https://idsc.gov.eg/DocumentLibrary/View/4573
[16] ) مستقبل الأمن المائي العربي كارثة يمكن تفاديها – موقع قناة DW بالعربية https://www.dw.com/ar/%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%83%D8%A7%D8%B1%D8%AB%D8%A9-%D9%8A%D9%85%D9%83%D9%86-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%87%D8%A7/a-4309164
[17] تقرير أممي يشدد علي الحلول الطبيعية للتصدي لأزمة المياه العالمية – موقع الامم المتحدة – www.academicimpact.un.org
[18] ) تقرير الأمم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية، موقع منظمة اليونسكو:
https://ar.unesco.org/news/lhswl-lmyh-lamn-tzyz-lhlwl-lqy-m-ltb
[19] حرائق الامازون، تأثيرات بيئية واقتصادية قبل تحدي س بتمبر، العين الاخبارية، لميس العربي.
[20] مرجع سابق
[21] )التقرير التوليفي الصادر من اللجنة الدولية للتغيرات المناخية
https://www.ipcc.ch/publications_and_data/ar4/syr/ar/spmsspm-3.html
.
رابط المصدر: