تقديم :
إن مفهوم الموارد البشرية اليوم أصبح واسعا ومعقدا، بالرغم من هذا المفهوم فقد تم تعريفه حصرا في توفير القوى العاملة المدربة، ثم توسع هذا المفهوم تدريجيا إلا أنه ظل لفترة طويلة يعتبر البشر بمثابة موارد، وبذلك أصبح العنصر البشري جزء لا يتجزأ من النظرية والتنمية الإقتصادية، وهكذا تحولت فكرة التنمية من الاهتمام بالاستثمار الرأس مالي وإنتاج السلع، إلى الاهتمام برفع قدرات البشر وما يمكن أن تولده هذه القدرات بل الأكثر من ذلك، فقد جاءت نتائج الأبحاث التي ظهرت في نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي، وما بعدها مؤكدة لهذه الإتجاهات الجديدة. وبهذا فإن المورد البشري يزداد عن طريق الاستثمار الإنساني، ويتركز هذا الأخير أساسا في التعليم والتدريب إلا أنه يشمل التنمية الصحية والتغذية، يعتبر تدبير الموارد البشرية بالإدارة العمومية المغربية من الرهانات الكبرى التي قد تواجهها، ومن هنا تحاول الوزارة المعنية إيجاد الحلول والسبل الكفيلة للتغلب عليها. وذلك بترشيد تدبير الموارد البشرية من خلال تحسين منظومة الأجور وإجراء تكوينات للموظفين، وتحفيزهم بهدف تطوير وتجويد أدائهم الوظيفي الذي سينعكس بنتائج إيجابية على الأداء الإداري بشكل عام، كما إن تدبير الموارد البشرية لا يتشكل من عملية واحدة فقط بل هو مسلسل من العمليات المترابطة والمتداخلة فيما بينها، ومن بين أهم هذه العمليات المشكلة لسلسلة تدبير الموارد البشرية العلاقة النظامية بين هذه الأخيرة والإدارة، وكذلك عملية التوظيف باعتبارها العملية الإستراتيجية التي يتسنى للإدارة عبرها التغلب على الخصاص الحاصل على مستوى مصالحها من الموظفين، ومن التخصصات والكفاءات التي تساعد على تجويد مخرجات الإدارة في علاقتها بمحيطها الخارجي، إضافة إلى الأجهزة المتدخلة في تدبير الموارد البشرية.
ونظرا لأهمية الدور الذي تلعبه الموارد البشرية في الإدارة العمومية المغربية، إلا أن هناك إكراهات قانونية متمثلة في تعدد الأنظمة والقوانين المنظمة للوظيفة العمومية، نظرا للوضعيات التي ورثها المغرب عن العهد الاستعماري، التي تم إحداثها لإغراء الأطر الفرنسية عن طريق الامتيازات، بحيث ناهزت أنظمة التعويضات 500 تعويضا، اتسمت بالتعقيد وعدم المساواة بين الموظفين، وغموض النصوص التشريعية واعتماد الحلول الجزئية في أغلب الإصلاحات الإدارية التي عرفها المغرب منذ الاستقلال إلى اليوم. بالإضافة إلى الإكراهات الهيكلية المتجلية في البيروقراطية التي أفرزت سلوكات سلبية في التنظيم والتسيير، والتضخم الكمي للموظفين نتيجة التوظيف دون وضع سياسة عقلانية للتوظيف العمومي، مما أدى إلى تضخم عدد الموظفين داخل الإدارة جعل تدبير هذه الموارد أمرا صعبا. فضلا عن الإكراهات المرتبطة بالحوافز سواء المادية أو المعنوية، والتي تؤثر بشكل سلبي أو إيجابي على أداء الموارد البشرية داخل الإدارة، وكذا تحديات مستقبل تدبير الموارد البشرية، المتمثلة في كيفية تطبيق وتطوير الإدارة الإلكترونية وأيضا التخطيط الإستراتيجي الذي يقوم على رؤية شاملة لمكونات الإدارة وإعطاء البدائل والخيارات المتاحة، لمواجهة كل المتغيرات المحيطة بها والاستفادة من نقط القوة وتعزيز نقط الضعف التي تعاني منها، لتحقيق التدبير الجيد والفعال للمورد البشري، والمردودية المتوخاة من هذا الأخير في الإدارة العمومية المغربية.
المصدر