أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في أغسطس 2022 النشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق لعام 2021، ووفقًا للبيان بلغ عدد عقود الزواج 880041 عقدًا عام 2021 مقابل 876015 عقدًا عام 2020 بنسبة زيادة قدرها 0.5%. وبلغ عدد حالات الطلاق 254777 حالة عام 2021 مقابل 222036 حالة عام 2020، أي بنسبة زيادة قدرها 14.7%. ووفقًا لذلك فإن هناك حالة طلاق تقع كل دقيقتين، ومن 25 إلى 28 حالة طلاق تقع كل ساعة، ويصل عدد الحالات في اليوم إلى 630 حالة بمعدل 18500 حالة في الشهر. ووفقًا للتقرير فإن 12% من حالات الطلاق وقعت خلال العام الأول من الزواج، مقابل 9% في العام التالي، و6.5% خلال العام الثالث.
وقد بلغ عدد أحكام الطلاق النهائية 11 ألفًا و194 حكمًا عام 2021 بنسبة زيادة قدرها 38.4% من جملة الأحكام عن 2020، وبلغ عدد أحكام الطلاق في الحضر 10 آلاف و888 حكمًا بزيادة قدرها 37.4%، بينما بلغ عدد أحكام الطلاق في الريف 306 أحكام تمثل 2.7% من جملة الأحكام.
وبلغ معدل الطلاق بالحضر 3.3 في الألف عام 2021، وفي الريف 1.9 في الألف، وسجل أعلى معدل طلاق 5.4 في الألف بمحافظة القاهرة، بينما بلغ أقل معدل طلاق 1.1 في الألف بمحافظة أسيوط.
أما عن سن الطلاق، فقد سجلت أعلى نسبة طلاق في الفئة العمرية (من 30 إلى أقل من 35 سنة)، حيث بلغ عدد الإشهادات بها 48342 إشهادًا بنسبة 19.8%، بينما سجلت أقل نسبة طلاق في الفئة العمرية (من 18 إلى أقل من 20 سنة)، حيث بلغ عدد الإشهادات بها 390 إشهادًا بنسبة 0,2% من جملة الإشهادات، وقد بلغ متوسط سن المطلق 40.1 سنة عام 2021.
وبالنسبة للمطلقات، فقد سجلت أعلى نسبة طلاق في الفئة العمرية (من 25 إلى أقل من 30 سنة)، حيث بلغ عدد الإشهادات بها 43427 إشهادًا بنسبة 17.8%، بينما سجلت أقل نسبة طلاق في الفئة العمرية (65 سنة فأكثر)، حيث بلغ عدد الإشهادات بها 1637 إشهادًا بنسبة 0,7% من جملة الإشهادات، وقد بلغ متوسط سن المطلقة 33.8 سنة عام 2021.
- معدلات الطلاق في زيادة مستمرة:
أشارت البيانات الأخيرة إلى زيادة معدلات الطلاق في مصر بنسبة 14.7% عن العام الماضي، ولم تكن الزيادة الأخيرة هي الزيادة الوحيدة في نسب الطلاق، فمنذ عام 2009 ونسب الطلاق في ارتفاع مضطرد باستثناء عامي 2016 و2020، فقد سجل عام 2009 ،141.5 ألف حالة طلاق، وارتفع العدد ليصبح 149.4 ألف حالة طلاق عام 2010، وبوتيرة زيادة متباطئة وصلت عدد حالات الطلاق إلى 151.9 ألف حالة عام 2011 ثم 155.3 ألف حالة عام 2012، ثم حدث ارتفاع ملحوظ عام 2013 ليصل عدد الحالات إلى 162.6 ألف حالة، ثم حدث ارتفاع كبير في المعدلات في عامي 2014 و2015 على التوالي بعدد 180.3 ألف حالة و199.9 ألف حالة طلاق. ثم حدث انخفاض طفيف لتسجل 192.1 ألف حالة عام 2016، وبدأ المؤشر في الصعود مرة أخرى في العام التالي، حيث سجل 198.3 ألف حالة طلاق عام 2017، وواصل المؤشر ارتفاعه حتى وصل إلى 211.6 ألف حالة عام 2018 ثم وصل إلى 225.9 ألف حالة عام 2019. ثم حدث الانخفاض الثاني حتى وإن كان طفيفًا في عام 2020 ليسجل 222.0 ألف حالة طلاق، ليعاود المؤشر الارتفاع فسجل 254.8 ألف حالة طلاق في عام 2021.
مصر في التقرير العالمي للسكان
وفقًا للتقرير العالمي للسكان 2022، احتلت مصر المرتبة العشرين في معدلات الطلاق حول العالم 2022، بتسجيل 2.3 حالة طلاق لكل 1000 من السكان، وتُعد المالديف التي تسجل 5.52 حالات طلاق على قائمة أعلى الدول في معدلات الطلاق ثم كازاخستان بمعدل 4.6 حالات طلاق، ثم روسيا التي تسجل 3.9 حالات طلاق، فبيلاروسيا بمعدل 3.7 حالات طلاق، وسجلت الصين المرتبة السابعة بمعدل 3.2 حالات طلاق، وسجلت الولايات المتحدة المرتبة الـ13 بمعدل 2.7 حالة طلاق. وعربيًا سجلت ليبيا المرتبة الـ 18 بمعدل 2.5 حالة طلاق لكل 1000 من السكان. بينما سجلت المملكة العربية السعودية المرتبة الـ 27 بمعدل 2.1 حالة طلاق، في مقابل ذلك سجلت كل من الجزائر والأردن المرتبة الـ57 بمعدل 1.6 حالة طلاق.
- التحديث والطلاق: مخاطر تهدد الأسرة
المعدلات المتزايدة للطلاق في البلاد المتقدمة تشير إلى الضغوط التي تتعرض لها الأسرة في المجتمعات الحديثة، وهو ما يؤكده التفاوت الكبير في معدلات الطلاق بين الحضر والريف في مصر. فمعدلات الطلاق في الريف أقل كثيرًا منها في المدن، بما يعني أن الأسرة الريفية أكثر استدامة وأطول عمرًا من الأسرة الحضرية، وبما يشير إلى الضغوط التي تتعرض لها الأسرة في المجتمعات الحضرية الحديثة.
لا تزال التقاليد الاجتماعية الموروثة تحكم العلاقات الإنسانية في الريف، فلا يزال اختيار الزوج أو الزوجة يتحكم فيه إلى حد بعيد رأي الأهل وخاصة الأب والأم والإخوة الذكور، ومدى معرفة الأهل بأهل الفتاة، أو أهل الشاب المتقدم للزواج. وفي النهاية، يكون رأي الأب هو الرأي الغالب الواجب تنفيذه، وفي السياق ذاته فإن إنهاء العلاقة الزوجية يرتبط إلى حد بعيد برغبة الأهل وليست أمرًا متروكًا لطرفي العلاقة الزوجية وحدهما.
في الريف يوجد خوف من الطلاق ومن نظرة المجتمع للمطلقة. حيث قد لا ترغب المرأة في الطلاق أحيانًا خوفًا من وصمة المجتمع لها والنظرة السيئة للمرأة المطلقة وقلة فرصها في الزواج مرة أخرى. ليس هذا فحسب، بل إن طلاقها قد يؤثر على زواج بناتها في المستقبل انطلاقًا من الأمثال الشعبية التي تشبه الابنة بوالدتها.
وتشجع الثقافة المتوارثة في الريف على الاستمرار في الحياة الزوجية، حيث تتأسس تلك القوالب على فكرة أهمية وجود زوج وحياة زوجية قائمة حتى وإن لم تكن حياة سعيدة، وينعكس ذلك في الأمثال الشعبية المتوارثة عبر الأجيال، والتي تحثّ على الصبر على البلاء في الحياة الزوجية، وأهمية وجود رجل تستند عليه الفتاة، وكثرة الأبناء تمنع من التفكك الأسري حيث يقل نسب حدوث الطلاق في الأسرة كثيرة العدد، وهكذا.
وينتشر زواج الأقارب في الريف، ويمكن اعتبار ذلك أحد عوامل الحفاظ على الأسرة، رغم ما قد يكون له من أضرار أخرى. فبالرغم من الندرة النسبية في الإحصاءات الرسمية عن حالات زواج الأقارب في مصر إلا أن بعض الأبحاث أشارت إلى أن نسبة زواج الأقارب تصل إلى 50% في الريف.
وختامًا، فإن الضغوط التي تتعرض لها الأسرة ستتواصل، بما يبرز أهمية التوصل سريعًا إلى حلول جذرية ومتكاملة للحد من ارتفاع نسب الطلاق، وبناء على ذلك: يُقترح إنشاء لجنة وطنية عليا تختص فقط بمتابعة ملف الطلاق في مصر من حيث الأسباب وسبل المواجهة، مع متابعة مؤشرات الأداء على الأرض، على أن تعمل على توحيد الجهود المتناثرة وصياغتها في إطار تنظيمي يستهدف الحد من ارتفاع الأعداد.
وتشريعيًا يتعين سرعة الانتهاء من التعديلات المستهدف تطبيقها في قانون الأحوال الشخصية الجديد.
واجتماعيًا، ضرورة العمل على معالجة ما ينتج عن الطلاق من آثار سلبية، خصوصًا على الأبناء الذين يعتبرون الضحية الأولى للطلاق بتخصيص برامج قومية شاملة لهم تحت إشراف الجهات المعنية بطريقة تتسم بالعملية والموضوعية.
ويتزامن ذلك مع ضرورة قيام منابر الإعلام المختلفة في الدولة بإلقاء الضوء على تجارب الزواج الناجحة والمستمرة لفترات طويلة أو الأسر المتماسكة باعتبارها نماذج إيجابية وقدوة للآخرين للاحتذاء بها والتعرف على تجاربهم وما ينعمون به من استقرار خلال رحلة حياتهم وذلك من خلال البرامج الحوارية والدراما التلفزيونية. بجانب دعم الحملات التوعوية التي تنادي بتيسير الزواج وتجنب الإنفاق والمصاريف التي لا يقدر عليها العديد من الشباب وذلك في سبيل توفير الطمأنينة الأسرية والعيش الكريم للأسرة بعد الزواج وخصوصًا في السنوات الثلاث الأولى.
مع ضرورة تعميم مراكز التوجيه الأسري في مختلف محافظات الجمهورية، مع تكثيف البرامج والمحاضرات التوعوية في الأماكن العامة والمترو وفي الجامعات والمدارس، لتوعية الشباب والفتيات بعواقب الطلاق وخصوصًا في وجود أطفال وعدم الاكتفاء ببرنامج واحد “مودة”، مع ضرورة تفعيل دور وحدة “لم الشمل” التابعة للأزهر الشريف لتقريب وجهات النظر بين الزوجين ومساعدتهم في حل مشاكلهم قبل أن تتفاقم وتصل إلى طريق مسدود.
.
رابط المصدر: