مازن صاحب
يبدو قانوني الموازنة والمحكمة الاتحادية قد تحولا الى برامج دعاية انتخابية مبكرة، مقابل التزامات اعمال مجلس النواب امام استحقاق مهم لمتظاهري تشرين في تحقيق انتخابات تأسيسية نزيهة، وعلى الرغم من كون قانون الانتخابات الجديد قد تضمن المطلب الجوهري بتغيرها الى نظام الدائرة الواحدة والانتخاب المباشر، الا ان واقع الحال ما بين موعد صدور هذا القانون وموعد الإنتهاء من نظام الدوائر الانتخابية فيه تكشف حقيقة احتواء مطالب احتجاجات تشرين وعدم المضي قدما في الالتزام بها.
والانكى من ذلك ان المناقشات الجارية حول قانون الموازنة 2021 وقانون المحكمة الاتحادية قد تحولت إلى مباراة للدعاية الانتخابية المبكرة فكل طرف بما لديهم فرحون من دون ان يتبلور موقف مشترك يحقق للشعب تلك العدالة الاجتماعية المنشودة لكل العراقيين، وهكذا يتكرر الخلاف بين الإقليم الكردي والحكومة الاتحادية في تفسير نصوص دستورية فيما تختلف ايضا في تشريع مواد في قانون المحكمة الاتحادية، لأن جميع الأطراف تبحث عن ضمان حقوق مكونات لا حقوق مواطنة دستورية.
لذلك مطلوب اليوم ان تكون شعارات ساحات التحرير العراقية منهجية، وان تسارع اللجان التنسيقية الى الاعلان عن برنامج متكامل للسياسات العامة تبدأ من حوكمة الانتخابات المقبلة لتكون انتخابات تأسيسية نزيهة، والعمل على الفصل المنهجي بين البرلمان وبين تشكيل الحكومة، من خلال الفصل بين شخوص المرشحين لخوض الانتخابات والوصول الى مقاعد مجلس النواب وبين من يرشحون لحقائب وزارية او مناصب مهنية، بما يمنح اي حكومة مقبلة خصوصية الاحتراف المهني، لا مفاسد المحاصصة، واعتقد بضرس قاطع ان اغلبية التحالفات الانتخابية بإمكانها الاعلان عن تشكيلة حكومة مقترحة وبرنامجها خلال الدعاية الانتخابية.
لكن ما يحصل هذه الأيام من مناكفات ومناورات برلمانية، وما بين التحالفات الجديدة داخل اروقة مجلس النواب لا يمكن وصفه بغير كونه دعاية انتخابية في غير محلها، بل انها ادت الى تأخير إقرار قانون الموازنة العامة 2021، الامر الذي سيؤدي الى الغاء جميع المشاريع الاستثمارية ويمنع الفوائد المرجوة على واقع اقتصادي هش.
ولعل من اثار هذه النمطية في تشريع قانوني الموازنة والمحكمة الاتحادية، تلك الاصوات الداعية الى اعادة النظر في سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، والتي صمتت على قرار تخفيض قيمة الدينار اصلا.
يضاف الى ذلك ما يثار عن الاختلافات في مواد تشريع قانون المحكمة الاتحادية، لمحاكاة اهواء الاسلام السياسي في دستور التزم بمبادئ الديمقراطية كعنصر مطابق للالتزام بأحكام ثوابت الدين الإسلامي كمصدر للتشريع. ومثل هذا الاختلاف في تفسير نصوص دستورية، من ذا الذي يحكم فيه والاختلاف يمس تشريع المحكمة الاتحادية صاحبة الاختصاص في مثل هذه الأمور، حتى بات قول الشاعر فيك الخصام وانت الخصم والحكم يطابق واقع مجلس النواب وهو يناقش تشريع قانون المحكمة الاتحادية صاحبة الاختصاص في تفسير النصوص الدستورية.
وهذا تراجع كبير عن روح الدستور العراقي وتعقيد جديد في إجراءات اي تغيير مقبل لبناء دولة مدنية عصرية. كلا الحالتين لم تجعل ساحات التحرير العراقية تصدر اي بيان توضيحي او مواقف اعلامية للكشف عن هذه المخالفات الدستورية، وكان تنسيقيات هذه الساحات قد اكتفيت بتاسيس احزابا وتعمل من اجل تحالفات مقبلة. فما حدا مما بدا واين هي قيمة دماء عشرات الشباب التشريني والمئات من المتظاهرين؟؟ كلما تقدم يؤكد ان الانتخابات المقبلة مفصلية في اعادة تاسيس العملية السياسية، وان لعبة شد الأطراف داخل وخارج مجلس النواب ربما اقول ربما ستجعل المواطن الناخب يفقد الامل كليا بجميع الأطراف من اجل حكم رشيد في عراق واحد وطن الجميع ولله في خلقه شؤون!
رابط المصدر: