تتخوف شركات الطيران الأمريكية مما قد يسببه تشغيل شبكة الجيل الخامس من خدمة الإنترنت قرب المطارات من حوادث، وقررت بذلك تأجيل أو إلغاء عدد من رحلاتها في المطارات المعنية، فيما أعلنت شركتا الجيل الخامس في الولايات المتحدة “فيرايزن” و”إيه تي أند تي” إرجاء تشغيل شبكتهما بالمواقع المثيرة للجدل.
وأنفقت شركتا الاتصالات العملاقتان عشرات مليارات الدولارات للحصول على تراخيص “5 جي” العام الماضي. فلماذا تتخوف شركات الطيران من هذه الشبكة؟
وأثارت شركات في قطاع الطيران مخاوف بشأن تداخل محتمل مع الأجهزة اللاسلكية لقياس الارتفاع، والتي قد تستخدم الترددات نفسها، خصوصا إذا كانت الأحوال الجوية سيئة.
وكانت شركة “أنا” اليابانية والخطوط الجوية اليابانية من بين أولى شركات الطيران الرئيسية التي أعلنت إلغاء رحلاتها بسبب مخاوف بشأن إطلاق شبكة الجيل الخامس الذي كان مقررا الأربعاء.
وقالت “أنا” اليابانية في بيان “أشارت إدارة الطيران الاتحادية في الولايات المتحدة (إف إيه إيه) إلى أن الموجات اللاسلكية الناجمة عن خدمة الجيل الخامس اللاسلكية، قد تتداخل مع أجهزة قياس ارتفاع الطائرات”.
وأضافت “ونتيجة لذلك، أعلنت شركة بوينغ قيودا على الرحلات الجوية التابعة لكل شركات الطيران التي تشغل طائرات بوينغ 777، وقمنا بإلغاء رحلات مقررة بهذه الطائرة أو تغيير طرازها، من وإلى الولايات المتحدة بناء على إعلان بوينغ”.
وكانت “فيرايزن” و”إيه تي أند تي” أرجأتا إطلاق خدمة شبكة الجيل الخامس مرتين بسبب تحذيرات من الكثير من شركات الطيران والمجموعات المصنعة للطائرات التي أبدت مخاوفها من تداخل 5 جي مع الأجهزة اللاسلكية المستخدمة لقياس الارتفاع.
وأشارت “إف إيه إيه” الأحد إلى أنها أعطت موافقتها على تشغيل بعض محطات الإرسال داخل مناطق سيتم نشر الجيل الخامس فيها، بحيث تم تأمين “ما يصل إلى 48 من المطارات الأكثر تأثرا بتداخل ترددات ‘الجيل الخامس سي-باند‘ من أصل 88”.
لكن شركات الطيران أعربت في رسالة إلى مسؤولين حكوميين عن قلقها من أن القيود المتبقية في تلك المطارات، بالإضافة إلى كمية كبيرة من المعدات التي ما زالت غير معتمدة، قد تشعل أزمة من شأنها أن توقف آلاف الرحلات الجوية.
ووقع الرسالة الرؤساء التنفيذيون لشركات الطيران الكبرى من بينها الخطوط الجوية الأمريكية ويونايتد إيرلاينز ودلتا وساوث ويست إيرلاينز، بالإضافة إلى عملاقَي الشحن “فيديكس” و”يو بي إس”.
وأعلنت شركة طيران الإمارات الأربعاء تعليق رحلاتها إلى تسع مدن في الولايات المتحدة، وقالت شركة الطيران في إمارة دبي: “بسبب المخاوف التشغيلية المرتبطة بالنشر المتوقع لخدمات شبكة الجيل الخامس النقال في بعض مطارات الولايات المتحدة، تعلق طيران الإمارات رحلاتها إلى (تسع) وجهات أمريكية”.
وأوضحت الشركة في بيان أن هذا الإجراء يشمل “اعتبارا من 19 كانون الثاني/يناير 2022 وحتى إشعار آخر” تسعة مطارات هي بوسطن وشيكاغو ودالاس فورت وورث وهيوستن وميامي ونيوارك وأورلاندو فضلا عن سان فرانسيسكو وسياتل.
كذلك، قالت شركة الطيران الهندية أنها ألغت بعض الرحلات الجوية المتجهة إلى الولايات المتحدة وتغيير طراز الطائرات.
حلول في الأفق؟
وحذر الرؤساء التنفيذيون لأكبر شركات الطيران في الولايات المتحدة من “اضطرابات كارثية” في عمليات السفر والشحن إذا ما تم المضي قدما في نشر شبكة الجيل الخامس كما هو مخطط له.
ووصفت “إيه تي أند تي” التأجيل الأخير لها بأنه طوعي وموقت، فيما قال ناطق باسمها إنها تعمل مع قطاع الطيران و”إف إيه إيه” من أجل “توفير مزيد من المعلومات حول نشر شبكتنا للجيل الخامس نظرا إلى أنهما لم يستغلا العامين الماضيين للتخطيط بمسؤولية لعملية النشر هذه”.
وفي سياق متصل، قال ناطق باسم “فيرايزن” إن خدمة الجيل الخامس ستكون متاحة الأربعاء لحوالى 90 مليون أمريكي، لكن الشركة “قررت طوعا تعليق شبكة 5 جي الخاصة بنا حول المطارات”.
وأوضح “إدارة الطيران الاتحادية وشركات الطيران الأمريكية لم تكن قادرة على حل مشكلة وجود شبكة 5 جي حول المطارات، رغم كونها آمنة وتعمل بكل طاقتها في أكثر من 40 بلدا آخر”. ولم يتضح إلى متى سيستمر هذا التوقف الموقت.
ورحب الرئيس جو بايدن بهذا التأجيل قائلا: إن ذلك “سيجنب حصول اضطرابات مدمرة محتملة في سفر الركاب وعمليات الشحن وانتعاشنا الاقتصادي، مع السماح بنشر أكثر من 90 في المئة من الأبراج اللاسلكية التي كانت مقررة”.
من جانبها، أشادت رئيسة لجنة الاتصالات الفدرالية جيسيكا روزنوورسيل بهذا الاتفاق قائلة إن شبكة الجيل الخامس يمكنها التعايش بأمان مع قطاع الطيران الأمريكي “تماما كما هي الحال في البلدان الأخرى”.
ارجاء إطلاق خدمة الجيل الخامس مرتين
وكانت شركتا “فيرايزون” و”أيه تي أند تي” أرجأتا إطلاق خدمة “الجيل الخامس سي-باند” الجديدة مرتين بسبب تحذيرات شركات الطيران ومصنعي الطائرات المتخوفين من تداخل نظام الاتصالات الجديد مع الأجهزة التي تستخدمها الطائرات لقياس الارتفاع.
وقال رؤساء الشركات في رسالة اطّلعت عليها فرانس برس “نكتب اليكم بشكل عاجل لنطلب أن يتم تشغيل شبكات الجيل الخامس في كل مكان في البلاد باستثناء مسافة ميلين تقريبا من مدارج المطارات، كما حددت ذلك إدارة الطيران الفدرالية +أف أيه أيه+ في 19 كانون الثاني/يناير 2022”.
وحذرت الرسالة الموجهة الى وزير النقل بيت بوتيدجيج ومسؤولين حكوميين من “كارثة اقتصادية” في حال مضت شركتا “فيرايزون” و”آي تي أند تي” قدمًا بنشر التقنية الجديدة قبل إجراء التحديثات والتغييرات اللازمة على معدات الطيران.
وأكدت “بكل صراحة، ستوقف التجارة في البلاد تماما”.
وأعلنت إدارة الطيران الفدرالية الأحد أنها أعطت موافقتها على تشغيل بعض محطات الإرسال داخل مناطق سيتم نشر الجيل الخامس فيها، بحيث تم تأمين “ما يصل إلى 48 من المطارات الأكثر تأثرًا بتداخل ترددات +الجيل الخامس سي-باند+ من أصل 88”.
لكن شركات الطيران تخشى من أن عدم شمول الاجراءات جميع المطارات يمكن أن يتسبب باضطرابات كبيرة من بينها وقف آلاف الرحلات، ما قد يوقف الحركة التجارية في البلاد.
وإضافة إلى وزير النقل، خاطبت الرسالة رئيس هيئة الاتصالات الفدرالية والمجلس الاقتصادي الوطني التابع للبيت الأبيض.
واحتجت شركات الطيران الأميركية على التكاليف التي قد تنجم عن الخطوة.
ودعت الرسالة السلطات إلى “اتخاذ أي إجراء ضروري لضمان عدم نشر الجيل الخامس عندما تكون الأبراج قريبة جدا من مدارج المطارات، الى أن تتمكن إدارة الطيران الفدرالية من تحديد كيفية القيام بذلك بأمان ودون حدوث اضطرابات كارثية”.
ووقع الرسالة الرؤساء التنفيذيون لشركات طيران “أميريكان” و”يونايتد” و”دلتا” و”ساوث وست”، بالإضافة إلى عملاقي الشحن “فيديكس” و”يو بي إس”.
ولفتت إلى “الحاجة إلى تدخل فوري لتجنّب حدوث اضطرابات عملياتية في نقل الركاب والشحن وسلاسل الإمداد وإيصال المعدات الطبية اللازمة”.
وأضافت “فضلا عن الفوضى التي قد يتسبب بها الأمر محليا”، فإن من شأن نقص الطائرات المعتمدة أن “يترك عشرات آلاف الأميركيين عالقين في الخارج”.
بدورها، أصدرت “إدارة الطيران الفدرالية” بيانا مقتضبا سعت على ما يبدو من خلاله للتخفيف من حدة المخاوف بشأن تأثير إطلاق شبكة الجيل الخامس على الطيران، لكنها لم تعلن عن أي خطوات مقبلة ملموسة في هذا الصدد.
وقالت الوكالة “ستوصل إدارة الطيران الفدرالية، التي تضع السلامة في صلب مهامها، ضمان السفر الآمن للعامة فيما تنشر شركات الإنترنت اللاسلكية شبكة الجيل الخامس”.
وأضافت “تواصل إدارة الطيران الفدرالية العمل مع قطاع الطيران وشركات الإنترنت اللاسلكية في محاولة للحد من حالات تأجيل وإلغاء رحلات الطيران المرتبطة بالجيل الخامس”.
وحازت شركتا “فيرايزون” و”أيه تي أند تي” على عقود بعشرات مليارات الدولارات لتشغيل شبكات الجيل الخامس بنطاقات تردد 3,7-3,98 غيغاهرتز في الولايات المتحدة في شباط/فبراير الماضي، وكان من المفترض أن يبدأ إطلاق الخدمة في الخامس من كانون الأول/ديسمبر.
وما لم يتم التوصل إلى اتفاق مع شركات الطيران أو تجميد الهيئات الفدرالية لعمل شركات الاتصالات، فمن المقرر أن يبدأ تشغيل خدمة الجيل الخامس على الصعيد الوطني في 19 كانون الثاني/يناير.
شركات الطيران تسابق الزمن
سارعت شركات الطيران العالمية الكبرى لإعادة جدولة رحلاتها إلى الولايات المتحدة أو حتى إلغائها، قبيل نشر شبكة الجيل الخامس. ولم يهدئ إعلان شركتي اتصالات لاسلكية إرجاء تشغيل بعض الأبراج المخاوف المتعلقة بتداخل الإشارات وسلامة الطيران.
وبالرغم من إعلان شركتي آيه.تي. أند تي وفرايزون تأجيل تشغيل بعض أبراج الاتصالات اللاسلكية قرب المطارات ما زالت شركات الطيران تلغي رحلات جوية أو تغير طرازات طائراتها المستخدمة في الرحلات إلى الولايات المتحدة.
وفي ساعة متأخرة من مساء يوم الثلاثاء، بدأت إدارة الطيران الاتحادية في تحديث إرشاداتها بشأن المطارات والطائرات التي ستتأثر بنشر تكنولوجيا الجيل الخامس، في خطوة من المتوقع أن تحد بشكل كبير من تأثير ما يقرب من 1500 إشعار حول القيود المرتبطة بهذه التكنولوجيا.
وفي اليابان، قالت شركتا الطيران الرئيسيتان “أول نيبون” والخطوط الجوية اليابانية، إنهما ستقلصان أعداد الرحلات بطائرات بوينج 777. وقالت “أول نيبون” إنها ستلغي رحلات أو تغير نوع الطائرات المستخدمة في بعض الرحلات المتجهة للولايات المتحدة.
وقالت لوفتهانزا (DE:LHAG) الألمانية إنها ألغت رحلة من فرانكفورت إلى ميامي وتقوم بتغيير بعض الطائرات من بوينج 747-8 إلى 747-400. وستقوم الخطوط الجوية النمساوية التابعة للوفتهانزا بتغيير طائراتها المستخدمة في الرحلات إلى نيوارك في نيوجيرزي من 777 إلى 767.
وذكرت الخطوط الجوية الكورية أنها تجنبت استخدام طائرات 777 و747-8 في ست رحلات ركاب وشحن إلى الولايات المتحدة، بينما أعلنت الخطوط الجوية التايوانية إعادة جدولة بعض الرحلات، وقالت كاثاي باسيفيك في هونج كونج إنها ستستخدم طائرات من طرز مختلفة إذا استلزم الأمر.
وقالت شركات الطيران إنها بنت خطواتها على أساس إشعار من شركة بوينج (NYSE:BA) بأن إشارات الجيل الخامس قد تتداخل مع جهاز قياس الارتفاع الذي يعمل بالإشارات اللاسلكية على طائرات 777.
كانت طائرات بوينج 777 ثاني أكثر الطائرات ذات الجسم العريض استخداما في الرحلات الجوية من وإلى المطارات الأمريكية في العام الماضي بحوالي 210 آلاف رحلة، ولم تسبقها سوى بوينج 767، بحسب بيانات موقع فلايت رادار 24 الذي يرصد حركة الطيران.
وقالت مصادر في الصناعة إن بوينج كانت قد أصدرت نصائح وإرشادات تشير إلى تداخل محتمل، لكن فرض القيود هو أمر بيد إدارة الطيران الاتحادية.
وتعطي أجهزة قياس الارتفاع بالموجات اللاسلكية قراءات دقيقة للارتفاع فوق سطح الأرض لدى الاقتراب من الهبوط، وتساعد في عمليات الهبوط الآلي، بالإضافة إلى التأكد من هبوط الطائرة قبل السماح بعمل آليات الدفع العكسي لإبطاء السرعة قبل توقف الطائرات على المدرج.
وقالت شركة طيران الهند، التي تقدم خدمات السفر لأربع وجهات أمريكية بطائرات بوينج 777، إن هذه الرحلات سيتم خفض أعدادها أو تغيير الطائرات المستخدمة فيها اعتبارا من اليوم الأربعاء.
وذكرت الخطوط الجوية السنغافورية أنها غيرت الطائرات المستخدمة في مسارات أمريكية معينة بناء على إرشادات بوينج وبالتشاور مع الجهات التنظيمية.
عودة للطيران لكن بحذر
لكن شركة “طيران الإمارات” ستعاود تشغيل رحلات لها إلى مدن أميركية بدءا من الجمعة، بعد تعليقها بسبب “مخاوف تشغيلية” مرتبطة بنشر شبكات الجيل الخامس من الاتصالات قرب بعض المطارات الأميركية.
وبدأت شركتا الاتصالات فيرايزن وإي تي آند تي تشغيل شبكة الجيل الخامس في الولايات المتحدة الأربعاء من دون أن يتسبب ذلك بعرقلة تذكر في رحلات الطيران، عقب إرجاء نشر هذه التكنولوجيا اللاسلكية الجديدة.
وقالت طيران الإمارات في بيان الخميس إنه بدءا من الجمعة ستستأنف تشغيل رحلاتها بطائرات “بوينغ 777” إلى كل من شيكاغو ودالاس فورت وورث وميامي ونيوارك وأورلاندو وسياتل.
وستعود الرحلات إلى كل من بوسطن وهيوستن وسان فرانسيسكو اعتباراً من يوم السبت.
ولم توقف طيران الإمارات رحلاتها إلى كل من لوس أنجلوس ونيويورك (جي أف كاي) وواشنطن العاصمة.
وتشغل “طيران الإمارات” أيضاً طائرات شحن من طراز بوينغ 777 إلى كل من شيكاغو وهيوستن ولوس أنجلوس وكولومبوس وأغواديلا، لنقل الصادرات والبضائع الأساسية، مثل الأغذية والأدوية الضرورية.
وقال رئيس “طيران الإمارات” تيم كلارك في بيان “نعتذر عن الإزعاج الذي تسبب فيه تعطل العمليات مؤقتاً لعملائنا من وإلى بعض الوجهات في الولايات المتحدة. نحن نضع السلامة دوماً على رأس أولوياتنا، ولن نخاطر أبداً في هذا الأمر”.
وأضاف “ندرك جيداً أيضاً أن هذا إرجاء مؤقت، وأن الحل طويل الأمد مطلوب، وسوف نواصل العمل مع مصنعي الطائرات والجهات التنظيمية المعنية لضمان استمرار عملياتنا بأمان تام”.