تطورات مشهد الانتخابات الأمريكية والسجال المتبادل بين هاريس وترامب

شهد ماراثون انتخابات الرئاسة الأمريكية أسبوعًا حافلًا بالأحداث في سياق المنافسة المحتدمة بين مرشح الحزب الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، وما بين مرشحة الحزب الديمقراطي نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس، ولا سيما مع عقد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي، وقبول كامالا هاريس لترشحها بخطاب تعهدت فيه أن تكون “رئيسة لجميع الأمريكيين”، ورسم مسار جديد لمستقبل أمريكا، وحشدت فيه الديمقراطيين حول العديد من القضايا، مُصورةً منافسها دونالد ترامب، على أنه “عدو للمبادئ الأمريكية التقليدية”، ويرغب بإعادة “أمريكا للوراء”، متناولة سجل مشاكله القانونية، مروجًة لنفسها كجزء من الطبقة المتوسطة ومستقبل أمريكا، فيما شن دونالد ترامب هجومًا حادًا على سياسات كامالا هاريس، منتقدًا تركيز الديمقراطيين خلال المؤتمر على شخصه عليه بدلًا من التركيز على قضايا الاقتصاد والحدود، متهكمًا بإصابتهم “بمتلازمة ترامب”.

كما رد على مضمون خطاب كامالا هاريس بتسلسل مباشر عبر صفحته على منصة “تروث سوشال”، منتقدًا خطابها، متسائلًا عن سبب عدم تنفيذها لتعهداتها ومقترحاتها على مدار ثلاث سنوات ونصف كنائب للرئيس الأمريكي جو بايدن. وسط هذا السجال الدائر بين المرشحين المتنافسين للفوز بالبيت الأبيض، وبين عرض الإنجازات وسخاء الوعود من كل طرف، مما أشعل حدة هذا الماراثون الانتخابي، يلقي هذا المقال الضوء على مسار الحملة الانتخابية لكلا المرشحين، وأبرز ملامحها.

أولًا: أبرز ملامح الحملة الانتخابية الرسمية للمرشح الجمهوري دونالد ترامب:

يقدم ترامب نفسه كمرشح لكل الأمريكيين، ويسوق لأجندة اقتصادية شعبوية تركز على خفض التضخم وتحفيز الاستثمار ودعم الصناعة الوطنية، وتوفير الوظائف، وحمايتها من خلال الحمائية الشديدة، ومكافحة الهجرة غير الشرعية، وتأمين الحدود ومكافحة الجريمة، وغيرها، كما يركز ترامب على إنجازاته ووعوده بالقيادة القوية الحاسمة، لجذب قاعدته الانتخابية، والناخبين المستقلين والمترددين، وقد بدا ترامب في صورة القائد القوي عقب محاولة اغتياله الفاشلة.

وخلال خطاب قبوله لترشيح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، زعم ترامب أنه “الوحيد القادر على إنقاذ أمة متضائلة من هلاك محتوم”، فتصاعدت حظوظه كثيرًا في استطلاعات الرأي مقارنة بالأداء الضعيف لمنافسه الرئيس جو بايدن، وبدا ترامب وكأنه على مقربة من الفوز، وعقب انسحاب بايدن من السباق الانتخابي، انتقد ترامب ما أسماه “بالانقلاب” على بايدن و”الإطاحة” به من قمة قائمة حزبه، مشيرًا إلى أن المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي “مؤتمر مزور“.

ومنذ انسحاب بايدن، يكافح ترامب لإيجاد الطريقة المثلى لتكييف مسار حملته الانتخابية مع تغيير خصمه المفاجئ ودخول هاريس للسباق الانتخابي، فتارة يشكك في هويتها العرقية، ويشير إلى أنها ليست امرأة سوداء، وتارة يكتب اسمها بشكل خاطئ، وتارة أخرى ينتقد عمليات بيع الأسهم باعتبارها “انهيار كامالا”، محذرًا من أن حربًا عالمية ثالثة تلوح في الأفق، متهمًا هاريس “بعدم الكفاءة”، وأنها لا تحظى بشعبية، كما وصف بطاقة “هاريس- والز” بأنها بطاقة انتخابية راديكالية ويسارية للغاية، وأنهما يسعيان لأن تصبح أمريكا شيوعية، واصفًا هاريس بأنها “مجنونة يسارية راديكالية”، حسب تعبيره.

لكن هذه الهجمات لم تؤت ثمارها، واستمرت هاريس في تقليص الفارق بينها وبين ترامب في استطلاعات الرأي. مما دفع بحملة ترامب الانتخابية لنصحه بتغيير تكتيك حملته الانتخابية، واستغلال نقاط ضعف هاريس بفاعلية وتضخيمها، فسدد ترامب الهجمات على سياسات هاريس واحدة تلو الأخرى، مروجًا لمسؤوليتها عن عدد من السياسات الفاشلة، لاسيما سياستها في معالجة الهجرة غير الشرعية وأمن الحدود، إلى جانب تحميلها مسؤولية التضخم وضعف الاقتصاد كونها جزءًا من إدارة بايدن الحالية، وستكون امتدادًا لإخفاقات بايدن، إذ ركز على المخاوف الاقتصادية الرئيسية التي تشغل الناخبين، ومنها الأسعار المرتفعة وتكلفة الإسكان والطاقة والغذاء، وهي قضية مهمة للناخب الأمريكي.

شكك ترامب في قدرة هاريس على معالجة التضخم وفي قدرتها على تنفيذ تعهداتها، التي وصفها بأنها “زائفة”، وغير قابلة للتطبيق على أرض الواقع، فيما تكثف حملة ترامب الانتخابية الضغوط على هاريس لعدم عقدها لمؤتمر صحفي أو مقابلة إعلامية لتوضيح رؤاها حتى الآن.

وتحت عنوان “أجندة 47″، إشارة إلى أن الرئيس القادم للولايات المتحدة الأمريكية سيكون الـ “47”، طرح ترامب الوعود الأساسية العشرين لجعل “أمريكا عظيمة مرة أخرى“، وهو شعار حملته الانتخابية.

وتتضمن حزمة وعود ترامب العشرون ما يلي:

  1. إغلاق الحدود ووقف غزو المهاجرين.
  2. تنفيذ أكبر عملية ترحيل في تاريخ أمريكا.
  3. إنهاء التضخم وجعل تكاليف المعيشة ميسورة مرة أخرى.
  4. جعل أمريكا المنتج المهيمن للطاقة في العالم، وبفارق كبير.
  5. التوقف عن الاستعانة بمصادر خارجية، وتحويل أمريكا لقوة عظمى في التصنيع.
  6. تخفيضات ضريبية كبيرة للعمال، وعدم فرض ضرائب على الإكراميات.
  7. الدفاع عن الدستور، والقانون والحريات الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير، والدين، والحق في الاحتفاظ بالسلاح وحمله.
  8. منع نشوب حرب عالمية ثالثة، واستعادة السلام في أوروبا والشرق الأوسط، وبناء درع دفاعي صاروخي من القبة الحديدية فوق كامل أمريكا، وكل ذلك بصناعة أمريكية.
  9. إنهاء استخدام الحكومة للسلاح والقوة ضد الشعب الأمريكي.
  10. وقف وباء الجريمة بين المهاجرين، والعمل علي تدمير عصابات المخدرات الأجنبية، وكذلك  إنهاء عنف العصابات، وسجن المجرمين العنيفين.
  11. إعادة بناء المدن، بما في ذلك واشنطن العاصمة، وجعلها آمنة ونظيفة وجميلة مرة أخرى.
  12. تعزيز وتحديث الجيش الأمريكي، وجعله الأقوى والأفضل في العالم.
  13. الحفاظ على الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية.
  14. حماية الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية دون تخفيضات، بما في ذلك عدم إجراء أي تغييرات على سن التقاعد.
  15. إلغاء تفويض المركبات الكهربائية وخفض اللوائح المكلفة والمرهقة.
  16. خفض التمويل الفيدرالي لأي مدرسة تدفع بمحتوى  عنصري أو جنسي أو سياسي غير مناسب للأطفال.
  17. إبعاد الرجال عن ممارسة الرياضات النسائية “في إشارة لمجتمع الميم”.
  18. ترحيل المتطرفين “المؤيدين لحماس”، وجعل الحرم الجامعي آمنًا ووطنيًا مرة أخرى.
  19. تأمين الانتخابات، بما في ذلك التصويت في نفس اليوم، وتحديد هوية الناخبين، وأوراق الاقتراع، وإثبات الجنسية.
  20. توحيد أمريكا من خلال رفعها إلى مستويات جديدة وقياسية من النجاح.

وفي السياق نفسه، ركّز الحزب الجمهوري في أجندته حال فوزه بالبيت الأبيض والأغلبية الجمهورية في مجلسي النواب والشيوخ، والتي تبدأ بمقدمة “أمريكا أولًا”، علي المقارنة بين إدارة ترامب المتميزة، وإخفاقات وفشل إدارة بايدن وفقًا لما تضمنته، فتوضح أن ترامب تم انتخابه عام 2016 بطلًا للشعب الأمريكي، فأعاد إشعال الروح الأمريكية وتجديد الفخر الوطني، وحفزت سياساته النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، ونهضة الصناعة الأمريكية، فقاد مع الحزب الجمهوري أمريكا للخروج من حالة التشاؤم الناجمة عن عقود من القيادة الفاشلة، وأظهرا أن الشعب الأمريكي يريد أمريكا عظيمة مرة أخرى.

مع استعراض “لأزمة الهجرة غير الشرعية، وأمن الحدود المفتوحة الآن بشكل كارثي، وضعف الاقتصاد، والقيود على إنتاج الطاقة، واستنزاف الجيش الأمريكي، والهجمات على نظام العدالة الأمريكي، والاضطهاد السياسي الذي يقوم به الديمقراطيون ويدمر الـ 250 عامًا من المبادئ الأمريكية”، كونها أبرز سلبيات إدارة بايدن، وتشكل تهديدات أساسية لبقاء أمريكا، مما يتطلب وجود قيادة جمهورية لمعالجة هذه التهديدات الأساسية لبقاء أمريكا.

يؤكد الحزب الجمهوري على أهمية استعادة أمن الحدود، ووضع سياسات للهجرة معقولة، وتأمين الحدود الجنوبية من خلال سرعة إكمال الجدار الحدودي الذي بدأه ترامب، وبتكلفة زهيدة، والتحقق ممن يدخلون أمريكا بطرق أخرى للتأكد من عدم دخول أمريكا أي شخص ليس له الحق القانوني في ذلك، هذا إلى جانب ترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين الذين “شجعهم بايدن” عمدًا على دخول البلاد، فضلًا عن إعطاء الأولوية لترحيل أخطر المجرمين.

كما ركز على أن السياسة الاقتصادية لترامب تركز على تنمية الاقتصاد وإنهاء التضخم، وإعادة التصنيع المحلي، وإعادة الوظائف بقطاع الصناعة، وإحياء قاعدة الصناعة الدفاعية، ودعم الصناعات الناشئة، وتأسيس أمريكا كقوة عظمى عالميًا في قطاع الصناعة، فضلًا عن تطوير قطاع الطاقة لتصبح أمريكا مستقلة ومهيمنة في مجال الطاقة، بجانب العمل على تقوية الجيش الأمريكي لضمان أن يكون الأقوى والأفضل في العالم، للدفاع عن المصالح الأمريكية، واستخدام قوة الجيش العظمى باعتدال، حال التهديدات الواضحة للمصالح الوطنية الأمريكية.

كما يروج الحزب لأهدافه بتحقيق المساواة، وتطبيق القانون علي الجميع، بغض النظر عن الانتماء السياسي أو المعتقدات الشخصية.

وقد أوضح الحزب تعهداته في عشر نقاط، وأفرد في توضيح تعهداته بشأنها، وهي:

  1. هزيمة التضخم، وخفض جميع الأسعار بسرعة.
  2. إغلاق الحدود، ووقف غزو المهاجرين.
  3. بناء أعظم اقتصاد في التاريخ.
  4. إعادة الحلم الأمريكي وجعله في متناول الجميع مرة أخرى.
  5. حماية العمال والمزارعين الأمريكيين من التجارة غير العادلة.
  6. حماية كبار السن.
  7. إنشاء مدارس رائعة من الروضة إلى الصف الثاني عشر تؤدي إلى وظائف رائعة وحياة رائعة للشباب.
  8. تجديد ركائز الحضارة الأمريكية.
  9. حكومة للشعب، ومن أجله.
  10. العودة إلى السلام من خلال القوة”.

وفي خطوة من حملة ترامب الانتخابية لجعل قضية الهجرة قضية محورية للحملة، والهجوم على هاريس لجذب أصوات الناخبين المستقلين والمترددين، أطلقت حملة ترامب موقعًا إلكترونيًا يستهدف هاريس بشأن الأوضاع علي الحدود، وتسليط الضوء على زيادة أعداد المهاجرين على الحدود الجنوبية أثناء إدارة بايدن، ويشير إلى أن هاريس “قيصر الحدود” ومسؤولة عن “حمام الدم على الحدود”، لأنها المسؤولة عن معالجة الأسباب الجذرية للهجرة في منطقة المثلث الشمالي بوسط أمريكا.

حيث أوضح الموقع تزايد أعداد وفيات مخدر الفنتانيل “Fentanyl Deaths”، والجرائم التي ارتكبها المهاجرين في 13 ولاية، والتي تتضمن ولايات متأرجحة مثل ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا ونيفادا.

وتشير المتحدثة باسم الحملة كارولين ليفات، إلى أن “ترامب لن يتوقف عن تسليط الضوء على سجل هاريس الفاشل في الهجرة نيابة عن الأمريكيين الذين فقدوا أحباءهم بسبب حمام الدم على الحدود الناجم عن السياسات الفاشلة لهاريس”، مضيفة “إذا مُنحت هاريس أربع سنوات أخرى لتنفيذ أجندتها المؤيدة للهجرة غير الشرعية والحدود المفتوحة، فإن أمريكا ستنتهي من الوجود”.

وفي السياق نفسه، قام ترامب بزيارة الحدود بين أمريكا والمكسيك خلال زيارته لأريزونا يوم 22 أغسطس الجاري، وسلّط الضوء خلالها على انتقاد سياسات هاريس في ملف الهجرة، مستعرضًا قصص الأشخاص الذين قُتلوا على يد المهاجرين غير الشرعيين.

وفي المقابل، حاولت هاريس وحملتها تخفيف حدة هجمات ترامب عليها في ملف الهجرة من خلال إلقاء اللوم علي ترامب بأنه من ضغط علي المشرعين الجمهوريين لعدم تمرير مشروع قانون لأمن الحدود، والذي كان من شأنه زيادة الموارد لإنفاذ القانون والحد من تدفق الهجرة غير الشرعية.

كما انتقد الديمقراطيون خطاب ترامب بشأن الهجرة، وانتقدوا إشاراته بأن المهاجرين “يسممون دماء البلاد”، كما تعهدت هاريس في خطابها بمؤتمر الحزب الديمقراطي، بإعادة مشروع قانون “أمن الحدود”، الذي تم رفضه سابقًا، مؤكدة “أعلم أننا قادرون على الارتقاء إلى مستوى تراثنا كأمة مهاجرين وأن نصلح نظام الهجرة المعطوب”.

ثانيًا: أبرز ملامح الحملة الانتخابية الرسمية للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس:

تُقدم هاريس نفسها كجزء من الطبقة المتوسطة وممثلة للمستقبل الأمريكي، مُركزًة على سجل إنجازاتها ومسيرتها، ويحمل شعار حملتها الانتخابية، “عندما نحارب نكسب. لن نرجع للوراء”، كما أطلقت خطة اقتصادية، لبناء “اقتصاد الفرص”، متعهدة بدعم الطبقة المتوسطة والكادحين، وتحقيق العدالة والمساواة، مؤكدةً أن تحسين الاقتصاد وتعزيز الطبقة المتوسطة أهداف رئيسية خلال رئاستها حال فوزها بالانتخابات، مدغدغة مشاعر الناخبين باعتزامها معالجة التضخم وكبح جماح الأسعار، مقدمةً تعهدات بحلحلة أزمة قطاع الإسكان وارتفاع الإيجارات.

وتعهدت بالدفاع عن الحريات الأساسية في أمريكا، وعدم تدخل الحكومة في مسألة تقرير حق الإجهاض، وحرية المرأة بالتصرف بجسدها، وعدم المساس بحق الإجهاض، وكذلك توفير الرعاية الصحية، وتطوير البنية التحتية، وخفض تكاليف المعيشة، ودعم الصناعة الوطنية، وتوفير الوظائف، وخفض الضرائب، والدعوة لفرض ضرائب أعلى على الشركات والأغنياء، ومعالجة الهجرة وأمن الحدود وغيرها.

وخلال خطابها بمؤتمر الحزب الديمقراطي لقبول ترشحها رسميًا عن تسمية الحزب لها مرشحة للانتخابات الرئاسية، وعدت بأن تكون “رئيسة لجميع الأمريكيين.. لرسم مسار جديد”، مضيفة أن “المستقبل يستحق دائمًا أن نقاتل من أجله، وهذه هي المعركة التي نخوضها الآن، معركة من أجل مستقبل أمريكا”، محذرة من عودة ترامب التي ستكون ذات عواقب خطيرة وستكون أسوأ بكثير من ولايته الأولى، متهمة منافسها ترامب ” بالسعي لإعادة أمريكا للوراء من خلال أجندة ذات توجهات محافظة للغاية”. وربطت مرة أخرى بين ترامب ومشروع 2025 -الذي يتضمن أفكار التيار المحافظ الأمريكي-، على الرغم من نفي ترامب المستمر لأي علاقة له بهذا المشروع، شنت هجومًا آخر على ترامب، منوهةً لسجله القانوني المشكل، في مقابل كونها كانت مدعية عامة تتعامل مع كافة المجرمين والجناة، كما تهاجم هاريس منافسها ترامب بأنه يدعم الطبقات الغنية، ويقاتل من أجل أصحاب المليارات والشركات الكبرى.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن حملة ترامب تشن هجمات مضادة على سجل هاريس كمدعية عامة في محاولة لرد الهجوم الديمقراطي على سجل ترامب القانوني، إذا يهاجمون صرامة هاريس، لاسيما مع “الرجال السود” في جرائم المخدرات، في محاولة لتقويض شعبيتها ودعمها لدى قاعدتها، فضلًا عن الاستشهاد بحالات أخرى اختارت فيها هاريس عدم مقاضاة الأفراد الذين أقدموا على ارتكاب جرائم جديدة أو السماح بالإفراج المشروط عنهم.

فيما يتعلق بالموقع الرسمي لحملة هاريس الانتخابية، فيُلاحظ افتقاره لعرض مواقف سياسية وتفاصيل لخططها وتعهداتها، بعد نحو شهر من توليها منصب المرشحة غير الرسمية للحزب الديمقراطي، وبعد أسبوعين من تصويت مندوبي الحزب الديمقراطي على توليها منصب المرشحة الرسمية للحزب، وكذلك بعد انتهاء عقد المؤتمر الوطني الديمقراطي، وقبولها الترشح رسميًا عن الحزب في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل.

حيث يتضمن موقع حملة هاريس الانتخابية، صفحات لشراء بضائع لحملة “هاريس- والز”، والتبرع للحملة، والأسئلة الشائعة، وكيفية التصويت أو التطوع، مع مطالبة مستخدمي الموقع الذين لا يجدون إجابات علي تساؤلاتهم ضمن الأسئلة الشائعة بالتواصل عبر البريد الإلكتروني للحملة، فضلًا عن عرض السيرة الذاتية لنائب هاريس “تيم والز”، وكذلك عرض السيرة الذاتية لهاريس، دون التطرق لأي تعهدات انتخابية، ولو بشكل موجز.

وكل ما يتضمنه الموقع توضيح بشكل مقتضب أنها كرست حياتها المهنية للقتال من أجل الشعب، مع عرض سيرتها الذاتية، ونشأتها كجزء من الطبقة المتوسطة، كونها ابنة اثنين من المهاجرين والأكاديميين، وتناول رحلتها نحو تولي المناصب السياسية، وعرض بشكل مختصر لأبرز ما قدمته كمدعية عامة، وكذلك كعضو بالكونجرس، فضلًا عن إبراز كيفية تحقيقها لكسر القيود والحواجز طوال مسيرتها، كأول امرأة أمريكية سوداء، وأول أمريكية من أصل جنوب آسيوي تشغل منصب نائب الرئيس.

إلى جانب عرض ما حققته إدارة بايدن هاريس من إنجازات بشكل موجز، بما في ذلك إنقاذ الاقتصاد من حافة الهاوية وخلق ما يقرب من 16 مليون وظيفة جديدة، والاستثمار في البنية التحتية، وتحسين وسائل النقل العام، وتعزيز قانون الرعاية الميسرة، وخفض أقساط التأمين الصحي لتوفير 800 دولار في المتوسط سنويًا لملايين الأمريكيين، وتوسيع مظلة الرعاية الصحية للمحاربين القدامى، وخفض معدلات الجرائم العنيفة إلى أدنى مستوى لها منذ 50 عامًا، وإقرار أكبر استثمار غير مسبوق لمعالجة أزمة المناخ، وتعيين أول امرأة سوداء في المحكمة العليا الأمريكية، فضلًا عن تمثيل هاريس لأمريكا في المسرح العالمي في اجتماعات مع أكثر من 150 من زعماء العالم، والتركيز على حمايتها للحريات الأساسية، بما في ذلك حق الإجهاض والحق في التصويت.

وهو الأمر الذي انتقده الكثيرون، وخاصة مععدم إجراء هاريس حتى الآن لأي مقابلة تلفزيونية، أو عقد أي مؤتمرات صحفية، وفقًا لما نشره موقع فوكس نيوز، رغم طرحها خططها الاقتصادية الأسبوع الماضي، إلا أن موقع حملتها على الإنترنت يخلو تمامًا من أي إشارة لهذا الأمر، وحتى الآن تكتفي هاريس بطرح بعض من سياساتها وتعهداتها أمام التجمعات الانتخابية بالولايات المختلفة، وكذلك ما تضمنه خطاب قبولها للترشح رسميًا عن الحزب الديمقراطي.

ويشير تقرير لمركز أبحاث وسائل الإعلام المحافظ، إلى أن ما بين 71%: 86% من الديمقراطيين والمستقلين قالوا أنهم إما لم يسمعوا بمواقف هاريس بشأن القضايا المختلفة، أو أنهم ليسوا على دراية بهذه المواقف، فيما علق برنت بوزيل- مؤسس ورئيس مركز أبحاث وسائل الإعلام: “لقد تكررت أحداث عام 2020 مرة أخرى.. وكما هي الحال الآن، فإن عملية تستر إعلامية يسارية أخرى سوف تقرر نتيجة الانتخابات!”.

وختامًا: يشهد ماراثون الوصول للبيت الأبيض سجالًا متبادلًا بين المرشحين المتنافسين، الجمهوري دونالد ترامب ويشاركه البطاقة الانتخابية السيناتور جي دي فانس، والديمقراطية كامالا هاريس ويشاركها بطاقتها الانتخابية حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز، حيث يسدد كل منهما سهام الانتقادات سواء الانتقادات الشخصية، أو انتقادات للسياسات والأداء والتوجهات، وتحاول الحملة الانتخابية لكل طرف منهما تسديد الهجمات للأخر، وكذلك صد تلك الهجمات الموجهة إليها، في منافسة مستعرة من أجل تعزيز الحظوظ الانتخابية بجذب الناخبين لاسيما المستقلين والمترددين، وعلى الرغم من تصاعد حظوظ هاريس وفقًا لما عكسته استطلاعات الرأي مؤخرًا، إلا أن الفارق بينها وبين ترامب ضئيل للغاية، لتظل معه كافة الاحتمالات مفتوحة لأي طارئ خلال الفترة القادمة قد يغير المعادلة الانتخابية وتفضيلات الناخبين، لاسيما وأن الاقتصاد، وتكاليف المعيشة المتزايدة، والأجور الراكدة، والبطالة، والهجرة غير الشرعية والإجهاض تمثل قضايا ملحة للناخب الأمريكي.

 

المصدر : https://marsad.ecss.com.eg/82264/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M