تعديل قوانين المناخ والاستدامة الأوروبية: الموازنة الصعبة بين الفُرص والمخاطِر

  • في أكبر عملية مراجعة جذرية، اعتمدت المفوضية الأوروبية حزمةً لتبسيط قواعد الصفقة الخضراء، والتخفيف من الأعباء البيروقراطية والمالية عن الشركات المحلية والشركات الأجنبية التي تتعامل مع السوق الأوروبية.
  • تنطلق المراجعة الأوروبية من مزيجٍ من الدوافع؛ منها ما يفرضه الوضع الراهن الذي يتسمّ بانسداد أفق العلاقات مع الحليف الأمريكي، ومنها ما كان مُفكَّراً فيه قبل عودة ترمب إلى السلطة، حول إصلاح قواعد الاتحاد وإقرار حزمة تبسيطية للتشريعات الصارمة، لاسيما حول المناخ وحقوق الإنسان.
  • في المدى القريب، يُتوقَّع أن تؤدي المراجعة الأوروبية الأخيرة إلى تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز القدرة التنافسية لدول الاتحاد، وخلق فرص العمل. لكنَّها قد تنطوي على تكاليف عالية في المدى البعيد، من بينها المخاطرة بتقويض الزعامة الأوروبية العالمية في التجارة وسياسة المناخ والمعايير الاجتماعية، وخلق توترات مع الشركاء الذين يعطون الأولوية للاستدامة. 

اعتمدت المفوضية الأوروبية، في 26 فبراير 2025، حزمةً من المقترحات شملت مجالات إعداد تقارير الاستدامة المناخية والعناية الواجبة بالاستدامة، وآلية تعديل حدود الكربون، وبرامج الاستثمار الأوروبية، في أكبر عملية مراجعة جذرية تطال البنية البيروقراطية والمناخية الأوروبية الصارمة، وبهدف تبسيط قواعد الاتحاد الأوروبي وتعزيز القدرة التنافسية. ويُنظَر إلى هذه المراجعة بوصفها محاولة للتوفيق بين أهداف الكتلة الأوروبية التنافسية وأهدافها المناخية في سياقٍ جيوسياسي متوتر، وتجاري أكثر توتراً. ولن يكون تأثير هذه المراجعة في المجال الأوروبي فحسب، بل ستمتد تأثيراتها إلى طبيعة التجارة الدولية، لجهة الثقل الاقتصادي والجيوسياسي الذي يتمتع به الاتحاد الأوروبي، وموقعه ضمن خطوط الإنتاج والتوزيع.

دوافع المراجعة الأوروبية 

تنطلق المراجعة الأوروبية للبنية البيروقراطية وتخفيف قواعد الصفقة الخضراء من مزيجٍ من الدوافع؛ منها ما يفرضه الوضع الراهن الذي يتسمّ بانسداد أفق العلاقات مع الحليف الأمريكي، والتأهُّب للدخول في حربٍ تجارية غير مسبوقة. ومنها ما كان مفكَّراً فيه قبل عودة دونالد ترمب إلى السلطة، في سياق ما بعد الحرب الأوكرانية، حول إصلاح قواعد الاتحاد وإقرار حزمة تبسيطية للتشريعات الصارمة، لاسيما حول المناخ وحقوق الإنسان. ويمكن حصر هذه الدوافع في ثلاثة عوامل أساسية :

1. تأثير ترمب: مع أن هذه المراجعة في اتجاه التبسيط كانت على جدول أعمال أوروبا منذ أشهر، إلا أنها صارت أكثر إلحاحاً منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض. فبعد أيام قليلة من إعادة انتخاب ترمب أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في 25 نوفمبر، أنها تعتزم تبسيط القواعد البيئية في الاتحاد الأوروبي بشكل جذري، في محاولة لتحفيز الصناعة المتعثّرة في أوروبا والتنافس مع الاقتصادات الأسرع نمواً في آسيا وأمريكا. فوجود ترمب في السلطة يفرض أعباء أكبر على تنافسية الشركات الأوروبية، لأنه مُتشكِّك في تغيُّر المناخ وقرر الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ للمرة الثانية ما يعني خفض القيود التنظيمية على الشركات الأمريكية، وهو ما يجعل هذه الشركات أكثر حريةً في العمل وأقل تحملاً لأعباء ضريبية وتنظيمية، وبالتالي أكثر تنافسية في الأسواق من نظيرتها الأوروبية التي تتحمل أعباء تنظيمية وضريبية صارمة تتعلق بالمناخ. كما أن المراجعة الأوروبية استبقت حرب الرسوم الجمركية التي شرع ترمب في فرضها على الاتحاد الأوروبي، والتي تريد أوروبا مواجهتها بتعزيز تنافسية شركاتها وتخفيف الأعباء البيروقراطية عنها. كما تريد فتح علاقات تجارية أوسع مع بقية العالم، وبالتالي ستعمل هذه المراجعة على تحفيز مناخ الاستثمار في السوق الأوروبية، كما ستحفزّ الشركات من خارج الاتحاد على التعامل معه بأقل قيودٍ ممكنة.

استبقت المراجعة الأوروبية حرب الرسوم الجمركية التي شرع ترمب في فرضها على الاتحاد الأوروبي (شترستوك)

2. التَحوُّل اليميني: العامل الثاني الدافع وراء هذا التحول هو التغيير الذي طال طبيعة الكتلة الحاكمة داخل الاتحاد الأوروبي بعد انتخابات يونيو 2024، والذي رسَّخ أقدام يمين الوسط وأقصى اليمين في البرلمان الأوروبي وفي المؤسسات التنفيذية، وبالتالي يقود إلى منح حرية اقتصادية أكبر للشركات والتقليل من الأعباء الضريبية، لاسيما التخفيف من صرامة قواعد الصفقة الخضراء التي أقرَّها يسار الوسط على مدى سنوات حضوره القوي في المؤسسات الأوروبية، فضلاً عن تنامي صعود حكومات من أقصى اليمين في إيطاليا والمجر وسلوفاكيا والنمسا وهولندا، وهو ما يعزز قوة اليمين وأقصى اليمين في تنفيذ هذه المراجعة.

3. إصلاح التنافسية: العامل الثالث، والأكثر أهميةً، هو مشروع إصلاح التنافسية الأوروبية الذي أعلنت عنه رئيسة المفوضية فون دير لاين في عام 2023، عندما طلبت من رئيس الوزراء الإيطالي السابق ماريو دراجي إعداد تقرير حول مستقبل القدرة التنافسية الأوروبية. وقدَّم دراجي تقريره، الذي حذَّر فيه من أن أوروبا لن تكون قادرة بعد الآن على الاعتماد على العديد من العوامل التي دعمت نموها في الماضي. ومن بين التوصيات الأساسية التي قدَّمها لتحسين التنافسية الأوروبية، إعادة الهيكلة الإدارية من طريق خفض المتطلبات البيروقراطية وتبسيط اللوائح الحالية لتخفيف تكاليف الامتثال للشركات، وإنشاء “إطار جديد لتنسيق القدرة التنافسية” بين الدول الأعضاء، وكذلك انشاء اتحاد حقيقي لأسواق رأس المال وإعادة إطلاق التوريق واستكمال الاتحاد المصرفي وإصلاح الميزانية لتكون أكثر كفاءة، ودعم الاستثمار الخاص بشكل أفضل. واستناداً إلى مخرجات تقرير دراجي، قدَّمت رئيسة المفوضية الأوروبية في 27 نوفمبر مبادرة “بوصلة القدرة التنافسية” التي تقوم على خمسة محفزات رئيسة، أوَّلها تقليل العبء التنظيمي والإداري على الشركات بنسبة 25% على الأقل، وعلى الشركات الصغيرة والمتوسطة بنسبة 35%. وكذلك إزالة الحواجز داخل السوق الأوروبية الموحدة، ومنع إنشاء حواجز جديدة، وجعل عمليات وضع المعايير أسرع وأكثر سهولة في الوصول إليها، وبخاصة بالنسبة للشركات الناشئة. وعبر تسهيل عمل الشركات وخلق بيئة عمل أكثر ملاءمة، يريد الاتحاد الأوروبي دفع النمو والوظائف ذات الجودة، وتعزيز الاستثمارات، للمُضي في تطبيق الصفقة الخضراء، من طريق تمكين الشركات من تبنّي التحول إلى اقتصاد مستدام بطريقة أكثر فعالية وعملية.

المضامين والأهداف

تتضمن حزمة التبسيط الأوروبية للتشريعات والقواعد أربعة إجراءات أساسية، ثلاثة منها تتعلق بتعديل أربع قواعد رئيسة من الصفقة الخضراء الأوروبية، والإجراء الرابع يتعلق بتبسيط وتحسين استخدام العديد من برامج الاستثمار:

1. تخفيف تقارير الاستدامة: تخضع الشركات العاملة في الاتحاد الأوروبي لقاعدة إدارية صارمة تسمى “التوجيه الأوروبي بشأن نشر معلومات الاستدامة”، تُلزَم بموجبها الشركات بتقديم تقارير دورية تغطي جميع الأبعاد البيئية والاجتماعية والحوكمة لأنشطتها، وعلى ضوئها يُراقَب التزام هذه الشركات باللوائح الأخرى للاتحاد الأوروبي مثل قواعد المناخ والبيئة والعمل. وهو التزام صارم يجعل الكثير من المستثمرين يحجمون عن العمل في السوق الأوروبية، فضلاً عن كونه يحدّ بقوة من تنافسية الشركات الأوروبية في السوق العالمية. ومن طريق التعديلات الجديدة ستُزال نحو 80% من الشركات من نطاق لجنة الإبلاغ عن الاستدامة، وستُؤجَّل متطلبات الإبلاغ للشركات الموجودة حالياً في نطاق لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية والتي يتعين عليها الإبلاغ اعتباراً من عام 2026 أو 2027 لمدة عامين.

2. تبسيط إجراءات العناية الواجبة: تتمثل العناصر الأساسية لإجراءات العناية الواجبة في التشريع الأوروبي، بإلزام الشركات بتحديد ومعالجة الآثار الضارة المحتملة والفعلية على حقوق الإنسان وحقوق العمال والبيئة في عمليات الشركة نفسها، وفروعها، وفي حالة ارتباطها بسلسلة القيمة الخاصة بشركائها التجاريين من خارج الاتحاد الأوروبي. بالإضافة إلى ذلك، تبنّي وتنفيذ خطة انتقالية للتخفيف من آثار تغيُّر المناخ تتماشى مع هدف الحياد المناخي لعام 2050. ومن طريق التعديلات الجديدة، ستُبسَّط متطلبات العناية الواجبة حتى تتمكن الشركات من تجنُّب التعقيدات والتكاليف غير الضرورية، وذلك بالتركيز على متطلبات العناية الواجبة المنهجية على شركاء الأعمال المباشرين؛ وتقليل وتيرة التقييمات الدورية ومراقبة شركائها من مراقبة سنوية إلى خمس سنوات. وكذلك تخفيف الأعباء والآثار المترتبة على الشركات الصغيرة والمتوسطة عبر الحد من كمية المعلومات التي قد تُطلَب كجزء من رسم خريطة سلسلة القيمة من قبل الشركات الكبيرة؛ وإعطاء الشركات المزيد من الوقت للاستعداد للامتثال للمتطلبات الجديدة من طريق تأجيل تطبيق متطلبات العناية الواجبة بالاستدامة للشركات الأكبر حتى يوليو 2028. ومن المتوقع أن تنشأ أكبر وفورات التكلفة نتيجة لتبسيط التزامات العناية الواجبة فيما يتصل بالتأثيرات الضارة الناشئة على مستوى الشركاء التجاريين غير المباشرين، وقد قُدِّرَت هذه الوفورات بنحو 320 مليون يورو سنوياً.

قد تؤدي المراجعة الأوروبية لقوانين المناخ إلى خلق توترات مع الشركاء الذين يعطون الأولوية للاستدامة (شترستوك)

3. تبسيط آلية تعديل حدود الكربون: تُمثِّل هذه الآلية أداة الاتحاد الأوروبي لتحديد سعر عادل للكربون المنبعث أثناء إنتاج السلع كثيفة الكربون التي تدخل السوق الأوروبية، وتشجيع الإنتاج الصناعي الأكثر نظافة في البلدان غير الأعضاء في الاتحاد. وعملياً تفرض هذه الآلية رسوماً جمركية على أساس كمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المضمنة في الواردات، وهو ما يَطرح مخاطر استثمارية عالية على الشركات الأوروبية والشركات غير الأوروبية التي تُورِّد إلى السوق الأوروبية. وعبر التعديلات الجديدة، سيُعفَى المستوردين الصغار من التزامات تدابير آلية تعديل حدود الكربون، من طريق تقديم عتبة سنوية تراكمية جديدة تبلغ 50 طناً لكل مستورد، وبالتالي القضاء على التزامات تدابير مكافحة الانبعاثات الكربونية لنحو 182 ألف مستورد أو 90% من المستوردين، معظمهم من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. وكذلك تبسيط القواعد للشركات، بشأن ترخيص مُقدِّمي الإقرارات حول الانبعاث، فضلاً عن القواعد المتعلقة بالالتزامات، بما في ذلك حساب الانبعاثات المضمنة ومتطلبات الإبلاغ.

4. فتح أدوات الاستثمار: إلى جانب تعديل قواعد الصفقة الخضراء، وضعت المفوضية الأوروبية سلسلة من التعديلات لتبسيط استخدام أدوات الاستثمار وتحسينها، بما في ذلك: برنامج الاستثمار الأوروبي (InvestEU)، والصندوق الأوروبي للاستثمارات الاستراتيجية. ومن المتوقع أن يؤدي هذا إلى تعبئة حوالي 50 مليار يورو من الاستثمارات الإضافية العامة والخاصة. وسيُستَخدَم برنامج الاستثمار بشكل أساسي لتمويل أنشطة أكثر ابتكاراً لدعم السياسات ذات الأولوية، مثل بوصلة القدرة التنافسية والصفقة الصناعية النظيفة، وتسهيل قيام الدول الأعضاء بالمساهمة في البرنامج ودعم أعمالها الخاصة وتعبئة الاستثمارات الخاصة. ومن المتوقع أن تؤدي تدابير التبسيط المقترحة إلى تحقيق وفورات في التكاليف بقيمة 350 مليون يورو. وإذا نُفِّذَت هذه التعديلات التبسيطية، من المتوقع أن تُحقِّق وفورات إجمالية في التكاليف الإدارية السنوية بحوالي نحو 6.3 مليار يورو، وتعبئة قدرة استثمارية عامة وخاصة إضافية تبلغ 50 مليار يورو.

مزيج من التداعيات

تشمل التداعيات المتوقعة لهذا التحول الإداري الجذري في الاتحاد الأوروبي مزيجاً من التأثيرات المحلية في اتجاهات سلبية وإيجابية، وكذلك تأثيرات جيوسياسية واقتصادية دولية.

أ) التداعيات الاقتصادية: تحقق هذه الحزمة التبسيطية الأولى -والتي من المتوقع أن تعقبها حزمة ثانية في خلال شهور- الهدف الأساسي منها وهو زيادة القدرة التنافسية للشركات الأوروبية، كونها ستخفف بشكل كبير من الأعباء البيروقراطية والضريبية والمالية على الشركات، مما يشجع على توسيع الأعمال والابتكار وريادة الأعمال، وتوفير المزيد من فرص العمل والنمو الاقتصادي. فضلاً عن أن انخفاض تكاليف الامتثال قد ينعكس في انخفاض أسعار السلع والخدمات، ويحدّ من موجة التضخمّ، وبالتالي يقلل من مناخ التوتر الاجتماعي في أوروبا. كما تحقق أيضاً هدف جلب المزيد من الاستثمارات الخارجية التي تبحث عن إطار تنظيمي أقل تقييدًا داخل السوق الأوروبية. وفي ظل الحرب التجارية القائمة، والتي من المتوقع أن تتصاعد، قد تسمح هذه التعديلات للصناعات في الاتحاد الأوروبي بالتكيُّف بشكل أسرع مع الأزمات الاقتصادية، وانقطاعات سلسلة التوريد، والتحولات التكنولوجية.

يتوقع أن تجلب الحزمة التبسيطية الأوروبية المزيد من الاستثمارات الخارجية الباحثة عن إطار تنظيمي أقل تقييداً داخل سوق الاتحاد (شترستوك)

ب) التداعيات المناخية والاجتماعية: من شأن هذه التعديلات أن تفتح الباب أمام تراجعات عالمية في مجال القواعد المناخية، وبخاصة أنها تعكس تأثير ترمب المتصاعد في اتجاه كسر هذه القواعد. وهو ما قد يؤدي إلى زيادة الانبعاثات والتلوث والتدهور البيئي، وقد ينسف الجهود الدولية المتراكمة منذ عقود في اتجاه التحول المناخي، كما قد تؤدي إلى زيادة المخاطر في قطاعات مثل سلامة الأغذية وجودة المنتجات. فضلاً عن أن تبسيط إجراءات العناية الواجبة من شأنه تقليص القيود التنظيمية الاجتماعية، وقد يؤدي إلى إضعاف حماية العمال، وانخفاض الأجور، وزيادة انعدام الأمن الوظيفي للعمال، وهو ما سيكون له تداعيات اقتصادية تتعلق بالإنتاجية وزيادة التوترات مع أصحاب المصالح النقابية.

ج) التداعيات الجيوسياسية: تطال التداعيات المحتملة التجارة الدولية، إذ سيُوفِّر تبسيط الإجراءات الإدارية وخفض الأعباء المناخية قدرةً تنافسية للشركات الأوروبية على المستوى الدولي، في مواجهة الشركات الأمريكية والصينية التي تعمل في ظل قيود أقل، وبالتالي سيُحسِّن موقف أوروبا بشكل كبير في المسارات التفاوضية بشأن حروب التجارة والرسوم الجمركية. ومع وجود عدد أقل من العقبات البيروقراطية، يُمكِن للشركات الأوروبية زيادة الإنتاج في الصناعات الاستراتيجية، مما يُقلل الاعتماد على الموردين من خارج الاتحاد الأوروبي، لاسيما من طريق التبسيط الذي يطال التعامل مع الصندوق الأوروبي للاستثمارات الاستراتيجية. وفي المقابل يمكن أن يكون لهذه التعديلات تأثيرات جيوسياسية سلبية، أهمها التوتر الذي يمكن أن يتصاعد مع الشركاء المهتمين بالمناخ، والذين قد ينظرون إلى تخفيف الاتحاد الأوروبي لقواعد المناخ باعتباره خطوة إلى الوراء، مما قد يؤثر في نفوذ الاتحاد الأوروبي الذي ظل لسنوات يُقدِّم نفسه رائداً في وضع المعايير التنظيمية العالمية المتعلقة بالمناخ والعمل وحوكمة الشركات. كذلك، قد يُقاوِم بعض الدول الأعضاء في الاتحاد تخفيف القواعد، مما يؤدي إلى انقسامات داخلية واختلاف المعايير عبر الكتلة، مما يؤدي إلى تعقيد التجارة عبر الحدود. إلى جانب إمكانية نشوب نزاعات تجارية في نطاق منظمة التجارة العالمية، في حال اكتسبت شركات الاتحاد الأوروبي مزية تنافسية من طريق تحرير التجارة، فقد تتحدى اقتصادات أخرى هذا الأمر باعتباره مزية تجارية غير عادلة، مما يؤدي إلى نزاعات داخل المنظمة أو فرض رسوم جمركية جديدة.

الخلاصة 

بدفعٍ من عودة ترمب إلى البيت الأبيض، وصعود اليمين وأقصى اليمين في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، والتوجه نحو إصلاح تنافسية الشركات الأوروبية، اعتمدت المفوضية الأوروبية حزمةً لتبسيط قواعد الصفقة الخضراء والتخفيف من الأعباء البيروقراطية والمالية عن الشركات المحلية والشركات الأجنبية التي تتعامل مع السوق الأوروبية. ومن شأن هذه التعديلات الجذرية وغير المسبوقة، أن تُحفِّز النمو الاقتصادي، وأن تُعزِّز القدرة التنافسية، وأن تخلق فرص العمل في الأمد القريب. ومع ذلك، فإنها يمكن أن تنطوي على تكاليف عالية في الأمد البعيد، بما في ذلك المخاطرة بتقويض الزعامة الأوروبية العالمية في التجارة وسياسة المناخ والمعايير الاجتماعية. وقد تؤدي أيضاً إلى خلق توترات مع الشركاء الذين يعطون الأولوية للاستدامة. ويظل التحدي الرئيس في ما إذا كان الاتحاد الأوروبي قادراً على إيجاد أرضية مشتركة تحقق التوازن بين المرونة الاقتصادية ومصالحه الجيوسياسية في المدى المنظور.

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M