بهاء النجار
تثير مسألة الاغتيالات مخاوف المواطنين خصوصاً الناشطين والإعلاميين المناهضين للفساد منهم ، كما تقلق الحكومة والجهات السياسية باعتبارها – اي الاغتيالات – مضرة بسمعة العراق ومؤثرة على أمنه واقتصاده ، لذا من الضروري أن يعرف المواطن قبل غيره كيف يثبت أن جهة ما هي المسؤولة عن هذه الاغتيالات أكثر من غيرها لأنه سيتعامل مع الأحداث وفق الاحتمالات إذ لا توجد أي أدلة على تحمل جهة ما مسؤولية ما يحدث من اغتيالات إلا أن تتبنى هذه الجهة المسؤولية بنفسها كما كانت تقوم به تنظيمات القاعدة وداعش ، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الاغتيالات لحد الآن ، ولو كانت هناك أدلة لرفعها المدعي العام الى القضاء وأخذت مجراها بصورة سلسة ، أما من يريد أن يكون إمعة لبعض الإعلام المأجور والفضائيات المغرضة لتحميل جهة دون فهذا شأنه .
أول خطوة يجب البدء بها هو أن نعرف أن الجهة المسؤولة عن الاغتيالات هي جهة متنفذة سواء كانت داخلية أم خارجية ، فمن غير المحتمل أن تقوم جهة غير متنفذة بالاغتيالات أو أن احتمالها ضعيف ، وإذا كانت هناك عدة جهات متنفذة – كما هو الواقع في العراق – فتكون الجهة الأكثر نفوذاً أكثر احتمالاً لتحمل مسؤولية الاغتيالات من الجهة الأقل نفوذاً ، وهذا لا يعني براءة الجهة الأقل نفوذاً من احتمالية مسؤوليتها عن الاغتيالات ، ولكن احتماليتها تكون أقل بمقدار نفوذها .
فمثلاً الأحزاب والقوى السياسية ذات النفوذ الأكبر ولها قدرة على الاغتيال تكون متهمة بشكل أكبر من تلك التي تملك نفوذاً أقل أو قدرتها على الاغتيالات أصغر ، أو أن القوى الدولية والإقليمية المتنفذة في العراق تكون احتمالية تورطها بالاغتيالات أكثر من القوى غير المتنفذة ، فالولايات المتحدة وإيران تعدان أكثر قوتين خارجيتين مؤثرتين في الساحة العراقية ، وبالتالي نستبعد غيرهما بشكل كبير في تورطهما في الاغتيالات ، تبقى أيهما أكثر نفوذاً في العراق الولايات المتحدة أم إيران ؟ وهذه إشكالية لا نريد الدخول بها ، فهناك من يرى الولايات المتحدة هي صاحبة النفوذ الأكثر باعتبارها هي من احتلت العراق وعندها أكبر سفارة في العالم في بغداد إضافة لوجود قواعد عسكرية أميركية وآلاف الجنود ، فضلاً عن توغل المخابرات الأميركية في العراق ، وآخرون يرون أن إيران هي أكثر نفوذاً في العراق باعتبارها تسيطر على رئاسة الحكومة منذ عام 2006 وحتى مجيء الكاظمي إذا استثنينا فترة العبادي الذي يُحسَب على الأميركان ، فضلاً عن تواجد الفصائل المسلحة المرتبطة بها وأعضاء في البرلمان وجزء كبير من الدولة العميقة .
الخطوة الثانية هو أن نعرف أي المستفيدين أكثر من هذه الاغتيالات ؟ فإما أن نعرف ذلك من خلال تحليل الأحداث لمن يملك أدنى قدرة على التحليل ، أو من خلال قراءة الأحداث بعد وقوعها ، لأن الخطوة الأولى تعطينا من له القدرة على الاغتيالات ، وهذا لا يعني أن من يملك هذه القدرة بالضرورة هو من يرتكب هذه الجرائم ، لذا تأتي الخطوة الثانية لتساعد الأولى في معرفة الجهة الأكثر احتمالاً لتحملها مسؤولية الاغتيالات .
فمثلاً ، من المستفيد من قتل المتظاهرين في انتفاضة تشرين ؟ من المستفيد من اغتيال الناشطين ؟ من المستفيد من اغتيال الإعلاميين والصحفيين الذين ينتقدون حكومة محسوبة على جهة معينة او محور معين ؟ لنعرف من المستفيد علينا قراءة الواقع وننظر أي الأطراف استفادت وانتفعت من هذه الاغتيالات وأيها أكثر تضرراً ؟
إذا عرفنا الإجابة يمكننا معرفة الجهة التي تتحمل مسؤولية الاغتيالات أكثر من غيرها ، وتبقى القضية قضة احتمالات ، فلا يمكن تجريم جهة دون جهة لأننا لا نملك أدلة كافية على ذلك ، ولكن نريد أن نحترم عقولنا ولكي لا تجرجرنا الفضائيات المغرضة كيفما تشاء .
رابط المصدر: