أضحت مجموعة من الكوارث المرتبطة بتغير المناخ صداعًا يؤرق العلماء، غير أن هناك بعض السيناريوهات التي تبدو قاتمةً للغاية إلى الدرجة التي يراقب العلماء مدى احتمالية تحولها إلى كارثة، لكن ثمة بعض الأخبار الجيدة بشأن أحد تلك السيناريوهات في القارة القطبية الجنوبية، ممثلًا في نهر القيامة الجليدي…
ما تزال قضية تغير المناخ مادةً خصبةً في أبحاث العلماء والمتخصصين الذين يسعون بكل السبل إلى الحد من آثار تلك الظاهرة الخطيرة التي تهدد بفناء الحياة على كوكب الأرض، ويضع العلماء السيناريوهات المختلفة التي يمكن أن تؤثر خلالها التغيرات المناخية في النظام الإيكولوجي –البري والبحري- العالمي، وانعكاسات ذلك على مستقبل الحياة البشرية.
وتبقى الأنشطة البشرية هي الرقم الأبرز في معادلة تغير المناخ، والعامل الذي تتعين إدارته جيدًا لإنهاء مسببات الارتفاع في درجات الحرارة العالمية، والتي تؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، وغرق مدن ساحلية بأكملها، من بين كوارث أخرى عدة.
بل إن آثار تغير المناخ قد تتجاوز ذلك بكثير عبر تسببها في إبطاء سرعة دوران الأرض؛ ما قد يؤثر في الآلية التي نحافظ بها على ضبط الوقت العالمي، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).
كوارث مناخية
أضحت مجموعة من الكوارث المرتبطة بتغير المناخ صداعًا يؤرق العلماء، غير أن هناك بعض السيناريوهات التي تبدو قاتمةً للغاية إلى الدرجة التي يراقب العلماء مدى احتمالية تحولها إلى كارثة، لكن ثمة بعض الأخبار الجيدة بشأن أحد تلك السيناريوهات في القارة القطبية الجنوبية، ممثلًا في “نهر القيامة الجليدي” الذي ربما يكون أكثر استقرارًا مما كان يُعتقد في السابق، بحسب نتائج دراسة بحثية حديثة منشورة مؤخرًا.
ويقع نهر ثويتس الجليدي (The Thwaites Glacier) في غرب القارة القطبية الجنوبية، ويُدعى مجازًا “نهر القيامة الجليدي”؛ لأنّ انهياره ستنتُج عنه كارثة عالمية حتمية بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر؛ نظرًا إلى مساحته التي تعادل مساحة ولاية فلوريدا الأميركية.
وسيتسبب هذا الانهيار المحتمل في النهر الجليدي، بغرق المجتمعات الساحلية المنخفضة، وتشريد ملايين الأشخاص، في الوقت ذاته يرصد العلماء العديد من ظواهر تغير المناخ الأخرى المحتملة، مثل انهيار دوران خط الزوال الأطلسي المعروف اختصارًا بـ”آموك” (AMOC) وذوبان الغطاء الجليدي في غرينلاند، والتي من الممكن أن تعيد رسم ملامح الحياة على كوكب الأرض خلال السنوات أو العقود أو حتى القرون المقبلة، و”آموك” هو نظام كبير للتيارات المحيطية التي تحمل المياه الدافئة من المناطق الاستوائية إلى شمال المحيط الأطلسي، ويضمن توازن المناخ العالمي.
وها هي 3 سيناريوهات كارثية محتملة تتعلق بظاهرة تغير المناخ، وفق ما أوردته صحيفة يو إس إيه توداي (USA TODAY)، وطالعته منصة الطاقة المتخصصة:
1- نهر القيامة الجليدي
منذ سنوات، يدرس العلماء نهر ثويتس الجليدي في غرب القارة القطبية الجنوبية، والمُلقب بـ”نهر القيامة الجليدي”، معتبرين إياه مؤشرًا على تغير المناخ الناجم عن النشاط البشري.
ويحدث أحد السيناريوهات المفزعة هنا عندما يرفع ذوبان نهر القيامة الجليدي منسوب مياه البحر بواقع 50 قدمًا؛ ما سيَنتُج عنه غرق شبه جزيرة فلوريدا، كما ستغمر المياه كل المدن الساحلية الكائنة في الولاية الأميركية.
لكن من حُسْن الطالع أنه من غير المرجح أن يتحقق هذا السيناريو –في الوقت الراهن على الأقل- بحسب الدراسة، وقال المؤلف الرئيس للدراسة وأستاذ علوم الأرض بجامعة دارتموث ماثيو مورليغيم: “كلنا يدرك تمامًا أن تلك التوقعات المتطرفة غير واردة خلال القرن الـ21”.
وأضاف مورليغيم: “لكن من سوء الطالع أن نهر القيامة الجليدي سيواصل التراجع؛ وهو ما ينطبق -كذلك- على معظم الغطاء الجليدي في القارة القطبية الجنوبية، لكن هذا التراجع ليس بالسرعة التي يحذر منها السيناريو الحالي”، خلال تصريحات أدلى بها إلى “يو إس إيه توداي”، تابعتها منصة الطاقة المتخصصة، وأشار إلى احتمالية ارتفاع مستوى سطح البحر بما يتراوح بين 2 و3 أقدام بحلول نهاية القرن الحالي، على أن يواصل الارتفاع بعد ذلك، مع استمرار ذوبان الغطاء الجليدي.
2- الغطاء الجليدي في غرينلاند
يغطي الغطاء الجليدي في غرينلاند أكثر من 656 ألف ميل مربع، وإذا ذاب كل هذا الغطاء، سيرتفع مستوى سطح البحر بنحو 20 قدمًا، وفق تقديرات المركز الوطني لبيانات الثلوج والجليد إن إس آي دي سي (NSIDC) الأميركي.
وتفقد غرينلاند، بلد يتبع سياسيًا مملكة الدنمارك، لكنه يقع جغرافيًا في أميركا الشمالية، قرابة 270 مليار طن من الثلوج سنويًا؛ ما يزيد ارتفاع منسوب مياه البحر، بحسب بيانات وكالة ناسا.
ووجدت دراسة بحثية أُجريت في أوائل العام الحالي (2024)، أن الغطاء الجليدي في غرينلاند يذوب بأسرع مما اعتقده الباحثون، غير أن دراسة نُشرت نتائجها في العام الماضي (2023) أظهرت أن الغطاء الجليدي ربما يكون مرنًا في مواجهة ظاهرة تغير المناخ، أكثر مما يعتقده العلماء.
وقال أستاذ علم الجليد بجامعة أبيريستويث في ويلز برين هوبارد: “أكدت الدراسة أن السيناريو المخيف هنا -ذوبان الغطاء الجليدي- وما يَنتُج عنه من ارتفاع مستوى سطح البحر، يمكن تفاديه إذا نجحنا في خفض درجات الحرارة العالمية المتوقعة بعد عام 2100”.
3- انهيار دوران خط الزوال الأطلسي
من الممكن أن ينهار دوران خط الزوال الأطلسي “آموك”، بحلول أواسط القرن الحالي (2050)، أو ربما في أي وقت بدءًا من عام 2025 بسبب تغير المناخ الناجم عن السلوك البشري، وفق نتائج دراسة منفصلة نُشِرت العام الماضي (2023)، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ومن الممكن أن يَنتُج عن انهيار آموك تسارع وتيرة تغير المناخ والطقس المتطرف في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا ومناطق أخرى حول العالم.
وحال انهيار “آموك” على أرض الواقع، فإنه قد يَجلِبُ معه عصرًا جليديًا في أوروبا، وارتفاعًا في مستوى سطح البحر في مدن مثل بوسطن ونيويورك الأميركيتين، إضافةً إلى زيادة ملحوظة في نشاط الأعاصير على امتداد الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وبينما خلصت نتائج دراسة بحثية إلى أن هذا الانهيار قد يحدث بحلول عام 2050؛ فإن تلك الدراسة لا تزال في مراحلها التمهيدية.
المصدر : https://annabaa.org/arabic/environment/39963