مازن صاحب
يؤكد ثعلب السياسة الامريكية هنري كيسنجر توقعاته بحرب جديدة في الشرق الأوسط قريبة، فيما يذهب مركز شيتام هاوس، مركز البحوث المرتبط بالقصر الملكي البريطاني الى بلورة تصوراته عن عام الغد المنظور ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية وخلالها، عراقيا، طرح الصديق الدكتور منقذ داغر سؤالا مركزيا، هل نمتلك في العراق من يحلل الواقع الاستراتيجي الدولي وتأثيراته على صناعة القرار العراقي؟؟
ما بين تصديق ما يقوله كسينجر، وما يطرح في أحد أبرز واهم مراكز الدراسات البريطانية، يبدو تساؤل الدكتور داغر يمتلك محلا من الاعراب في مستقبل السياسات العراقية ولكنه يبقى في منطقة المجهول، لماذا؟؟ لان واقع الحال ليس هناك من يقرأ الواقع الاستراتيجي الدولي بمنظور المصلحة العليا لعراق واحد وطن الجميع، بل يقرأ ويطبق من زوايا حادة تمثل اجندات حزبية ترتبط بتعريف ((العدو)) في هذه الاجندات المرتبطة بمواقف إقليمية ودولية قد لا تطابق المصلحة العراقية، سيما وان قواعد اللعبة الدولية باتت أقرب الى التغيير من خلال منظومة مجلس الامن الدولي والمؤسسات الاقتصادية الدولية مثل مؤسسة بريتون وودز والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
في هذا السياق، طرح اللورد مالوك براون، رئيس مؤسسات المجتمع المفتوح؛ نائب الأمين العام السابق ورئيس موظفي الأمم المتحدة وعميد أكاديمية الملكة إليزابيث الثانية تصوراته عن هذه المتغيرات في ضوء المواقف المستجدة ما بعد قرار مجلس الامن الدولي الأخير عن الحرب الروسية الأوكرانية مؤكدا في ايجاز مباشر نشره (شيتام هاوس) في العاشر من حزيران الجاري ((إذا استمر الاستقطاب الجيوسياسي اليوم، فيمكننا توقع عودة تقسيم العالم على غرار الحرب الباردة – بنفس الجمود. وبالمثل، سيصبح دور هذه المؤسسات الدولية مقيدًا، وكذلك المؤسسات المالية الدولية (IFIs)، مرة أخرى تحت الإبهام الأمريكي ولكن الآن يتم تحدي تأثيرها ودورها من قبل المؤسسات المالية الدولية الجديدة المدعومة من الصين ومقرها في بكين وشنغهاي)).
موضحا ((المشكلة .. بمجرد تقسيم العالم، تبدأ المصالح في التغلب على القيم على كلا الجانبين)) وهذا يتطلب من وجهة نظره ((مواجهة العديد من التهديدات العالمية – المناخ والأوبئة والعديد من التهديدات الأخرى – العالمية في مكان يمكن أن يلتقي فيه الجميع، بغض النظر عن اختلافاتهم السياسية))، والحل عند وجهة نظر اللورد بروان إعادة نظر مطلوبة في العضوية الدائمة لمجلس الامن الدولي.
ما بين توقع كيسنجر قيام حرب جديدة في الشرق الأوسط، وتحليل اللورد بروان عن أهمية التعامل مع الاستقطاب الجيو – سترايجي دوليا بتغيير قواعد اللعبة في عضوية مجلس الامن الدولي الدائمة، يتكرر سؤال الدكتور منقذ داغر، هل ثمة من يفكر استراتيجيا في موقف العراق من كل ذلك؟؟
من وجهة نظري المتواضعة، اعتقد ان اهل الخبرة من الأكاديميين يستمعون شكل واضح لطبول الحرب تقرع في الشرق الأوسط الجديد، وسياسة التمحور دوليا بين قوى ترفض الغزو الروسي لأوكرانيا وقوى تؤيده، التساؤل الأبرز عراقيا في أي قطار سيركب العراق في حكومته الجديدة، ضمن سياق الاتفاق الاستراتيجي بين الحكومة العراقية والولايات المتحدة فضلا عن اتفاقات اقتصادية مع الاتحاد الأوربي ناهيك عن العلاقة مع بريطانيا، او بالضد من كل ذلك، ام سيظهر من يقول ((سياسيا سيقف العراق في منطقة الحياد!!!))
الإجابة واضحة ان العراق مهددا اليوم بالتحول كليا الى ساحة حرب قذرة تزيد عدد الارامل والايتام تحت عناوين براقة بوصفها تمثل محورا للحلول الوقحة في مناصرة هذا المحور الدولي ضد الاخر، في مناطق معروفة، وتهدد وجود خارطة دولة عراقية موحدة، وبعد سكوت مدافع الحرب بأدواتها الحديثة من الجيل الخامس، طائرات بلا طيار، وصواريخ ومسيرات جوية وحرب اليكترونية، لن يبق هناك شيء اسمه العراق، لان وقائع تطبيقات حرب المحاور على الأرض ستقسمها لا محالة عندها سنطبق القول ((على نفسها جنت براقش)).. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!
.
رابط المصدر: