تقارب اقتصادي بين جنوب إفريقيا ونيجيريا في ظل ضبابية المشهد الاقتصادي العالمي

التمهيد

على الرغم من أن نيجيريا وجنوب إفريقيا لم تبدأ العلاقات الدبلوماسية الرسمية بينهما إلا في شهر فبراير عام 1994م، -أي قبل شهرين من أول انتخابات ديمقراطية في جنوب إفريقيا، والتي أدت إلى تولّي نيلسون مانديلا رئاسة البلاد-؛ إلا أن العلاقات بين البلدين تعود إلى الفترة التي أعقبت استقلال نيجيريا عن الحكم الاستعماري البريطاني مباشرةً عام 1960م([1]).

ومنذ ذلك الحين أخذت العلاقات السياسية مراحل بين الشدّ والجذب. وفي ظل أجواء اقتصادية عالمية مضطربة يحكمها عدم اليقين وضبابية المشهد بسبب السياسات الأمريكية التي تضرب أُسس النظام التجاري العالمي الذي تأسَّس بعد الحرب العالمية الثانية بموجب اتفاقات “الجات”، ثم منظمة التجارة العالمية؛ توصلت كلّ من نيجيريا وجنوب إفريقيا في 17 أبريل 2025 إلى توقيع اتفاقية لتعزيز التعاون في مجال التعدين، وفقًا لما أعلنه وزير تنمية المعادن “المناجم” النيجيري “ديلي ألاكي”، مسلِّطًا الضوء على مساعي دولته لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط.

وأوضح الوزير أن البلدين سيتعاونان في مجال التعدين، بما في ذلك رسم الخرائط الجيولوجية باستخدام الطائرات بدون طيار، وتبادل البيانات المعدنية، واستكشاف المعادن الزراعية والطاقة في نيجيريا بشكل مشترك. وتسعى نيجيريا إلى تجديد قطاع التعدين الذي ظل متخلفًا لفترة طويلة؛ حيث يُسهم بأقل من 1٪ في الناتج المحلي الإجمالي.

توقيع الاتفاقية:

تم توقيع الاتفاقية “مذكرة تفاهم MOU” في العاصمة النيجيرية “أبوجا” مِن قِبَل وزير تنمية المعادن الصلبة النيجيري، ديلي ألاكي، ووزير الموارد المعدنية والطاقة في جنوب إفريقيا، غويدي مانتاشي.

وفي هذا السياق صرح سيجون توموري، المساعد الخاص لوزير تنمية المعادن الصلبة النيجيري لشؤون الإعلام، في بيانٍ صدر قبل توقيع الاتفاقية بيوم، بأن مذكرة التفاهم تُعدّ جزءًا من الجهود المبذولة لتعزيز العلاقات في إطار اللجنة الثنائية النيجيرية الجنوب إفريقية.

وأشار توموري إلى أن الاتفاقية تُحدّد مجالات تعاون مُحدّدة، إلى جانب جداول زمنية مُحدّدة لتنفيذ الأنشطة والفعاليات المشتركة في قطاع التعدين. وأكد على أن الوزيرين المعنيين بالدولتين قد تعهَّدا بمواصلة التعاون لتعزيز التجارة البينية الإفريقية وتنفيذ الخطوات العملية الموضحة في الاتفاقية. ومن ناحيتهما، أعرب الوزيران عن تفاؤلهما بأن الشراكة المتجدّدة ستُعزّز بشكل كبير قطاعَي التعدين في كلا البلدين من خلال تبادل الخبرات والابتكار.

وتجدر الإشارة إلى أن كلاً من جنوب إفريقيا ونيجيريا تُعدّان قوتين إقليميتين عملاقتين تتمتعان بقدرة حقيقية ومُحتملة قادرة على لعب أدوار إستراتيجية في البيئة السياسية والاقتصادية في إفريقيا.

من ناحية أخرى، تُعدّ نيجيريا دولة ذات أهمية وثِقَل في القارة الإفريقية، إلا أن جنوب إفريقيا قد تقدمت عليها مؤخرًا كأكبر اقتصاد في إفريقيا بفضل السوق الضخمة التي يتيحها سكانها للمستثمرين. وعلى الرغم من المشاحنات الدبلوماسية المتقطعة بين البلدين، فقد شهدت العلاقات التجارية والاستثمارية بينهما نموًّا متزايدًا، لا سيما منذ حقبة ما بعد الفصل العنصري. ومع ذلك، يميل هذا لصالح جنوب إفريقيا نظرًا لاقتصادها الأكثر رأسمالية وقوتها الكبيرة في الاستثمار التجاري في إفريقيا. وقد منحت هذه العلاقة الاقتصادية غير المتوازنة بين القوتين الإقليميتين جنوب إفريقيا ميزة تجارية واستثمارية كبيرة على نيجيريا، وهو ما ينعكس أيضًا في التنافس السياسي المتكرر بين البلدين.([2])

تعاون ممتد وآثار جيوسياسية:

لقد شهد تاريخ العلاقات بين نيجيريا وجنوب إفريقيا الكثير من الالتباس والخلافات، لا سيما في تحديد أو تتبُّع جذور العلاقة الثنائية. وتعود هذه الصعوبة، جزئيًّا، إلى أن جنوب إفريقيا كانت دولة مستقلة قبل استقلال نيجيريا. وبما أن نيجيريا كانت مُؤهَّلة لخوض غمار العلاقات الثنائية الدولية، بل وتعمَّقت فيها، فقد اختارت دولًا ذات أهمية للتواصل معها. وفيما بين عامي 1960 و1994م، كان حزب المؤتمر الوطني الإفريقي والحركات القومية الأخرى في جنوب إفريقيا مُؤهّلين لبدء علاقات ثنائية نيابةً عن الشعب الجنوب إفريقي مع نيجيريا أو أيّ دولة أخرى.

والحقيقة أن علاقة نيجيريا الفئوية مع السود المضطهدين في جنوب إفريقيا منذ عام 1960م لا تُعتبر الأصل الصحيح للعلاقات الثنائية بين نيجيريا وجنوب إفريقيا. في الواقع، بدأت هذه العلاقة، وفقًا لمبادئ العلاقات الدولية، في عام 1994م عندما بدأت الدولتان خططًا، نضجت لاحقًا، لتؤدي إلى تأسيس وجود دبلوماسي في كلتا الدولتين والعلاقات المرتبطة بهما.([3]) ووصولاً لاتفاقية التعاون في مجال المعادن والتي تتضمن تعزيز التعاون بين البلدين لبناء القدرات في الأساليب الجيولوجية باستخدام الطائرات بدون طيار، وتطبيق تقنيات الاستشعار الطيفي عن بُعْد لاستكشاف المعادن ورسم الخرائط وتبادل البيانات الجيولوجية العلمية عبر هيئة المساحة الجيولوجية النيجيرية، والتدريب على معالجة المعادن، ومبادرات إضافة القيمة.

وفي هذا السياق، أكد الوزير النيجيري “ألاكي” أن التعاون الثنائي واعدٌ للتصنيع، وتوفير فرص العمل، والتنمية الاقتصادية المستدامة في جميع أنحاء القارة الإفريقية. ونوَّه الوزير أن “الاتفاقية المتعلقة بالجيولوجيا والتعدين ومعالجة المعادن مع جنوب إفريقيا ستُعزّز تبادل المعرفة، وتشجّع الاستثمار، وتشجّع التكامل الإقليمي”. وأكّد مجددًا تركيز نيجيريا على تطوير قطاع التعدين لديها، مشيرًا إلى المنافع المتبادلة من خلال الثروة المعدنية والخبرة التكنولوجية لجنوب إفريقيا.

فيما يتعلق بالآثار الجيوسياسية للعلاقات التجارية بين نيجيريا وجنوب إفريقيا، يُعتَبر كلا البلدين عملاقين إقليميين يتمتعان بقدرة حقيقية أو متصورة على لعب أدوار مهمة في الاقتصاد السياسي لإفريقيا. من ناحية، ينعكس تأثير جنوب إفريقيا في هذا الصدد في توسُّع أعمالها في إفريقيا بعد عام 1994م، بينما تُعدّ نيجيريا، ذات أهمية كبيرة بفضل السوق الضخمة التي يُوفّرها سكانها، وقوتها الاقتصادية. وبينما ازدادت العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين منذ عام 1994م، إلا أن كفة الميزان تميل لصالح جنوب إفريقيا نظرًا لاقتصادها ذي رأس المال الأكبر، والذي مكَّنها من غزو إفريقيا باستثمارات ضخمة؛ على سبيل المثال.

خطوة نحو التصنيع والنمو:

تشمل مذكرة التفاهم مجالات متعددة، من بينها: تبادل البيانات الجيولوجية المتعلقة بالمعادن الإستراتيجية عبر هيئة المساحة الجيولوجية النيجيرية(NGSA) ، والتدريب على معالجة المعادن، ومبادرات القيمة المضافة. كما تحدد المذكرة دعم بناء القدرات في مجال تقنية بصمة العناصر باستخدامLA-ICP-MS ، إلى جانب الاستكشاف المشترك للمعادن النفيسة والطاقة في نيجيريا. وتشمل المجالات الأخرى بناء تطبيقات جيولوجية باستخدام الطائرات بدون طيار، واستخدام تقنيات الاستشعار عن بُعد متعدد الأطياف وفائق الطيف لاستكشاف المعادن، ورسم الخرائط الجيولوجية.

ووفقًا للوزير النيجيري “ألاكي”؛ فإن التعاون الثنائي مع جنوب إفريقيا سيجذب الاستثمارات، ويبني المهارات المحلية، ويساعد في تنويع اقتصاد نيجيريا، مما يُمهِّد الطريق لنموّ واستقرار طويلَي الأجل. وأشار الوزير “ألاكي”، إلى أن للاتفاقية مزايا عديدة، مشيرًا إلى أنها تُبشِّر بالتصنيع، وتوليد فرص العمل، والتنمية الاقتصادية المستدامة لكلا البلدين وفي جميع أنحاء إفريقيا. وأكد الوزير: “أن الاتفاقية المتعلقة بالجيولوجيا والتعدين ومعالجة المعادن ستُعزّز تبادل المعرفة، وتُشجّع الاستثمار، وتشجّع التكامل الإقليمي”.

وعلاوة على ذلك، أكَّد على التزام نيجيريا المستمر بتطوير قطاع التعدين، وضمان المنافع المتبادلة من الجمع بين الثروة المعدنية النيجيرية والخبرة التكنولوجية لجنوب إفريقيا. وفي هذا السياق، ذكر أن هذا التآزر سيكون بمثابة عامل جذب للاستثمارات، وبناء المهارات المحلية، والمساعدة في تنويع اقتصاد نيجيريا، مما يُمهِّد الطريق لنمو طويل الأجل.([4])

تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين:

في يناير 2025م، صدّرت نيجيريا بما قيمته 1.47 مليار راند جنوب إفريقي، واستوردت بـ468 مليون راند جنوب إفريقي، مما أدَّى إلى ميزان تجاري إيجابي قدره مليار راند جنوب إفريقي. وبين يناير 2024م ويناير 2025م، انخفضت صادرات نيجيريا إلى جنوب إفريقيا بمقدار 1.54 مليار راند جنوب إفريقي (51.2%) من 3.02 مليار راند جنوب إفريقي إلى 1.47 مليار راند جنوب إفريقي، بينما زادت الواردات بمقدار 167 مليون راند جنوب إفريقي (55.7%) من 301 مليون راند جنوب إفريقي إلى 468 مليون راند جنوب إفريقي. وكانت أهم صادرات نيجيريا إلى جنوب إفريقيا هي النفط الخام (1.42 مليار راند جنوب إفريقي)، والمطاط (27.4 مليون راند جنوب إفريقي)، وعلب الألومنيوم (17.2 مليون راند جنوب إفريقي. وكانت واردات نيجيريا الرئيسية من جنوب إفريقيا هي بوليمرات البروبيلين (159 مليون راند جنوب إفريقي)، والتفاح والكمثرى (39.2 مليون راند جنوب إفريقي)، وشاحنات التوصيل (28.1 مليون راند جنوب إفريقي).

وكان الانخفاض السنوي في صادرات نيجيريا إلى جنوب إفريقيا مدفوعًا بشكل رئيسي بصادرات الأغطية البلاستيكية (-126 ألف راند جنوب إفريقي أو -99.9%)، والبيرة (-678 ألف راند جنوب إفريقي أو -99.5%)، والنفط الخام (-1.59 مليار راند جنوب إفريقي أو -52.8%). في الوقت نفسه، يُعزَى ارتفاع واردات نيجيريا من جنوب إفريقيا بشكل رئيسي إلى واردات بوليمرات البروبيلين (103 ملايين راند جنوب إفريقي أو -185%)، وشاحنات التوصيل (28.1 مليون راند جنوب إفريقي أو -100%)، والتفاح والكمثرى (21.8 مليون راند جنوب إفريقي أو – 125.(% ([5])

وعلى الصعيد السياسي، صرح رامافوزا بأنه سيستغل رئاسة جنوب إفريقيا لمجموعة العشرين لعام 2025م لدعم مسعى تينوبو “بشدة” لانضمام نيجيريا إلى هذا النادي الحصري. وستنضم بذلك إلى جنوب إفريقيا، التي كانت عضوًا منذ البداية، والاتحاد الإفريقي، الذي انضم العام الماضي، كعضوين إفريقيين وحيدين. ومؤخرًا، ساهمت جنوب إفريقيا في ضمان حصول نيجيريا على شراكة البريكس، إلى جانب 12 دولة أخرى.

كما صرح رامافوزا للمنتدى بأن هناك حاجة لبذل المزيد من الجهود لتحسين التجارة والعلاقات التجارية بين بلاده ونيجيريا. وأضاف: “إن الموقع الإستراتيجي لكلا البلدين في منطقتيهما يتيح فرصًا هائلة للتعاون”. وشمل ذلك -على حد تعبيره-، دفع عجلة التصنيع من خلال إنشاء سلاسل قيمة في صناعة السيارات لمكوناتها والدراجات النارية الكهربائية؛ واستخدام الليثيوم في تصنيع البطاريات الكهربائية؛ والمستحضرات الصيدلانية؛ والطاقة النظيفة؛ والاستفادة من المعادن الأساسية من المصدر.

التنافس بين جنوب إفريقيا ونيجيريا:

قال رئيس دولة جنوب إفريقيا: إنه يمكن لمؤسساتنا المالية الإنمائية العمل معًا لدعم تطوير البنية التحتية”، مشيرًا إلى أن جنوب إفريقيا قد شرعت في حملة استثمارية ضخمة في البنية التحتية. وأضاف رامافوزا: “ستتيح منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، بمجرد تنفيذها بالكامل، نموًّا هائلاً في التجارة والاستثمار بين البلدان الإفريقية”، بما في ذلك من خلال بناء سلاسل قيمة إقليمية متكاملة.

إلا أن الواقع لا يزال بعيدًا كل البُعد عن تحقيق هذه الإمكانات. فلم يختتم البلدان بعدُ مفاوضاتهما بشأن امتيازاتهما التجارية بموجب اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، كما ألمح رامافوزا في تصريحاته. ولطالما كانت صعوبة الحصول على تأشيرات لزيارة الطرف الآخر إحدى الشكاوى المتبادلة.

وفي هذا الإطار نشير إلى أن رئيس جنوب إفريقيا رامافوزا قام بالإعلان عن تأشيرات دخول متعددة لمدة خمس سنوات لرجال الأعمال وتبسيط طلبات التأشيرات للسياح النيجيريين. وقال: إن هذا جزء من جهود جنوب إفريقيا لخلق بيئة عمل أفضل للشركات النيجيرية التي تستثمر في جنوب إفريقيا. كما تحدثت نيجيريا عن ضرورة تحسين بيئة المستثمرين الجنوب إفريقيين، خاصةً أن لدى العديد من الشركات الجنوب إفريقية المستثمرة في نيجيريا (مثل الخطوط الجوية الجنوب إفريقية، ونامباك، وإم تي إن) مبالغ طائلة عالقة في نيجيريا؛ لأن الحكومة لا تملك النقد الأجنبي اللازم لسدادها، وفقًا لمصادر.([6])

من ناحية أخرى، يجب على جنوب إفريقيا بذل المزيد من الجهود لمعالجة كراهية الأجانب التي يعاني منها النيجيريون في جنوب إفريقيا، إلى جانب مواطني دول أخرى، معظمها إفريقية. وقد أدّى هذا أحيانًا إلى ردود فعل انتقامية من جانب النيجيريين ضد الشركات الجنوب إفريقية في نيجيريا.

لذا، كان أحد الاتفاقات الرئيسية بين الحكومتين، المذكورة في بيانهما المشترك، هو وضع اللمسات الأخيرة على “مذكرة التفاهم بشأن آلية الإنذار المبكر”. لم يُفصّل البيان النقاط التفصيلية، ولكن من الواضح أن غرض الآلية هو رصد ومنع العنف والأعمال الإجرامية التي يتورط فيها مواطنو كلا البلدين ضد بعضهما البعض.

ونشير هنا إلى أن جزءًا من مشكلة العلاقات هو أنه حتى على مستوى القيادة، غالبًا ما كان هناك تنافس أكثر من التعاون، ويبدو أن السبب في ذلك يعود إلى حد كبير إلى حقيقة أن كلا البلدين يتنافسان على الصدارة في إفريقيا. وقد شعر المسؤولون في جنوب إفريقيا بالصدمة عندما أعادت نيجيريا تأسيس اقتصادها قبل بضع سنوات، وبرزت كأكبر اقتصاد في إفريقيا، متجاوزة جنوب إفريقيا. ومنذ ذلك الحين، يتنافس البلدان ومصر على الصدارة. وتشير أحدث الأرقام إلى أن الناتج المحلي الإجمالي النيجيري قد انخفض بشكل حاد من 475 مليار دولار أمريكي في عام 2022م إلى ما يُقدَّر بنحو 200 مليار دولار أمريكي هذا العام، مما يضعها في المرتبة الرابعة بعد جنوب إفريقيا ومصر والجزائر.

ولقد صرَّح وزيري أديو، رئيس مركز أبحاث “أجورا بوليسي” في نيجيريا، لصحيفة “آي إس إس توداي” أن هذا يُعزى بشكل كبير إلى انخفاض قيمة النيرة بأكثر من 70% مقابل الدولار الأمريكي خلال 18 شهرًا. ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى تعويم تينوبو للعملة.

على المدى الطويل، من المرجّح أن يكون ذلك مفيدًا لنيجيريا، ويقول أديو: إن الاحتياطيات الأجنبية قد ارتفعت، لذا من المفترض أن تتمكن نيجيريا الآن من سداد ديونها للمستثمرين من جنوب إفريقيا. ولكن على المدى القصير، لا تُبشِّر المشكلات الاقتصادية النيجيرية بالخير للتعاون الطموح مع جنوب إفريقيا.

ويخشى الصحفي والمعلق النيجيري، إيفياني أودين، من أن ضعف البنية التحتية المادية والاجتماعية “سيُقيّد استجابة قطاع التصدير لمؤشرات الأسعار المُحسّنة”؛ أي: أن نيجيريا لن تتمكن من الاستفادة الكاملة من ضعف النيرة.

يُحاكي هذا جزئيًّا محنة جنوب إفريقيا؛ حيث يُعزى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3% في الربع الثالث جزئيًّا إلى ضعف البنية التحتية المُستمر (وإن كان يُعزى في المقام الأول إلى انكماش الإنتاج الزراعي بنسبة 28%). 

وختامًا: تُعدّ كلّ من نيجيريا وجنوب إفريقيا جزءًا من قلب الجنوب الإفريقي. وإن قلب الجنوب يُقلّل من أهمية حدود الدولة لصالح مساحة جغرافية شاملة. وتقع جنوب إفريقيا على الحافة الجنوبية الإستراتيجية لقارة إفريقيا. كما أن جنوب إفريقيا، مثل نيجيريا، متنوعة عرقيًّا.([7])

لذلك فإن التعاون بين البلدين يُعدّ أمرًا جيدًا لكليهما خاصةً في ظل قيام الإدارة الأمريكية بفرض رسوم جمركية على صادرتهما واهتزاز السوق الصيني، لذلك فإن التعاون البيني يعد أحد أساليب التغلب على اضطراب سوق التجارة العالمية.

إلا أنه على صعيد آخر، يجب ألَّا نذهب بعيدًا؛ حيث إن الأمر لا يتعدى كون الاتفاقية مذكرة تفاهم تحمل أطرًا عامة للتعاون، ولا تزال رهن الإرادة السياسية وتسهيل إجراءات التشغيل لرجال الأعمال بين البلدين ومدى مرونة الهيكل الاقتصادي بالبلدين، وتحول التجارة الناجم عن الرسوم الجمركية الأمريكية وفصل الملفات الاقتصادية عن السياسية التي تشهد تنافسًا بين الدولتين رغم مساعدة جنوب إفريقيا لنيجيريا للانضمام للبريكس وأيضًا لمجموعة العشرين.

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M