بهاء النجار
21\3\2020
من الواضح أن مسؤولية مواجهة فايروس كورونا يقع على الحكومة وعلى الشعب ، لأن الخطر كبير وأكبر من أن يتحمل طرف دون الآخر ، ولكن كيف سنعرف من أدى ما عليه ممن لم يؤدِّ ؟
يمكن أن نحدد ذلك بمقبولية عالية وذلك من خلال الاعتماد على الإحصائيات الرسمية التي تعلن عنها منظمة الصحة العالمية ، فعادة تنشر المنظمة تقارير يومية تحدّث فيها الإحصائيات الخاصة بالفايروس من حيث عدد الإصابات وعدد المتعافين وعدد الوفيات ، ولا بد من الإشارة الى أن الاعتماد على هذه الإحصائيات كما هي لا تعطينا مؤشرات واضحة عن الدور الحكومي والشعبي في مواجهة الفايروس ، خاصة وأن الدول تختلف من حيث عدد السكان وموقعها الجغرافي وحتى الظرف السياسي ، فألى الآن هناك دول تعيش وضعاً سياسياً متخلخلاً يجعل الإحصائيات التي تزودها غير دقيقة مثل سوريا وليبيا واليمن اللاتي الى الآن لم تسجل إصابة واحدة .
على كل حال ، نحتاج الى ثلاث معايير مهمة في تقييم الدور الحكومي والشعبي في مواجهة كورونا وهي :
1) نسبة الوفيات الى الإصابات : فهذه النسبة تعتمد بدرجة كبيرة على النظام الصحي في البلد ، فكلما كان هذا النظام متكاملاً كانت النسبة أقل والعكس وبالعكس ، وعليه يمكن اعتباره مؤشراً لتقييم الدور الحكومي .
2) نسبة الإصابات الى عدد السكان : إذ أن هذه النسبة تربط الإصابات بالحجم السكاني ودوره في انتشار المرض ، فالبلد الذي عدد سكانه كبير لا يمكن نساويه بمن عدده قليل ، فالأول يصعب السيطرة على انتشار الفايروس إذا ما قورن بالثاني ، فإذا زادت هذه النسبة تبين أن الشعب لم يتخذ الإجراءات المناسبة لمنع تفشي المرض ، والعكس طبعاً بالعكس ، لذا يمكن اعتباره مؤشراً على الدور الشعبي في المواجهة .
3) نسبة الوفيات الى عدد السكان : هذا المعيار يمزج بين المعيارين السابقين ، فالوفيات تمثل دور الحكومة وعدد السكان يمثل دور الشعب ، فقد تزيد نسبة الوفيات الى الإصابات إذا كانت الحكومة مقصرة صحياً ولكن إذا قلّت نسبة الإصابات الى عدد السكان بجهود الشعب سيقلل من نسبة الوفيات الى عدد السكان ، وبالتالي يمكن اعتماد هذا المعيار كمقياس مقبول للدورين الحكومي والشعبي في مواجهة كورونا .
سنعطي أمثلة واقعية كي نثبت مقبولية هذه المعايير ، وسنأخذ إحصائيات منظمة الصحة العالمية لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليوم 21/3/2020* وهو آخر تحديث لهذه الإحصائيات التي تتغير بطبيعة الحال .
فمن الصور المرفقة فإن تسلسل الدول وفق معيار (نسبة الوفيات الى الإصابات) سيكون : العراق ، إيران ، المغرب ، مصر ، لبنان ، تونس ، الإمارات ، باكستان ، البحرين ، قطر ، الكويت ، السعودية ، عُمان ، الأردن . ونستنتج من ذلك أن أسوأ نظام صحي في هذه الدول هو العراق ( لحد اليوم الذي أخذت فيه الإحصائيات والتي تتغير مع مرور الزمن ) ثم إيران فالمغرب وهكذا الى أن نصل الى الأردن باعتباره أفضل نظام صحي وفق هذه الإحصائيات ( لحد اليوم الذي أخذت فيه ) ، وهذا التسلسل لا يبتعد عن الواقع كثيراً .
لنأخذ تسلسل الدول وفق المعيار الثاني وهو (نسبة الإصابات الى عدد السكان) وهي كالآتي : إيران ، البحرين ، قطر ، الكويت ، لبنان ، الإمارات ، السعودية ، عمان ، الأردن ، فلسطين ، العراق ، تونس ، مصر ، باكستان ، المغرب . فمن هذا التسلسل يمكننا أن نعتبر أقل الشعوب مواجهة للفايروس ( لحد اليوم الذي أخذت فيه الإحصائيات ) هو الشعب الإيران ثم البحريني ثم القطر وهكذا صعوداً حتى نصل الى الشعب المغربي الذي يبدو أنه أفضل الشعوب دوراً في مواجهة كورونا ( لحد اليوم الذي أخذت فيه الإحصائيات ) .
أما إذا أخذنا المعيار الثالث (نسبة الوفيات الى عدد السكان) ورتبنا الدول بحسبه فسيكون الترتيب كالآتي : إيران ، لبنان ، البحرين ، العراق ، الإمارات ، تونس ، المغرب ، مصر ، باكستان ، قطر ، الكويت ، السعودية ، عمان ، الأردن . ووفق هذا المعيار سنعرف الدور الحكومي والشعبي في مواجهة كورونا إذا ما دمجناهما معاً فستكون : إيران (حكومة وشعباً) أكثر الدول تقصيراً ( لحد اليوم الذي أخذت فيه الإحصائيات ) في مواجهة كورونا ، ثم تأتي لبنان ثم البحرين فالعراق الى أن نصل الى الأردن الذي يعتبر أفضل الدول (حكومة وشعباً) مواجهة لفايروس كورونا ( لحد اليوم الذي أخذت فيه الإحصائيات ) ، ونجد الدور الحكومي في بعض الدول جيد لكن الشعب مقصر في هذه المواجهة كما في البحرين ، وفي الوقت نفسه نجد الدور الحكومي في دول أخرى ضعيفاً لكن الشعب أخذ دور المبادرة في مواجهة الفايروس كما في الشعب المغربي ، كل ذلك لحد اليوم الذي أخذت فيه الإحصائيات .
مرفقات ( تقييم الدور الحكومي والشعبي في مواجهة كورونا )
* رابط مصدر الإحصائيات :
https://twitter.com/WHOEMRO/status/1241427781445193733/photo/1