تكتيكات الحرب النفسية الإسرائيلية في الحرب على قطاع غزة ولبنان

عملت إسرائيل منذ بداية حربها على قطاع غزة على تطويع كافة الاستراتيجيات والأدوات العسكرية ومن بينها الحرب النفسية التي تجلت في استخدام العنف المفرط والتدمير الواسع النطاق لخلق حالة من الرعب والصدمة النفسية لتسهيل العمليات العسكرية في اجتياح القطاع وتهجير الشعب الفلسطيني من أراضيه والقضاء بشكل كامل على حل الدولتين والحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.

ومع توسيع رقعة الحرب لتشمل الجبهة الشمالية لإسرائيل؛ اعتمدت العمليات النفسية الإسرائيلية على توسيع دائرة الاغتيالات ضد قادة حزب الله اللبناني والاختراق السيبراني لأجهزة الاتصالات (البايجر) ؛ لإضعاف معنوية مقاتلي الحزب؛ وبالتالي التأثير على مستقبل العمليات المتوقعة من أعضاء الحزب، وتسهيل العمليات البرية في الجنوب اللبناني. وهو ما يستدعي مناقشة هذه الاستراتيجية، وآليات تطبيقها في الحرب الحالية على قطاع غزة ولبنان.

تعد الحرب النفسية شكل من أشكال الصراع الذي يهدف إلى التأثير في الخصم وإضعاف معنوياته وتوجيه فكره وعقيدته وآرائه، لإحلال أفكار أخرى مكانها تكون في خدمة الطرف الذي يشن هذا النوع من الحرب. ويمكن تعريفها بأنها: حملة شاملة من دولة أو جماعة تُستعمل فيها كل الأدوات المتاحة وكل الأجهزة للتأثير في عقول جماعة أو دولة محددة بهدف تشكيل الرأي العام، أو التأثير في القرارات بما يتماشى مع مصالح الطرف الذي يشن الحملة.

تستهدف الحرب النفسية تحقيق عدة أهداف، كتدمير الروح المعنوية والتشكيك في عدالة القضية للخصوم، زعزعة ثقة الخصم في الصمود وإمكانية إحراز النصر، بث الفرقة والشتات بين صفوف الخصم، وتحييد القوي الأخرى التي قد يلجأ إليها الجانب الآخر للتحالف معها أو لمناصرته، ـتحطيم وحدة الجهة الداخلية للدولة أو الجماعة المعادية وخلق التناقضات بين فئاتها.

استخدمت تكتيكات الحرب النفسية في مختلف الصراعات والحروب عبر التاريخ؛ -فهي ليست مصطلح جديد كما يظن البعض وإنما يعود تاريخها للعصور القديمة- ولكن اختلفت وسائلها مع مرور الزمن لتصبح أكثر تطوراً مع ظهور التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي.

ظهرت أهمية الحرب النفسية مع بدء استخدامها خاصة خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، فقد شهدت طفرة جديدة مع ظهور الإذاعات التي كانت تُبث من الخارج، لتقديم معلومات مضللة أو تحفيز الانتفاضات في الدول الشيوعية، ومع تفكك الاتحاد السوفياتي كان استخدامها ضمن أفضل الأسلحة المؤثرة التي هيأت العالم للقبول بانفراد الولايات المتحدة بقيادة العالم أحادي القطبية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

تعتمد تكتيكات الحرب النفسية الناجحة على مجموعة من الأدوات؛ كالدعاية ونشر المعلومات الموجهة أو المضللة عبر استخدام الصحف، والتلفزيون، والإذاعات، ومواقع التواصل الاجتماعي، للتأثير على آراء أو في أفعال أفراد آخرين أو جماعات أخرى لتحقيق أهداف محددة مسبقا. بالإضافة إلى ترويج الشائعات وإثارة الفوضى وافتعال الأزمات، وتمزيق الوحدة الوطنية، والحرب الاقتصادية، وغيرها من الأدوات التي تستهدف التأثير النفسي في الرأي العام المحلي، أو الإقليمي، أو الدولي؛ تحقيقا لأهداف سياسية أو اقتصادية أو عسكرية على نطاق دولة واحدة، أو عدة دول، أو على النطاق العالمي ككل.

تعد الحرب النفسية أحد الأركان الأساسية للعقيدة العسكرية الإسرائيلية، التي تستند على 6 محددات رئيسية هي: الأمن القومي، والرد السريع والفعالية، والتفوق التكنولوجي، والعمليات المشتركة، والقوة العسكرية الاستباقية، والعمليات النفسية، واستخدمت إسرائيل على طول أمد الصراع مع العرب والفلسطينيين أساليب الحرب النفسية التي تهدف إلى تقويض المعنويات، والتأثير على الرأي العام، والسيطرة على الشعب الفلسطيني من خلال الدعاية، والسيطرة الإعلامية، والاختراقات السيبرانية، والاستراتيجيات العسكرية المصممة لإثارة الخوف.

انتهجت إسرائيل سياسات الحرب النفسية منذ الهجرات اليهودية إلى الأراضي الفلسطينية؛ من خلال تأطير فكرة إقامة وطن قومي لليهود في شعار “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” في تجاهل كامل لأصحاب الأرض من الفلسطينيين، وبعدها ارتكاب العصابات الصهيونية “الهاجاناه” و”الأرجون” وغيرهما جرائم إرهابية بشعة من قتل جماعي وتهجير وهدم بلدات بأكملها من أجل بث الخوف والرعب في صفوف الشعب الفلسطيني ودفعه للهجرة الجماعية (النكبة)، تمهيداً لقيام الدولة الإسرائيلية عام 1948.

استخدمت إسرائيل الخطاب والدعاية الإعلامية كجزء من الحرب النفسية على الشعب الفلسطيني من خلال استغلال عقدة الذنب الغربية المتعلقة بالهولوكوست؛ للتحكم في الخطاب الإعلامي الغربي وضمان الانحياز للرواية الصهيونية؛ فعكف الإعلام الغربي على تأطير إسرائيل في صورة الضحية؛ مما مكنها من أن تقوم بكافة الاعتداءات والانتهاكات في الشرق الأوسط دون أي محاسبة بل تم تبرير كافة انتهاكاتها بأنها دفاع عن النفس في ظل وجودها في محيط عربي معادي رافض لوجودها، بالإضافة إلى تصوير الفلسطينيين بالإرهابيين، خلقت هذه الهيمنة للخطاب الصهيوني على الإعلام الغربي حالة من العجز واليأس الفلسطيني بسبب تجاهل المجتمع الدولي لمعاناتهم وحقوقهم.

تجلى استخدام سياسات الحرب النفسية مع اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000حيث أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي “موشيه يعلون” عن أكبر عملية حرب نفسية -في ذلك الوقت-، تحت عنوان “كي الوعي”، والتي هدفت إلى إقناع الفلسطينيين أن العمل المسلح لن يحقق أي إنجاز لهم. وتحولت هذه العملية إلى سياسة إسرائيلية مستمرة تستهدف إرهاب المجتمع الفلسطيني لعدم المطالبة بحقوقه التاريخية في إقامة دولته؛ لذا خصصت إسرائيل أجهزة خاصة للعمليات النفسية ووفرت لها كافة الإمكانيات المادية والتكنولوجية والإعلامية.

مركز عمليات الوعي (MALAT): أنشأت إسرائيل في عام 2005 مركز خاص لإدارة الحرب النفسية ضد خصومها، أطلقت عليه “مركز عمليات الوعي”، وهو قسم من أقسام جهاز الاستخبارات العسكرية “أمان”، ويتخصص في إدارة الحرب النفسية، وإنشاء مواقع إلكترونية لنشر الدعاية والشائعات السلبية.

بدأت عمليات هذا المركز مع حرب لبنان الثانية 2006، ونشط دوره مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2008 أو ما يعرف باسم عملية “الرصاص المصبوب”؛ حيث أعد لذلك حملة متكاملة لتحطيم المعنويات الفلسطينية من خلال استخدام مجموعة من الأدوات لنشر الشائعات والدعاية السلبية مثل إلقاء المنشورات والاستيلاء على محطات الإذاعة والتلفزيون، والحملات الإلكترونية التي استهدفت المنتديات الشائعة في قطاع غزة في هذا الوقت.

استمرت العمليات النفسية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني على طول أمد الصراع؛ واختلفت آلياتها وتوجهاتها بين قطاع غزة والضفة الغربية؛ في غزة سعت إسرائيل في كل عدوان على قطاع غزة، إيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية والمادية وبخاصة في صفوف المدنيين لإثارة الهلع الشعبي وتقويض أي نوع من المقاومة، بالإضافة إلى استخدام سياسة العقاب الجماعي، فبالرغم أن معركتها كانت مع حماس إلا أنها فرضت حصار شديد على القطاع منذ عام 2007، مما خلق حالة من الحرمان الاقتصادي والأزمة الإنسانية، هدفت إلى التحكم في الشعب الفلسطيني، وإثارة الغضب الفلسطيني ضد الحركة، أما في الضفة الغربية عملت إسرائيل على التضييق على أهالي الضفة من خلال مصادرة أراضيهم والاعتقالات اليومية، وتوسيع المستوطنات على حساب الأراضي الفلسطينية.

أحدثت عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، صدمة كبيرة في الداخل الإسرائيلي وأفقدت الإسرائيليين الثقة بأجهزة الأمن والاستخبارات بل بالعقيدة العسكرية الإسرائيلية ككل؛ مما أدى إلى حرب إسرائيلية انتقامية جنونية على قطاع غزة استهدفت تدمير كامل لأوجه الحياة في القطاع من أجل تحقيق أهدافها من تهجير الشعب الفلسطيني والقضاء بشكل كامل على حل الدولتين والحق الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.

كانت تكتيكات العمليات النفسية حاضرة في هذه الحرب منذ لحظاتها الأولى؛ حيث انهالت التهديدات الإسرائيلية على لسان مختلف القيادات السياسية والعسكرية بتدمير القطاع للقضاء على حركة حماس. وفيما يلي أبرز أدوات الحرب النفسية التي استخدمتها إسرائيل في قطاع غزة:

استراتيجية “الصدمة والرعب” (shock and awe)‏: شرعت إسرائيل في استخدام استراتيجية الصدمة والرعب وهو تكتيك عسكري يركز على الاستخدام المفرط للقوة والعنف من خلال تنفيذ عمليات جوية مكثفة ومدمرة حققت خسائر كبيرة في صفوف المدنيين؛ هذا الاستخدام المفرط للقوة هدف إلى بث الذعر والخوف في صفوف المدنيين لإجبارهم على النزوح وتدمير الروح المعنوية لمقاتلي حماس من خلال إثبات أن قدراتهم لن تستطيع الصمود أمام القوة الإسرائيلية المدمرة. من جانب آخر، حمل هذا التكتيك رسائل نفسية للداخل الإسرائيلي؛ لاستدراك الفشل الأمني والاستخباراتي؛ من خلال إبراز قوة الجيش وأنه لا يزال قادر على حماية شعبه ويستطيع امتلاك زمام السيطرة العسكرية والقتالية.

إسقاط المنشورات وأنظمة التحذير: لإسرائيل تاريخ في إسقاط المنشورات التي يحاول الجيش الإسرائيلي من خلالها بث الرعب وإرهاب الفلسطينيين، وفي الحرب الحالية على قطاع غزة ترافق إسقاط المنشورات مع إرسال رسائل عبر الهواتف المحمولة، واستخدام الطائرات المسيَّرة المزودة بتسجيلات صوتية تشمل تحذيرات قبل الضربات الجوية واقتحام القرى والمدن؛ لإثارة الرعب وإجبار المدنيين على النزوح الجماعي بشكل متكرر.

من أبرز الأمثلة على هذا النوع من التكتيكات؛ إلقاء طائرات إسرائيلية منشورات فوق جنوب غزة صور تظهر جثة زعيم حركة حماس “يحيى السنوار” مع رسالة باللغة العربية، تقول: “السنوار دمر حياتكم، لقد اختبأ في جحر مظلم، وتمت تصفيته وهو يهرب بذعر، حماس لن تحكم غزة بعد الآن، أخيرا جاءتكم الفرصة للتحرر من استبدادها، من يلقي سلاحه ويعيد المخطوفين، سيُسمح له بالمغادرة والعيش بسلام”.

سياسة العقاب الجماعي: مارست إسرائيل سياسة العقاب الجماعي؛ فعمدت تدمير البنية التحتية وكافة سبل الحياة، ومنع إيصال المساعدات الإنسانية لداخل القطاع وتجويع المدنيين؛ لخلق أزمة ومعاناة إنسانية، وبث الخوف واليأس والتهديد المستمر من خلال إشعار المدنيين بعدم وجود أي مكان آمن؛ وذلك لتنفيذ مخطط التهجير القسري للفلسطينيين.

التحكم والتلاعب الإعلامي: حاولت إسرائيل خلق حالة من العزلة على الشعب الفلسطيني من خلال التلاعب الإعلامي وضمان تصدر السردية الإسرائيلية التي روجت لأكاذيب ضخمت بشكل كبير مما قام به مقاتلي حماس في عملية طوفان الأقصى عبر كافة وسائل الإعلام الغربية التي انحازت بشكل فج للجانب الإسرائيلي، وبررت أفعاله بأنها تأتي في إطار الدفاع عن النفس، وغض النظر تماماً عما تقوم به إسرائيل من انتهاكات وحشية ضد الفلسطينيين. هذه الحملات الإعلامية استهدفت التأثير على معنويات الفلسطينيين من خلال إشعارهم بالضعف واليأس وتقويض الدعم الدولي لهم، بالإضافة إلى محاولة تكميم وابتزاز أي أصوات معارضة لسرديتها.

التعاون مع أجهزة دولية لممارسة تكتيكات الحرب النفسية في حربها الحالية؛ حيث كشف موقع “ديكلاسيفايد” البريطاني وفقًا لوثائق سرية مسربة أن بريطانيا قدمت تدريبات ونصائح للجيش الإسرائيلي سرًا حول تقنيات الحرب النفسية، فبحسب الوثائق، عمل اللواء السابع والسبعون التابع للجيش البريطاني على تزويد الجيش الإسرائيلي باستراتيجيات وتقنيات هذا النوع من الحروب  مثل الهجمات السيبرانية وأنشطة الدعاية ومكافحة الأفكار الداعمة لفلسطين عبر الإنترنت، وتضمنت العمليات الإعلامية الإسرائيلية –بحسب الموقع- استخدام مقاطع فيديو ملفقة، وحسابات وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي للدفاع عن قصف غزة في حربها الحالية.

منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، شهدت الساحة اللبنانية توترات متصاعدة بين حزب الله وإسرائيل، وقد اتخذت هذه المواجهة أبعادًا متعددة، تجاوزت التصعيد العسكري لتشمل استخدام واسع لتكتيكات الحرب النفسية.

استهدفت الحرب النفسية الإسرائيلية على حزب الله إيقاف التصعيد العسكري للحزب على الحدود مع إسرائيل أو ما اسماه الحزب جبهة إسناد غزة، ومطالبة الحزب بسحب قواته إلى ما وراء نهر الليطاني. واعتمدت إسرائيل لتحقيق هذه الأهداف على استراتيجية شاملة عملت على إضعاف الحزب وإحداث خلل في بنيته العسكرية والشعبية قبل الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة معه؛ وفيما يلي أبرز التكتيكات النفسية المستخدمة:

الرسائل التحذيرية: عمدت إسرائيل على إدخال لبنان في حالة من الإرهاب النفسي عبر اختراق منظومة الاتصالات وإرسال مئات الرسائل النصية والاتصالات مجهولة الهوية للمواطنين في الجنوب اللبناني، تدعوهم فيها إلى الابتعاد عن مواقع تدّعي الرسائل أنها أماكن يخزن فيها حزب الله أسلحته، كذلك اخترقت إسرائيل إذاعات لبنانية وبثت عبرها تحذيرات بإخلاء بعض المناطق.

ولم تقتصر الاتصالات والتهديدات على المواطنين العاديين، بل شملت عدداً من الوزراء والوزارات، فقالت “الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية” أن مكتب وزير الثّقافة في حكومة تصريف الأعمال، محمد وسام المرتضى، تلقى اتصالاً من شخص يتكلّم العربيّة الفصحى بلكنة غريبة، دعاه فيه إلى مغادرة المكتب فوراً لأنّه مستهدَف. كما أعلن وزير الإعلام اللبناني “زياد المكاري”، أنه في إطار الحرب النفسية التهويلية التي تعتمدها إسرائيل، تلقى عدد كبير من المواطنين في بيروت والمناطق رسائل هاتفية عشوائية موحدة عبر الشبكة الأرضية، تدعو المجيب إلى إخلاء مكان وجوده، لافتاً إلى أن مكتب وزير الإعلام كان أحد الذين تلقوا الرسالة.

الهجمات السيبرانية: اعتمدت إسرائيل على الهجمات السيبرانية لإحداث أضرار نفسية قبل الدخول في مواجهة مباشرة مع حزب الله؛ ويعد تفجير أجهزة البايجر أبرز هذه الهجمات والتي تجاوزت قواعد الاشتباك بين الطرفين من خلال استخدام اختراق سيبراني غير مسبوق أحدث تأثير نفسي واستراتيجي كبير من خلال استخدام عنصر المفاجأة والصدمة لإرباك الحزب، فضلاً عن إظهار مدى الاختراق الأمني لخلق حالة من القلق والخوف؛ قد تنعكس على الأداء العسكري لمقاتلي الحزب.

الاغتيالات لكوادر الحزب السياسية والعسكرية: بعد هجمات البايجر وما أحدثته من صدمة وإرباك للحزب، استمرت إسرائيل في مسلسل الاغتيالات ضد قيادات حزب الله الذي بدأته باغتيال فؤاد شكر القيادي العسكري، ولكن انتقلت إلى أعلى مستوى باغتيال الأمين العام “حسن نصر الله” للتأثير السلبي على مقاتلي الحزب وما يعرف بمحور المقاومة ككل، حيث يحمل نصر الله رمزية لهذا المحور حيث قاد معارك حزب الله ضد إسرائيل لمدة 30 عام، فالغياب المفاجئ لنصر الله سيكون له تداعيات كبيرة على منظومة الحزب ككل حيث زيادة حالة التخبط العملياتي والمعنوي للحزب، نتيجة لتخلخل بنيته القيادية بعد اغتيال قادته السياسيين والعسكريين، بالإضافة إلى ما يعانيه من اختراق أمني واستخباراتي، وبالتالي يفقد الحزب قدرته على تنفيذ هجمات مؤثرة؛ وبالتالي تمتلك إسرائيل زمام المبادرة العسكرية.

تقويض الحاضنة الشعبية للحزب: تعد السياسة الإسرائيلية السابقة من تدمير لقدرات حزب الله والاختراق الأمني فضلاً عن اغتيال قادته جزء من الحرب النفسية التي استهدفت تقويض الحاضنة الشعبية للحزب من خلال إثبات فشل الحزب في الوفاء بوعوده في ردع إسرائيل فلم يستطع حتى حماية قادته بل ساهم في خلق أزمة إنسانية أدت إلى نزوح مئات الآلاف من اللبنانيين؛ مما يزيد من حالة الغضب والسخط واهتزاز الثقة؛ وبالتالي انحسار الشعبية للحزب في الداخل اللبناني.

حاصل ما تقدم، تعمل إسرائيل على توظيف كل ما تمتلكه من أدوات وإمكانات لتصفية القضية الفلسطينية بشكل كامل وإرساء معادلة إقليمية جديدة تؤطرها في القضاء على كل المهددات الصادرة عما يعرف باسم محور المقاومة وتقويض أي نفوذ إيراني في محيطها الإقليمي، وتعد الحرب النفسية أحد أهم الأدوات التي تستخدمها إسرائيل لتحقيق هذه الأهداف؛ فبالتزامن مع التدمير الممنهج لقطاع غزة وتوسيع رقعة الحرب للجنوب اللبناني؛ تعمل إسرائيل من خلال تكتيكات نفسية متنوعة إعادة تشكيل القناعات (كي الوعي) وخفض سقف التوقعات لتحويل آمال الفلسطينيين في إقامة دولتهم؛ لتتحول إلى البقاء فقط على قيد الحياة.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M