تأرجح التنظيم الإرهابي بعد الهزات التي تعرض لها عسكرياً أو مادياً، وكذلك فيما يتعلق بعمليات التجنيد، ما بين التخلي عن حلم الدولة وما بين العودة مرة أخرى بطرق وأساليب مختلفة، بعدما أضحت الأساليب التقليدية غير ناجحة على أرض الواقع أو هناك صعوبة للقيام بذلك؛ بسبب التضيق على التنظيم من قبل الدول بمختلف أشكالها (معاقله الرئيسية- الداعمة له مادياً وفكرياً- المهدد لمصالحها)، إضافة إلى الانشقاقات التي حدثت ضمن مستوياته المختلفة ومقتل قيادته ضمن المستوى الأول وتجفيف منابعه المادية والتمويل والممارسات الخاطئة مع السكان في البيئة التي كانت يوماً ما حاضنة وداعمة ومساهمة في بقائه واستمراره، كل هذه العوامل وغيرها أجبرت التنظيم الإرهابي على التحول من الخلافة الواقعية على الأرض، والتي حاول التنظيم جهد فكره وقوته إقامتها وإبقاءها، إلا أنها لم تدم إلا ثلاث سنوات لتنتهي بعدها نتيجة عوامل وأسباب متعددة منها ما يتعلق بالتنظيم نفسه ومنها خارجية، لكن التنظيم الإرهابي لم ينته بعد، وما زال ينشط بين فترة وأخرى نتيجة ما توفره من مميزات ووسائل حماية وصعوبة في المراقبة والتتبع عملية التحول إلى الخلافة الرقمية الإلكترونية وما يصبون إليه التنظيم من العودة مرة أخرى لقيام دولته المعهودة والمنشودة، جاء التحول من وإلى بفعل أسباب داخلية خاصة بالتنظيم ذاته وأخرى خارجية أجبرته على عملية التحول تلك، أبرز البحث تلك الأسباب من خلال التطرق لها، وبين خطورة تلك الخلافة بالنسبة للتنظيم تجاه الدول المستهدفة وما هي التطبيقات والتقنيات التي يستخدمها التنظيم في إدارة الخلافة الرقمية وماذا يريد من خلالها.
اختلف التنظيم الإرهابي عن بقية التنظيمات في مختلف الوسائل والآليات المتبعة في تحقيق أهدافه المنشودة، إلا أن الاختلاف الجوهري ظهر جلياً في حسن استخدامه للإنترنيت ومواكبة التطور والوسائل الإعلامية والتطبيقات والبرامج التي يستخدمها في فعالياته خير دليل وبرهان، فلا تقتصر تلك الآليات على جانب دون آخر، فبداية استخدم التنظيم الإنترنيت في التجنيد وكسب المؤيدين له من مختلف أنحاء العالم، ثم توسع في استخدامه للإنترنت في التمويل وإدامة عملياته ودفع رواتب موظفيه، وانتهى بالتحول إلى خلافة رقمية إلكترونية بعيدة عن مراقبة ومتابعة الأجهزة الاستخبارية الأمر الذي يفضي في النهاية إلى خطورة هذا التنظيم من حيث الفكر والعمل.
المصدر : https://www.bayancenter.org/2024/07/11556/