توقعات مستقبلية: ماذا يعني استمرار تحالف أوبك+ في سياسة خفض الإنتاج؟

شكل تحالف أوبك+ دورًا هامًا في تحقيق الاستقرار في سوق النفط العالمية، إلا أن جهوده غالبًا ما تتعرض لانتقادات تستند إلى روايات غير مكتملة أو يتم تفسيرها بشكل خاطئ.  ولكن يظل أوبك+ تحالفًا قويًا وفعالًا يُعطي الأولوية لتحقيق التوازن في السوق لكل من المنتجين والمستهلكين على حد سواء. ما زالت دول تحالف أوبك+ مستمرة في سياستها المعلنة لتخفيض الإنتاج طوعيًا منذ العام الماضي، وذلك في إطار رؤية مشتركة تستهدف توازن السوق، ومواجهة تباطؤ الطلب العالمي على النفط الخام.

ولكن لماذا تستمر أوبك+ بخفض مستويات الإنتاج؟ وهل يهدف هذا إلى ضمان أسعار مرتفعة للمنتجين؟ أم أنه لتنظيم سوق النفط الخام؟

قرر تحالف أوبك+ تمديد تخفيضات إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميًا لمدة عام إضافي، حتى نهاية 2026 بدلاً من نهاية العام المقبل. كما قررت ثماني دول أعضاء في التحالف، مشاركة في تخفيضات طوعية للإنتاج بمقدار حوالي 2.2 مليون برميل يوميًا، تمديد خطة تقليص هذه التخفيضات لمدة 3 أشهر، حتى نهاية مارس 2025، بدلاً من مطلع العام المقبل. يهدف هذا الإجراء لدعم استقرار السوق، ويمكن إيقاف سياسة الخفض الحالية مؤقتًا أو عكسها، وفقًا لظروف السوق النفطي. إن الحفاظ على معدلات سعرية عادلة أو متوازنة يعني الحفاظ على قدرة سوق النفط العالمي على الاستمرار والتعافي من الأزمات المتلاحقة، خاصةً في ظل الحاجة الملحة للاستمرار في الإنفاق على عمليات استخراج واستكشاف النفط الخام.

والمؤكد هنا أن الأحداث الجيوسياسية والاقتصادية تؤثر بشكل رئيس على نتائج تلك الاجتماعات، فالدول الأعضاء تبحث دائمًا عن مصالحها بما لا يضر الوضع العام لأسواق النفط العالمية. ومن هنا يتضح أن الهدف الدائم لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وأيضًا تحالف أوبك+ هو الاستثمار في السعة الإنتاجية الفائضة من النفط الخام، وذلك بهدف الاستفادة منها في مواجهة أي صدمة مستقبلية للحفاظ على استقرار أسعار النفط الخام.

بشكل عام، عُقد اجتماعان افتراضيان. الأول هو الاجتماع الوزاري رقم 38 للدول الأعضاء في أوبك والدول المشاركة من خارجها، وقد أعربت الدول المشاركة في إعلان التعاون النفطي خلاله عن خالص امتنانها للسعودية على قيادتها الاستثنائية والتزامها الراسخ باستقرار سوق النفط العالمية. وذكر المجتمعون أنه بقيادة وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، تمكنت الدول المشاركة في إعلان التعاون من تجاوز التحديات برؤية استراتيجية، وتعزيز التماسك في المجموعة من خلال جهود بناء التوافق، وتعزيز التوازن والشفافية في سوق النفط العالمية.

أما الاجتماع الآخر الذي عُقد على هامش الاجتماع الوزاري، فقد ضم الدول الثماني الأعضاء في أوبك بلس: السعودية وروسيا والعراق والإمارات والكويت وكازاخستان والجزائر وسلطنة عمان، التي سبق أن أعلنت عن تعديلات تطوعية إضافية في شهري أبريل ونوفمبر من عام 2023.

  • تمديد الدول الثماني للخفض الطوعي البالغ حوالي 1.65 مليون برميل يوميًا، المعلن عنه في أبريل 2023، حتى نهاية ديسمبر 2026.
  • تمديد تخفيضات إنتاج النفط من قِبل التحالف بكامله بمقدار مليوني برميل يوميًا لمدة عام إضافي، حتى نهاية 2026.
  • تمديد الدول الثمانية خطة التعديلات الطوعية الإضافية البالغة 2.2 مليون برميل يوميًا، المعلنة في نوفمبر 2023، حتى نهاية مارس 2025 بدلاً من مطلع العام المقبل، على أن تتم بعد ذلك إعادة كميات هذه التعديلات تدريجيًا، على أساس شهري حتى نهاية سبتمبر 2026، أي على مدار 18 شهرًا بدلاً من 12 شهرًا؛ وذلك لدعم استقرار السوق.
  • السماح للإمارات بزيادة الإنتاج بحوالي ٣٠٠ ألف برميل يوميًا، ابتداءً من أبريل وحتى نهاية سبتمبر ٢٠٢٦، بدلاً من الخطة السابقة التي كانت تنص على بدء ذلك في يناير ٢٠٢٥.  تمديد مدة التقييم حتى بداية نوفمبر ٢٠٢٦، والاسترشاد به في تحديد مستويات الإنتاج لعام ٢٠٢٧.

يأتي هذا الخفض بهدف دعم استقرار أسعار النفط في وقت تتزايد فيه التوترات الجيوسياسية حول العالم، وسط مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي، وعليه، فإن دلالات التحرك، وإذا ما كان خطوة استباقية لها علاقة بتوقعات النمو الاقتصادي، تتوقف على الإجابة على بعض الأسئلة.

  • هل نمو الطلب على النفط في النصف الثاني من العام أقل من المتوقع؟ وهل القرار بالتالي ضربة استباقية للأحداث؟
  • هل هناك ضبابية شديدة في الأسواق بسبب نتائج الانتخابات الأمريكية الأخيرة وفوز دونالد ترامب، وتداعيات ذلك المحتملة على صناعة النفط العالمية، مع احتمالات الركود الاقتصادي، وكون الانتعاش في الصين أقل من المتوقع؟ وهل هو بالتالي ضربة احترازية؟
  • هل الهدف النهائي منه هو منع انخفاض الأسعار أم رفعها؟

القرار يأتي في ضوء الالتزام المستمر للدول الأعضاء بتحقيق استقرار سوق النفط، وتوفير التوجيه والشفافية على المدى الطويل للسوق، وتماشيًا مع النهج المتمثل في الحيطة والاستباقية والوقائية. ومن العوامل التي ضغطت على أسعار النفط مؤخرًا الطلب الأضعف من المتوقع من الصين، بالإضافة إلى زيادة الإنتاج من دول مثل البرازيل والأرجنتين غير الأعضاء في أوبك بلس.  هنا تجدر الإشارة إلى أن أوبك خفضت مؤخرًا توقعاتها لنمو الطلب في عام 2025 إلى حوالي 1.54 مليون برميل يوميًا، من حوالي 1.85 مليون برميل يوميًا (يوليو 2024). وهذا أعلى تقدير مقارنة بتقديرات وكالة الطاقة الدولية البالغة حوالي ٩٩٠ ألف برميل يوميًا، وإدارة معلومات الطاقة الأميركية البالغة حوالي ١.٢٢ مليون برميل، وشركة ريستاد إنرجي البالغة حوالي ١.١ مليون برميل من النفط الخام. واستندت تلك التقديرات إلى تراجع نمو الطلب، بالإضافة إلى حالة الاقتصاد في الولايات المتحدة والصين، وهما السوقان الأولى والثانية للنفط الخام.

وبالنظر إلى مستويات إنتاج تحالف أوبك بلس، نجد أنه مع استعادة ليبيا لمعدلات الإنتاج التي تعطلت خلال أزمة سياسية قصيرة، وزادت إمدادات التحالف بمقدار حوالي 500 ألف برميل يوميًا، ارتفع إنتاج ليبيا من النفط إلى أعلى مستوى يومي منذ أكثر من عشر سنوات، بعد أشهر فقط من أزمة سياسية أدت إلى خفض إنتاج البلاد. حيث وصل إنتاج النفط الخام والمكثفات إلى حوالي 1.422 مليون برميل، وفق المؤسسة الوطنية للنفط، ويتجاوز ذلك هدف شركة النفط الحكومية بمقدار حوالي 22 ألف برميل، ويُعد في الوقت نفسه أعلى حجم يومي منذ عام 2013.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية، من المتوقع أن تؤدي عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض إلى زيادة إنتاج الوقود الأحفوري، وبالأخص النفط الصخري. ولم يقتصر الأمر على قيام ترامب بحملة تركز على المزيد من عمليات التنقيب والحفر، بل إن مرشحه لمنصب وزير الخزانة، سكوت بيسنت، وضع خطة اقتصادية تهدف إلى زيادة إنتاج النفط المحلي بما يعادل حوالي 3 ملايين برميل يوميًا من النفط الخام. والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية تحتل المرتبة الثانية على مستوى العالم من حيث احتياطيات النفط الصخري.

أمام ما تقدم، من المهم تصحيح المفهوم الخاطئ بأن تحالف أوبك+ يسعى إلى التلاعب بأسعار النفط لتحقيق مكاسب خاصة. فالهدف الرئيسي للتحالف هو تحقيق توازن في السوق، مما يُسهم في تقليل التقلبات الحادة في الأسعار، والتي قد تعيق النمو الاقتصادي العالمي أو تعرقل الاستثمارات في إنتاج النفط الخام. ومن خلال هذه السياسة، يسعى التحالف إلى ضمان استقرار طويل الأجل يصب في مصلحة كل من المنتجين والمستهلكين.

شهدت أسعار النفط العالمية خلال السنوات الماضية تغيرات قوية، وبالأخص منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، حيث حققت مكاسب كبيرة لم تحدث منذ أكثر من 15 عامًا تقريبًا، لتعوض بذلك الدول المصدرة للنفط الخسائر التي تكبدتها بسبب جائحة كورونا منذ بداية عام 2020. وذلك منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير 2022، قفزت أسعار النفط لتصل إلى أكثر من 137 دولارًا للبرميل، مسجلة أعلى مستوياتها على الإطلاق (قبل الانخفاض إلى حوالي 75 دولارًا للبرميل حاليًا)، بعد أزمة كورونا التي أضرت بالعقود الآجلة لخام برنت، والتي كان يتم تداولها بقيم سالبة، حيث خسر برميل النفط حوالي 45 دولارًا في ساعة واحدة خلال أبريل 2020. وجاءت الحرب على غزة وتوترات الشرق الأوسط لتُسهم في ضبابية المشهد العالمي لأسواق النفط الخام، وحالات التذبذب الحادة في حركة الأسعار (لكنها تراوحت حول مستويات 70-85 دولارًا للبرميل)، كما هو موضح في الشكل التالي.

وعليه، يمكن القول بأنه مع كل تلك التقلبات الحادة السابقة، وبالتحديد منذ عام 2022، تدخل تحالف أوبك+ لخلق حالة من التوازن بين المعروض والطلب. حيث بدأ في زيادة تدريجية في الإنتاج منذ مارس 2022، ثم قرر بنهاية نوفمبر 2022 خفض معدلات الإنتاج بحوالي مليوني برميل من النفط الخام، وذلك بهدف الحفاظ على استقرار أسعار الخام، كما هو موضح في الشكل التالي، بسبب حالة عدم اليقين التي شهدتها الأسواق.

ومن المتوقع أن تظل أسعار النفط الخام في نطاقها الحالي حتى الربع الأول من عام 2025، فالخاطر الاتجاهية المختلفة لأسعار النفط الخام أعلى بسبب مخاطر الاضطرابات الجيوسياسية والصراعات الحالية والأزمة الاقتصادية العالمية، التي تُعد لاعبًا أساسيًا في تحديد ملامح السوق النفطي العالمي.  لكن لا يزال من غير الممكن التنبؤ باتجاه توترات الشرق الأوسط، بالإضافة إلى السياسة النفطية الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية في ظل ولاية ترامب.

بغض النظر عن الدوافع السياسية والاقتصادية لهذا القرار، فإن الهدف الأساسي من هذا التخفيض هو دعم أسعار النفط الخام ومنعها من الانخفاض الحاد، مما سيوفر دعماً قوياً للسوق في الأشهر المقبلة. استناداً إلى ذلك، كانت الأسواق النفطية بحاجة ملحة إلى شيء لإنعاشها، وعليه فإن قرار التمديد قد يعطي السوق حافزاً بأن تحالف أوبك بلس ما زال قادراً على تأخير إعادة هذه البراميل النفطية إلى الأسواق.

تُشكل صادرات الدول الأعضاء في أوبك حوالي ٤٩٪ من صادرات النفط الخام العالمية، بالإضافة إلى أن الدول الأعضاء تمتلك نحو ٨٠٪ من احتياطيات النفط العالمية المؤكدة. ونظرًا لتمتّعها بتلك الحصة السوقية الكبيرة، يمكن أن تؤثر القرارات التي تتخذها أوبك على أسعار النفط العالمية. ويجتمع أعضاؤها بانتظام لتحديد كمية النفط التي سيبيعونها في الأسواق العالمية، ووضع سياسة النفط العالمية وفقًا لحركة الأسواق العالمية والعرض والطلب.

واستنادًا إلى ذلك، كان لبعض قرارات خفض الإنتاج آثارٌ كبيرة على الاقتصاد العالمي. فخلال حرب أكتوبر 1973، فرضت الدول العربية الأعضاء في أوبك حظرًا على شحنات النفط الخام إلى الولايات المتحدة، ردًا على دعمها للجيش الإسرائيلي. وشمل القرار دولًا أخرى دعمت إسرائيل، وشمل الحظر صادراتها البترولية، مما أدى إلى خفض الإنتاج. وضغط الحظر على الاقتصاد الأمريكي الذي كان يعاني بالفعل ويعتمد وقتها على النفط المستورد، وبالتالي قفزت أسعار النفط، مما تسبب في ارتفاع تكلفة الوقود للمستهلكين ونقصه في الولايات المتحدة. كما دفع الحظر الولايات المتحدة ودولًا أخرى إلى شفا ركود عالمي.

يمكن القول بشكل عام إن أسعار النفط تميل إلى الارتفاع عندما تقرر أوبك خفض الإمدادات نتيجة لتراجع الطلب، بينما تتجه الأسعار إلى الانخفاض عندما تقرر المجموعة ضخ المزيد من النفط الخام في السوق.

استكمالًا لما سبق، من المؤكد وجود رغبة محدودة في دفع أسعار النفط الخام إلى مستويات مرتفعة للغاية، وذلك بالنظر إلى أساسيات العرض والطلب عليه.  فأي تحول كبير في الأسعار سيؤدي على الأرجح إلى تراجع التحالف عن التخفيضات المقررة.

وبالنظر إلى الأسعار الحالية، نجد أنها منخفضة للغاية، بالنظر إلى الضغوط الجيوسياسية والاقتصادية، أو حالات عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط (حيث تمتلك الدول العربية حوالي 54.3% من الاحتياطيات العالمية المؤكدة من النفط الخام، وتستحوذ على حوالي 29.3% من إنتاجه العالمي، كما تستأثر بحوالي 30.2% من إجمالي صادراته العالمية). وعليه، ففي الوضع الطبيعي، ستكون الأسعار أعلى بحوالي 10 دولارات للبرميل. تاريخيًا، تتأثر الأسعار النفطية بشدة بالصراعات والاضطرابات الجيوسياسية.

بشكل عام، من المعتاد أن يحرص البعض على رفع أسعار النفط (الدول الكبرى المنتجة للنفط الخام)، لكن دول أوبك لم تفضل تاريخيًا فترات طويلة من الأسعار المرتفعة، لأنها تدرك أن ذلك لن يؤدي إلا إلى خفض الطلب على نفطها، ويضرها على المدى الطويل. وعليه، اتبع تحالف أوبك بلس سياسة إبقاء ملايين براميل النفط تحت الأرض، لتجنب إغراق الأسواق بالنفط الخام الذي لم تكن قادرة على امتصاصه بسبب انهيار الطلب العالمي عليه، وذلك منذ مايو 2020. (لا يستهدف تحالف أوبك بلس الأسعار على أساس سنوي، وإنما يهدف إلى منع التقلبات الكبيرة في المخزونات النفطية).

إجمالًا لما سبق، نجد أن النطاق السعري بين ٨٠ و٨٥ دولارًا قد يكون الأنسب للمنتجين والمستهلكين. لكن تجاوز سعر ٨٥ دولارًا للبرميل قد يشجع الإنتاج خارج أوبك بلس (وهذا أمر غير مرغوب فيه لدول التحالف)، بينما الأسعار الأقل من ٧٥ دولارًا لا تخدم أوبك بلس اقتصاديًا، لأنها لا تُحقق معادلة مناسبة بين السعر والكمية مقارنةً بالكمية التي تُخفض يوميًا.

أمام ما تقدم، حتى الآن لا تشكل الأسعار الحالية مشكلة كبيرة بالنسبة للدول المنتجة الكبرى في التحالف، وهما المملكة العربية السعودية وروسيا. حيث لا تزال الأسواق العالمية مفتوحة للغاية للاستثمار داخل السعودية وغيرها من الدول، وبالنسبة للاعبين الآخرين في تحالف أوبك بلس، مثل إيران والعراق ونيجيريا، فإن الوضع أكثر إلحاحًا، لكنها غير قادرة فعليًا على زيادة الإنتاج بصورة كبيرة أو الوصول إلى الأسواق، وذلك نظرًا لضعف البنية التحتية وعدم توافر القدرة الإنتاجية.

وبالنظر إلى موسكو، بالرغم من أن العقوبات ما زالت قائمة، فإن الدولة النفطية الأهم في تحالف أوبك+ لم تتعرض لضربة قوية بعد، حيث إن مستويات الأسعار الحالية جذابة للغاية، ما دام المستهلكون الآسيويون (خصوصًا الصين) يأخذون جزءًا من الحصة النفطية للتحالف. ولكن إذا تغيرت هذه العوامل، أو استمر تعرض عمليات التنقيب والإنتاج والتكرير في روسيا لضربات أوكرانية محتملة والعقوبات الأخرى، فستكون هناك ضغوط كبيرة متزايدة لارتفاع الأسعار النفطية بشكل كبير وحاد.

وعلى هذا النحو، من شأن بقاء الأسعار والمخزونات النفطية الحالية عند نفس مستوياتها تقريبًا قبل عام، أن يجعل من غير المرجح أن تتحول دول التحالف النفطي أوبك+ لزيادة الإنتاج، حيث ليس أمامها خيار سوى تمديد سياسة خفض الإنتاج الحالية، لأن أي قرار آخر سيؤدي على الأرجح إلى موجة بيعية قوية.

الأمر سيحتاج إلى قفزة مفاجئة وكبيرة في الطلب العالمي على النفط الخام من أجل دفع التحالف النفطي لإقرار أي تغيرات في اتفاق خفض الإنتاج.

مجمل القول، دول التحالف النفطي أوبك+ غير مسؤولة عن التذبذب الواضح في مستويات الأسعار الحالية، وإنما هناك العديد من الأسباب التي أدت بشكل رئيسي إلى زيادة أسعار الطاقة العالمية، يأتي في مقدمتها الحرب الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى تزايد تداعيات الحرب على غزة (توترات الشرق الأوسط). ستبقى أسواق النفط العالمية مهددة بالمخاطر الاقتصادية والجيوسياسية حتى الوصول إلى حالة استقرار في مناطق المنابع النفطية الحيوية. بشكل عام، يمكن القول إن الأسواق النفطية العالمية اعتادت على تدخل تحالف أوبك+ كمنتج مرجح يحافظ على توازن الأسعار إذا تراجعت إلى دون المعدلات التوازنية لفترة طويلة.

وفي الأخير، بالنظر إلى المستقبل، يواجه تحالف أوبك+ مهمة موازنة استراتيجية بين دعم الأسعار والحفاظ على حصّة السوق في مواجهة المنافسة المتزايدة من المنتجين من خارج أوبك، مثل الولايات المتحدة الأمريكية.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M