وقعت قبرص والولايات المتحدة في 9 سبتمبر2024 في حفل خاص بوزارة الدفاع القبرصية بحضور رئيس أركان قوات الدفاع القبرصية الفريق جورج تسيتسيكوستاس والسفيرة الأمريكية لدى قبرص جولي فيشر علي اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي تحدد الطرق التي يمكن للبلدين من خلالها تعزيز استجابتهما للأزمات الإنسانية الإقليمية والمخاوف الأمنية بما في ذلك تلك الناشئة عن تغير المناخ وعقب التوقيع علي هذه الإتفاقية الإطارية ولإدراك أهمية هذا التطور في علاقات أو رؤية الولايات المتحدة لعلاقاتها مع جنوب قبرص اليونانية فيكفي أن نعرف أن هذه الإتفاقية الإطارية تنهي سياسة أمريكية استمرت 50 عامًا لفرض حظر على الأسلحة فرضته الولايات المتحدةعلي جمهورية قبرص اليونانية بناء علي وضع ورؤية سياسية كانت مستقرة حتي إندلعت الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير2022 وبعدها الحرب في غزة في 7 أكتوبر2023والتي هـدمت وحطمت نظرية الأمن الصهيوني تماما ومن الواضح أن نتائج هذين الحربين اللتان لم تنتهيا بعد أدت بالمخطط العسكري الإستراتيجي لأن ينظر إلي خريطة شرق المتوسط بإعتبارها المدي الأوسع لحرب غزة والمتاخم للبحر الأسود الفناء البحري لروسيا في حرب أوكرانيا ليعيد النظر في قابلية الإستفادة من موقع قبرص الجيوستراتيجي لتأمين الكيان الصهيوني الذي تداعي مركزه العسكري لدرجة حاجته الماسة لتدخل وعون عسكريبل وديبلوماسي مباشر من الولايات المتحدة التي تعمل بسرعة لتجهيز قبرص كلاعب إحتياطي في مباراة غــزة التي سجل فيها الصهاينة خـــسارة بينة حتي الآن .
أشاد وزير الدفاع القبرصي فاسيليس بالماس ومساعدة وزير الدفاع الأمريكي للشؤون الأمنية الدولية سيليست والاندر بهذا الاتفاق باعتباره علامة فارقة أخرى في العلاقات القبرصية الأمريكية المزدهرة في السنوات الأخيرة والتي شهدت رفع حظر الأسلحة الأمريكي الذي فرضته الولايات المتحدة على الدولة الجزيرة الواقعة في شرق البحر الأبيض المتوسط منذ عقود في عام 2022وقالت والاندر بعد محادثاتها مع بالماس: “إن جمهورية قبرص شريك قوي للولايات المتحدة في أوروبا وشرق البحر الأبيض المتوسط، وتلعب دورًا محوريًا في تقاطع أوروبا وشمال إفريقيا والشرق الأوسط”وأشادت المسؤولة الأميركية بقبرص بدور قبرص كملاذ آمن للمدنيين الأميركيين الذين تم إجلاؤهم من السودان وإسرائيل العام الماضي ودورها الرئيسي في إنشاء ممر بحري إلى غزة تم من خلاله شحن أكثر من 20 مليون رطل من المساعدات الإنسانية إلى الأراضي الفلسطينية وقال وزير الدفاع القبرصي فاسيليس بالماس من جانبه: “إن التوقيع اليوم على خارطة طريق التعاون الدفاعي الثنائي بين وزارتي دفاع الولايات المتحدة وجمهورية قبرص هو مؤشر قوي على التزامنا بمواصلة تطوير وتعميق علاقتنا”, فيما تحدثت مساعدة وزير الدفاع الأمريكي عن معلم مهم في العلاقة الدفاعية الثنائية بين جمهورية قبرص والولايات المتحدة , وقد أُجـــريـت محادثات مطولة بين وفدي البلدينعقب التوقيع علي هذه الإتفاقية , وفي تصريحاته بعد التوقيع على خارطة الطريق أو الإتفاقية الإطارية قال وزير الدفاع إنه جرت مناقشة مثيرة للاهتمام وموضوعية وبناءة للغاية حول مجموعة واسعة من القضايا وأنه قال لمساعدة وزير الدفاع الأمريكي إن وجودها اليوم في قبرص دليل على الصداقة والتعاون المتطور والمتطور بسرعة بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية قبرص في مجالات الدفاع والأمن وأشارإلي أنه”في هذا الوقت أصبحت شراكتنا الإستراتيجية على أعلى مستوى على الإطلاق” مُشدداً علي قوله بأن العلاقات الثنائية مبنية على القيم المشتركة والمثل المشتركة والأولويات المشتركة والأهداف المشتركة والمصالح المشتركة وقال إن “الأهداف والمصالح تتشابك بشكل مباشر مع تعزيز السلام وتهيئة ظروف الأمن والاستقرار والتعاون والازدهار إقليميا ودوليا” كما ذكر السيد بالماس بإيجاز بعض أهم جوانب التعاون بين قبرص والولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة مثل برنامج التعليم العسكري الدولي (التعليم والتدريب العسكري الدولي – IMET) والفرصة المتاحة لأفراد القوات المسلحة القبرصية للتدريب وفي الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقية الاستحواذ والخدمات المشتركة (ACSA) وإدراج قبرص في برنامج شراكة الدولة (SPP) مع ولاية نيوجيرسي وهو البرنامج الذي كما أوضح يوفر للحرس الوطني الفرصة لـ اكتساب المعرفة والمعرفة العلمية والاطلاع المستمر على التطورات الحديثة في الأمور العسكرية كما نوه بأن قرار رفع الحظر الأمريكي على بيع الأسلحة لجمهورية قبرص عام 2022 وكذلك تجديده عام 2023 كان مهماً جداً أيضاً لافتاً إلى أن كلا القرارين كانا تطورين مهمين للغاية إذ من جهة أخرى ومن ناحية أخرى فقد سلطوا الضوء على دور جمهورية قبرص في المنطقة ومن ناحية أخرى قاموا بتوسيع خياراتها في جهود تحديث وتحديث معداتها العسكرية وأكد وزير الدفاع القبرصي اليوناني بعد ذلك أنه في البيئة الجيوسياسية المضطربة في شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط تركز جمهورية قبرص فيما يتعلق بالقانون الدولي وبالتعاون مع الجهات الفاعلة الدولية والدول الصديقة في المنطقة بقوة على التعامل مع الأمر مع الأزمات وسيادة السلام ولكن عليها أيضاً أن تبذل كل جهد ممكن للدفاع عن استقلالها الوطني وسلامة أراضيها وحقوقها السيادية غير القابلة للتصرف وأكد أن ضمان السلام والاستقرار في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط في منطقة تشهد حوادث عنف ونزاعات مسلحة لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التفاهم المتبادل وتحسين العلاقات بين دول المنطقةوقال “ولتحقيق هذه الغاية فإننا كجمهورية قبرص ننفذ بشكل منهجي سياسة خارجية استباقية بهدف محدد هو السعي وراء الثقة المتبادلة وتطوير التعاون المتعدد الأطراف“.
أخــيــراً ذكر وزير الدفاع القبرصي اليوناني أنه في سياق لقائه مع مساعدة وزير الدفاع الأمريكي اطلعها على الوضع الأمني في قبرص والأعمال الاستفزازية التي تقوم بها قوات الاحتلال التركي في المنطقة الميتة وكذلك على آخر التطورات في المنطقة الصراع القبرصي مسلطاً الضوء على الصعوبات التي يواجهها الجانب القبرصي “بسبب تعنت تركيا التي تسعى الآن إلى تغيير أسس المفاوضات خارج إطار مبادئ الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وما تم الاتفاق عليه حتى الآن” وبشأن ذلك أكد أن جمهورية قبرص تظل ملتزمة بالجهود التي تبذلها لاستئناف المفاوضات بهدف حل القضية القبرصية وإعادة توحيد وطننا وأشار أيضا إلى أنهم ناقشوا من بين أمور أخرى الوضع الأمني في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط الأوسع والصراع في إسرائيل وغزة ومبادرة “أملثيا” (الفاشـــلة المظهرية)التي أطلقتها جمهورية قبرص لإنشاء ممر إنساني لإيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق وبشكل آمن وشدد على أن هذا يأتي في سياق التعاون الوثيق لقبرص مع الدول والمنظمات الأخرى والاعتراف بالدور الحاسم للولايات المتحدة في تنفيذ خطة المساعدات وتوفير الدعم اللوجستي وفيما يتعلق بتوقيع خارطة الطريق أكد وزير الدفاع القبرصي اليوناني فاسيليس بالماس أن هذا مؤشر قوي على الالتزام بمواصلة تطوير وتعميق العلاقات الثنائية وأكد أن الدولة ووزارة الدفاع في جمهورية قبرص ستواصل بذل الجهود كل جهد ممكن في هذا الاتجاه وأضاف: “سنواصل العمل البناء في كل جهد لتهيئة الظروف لتعاون دفاعي وأمني ثنائي أوثق وأقوى وأكثر فائدة مع الولايات المتحدة الأمريكية” فيما أشارت فالاندر إلى أن جمهورية قبرص شريك قوي للولايات المتحدة في أوروبا وشرق البحر الأبيض المتوسط وتلعب دورًا مركزيًا في العلاقة بين أوروبا وشمال إفريقيا والشرق الأوسط.
وشددت مساعدة وزير الدفاع الأمريكي للشؤون الأمنية الدولية في الوقت نفسه على أن المواءمة والقيم المشتركة لقبرص مع الغرب خلال الاضطرابات الإقليمية الأخيرة كانت ذات أهمية بالغة وقالت إن “قبرص أظهرت التزامها بأمن واستقرار المنطقة من خلال العمل في عام 2006 كملاذ آمن خلال عمليات الإجلاء من لبنان ومن خلال استضافة أميركيين من السودان وإسرائيل العام الماضي” معربة أيضا عن امتنانها لقيادة قبرص في تصور الرؤية وتمكين الممر البحري لقبرص والذي قالت إنه ضمن وصول 20 مليون جنيه إسترليني (حوالي 9,100 طن) من المساعدات الإنسانية إلى الأشخاص الأكثر ضعفًا في غزة وفيما يتعلق بخريطة الطريق قالت السيدة فالاندر إنها مبنية على العلاقة الثنائية القوية والمتينة ولكنها ترسم أيضًا طريقًا للبلدين لمواصلة إنجازاتهما المشتركة في المستقبل وأضافت إشارة بالغة الرمزية والأهمية حين قالت أنه : “من الواضح أن قبرص متحالفة مع الغرب”.
رد الــــفـــعــل الــتــركــي :
أدانت وزارة الخارجية التركية في 12 سبتمبر2024 توقيع خارطة الطريق للتعاون الدفاعي الثنائي بين قبرص والولايات المتحدة الأمريكية وأشار البيان الصادر في هذا الصدد إلي أن “هذه الخطوات التي اتخذتها السلطات الأمريكية على حساب أمن الجانب القبرصي التركي بما في ذلك الإعلان في يونيو 2024عن بدء حوار استراتيجي مع الإدارة القبرصية اليونانية تقوض الموقف المحايد للولايات المتحدة تجاه قبرص” – تجاه جزيرة قبرص وتجعل من الصعب التوصل إلى حل عادل ودائم ومستدام لمشكلة قبرص”وفي هذا السياق يُطلب منهم مراجعة “السياسات التي يمكن أن تقوض الاستقرار الإقليمي” كما أشار بيان وزارة الخارجية التركية إلى أنها “تتفق مع وجهات النظر التي تم التعبير عنها في البيان الصادر عن وزارة خارجية الجمهورية التركية لشمال قبرص بشأن هذا الشأن وتؤيد بالكامل رد الفعل المبرر لسلطاتها” كما تنص عادة واختتم إعلان وزارة الخارجية التركية بأن “تركيا، باعتبارها الدولة الأم والدولة الضامنة ستواصل ضمان سلامة ورفاهية القبارصة الأتراك تحت أي ظرف من الظروف”.
كما أصدرت وزارة الخارجية لجمهورية شمال قبرص التركية بيان إدانة في 11 سبتمبر2024 أشار إلي : “ندين توقيع خارطة الطريق بين الولايات المتحدة الأمريكية والإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص لتطوير التعاون في مجال الدفاع” كما جاء في البيان أن “الدعم المتزايد الذي تقدمه الولايات المتحدة للجانب اليوناني قد لوحظ في الآونة الأخيرة” وأضاف : “يُذكر أن الاتفاقية تشمل عناصر التعاون التي يمكن القيام بها بين الطرفين فيما يتعلق بالمخاوف الأمنية الأساسية” وعلى وجه الخصوص تعتبر تركيا أن “اتفاقية الدفاع تجعل من قبرص قاعدة أمريكية” وتتهم أمريكا باتخاذ موقف لصالح نيقوسيا مما يعرض القبارصة الأتراك وتركيا نفسها للخطر أما بالنسبة لأهمية الاتفاق بالنسبة لواشنطن فإن البنتاجون يعتقد أن أمن أوروبا وشرق البحر الأبيض المتوسط له أهمية حيوية بالنسبة للولايات المتحدة وقبرص وقيل إن “العنصر الأكثر لفتًا للانتباه في خريطة الطريق المذكورة هو تعزيز قابلية التشغيل البيني بين القوات العسكرية للجانبين” وتم لفت الانتباه إلى “زيارات الموانئ” التي نظمتها السفن الحربية التابعة للبحرية الأمريكية في جنوب قبرص والزيارات نفسها قامت بها إلى تركيا السفن الأمريكية التي تحمي إسرائيل المحتلة وتأتي الزيارة بعد التمرين المشترك بين الولايات المتحدة وتركيا والذي لم تعلن عنه وزارة الدفاع الوطني ولكن تم الكشف عنه لاحقًا وتم الكشف عن أن سفينة الإنزال البرمائية الأمريكية USS Wasp، التي رست في إزمير رست لاحقًا في ميناء ليماسول التابع للإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص وقال البيان إن “الخطوات المتخذة لتعزيز “الشراكة الاستراتيجية” بين الطرفين وتجديد القرار الأمريكي برفع حظر الأسلحة المفروض على الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص كل عام هي مؤشرات ملموسة على الدعم المتحيز للجانبين” ووصفت وزارة خارجية جمهورية شمال قبرص التركية هذا الدعم بالخطير وقالت: “لقد أظهرنا عدة مرات المخاطر التي قد يشكلها على حساب الإخلال بجميع التوازنات في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط حيث تقع قبرص وأضاف أن “الولايات المتحدة تفضل مواصلة دعمها المتحيز للجانب اليوناني مع تحمل كافة المخاطر ” وفي إشارة إلى أن الولايات المتحدة يُنظر إليها الآن كطرف في القضية القبرصية قالت وزارة خارجية جمهورية شمال قبرص التركية: “إننا نحث الولايات المتحدة على التصرف بحس سليم “إننا ندعوها إلى إنهاء جهودها الرامية إلى تغيير التوازنات الدقيقة في المنطقة وإنهاء موقفها المتحيز تجاه قبرص . ” وذكرت الوزارة أنها مستعدة لمواجهة أي تهديد قد ينشأ ضد الشعب القبرصي التركي في مواجهة هذه التطورات واختتمت الوزارة بيانها بالقول: “إننا نحتفظ بالحق في اتخاذ الخطوات اللازمة مع الوطن الأم تركيا ” .
علي الصعيد الحزبي أعرب نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض يانكي باججي أوجلوفي 12 سبتمبر2024 عن قلقه بشأن اتفاقية الدفاع الموقعة بين الولايات المتحدة وجنوب قبرص ووصفها بأنها تهديد مباشر للأمن القومي التركي وتحديداً مبدأ “الوطن الأزرق” وأكد باججي أوجلو في بيان مكتوب أن تعزيز القدرة العسكرية لجنوب قبرص من خلال مثل هذه الاتفاقيات يشكل مخاطر كبيرة على السلام والاستقرار في المنطقة وأضاف باججي أوجلو أن “توسع الوجود العسكري الأميركي في جنوب قبرص من خلال هذه التعاونات يعرض السلام والاستقرار الإقليميين للخطر”وشدد على أن هذه التطورات لا ينبغي أن تُقابل بالإدانة الصامتة وحث الحكومة التركية على اتخاذ موقف أكثر حزما لحماية المصالح الوطنية وانتقد باججي أوجلو افتقار الحكومة إلى رد قوي قائلاً إن المخاطر التي يفرضها الاتفاق تمتد إلى ما هو أبعد من العلاقات الثنائية مما يهدد الاستقرار الأوسع في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ودعا إلى دفاع أكثر حسماً عن المصالح الأمنية والاستراتيجية لتركيا .
في حديثه إلى DW التركية صرح نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض إلهان أوزغل أن “عواقب السياسات الخاطئة التي تنتهجها الحكومة من البداية إلى النهاية أصبحت أكثر خطورة كل يوم” في شرق البحر الأبيض المتوسط وقيم الاتفاقية باعتبارها “واحدة من المشاكل التي سببتها تركيا”والتي تؤدي إلي الاستبعاد من الجغرافيا السياسية لشرق البحر الأبيض المتوسط.”والنقطة الأخرى التي دافع عنها أوزغل هي أن حزب العدالة والتنمية الذي أصبح أضعف على نحو متزايد محلياً اقتصادياً وسياسياً دخل الآن فترة تقديم التنازلات للخارج من أجل البقاء في السلطة ويشرح أوزغل وجهة نظره على النحو التالي:”هناك حكومة تقول: أنا على استعداد لفعل أي شيء للبقاء في السلطة إذن دعونا لا نغضب الغرب فنحن لسنا على علاقة جيدة مع روسيا على أي حال” وقد شعر المحاورون الأتراك، الذين استغلوا ذلك براحة شديدة وأشار إلهان أوزغل إلى أن إعادة التوازنات في شرق البحر الأبيض المتوسط قد يستغرق وقتًا لأن الولايات المتحدة أصبحت قريبة جدًا من اليونان والقبارصة اليونانيين ويرى أوزغل أنه إذا وصل حزب الشعب الجمهوري إلى السلطة فيمكنه إعادة هذه التوازنات إلى المسار الصحيح في غضون عام .
كما كان رد الفعل الإعلام التركي بسبب اتفاقية التعاون الدفاعي التي وقعتها قبرص والولايات المتحدة سريعاً في 11 سبتمبر2024قــويــاً فقبل أن يجف الحبر عن التوقيعات على خارطة الطريق بين نيقوسيا وواشنطن بشأن التعاون الدفاعي بينهما سارعت وسائل الإعلام التركية إلى الحديث عن خطوات مزعزعة للاستقرار وتنبأت بردود فعل قوية من الحكومة التركية وجمهورية شمال قبرص القبرصية التركية فبعد ساعات قليلة شن الصحفي الأشهر عمر جيليك هجوماً على جمهورية قبرص ولم يفشل في ترك نقاط حادة لواشنطن التي دعاها إلى التراجع عن قرارها فيما وصف ممثل الحزب الحاكم الجانب القبرصي اليوناني بأنه مصدر لعدم الاستقرار في الجزيرة مضيفا أن هذه السياسات ستخدم الفوضى وقال ما نصه :”لقد قلنا ذلك أيضا عندما تم رفع حظر الأسلحة عن قبرص اليونانية إن هذا لن يسهم في شيء سوى تشجيع إدارة ‘القبارصة اليونانيين’ في مسألة إيجاد حالة من الفوضى واستحالة التوصل إلى حل للقضية القبرصية لقد قلنا إن هذا القرار لا يخدم السلام ولا القرار وقال ممثل الحزب الحاكم ” الآن يعد إبرام اتفاقية تعاون عسكري بهذه الطريقة نهجا من شأنه أن يعمق المشاكل ويشجع الجانب القبرصي اليوناني المدلل” في الوقت نفسه ترك عمر جيليك نقاطا حادة حول دور الولايات المتحدة في شرق البحر الأبيض المتوسط والتعاون مع قبرص واصفا إياه بأنه وضع إشكالي لعلاقات التحالف مع تركيا وأضاف: “من الواضح أن هذا وضع إشكالي بالنسبة لعلاقات التحالف مع تركيا فنحن نرى بوضوح من يريد أن يفعل ماذا في البحر الأبيض المتوسط ونحن نرى بوضوح أن البحر الأبيض المتوسط يمتلئ بالكثير من السفن الحربية لدرجة أنه لا يوجد مجال لخروج القوارب وهذا نهج خاطئ للغاية ويجب رفضه” مخاطبا الولايات المتحدة.
كما ورد في وسائل إعلام جمهورية شمال قبرص التركية أن “هذا الاتفاق الذي يعد أحدث مثال على الدعم المتزايد الذي قدمته الولايات المتحدة للجانب الأمريكي في الآونة الأخيرة يغطي عناصر التعاون التي يمكن أن توجد بين الطرفين بشأن القضايا الأمنية الرئيسية وأن العنصر الأكثر إثارة للإعجاب في خريطة الطريق المذكورة أعلاه هو تعزيز التعاون بين القوات العسكرية للجانبين يُضاف إلي ذلك أن رسو السفن الحربية التابعة للبحرية الأمريكية على الجانب “Y/K”، وخطوات تعزيز “الشراكة الاستراتيجية”، والتجديد السنوي للقرار الأمريكي برفع حظر الأسلحة عن جمهورية قبرص مؤشرات للدعم المتحيز الذي قدمته الولايات المتحدة للجانب الأيمن خلال هذه ولفت الإعلام القبرصي التركي إلي أنه يحث الولايات المتحدة “التي نراها الآن طرفا واضحا في القضية القبرصية على التصرف بالمنطق السليم ونحن ندعوهم إلى وقف الجهود الرامية إلى تغيير التوازنات الدقيقة في المنطقة وإنهاء موقفهم المتحيز تجاه قبرص”.
رئيس قسم العلاقات الدولية بجامعة بانديرما أونييدي إيلول البروفيسور أ. دكتور. إسماعيل شاهين قال أن سبب تطوير الولايات المتحدة للتعاون العسكري مع الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص هو “الأهمية الجيوسياسية المتزايدة لشرق البحر الأبيض المتوسط في سباق القوى العالمي والإقليمي” وأشار شاهين إلى أن شرق البحر الأبيض المتوسط يبرز كمنطقة ذات موارد كبيرة من الغاز الطبيعي:” فجزيرة قبرص تقع في قلب هذه الموارد تقريبًا وتعمل الولايات المتحدة على تعزيز علاقاتها مع الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص من أجل السيطرة على موارد الطاقة هذه وضمان أمن الطاقة في المنطقة بالإضافة إلى ذلك تعمل الولايات المتحدة على تعزيز علاقاتها مع الإدارة القبرصية اليونانية من أجل تنويع إمدادات الطاقة لأوروبا وتقليل الاعتماد على روسيا جزء مهم ولاعب في ممر الطاقة هذا.” وأضاف “إن مثل هذه الاتفاقيات تعد انتهاكاً واضحاً للاتفاقيات الدولية التي أنشأت جمهورية قبرص بالشراكة التركية واليونانية”وذكر شاهين أن الولايات المتحدة بهذا الموقف تقدم دعما كبيرا لتسليح جزيرة قبرص وذكر شاهين أن جنوب الجزيرة مسلح ليس فقط من قبل الولايات المتحدة ولكن أيضًا من قبل إنجلترا وفرنسا وأكد أن هذه الأنشطة لا تهدد تركيا فحسب بل المنطقة بأكملها وفي إشارة إلى أن التسليح السريع لجنوب الجزيرة جعل من الضروري لشمال الجزيرة اتخاذ بعض الإجراءات الأمنية قال شاهين: “يبدو أن الولايات المتحدة تحاول تسليح قوس يمتد من ديدياجاتش إلى قبرص حتما وهذا الوضع يجلب معه خطر الصراع الإقليمي فضلا عن الردع ثم لفت إلي أن “أحد الأسباب المهمة التي تدفع الولايات المتحدة إلى تعزيز وجودها العسكري في قبرص هو أمن إسرائيل” وأوضح شاهين أن جزيرة قبرص تتمتع بموقع استراتيجي بالغ الأهمية من حيث أمن الخط الممتد من لواء إسكندرون إلى الإسكندرية مذكرًا بأنه من المعروف أن القواعد البريطانية (في قبرص وهما أكروتيري وذيكيليا) تؤديان واجبات مهمة في أمن إسرائيل مشددًا على أن الولايات المتحدة تستعد الآن لتعزيز وتوسيع هذا الدور قال شاهين: “بتشجيع من الولايات المتحدة، نشهد أن العلاقات بين إسرائيل وGCASC قد تحسنت” فلقد تطورت بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة وكان البلدان دائمًا معًا” كما أشار شاهين إلى أن الولايات المتحدة تحاول تعزيز علاقاتها مع الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص من أجل الحد من نفوذ روسيا والصين في شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط وتعزيز أمن إسرائيل والسيطرة على موارد الطاقة وتوازنها والحد نفوذ تركيا في المنطقة .
قال مراد أصلان المحلل السياسي التركي لوكالة الأناضول إن “قبرص هي النقطة الأكثر ملاءمة لتقديم المساعدة المباشرة لإسرائيل” معتقدًا أن الوجود الأمريكي في جزيرة قبرص”مرتبط بطريقة ما بالسياسة الإسرائيلية” كما يقول الخبراء إن اتفاق التعاون الدفاعي الجديد بين الولايات المتحدة والإدارة القبرصية اليونانية من شأنه أن يعزز الأنشطة العسكرية واللوجستية لواشنطن في قبرص وفي شرق البحر الأبيض المتوسط، في حين يشيرون أيضا إلى أن السياسات الإسرائيلية أثرت على الوجود الأميركي في الجزيرة وقال مراد أصلان محلل السياسة الخارجية والأمنية في جامعة حسن كاليونجو في ولاية غازي عنتاب التركية وباحث كبير في مؤسسة الأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية (سيتا) في أنقرة إن الولايات المتحدة استخدمت قبرص اليونانية منذ فترة طويلة وأن مشاركتها زادت بسبب حرب إسرائيل على غزة وأضاف أصلان أن الولايات المتحدة تنظر إلى شرق البحر الأبيض المتوسط كمنطقة بالغة الأهمية نظرا لأهميتها الجيوستراتيجية ورغم أن شرق البحر الأبيض المتوسط لم يكن السبب الرئيسي وراء القرار الأميركي بتوقيع الاتفاق في التاسع من سبتمبر2024 قال أصلان إن الولايات المتحدة قد تستخدم المنطقة لعمليات مستقبلية محتملة بما في ذلك الوصول إلى غزة والأسواق العالمية وإعادة تموضعها عسكريا وأشار أيضًا إلى أن الولايات المتحدة تتدخل في كثير من الأحيان في الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط بأصول بحرية وجوية مع الحفاظ على القدرة على الحركة والمرونة التشغيلية وأشار أصلان إلى أن أي تدخل من قواعد ثابتة يتطلب عادة موافقة البلد المضيف وقال إنه لهذا السبب خففت الولايات المتحدة اعتمادها على قاعدة إنجرليك في جنوب تركيا قليلا وأضاف “من ناحية أمن أوروبا، فقد قدمت قواعد في رومانيا وبلغاريا وخاصة تلك الموجودة في رومانيا وفي شرق البحر الأبيض المتوسط تحتاج هذه السفن بالتأكيد إلى ميناء للاحتياجات اللوجستية إما للرسو بشكل مستمر أو على الأقل لاستكمال لوجستياتها وبالتالي قد يكون ذلك نتيجة للمتطلبات التشغيلية للقوات البحرية”من الناحية السياسية قال أصلان إن الأمم المتحدة وليس الولايات المتحدة تظل الطرف المهيمن في القضية القبرصية مشيرا إلى أن صناع القرار في الولايات المتحدة بغض النظر عما إذا كان الديمقراطيون أو الجمهوريون في السلطة يميلون إلى تبني موقف مؤيد لليونان بشأن هذه القضية وأشار أصلان إلى أن العلاقات المتقلبة بين الولايات المتحدة وتركيا تعد أحد العوامل التي تؤثر على السياسة الأميركية وقال “مع استمرار التقلبات في العلاقات التركية الأميركية واكتساب الولايات المتحدة ميزة عسكرية وسياسية أكثر فعالية من الفرص التي يوفرها الموقع الجغرافي الحالي لجنوب قبرص فمن المرجح أن تتبنى موقفا أكثر ميلا إلى اليونان بشأن القضية القبرصية” وأشار أيضاً إلى دور سفراء الولايات المتحدة وخاصة السفير السابق في أثينا جيفري بيات الذي وصفه بأنه “مؤيد لليونان” وقال إن السفراء يلعبون دوراً مؤثراً في تشكيل السياسة الأميركية بشأن قبرص وعن إسرائيل قال إن “قبرص هي المكان الأنسب لتقديم المساعدة المباشرة لإسرائيل وهذا ما كان عليه الحال على مر التاريخ وليس بالأمر الجديد” مضيفاً أن الوجود الأميركي في قبرص “يرتبط إلى حد ما بالسياسة الإسرائيلية“.
من جهة أخري قال رئيس قسم العلاقات الدولية بجامعة اسكي شهير عثمان غازي أ.د. دكتور رمضان أرداج: “من خلال توقيع اتفاقية دفاع مع الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص اتخذت الولايات المتحدة خطوة أحادية جديدة تتجاهل الحقوق السيادية لجمهورية شمال قبرص التركية في الجزيرة الاتفاقية التي تسمى الدفاع الثنائي “خارطة طريق التعاون رفضت خطة الحل التي طرحتها الأمم المتحدة” وذكر أرداج أن الاتفاق ينص على إنشاء خارطة طريق مدتها 5 سنوات لإنشاء آليات استجابة مشتركة للمخاوف الأمنية في المنطقة وشدد على أن النهج الذي يتجاهل الحقوق السيادية لجمهورية شمال قبرص التركية يشكل “مشكلة أمنية” في حد ذاته وقال أرداج إن الاتفاق المعني هو “مبادرة من شأنها أن تضر بالاستقرار والتعاون في شرق البحر الأبيض المتوسط” وذكر أرداج أن بيان تركيا بأنها ستواصل الدفاع بقوة ودعم الحقوق السيادية لجمهورية شمال قبرص التركية كان بمثابة رسالة مهمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية .
أشار إميتي جوزوجوزيلي بجامعة أنقرة للعلوم الاجتماعية وهوعضو هيئة تدريس بها إلى أن الولايات المتحدة “ترغب في ضمان أمن الطاقة لأوروبا وفرض هيمنتها في المنطقة” وقال: “إن اتفاقية التعاون العسكري بين الولايات المتحدة والإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص هي إشارة واضحة إلى أن جزيرة قبرص من المقرر أن تتحول قبرص إلى قاعدة أمريكية جديدة”وفي معرض الإشارة إلى أن الاتفاق المعني لا ينبغي اعتباره مجرد عنصر رادع قال جوزوجوزيلي إن الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص ترى أن السياسة الخارجية النشطة لتركيا في شرق البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا تشكل تهديدًا وجوديًا لنفسها وأنها تصرفت ضد المجتمع الدولي وأضاف أن أمن إسرائيل “شرط لا غنى عنه” وقال إن الولايات المتحدة التي لا ترى “طريقا” وفقدت مصداقيتها في الشرق الأوسط بسبب الهجمات الإسرائيلية على غزة تريد إنشاء حاجز جديد وممر ضد الصين وروسيا وشدد جوزوجوزيلي على أن جزيرة قبرص لها أهمية استراتيجية من حيث فرض الهيمنة في شرق البحر الأبيض المتوسط وقال: “يبدو أن الولايات المتحدة دخلت في مثل هذا التخطيط مع الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص بسبب خطر تحول الهجمات الإسرائيلية إلى إلى صراع إقليمي” .
أكد مدير مركز أبحاث تاريخ قبرص التركية في جامعة باسكنت محمد باليمز على الأهمية التاريخية لشرق البحر الأبيض المتوسط وقبرص قائلاً إن المنطقة كانت على أجندة الولايات المتحدة والغرب منذ الحرب الباردة وأضاف باليميز أن فكرة ضمان أمن قناة السويس التي قلصت تقريبا نصف الطريق بين إسرائيل والغرب وآسيا مكنت من تنفيذ السياسات الغربية تجاه المنطقة على الفور وأكد أن السياسات التي تركز على الولايات المتحدة في قبرص وشرق البحر الأبيض المتوسط مدفوعة بضرورة ضمان أمن إسرائيل وتقليص نفوذ روسيا في المنطقة كما سلط الضوء على بناء قاعدتين عسكريتين في قبرص خلال الحكم الاستعماري البريطاني في الخمسينيات والتي لا تزال الولايات المتحدة تستفيد منها وحذر من أن الاتفاق بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي قد يؤدي إلى عواقب خطيرة على المنطقة “يمكن القول إن أحد أهداف الاتفاق هو إضفاء الشرعية على التدخل في التطورات في شرق البحر الأبيض المتوسط برعاية الولايات المتحدة وتهدف GCASC من خلال مثل هذه الاتفاقيات وجهود التسليح إلى دعم العمليات الأمريكية في شرق البحر الأبيض المتوسط مع ضمان أمنها ضد الهجمات المحتملة” ,”كما أنها تسعى إلى تحقيق التوازن في سياسات الدفاع والتعاون التي تنفذها تركيا (مع جمهورية شمال قبرص التركية) والتي تعزز مكانتها العسكرية يوما بعد يوم من خلال مثل هذه الاتفاقيات ومثيلاتها”وأشار أيضاً إلى أن اتفاقية التعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي قد تكون خطوة نحو تنفيذ الخطط الخاصة بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط في المستقبل القريب .
اعترافًا بالدور الجيوستراتيجي لقبرص في المنطقة يرى عالم الأتراك الصهيوني هاي إيتان كوهين جينروسيك أن بلادنا (تركيا) وصلت إلى نقطة الاتصال هذه مع الولايات المتحدة أيضًا بسبب علاقاتها مع إسرائيل “وأنا أفهم أن الأمريكيين يرون ذلك أيضًا وبالطبع لا ينبغي لنا أيضًا أن نقلل من الأهمية الجيواستراتيجية لقبرص فهي مثل حاملة طائرات دائمة في شرق البحر الأبيض المتوسط لذا فهي ليست مجرد حاملة طائرات دائمة” فهي كذلك دولة تنتج الحلوم“(نوع من الجبن) .
رد فـــعـــل الإعلام القبرصي اليوناني :
أشارت صحيفة إيكاثيميريني اليونانية في 10 سبتمبر2024 أنه من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس برئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في نيويورك في وقت لاحق من هذا الشهر على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة وسيسلط هذا الاجتماع رفيع المستوى – حسب الصحيفة – الضوء على التعاون الوثيق بين اليونان والكيان الصهيوني وخاصة في مجال الاستثمار والأمن الإقليمي وذلك وسط التوترات المستمرة بين إسرائيل وتركيا وتركز الحكومة اليونانية على الحفاظ على التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط المتقلب وتعزيز العلاقات القوية مع اللاعبين الرئيسيين مثل الكيان الصهيوني ومصر والمملكة العربية السعودية كما سيجري ميتسوتاكيس محادثات مع أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح وسيشارك في اجتماع ثلاثي مع وزراء خارجية اليونان وقبرص ومصر ومن المتوقع أن يلتقي وزير الخارجية اليوناني جيورجوس جيرابتريتيس مع نظيره المصري في نيويورك وقد تتغير جداول مواعيد ميتسوتاكيس وجيرابتريتيس مع ترتيب أو تعديل اجتماعات جديدة ومن المتوقع أن يلتقي ميتسوتاكيس بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهو ما يُنظر إليه على أنه لحظة حاسمة للعلاقات اليونانية التركية وفي الوقت نفسه تواجه تركيا تحديات في دبلوماسيتها في الشرق الأوسط حيث ورد أن خطاب وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الأخير في مجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية أثار بعض الجدل فقد غادر الوفد السوري قبل خطابه .
يروج الإعلام اليوناني لرد فعل تركي هادف إلي عرقلة التعاون الدفاعي القبرصي /الأمريكي غافلاً عن أن هذا التعاون قد تم فعلاً ولا توجد إمكانية لعرقلته فالولايات المتحدة قد قررت إستراتيجية جديدة لها في الشرق الأوسط قبرص أحــد أعمدتها وانتهي الأمر وكمثال لما يورده الإعلام اليوناني نجد مقال بقلم ألفا التيلجو في 14 سبتمبر 2024 علي موقع alphanews قال فيه :” تحاول أنقرة بشكل محموم عرقلة التعاون الدفاعي بين قبرص والولايات المتحدة من خلال خطوات أمامية وخلف الكواليس وفي أعقاب المسيرة الاحتجاجية التي قامت بها تركيا إلى واشنطن دفع أردوجان بقوة وسرعة لإلغاء خارطة طريق التعاون الدفاعي الثنائي التي تم التوقيع عليها يوم الاثنين الماضي وهو أمر لا ترغب الإدارة الأمريكية في القيام به ويقلل المحللون الأتراك من أهمية هذه الجهود وينتقدون بشدة حكومة الولايات المتحدة لموقفها الذي يعزونه في المقام الأول إلى مصالح الطاقة .”
أشار موقع إرت نيوز في 14 سبتمبر2024 أنالممثلة الدائمة لجمهورية قبرص لدى الأمم المتحدة السفيرة ماريا مايكل أوسلت إلى ج.ج. من رسالة إلي أمين عام الأمم المتحدة جوتريش تندد فيها بالانتهاكات العسكرية العديدة التي ترتكبها قوات الاحتلال التركي في قبرص والتي كما ذكرنا تهدف إلى تحقيق إنجازات جديدة وتقويض الجهود المبذولة لاستئناف المفاوضات بشأن القضية القبرصية ووفقًا لما قاله مصدر دبلوماسي مختص في نيقوسيا لـ ERT تهدف الرسالة إلى وصف الوضع فيما يتعلق بهذه القضية وليست الشكوى الأولى ذات الصلة التي يرسلها الجانب القبرصي إلى الأمم المتحدة بشأن هذه القضية المحددة حيث تعتبرها نيقوسيا مهمة للغاية ولكن والأمر خطير ومما يدل على ذلك محتوى الرسالة الذي يسجل ما مجموعه 2120 انتهاكًا جويًا و137 انتهاكًا للقواعد البحرية وهي أعمال تشمل استخدام طائرات بدون طيار وتدريبات عسكرية تركية مما ينتهك سيادة قبرص وكذلك القانون الدولي لوائح الطيران وتهدف الانتهاكات العسكرية العديدة التي ترتكبها قوات الاحتلال التركية إلى خلق أمر واقع جديد وتقويض الجهود المبذولة لاستئناف المفاوضات حسبما اشتكت الممثلة الدائمة لجمهورية قبرص لدى الأمم المتحدة السفيرة ماريا مايكل في رسالتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة وتشير السيدة مايكل في الرسالة بالتفصيل إلى انتهاكات تركيا للمجال الجوي والمياه الإقليمية وأنظمة الطيران الدولية .
وفقًا لمعلومات من ERT فإن الهدف من الرسالة التي يتم إرسالها على فترات منتظمة نظرًا لأن الانتهاكات مُستديمة وغير منقطعة هو إرسال رسالة مفادها أن جمهورية قبرص لا تتخلى عن حقوقها السيادية لأنها مستمدة من القانون الدولي و قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة .
وفقًا لتقرير صادر عن يانوس يوانو بصحيفة كاثيميريني في 9 سبتمبر2024أشار إلي أن الولايات المتحدة وجمهورية قبرص بالإتفاقية الإستراتيجية الجديدة عززا علاقتهما الدفاعية ولفت الإعلام اليوناني إلي أن هذه الإتفاقية الإطارية تضمنت خريطة طريق جديدة سيكون لها عدة تأثيرات رئيسية على قبرص :
- تعزيز العلاقات العسكرية: تعمل الاتفاقية على إضفاء الطابع الرسمي على التعاون العسكري وتعزيزه مما يؤدي إلى المزيد من التدريبات المشتركة والتخطيط الاستراتيجي مع الولايات المتحدة .
- زيادة الدعم الأمني: ستحصل قبرص على قدر أكبر من الوصول إلى الخبرات والموارد العسكرية الأمريكية مما يعزز قدراتها الدفاعية .
- نفوذ إقليمي أوسع: إن تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة يعزز دور قبرص كلاعب حاسم في شرق البحر الأبيض المتوسط ويجعلها أكثر توافقاً مع المصالح الأمنية الغربية .
- فرص التدريب المستمرة: تضمن الاتفاقية المزيد من الفرص للقوات القبرصية للمشاركة في برامج التدريب الأمريكية مثل برنامج IMET .
- الفوائد الاقتصادية والدبلوماسية: من الممكن أن يؤدي تعزيز التعاون إلى زيادة الدعم والاستثمار من جانب الولايات المتحدة مما يؤدي إلى تحسين مكانة قبرص الدبلوماسية داخل الاتحاد الأوروبي وعلى الصعيد الدولي .
- الموقع الاستراتيجي: سيتم الاستفادة من الموقع الاستراتيجي لقبرص بشكل أكبر مما يعزز دورها في الأمن والاستقرار الإقليمي .
الملفت أن موقع parapolitika القبرصي اليوناني أشار في 16 سبتمبر2024تحت عنوان : “ قبرص… تصبح مستقلة ذاتياً – في مناخ دبلوماسي وسياسي مختلف عن اليونان ” أن إتفاقية الدفاع مع الولايات المتحدة التي تشهد على “بلوغ سن الرشد” السياسي والدبلوماسي والمبادرات والاضطراب مع أثينا وأنه في الأسابيع الأخيرة يبدو أن قبرص تبتعد عن “أجنحة” اليونان فليس هناك شك في حدوث تمزق ومع ذلك فإن الخلاف حول قرار تنفيذ أو عدم تنفيذ كابل الربط الكهربائي بين جزيرة كريت وقبرص كان بمثابة الحصاة التي أزعجت إلى حد ما المياه السلمية لعلاقاتنا مع اليونان وواصلت كاتبة المقال كاترينا تساموري فقالت : …. اتخذت نيقوسيا خطوة أخرى تشهد على “بلوغ سن الرشد” السياسي والدبلوماسي : اتفاقية دفاع مع الولايات المتحدة ونتيجة لذلك أدركت جميع دول شرق البحر الأبيض المتوسط حجم القوة التي يجب حسابها ليس فقط لأنها بسبب موقعها الجغرافي ولكن أيضًا بسبب تحالفاتها ومن الواضح أن اليونان عرفت ذلك ولكن الآن علمت تركيا أيضاً بهذا الأمر …. فقد اتفقت قبرص والولايات المتحدة على خارطة طريق للتعاون الدفاعي تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري بين البلدين وتم التوقيع يوم الاثنين 9 سبتمبر2024 بين وزير الدفاع القبرصي فاسيليس بالماس ووكيلة وزارة الدفاع الأمريكية لشؤون الأمن الدولي، سيليست فالاندروفي إشارة إلى الأهداف والمصالح المشتركة للبلدين قال الوزير القبرصي إن هذه “تتشابك بشكل مباشر مع تعزيز السلام وتهيئة ظروف الأمن والاستقرار والتعاون والازدهار على الصعيدين الإقليمي والدولي” كما لم يغفل عن الإشارة إلى قرار رفع حظر الأسلحة الأمريكي عن جمهورية قبرص عام 2022 وكذلك تجديده عام 2023.
بشكل عام فإن خريطة الطريق للتعاون الدفاعي الثنائي تشير إلى الالتزام بعلاقة دفاعية أكثر تكاملاً ودعماً ومعالجة احتياجات قبرص الأمنية وتعزيز نفوذها في الشؤون الإقليمية والدولية علي جانب آخر فقد أشارالخبراء إلى أن اتفاقية خارطة طريق التعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة والإدارة القبرصية اليونانية لجنوب قبرص عمقت المخاوف الأمنية في المنطقة .
فيما مثل توقيع الولايات المتحدة وقبرص اليونانية إتفاقية إطارية في مجال الدفاع وُوجهت برد فعل سلبي وقوي من جانب تركيا إلا أن مسار العلاقات التركية /اليونانية يستمر في مساره المنضبط شكلياً فقد أشار وزير الخارجية اليوناني جورج جيرابتريتيس في 14 سبتمبر2024إلى أن رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس التركي رجب طيب أردوجان سيحددان خارطة طريق جديدة للحوار بين اليونان وتركيا خلال زيارتهما لنيويورك، قبل اجتماع مجلس التعاون الأعلى في وقت لاحق من هذا العام وفي مقابلة مع صحيفة “تا نيا” أكد جيرابتريتيس أنه على الرغم من الخلافات الكبيرة فإن الحفاظ على قنوات الاتصال المفتوحة يدل على التزام الطرفين بالاستقرار والهدوء في المنطقة وأضاف أن اليونان تقترب من الحوار بشأن ترسيم الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة ــ القضية الوحيدة المؤهلة للاختصاص الدولي ــ بثقة من موقفها الدبلوماسي المعزز وقال جيرابتريتيس “في هذا السياق أعتقد أن هناك فرصة سانحة لضمان السلام الدائم في منطقتنا”وأكد جيرابتريتيس أيضًا أن الظروف مواتية لوزيري الخارجية لاستكشاف حل مقبول للطرفين على الرغم من أن القرار النهائي سيكون في أيدي زعماء كلا البلدين وفيما يتعلق بالقضية القبرصية ذكر أنه بعد فترة طويلة من الخمول وبعد جهود دبلوماسية مكثفة من قبل الحكومة اليونانية وجمهورية قبرص عادت القضية إلى جدول أعمال الأمم المتحدة.
شــــرق الـــمـــتــوسط ســــاحـة تـــنـــافـــس عــــســكري :
أعربت اليونان التي لديها نزاعات إقليمية طويلة الأمد مع تركيا في بحر إيجه والبحر الأبيض المتوسط عن قلقها بشكل خاص كما أعرب الكيان الصهيوني عن مخاوفه بشأن النمو البحري التركي بما في ذلك الطائرات العسكرية بدون طيار المنتشرة في شمال قبرص الخاضع للسيطرة التركية وقالت جاليا ليندنشتراوس الباحثة البارزة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب إن “بعض التحركات البحرية التركية مثل قاعدة الطائرات بدون طيار في شمال قبرص قد تستهدف إسرائيل” وأن”هذا لا يعني أنه ستكون هناك مواجهة مباشرة مرة أخرى لكنه يعني أن هذا أمر يجب على الجيش الإسرائيلي أن يحسبه” وتعمل اليونان أيضًا على تحديث أسطولها البحري ردًا على ما تراه تهديدًا تركيا فقد أكد رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس مؤخرًا الحاجة إلى “قوة رادعة” ضد تركيا وفي الوقت نفسه فإن الوجود البحري الصهيوني المتزايد في شرق البحر الأبيض المتوسط بما في ذلك نشر الأصول البحرية المتقدمة والتدريبات العسكرية المشتركة مع الشركاء الإقليميين يزيد من المخاوف التركية وبشأن هذا قال الخبير البحري جوفينك إن “الجيش التركي بدأ يشعر بالقلق إزاء نشر غواصاته القادرة على حمل الصواريخ النووية [الإسرائيلية] في البحر الأبيض المتوسط” فــ”ما داموا في البحر الأحمر أو المحيط الهندي فلم يكن الأمر يشكل مشكلة ولكن بمجرد انتقالهم إلى البحر الأبيض المتوسط أصبحوا يشكلون تهديدًا محتملًا”وحذر جوفينك من أن تصاعد الشكوك الإقليمية يهدد بالخروج عن نطاق السيطرة , فهي ” حلقة مفرغة فتركيا تبني أسطولاً بحرياً جديداً لمواجهة التهديدات والآن يشعر جيرانها بالتهديد من نمو البحرية التركية وهكذا تبدأ سباقات التسلح وهي لا تنتهي عادة بشكل جيد”.
ويُشار إلي أن أحواض بناء السفن التركية تعمل بكامل طاقتها لتلبية الطلب البحري المتزايد في البلاد ويقول المحللون إن هذا من المرجح أن يؤدي إلى تعميق المخاوف والتوترات مع جيرانها .
تـــــــقــــــديـــــر مـــــوقـــــف :
في تقديري أن الحكومة القبرصية اليونانية الحالية متماهية تماماً مع الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط وتحديداً فيما يتعلق بخطتها طويلة الأمد بشأن الحرب في غـــزة ومآلاتها مع العلم بأن أحزاب المعارضة داخل الإدارة القبرصية اليونانية لجنوب قبرص (GCASC) أعربت عن عدم رضاها عن الوجود العسكري الأمريكي المتزايد مستشهدة بأسباب مثل زيارات الجيشالأمريكي للموانئ القبرصية والوضع في غزة وكانت سفينة حربية أمريكية وصلت إلى الجزيرة موضوع احتجاجات في 9 اغسطس2024وسلط بيان صادر عن حزب المعارضة الرئيسي حزب العمال التقدمي اليساري المتطرف الضوء على تزايد حركة السفن الحربية الأمريكية إلى جنوب قبرص واتهم الحكومة بجر الجزيرة إلى توترات متزايدة من خلال السماح للقوات العسكرية الأجنبية بالتمركز هناك “تشكل بيئة الحرب المتوترة في المنطقة مخاطر هائلة تهدد حياة جميع الدول والشعوب في شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط وقال الحزب إن منطقتنا بأكملها تواجه خطر اندلاع حريق واسع النطاق مع عواقب وخيمة لا تحصى وأضاف البيان : “في هذا السياق فإن استمرار تمركز القوات العسكرية الأمريكية على جزيرتنا داخل القواعد البريطانية وخارجها يزيد من المخاطر والمخاوف”وشدد على أن حزب اكيل لا ينظر إلى الجزيرة كقاعدة للجيوش الأجنبية بل كجسر للسلام والمساعدات الإنسانية وحث الحكومة القبرصية اليونانية على اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه وفي إطار برنامج زيارة الميناء أثارت السفينة الهجومية البرمائية الأمريكية يو إس إس واسب التي وصلت إلى ميناء ليماسول 96 اغسطس2024 احتجاجات من السكان المحليين بما في ذلك الناشطين الفلسطينيين وزعم المتظاهرون أن السفينة تدعم “الإبادة الجماعية” في غزة وأن جنوب قبرص اليونانية لا ينبغي أن تدعم الولايات المتحدة وإسرائيل ومع ذلك ادعى المتحدث باسم الحكومة كونستانتينوس ليتمبيوتيس أن الزيادة الأخيرة في تحركات السفن والطائرات في الجزيرة كانت جزءًا من الدور الإنساني للجزيرة في ضوء التطورات في المنطقة واتهم ليتمبيوتيس حزب اكيل القبرصي اليوناني المعارض بالمبالغة في المشكلة قائلا إن النشاط المتزايد الذي لوحظ في الأيام الأخيرة بمشاركة السفن والطائرات الامريكية يندرج تحت المسؤوليات الإنسانية .
كما أن الاتفاقية الإطارية بين قبرص اليونانية والولايات المتحدة ليست مجرد وثيقة تسلط الضوء على الفترة الخمسية المقبلة كما أنه ليست أول مثال للتعاون العسكري بين الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص والولايات المتحدة ولن تكون الأخيرة فبناء علي مجريات الأمور في الشرق الأوسط والحرب في غزة فقد بُسطت مساحة ميدان المعركة الحقيقي بين العرب غير المعتدلين وغير المدجنين أو ما يُطلق عليهم :”محور المقاومة” من قبرص اليونانية شمالاً حتي اليمن جنوباًومن لبنان شـرقاً وحتي محور فيلادلفيا غـرباً , ومن ثم فستعمل النتائج المتوقعة من هذه الحرب التي عصفت بأمن الكيان الصهيوني علي إستخراج أدوات أمريكية تُستخدم في تطوير المركز العسكري لقبرص اليونانية خــدمة وحـــمــاية للكيان الصهيوني من جانب العسكرية الأمريكية التي يعود تاريخ أول اتفاقية تعاون دفاعي بين الولايات المتحدة والإدارة القبرصية اليونانية إلى أواخر عام 2018ومنذ ذلك الحين حدثت تطورات مهمة مثل اعتماد أول ملحق دفاعي في سفارة الإدارة القبرصية اليونانية في واشنطن وبالإضافة إلى ذلك أتيحت للإدارة القبرصية اليونانية الفرصة للمشاركة في برنامج التدريب العسكري الدولي الأمريكي (IMET) ومع رفع حظر الأسلحة اعتبارًا من عام 2022 حصلت قبرص اليونانية على فرصة الحصول على مراقبين في التدريبات العسكرية المشتركة وفي هذه العملية تبرز المناورات التي جرت بين الولايات المتحدة والإدارة القبرصية اليونانية في عام 2020 كمؤشر ملموس على التعاون العسكري ومن الجدير بالذكر أن الولايات المتحدة زادت من أنشطتها في التعاون العسكري مع الإدارة القبرصية اليونانية ولم تتردد في اتخاذ خطوات لتطوير العلاقات العسكرية التي لن يكون هذا الإتفاق الإطاري نهايتها بل علامة مهمة في سبيل تنمية الإستخدام العسكري الأمريكي / الصهيوني لقبرص اليونانية خــدمة وصـــيانة لأمن الكيان الصهيوني .
بالإضافة إلي الإتفاق الإطاري الذي وقعته قبرص اليونانية مع الولايات المتحدة في 9 سبتمبر2024 وقعت قبرص اليونانية إتفاقيات مماثلة مع دول مثل فرنسا والأردن وإسرائيل ومصر والإمارات العربية المتحدة:
فقد دخلت “اتفاقية التعاون في مجال الدفاع” الموقعة بين الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص وفرنسا حيز التنفيذ في 4 أبريل 2017 وموضوع هذه الاتفاقية هو تدريب وتجهيز الجيش اليوناني من قبل الفرنسيين ويسمح استخدام فرنسا لقاعدة إيفانجيلوس فلوراكيس البحرية في الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص للبحرية الفرنسية بالتمركز بشكل دائم في الجزيرة كما تتضمن الاتفاقية الموقعة بين الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص والأردن تعاوناً يسمح بإجراء تدريبات بمشاركة القوات الخاصة من الجانبين وتُعقد تدريبات عسكرية مشتركة كل عام بين الإدارة القبرصية اليونانية وإسرائيل كما يتضمن برنامج التعاون العسكري الثلاثي الموقع بين مصر واليونان والإدارة القبرصية اليونانية تدريبات للقوات الجوية والبحرية والبرية فيما تهدف مذكرة الدفاع الموقعة مع دولة الإمارات العربية المتحدة إلى تطوير التعاون العسكري بين البلدين .
إن الوضع الحالي للعلاقات الأمريكية / القبرصية اليونانية يُعد مثالياً ففي عام 1987قررت الولايات المتحدة فرض حظر على الأسلحة يشمل جميع أنحاء قبرص وفي عام 2021 بعد لقاء زعيم الإدارة القبرصية اليونانية نيكوس أناستاسياديس والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو تم توقيع اتفاقية تعاون بين الطرفين في مجالات مثل الاستثمار والتعليم والعسكرية وبدأت العلاقات بين البلدين تتعمق مع جمهورية قبرص تأثير الشراكة الطائفية الولايات المتحدة التي انزعجت من التقارب بين الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص وروسيا وافقت لأول مرة في عام 2020 (فترة ترامب) على تلبية شرطين (الأول هو أن الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص تضع لوائح في مكافحة الإرهاب)غسيل الأموال والتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية والأمر الآخر هو السماح للسفن الحربية الروسية بدخول موانئها للتزود بالوقود والخدمة) وقد اتخذت قرارًا برفع القيود المفروضة على بيع الأسلحة الدفاعية لقبرص بشرط اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع ذلك مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير2022 وفي عام 2022 أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس أنه “تم رفع القيود التجارية الدفاعية عن جمهورية قبرص في السنة المالية 2023 ومع القرار الذي تم اتخاذه في عام 2020 أصبح بإمكان GKRK شراء أسلحة دفاعية فقط بينما مع القرار في عام 2022 تم فتح الطريق أمامها لشراء أسلحة هجومية .
خلاصة القول …..
أن الإتفاقية الإطارية للتعاون الدفاعي بين قبرص اليونانية والولايات المتحدة الموقعة في 9سبتمبر2024 دليل علي تطوير الولايات لرؤيتها لدور تعد له جيداً بشكل تدريجي لقبرص اليونانية نهايته دورعسكري تضطلع به قبرص لخدمة إستراتيجية الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وهذا الدور نتاج مباشر لموقع هذه الجزيرة الجيو/إستراتيجي المُميز في شرق المتوسط وبالقرب من لبنان والكيان الصهيوني وغــزة , وهذا الدور ذا طبيعة عسكرية / لوجيستية بإمتياز إتضحت أهميته للقيادتين العسكريتين الأمريكية الأوروربية والمركزية وكذا لقيادة حلف شمال الأطلنطي NATO وبناء علي ما إستخلصته هذه الهيئات العسكرية الثلاث من دروس وتجارب ميدانية من تطورات الحرب الروسية /الأوكرانية وطوفان الأقصي في الأراضي الفلسطينية الذي برهن علي إلي أضافة الكيان الصهيوني إلي نطاق ولاية القيادة العسكرية الأمريكية لم يكن قراراً صائباً علي إطلاقه فهذا القرارالذي إتخذته وزارة الدفاع الأمريكية في 15 يناير2021يتضمن إجراء تغيير في “خطة القيادة الموحدة” يقضي بتسهيل التعاون الأمني الثنائي والإقليمي وتقاسم الأعباء بين عسكرية الكيان الصهيوني والعسكرية الأمريكية فخلال عام حتي الآن ثبت للعسكرية الأمريكية أن الجيش الصهيوني بتكوينه الذي يجمع بين قوات الإحتياط وقوات الجيش العامل والذي يعتمد علي شن حرب خاطفة تتناسب مع تكوينه فقوات الإحتياط في الأساس هي في نفس الوقت القوة العاملة في خدمة الإقتصاد الصهيوني ولا غني عنها ذلك أنه لابد لهذه القوة أن تعود في خدمة الإقتصاد في مدي لا يزيد عن شهر وهو ما لم يتحقق في الحرب الممتدة الآن في غــزة وعلي جبهات الإسناد في لبنان واليمن والعراق وبناء علي حقيقة أن الأراضي الفلسطينية (أراضي الكيان الصهيوني) لم تعد مجالاً آمـــنــاً بصفة مطلقة حتي للحركة العسكرية الأمريكية أو لمخازن السلاح الأمريكية فمن ثم يجب علي العسكرية الأمريكية أن تعثر علي نطاق آخر – ولو بصفة إحتياطية – ليستقبل مخازن السلاح الأمريكي ومن المجح جداً أن تكون جزيرة قبرص (أو الجزء اليوناني بهذه الجزيرة) مكان مناسب للتواجد العسكري الأمريكي سواء للسلاح أو للأفراد .
أنتهت الولايات المتحدة من دراسة معمقة لإختيار قبرص كموقع للعسكرية الأمريكية بالرغم من الحساسية التركية فالقضية القبرصية إستعصت علي أي حل و إستقرت بعد 50 عام من التدخل أو الغزو العسكري التركي لإنقاذ القبارصة الأتراك من عدوان اليونان والقبارصة اليونانين عليهم والإنتهاء إلي تقسيم الجزيرة بين القبارصة اليونانيين والأتراك وبالرغم من رد الفعل القوي التركي المناهض للإتفاقية الإطارية للتعاون الدفاعي بين القبارصة اليونانيين والأمريكيين إلا أن تركيا تعلم من زمن طويل أن الأمريكيين لا موقف محدد لهم من هذه القضية ويتلاعبون بطرفيها الرئيسيان وهما تركيا واليونان لكن نتاج حرب أوكرانيا عجلت بتحديد موقف أمريكي جديد أدي إلي تجهيز قبرص لتكون منطلقاً للعسكرية الأمريكية في شرق المتوسط قريباً وفي القلب من مسطحات مائية تؤدي للبحر الأسود وهي تحديداً شرق المتوسط فبحر أيجه والأدرياتيك ولوجاً للبحر الأسود الذي يمثل رقبة ومنفذ روسيا البحري بصفة عملية للبحار الدافئة , وبناء علي ما تمخض حتي الآن من نتائج من حربي أوكرانيا وطوفان الأقصي فلا يمكن للعسكرية الأمريكية أن تظل علي إعتقادها الماضي بأن الكيان الصهيوني يمكنه أن يصمد عسكريا طويلاً خاصة وأن النتائج السلبية لطوفان الأقصي إنعكست علي النيان الإجتماعي والإقتصلادي والسياسي فالعسكري الصهيوني فلما تعد هذه المباني صامدة بل نالتها الشروخ والتصدعات التي يراها كل من ألقي وهو شهيد بإستثناء العميان من العرب المعتدلين , لهذا فإن الإتفاقية الإطارية بين قبرص اليونانية والولولايات المتحدة تعد الخطوة ما قبل الأخيرة في تخالف أمريكي / قبرصي يوناني قد ينتهي إلي إنضمام قبرصي لحلف شمال الأطلنطيNATO أو إعلان شراكة دفاعية / عسكرية أمريكية مع قبرص اليونانية وهو ما يحقق في نفس الوقت أحد أهداف الولايات المتحدة الرئيسية وهو كسر الأرادة التركية وجذب تركيا قسراً للجانب الأمريكي بعيداً عن روسيا المتاخمة للنطاق الجغرافي التركي بمفهومه الواسع الذي لا يشمل تركيا وحدها بل العالم التركي أي الدول المتحدرة والمتحدثة بالتركية .
الإتفاقية الإطارية الأمريكية مع قبرص خطوة تستهدف الولايات المتحدة منها تحقيق عدد من الأهداف مرة واحدة من أهمها :
– تأمين الكيان الصهيوني الآن ومستقبلاً .
– جذب تركيا بعيداً عن روسيا بالتلويح للأتراك بأن هذه الإتفاقية الإطارية خطوة علي طريق ينتهي بما لن تقبله تركيا .
– العبث بالجبهة الداخلية التركية التي بها أحزاب متنوعة تعلي من القيم الحزبية علي حساب المصلحة العامة للدولة التركية سواء كانت هذه الأحزاب تقبض علي السلطة كحزب العدالة التنمية الحاكم الآن أو الحزب الجمهوري أو غيرهما وإن كان هذا الإعلاء يختلف في درجاته , كما تروج الولايات المتحدة بواسطة هذه الإتفاقية لفشل السياسة التركية وهو زعم زائف فتشدد تركيا في القضية القبرصية سببه الرئيسي أهمية هذه القضية للأمن القومي التركي لا غير خاصة وأن هذه الإتفاقية الأمريكية / القبرصية علي المدي البعيد ليس منتجاً نظراً للقوة النسبية للعسكرية التركية والتدخل العسكري التركي في يوليو/ أغسطس1974خير دليل علي ذلك فقد نجحت تركيا في الظفر بنسبة 45% تقريباً من أراضي الجزيرة لصالح القبارصة الأتراك .
– جذب اليونان بعيداً عن روسيا بواسطة دعم قبرص اليونانية .
الإتفاقية الإطارية للتعاون الدفاعي الأمريكي / القبرصي اليوناني نــذيـــر للمقاومة الفلسطينية ولجبهات الإسناد مـعـاً فهذه الإتفاقية تعني الآن أن قبرص اليونانية تلك الجزيرة الوديعة الهادئة التي تحاول سياسياً أن تبدو مـُحــايــدة زمنها قد ولي فالولايات المتحدة تــُعــد قبرص اليونانية تدريجياً لتكون حاملة طائرات أضافية / إحتياطية في خدمة الأهداف العسكرية والأمنية بعيدة وقصيرة المدي للولايات المتحدة ومن هذه الأهداف تحقيق أمن الكيان الصهيوني علي حساب أمن الشعوب العربية .
هناك حـــاجـــة ضـــرورية للرد علي قبرص وتحميلها ثمن بداية عقد تحالف مُــضاد لأمن الشعوب العربية مع الولايات المتحدة وهذا الثمن سيكون باهظاً لكنه الثمن المناسب للرد علي هذه الخطوة العدائية وهو الإعتراف بجمهورية شمال قبرص التركية ودعم الموقف السياسي والإقتصادي للحكومة التركية تجاه القضية القبرصية وجمهورية شمال قبرص التركية والتوقف عن دعم وجهة نظر الحكومة القبرصية اليونانية فيما يتعلق بالقضية القبرصية في الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرهما , فليس للعرب أدني مبرر بعد عقد القبارصة اليونانيين لهذه الإتفاقية الإطارية للتعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة للإستمرار في دعم قبرص اليونانية فالإتفاقية هدفها الرئيسي دعم الكيان الصهيوني فهي لن تضر كثيراً بتركيا فتركيا مازالت وستظل عــضــو مهم جداً في حلف شمال الأطلنطي وبالغة الأهمية للولايات المتحدة أكثر حتي من اليونان عضو حلف الأطلنطي فيما يتعلق بروسيا بالرغم من ما تسعي إليه الولايات المتحدة إلي تحقيقه فهوحتي بفرض خطورته فهو لترويض تركيا لا أكثر .