عبد الامير رويح
تصاعدت وتيرة الأزمة السياسية في تونس بشكل كبير في الفترة الأخيرة، بسبب الخلافات والصراعات السياسية المزمنة في هذا البلد، الذي يعاني ايضا من مشكلات اقتصادية واجتماعية وصحية، تفاقمت حدتها في ظل أزمة وباء كورونا المستجد الذي اثر سلباً على جميع دول العالم، وبدأت الأزمة السياسية وكما نقلت بعض المصادر منتصف حزيران/ يونيو الماضي، باتهام الفخفاخ بالفساد. وكانت هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد أكدت وجود شبهة “تضارب مصالح لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، لامتلاكه أسهما في شركات تتعامل مع الدولة تجاريا وهو ما يحجره (يحظره) القانون”.
وكان الفخفاخ رفض اتهامات بالفساد بعد أن كشف النائب في البرلمان ياسين العياري عن وثائق تشير إلى شركات يملك الفخفاخ أسهما فيها فازت بصفقات مع الدولة بقيمة تناهز 15 مليون دولار. وانتقد الفخفاخ بشدة حركة النهضة قائلا في بيان قائلا إن ”دعوات النهضة تخل بالتضامن الحكومي وهي واصلت في تأسيس مشهد مأزوم وفي التوظيف السياسي لمصلحتها الحزبية“. واستقال الفخفاخ اثر أشهر من خلافات حادة خرجت للرأي العام بين رأس السلطة الرئيس قيس سعيّد ورئيس حزب النهضة راشد الغنوشي.
كما تتواصل منذ أسابيع احتجاجات اجتماعية للمطالبة بالتشغيل وأثرت أزمة كوفيد-19 على اقتصاد البلاد المهدد بانكماش قد تبلغ نسبته 6,8 في المئة وبخسارة أكثر من 130 ألف شخص وظائفهم، حسب تقديرات رسمية. بينما يقدر اقتصاديون أن الأرقام ربما تتجاوز المعلن عنه بكثير مع تواصل غياب الاستقرار الحكومي. بالموازاة مع ذلك، فإن المفاوضات مع المانحين الدوليين ربما تتأثر بتغير المسؤولين والبلاد في حاجة مستمرة لتمويلات خارجية لاصلاح وضع المالية العمومية وقد أقرّ الفخفاخ سابقا بأن غالبية الشركات الحكومية مفلسة تقريبا.
دفع انهيار أقصر الحكومات عمرا في تونس منذ ثورة 2011 بالديمقراطية الشابة في أتون أزمة جديدة بعد الإخفاقات المتعاقبة لقادتها المنتخبين في تحويل الحرية السياسية إلى نجاح اقتصادي. ولم يتسلم ائتلاف رئيس الوزراء إلياس الفخفاخ مقاليد السلطة إلا في فبراير شباط بعد أشهر من التشاحن السياسي في برلمان متشرذم أفرزته انتخابات أجريت في العام الماضي.
في ظل هذه الأجواء المشحونة بالتوتر، تعيش تونس وقت محاسبة وتدقيق في نموذجها الديمقراطي المعقد، وهو مزيج من النظامين البرلماني والرئاسي ولكن بدون محكمة دستورية، الهدف من تشكيلها فض النزاعات، ولكن لم يتم إنشاؤها حتى الآن. ومع رغبة كثير من السياسيين البارزين، بمن فيهم الرئيس، في تغيير هذا النظام، فإن الحزب الذي حقق أفضل أداء في استطلاع للرأي أجري مؤخرا هو حزب مؤيد للحكم الاستبدادي القديم قبل الثورة. وقال المحلل السياسي يوسف شريف ”مبعث خوفي هو أننا داخلون في حقبة من الاضطرابات ولا نملك قوة سياسية كافية لمواجهتها… إنه سيناريو قاتم للغاية“.
المشيشي سيشكل حكومة من دون مشاركة أحزاب سياسية والنهضة ترفض
الرئيس التونسي قيس سعيد كلف وزير الداخلية هشام المشيشي بتشكيل الحكومة الرئيس التونسي قيس سعيد كلف وزير الداخلية هشام المشيشي بتشكيل الحكومة مواقغ التواصل قال رئيس الوزراء التونسي المكلف هشام المشيشي، الإثنين، إنه سيشكل حكومة كفاءات مستقلة من دون مشاركة أحزاب سياسية بسبب التناقضات والاختلافات الواسعة بين الأحزاب الرئيسية في البلاد، ومن شأن الخطوة أن تضع المشيشي في خلاف مع حزب النهضة الإسلامي وهو أكبر حزب في البرلمان وقد رفض حكومة من دون أحزاب.
وأضاف المشيشي، في مؤتمر صحفي مقتضب: “المشاورات التي تمّت مع الأطراف السياسية، جعلتني أقدّر أن درجة الاختلاف بينهم كبيرة، وهذا لا يمكّن من تكوين حكومة تجمع السياسيين”، واستدرك: “في المقابل، الضرورة والواجب الوطني والمسؤولية، تحتم حكومة إنجاز اقتصادي واجتماعي، تكون أولى أولوياتها المواطن وطلباته”.
وأوضح أنه “في ظل الاختلافات في الآراء وما تسببه من تنامي نسب السّلبية 6.1% والمديونية 6% والبطالة التي ستصل 19% بنهاية العام الحالي، بات من الضرورة أن يبنى برنامج الحكومة المقبلة على إيقاف نزيف المديونية والمحافظة على مكاسب القطاع العمومي”، وأشار رئيس الوزراء التونسي، إلى أن “المواطن بدأ يفقد ثقته في النخب السياسية”، وتابع أن “اللقاءات والمشاورات ستتواصل، وسيكون فيها لدعم الأحزاب دور مهم، لبلوغ الأهداف ذات الأولوية التّي يكون فيها تحسين الوضع الاقتصادي أولوية وطنية”.وفي وقت سابق من اليوم قالت حركة “النهضة” التونسية إنها “لا تتوقع رفض رئيس الوزراء المكلف هشام المشيشي، تشكيل حكومة حزبية سياسية” وإنها ترفض “تشكيل حكومة باسم كفاءات مستقلة”.
وقال رئيس مجلس شورى “النهضة” عبد الكريم الهاروني، خلال مؤتمر صحفي لعرض مقررات اجتماع مجلس شورى الحركة، إن “النهضة تدافع عن تشكيل حكومة حزبية”، معللا ذلك بأن “التونسيين هم من انتخبوا وكونوا أحزابا وهم من سيحاسبون هذه الأحزاب إذا أخطأت”، وأوضح الهاروني أن “اعتماد الكفاءات المستقلة هو ضرب للديموقراطية وللأحزاب” السياسية، مشيرا إلى أنه في حال اختار المشيشي تشكيل حكومة كفاءات فإن “مجلس شورى النهضة سيجتمع حينها لاتخاذ الموقف المناسب بحثا عن مصلحة البلاد”.
وردا على دعوات إقصاء حركة “النهضة” من الحكومة المقبلة، قال الهاروني إنه “لا يمكن لأحزاب أقلية أن تحدد مصير الحكم”، وأضاف إن “الذين يدعون إلى إقصاء النهضة من حكومة المشيشي هم أعداء لثورات الربيع العربي ولهم أجندات خارجية”.
وأوضح الهاروني أن موقف مجلس الشورى “يتجه إلى دعم أي مقترح لحكومة وحدة وطنية تكون ذات حزام سياسي واسع تستجيب للتعدد الحزبي”، وأكد أن “أي مقترح لحكومة كفاءات مستقلة يقصي الأحزاب لن يلقى دعم الحركة”.
وأكد أن “دور الحركة في مشاورات تشكيل الحكومة سيكون إيجابيا طالما تم احترام نتائج الانتخابات وكانت الحكومة سياسية بحزام واسع وأغلبية مريحة تُسهل تمرير القرارات التي تحتاجها الحكومة”، وثمن الهاروني “التعاون بين عدد من الكتل في مجلس النواب المتفقة على ضرورة اختيار حكومة سياسية تنال ثقة حقيقية”.
وأضاف أن “هناك أغلبية في البرلمان تدافع عن حكومة سياسية ومن المهم أن يقرأ المشيشي حسابا لهذا”، وأشار الهاروني إلى أن هناك 120 نائبا يمكن أن تكون بينهم شراكة في البرلمان، وتحتاج حكومة المشيشي إلى أصوات 109 نواب من أصل 217 نائبا، هم أعضاء المجلس، لتنال الثقة، ولدى حركة النهضة 54 مقعدا من أصل 217 مقعدا في البرلمان، فيما يمثل الكتلة “الديمقراطية” 38 نائبا وكتلة حزب “قلب تونس” 27 نائبا وكتلة “ائتلاف الكرامة” 19 نائبا، وكلف الرئيس التونسي قيس سعيد، في 26 من يوليو/ تموز الماضي هشام المشيشي، وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، تشكيل حكومة جديدة خلال شهر من تاريخ تكليفه.
والتقى المشيشي، الذي تم تعيينه وزيرا للداخلية بحكومة إلياس الفخفاخ في فبراير/ شباط الماضي، برؤساء حكومات سابقين هم حمادي الجبالي (2011-2013) وعلي العريض (2013-2014) وحبيب الصيد (2015-2016) ويوسف الشاهد (2016-2020)، كما اجتمع أيضا مع رئيسين سابقين هما فؤاد المبزع (من يناير/ كانون الثاني حتى ديسمبر/ كانون الأول 2011) ومحمد الناصر (من يوليو/ تموز حتى أكتوبر/ تشرين الأول 2019)، ومن المقرر أن يلتقي المشيشي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ورئيس اتحاد الصناعة والتجارة سمير مجول.
ويعرف المشيشي بأنه شخصية مستقلة وغير منتم إلى أي حزب أو قوى سياسية، وبعد تشكيل حكومته، يترتب على المشيشي (46 عاما) الحصول على ثقة البرلمان بغالبيته المطلقة بحلول مطلع أيلول/سبتمبر. وإذا تعذر ذلك، سيتم حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية جديدة.
ازمة والمناورات
وفي هذا الشأن أمام السياسيين الآن مهلة حتى أواخر أغسطس آب لتشكيل حكومة جديدة تحظى بدعم الأغلبية في البرلمان، لكنهم سيواجهون الصعاب في التغلب على الانقسامات التي خارت أمامها قوى ائتلاف الفخفاخ. إن أكبر الأحزاب هو حزب النهضة الإسلامي، وهو الثابت الوحيد المستمر في الوجود بالحياة السياسة التونسية منذ الثورة حيث ظهرت أحزاب أخرى كثيرة واختفت بسرعة. لكن النهضة لا يشغل سوى ربع المقاعد ويواجه زعيمه راشد الغنوشي تصويتا على الثقة في رئاسته للبرلمان. ويتعلق أكبر أسباب الشقاق السياسي في تونس بالسياسة المالية. ويميل النهضة إلى الوقوف في نفس الخندق مع الأحزاب التي تفضل الإصلاحات التي يطلبها المانحون للحد من الإنفاق والدين العام.
وقال شريف إن الرئيس قيس سعيد يقف على ما يبدو على طرف النقيض، مع الأحزاب القومية العربية واللاعب الرئيسي الآخر في السياسة التونسية، وهو الاتحاد العام للشغل. وبدأت بالفعل محادثات مع صندوق النقد الدولي حول برنامج قرض جديد، لكنه كان يريد في السابق إصلاحات اقتصادية قاسية يعارضها معظم أعضاء البرلمان. وقالت وكالة الانباء الرسمية في تونس إن الرئيس التونسي قيس سعيد كلف وزير الداخلية هشام المشيشي بتشكيل حكومة جديدة وسط آمال بنزع فتيل الازمة السياسية والاتجاه نحو استقرار سياسي.
وأمام المشيشي وهو مستقل شهر لتشكيل حكومة يمكنها ضمان تحقيق أغلبية في البرلمان وإلا فإن الرئيس سيحل البرلمان ويدعو لانتخابات جديدة. ولم يكن اسم مشيشي مطروحًا ضمن 3 أسماء استقرت عليها الأحزاب والكتل البرلمانية، في مقترحاتها المُقدمة إلى الرئيس التونسي. وفي منتصف يوليو تموز، استقال الفخفاخ من رئاسة الحكومة بعد 5 أشهر من توليه المنصب. في وقت ساد جدل كبير حول شبهة تضارب مصالح لاحقته، بسبب امتلاكه أسهم في شركات لها تعاملات مع الدولة.
ويأتي ذلك في غضون أزمة سياسية مماثلة في مجلس النواب التونسي. وكانت 4 كتل نيابية تقدمت بلائحة لطرح الثقة في الغنوشي، التي تتطلب موافقة 109 نواب من إجمالي 217 عضوًا، حسب الدستور والقواعد الداخلية المنظمة لعمل البرلمان. بينما قال الغنوشي، إنه لم يأت على ظهر دبابة ليفرض نفسه على إرادة النواب، مُعتبرًا أن ستكون لـ”تجديد الثقة”.
وهناك ايضا وكما نقلت بعض المصادر، ملفان بارزان مطروحان على طاولة النقاش داخل مجلس شورى حركة النهضة، يعكسان أزمات داخلية وخارجية تضيق خناقها على الحركة. الملفان يحملان العنوانين التاليين: الموقف من الحكومة التونسية المقبلة.. وحسم قيادة الحركة بعد مؤتمرها المنتظر. فيما يتعلق بالموقف من الحكومة المرتقبة، تبرز احتمالات عدة أمام الحركة، تتمثل في المشاركة في الحكم، إن جاءت الرياح الحكومية بما تشتهي سفينة النهضة. أو الاصطفاف في المعارضة لأول مرة منذ 2011، أو الاستعداد لانتخابات تشريعية مبكرة، في حال فشل الحكومة في تجميع أغلبية برلمانية داعمة.
وحل البرلمان قد يكون مخرجا لزعيم الحركة راشد الغنوشي، من أزمة المؤسسة التشريعية، التي عجز عن ضمان سيرها العادي منذ توليه رئاستها. وقد يمثل هذا الخيار طريقا لمغادرة الغنوشي للمنصب، بعدما وصفه معارضوه بالسقوط السياسي المدوي في اختبار ثقة النواب، بتصويت ما يناهز 100 نائب ضد بقائه. أما الملف الثاني الذي يبحثه مجلس شورى النهضة، فيعكس صراع الأجنحة داخل الحركة، والذي أخذ يظهر للعلن بشكل متزايد.
صراع بين أنصار الغنوشي الراغبين في تغيير قانون الحركة الداخلي، لمنحه ولاية جديدة على رأسها، وبين المطالبين باحترام لوائح الحركة، وانتخاب رئيس جديد لها. وما بين هذين الملفين، يخوض الغنوشي مناورة جديدة للتمسك بأحد كرسيين، كرسي رئاسة الحركة، أو كرسي رئاسة البرلمان، بينما يطالب خصومه السياسيون بإزاحته عن المشهد كليا. وتدعوه طائفة من رفاقه للتنحي عن واجهة الحركة، طمعا في استعادة شيء من بريق الصورة التي سوقتها عن نفسها طوال سنوات ما بعد الثورة، والتي فقدت الكثير من ألوانها، وتلطخت بملفات الاتهامات بتدبير الاغتيالات، ودعم الإرهاب، والفشل الذريع في إدارة شؤون البلاد.
حكومة وتحديات
وطبقاً لمقتضيات الفصل «89» من الدستور كلف رئيس الجمهورية قيس سعيد المشيشي بتشكيل حكومة جديدة في أجل أقصاه شهر واحد، بدأ في 26 يوليو (تموز) الماضي، وجاء هذا التكليف وكما نقلت بعض المصادر، خارج اختيارات واقتراحات الأحزاب والكتل البرلمانية، التي لم تقترح اسم المشيشي ضمن قائمة المرشحين لتولي هذا المنصب الرفيع، وهو ما طرح تساؤلات عدة حول جدوى القرار الذي اتخذه الرئيس سعيد، خصوصاً بعد استقالة إلياس الفخفاخ، مرشحه السابق، على خلفية اتهامات بـ«تضارب المصالح».
وقام رئيس الحكومة التونسية المكلف، بتعيين أعضاء الفريق الاستشاري والإعلامي، الذي سيتعامل معه طيلة فترة المشاورات التي سيجريها لتشكيل حكومة جديدة، كما التقى رؤساء 4 كتل برلمانية في إطار مشاوراته لتشكيل الفريق الحكومي المقبل. ووفق مصادر مقربة من المشيشي، فإن رئيس الحكومة سيعمل على اختصار آجال المشاورات، وعرض حكومته على البرلمان لمنحها الثقة قبل حلول موعد الآجال الدستورية المحددة بشهر، والتي تنتهي في 25 أغسطس (آب).
والتقى المشيشي، 4 كتل برلمانية، هي كتلة «حركة النهضة» (تملك 54 مقعداً برلمانياً)، و«الكتلة الديمقراطية» (38 مقعداً)، و«كتلة ائتلاف الكرامة» (27 مقعداً)، في إطار التشاور وتبادل الآراء والمقترحات. وسيلتقي في وقت لاحق كتلة «حزب قلب تونس» المثيرة للجدل (29 مقعداً)، وذلك في خطوة عدها عدد من المراقبين «استجابة قد تكون متأخرة» لمطلب «حركة النهضة» توسيع دائرة الائتلاف الحكومي ليشمل أكبر عدد من الكتل البرلمانية.
وكان رئيس الحكومة المكلف قد التقى ممثلي المنظمات المجتمعية والنقابية، وبعض الأكاديميين والخبراء. ومن المنتظر، وفق بعض المتابعين، للشأن السياسي المحلي أن يحافظ المشيشي على بعض وزراء حكومة تصريف الأعمال، التي يترأسها الفخفاخ المستقيل، في مناصبهم، مع تعيين شخصيات على رأس الوزارات التي أقيل وزراؤها، والذي ينتمي في معظمهم إلى حركة النهضة (إسلامية). علماً بأن المشيشي شدد على أن حكومته «ستكون حكومة كل التونسيين»؛ على حد تعبيره.
من جانب اخر قال رئيس مجلس شورى حركة “النهضة” في تونس، عبدالكريم الهاروني، إنه لا يمكن القبول بتشكيل حكومة أقلية، مشدداً على ضرورة احترام الحكومة المقبلة لدور الأحزاب ونتائجها الانتخابية. وقال الهاروني إنه “لا يمكن تشكيل حكومة بأحزاب أقلية لم تنجح في خلق أرضية لتضامن حكومي وبرلماني، لأن ذلك يجعلها غير مستقرة ويجعل رئيس الحكومة غير قادر على تنفيذ عدة قرارات”.
كما شدد على ضرورة أن “تبنى الحكومات على الأحزاب والنتائج الانتخابية”، مضيفاً: “نحن حريصون على نجاح المشاورات، والشرط الأساسي لذلك، هو العمل على تكوين حكومة سياسية تحترم دور الأحزاب”. أضاف الهاروني قائلاً: “لا بد أن تحترم الحكومة الجديدة إرادة الناخبين والتوازنات في البرلمان، حتى تكون لديها أغلبية تمكِّنها من تمرير قرارات وإصلاحات”.
وقد أظهرت استطلاعات للرأي تم نشرها في وسائل اعلام محلية مطلع تقدم “الحزب الدستوري الحرّ” في نوايا التصويت. وتقود هذا الحزب المحامية والمدافعة عن نظام الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي، عبير موسي. وتقود موسي حملة ضد حزب النهضة وراشد الغنوشي وتتهمه بالتسبب في تأزم الوضع في البلاد منذ الثورة. وقامت موسي بالاحتجاج في مقر البرلمان وعطلت سير جلسة كانت مخصصة لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية. وهذا مؤشر آخر على أن التجاذبات السياسية والخلافات داخل البرلمان ستكون فاصلة في عملية منح الثقة للمرشح الجديد.
وتعيش تونس أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة فاقمت من تردي الأوضاع المعيشية ومعدلات البطالة ووسعت من دائرة الفقر، وذلك بالتزامن مع أزمة سياسية غير مسبوقة ارتفعت وتيرتها باستقالة رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، وهو ما يعني أنّ مسار الإصلاح سيضل رهينًا لمدى نجاح هشام المشيشي المكلف بتشكيل حكومة جديدة تكون متجانسة وذات حزام سياسي واسع يُفسح لها المجال للتحرك بحرية لإنقاذ البلاد من الانزلاق نحو الإفلاس.
وجميع المؤشرات الراهنة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن تونس تتجه تدريجيًا إلى خريف اقتصادي واجتماعي صعب وساخن، خاصة وأنّ الأحزاب السياسية باختلافها، يتعاملون مع الملف الاقتصادي والحراك الاجتماعي من منطلق الحسابات السياسية الضيقة رغم التحذيرات المتواصلة للمؤسسات المالية وللخبراء والمختصين الذي دقوا نواقيس الخطر في أكثر من مناسبة.