تهدف سلسلة “ثورة الهيدروجين في العالم” إلى إلقاء الضوء على الوضع العالمي والإقليمي والمصري، مع إبراز المقومات المصرية في تلك الصناعة الاستراتيجية، وخطوات الدولة المصرية نحو توطين صناعة الهيدروجين الأخضر، والدور الذي تلعبه المنطقة الاقتصادية في استراتيجية مصر لإنتاج الهيدروجين الأخضر، مع توضيح التحديات والصعوبات في تلك الصناعة وسُبلًا لحلها.
لماذا الاهتمام العالمي بالهيدروجين؟
هناك الكثير من الأسباب الفنية والبيئية والاقتصادية والسياسية وراء الاهتمام العالمي بالهيدروجين؛ وذلك لكونه مصدرًا للطاقة، إلا أن قضية التغير المناخي وكونه وقودًا نظيفًا وصديقًا للبيئة هي السبب الرئيس لتبنيه في الوقت الراهن، وبالأخص مع وفرة تكنولوجيا إنتاج الطاقة المتجددة والتي من الممكن استغلالها لتوليد الكهرباء، ومن ثم استخدامها في عمليات إنتاج الهيدروجين.
وزاد الاهتمام العالمي في وقت زادت فيه التحديات والطموحات العالمية حول ضرورة تعزيز تبني سياسات قوية للطاقة البديلة؛ بفعل تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، وضرورة تخفيف الاعتماد على مصادر الوقود الأحفوري. وبصفة خاصة لأنه لا أحد يملك التفوق في صناعة إنتاج الهيدروجين الأخضر، ليس الأمر كما لو أن الولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد الأوروبي متقدمتان بشكل لا يُصدق في هذه الصناعة، فالعالم جميعًا يبدأ وفي وقتٍ مماثل.
ومن جهة أخرى، يتم تقسيم الهيدروجين إلى أنواع وألوان مختلفة وذلك على حسب طرق إنتاجه، والمثير للدهشة في الأمر أن الهيدروجين لا لون له، ولكنها رموز تُستخدم فقط للتمييز بين أنواع الهيدروجين المختلفة، إذا كان الهيدروجين صافيًا فإن لهبه لا لون له، أما إذا كان لهبه يميل إلى الزُرقة فهذا يدل على وجود الكبريت، وإذا كان يميل إلى الاصفرار فهذا يدل على وجود شوائب مختلفة.
وبصفة عامة وبالرغم من أن هناك ٣ أنواع معروفة وشهيرة من الهيدروجين يُرمز لها بألوان الرمادي والأزرق والأخضر؛ فإن هناك تقسيمات بمزيد من الألوان حسب طرق استخلاصه كما هو موضوح بالشكل التالي. والجدير بالذكر أن هناك خلافًا كبيرًا حول الألوان ومدى جدواها، وقد تتغير تعريفات الألوان وذلك بمرور الوقت وحتى بين الدول، فضلًا عن أن هناك تصنيفًا جديدًا من الأمم المتحدة يعتمد على الانبعاثات الكربونية ويتجاهل الألوان.
الوضع الدولي والإقليمي في إنتاج الهيدروجين
ينوي الكثير من دول العالم زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة والتوسع في استخدامها من خلال العديد من التقنيات الحديثة لتخزين ونقل واستخدام الطاقة الخضراء، والتي من ضمنها الهيدروجين كخيار لتخزين الكهرباء، إذ يُعد الهيدروجين الأخضر وقود المستقبل بالنسبة للعديد من دول العالم؛ وذلك لدوره الحيوي في تنفيذ مبادئ اتفاقية قمة باريس لمواجهة التغير المناخي، والتي تهدف إلى خفض معدلات انبعاثات الكربون المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وفي هذا الإطار، وضعت دول كثيرة استراتيجيات وطنية لتوطين إنتاج واستخدام الهيدروجين الأخضر، واتجهت أيضًا إلى دراسة الفرص المتاحة لجذب الاستثمارات في صناعة إنتاج الهيدروجين، ودراسة الفرص المستقبلية وفتح أسواق في مختلف دول العالم. وسعت الدول إلى توقيع اتفاقات وشراكات ومذكرات تفاهم أولية؛ بهدف ضمان حصص مستقبلية لها في التداول العالمي المتوقع للهيدروجين. وطبقًا للمؤشرات العالمية وعدد المشروعات الذي وصل إلى أكثر من٥٠٠ مشروع عالمي بإجمالي حجم استثمارات أكثر من ٥٣٠ مليار دولار، وصل عدد الدول التي اهتمت بإعداد استراتيجيات وطنية وخطط تنموية لإنتاج الهيدروجين الأخضر حوالي٤٠ دولة.
وطبقًا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة لعام ٢٠٢١، وصل معدل الإنتاج السنوي من الهيدروجين (عن طريق استخدام الغاز الطبيعي والفحم الأحفوري) إلى أكثر من ١٢٠ مليون طن. والجدير بالذكر أن هذه الطريقة تُمثل أكثر من حوالي ٩٥٪ من إنتاج الهيدروجين عالميًا، ومن المتوقع أن يصل الإنتاج التقديري من الهيدروجين النظيف إلى حوالي ٧٠٠ مليون طن بحلول عام ٢٠٥٠.
ومن جهة أخرى، سلطت الأزمة الروسية الأوكرانية الضوء على ضرورة تعزيز استثمارات الطاقة العالمية؛ بهدف معالجة نقص الإمدادات العالمية في مجال الطاقة، والمضي قدمًا نحو مستقبل نظيف ومستدام. ولذلك يتجه حجم الاستثمارات العالمية في قطاع الطاقة بشكل عام إلى النمو للعام الثاني على التوالي، وذلك بحوالي ٨٪ ليصل إلى حوالي ٢٬٤ تريليون دولار خلال عام ٢٠٢٠، مع نمو قوي للإنفاق على الطاقة البديلة، إذ ارتفع حجم الاستثمارات الجديدة للطاقة المتجددة حول العالم إلى نحو ٢٢٥ مليار دولار خلال النصف الأول من العام الحالي، وذلك بارتفاع حوالي ١١٪ على أساس سنوي.
وإقليميًا، أسهمت ٩ دول عربية بقوة في المشهد العالمي لإنتاج للهيدروجين، شملت: مصر، والمملكة العربية السعودية، والمغرب، وسلطنة عمان، والعراق، والإمارات، والجزائر، وقطر، وموريتانيا؛ فقد استطاعت خلال الفترة الماضية النجاح في توقيع الكثير من مذكرات التفاهم العالمية في مجال إنتاج واستخدام الهيدروجين، مما أدى إلى ارتفاع عدد مشروعات إنتاج واستخدام الهيدروجين في المنطقة العربية إلى نحو ٣٤ مشروعًا، فاحتلت الأمونيا الخضراء والهيدروجين المرتبة الأولى بإجمالي ٢٣ مشروعًا، فيما تقوم ٩ مشروعات على التوسع في إنتاج الهيدروجين الأزرق ومشتقاته مثل الأمونيا الزرقاء، ويوجد مشروعان استخدام الهيدروجين كوقود في المركبات العاملة بخلايا الوقود.
ومن جهة أخرى، شهدت السنوات القليلة الماضية استخدام تقنيات عدة ومختلفة لإنتاج الهيدروجين النظيف من النفايات البلاستيكية؛ إذ تبلغ كثافة الهيدروجين فيها أقل من ١٤٪، ويُعد هذا الأمر غاية في الأهمية لأنه من شأنه المساهمة في معالجة المناخ والمساعدة في التخلص من الكربون في الصناعات التي تعتمد على الوقود الأحفوري. وفي حين تُمثل النفايات البلاستيكية أزمة بيئية ضخمة؛ إذ تبلغ حاليًا حوالي ٥ مليار طن وقد تصل إلى نحو ١٢ مليار طن وذلك بحلول عام ٢٠٥٠، فمن الممكن أن يلعب الهيدروجين دورًا حيويًا في معالجة إحدى مشكلات المناخ وتقليل تداعيات هذه النفايات عبر استغلالها في إنتاج الهيدروجين النظيف.
الجهود المصرية لإنتاج الهيدروجين
لم تكن الدولة المصرية بمعزل عن الحراك العالمي نحو الهيدروجين الأخضر، خاصة أنها تتمتع بإمكانات كبيرة للطاقة المتجددة، مما يؤهلها لتقديم دور كبير في سوق الطاقة المستقبلية، مستغلة في ذلك موقعها بالقرب من أسواق الطاقة العالمية في أفريقيا وآسيا وأوروبا، وتماشيًا مع التوجه العالمي في مجال الطاقة المتجددة، والنظرة إلى الهيدروجين الأخضر بوصفه وقود المستقبل، والذي من المتوقع بأن يغطي نسبة حوالي ٢٤٪ من حاجة العالم من الطاقة بحلول عام ٢٠٥٠.
وتعد مصر تاريخيًا من أوائل دول المنطقة التي أنتجت الهيدروجين الأخضر وذلك في عام ١٩٦٠، حيث بدأت شركة الصناعات الكيماوية المصرية (المعروفة حاليًا باسم كيما) في إنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق إمدادات الطاقة الكهرومائية المنتجة من سد أسوان لإنتاج الأمونيا الخضراء، من خلال مصنع شركة كيما، وبالرغم من إعادة تأهيل المصنع وتوسيعه في عام ٢٠١٩، توقف إنتاج الهيدروجين الأخضر من خلال عمليات التحليل الكهربائي وذلك للأسباب التالية:
- ارتفاع تكاليف عمليات الإنتاج.
- ضعف القدرة التنافسية.
- تحول المصنع إلى إنتاج النوع الرمادي عن طريق استخدام عملية إعادة تشكيل غاز الميثان بالبخار.
وفي يوليو من عام ٢٠٢١، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة إعداد استراتيجية وطنية متكاملة لإنتاج الهيدروجين بمشاركة كافة قطاعات الدولة ذات الصلة؛ وذلك بسبب الأهتمام العالمي المتزايد بمشروعات الهيدروجين الأخضر ولكونه وقود المستقبل الصديق للبيئة. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى:
- امتلاك مصر القدرة في مجال توليد واستغلال الهيدروجين.
- إضافة طاقة الهيدروجين الأخضر لمنطومة الطاقة المصرية المتكاملة لعام ٢٠٣٥.
ومن المخطط لها الانطلاق في الأشهر القليلة المقبلة بقيمة نحو ٤٠ مليار دولار؛ إدراكًا لأهمية إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا وتخزينهما وتجارتهما، في إطار إستراتيجية الدولة للتنمية الاقتصادية، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر -وذلك دون بنية تحتية إضافية- نحو ٢٠ مليار دولار.
- مقومات هائلة:
وقد اجتذبت المشروعات الضخمة في مصر أنظار جميع دول ومستثمري العالم؛ لنجاح قطاع الطاقة المصري، وتوافر العديد من المؤشرات والعوامل الإيجابية والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- الموقع الاستراتيجي.
- امتلاك قناة السويس والتي تشهد نحو ١٢٪ من جميع الشحنات المنقولة بحرًا في العالم.
- البنية التحتية للغاز الطبيعي ومحطات الإسالة العملاقة والموانئ البحرية وغيرها.
- الإمكانات المرتفعة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مما أهلها لأن تحتل الترتيب الأول عربيًا في طاقتي الرياح والشمس.
- القرب من أسواق مثل الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط والتي قد تشهد طلبًا كبيرًا على الهيدروجين في السنوات القليلة المقبلة.
- توافر الموارد والبنية التحتية القوية، بالإضافة إلى عمليات التطوير والنهضة التي تشهدها حاليًا.
- تقديم الحوافز الضريبية وتسهيل الإجراءات؛ فمن خلال الحصول على تصريح واحد فقط، بإمكان المستثمر إنشاء مشروعات الهيدروجين الأخضر وتشغيلها وإدارتها.
ونظرًا إلى تلك المقومات السابقة، أخذت الدولة العديد من الخطوات الجادة من دراسات الجدوى ومذكرات التفاهم العديدة بين المؤسسات المصرية واللاعبين الدوليين الرائدين في سوق الهيدروجين والأمونيا.
- خطوات جادة:
بدأت مصر خطوات فعلية للدخول في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر وإنتاجه كمصدر نظيف للوقود، وتمثل أهم تلك الخطوات في التالي:
* تشكيل لجنة وزارية للبحث في جميع البدائل الممكنة لتوليد الهيدروجين الأخضر والاستعانة بالتجارب الدولية في هذا المجال لاستخدامه في المستقبل القريب في مصر.
* وقعت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة وشركة سيمنز الألمانية، في يناير عام ٢٠٢١ اتفاق نوايا Letter of intent (LOI) للبدء في المناقشات والدراسات لتنفيذ مشروع تجريبي لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر كخطوة أولى نحو التوسع في هذا المجال وصولًا إلى إمكانية التصدير.
* أعدت وزارت الكهرباء والبترول والبيئة بالاشتراك مع صندوق مصر السيادي دراسة جدوى لتدشين مشروعات الطاقة المستخلصة من الهيدروجين الأخضر باستثمارات مبدئية تصل إلى حوالي ٤ مليارات دولار.
* اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي في فبراير عام ٢٠٢١ مع الرؤساء التنفيذيين لعدد من الشركات البلجيكية منها ديمي لأعمال التكريك وميناء أنتويرب وفلوكسي لبحث آفاق التعاون مع تحالف الشركات البلجيكية للاستثمار في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر لتوليد الطاقة.
* توقيع اتفاق تعاون في مارس من عام ٢٠٢١ بين الشركة القابضة لكهرباء مصر والشركة القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) وشركة أبوقير لإدارة وإنشاء الموانئ وتحالف الشركات البلجيكي؛ بهدف تطوير مشروع متكامل لإنتاج ومعالجة وتداول وتجارة الهيدروجين الأخضر، وتم استلام التقرير النهائي لدراسة الجدوى المقدمة من التحالف في يونيو عام ٢٠٢١.
* وافق رئيس مجلس الوزراء في مايو من عام ٢٠٢١ على السير في إجراءات توقيع مذكرة تفاهم مع شركة تيسين كروب الألمانية، لتنفيذ مشروع إنشاء مصنع للأمونيا الخضراء لتصدير الهيدروجين الأخضر لألمانيا.
* نظّم منتدى القاهرة للتغير المناخي في يوليو عام ٢٠٢١ حلقته النقاشية السادسة والسبعين، والتي ناقش فيها خبراء من ألمانيا ومصر إمكانات الاستثمار في الهيدروجين الأخضر في المستقبل.
* وقعت الحكومة المصرية مع شركة إيني الإيطالية في يوليو عام ٢٠٢١ مذكرة تفاهم للتعاون في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق وتقييم الجدوى الفنية والتجارية لمشروعات إنتاجه المستهدفة في مصر، وبمقتضى هذا الاتفاق ستتعاون شركة إيني مع الشركة المصرية القابضة للغازات في إجراء الدراسات اللازمة حول المشروعات المشتركة لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
* أعلنت وزارة الكهرباء والطاقة تحديث استراتيجية الطاقة ٢٠٣٥ لتشمل الهيدروجين الأخضر كمصدر لها.
* توقيع مذكرة تفاهم مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لتمويل الأعمال الاستشارية لإعداد الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين.
* توقيع اتفاقية التطوير المشترك لمشروع إقامة وتشغيل منشأة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة حوالي ١٠٠ ميجاوات في المنطقة الصناعية بالعين السخنة التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
* توقيع اتفاقية الشروط الرئيسة لعقد شراء الهيدروجين، بين كل من صندوق مصر السيادي، وشركات سكاتك النرويجية للطاقة المتجددة، وأوراسكوم للإنشاء، وفيرتيجلوب.
* توقيع مذكرة تفاهم بين كل من صندوق مصر السيادي، والشركة المصرية لنقل الكهرباء، وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، وشركة مصدر الإماراتية، وحسن علام للمرافق، حيث ستشكل شركتي مصدر وحسن علام للمرافق ائتلافًا استراتيجيًا لتطوير محطات إنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وعلى ساحل البحر المتوسط، بمراحل مختلفة، تمتد حتى عام ٢٠٣٠، لإنتاج ما يصل إلى حوالي ٤۸٠ ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا، وذلك من خلال محللات كهربائية بقدرة حوالي ٤ جيجاوات.
* توقيع مذكرة تفاهم بين كل من الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وصندوق مصر السيادي، وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، والشركة المصرية لنقل الكهرباء، وشركة ميرسك العالمية، وذلك لإقامة مشروع لإنتاج الوقود الأخضر لإمدادات تموين السفن والوصول للحياد الكربوني.
* أبرمت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس عددًا من الاتفاقيات مع كبرى الشركات العالمية الرائدة في مجال الطاقة النظيفة، لإنشاء مجمعات صناعية لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
* إقرار الحكومة حوافز جديدة لتشجيع الاستثمار الأخضر، مما سوف ينطبق على المشروعات الحالية والمستقبلية للهيدروجين الأخضر.
وطبقًا لتلك الخطوات المُفعلة والجادة، بلغت سعة مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر حوالي ١١٬٦٢ جيجاوات، أي ما يعادل أكثر من حوالي ١٬٥ مليون طن، مما سيضع الدولة المصرية في المراتب الأولى عالميًا، وبعد أستراليا وبالتوازي مع موريتانيا.
- المنطقة الاقتصادية لقناة السويس أمل الدولة في صناعة الهيدروجين:
تتمتع المنطقة الاقتصادية بأهمية بالغة في خطة مصر نحو حلم إنتاج الهيدروجين الأخضر، حيث تستهدف المنطقة توطين هذا النوع من الصناعات في مناطقها المتكاملة بالسخنة وشرق بورسعيد، ويجرى الاستعداد حاليًا لإقامة المشروعات بالسخنة وذلك للأسباب التالية:
- جاهزيتها بصفتها منطقة صناعية.
- قربها لميناء السخنة أكبر موانئ البحر الأحمر، وما يشهده الميناء من أعمال تطوير ضخمة تؤهله لاستقطاب العديد من الاستثمارات وتسهيل عمليات الاستيراد والتصدير.
- المنطقة الاقتصادية تضم أربع مناطق صناعية و٦ موانئ محورية في خدمة التجارة العالمية بموقعها على البحرين المتوسط والأحمر.
- الحوافز الاستثمارية التي تقدمها المنطقة الاقتصادية لمستثمريها ضمن استراتيجية خلق الفرصة.
وبصفة خاصة، تستحوذ المنطقة الاقتصادية لقناة السويس على أكثر من ٨٠٪ من مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر، وذلك من خلال ٨ مشروعات معلنة في الأشهر الماضية، وذلك بسعة إجمالية نحو ١٠٬٧ جيجاوات. وذلك يعني إنتاج مصر لأكثر من حوالي ١٬٥ مليون طن من الهيدروجين الأخضر، ولذلك تشهد تسارع وتيرة الاتفاقيات التي توقعها المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في الفترة الماضية؛ بهدف توطين صناعة الهيدروجين الأخضر في الدولة المصرية، والتحول الأخضر.
وهنا يجب إلقاء الضوء على أبرز هذه المشروعات:
* إعلان شركة المرافق الفرنسية المملوكة للدولة إي دي إف، وشركة زيرو ويست، توقيع مذكرة تفاهم مع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس؛ لإنتاج حوالي ٣٥٠ ألف طن من الأمونيا الخضراء والهيدروجين الأخضر سنويًا في منطقة العين السخنة، ومن المقرر بدء التشغيل في الربع الأول من عام ٢٠٢٦.
* وقعت شركة أيميا باور الإماراتية مذكرة تفاهم مع هيئة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لإنتاج حوالي ٣٩٠ ألف طن من الأمونيا الخضراء سنويًا في العين السخنة لأغراض التصدير.
* أعلنت شركة سكاتك النرويجية خططًا لتطوير منشأة هيدروجين وأمونيا خضراء بقيمة حوالي ٥ مليارات دولار، وبسعة إنتاجية حوالي مليون طن من الأمونيا الخضراء في البداية، مع إمكانية رفع معدلات الإنتاج إلى حوالي ٣ ملايين طن سنويًا.
* التوقيع على مذكرة تفاهم لبدء الدراسات الأولية بشأن إقامة مصنع جديد لإنتاج الهيدروجين الأخضر بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس باستثمارات تبلغ نحو ٨ مليارات دولار، بسعة تصل إلى حوالي ٢٢٠ ألف طن سنويًا، حيث تم الاتفاق بين عدد من الجهات الحكومية هي هيئة تنمية واستخدام الطاقة الجديدة المتجددة، والهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والشركة المصرية لنقل الكهرباء وصندوق مصر السيادي، والطرف الثاني المُتمثل في شركة رنيو باور برايفت ليمتد إحدى الشركات الرائدة في مجال الطاقة المتجددة في الهند.
مجمل القول، يحظى الهيدروجين الأخضر باهتمام عالمي وإقليمي متزايد في الوقت الراهن؛ لكونه وقودًا نظيفًا ويمكن أن يساند الجهود الدولية المبذولة حاليًا لتخفيف الانبعاثات الكربونية العالمية. وبالنسبة للدولة المصرية توفر البنية التحتية المصرية الحالية فرصًا كبيرة لإنشاء وتوسيع الطلب على الهيدروجين، خاصة الهيدروجين الأخضر، والذي من خلاله يتم الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة الأقل تكلفة وتقليل الانبعاثات. وفى الأخير الرهان على تعزيز الجدوى الاقتصادية لاستخدام الهيدروجين الأخضر عالميًا يتوقف على مساندة منظومة الابتكار العالمية الداعمة لخفض التكلفة الاستثمارية والتشغيلية لإنتاج ذلك الوقود النظيف، على نحو يجعله مستقبلًا أكثر جاذبية بالنسبة للمستخدمين النهائيين في مختلف الأنشطة الاقتصادية.
.
رابط المصدر: