عبد الامير رويح
يواصل فيروس كورونا المستجد انتشاره المتسارع في كافة أنحاء العالم، حيث اصاب هذا الفيروس القاتل وكما نقلت بعض المصادر، اكثر من 37534235 مليون انسان في حين بلغت الوفيات 1077636 حالة. وبعد مرور اكثر من عشرة أشهر على تفشي الوباء، لم تظهر الأزمة أي بوادر على الانتهاء. إذ تشهد العديد من البلدان موجات ثانية من الوباء بعد تخفيف القيود، كما أن بعضها يشهد أرتفاعا حادا في عدد الحالات. وأمام الارتفاع المقلق في عدد الإصابات، فقد سعت العديد من الدول الى فرض قيود جديدة من اجل احتواء تفشي الفيروس.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى ان نحو 800 مليون شخص ربما أصيبوا بالوباء، وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية، في تصريح إن 10في المئة من سكان العالم ربما أصيبوا بالفيروس. وأوضح أن “هذا يختلف باختلاف البلد، فهو يختلف من الحضر إلى الريف، ويختلف من مجموعة إلى أخرى”. وأضاف “ولكن ما يعنيه ذلك هو أن الغالبية العظمى من سكان العالم لا يزالون في خطر، نعلم أن الوباء سيستمر في التطور ولكننا نعلم أيضا أن لدينا الأدوات التي تساعدنا في الحد من انتقال العدوى وإنقاذ الأرواح في الوقت الحالي، وهذه الأدوات تحت تصرفنا”.
وقال الأمين العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الذي حث الدول على التضامن والتصرف بحزم، إن هناك اختلافات ملحوظة في عدد الحالات في جميع أنحاء العالم.
وأضاف أنه “على الرغم من إصابة جميع البلدان بهذا الفيروس، يجب أن نتذكر أن هذا الجائحة غير متكافئة. فهناك عشر دول تشكل 70 في المئة من جميع حالات الإصابة والوفيات المبلغ عنها وثلاث دول فقط تشكل النصف”.
اصابات ووفيات
وفي هذا الشأن حذرت منظمة الصحة العالمية من أن مرض كوفيد-19 الناتج عن الإصابة بفيروس كورونا المستجد ينتشر بوتيرة مزعجة في بعض أجزاء نصف الكرة الشمالي مع اقتراب حلول موسم إنفلونزا الشتاء. وقالت ماريا فان كيركوف أحد المسؤولين عن مواجهة كوفيد-19 في منظمة الصحة خلال بث عبر وسائل التواصل الاجتماعي “بدأنا نرى اتجاهات مقلقة في بعض الدول”.
وأضافت “نرى زيادة في عدد من يدخلون المستشفيات ومن هم في وحدات العناية المركزة خاصة في إسبانيا وفرنسا والجبل الأسود وأوكرانيا وبعض الولايات الأمريكية. وهذا أمر مقلق لأن موسم الإنفلونزا لم يحن بعد”. وقالت فان كيركوف إن أعداد المرضى الذين يدخلون المستشفى وأعمارهم تتراوح بين 15 و49 عاما تتزايد في دول عديدة. ونصح مايك رايان أكبر خبير للطوارئ في المنظمة من هم معرضون بشدة للإصابة بكوفيد-19 بالحصول على تطعيم ضد الإنفلونزا.
من جانب اخر قال مسؤول بمنظمة الصحة العالمية إن عدد وفيات فيروس كورونا على مستوى العالم قد يتضاعف إلى مليونين قبل استخدام لقاح ناجح على نطاق واسع وإن العدد قد يصبح أكبر من ذلك إذا لم يكن هناك عمل منسق لكبح الوباء. وقال مايك رايان مدير برنامج الطوارئ بالمنظمة في إفادة”إذا لم نفعل ذلك فإن الرقم الذي تتحدثون عنه (نحو مليوني حالة وفاة) لن يكون متصورا فحسب بل للأسف سيكون مرجحا بقوة“.
وقال رايان إنه لا ينبغي إلقاء اللوم على الشباب في الزيادة الأخيرة في الإصابات رغم المخاوف المتزايدة من أن الشباب يقودون انتشاره بعد تخفيف القيود وعمليات الإغلاق في جميع أنحاء العالم. وأضاف ”آمل حقا ألا نصل إلى تبادل الاتهامات: كل ذلك من أجل الشباب“. وأضاف ”آخر ما يحتاج إليه شاب أن يقوم من تقدمت بهم السن بالوعظ والإشارة بالأصابع“. وتواصل منظمة الصحة العالمية المحادثات مع الصين حول إمكانية اشتراكها في تمويل مخطط (كوفاكس) الهادف لضمان وصول سريع ومتكافئ على النطاق العالمي إلى لقاح للوقاية من كوفيد-19. بحسب رويترز.
وقال بروس أيلويرد أحد كبار المستشارين بمنظمة الصحة العالمية ورئيس برنامج (آكت) للإسراع بدعم اللقاحات وأنواع العلاج وعمليات التشخيص لمكافحة كوفيد-19 ”نجري مناقشات مع الصين حول الدور الذي يمكنهم القيام به بينما نمضي قدما“. وتشمل المحادثات مع بكين أيضا مناقشة إمكانية أن تقدم الصين وهي ثاني أكبر اقتصاد في العالم لقاحات للمخطط.
حالة فوضى
في السياق ذاته قال تقرير عن التأهب العالمي للأوبئة إن إخفاقا جماعيا للزعماء السياسيين في الاستماع للتحذيرات والاستعداد لتفشي وباء مرض معد جعل العالم “في حالة فوضى” بعدما كان “معرضا للخطر”. وجاء في تقرير للجنة مراقبة التأهب العالمي “الاستثمارات المالية والسياسية في التأهب لم تكن كافية وندفع الثمن جميعا”. وأضاف “كانت أمام العالم فرصة لاتخاذ هذه الخطوات. “كانت هناك دعوات عديدة للتحرك… على مدى العقد الماضي لكن لم يسفر إحداها عن التغييرات المطلوبة”.
وكانت اللجنة قد حذرت في تقرير لها عام 2019 صدر قبل شهور قليلة من ظهور فيروس كورونا المستجد في الصين من “وباء سريع الانتشار بسبب مرض تنفسي فتاك” قائلة إن هذا الأمر قد يتسبب في مقتل الملايين وإلحاق الضرر البالغ بالاقتصاد العالمي. وفي تقريرها للعام الحالي الصادر بعنوان “عالم في حالة فوضى”، قالت اللجنة إنه لم يحدث من قبل أن تلقى زعماء العالم تحذيرا بهذا الوضوح من أخطار تفشي وباء مدمر لكنهم تقاعسوا مع ذلك عن اتخاذ التحركات الملائمة. بحسب رويترز.
وأضافت أن جائحة كوفيد-19 كشفت عن “إخفاق جماعي في التعامل بجدية مع الوقاية من الأوبئة والاستعداد والتصدي لها وإعطاء ذلك الأولوية”. وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من دعوة رؤساء الحكومات قبل عام إلى الاستثمار في التأهب للأوبئة وتعزيز الأنظمة الصحية وتعامل خطط المخاطر المالية بجدية مع خطر الأوبئة المدمرة فإن التقدم الذي تحقق في أي من هذه المجالات لا يُذكر. وتابع “عدم الاستفادة من دروس كوفيد-19 أو اتخاذ خطوات بتوفير الموارد اللازمة يعني أن الوباء التالي، القادم لا محالة، سيلحق دمارا أكبر”.
من جانب اخر حذر تقرير نشرته مؤسسة بيل وميليندا جيتس من أن الآثار المترتبة على جائحة فيروس كورونا أرجعت التقدم العالمي في مجال الصحة 25 عاما للوراء وعرّضت الملايين لخطر الأمراض المميتة والفقر. وقال التقرير إن كوفيد-19 تسبب في زيادة نسبة من يعانون الفقر المدقع إلى سبعة بالمئة وانخفاض حملات التطعيمات المنتظمة -وهي مقياس لكيفية عمل النظم الصحية- إلى مستويات لم يشهدها العالم منذ التسعينات.
وقال بيل جيتس، الرئيس المشارك بالمؤسسة وهو مساهم بارز في تبرعات خيرية في مجال الصحة والتنمية بالعالم، في تصريحات لوسائل الإعلام عند إعلان نتائج التقرير “إنها انتكاسة كبرى”. ووجد تقرير المؤسسة الذي يتابع التقدم في أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة للحد من الفقر وتحسين الصحة أن العالم تراجع في الاثني عشر شهرا الماضية في كل المؤشرات تقريبا.
وقال إنه إلى جانب انخفاض معدلات التطعيم المنتظمة التي ذكر أنها “أعادت العالم 25 عاما للوراء في 25 أسبوعا”، يترسخ انعدام المساواة مع تزايد مستويات الفقر والأضرار الاقتصادية نتيجة الجائحة. وخلص التقرير إلى أن تأثير الجائحة كان أفدح على المرأة والأقليات العرقية ومن يعانون الفقر المدقع.
وقال مارك سوزمان، الرئيس التنفيذي لمؤسسة جيتس “بعد انحسار الفقر المدقع على مدى 20 عاما متتالية، نرى الآن انتكاسة… لدينا ما يقرب من 40 مليونا عادوا لدائرة الفقر المدقع، زيادة بأكثر من مليون أسبوعيا منذ تفشي الفيروس”. وأشار التقرير إلى تقديرات لصندوق النقد الدولي بأن الاقتصاد العالمي سيفقد 12 تريليون دولار أو أكثر بنهاية عام 2021 -وهي أكبر خسارة في الناتج المحلي الإجمالي على مستوى العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية- وذلك على الرغم من إنفاق 18 تريليون دولار بالفعل في محاولة لتحفيز الاقتصاد في أنحاء العالم.
دراسات جديدة
على صعيد متصل أظهرت دراسة أولية أجرتها كوريا الجنوبية أن أعراضا جانبية، كالإعياء والعواقب النفسية وفقدان حاستي الشم والتذوق، ظهرت على تسع من بين كل عشرة متعافين من الإصابة بفيروس كورونا. وجاءت نتائج البحث مع تجاوز عدد وفيات كورونا على مستوى العالم حاجز المليون، وهي نقطة مؤلمة في الوباء الذي أضر كثيرا بالاقتصاد العالمي وأثقل كل الأنظمة الصحية وغيّر الطريقة التي يعيش بها الناس.
وقال كوون جون-ووك المسؤول في المراكز الكورية لمكافحة الأمراض والوقاية منها في إفادة مقتضبة إن مسحا إلكترونيا أجري بمشاركة 965 شخصا تعافوا من مرض كوفيد-19 وإن 879 منهم، أي 91 بالمئة، قالوا إنهم أصيبوا بعرض جانبي واحد على الأقل للمرض. وكان الإعياء هو العرض الجانبي الأكثر شيوعا حيث تحدث 26.2 بالمئة من المشاركين عن شعورهم به تليه صعوبة التركيز بنسبة 24.6 بالمئة وفقا لما قاله كوون.
وتشمل العواقب للمرض الأعراض الجانبية النفسية أو العقلية وفقدان حاستي الشم أو التذوق. وقال كيم شين-وو أستاذ طب الباطنة في كلية الطب بجامعة كيونجبوك في دايجو بكوريا الجنوبية وكبير الباحثين في الدراسة إن المسح كان إلكترونيا لكنه سينشره قريبا مرفقا بتحليل مفصل.
كما أظهر بحث جديد أنه بعد مرور 12 أسبوعاً من خروج المرضى المصابين بـ”كوفيد-19″من المستشفى، يعاني نسبة 74% منهم من أعراض منهكة وشديدة. ومرت خمسة أشهر منذ أن أصيبت لوسي غاهان بـ “كوفيد-19″، ولم تعد حياتها بعد إلى طبيعتها. ويسبب المرض ما تسميه غاهان بـ”العواصف”، إذ تشعر بضيق في التنفس، وتخدير في يديها وقدميها، ويرتفع معدل ضربات قلبها عند قيامها بمهام بسيطة. وقالت غاهان إنها خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران كانت بالكاد تستطيع التحدث بسبب مرضها الشديد.
وقبل أن تصاب بالمرض في أوائل أبريل/ نيسان كانت غاهان تمارس رياضة الركض ثلاث مرات في الأسبوع وكان لديها روتين يوغا منتظم، أما اليوم فلا يمكنها تخيل ما قد يحدث لها إذا حاولت أن تمارس الرياضة. وتعد غاهان واحدة من بين آلاف الأشخاص حول العالم الذين تحول مرض “كوفيد-19” لديهم إلى حالة مزمنة. وتشعر غاهان وغيرها من “أصحاب الرحلة الطويلة”، أي الأشخاص الذين تستمر معاناتهم مع أعراض المرض لفترات تتجاوز مدة استمرار المرض في المتوسط، أن حالاتهم لم تؤخذ بعين الاعتبار.
ويمكن أن يصبح حوالي ثلاثة أرباع أولئك الذين تم نقلهم إلى المستشفى بسبب “كوفيد-19” من “أصحاب الرحلة الطويلة”، وفقاً لورقة بحثية لم تنشر بعد. وفحص باحثون من وحدة الجهاز التنفسي الأكاديمية التابعة لصندوق “North Bristol NHS Trust” في المملكة المتحدة 110 مرضى بـ”كوفيد-19″ تطلبت أعراضهم البقاء في المستشفى لمدة خمسة أيام في المتوسط. وبعد 12 أسبوعاً من خروج المرضى من المستشفى، أبلغت نسبة 74% منهم عن أعراض تشمل ضيق التنفس والإرهاق المفرط.
وعلى الرغم من هذه الأعراض، إلا أن 104 من أصل 110 مريضاً في الدراسة، ظهرت نتائج فحوصاتهم، أي فحص الدم، طبيعية، بينما أظهرت نسبة 12% فقط نتائج أشعة سينية على الصدر غير طبيعية، وأظهرت نسبة 10% تقييد لوظائف الرئة من خلال فحوصات قياس التنفس. وأصدرت المجلة الطبية البريطانية إرشادات جديدة لمقدمي الخدمات الصحية في أغسطس/ آب حول كيفية علاج مرضى “كوفيد-19” من “أصحاب الرحلة الطويلة”، وتقدر أن ما يصل إلى نسبة 10% من جميع الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس يمكن أن يصابوا بأعراض مرض طويلة الأمد.
وتتضمن الإرشادات اختبارات دم محددة يجب الخضوع لها، وفي بعض الحالات إحالة المرضى إلى إعادة التأهيل الرئوي، وجعلهم يستخدمون مقياس التأكسج النبضي في المنزل لقياس نسبة تشبع الأكسجين في الدم. وتخالف مثل هذه النتائج سيتاريوهات ترسخت في وقت مبكر من الجائحة، حين اعتقد العديد من خبراء الطب أن المريض المصاب بـ”كوفيد-19” في المتوسط سيمرض لمدة أسبوعين، وبعد ذلك سيتخلص من الفيروس ويصبح بخير.
وتبين أن هذا ليس الحال بالنسبة للجميع. واستشهدت إرشادات المجلة الطبية البريطانية بـ “ضعف أو غياب استجابة الأجسام المضادة، والانتكاس، والالتهابات وغيرها من ردود الفعل المناعية، وعدم التكييف، والعوامل العقلية مثل الإجهاد اللاحق للصدمة باعتبارها تساهم في الأعراض طويلة المدى”. وأقرت المجلة الطبية البريطانية بوقوع حالات مماثلة لدى مرضى السارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية.
وقال الدكتور مييلان كينغ هان، أخصائي أمراض الرئة وأستاذ الطب في جامعة ميشيغان: “بالنسبة للمرضى الذين تابعتهم، يستمر الكثير منهم في الشكوى من السعال، ومشاكل التنفس، والتعب الشديد، بعد فترة طويلة من الإصابة الأولى”. وتتمثل إحدى المشكلات الرئيسية في رعاية كل مريض مصاب بأعراض “كوفيد-19” طويلة المدى في معرفة عدد الأعراض المتعلقة بالقلب والرئتين ومقدار المرض الذي ينتج في الواقع عن شكل أعمق من الأمراض العصبية وفقاً لنواه جرينسبان، المعالج الفيزيائي المقيم في نيويورك ومؤسس مؤسسة “Pulmonary Wellness Foundation”.
وقبل الانخراط في العلاج الطبيعي أو الجهاز التنفسي، يطلب جرينسبان من جميع مرضاه الحصول على فحص كامل من طبيبهم لاستبعاد وجود حالة قلبية أو سكتة دماغية، أو انسداد رئوي قبل بدء العلاج الطبيعي. وأوضح جرينسبان أن أعراض بعض المرضى تكون خفيفة ويمكن أن تبدأ في خطة إعادة تأهيل أكثر تقليدية. أما بالنسبة إلى “أصحاب الرحلة الطويلة”، أي أصحاب الأعراض طويلة المدى، فيفسر جرينسبان بأن لديهم حالة خلل الوظائف المستقلة، وهي حالة تتميز بسوء التواصل بين الجهاز العصبي اللاإرادي وبقية الجسم. بحسب CNN.
وينظم الجهاز العصبي اللاإرادي وظائف الجسم التلقائية، مثل التنفس، والنوم، والهضم. وعندما لا يعمل، يمكن أن تظهر الأعراض بطرق مختلفة، اعتماداً على الشخص. وقال جرينسبان إنه في حين أن ضيق التنفس ومشاكل القلب والأوعية الدموية هي من الأعراض التي يواجهها مرضاه، فإنها ليست عادة السبب الأساسي الأكثر شيوعاً لمعاناتهم. ويُظهر العديد من المرضى أعراضاً عصبية تتوافق مع التهاب الدماغ والنخاع العضلي، وتعرف باسم متلازمة الإرهاق المزمن، وفقاً لمدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية الدكتور أنتوني فاوتشي. ويتطلب هذا التشخيص ما لا يقل عن ستة أشهر من الأعراض، وهو معيار لم يصل إليه بعد “أصحاب الرحلة الطويلة”.
رابط المصدر: