جيفري كمب
في 20 يوليو الجاري، أعلن جورج ويل، الذي ربما يُعد المثقف والمعلّق المحافظ الأكثر احتراماً في الولايات المتحدة اليوم، لأول مرة، أنه يعتزم التصويت للمرشح «الديمقراطي» جو بايدن في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل. وبذلك، يكون جورج ويل قد حذا حذو قائمة طويلة من الشخصيات «الجمهورية» الشهيرة التي انقلبت على ترامب، وباتت، في العديد من الحالات، تعمل مع زملاء آخرين من أجل التنديد به علانيةً وجمع التبرعات من أجل سيل من الإعلانات التلفزيونية القوية في انتقادها للرئيس.
المجموعة الأكثر شهرة ونشاطاً تسمي نفسها «مشروع لينكولن»، وتتألف قيادتها من نشطاء «جمهوريين» سابقين دعموا مرشحين محافظين سابقين، وتشمل ستيف شميت (مدير حملة جون ماكين السابق)، وجون ويفر (المستشار الاستراتيجي السابق لجورج بوش الأب)، وريك ويلسون (المستشار الإعلامي الجمهوري)، وجورج كونوي (زوج واحدة من كبار مساعدي ترامب)، وكيلي آن كونوي. هؤلاء كانوا جميعهم أعضاء في مجموعة نددت بترشح ترامب قبل أن يصبح رئيساً. لكنها تشمل كذلك عدداً من الشخصيات الجمهورية المرموقة التي إما سبق لها أن عملت مع ترامب خلال ولايته الأولى أو أصبحت مستاءةً منه على مدى السنوات الأربع الأخيرة. ومن بين أفراد هذه المجموعة السيناتور ميت رومني (عن ولاية يوتا) والذي كان «الجمهوري» الوحيد الذي صوّت لصالح عزل ترامب في المحاكمة التي أقامها مجلس الشيوخ في وقت سابق من هذا العام، وجون كسيش حاكم ولاية أوهايو السابق، وعضو الكونجرس السابق، والمتنافس على الترشح لانتخابات 2016 الرئاسية، وأنثوني سكاراموتشي الذي كان مديراً للاتصالات في إدارة ترامب لفترة قصيرة في يوليو 2017.
والسؤال هو ما إن كان هؤلاء المعارضون لترامب سيؤثّرون على الأصوات في انتخابات نوفمبر المقبل الرئاسية؟ أغلب الظن أنه سيكون لهم تأثير قليل على الشباب السود واللاتينيين وإقناعهم بالذهاب إلى مكاتب الاقتراع، غير أنه يمكن أن يكون لهم تأثير حاسم على فئتين ديموغرافيتين ساعدتا ترامب في انتخابات 2016، ألا وهما نساء الضواحي البيض اللاتي لم يكنَّ معجبات بهيلاري كلينتون، والمواطنون المسنّون الذين صوّتوا لصالح ترامب ولكنهم باتوا الآن معرضين للإصابة بفيروس كوفيد-19 بشدة خاصة في ظل حملة الحزب الجمهوري الشعواء ضد برنامج «الضمان الاجتماعي» وتصميمه على إنهاء «قانون الرعاية الرخيصة» («أوباماكير») بدون توفير أي بديل مقبول. وفي حال مالَ هؤلاء الناخبون إلى بايدن وحفّز «الديمقراطيون» شباب أميركا على التصويت، فإن تضافر هذه العوامل يمكن أن يطرح بالنسبة لترامب مشاكل يصعب التغلب عليها.
وتنقسم استراتيجية ترامب للتغلب على هذه الاحتمالات إلى قسمين. الأول هو الأمل في أن يصبح عدد حالات الإصابة بالفيروس تحت السيطرة بحلول نوفمبر المقبل وأن يشرع الاقتصاد الأميركي في إبداء مؤشرات على التعافي. وهذه الاستراتيجية لا شك أنها ستتلقى دعماً قوياً جداً في حال تم اختبار لقاح جديد فعّال ضد الفيروس ودخل مرحلة الإنتاج الكامل. والثاني هو استغلال مخاوف أميركا والطبقة المتوسطة فيها من أن الراديكاليين أخذوا يستولون على زعامة الحزب الديمقراطي، وأن القانون والنظام أخذا ينهاران في أكبر مدن أميركا، في ظل نشاط حركة «أرواح السود مهمة».
بيد أن التحدي هو أنه ليس هناك أي دليل على أن الفيروس سيكون تحت السيطرة في غياب التدابير التقييدية نفسها التي يعارضها ترامب ويحاربها. وفضلا عن ذلك، يحذّر الخبراء الاقتصاديون من أن التعافي من تأثير الركود الاقتصادي على المدى الطويل سيستغرق سنوات، وليس شهوراً، ومن أن الكثير من الوظائف التي فُقدت خلال فترة الوباء لن تعود. أما في ما يتعلق بحملة «القانون والنظام»، فإن الخطر بالنسبة لترامب هو أنه يحوّلها إلى هجوم على المهاجرين غير القانونيين واليساريين وبشكل غير مباشر مجتمع السود نفسه. مثل هذه الحملة قد تحفّز قاعدة ترامب الانتخابية الشهيرة المؤلفة بشكل أساسي من عمال المصانع البيض. لكنها ستضمن، بالمقابل، نسبة مشاركة مرتفعة في الانتخابات للناخبين السود واللاتينيين في ولايات مهمة وحاسمة مثل ميشيغن وفلوريدا، بل وحتى تكساس.
وعليه، يظل أفضل أمل بالنسبة لترامب هو أن تنهار حملة بايدن من الداخل، ويستطيع ترامب نفسه الظهور بمظهر الرجل الذي يستطيع إعادة البلد إلى السكة بعد الوباء المروّع، والذي يستطيع الاستمرار في تحميل الصين مسؤولية ظهور الفيروس وإخفائه في البداية. غير أنه في هذه المرحلة من الدورة الانتخابية، تبدو هذه النتيجة غير مرجحة، إن لم تكن مستحيلة.
رابط المصدر: