مُنذ اندلاع عملية “طوفان الأقصى” لعبت الخطابات الإعلامية للجناحين العسكري والسياسي لحركة حماس، سواء التي جاءت على لسان قادة ومسئولي المكتب السياسي أو المتحدث العسكري باسم كتائب عز الدين القسام “أبو عبيدة” دورًا في رسم ملامح المعركة وأهدافها وتطوراتها، انطلاقًا من إدراكها لأهمية الخطاب الإعلامي في تشكيل الوعي العام بحيث يُمثل عنصرًا مساندًا للآلة العسكرية، لذلك بدا وكأن حماس لديها استراتيجية إعلامية مُحددة منذ اندلاع العملية، ظهرت ملامحها في حرص القادة العسكريين والسياسيين للحركة على الظهور المستدام منذ 7 أكتوبر إلى الحد الذي جعل من بعضهم –بالأخص أبو عبيدة– رمزًا للعملية العسكرية، حيثُ تحظى خطاباته بتفاعل واسع من الرأي العام العربي.
وقد وضعت حركة حماس خطة إعلامية هدفت من خلالها إلى توظيف السلاح الإعلامي في شن حرب نفسية ضد إسرائيل كعامل مُساعد يمكنه زيادة أوراقها المُربحة في الحرب الدائرة، لا سيما أن الجانب الإسرائيلي لم يتوان عن استخدام السلاح ذاته للتغطية على ما أحدثته صدمة يوم 7 أكتوبر من ناحية، وحشد التأييد الشعبي والرسمي الغربي خلفه من ناحية أخرى.
وعليه، يهدف هذا التقرير إلى تحليل مضمون خطاب حركة حماس خلال التصعيد الأخير في غزة، من خلال تفنيد العناصر الأساسية التي وردت في هذا الخطاب بأبعاده السياسية، والميدانية، والإنسانية، واستعراض ما يمكن استنباطه من مُلاحظات حولها يُمكن أن ترسم خطوطًا عريضة لما تفكر فيه الحركة، وما يمكن أن تتخذه من تحركات في الحرب الدائرة على الصعيدين السياسي والعسكري.
أولًا: البعد العملياتي
حرصت خطابات حماس منذ اليوم الأول للحرب على إبراز ما تمتلكه الحركة من قدرات وإمكانات بغرض إظهار قدرتها على ضبط إيقاع المعركة حتى الآن، وتحقيق المُباغتة والمفاجأة الاستراتيجية لإسرائيل؛ إذ لوحظ ظهور “أبو عبيدة” الناطق باسم كتائب عز الدين القسام (الذراع العسكرية لحماس) بشكل شبه يومي منذ 7 أكتوبر، للإعلان عن الحيثيات اليومية لعملية “طوفان الأقصى”، ويُحاول “أبو عبيدة” في خطاباته التركيز بنسبة كبيرة على المفاجآت الاستراتيجية التي تُحدثها الفصائل الفلسطينية على عدة مستويات:
- أولها: استراتيجي متعلق بنجاح حماس في التخطيط لإطلاق العملية بعيدًا عن أعين الاستخبارات الإسرائيلية، التي فشلت في قراءة نوايا الحركة رغم أن التجهيز للمعركة ارتبط به آلاف العناصر، وهو ما كرر “أبو عبيدة” وصفه بالفشل المُدوي وغير المسبوق للمؤسسة السياسية والعسكرية الإسرائيلية.
- وثانيها: تكتيكي فيما يخص استعراض استخدام كتائب القسام لأسلحة نوعية جديدة، منها: الطائرات الشراعية التي حملت مقاتليها إلى مسافة تُقدر بحوالي 25 كيلو مترًا داخل البلدات الإسرائيلية، والطائرات المسيرة القاذفة والانتحارية، ومنظومة دفاع جوية محلية الصنع “مُتبر 1″، وصواريخ جديدة بعيدة المدى وقنابل حارقة، فضلًا عن استخدام “طوربيد العاصف” محلي الصنع ضد الأهداف البحرية الإسرائيلية، وإدخال “عبوات” تُستخدم من المسافة صفر ضد الدبابات.
- وثالثها: عملياتي بمعنى توظيف الإمكانيات البشرية والتسليحية المحدودة – مقارنة بالجانب الإسرائيلي– لتحقيق اختراقات داخل العمق الإسرائيلي وإصابة أهداف “عالية القيمة” تُعزز من ميزان انتصاراتها الميدانية، حيثُ أشارت خطابات “أبو عبيدة” إلى النهج العملياتي الذي تبنته الفصائل الفلسطينية في تعاطيها، مع توسيع القوات الإسرائيلية نطاق عملياتها العسكرية في قطاع غزة برًا وبحرًا وجوًا؛ إذ كثفت الفصائل عمليات الاشتباك المُباشر مع الجنود الإسرائيليين واستهداف العمق الإسرائيلي على أكثر من جبهة مع محاولات لنقل المعركة لمستوطنات غلاف غزة، لإرباك وتشتيت القوات الإسرائيلية وردع محاولاتها لتوسيع التوغل.
كما ركزت خطابات حماس على إبراز الخسائر المادية والبشرية التي تلحقها الفصائل الفلسطينية بالقوات الإسرائيلية، لا سيما منذ بدء الأخيرة عمليات التوغل البري في قطاع غزة في 27 أكتوبر 2023. لكن في الجهة المُقابلة تتفاوت ما تعلنه الحركة حول حجم هذه الخسائر مع ما يُعلنه الجانب الإسرائيلي، وهو ما يحمل أحد تفسيرين، الأول: ربما ترغب إسرائيل في التعتيم على الرقم الحقيقي لما تتكبده من خسائر تجنبًا لزعزعة الروح المعنوية لجنودها، واستثارة الداخل الإسرائيلي ضد حكومة “نتنياهو”. والثاني: ربما تتعمد المقاومة المبالغة في حجم الخسائر الإسرائيلية في إطار جهودها الدعائية واستراتيجيتها الإعلامية الرامية إلى شن حرب نفسية ضد إسرائيل.
واستنادًا إلى ما سبق، يُمكن القول إن الخطة الإعلامية لحركة حماس نجحت -حتى الآن- في استعراض ما تحققه الحركة من مكاسب ميدانية، ووضعت علامات استفهام كثيرة أمام حجم الخسائر التي تُعلن عنها إسرائيل، لا سيما منذُ شروعها في تنفيذ العملية البرية المحدودة في قطاع غزة في 27 أكتوبر الماضي، ولعل هذا ما دفعها إلى البدء خلال الأيام القليلة الماضية في الإعلان عن خسائرها بشكل تدريجي، في خطوة بدت أنها محاولة لتهيئة الرأي العام الإسرائيلي لتقبل أرقام كبيرة في أعداد القتلى بصفوف مقاتلي جيش الاحتلال. وبعبارة أخرى، يبدو أن حرص حماس على إبراز ما تحققه من خسائر في صفوف القوات الإسرائيلية، وضع سرديات إسرائيل في موضع شك حول حقيقتها حتى من الداخل الإسرائيلي نفسه، وهو ما دفعها إلى دائرة المضطر إلى البدء في الإقرار بما تتكبده من خسائر.
ثانيًا: البعد السياسي
انطوت خطابات حركة حماس في مضمونها على جملة من الأبعاد السياسية، يُمكن استعراض أبرزها فيما يلي:
- التنديد بالانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين: تبنّت حركة حماس منذ 7 أكتوبر وحتى الآن خطابًا مُؤكدًا على أن عملية “طوفان الأقصى” اندلعت “كرد فعل” على الانتهاكات والمُمارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، والحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وما اتصل به من تفاقم للأزمات الإنسانية، فضلًا عما ترتكبه إسرائيل من اقتحامات مُتكررة للمسجد الأقصى، وكذا توسعها في سياساتها الاستيطانية وما يُصاحبها من ارتفاع وتيرة الانتهاكات والاستفزازات التي يرتكبها المستوطنون بحق السكان الفلسطينيين.
- حشد الرأي العام العربي: جاءت خطابات الحركة على لسان مسئوليها “تعبوية بامتياز”، حيثُ حرصت على مُخاطبة الوجدان العربي والإسلامي الذي تحتل القضية الفلسطينية مكانة رمزية ومركزية في تشكيل وعيه، ومن ثم استثارة مشاعره وحشده للتضامن مع الفلسطينيين الذين يتعرضون لكافة صنوف العنف والعقاب الجماعي غير الشرعي أو القانوني، والضغط باتجاه إدخال المساعدات الإنسانية. وفي هذا الصدد، ركزت الحركة على إطلاق دعوات للنفير العام، والمواجهة والاشتباك مع قوات الاحتلال في كل المواقع، وطرد السفراء الإسرائيليين من الدول العربية والإسلامية ووقف كافة أشكال التطبيع، وهو ما لاقى استجابة واسعة عكستها المظاهرات الواسعة التي انطلقت في الضفة الغربية والعديد من الدول العربية، وحتى الأوروبية، وتفعيل المُقاطعة الشعبية في بعض الدول ومنها مصر لمنتجات وبضائع كافة الدول والشركات والمؤسسات، الداعمة للاحتلال ولعدوانه على الأطفال والنساء في قطاع غزة، فضلًا عن إعلان بعض الدول ومنها: الأردن، وتشيلي، وكولومبيا، وبوليفيا، سحب سفرائهم من إسرائيل.
- التأكيد على محورية الدور المصري في القضية الفلسطينية: جاءت الإشارات إلى مصر ودورها في التصعيد الراهن “إيجابية” ومُشيدة بالموقف المصري من مسألة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، مع مُطالبات بضرورة فتح معبر رفح وتمكين الجرحى من السفر لتلقي العلاج.
- تنحية الخلافات مع السلطة الفلسطينية: على الرغم من ظهور بعض ملامح اللوم في خطابات حماس بشأن موقف السلطة الفلسطينية مما يجري في غزة؛ إلا أنه لوحظ عدم إثارة خطابات الحركة لمسألة الخلافات مع السلطة الفلسطينية بشكل لافت، إذ حرصت على تأطير عملية “طوفان الأقصى” ضمن الطابع الوطني والنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، والابتعاد عن تسيسها وإخراجها تمامًا من دائرة كونها جزءًا من الانقسام السياسي، لا سيمَّا أن بعض التحليلات تُرجع العملية في أحد أبعادها إلى مخاوف الحركة بشأن موقعها في مستقبل المعادلة السياسية الفلسطينية، ويمكن الاستدلال على ذلك من تصريحات نائب رئيس المكتب السياسي لحماس “صالح العاروري” الذي وصف “طوفان الأقصى” بأنها “معركة مفتوحة لها هدف واحد هو حرية الشعب الفلسطيني وتحرير مقدساته، وأنها لا تتعلق بغزة وحدها وإنما بالقدس وفلسطين والأمة كلها”.
- مُخاطبة الرأي العام الغربي: كان لافتًا حدوث تحول نوعي في بُوصلة اتجاهات خطابات حركة حماس، ففي حين كانت تركز في السابق على توجيه هذه الخطابات في المقام الأول إلى الشعوب العربية والإسلامية، بدأت الحركة خلال التصعيد الأخير تصب اهتمامها على مخاطبة الرأي العام الغربي أيضًا؛ وهو ما يعكس إدراكها بأهمية الضغط الذي يُمكن أن تمارسه الشعوب الغربية في التأثير على قرارات حكوماتهم التي هرولت منذ 7 أكتوبر إلى تقديم الدعم لإسرائيل. وعليه؛ تناولت خطابات حماس دعوة وسائل الإعلام الغربية إلى تحري الدقة والتحقق في المعلومات والمواد المغلوطة والمُزيفة التي تصل إليها من حكومة الاحتلال، كما حرصت الحركة على عقد بعض المُؤتمرات الصحفية باللغة الإنجليزية، ونشر أسماء مُتحدثين باسمها يتحدثون باللغة الإنجليزية، وكذا قامت بترجمة بياناتها الصحفية لعدة لغات كالإنجليزية والفرنسية للرد على المزاعم الإسرائيلية المُزيفة حول عملية “طوفان الأقصى”. وقد أسهمت تلك الإجراءات في كسر حدة الموجة الغربية الداعمة لإسرائيل بشكل مُطلق، ويُستدل على ذلك من خروج بعض التظاهرات في مدن أمريكية وعواصم غربية تضامنًا مع غزّة ورفضًا لعدوان الاحتلال.
- توظيف ورقة الأسرى: احتلت مسألة الأسرى والمُحتجزين مكانة مركزية في خطابات حركة حماس خلال التصعيد الأخير؛ إذ لا يكاد تخلوا أي من هذه الخطابات من الحديث عن وضع الأسرى الإسرائيليين المُحتجزين لدى حماس. وقد لوحظ أن الحركة تُطور موقفها من ملف الرهائن لخدمة التطورات الميدانية والضغط على الحكومة الإسرائيلية بتأليب الرأي العام المشتعل بالفعل ضدها وتوظيف الموقف الغربي المطالب بخروج مواطنيه، وتحقيق إنجاز سياسي يُنسب إليها بإنهاء ملف الأسرى الفلسطينيين؛ حيث تدحرجت في شروطها من رفض التفاوض بشأنهم لحين انتهاء العملية العسكرية، إلى القبول بمساعي تبادل الأسرى وفق صيغة “الكل مقابل الكل”، بمعنى “تبييض” السجون الإسرائيلية من المعتقلين الفلسطينيين، وصولًا إلى ما يبدو أن الموقف أكثر مرونة يتم بمقتضاه تحرير بعض الرهائن لا سيما من ذوي الجنسيات الأجنبية، مع الاحتفاظ بالعسكريين للتفاوض عليهم بشأن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
كما وظّفت حركة حماس “ورقة الأسرى” في خطاباتها لشن حرب نفسية ضد إسرائيل، وهو ما تبدي في تباهيها بنجاح عناصرها في إيقاع عدد كبير من الإسرائيليين في الأسر وقدرت أعدادهم بنحو (250 شخصًا) أو أكثر بقليل بحسب ما أعلن الناطق باسم القسام “أبو عبيدة”، كما قامت الحركة ببث مقاطع فيديو لبعض الرهائن تُظهر فيها تلقيهم معاملة إنسانية من قبل عناصر حماس، واتهامهم لحكومة “نتنياهو” بالفشل السياسي والعسكري في الحفاظ على حياتهم، بغرض تأجيج الغضب في الداخل الإسرائيلي، ودحض وتفنيد السرديات الإسرائيلية والغربية التي حاولت وصم الفصائل الفلسطينية بالإرهاب. كما حاول “أبو عبيدة” الإلقاء بكرة هذا الملف في ملعب الحكومة الإسرائيلية عبر مجموعة من الرسائل التي تتعمد إظهارها في خطابه، ومنها على سبيل المثال: تأكيده أكثر من مرة على أن هؤلاء الأسرى مُعرضون للخطر نفسه الذي يتعرض له أهالي قطاع غزة، وأن عددًا منهم قتل بالفعل جرّاء القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع، وكذا إشارته إلى أن إسرائيل هي التي تُماطل في ملف الأسرى رغم أن الاتصالات التي جرت بشأنهم كانت تحمل فُرصة للوصول إلى صيغة اتفاق، فضلًا عن إعلانه عن رغبة حماس في إطلاق سراح مُحتجزتين أمريكيتين بدون مُقابل لأسباب إنسانية قاهرة، إلا أن الحكومة الإسرائيلية رفضت استلامهما، وهو ما كانت له أصداء واسعة في الداخل الإسرائيلي؛ حيثُ ازدادت الاتهامات –لا سيما تلك الموجهة من أسر الأسرى– للحكومة الإسرائيلية بالتعنت والفشل في هذا الملف.
ويتبين من العرض السابق، أن الأبعاد السياسية لخطابات حركة حماس نجحت في تحقيق جزء كبير من أهدافها، على صعيد حشد التأييد العربي لدعم القضية الفلسطينية والتنديد بما يحدث بحق الفلسطينيين، وهذا التأثير امتد أيضًا –بقدر ما- إلى الرأي العام الغربي والأوروبي بعدما وضعته الحركة ضمن بنك أهدافها. كما نجحت استراتيجية حماس الإعلامية بخصوص ملف الأسرى في إضفاء المزيد من الضغوط على الداخل الإسرائيلي وحكومة “نتنياهو” يومًا بعد يوم إلى الحد الذي يتبين فيما يتعرض له الأخير من اتهامات قاسية من أسر الأسرى، وبدا لافتًا هذا التحول من قبل الرأي العام الإسرائيلي عند الحديث في ملف الأسرى؛ فبعد أن كانت أسرهم ترفع شعاراتها المنددة بحركة حماس في بدء الحرب، بدأت الآن تضع “فشل نتنياهو” على رأس هذه الشعارات في المظاهرات التي تشهدها تل أبيب على خلفية التصعيد الراهن، وحتى في وسائل الإعلام الإسرائيلية بات التركيز بشكل كبير على فشل “نتنياهو” في ملف الأسرى على وجه التحديد.
ثالثًا: البعد الإنساني
على الصعيد الإنساني، حرصت حركة حماس على إبراز الصورة الإنسانية المُعتمة في قطاع غزة، من خلال استعراض عدد الشهداء والجرحى جرّاء القصف الإسرائيلي المستمر على القطاع، والتنديد بما تقوم به إسرائيل من انتهاكات بحق الفلسطينيين، والإشارة إلى الازدواجية الغربية في التعامل مع الممارسات الإسرائيلية الاستفزازية بحق الشعب الفلسطيني، مع المُطالبة بضرورة إدخال المُساعدات الإنسانية إلى القطاع والتوقف عن استهداف المدنيين.
ورغم أن خطابات حماس نجحت في تحقيق بعض أهدافها المُتعلقة بجذب الرأي العام العالمي تجاه ما تقوم به إسرائيل من مجازر تجاه الفلسطينيين، إلا أنها لم تخلوا من بعض الجوانب السلبية ومنها على سبيل المثال: إعلان كتائب القسام أن الاستهداف الإسرائيلي للمدنيين الفلسطينيين دون سابق إنذار، سيتم مُقابلته بإعدام أحد المدنيين المُحتجزين لديها، وستقوم ببث ذلك بالصوت والصورة، حيثُ كان هذا التحذير أحد الخطابات التي استغلتها إسرائيل في محاولاتها لشيطنة “الفصائل الفلسطينية” أمام الرأي العام العالمي، ورغم أن الحركة يبدو أنها تداركت هذا الخطأ على الفور وبدأت تلفت الأنظار في خطاباتها إلى أخلاقياتها في التعامل الإنساني مع الأسرى المدنيين، وتبث فيديوهات حول المعاملة الطيبة التي يتلقاها هؤلاء وأطفالهم من عناصر القسام، إلا أنه لا يمكن نفي أن هذا التحذير الذي جاء على لسان “أبو عبيدة” مضافًا إليه ما بثته الحركة من فيديوهات حول تسلل عناصرها للمستوطنات وإيقاعهم للعديد من الأسرى يوم 7 أكتوبر، ظلت عالقة بأذهان الكثيرين، ولا تزال ذريعة حتى الآن تستخدمها إسرائيل في سردياتها التي تبرهن بها ما تفعله في غزة، وتستخدمها أيضًا الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية في تبرير دعمها الأعمى لما تصفه بـ”حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”.
ختامًا، تمكنت حركة حماس خلال ما يقرب من الشهر على اندلاع الحرب الأخيرة في غزة من توظيف أدواتها في وضع خطة إعلامية نشطة ومرنة، هدفت من خلالها إلى توظيف ما حققته من انتصارات ميدانية في عملية “طوفان الأقصى”، وما تمتلكه من أوراق ضاغطة -وفي مقدمتها ملف الأسرى- في شن حرب نفسية ضد إسرائيل، ودحض سردياتها المُزيفة التي تحاول تسويقها إلى الرأي العام العالمي.
المصدر : https://ecss.com.eg/38212/