عبد الامير رويح
ماتزال دول العالم العربي تعاني من استبداد وقمع الحكومات العربية، التي تواصل تشديد اجراءاتها القمعية وتبني قوانين وتشريعات جديدة من اجل تقيد الحريات العامة وتضييق الخناق على وسائل الاعلام والمؤسسات والمنظمات الحقوقية، حيث اكدت العديد من التقارير ان ملف الحقوق والحريات قد شهد في الفترة الاخيرة انتكاسات خطيرة، خصوصا وان بعض الحكومات قد استفادت كثيراً من تفشي جائحة كورونا المستجد، وسعت الى اصدار قرارات جديدة لزيادة القيود على حرية الصحافة وملاحقة الصحفيين.
ويرى بعض المراقبين ان سبب ازدياد الانتهاكات، كان بسبب تخلي بعض الدول العظمى عن دورها الخاص في متابعة ملفات حقوق الانسان كذلك التخلي عن دعم ومساندة المؤسسات والمنظمات الحقوقية. خصوصا وان بعض تلك الدول قد اصبحت تتعامل بازدواجية وتستخدم مكاييل مختلفة في التعامل مع قضايا حرية الإعلام والصحافة وحقوق الإنسان. وقال المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدولية كينث روث وكما نقلت بعض المصادر، إن عهد الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، كان “كارثيا بالنسبة لحقوق الإنسان”.
ولفت روث، في مؤتمر صحفي عقده في جنيف، عرض خلاله التقرير السنوي للمنظمة، إلى أن ترامب كان خلال السنوات الأربع الماضية “غير مبال، بل ومعاد لحقوق الانسان”. وفي حين اعتبرت المنظمة أن “قيام ترامب بانتهاك حقوق الإنسان داخل بلده وتشجيع مثل هذا الأمر في الخارج قد أثر سلبا على مصداقية الولايات المتحدة في العالم”، طالبت الإدارة الأمريكية الجديدة بالعمل بكل الوسائل الممكنة لوضع مبدأ احترام حقوق الإنسان في قلب سياسة الولايات المتحدة.
ارتفاع قياسي
وفي هذا الشأن قالت لجنة حماية الصحفيين إن عدد الصحفيين السجناء على مستوى العالم ارتفع إلى رقم قياسي خلال عام 2020 مع سعي حكومات إلى التضييق على التغطية الإعلامية لجائحة فيروس كورونا والاضطرابات الأهلية. وأفادت منظمة “مراسلون بلا حدود” عن مقتل 32 صحافيا ومتعاونا مع وسائل إعلامية منذ مطلع العام، في تراجع مقارنة بالعام الماضي بسبب كورونا، لكنه لا يزال مقلقاً، وفق المنظمة، التي تطالب بخلق منصب ممثل أممي خاص بسلامة الصحافيين.
وجاء في تقرير للجنة، التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، أن هناك ما لا يقل عن 274 صحفيا وراء القضبان وذلك حتى أول ديسمبر/ كانون الأول، وهذا هو أكبر رقم تسجله اللجنة منذ بدأت جمع البيانات في أوائل التسعينيات. وبلغ عدد الصحفيين المسجونين في العالم العام الماضي 250 صحفيا على الأقل. وأضاف التقرير أن الاحتجاجات والتوترات السياسية كانت السبب في الكثير من اعتقالات الصحفيين التي سُجل معظمها في الصين وتركيا ومصر والسعودية.
وقال جويل سايمون المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين في نيويورك، في بيان “من الصادم والمروع أن نرى عددا قياسيا من الصحفيين السجناء في وسط جائحة عالمية”. وألقى التقرير باللائمة على عدم وجود قيادة عالمية فيما يتعلق بالقيم الديمقراطية وعلى وجه الخصوص الهجمات التي شنّها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على وسائل الإعلام، والتي قال التقرير إنها وفرت “غطاء للحكام المستبدين في العالم لممارسة القمع ضد الصحفيين في بلدانهم”.
وأوضح التقرير أن 34 صحفيا في العالم دخلوا السجن في 2020 بتهمة نشر “أخبار كاذبة” مقارنة مع 31 صحفيا العام الماضي. وقال “يعتبر الرقم القياسي للصحفيين السجناء في العالم تركة لرئاسة الرئيس ترامب في مجال حرية الصحافة”. ومن بين الدول التي ارتفع فيها كثيرا عدد الصحفيين السجناء روسيا البيضاء حيث خرجت احتجاجات حاشدة بعد انتخاب الرئيس الذي يتولى السلطة منذ زمن لفترة جديدة، وكذلك إثيوبيا التي أدى الاضطراب السياسي فيها إلى نزاع مسلح.
وكشف التقرير أن ثلثي الصحفيين السجناء وُجهت لهم اتهامات بارتكاب جرائم مناهضة للدولة مثل الإرهاب أو الانتماء لجماعات محظورة بينما لم يُكشف عن أي اتهامات في نحو 20 في المئة من الحالات. يذكر أنه صدر تقرير مماثل عن منظمة “مراسلون بلا حدود” أفاد أن 387 صحفيا وإعلاميا قابعين إلى غاية نهاية هذا العام في السجون، بينما هناك 54 صحفي من عداد المفقودين، غالبيتهم في مصر وسوريا والمملكة العربية السعودية والصين وفيتنام.
تونساحتج صحفيون ونشطاء تونسيون على مشروع تعديل مثير للجدل لقانون الاعلام السمعي البصري يهدف لإلغاء تراخيص إنشاء المحطات الاذاعية والتلفزيونية قائلين إن هذه التعديلات تهدد الصحافة والديمقراطية الناشئة. ويؤيد مقترح التعديل الذي قدمه ائتلاف الكرامة كل من حزب النهضة الاسلامي وقطب الإعلام نبيل القروي، الذي لعبت محطة نسمة التلفزيونية غير المرخصة التابعة له دورًا كبيرًا في حملته الانتخابية للرئاسة العام الماضي.
ولكن المحتجين قالوا إن تخفيف قواعد الترخيص للقنوات الإعلامية يهدد بإعطاء قوى خارجية سلطة التدخل في الديمقراطية الفتية في تونس. وقال مهدي الجلاصي نقيب الصحافيين “هذا التعديل المقترح يمثل تهديدا حقيقيا للديمقراطية وقطاع الصحافة”. وأضاف “إلغاء التراخيص سيفتح الباب للمال الفاسد والسياسيين وربما المتطرفين للسيطرة على القطاع”. وذكر الجلاصي أن لا أحد من الصحفيين يعارض الحرية والتعددية ولكن القطاع يحتاج للتنظيم بدل الفوضى الذي يدعو له مقترحو التعديل.
من جهته اعتبر محمد السعيدي الكاتب العامة للنقابة العامة للإعلام التابعة لاتحاد الشغل ذو النفوذ القوي ان أصحاب مشروع التعديل يهدفون ايضا للسيطرة على هيئة تعديل الاعلام السمعي البصري عبر تغيير قواعد انتخاب اعضائها مضيفا ان ذلك سيفقد الهيئة استقلاليتها ويجعلها في قبضة الائتلاف المؤيد للحكومة.
وينص مشروع التعديل على أن يتم انتخاب اعضاء هيئة الاعلام السمعي البصري بأغلبية مطلقة بدل الانتخاب بثلثي اعضاء البرلمان مثلما هو الحال الان مما سيجعلها تخضع لنفوذ الائتلاف البرلماني الاقوى. ويقول مؤيدو مشروع القانون، إنه سيسمح للقطاع بالنمو ويساعد في إنشاء المزيد من القنوات الإخبارية وخلق المزيد من فرص العمل. وقال سيف الدين مخلوف رئيس كتلة ائتلاف الكرامة المؤيد للحكومة إنه من الجيد أن يكون للتونسيين عدد أكبر من القنوات التلفزيونية للاختيار من بينها إلى جانب القنوات التسعة المتاحة الآن وان ذلك سيوفر فرص عمل اكبر للصحفيين. ولا يرى مخلوف أي خطأ في امتلاك الأجانب لوسائل الإعلام قائلا ان ذلك تشجيع للاستثمارات الاجنبية. بحسب رويترز.
وقال رئيس الوزراء هشام المشيشي إنه يؤيد أي مباردة تدعم تحرير الاعلام بشكل أكبر في إشارة لتأييده لمبادرة التعديل بينما يتوقع على نطاق واسع أن يرفض الرئيس قيس سعيد هذا التعديل. ويشير ذلك ربما الى خلاف متوقع بين الرئيس من جهة والحكومة والبرلمان من جهة ثانية.
الجزائر
في السياق ذاته أصدرت الحكومة الجزائرية قانونا جديدا لزيادة الرقابة على المواقع الإخبارية، ما يهدد حريتها وحتى وجودها بالنظر للتضييق الذي تعاني منه. وقال حمدي بعلى الصحافي في موقع “توالى” الذي تعرض للحجب في 2 كانون الأول/ديسمبر إن المواقع الإخبارية الإلكترونية تمثل “فضاء حرّا وهي تفلت من سيطرة السلطات فنيا واقتصاديا. وبهذا القانون يريدون وضع اليد عليها”.
وصدر “المرسوم التنفيذي المحدد لممارسة نشاط الاعلام عبر الأنترنت ونشر الرد أوالتصحيح عبر المواقع الالكترونية” في الثامن من كانون الاول/ديسمبر في الجريدة الرسمية بهدف مكافحة “إساءة استخدام هذا النوع من الإعلام الحديث” الذي ينشر “إشاعات وأخباراً كاذبة ومقاطع فيديو مزورة”، بحسب وزير الاتصال عمار بلحيمر. وانتقد أهل المهنة هذا النص الذي قدمه الوزير والصحافي السابق كدرع ضد الهجمات التي تستهدف الجزائر وجيشها على شبكة الإنترنت.
واعتبر الصحافي سعيد جعفر في افتتاحية على موقع “24HDZ” أن القانون يمثل “حظرا سخيفا للصحافة الإلكترونية المستقلة. هذه إشارة سيئة أخرى”. وما زال أمام المواقع الإلكترونية الإخبارية 12 شهرًا للامتثال لهذه الأحكام الجديدة – بما في ذلك الحصول على شهادة تسجيل للاستمرار في العمل – أو يتم حظر نشاطها. لكن نظام الترخيص هذا “يتعارض مع أحكام الدستور التي تمنع أي رقابة مسبقة” على وسائل الإعلام، كما نبّه أيمن زغدودي، المستشار القانوني للمنظمة غير الحكومية “المادة 19” المدافعة عن حرية التعبير. وأوضح أن “المرسوم التنفيذي يتضمن التزامات تهدف الى تعزيز قبضة السلطة السياسية على حرية التعبير على الانترنت”.
كما أثار الجدل بند إلزام المواقع الإخبارية على “التوطين حصريا، في الجزائر بامتداد اسم النطاق dz”. وذكر زغدودي أن معظم المواقع مستضافة حاليًا في الخارج، لأسباب فنية تتعلق بإمكانية الولوج إليها بشكل أساسي، والالتزام بنقلها إلى الجزائر “قد يؤدي إلى انتهاك بعض المبادئ مثل سرية المصادر”. وأشار إلى أن هذا الإجراء “أداة للتدخل في المحتوى المنشور على المواقع الإلكترونية من خلال فرض رقابة على كل ما ينتقد السلطات”.
أما بالنسبة للسلطتين التنظيميتين الموعودتين في المرسوم – إحداهما مسؤولة عن الصحافة الإلكترونية والأخرى عن الخدمات السمعية والبصرية عبر الإنترنت – فهما غير موجودتين بعد. وبالإضافة إلى ذلك، فإن على كل مدير موقع إخباري إخطار السلطات بأي “محتوى غير قانوني” ينشر على منصته، وفقًا للمرسوم التنفيذي. ما جعل المستشار القانوني لمنظمة “المادة 19” يعبر عن تخوفه من أن “يجعل هذا الالتزام الصحافيين معاونين للشرطة”.
وقال حمدي بعلى “لا ننوي الانصياع للمرسوم لانه غير قانوني. حتى لو أردنا ذلك فلا نعرف كيف. الوضع مثير للرعب”. ويمكن للعديد من وسائل الإعلام الإلكترونية أن ترفض أيضا الامتثال للقانون، لكن الحجب الذي قد تفرضه السلطات، على الرغم من إمكانية التحايل عليه، له تأثير حتمي على انتشارها وجمهورها وبالتالي على مصداقية هذه المواقع الإخبارية.
وقد يؤدي تراجع الولوج إلى المواقع الإخبارية إلى زعزعة استقرارها المالي بما ان معظمها يعتمد بشكل حصري تقريبًا على الإعلانات. ومع انخفاض عدد الزائرين للمواقع وبالتالي جمهور الإعلانات، فإن للرقابة أيضًا تأثيراً رادعاً على المعلنين المحتملين من الشركات الخاصة، بما ان إعلانات الشركات الحكومية مُحتكرة من قبل الوكالة الوطنية للنشر والإشهار(مملوكة للدولة)، التي يمكن استخدامها بسهولة للضغط على وسائل الإعلام.
وتستعد الوكالة الحكومية، التي عملت حتى الآن مع وسائل الإعلام التقليدية (صحافة وتلفزيون)، لاحتلال مشهد الإعلام الإلكتروني من خلال إنشاء فرع للإعلانات الرقمية. وسبق أن تعرض ما لا يقل عن عشرة مواقع إخبارية للرقابة من قبل النظام خلال العام الماضي، مثل “راديو أم” و”مغرب إمرجنت” و”أنترلين” و”قصبة تريبون”، وغيرها. وبالتاكيد فإن الممارسة ليست جديدة، فقد تعرض موقع “كل شيئ عن الجزائر” للحجب منذ 2017، لكنها تتزايد، وفقًا لصحافيين سألناهم. بحسب فرانس برس.
وبذلك فإن الرقابة المتزايدة تمس كل شبكة الانترنت الجزائرية، التي تضم 22 مليون مستخدم ومثلهم من مستخدمي الشبكات الاجتماعية. وإذا كانت السلطة تحاول وضع وسائل الإعلام تحت السيطرة من خلال الضغوط القانونية والتضييق الاقتصادي، فهي أيضا تقاضي مستخدمي الإنترنت بسبب منشوراتهم النقدية على الشبكات الاجتماعية. وبالنسبة للصحافي سعيد جعفر، فإن القواعد الجديدة تهدف إلى “جعل أولئك الذين ينوون البقاء مستقلين، خارجين عن القانون”.
وفي وقت سابق اتهم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون منظمة “مراسلون بلا حدود” بمحاولة “ضرب استقرار الجزائر” بعدما اطلقت حملة دولية للتضامن مع مراسلها في الجزائر الصحافي المسجون خالد درارني، وهو ما اعتبره امينها العام “اتهامات كاذبة”.
وقال إن الجزائر “مستهدفة” من قبل بعض الاطراف التي تريد ضرب “استقرارها”. وأوضح “كلام المنظمات غير الحكومية ليس مقدسا فهو صادر عن بشر تجمعوا لهدف ما، فمثلا مراسلون بلا حدود أين خلقت؟ الصحافة الفرنسية ولا يدافعون عنها، بل هدفهم الجزائر. بعض الأمور لا تستطيع بعض الدول محاربتنا فيها دبلوماسيا بصفة مباشرة، فتكلف منظمات غير حكومية بهذه المهمة”.
واعتبر الامين العام لمنظمة “مراسلون بلا حدود”غير الحكومية، كريستوف دولوار، أن “هذه الاتهامات بطبيعة الحال كاذبة وسخيفة”. وقال “نحن نعمل في الجزائر كما في أي دولة اخرى على أساس مبادئ ندافع عنها في كل مكان بما فيها في فرنسا” حيث مقر المنطمة. وأصدرت محكمة الاستئناف لمجلس قضاء الجزائر في وقت سابق حكما قاسيا بالسجن لمدة عامين مع النفاذ في حق الصحافي خالد درارني، بتهمتي “المساس بالوحدة الوطنية والتحريض على التجمهر غير المسلح”. وهو متهم أيضا بانتقاد السلطة السياسية عبر صفحته على “فيسبوك” ونشر بيان لتحالف أحزاب من المعارضة يدعو إلى الإضراب العام، بحسب “مراسلون بلا حدود”.
الاردن والسعودية
أكد مصدر قضائي أردني توقيف مالك موقع إخباري على خلفية نشره مقالا اتهم فيه مسؤولين أردنيين بتلقي لقاح ضد فيروس كورونا المستجد من دون إعلان رسمي. وقال المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إن “مدعي عام محكمة أمن الدولة أوقف الصحافي جمال حداد ناشر موقع الوقائع الأخباري، على خلفية مادة صحافية حول تلقي مسؤولين في الحكومة اللقاح المضاد لفيروس كورونا، منتقداً تضارب التصريحات الحكومية حول اللقاح”.
وأوضح أن “المدعي العام وجه لحداد تهم تعريض سلامة المجتمع للخطر، واحداث فتنة والاخلال بالنظام العام ونشر الرعب بين الناس وقرر توقيفه 15 يوما على ذمة القضية”. ونشر موقع “الوقائع” الإخباري مقالا بعنوان “وماذا عن الشعب!! هل وصل مطعوم (لقاح) فايزر سرا ويتم تطعيمه لكبار المسؤولين في الحكومة الأردنية”. وقال مصدر مقرب من عائلة حداد ان “جمال تم نقله الى مستشفى البشير بعد إصابته بارتفاع ضغط الدم وألم في الصدر حيث طلب الاطباء إبقاءه تحت المراقبة في المستشفى”. بحسب فرانس برس.
وأعرب مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين في بيان عن أسفه لتوقيف حداد، مطالبا بالإفراج الفوري عنه. وقال المجلس في بيانه هذا التوقف “يؤثر على مكانة الأردن الخارجية وموقعه على مؤشرات الحريات الصحفية الدولية”. وأوضح إن “الصحافة الحرّة هي جزء من مقومات الدول، وإن دعمها وحمايتها تشكل رافعة حقيقية لاستقرار المجتمعات”، مطالبا بالإفراج عن حداد.
على صعيد متصل أبدت عشرات الدول الغربية قلقها من استمرار احتجاز ناشطات في السعودية ودعت إلى تقديم المسؤولين عن قتل الصحفي جمال خاشقجي إلى العدالة. وألقي القبض على عشرات الحقوقيات البارزات في السعودية مع رفعها حظرا على قيادة النساء للسيارات، وهي خطوة نادت بها العديد من المحتجزات. وأثارت ألمانيا، متحدثة بالنيابة عن الاتحاد الأوروبي في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، احتجاز السعودية “الطويل لنساء مدافعات عن الحقوق” من بينهن لجين الهذلول.
وتقول بعض المعتقلات إنهن تعرضن للتعذيب والاعتداء الجنسي أثناء احتجازهن، وهي اتهامات رفضها مسؤولون سعوديون. وقال سفير ألمانيا بالأمم المتحدة مايكل فون أونجيرن-شتيرنبيرج “نشدد على الحاجة إلى المحاسبة الكاملة والمحاكمة الشفافة للضالعين في قتل جمال خاشقجي”. وأصدرت محكمة سعودية أحكاما بالسجن تتراوح بين سبعة أعوام و20 عاما على ثمانية مدانين بقتل خاشقجي في 2018 بالقنصلية السعودية في اسطنبول.
وأثارت المحاكمة انتقادات محققة بالأمم المتحدة ومدافعين عن حقوق الإنسان يقولون إن العقول المدبرة للجريمة لا تزال طليقة. وقرأ سفير الدنمرك بالأمم المتحدة في جنيف مورتن جيسبرسن بيانا مشتركا منفصلا نيابة عن نحو 29 دولة، من بينها أستراليا وبريطانيا وكندا، حث فيه المملكة على “إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين” وأبدت قلقها على مصير “ما لا يقل عن خمس ناشطات”.
وقالت الخدمة الدولية لحقوق الإنسان، وهي منظمة مستقلة غير ربحية، في بيان إن من بين المحتجزين الهذلول ونوف عبد العزيز وسمر بدوي ونسيمة السادة ومحمد البجادي ومياء الزهراني. وندد جون فيشر من منظمة هيومن رايتس ووتش “بالاستهداف القاسي للمدافعين والمعارضين” بالسعودية وحث على إطلاق سراح الناشطات و”آخرين محتجزين تعسفيا”. من ناحية أخرى أبدت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة قلقها من الأوضاع “المتدهورة” لمهاجرين إثيوبيين محتجزين في السعودية وطلبت التواصل مع من هم في حاجة ماسة للمساعدة.
من جانب اخر طالبت منظمة حقوق الإنسان هيومن رايتس ووتش الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، بعدم تعطيل أي محاولة لإجراء تحقيقات جنائية تشمل سلفه دونالد ترامب. كما حثت المنظمة بايدن على التنديد بانتهاكات حقوق الإنسان من قبل أصدقاء واشنطن في السعودية والإمارات ومصر وإسرائيل والهند. ونبهت هيومن رايتس ووتش، في تقريرها السنوي، إلى أن “المضي قدما” بحجة لم شمل الأمريكيين، سيكون “خطأ كبيرا”.
وقال المدير التنفيذي، كينيث روث، لوكالة الأنباء الفرنسية: “على بايدن بعد تنصيبه ألا يعطل عمل المدعين المحترفين الذين يسعون إلى محاسبة ترامب في مختلف الجرائم بحجة لم شمل الأمريكيين”. وأضاف: “على بايدن أن يسمح للمدعين أن يمضوا قدما في عملهم والتحقيق في أي جريمة كانت”. ويأتي تقرير هيومن رايتس بعد أعمال العنف التي وقعت في مقر الكونغرس، ودفعت النواب الديمقراطيين إلى السعي مرة أخرى لعزل الرئيس المنتهية ولايته، متهمين إياه بـ”تحريض” أنصاره على مهاجمة الكونغرس، أثناء أشغال التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.
ووصف مدير هيومن رايتس ووتش فترة ترامب الرئاسية بأنها كانت “كارثة” في مجال حقوق الإنسان، مضيفا أن الرئيس الجديد لا ينبغي أن يكتفي بإصلاح ما “أفسده ترامب”، بل عليه أن يمنع “رئيسا آخر مثل ترامب أن يكرر ما فعله”. وعن اهتزاز مكانة أمريكا باعتبارها راعية لحقوق الإنسان في العالم، قال روث إنه على بايدن أن يذهب أبعد من مجرد إبطال سياسات ترامب، داعيا إياه إلى “الاقتداء بالرئيس جيمي كارتر”، الذي كان أول رئيس أمريكي يجعل حقوق الإنسان مبدأ في السياسة الخارجية الأمريكية.
وحض بايدن على الالتزام بحقوق الإنسان التي يرى بأنها مبدأ في السياسة الخارجية الأمريكية، وهو ما يعني “وقف المساعدات العسكرية عن “أصدقاء واشنطن الذين ينتهكون حقوق الإنسان مثل السعودية ومصر وإسرائيل”. وقال إن مثل هذه الخطوات من بايدن تجعل من الصعب على أي رئيس مقبل التراجع عنها.