الملخص:
يُعالج هذا البحث موضوع السلطة التأديبية التي يتمتع بها رب العمل في إطار علاقات العمل الفردية، مستعرضًا الإطار القانوني الذي يحكم هذه السلطة، والضوابط التي تحدّ من إطلاقها، بما يحقق التوازن بين مصلحة صاحب العمل في تنظيم بيئة العمل، وحقوق العامل في مواجهة أي تعسف محتمل.
يفتتح الباحث دراسته بتوضيح الأساس القانوني الذي تستند إليه هذه السلطة، مشيرًا إلى أن العقد الذي يربط العامل برب العمل يفرض التزامات متبادلة، من بينها خضوع العامل لتعليمات صاحب العمل. ومن هذا المنطلق، تنشأ سلطة الأخير في فرض العقوبات التأديبية، بشرط ألا تتعارض مع النظام العام أو القواعد القانونية الآمرة. ويتطرق البحث إلى الجدل الفقهي حول الطبيعة القانونية لهذه السلطة، حيث يعرض وجهات نظر مختلفة، لكنه يميل إلى الرأي الذي يعتبر أن هذه السلطة مستمدة من نصوص العقد والأنظمة المعمول بها داخل بيئة العمل، لا من سلطة الدولة أو القوانين العقابية بالمعنى الضيق.
ينتقل البحث بعد ذلك إلى دراسة القيود القانونية التي تحكم ممارسة السلطة التأديبية، والتي تمثل ضمانات أساسية للعامل. من أبرز هذه الضوابط: ضرورة النص على الجزاءات في لائحة داخلية معتمدة، مبدأ التناسب بين المخالفة والجزاء، منع توقيع أكثر من جزاء على المخالفة ذاتها، حق العامل في الدفاع عن نفسه قبل توقيع الجزاء، وأخيرًا، خضوع القرارات التأديبية للرقابة القضائية بما يضمن عدم تجاوز صاحب العمل لحدود صلاحياته.
وفي ختام البحث، يؤكد الباحث على أن السلطة التأديبية لصاحب العمل ليست مطلقة، بل ينبغي أن تُمارس ضمن حدود قانونية واضحة تكفل تحقيق الانضباط دون المساس بحقوق العامل. ويوصي بضرورة الالتزام بهذه الضوابط من أجل توفير بيئة عمل قائمة على العدالة، وتحقيق التوازن المطلوب بين مصلحة المؤسسة وحماية العامل من التعسف.