كشف خبير الصناعات الغازية والهيدروجين في “أوابك” الأسباب التي أدت إلى عدم ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا، على الرغم من توقّف شحنات الغاز المسال القطرية عن العبور عبر قناة السويس وتحويل مساراتها.
وأظهرت بيانات تتبّع عمليات الشحن أن 3 من 4 ناقلات تحمل شحنات الغاز المسال القطري غيّرت مسارها بعيدًا عن البحر الأحمر، وسلكت طريق رأس الرجاء الصالح الأطول، وسط تصاعد التوتر في المنطقة.
وقال خبير أوابك: “يوم 14 يناير/كانون الثاني الجاري، أظهرت بيانات تتبّع السفن وقوف 3 ناقلات تحمل الغاز المسال كانت متجهة إلى مضيق باب المندب للمرور عبر قناة السويس، حتى تصل إلى الأسواق الأوروبية، نتيجة الأعمال العسكرية التي تشهدها تلك المنطقة بسبب موقف جماعة الحوثي اليمنية الداعم للقضية الفلسطينية”، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وأضاف في تغريدة عبر حسابه الرسمي في “إكس”: بخلاف الناقلات الثلاث المحمّلة بالغاز الطبيعي المسال، كانت هناك ناقلتان تتجهان نحو المضيق من الشمال، إحداهما توقّفت في البحر الأحمر، والثانية في البحر المتوسط قرب قناة السويس، وهي ناقلات أفرغت حمولتها”.
وأغلقت أسعار الغاز الأوروبية للشهر الحالي على انخفاض أمس الثلاثاء، إذ أسهمت التوقعات بطقس أكثر اعتدالًا وتوفر كميات كافية من الغاز في المخازن بتعويض أثر المخاوف المتعلقة بالشحن.
اضطرابات حركة الملاحة
الملاحَظ أن اضطرابات حركة الناقلات التي تحمل الغاز المسال القطري لم تكن ذات أثر يُذكر بأسعار الغاز في أوروبا، والتي طالما تأثرت بمواقف “تبدو” مشابهة، وارتفعت على إثرها بشكل حادّ، على ضوء المخاوف من نقص إمدادات الغاز”.
ولم تتأثر أسعار الغاز عمومًا ارتفاعًا وانخفاضًا بأساسيات السوق من عرض وطلب، وقد ترتفع “بشكل مفاجئ” في أوقات الاضطرابات التي ينتج عنها شح الإمدادات، وتدنّي درجة اليقين حول مستقبل الإمدادات.
يقول خبير أوابك، إنه يجب التفريق بين أمرين:
- الأول: التوقف الفعلي للإمدادات نتيجة توقّف محطة إسالة عن التشغيل لأعطال أو حوادث تشغيلية، أو إيقاف ضخ الغاز عبر خط أنابيب بقرار سياسي، أو لغرض الصيانة، أو حتى استهداف ناقلات تحمل الغاز الطبيعي المسال، وهو ما يعني تأثّر السوق فعليًا بنقص واضح في الكميات التي كانت تصل له قبل الوقف، مع عدم وجود سقف زمني للتاريخ الذي ستعود فيه الإمدادات إلى ما كانت عليه.
- الثاني: مخاوف من توقّف الإمدادات، لوجود تطورات في السوق قد تؤدي بالنهاية إلى السبب الأول، وهو توقّف الإمدادات، لكن لم يحدث إيقاف لها فعليًا.
وشدد المهندس وائل عبدالمعطي على وجود عوامل أخرى أساسية تحدد المسار الذي ستتبعه أسعار الغاز، والمستويات التي قد تصل لها، ومنها كمية المعروض التي ستفقدها السوق، ونسبة ملء مخزونات الغاز، هل هي خاوية أم ممتلئة، وحالة الطقس، مثل مدى درجات الحرارة في فصل الشتاء، التي كلما انخفضت كان الطلب أعلى على الغاز لأغراض التدفئة، وإمكان تعويض الإمدادات من خلال مصدّرين آخرين أو بمصادر الطاقة الأخرى.
واستعرض عددًا من المواقف والحوادث التي كان لها تأثير بالسوق الأوروبية، التي كانت -وما تزال- محط الأنظار خلال العامين الماضيين، على إثر الأزمة الروسية الأوكرانية، وما اتخذته موسكو من إجراءات كانت لها أثر كبير في أسعار الغاز.
وقال: “الحادث الأول عندما اتخذت غازبروم قرارًا بإيقاف ضخ الغاز عبر خط أنابيب نورد ستريم الرابط بينها وبين ألمانيا، بعد انتهاء برنامج الصيانة، ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، وصلت إلى 70 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في سبتمبر/أيلول 2022، بسبب الكمية الضخمة التي كان ينقلها الخط (55 مليار متر مكعب سنويًا) وتوقفت، مع عدم وجود بديل سريع لتعويض الخفض في الإمدادات، كما كانت مخزونات الغاز الأوروبية عند 80%، ولم ندخل بعد إلى فصل الشتاء، ومن ثم كان التأثير حادًا.
وأوضح أن الخط نفسه عندما استُهدِفَ بعملية تخريبية في ذلك الشهر، لم ترتفع الأسعار، كون الإمدادات كانت متوقفة بالفعل، ومن ثم لا معنى من المخاوف بخصوص مستقبلها.
وأضاف: “الحادث الثاني، والذي يقع ضمن المخاوف من مستقبل الإمدادات، فذلك الذي شهدته بعض محطات الإسالة في أستراليا في أغسطس/آب الماضي (2023)، على خلفية احتمال الإضرابات العمالية في 3 محطات لإسالة الغاز في أستراليا، تشكّل مجتمعة 10% من إجمالي صادرات الغاز المسال عالميًا، إذ ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية بنحو 33%، لتصعد من 9 إلى 12.3 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، رغم أنه لم يكن هناك توقّف فعلي من الشحنات، ولكن درجة المخاوف كانت عالية، إضافة إلى أن المخزونات الأوروبية كانت في حدود 72%.
ناقلات الغاز القطرية
قال خبير أوابك: “بالنظر إلى توقّف حركة ناقلات الغاز القطرية، فلا يمكن توصيفها على أنها إيقاف للإمدادات، فميناء رأس لفان مستمر في تحميل الناقلات، وتعمل قطر للطاقة بخطوط إنتاجها الـ14 بكامل طاقتها، وإنما تقع ضمن المخاوف من توقّف الإمدادات”.
وأضاف: “الظروف توضح أن الناقلات القطرية لديها مسارات بديلة يمكن استعمالها لإيصال الشحنات إلى وجهتها الأوروبية، علاوة على ارتفاع المخزونات الأوروبية 82%، وتجاوز النصف الأول من موسم الشتاء دون مشكلات تقريبًا”.
وشدد خبير أوابك على أن درجة المخاوف كانت متدنية، إذ إن الإمدادات مستمرة ولم تتوقف، وإنما تعطلت فقط، وحاجة السوق الأوروبية يمكن تغطيتها من المخزونات، ومن ثم، فإن السوق الأوروبية تبدو أكثر ارتياحًا مع تحسّن أساسيات السوق.
وأشار إلى أن قطر تغطي نحو 13% من حاجة السوق الأوروبية فقط من الغاز (15-16 مليون طن سنويًا)، وهناك بدائل في السوق يمكن الاستناد عليها، مثل الغاز المسال الأميركي، في حالة تأخّر الإمدادات القطرية لمدة أطول حسب مسار الأحداث.
وأظهرت بيانات شركات الشحن أن 3 سفن قطرية محمّلة بالغاز المسال، وهي الغارية والحويلة والنعمان، غيّرت مسارها لتتجه جنوبًا بعيدًا عن البحر الأحمر.
وما تزال الناقلات الثلاث تشير إلى أوروبا وجهةً لها، إذ من المقرر أن تصل إلى وجهاتها في 7 فبراير/شباط، بعد أن توقفت قبالة سواحل عمان منذ 14 يناير/كانون الثاني.
وأدت هجمات الحوثيين، وما تبعها من ضربات نفّذها الجيش الأميركي ضد أهداف الجماعة اليمنية، إلى تعطيل حركة التجارة على الطريق الرئيس بين الشرق والغرب، والذي يمرّ من خلاله نحو 12% من حركة الشحن العالمية.
وتتوقف السفن، ومن بينها المحمّلة بالغاز المسال، مؤقتًا عن المرور عبر البحر الأحمر، أو تحوّل مسارها بعيدًا عنه إلى طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا، وهو طريق أطول كثيرًا من قناة السويس، أسرع طريق للشحن من آسيا إلى أوروبا.
وتقدّر وكالة ستاندرد اند بورز شحنات الغاز الطبيعي المسال القطرية المارة عبر قناة السويس عند 14.8 مليون طن سنويًا، والشحنات الأميركية عند 8.8 مليون طن والشحنات الروسية عند 3.7 مليون طن.
موضوعات متعلقة..
- أسعار الغاز تنخفض 6.4% وتتجاهل توترات حركة الشحن.. ما السبب؟
- خبير أوابك: صناعة الهيدروجين تسهم في تنويع مصادر الطاقة.. وهكذا انطلقت
المصدر : https://attaqa.net/2024/01/17/%d8%ae%d8%a8%d9%8a%d8%b1-%d8%a3%d9%88%d8%a7%d8%a8%d9%83-%d8%a3%d8%b3%d8%b9%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%a7%d8%b2-%d9%84%d9%85-%d8%aa%d8%aa%d8%a3%d8%ab%d8%b1-%d8%a8%d8%a3%d8%b2%d9%85%d8%a9-%d8%a7/