بينما يشارف عام 2022 على الانتهاء يستعد الملايين من الأفارقة في كل الأقاليم الجغرافية للانتخابات. فما بين دول حددت مواعيد لانتخاباتها مثل نيجيريا والكونغو الديمقراطية؛ تنتظر دول أخرى مثل ليبيا لم تنجح فقط في تحديد موعد للانتخابات بل تعاني من خلاف شديد في قواعد الترشيح والانتخابات. وتمتنع دول أخرى (مالي-بوركينافاسو-غينيا) عن إجراء الانتخابات بها بالرغم من الضغوط الدولية على سلطات الانقلابات.
أولًا: ليبيا
المتابع للحالة الليبية سيجد أنها تعاني من انقسام حاد، وصل إلى وجود حكومتين تعملان على الأراضي الليبية، وكل ذلك بسبب عدم حسم موعد الانتخابات المؤجلة من العام الماضي. وهذا التأجيل ليس لعدم الاتفاق على الموعد فقد، بل لأسباب أخرى منها القاعدة الدستورية التي ستجري في إطارها الانتخابات، وشروط الترشح في الانتخابات الرئاسية، وتكمن في أحقية مزدوجي الجنسية في الترشح في الانتخابات، وكذلك مشاركة العسكريين فيها.[1]
ومن هنا، فإن الخلافات التي استمرت حول القاعدة الدستورية لمدة أكثر من عامين ما زالت تحكم المشهد السياسي والانتخابي في ليبيا؛ فبينما يرفض مجلس الدولة ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية لها، يصر مجلس النواب على أن الترشح لمنصب الرئاسة حق أصيل لكل الليبيين ويجب أن لا يقصى أحد من الترشح طالما انطبقت عليه الشروط اللازمة.
ثانيًا: الانتخابات التشريعية في بنين
ستشهد بداية العام الانتخابات التشريعية في بنين في الأسبوع الاول من يناير تحديدًا يوم 8 يناير. وبعد دمج الأحزاب والحركات السياسية في إطار إصلاح النظام الحزبي في سبتمبر 2018، وتكتلهم في 15 حزبًا فقط مقارنة بـ 200 حزب سابق؛ لم يتمكنوا من تحقيق أي تغيير في الانتخابات التشريعية السابقة التي اتسمت بالتوترات. ففي عام 2019، انتهت الانتخابات التشريعية التي لم تتمكن أحزاب المعارضة من المشاركة فيها بأحداث عنف. مما تسبب في بداية لدورة من التوتر السياسي ظهرت مرة أخرى خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2021 التي فاز بها الرئيس باتريس تالون للمرة الثانية.[2]
يتنافس في الانتخابات التشريعية في بنين 6 أحزاب ضد الحزب الحاكم، لكن استثنى منها الحزب الديمقراطي وهو الحزب المعارض الرئيس للنظام الحاكم، والذي تم استبعاده بسبب عدم تقديم مرشحيه إقرارات الذمة المالية. هذه الاحزاب هي: الاتحاد التقدمي من أجل التجديد، والكتلة الجمهورية، وحركة النخب الملتزمة بتحرير بنين، وحركة التحرير الشعبية، والاتحاد الديمقراطي من أجل بنين الجديدة، وقوات كوريس لبنين الناشئة.
وصرح ساكا لافيا رئيس اللجنة الانتخابية بأن “هذه الأحزاب السياسية الستة تمكنت من تقديم ملفات ترشيح سليمة للجنة، وحصل كل منها على الإيصال النهائي للمشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة”. وفقًا لقانون الانتخابات الجديد المعمول به في بنين، يتم انتخاب نواب الجمعية الوطنية بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات في 24 دائرة انتخابية مطابقة لحدود المقاطعات.[3]
ثالثًا: نيجيريا أمل غرب أفريقيا الانتخابي
يحتاج إقليم غرب أفريقيا إلى انتخابات ناجحة لاجتياز أثر أربع محاولات انقلاب هذا العام وحده؛ اثنتان منها في بوركينا فاسو وحدها. نتيجة لذلك، تعد الانتخابات النيجيرية التي ستجرى في مستهل العام يوم 25 فبراير 2023 حدثًا مهمًا في المنطقة، يسعى إلى إعادة تأكيد المبادئ الديمقراطية، ووقف موجة الانتقال غير الدستوري للسلطة. وكذلك يمكن أن تؤثر نتيجة الانتخابات على مشاكل مثل: النزوح، وأنماط الهجرة، والترتيبات التجارية في المنطقة، ومنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية AfCFTA، والتأكد من أن السكان والصناعات الكبيرة في نيجيريا قادرة على الاستفادة؛ لضمان نجاح الكتلة التجارية.. إلخ.[4]
من المقرر إجراء الانتخابات العامة في نيجيريا على مرحلتين، تبدأ بالانتخابات الوطنية (الرئاسية والجمعية الوطنية) يوم السبت 25 فبراير 2023، وانتخابات الولاية (مجلس النواب ومجلس الولايات) يوم السبت 11 مارس. حيث سيذهب ما يقدر بـ 95 مليون ناخب مسجل إلى مراكز الاقتراع في 176846 وحدة اقتراع في 774 منطقة حكومية محلية.
ويدخل في الاقتراع ما مجموعه 12163 مرشحًا، تابعين 18 حزبا في 109 منطقة في انتخابات مجلس الشيوخ، و 360 دائرة في الانتخابات الفيدرالية، و 993 دائرة في انتخابات برلمانات الولايات، و 28 لمناصب الحكام، ومنصب الرئيس. وسط ذلك هناك العديد من المخاوف، أهمها: تهديد بوكو حرام وقطاع الطرق والانفصاليين والعصابات العنيفة، وفي الفضاء الافتراضي؛ القرصنة والمعلومات الخاطئة والمضللة والأخبار المزيفة. مما قد يزيد من أعمال العنف؛ وهذا الأمر اقتضى أن ترسل الدول والقوى الدولية مراقبين للانتخابات.[5]
من المرجح أن تنحصر المنافسة القوية في اسمين: بولا تينوبو مرشح حزب جميع التقدميين، وبيتر أوبي مرشح حزب العمال؛ ليواجها نائب الرئيس الحالي أتيكو أبو بكر الممثل للحزب الديمقراطي الشعبي. أما عن توقعات المشاركة؛ فقد أعربت اللجنة الانتخابية عن قلقها إزاء التحديات الأمنية السائدة قبل انتخابات عام 2023 وتحديدًا تأمين الانتخابات دون اتهام بالتزوير. وهذه الاتهامات المسبقة أدت إلى انتشار شبه عزوف في الشارع النيجيري عن المشاركة في الانتخابات حيث وصلت نسب المترددين ما بين 17-45%.[6]
رابعًا: زيمبابوي
وسط حذر كبير، ستخوض زيمبابوي الانتخابات منتصف عام 2023. وبسبب العنف الوحشي الذي حدث في الانتخابات السابقة، انتشر القلق. ورفعت مفوضية الانتخابات بشكل كبير الرسوم التي يجب على المرشحين دفعها للمشاركة في الترشح؛ للحد من المرشحين؛ هذا علاوة على إلقاء القبض على المعارضة.
ستُجري زيمبابوي انتخاباتها العامة المقبلة في الفترة ما بين 27 يوليو و26 أغسطس من العام المقبل، وفقًا للدستور الذي ينص على وجوب إجراء الانتخابات قبل 30 يومًا على الأقل من انتهاء ولاية الرئيس البالغة خمس سنوات بعد خلع موجابي عام 2018. وبالرغم من عدم اعلان المرشحين حتى الآن وفقًا للدستور الزيمبابوي؛ فإن الحزب الحاكم (الاتحاد الوطني الأفريقي لزمبابوي – الجبهة الوطنية ZANU-PF))) لم يخف نية رئيس ريمبابوي الحالي إيمرسون منانجاجوا للترشح.
لكن وفقًال استطلاعات الرأي فقد لا تكون الانتخابات محسومة لصالح جبهة زانو والرئيس؛ فهناك حزب معارض جديد تشكل من اتحاد 19 عضوًا برلمانيًا بداية هذا العالم، وهو تحالف المواطنين من أجل التغيير CCC)) الذي يتزعمه نيلسون تشاميسا؛ ويزيد من فرص فوزه النتائج التي حققها في الانتخابات المحلية الأخيرة بالفوز 26 من أصل 28 دائرة انتخابية، مما قد يعد تفوقًا لدى الناخبين.[7]
خامسًا: الجابون
بالرغم من إصابة رئيس الجابون علي بونجو أونديمبا بجلطة دماغية، لكنه أعلن نيته للترشح، وخاطب حشدًا من أنصاره قائلًا: “2023 يقترب بسرعة. سأكون هناك معك. لك.” وأضاف: “المخرج الوحيد يجب أن يكون النصر.. نصر صريح وواضح لا جدال فيه”.
ينافس الرئيس جان بينج مرشح المعارضة الوحيد في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، والذي يحلم بالانتقام. وهو في الثمانين من عمره؛ كان رئيس الائتلاف من أجل الجمهورية الجديدة CNR)) في السنوات الأخيرة من حياته السياسية. أثبتت استراتيجيته في مقاطعة انتخابات 2018 أنها كارثية على معسكره، لذا سيخوض الانتخابات القادمة.
هناك أيضًا ألكسندر بارو شامبيرييه رئيس حزب التجمع من أجل الوطن والحداثة RPM)) الذي دعا المعارضة الجابونية إلى الاتحاد في الانتخابات القادمة؛ للعمل على إخراج الحزب الحاكم من السلطة. والمرشح الثالث هو رئيس حزب الديمقراطيين بولين أوبيانغ ندونغ الذي يطالب الحكومة الجابونية بوضع ضمانات لنزاهة عملية الفرز قبل إعلان دخوله الانتخابات من عدمه.[8]
سادسًا: الكونغو.. انتخابات نهاية العام
أعلنت جمهورية الكونغو الديمقراطية أنها ستجري انتخابات رئاسية وبرلمانية في 20 ديسمبر 2023، مستهلة عامًا من الاستعدادات المعقدة، في وقت ما زال العنف يجتاح أجزاءً كبيرة منها. الصراعات الانتخابية شائعة في الكونغو؛ فقد تم تأجيل آخر انتخابات رئاسية، وهي أول انتقال ديمقراطي في الكونغو، لمدة عامين حتى تم إجراؤها أخيرًا في ديسمبر 2018.
وفي ذلك التصويت، تولى الرئيس فيليكس تشيسكيدي المسؤولية عن سلفه القديم جوزيف كابيلا. هذه المرة، لا تزال هناك تحديات مماثلة، سيتم الإعلان عن المرشحين في أكتوبر العام المقبل، ومن المقرر أن يتم الإعلان عن القائمة النهائية في نوفمبر المقبل. لكن من المتوقع أن يخوض تشيسكيدي الترشح مرة أخرى؛ ومن المنافسين المحتملين مارتن فايولو الذي أعلن فوزه في استطلاع 2018.[9]
[1] زايد هدية: المجلس الرئاسي طرف جديد في الخلاف الدستوري الليبي، اندبندنت عربية (15 سبتمبر، 2022)
[2] In Benin, Democrats without a ticket for the legislative elections, DW (Bonn: 17.th Nov. 2022)
[3] Bénin : six partis politiques en lice pour les législatives prévues en janvier 2023, French People Daily (Ouagadougou:17.th Nov. 2022)
[4] Afolabi Adekaiyaoja: The international implications of Nigeria’s 2023 elections, Premium Times Ng ( November 6, 2022 )
[5] Africa’s largest democracy goes to the polls amid rising insecurity, the conversation (South Africa: November 11, 2022 )
[6] Dakuku Peterside : Undecided Voters And 2023 Elections, Leadership (6th. Dec. 2022)
[7] Jason Burke : Zanu-PF faces threat from Zimbabwe’s new opposition party, the guardian ( London: May, 2022)
[8] Gabon: Opponent Sosthène Orphée Lendjedi Ibola arrested at the DGR, rfi (3ed. Dec. 2022)
[9] Paul Lorgerie: Congo schedules presidential elections for Dec 2023, Reuters (November 26, 2022)
.
رابط المصدر: