زيد المحبشي
منذ العام 1948 والكيان الصهيوني في بحث دؤوب عن بدائل لنقل النفط والغاز دون المرور بقناة السويس، بهدف تحويل كيانه الغاصب إلى مركز إقليمي للطاقة وحلقة وصل بين الشرق والغرب، وقد ساعد يومها ارتماء شاه إيران المقبور في أحضان الأميركان، وتحويل بلاده إلى شرطي إقليمي في بلاط العم سام، في تقارب وجهات النظر بين نظامه والكيان الصهيوني لجهة البحث عن بدائل لنقل النفط الإيراني إلى الغرب بعيداً عن قناة السويس، وبالفعل أدى تسارع الأحداث التي شهدتها المنطقة في خمسينيات القرن الماضي إلى تعجيل الاتفاق على إنشاء خط أنابيب لنقل النفط من إيلات على ضفاف خليج العقبة بالبحر الأحمر إلى عسقلان على شواطئ البحر الأبيض المتوسط ومنها إلى الدول الغربية، وافتتاحه في العام 1956، ومعه أصبحت إيران الشاه بئر النفط الذي لا ينضب لإسرائيل.
وها هو الكيان الصهيوني على وشك إعادة إحياء هذا الخط بتمويل إماراتي بحت ودعم خليجي مخزي، رغم ما يترتب على ذلك من تداعيات خطيرة على الأمن القومي العربي، ولذات الغاية والأهداف والأحلام، في سباق مع الزمن لتحقيق كيانه التفوق المطلق في المشرق العربي، والإمساك بكل خيوط التحكم بتجارة الطاقة في المنطقة، والسياسات البترولية، والاستثمارات الكبيرة في النفط، وتحويل الخليج العربي إلى بئر نفط لا ينضب لإسرائيل.
خُطى متسارعة لصيرورة الحلم الصهيوني واقعاً، وتحول هذا الكيان اللقيط إلى مركز إقليمي رئيسي لنقل النفط الخليجي إلى أوربا وأميركا الشمالية، ودخول نادي تجارة النفط عالي المخاطر، ولكن هذه المرة من بوابة الخليج، وبتمويل عربي فاق كرم حاتم الطائي، في ظل التشظي والتقزم والتفسخ والانبطاح العربي، خصوصاً بعد تطبيع العلاقات مع الإمارات، وما رافق ذلك من سيولة وإسهال شديد في اتفاقيات التعاون المشترك، جعلت رئيس وزراء الكيان الصهيوني “بنيامين نتنياهو” يفاخر بضخ الكيان الإماراتي الملايين – والأصح المليارات – لدعم الاقتصاد الإسرائيلي.
الخط الإيراني الصهيوني:
يعرف باسم: “تيبلاين” أو خط أنابيب “إيلات – عسقلان” تم افتتاحه عملياً في العام 1956، بعد العدوان الثلاثي الصهيوني البريطاني الفرنسي على مصر، بسبب فرض الرئيس الراحل “جمال عبدالناصر” قيوداً على الشحن عبر قناة السويس، واستخدامها كورقة ضغط في الصراع العربي الصهيوني، وقرار الاتحاد السوفييتي حينها وقف تزويد إسرائيل بالنفط، ما دفع الأخيرة للبحث عن مصادر نفطية جديدة، بالتوازي مع رغبة إيران تجنّب المُرور عبر قناة السويس، خشية إقدام “عبدالناصر” على إغلاقها في وجه ناقِلات النّفط الإيرانيّة.
وفي العام 1968 سجّل الكيان الإسرائيلي وإيران شركة خط أنابيب “إيلات – عسقلان” كمشروع مشترك 50-50، لإدارة تصدير النفط الخام الإيراني عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة وما بعدها عن طريق الناقلات إلى أوربا، وفي العام 1969 تم مد الجزء الأخير من الخط، وهو مشروع ضخم يهدف إلى ضمان إمدادات الطاقة للكيان الصهيوني وأوربا.
وتضمن المشروع يومها مد أنبوب طوله 254 كم وقطره 105 سم “42 بوصة”، بين ميناء إيلات على خليج العقبة بالبحر الأحمر وميناء مدينة عسقلان على البحر الأبيض المتوسط، بقدرة 1.2 مليون برميل في اليوم، و400000 برميل في الاتجاه المعاكس.
وتعود ملكية الخط لشركة خط أنابيب “إيلات – عسقلان” (EAPC) الصهيوني، وهي تشغـّل أيضاً عدة خطوط لأنابيب النفط في فلسطين المحتلة.
وكشفت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية أن معظم النفط المتدفق عبر خط الأنابيب كان من إيران، التي كانت تربطها علاقات وثيقة ولكن سرية مع إسرائيل لعقود من الزمن في عهد الشاه المقبور “محمد رضا بهلوي”.
ويستخدم أنبوب “إيلات-عسقلان” حالياً في نقل الغاز الذي تستورده إسرائيل من أذربيجان وكازاخستان، ويقوم بمعظم أعماله في الاتجاه المُعاكس، حيث يقوم بضخ النفط الذي يتم تفريغه في عسقلان من السفن المُرسَلة من قبل مُنتجين مثل أذربيجان وكازاخستان إلى ناقلات في إيلات بخليج العقبة، ومن إيلات يقوم أسطول ناقلات النفط التابع لشركة “ترانس آسياتيك” للنفط (TAO) الصهيونية، بنقله إلى الصين أو كوريا الجنوبية أو أي مكان آخر في آسيا، ويعمل بالتوازي مع خط الأنابيب الخام أنبوب آخر قطره 16 بوصة يحمل المنتجات البترولية مثل البنزين والديزل.
بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران في 1979، توقف التعاون بين البلدين، وتوقف ضخ النفط الإيراني إلى الكيان الغاصب، وقامت إيران برفع ثلاث قضايا تحكيم ضد إسرائيل والشركات الإسرائيلية للمطالبة بتعويضها عن النفط الذي أمدت به إيران الشاه إسرائيل، قبل 1979، كإئتمان حتى يتم بيعه، وللحصول على نصف قيمة الشراكتين بينهما، ويبلغ إجمالي المبلغ المتنازع عليه 7 مليار دولار.
وبالفعل فازت شركة النفط الإيرانية في عام 2015، بحكم صادر عن محكمة التحكيم الدولية في جنيف، ألزم إسرائيل بدفع 1.2 مليار دولار لإيران، مقابل 50 شحنة نفط تسلمتها إسرائيل من نظام الشاه المقبور قبل الثورة الإيرانية، و362 مليون دولار فوائد.
وسبق للاحتلال البريطاني بحسب الكاتبة الإسرائيلية “فازيت رابينا” وأن قام ببناء مصافي تكرير النفط في حيفا، وربطها بخط أنابيب ينقل النفط من كركوك العراقية إلى حيفا الانتدابية، وبعد الغزو الأميركي للعراق 2003، كانت هناك فترة وجيزة من النهضة ظهر فيها هذا الخيار من هاوية النسيان، لكن سرعان ما تلاشى أمام واقع الشرق الأوسط، ما يجعل الصهاينة اليوم يعلقون أمالاً كبيرة على المال الخليجي في إعادة إحياء أنابيب النفط المندثرة، التي تمر عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة، لأهداف بعيدة المدى، بما لذلك من أبعاد ومخاطر ستكون محور قراءتنا التالية والتي تليها، مع ردة الفعل الإيرانية والمصرية تحديداً، باعتبارهما أكثر المتضررين من هذا المخطط الاستعماري الاستيطاني، بسبب تحكم مصر في قناة السويس التي يمر منها 10 بالمائة من حجم التجارة العالمية، وإيران في مضيق هرمز الذي يمر منه 40 بالمائة من النفط العربي.
الخط الإماراتي الصهيوني:
قطعت الشركات الإماراتية والإسرائيلية خلال الأعوام الماضية خطوات كبيرة في تحقيق التناغم والتطبيع الاقتصادي في مجال الطاقة، وقد تكلمنا عن ذلك في قراءات سابقة، ما يعني أن اتفاقية أنبوب “إيلات – عسقلان” ليست سوى تتويج لتاريخ من التربيطات والمشروعات والاتفاقيات المبرمة بين الجانبين، والتي لم يُسلط الضوء عليها بصورة كافية لأبعاد سياسية وأمنية.
أثمرت تلك المباحثات عن توقيع عدد من الاتفاقيات بشأن مشاركة شركات إماراتية في تمويل مشروعات في قطاع الطاقة الإسرائيلي، والمشاركة في خط أنابيب الغاز البحري الذي اقترحت “إسرائيل” إقامته من شرق المتوسط إلى أوربا عبر كريت وإيطاليا، وأخر من إيلات إلى عسقلان، وثالث من أبوظبي الى إيلات عبر الأردن والأراضي السعودية، وكان وزير الطاقة الإسرائيلي “يوفال شتاينتز” قد كشف في العام 2018، عن موافقة أبو ظبي على المشاركة في تمويل الخط بقيمة 100 مليون دولار.
بعد الإعلان الرسمي عن تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل في 13 أغسطس 2020، والتوقيع الرسمي على ذلك الاتفاق المشؤم في 15 سبتمبر 2020، تسارعت وتير التشبيكات، وتجاوزت الإمارات في ذلك كل الخطوط الحمراء، وداست على كل المحرمات، ورمت بكل المقدسات عرض الحائط، ومعها بدأت تطفو على السطح كل مشاريع المخططات الاستعمارية الصهيونية القديمة، لتفرض نفسها على المشرق العربي بتمويل أعراب الإمارات والسعودية من وراء حجاب، ومن أخطرها مخطط ربط منظومات تصدير النفط الخليجي إلى أوربا عبر إسرائيل، تحت ذريعة تعزيز أمن الطاقة.
وكشفت صحيفة “ميكور ريشون” الصهيونية عن عقد وزارتي الخارجية والدفاع في تل أبيب سلسلة من الاجتماعات لبحث فرص نقل النفط الخليجي، شارك فيها مسئولون كبار من شركة النفط الحكومية “كاتشا”، وتحدثت وسائل الإعلام الصهيونية في 1 أكتوبر 2020 عن اتفاق ثلاثي أميركي إسرائيلي إماراتي “لتطوير إستراتيجية مشتركة” في قطاع الطاقة تشمل تطوير بنى تحتية لنقل الغاز والنفط من آسيا والشرق الأوسط إلى أوربا، من بينها تطوير البنى التحتية لإقامة أنبوب “إيلات – عسقلان”.
ووفقاً لشركة خط أنبوب نفط إيلات عسقلان KSAA المعنية بتشغيل الخط، ستتضمن المرحلة الأولى من المشروع، نقل النفط من الإمارات إلى محطة شركة خط الأنابيب في إيلات، ومن إيلات إلى محطة الشركة في عسقلان، ومنها إلى الزبائن في مختلف أنحاء البحر المتوسط، بموجب مذكرة التفاهم التي وقعتها مع شركة RED MED.
ووقعت شركتا “موانئ دبي العالمية” الإماراتية و”دوفرتاور” الإسرائيلية في 16 سبتمبر 2020 عدة اتفاقيات للتعاون في أنشطة الشحن والموانئ، وفي اليوم التالي 17 سبتمبر 2020 كشفت صحيفة “جلوبس” الإسرائيلية عن اقتراح تل أبيب على أبوظبي بناء ممر برّي يربط بينها وبين دول الخليج العربي، بما فيها السعودية وصولاً إلى ميناء عسقلان الإسرائيلي.
ووفقًا للتقديرات التي سُمعت في المناقشات بشأن المشروع، فإنه سيدر عائدات تصل إلى مئات الملايين من الشواكل سنوياً للحكومة الإسرائيلية.
وفي 20 أكتوبر 2020 زار وفد إماراتي مطار بن غوريون، أعلنت بعدها شركة خطوط الأنابيب الإسرائيلية في 21 أكتوبر 2020 أنها وقعت اتفاقاً مبدئياً للمساعدة في نقل النفط من الإمارات إلى أوربا، وتتراوح قيمة المشروع ما بين 700 إلى 800 مليون دولار على مدى عدة سنوات، على أن تبدأ عملية الإمدادات في مطلع 2021″.
وتدرس “إسرائيل شيبياردز” و”موانئ دبي” عرض مشترك لتطوير ميناء حيفا، وهو بصدد الخصخصة، وهي المرة الأولى، التي تشارك فيها شركة إماراتية وخليجية، في مناقصة رسمية للبنية التحتية الحكومية في إسرائيل.
وقالت شركة “دوفرتاور” الصهيونية إنها ستدخل في شراكة أيضا مع “موانئ دبي” لتأسيس خط شحن بحري مباشر بين دبي وإيلات.
وستدرس “إسرائيل شيبياردز” و”الأحواض الجافة العالمية – دبي” شراكة في إنتاج وتسويق منتجات في دبي.
وتوفر هذه الاتفاقيات لأبوظبي جسراً لنقل الوقود الأحفوري مباشرة إلى أوربا، وتعد من أهم وأخطر مجالات التطبيع بين الجانبين منذ إعلان إقامة العلاقات بينهما.
وفي تعليقها على التطور في علاقات الكيانين قالت الكاتبة الإسرائيلية “فازيت رابينا” أن: الواقع الجديد بعد التطبيع الخليجي الإسرائيلي يعيدنا لنظرية التهديدات، لأن الاتفاق مع الإمارات بشكل خاص يفتح أمامنا شراكة استراتيجية، وسلسلة من الفرص غير المسبوقة، بينها أن تقترح إسرائيل على الإمارات تعزيز بناء ممر بري لتدفق زيت الغاز ونواتج التقطير لأوربا وأميركا الشمالية، باستخدام البنية التحتية للنقل لوكالة حماية البيئة من إيلات إلى عسقلان.
ويسعى الكيان الصهيوني من وراء هذا المشروع الى الاستحواذ على ما بين 12 و17% من تجارة النفط التي تستخدم الآن قناة السويس بحسب مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، ويسرد الإعلام الصهيوني قائمة طويلة لمزايا هذا الخط، منها:
1 – تقليل مدة نقل النفط والغاز الطبيعي ونواتج التقطير من السعودية ودول الخليج إلى الغرب.
2 – توفير بديل أرخص من قناة السويس المصرية، وخياراً للاتصال بشبكات أنابيب عربية تنقل النفط والغاز ليس فقط إلى المنطقة، ولكن إلى الموانئ البحرية التي تزود العالم.
3 – قدرة المحطات في عسقلان وإيلات على استيعاب الناقلات العملاقة التي تهيمن على شحن النفط اليوم، وعمل الخط في اتجاهين، عكس قناة السويس التي تعمل في اتجاه واحد ولا يستوعب عمقها تلك الناقلات العملاقة مثل ” VLCCs”.
ويقول الرئيس التنفيذي لشركة خط أنابيب آسيا الصهيونية، “إيزيك ليفي”:
إذا تعلمت إسرائيل بالفعل تسخير قادة الإمارات لإقناع السعوديين، فسيكون ممكنا الاتصال بنظام نقل النفط العربي في نقطة النهاية السعودية، وبعد ذلك نقل النفط السعودي من البقيق، نفس موقع شركة النفط السعودية أرامكو التي تعرضت للهجوم “الإيراني” – حد زعمه – إلى مصفاة ينبع، البعيدة 700 كم، بينما يطير من إيلات، حيث سيؤتي الاتصال بها ثماراً كثيرة في مجال الأعمال.
الذرائع والمبررات:
قدم الكيان الصهيوني الغاصب في الأشهر الأخيرة قائمة طويلة من الذرائع لتسويق مشروعه القديم المتجدد المتمثل في إعادة إحياء خط الأنابيب الصحراوي “إيلات – عسقلان”، من أجل انتزاع موافقة أعراب الإمارات على تبني وتمويل هذا المخطط الاستعماري الاستيطاني، وهو لا يقل خطورة عن المستوطنات المُقَطِعَة أوصال القدس وقطاع غزة والضفة الغربية، وكلاهما يهدف إلى كتم أنفاس الفلسطينيين وصولاً إلى قطع أحلام التحرر وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ودفن القضية الفلسطينية إلى الأبد، واستبدالها بما بات يعرف بالسلام الاقتصادي.
وتبقى الخطوة الثانية بعد التوافق الصهيوني الإماراتي، وهي إقناع السعودية للانخراط في المشروع، لأنه بدونها لن يكون له أي معنى، ولا يُستبعد أن تكون الزيارة السرية لرئيس وزراء الكيان الصهيوني للسعودية في 22 نوفمبر 2020، من أجل مناقشة المشروع، لتقارب الأهداف والغايات من هكذا توجه، وتقارب المخاوف والهواجس من مخاطر الفزاعة الإيرانية واليمنية، بعد أن تحولت هذه الفزاعة إلى خطر وجودي بالنسبة لأعراب الخليج، وليس إسرائيل العدو التاريخي للعرب والمسلمين.
وسبق لمجلة “كلوبس” الاقتصادية الإسرائيلية وأن كشفت في 16 سبتمبر 2020، عن طلب إسرائيل من الإمارات إقناع السعودية السماح لشركة خط الأنابيب الإسرائيلية بمد خطوط أنابيب من إيلات إلى مصفاة النفط في ينبع السعودية، إما براً عبر الأردن أو بحراً، وذلك لنقل النفط السعودي ومشتقاته عبر أنبوب “إيلات – عسقلان”، بزعم أن هذه الخطوة ستقلص من قدرة إيران وأنصار الله في اليمن على استهداف خطوط تصدير النفط. وأكدت المجلة أن إسرائيل عقدت عدة لقاءات بين شخصيات رفيعة في وزارتي الخارجية والدفاع مع رئيس الشركة “إرز كلفون” والرئيس التنفيذي “إتسك لفي”، لمناقشة تفاصيل الاقتراح، ويتميز الاقتراح بحسب المجلة بخفض مدة شحن النفط وكُلفته ومتطلبات تأمينه المالية والعسكرية، لأنه يتفادى الشحن عبر مضيق هرمز وباب المندب وقناة السويس.
ويرى الدكتور والأكاديمي المصري “محمد الزواوي” أن السعودية يمكن أن تدخل على الخط ذاته، بإعادة تشغيل خط “التابلاين الأطول عالمياً لنقل النفط، بتقليل تكلفة النقل ولو على حساب مصر.
ويمتد خط “التابلاين” السعودي من ساحل الخليج العربي بالسعودية إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط، وتوقف تصدير النفط من خلاله بعد احتلال إسرائيل لهضبة الجولان.
ويأمل الكيان الصهيوني في توسيع وتطوير أنبوب “إيلات – عسقلان”، وربط أنابيب البترول والغاز في دول الخليج العربي به، وذلك من خلال استثمارات خليجية في هذا الأنبوب، بحسب موقع “العربي الجديد”.
وفي حال تأمين موافقة الرياض، فإنه سيكون بالإمكان نقل النفط السعودي من منطقة “بقيق”، في أقصى الشرق السعودي، التي تعرضت للهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية في 14 سبتمبر 2019، إلى ميناء إيلات عبر خط بري طوله 700 كيلومتر، وربطه بخط “إيلات عسقلان”، ليتم تصديره إلى أوربا وأميركا الشمالية.
ويتذرع الكيان الصهيوني في تسويق خط الأنابيب المزمع تدشينه مع الإمارات، بأن الطريق البحري المار من بحر العرب ومضيقي هرمز وباب المندب مروراً بقناة السويس في البحر الأحمر، بات أكثر كلفة مادياً وأمنياً، في ظل الحرب الجائرة على اليمن وانتشار عمليات القرصنة في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، بحسب مجلة “كلوبس” الإسرائيلية في 15 سبتمبر 2020.
وكان عمل الخط على مدار السنوات الماضية، أحد أسرار الكيان الإسرائيلي، ويخضع لحراسة مشددة حتى اليوم.
وأوضحت أن الأبعاد التي يذهب إليها عملاء الخط الصحراوي لإخفاء هوياتهم من خلال عمليات التسجيل المتعددة وأساليب إخفاء الشركات الأخرى تعتبر أسطورية، حيث إن المقاطعة التي فرضتها الإمارات وجيرانها المنتجون للنفط، كانت تعني أن الناقلات التي تعترف بالرسو في إسرائيل سيتم منعها من عمليات التحميل المستقبلية في الخليج، وهو ما يؤدي إلى تدمير أعمالهم.
ويحاول الكيان بهذا التبرير الممجوج إقناع دول الخليج بأنّ مضائق هرمز وبحر العرب وباب المندب وقناة السويس لم تَعُد آمِنَةً، بسبب الوجود الإيراني واليمني في مضيق هرمز وباب المندب، وما يشكله ذلك من خطورة على الدول المسبحة بحمد أميركا وإسرائيل، مستشهدا بالتهديدات الإيرانية لإغلاق مضيق هرمز والهجوم اليمني المتكرر على منابع النفط في السعودية، وما يشكله ذلك من خطورة على الملاحة البحرية حد زعمه.
ومن الذرائع عمل الخط الصهيوني على تقصير مسافة نقل النفط، وتقليل تّكاليف النقل، والسماح بنقل النفط في الاتجاهين، والسماح بمرور الناقلات العملاقة، على عكس قناة السويس، والقيود الصارمة التي تفرضها، حيث يقتصر عمل خط “سوميد” المصري في اتجاه واحد فقط، ولا يسمح بمرور الناقلات العملاقة، ويفرض رسوم باهظة، ما يجعله أقل فائدة من منافسه الإسرائيلي.
ومعلوم أن أكثرية نفط الخليج الخام المتجه إلى أوربا وأميركا الشمالية يتم ضخه عبر خط أنابيب “السويس – البحر الأبيض المتوسط”، المعروف بخط “سوميد” في مصر، والذي تمتلك فيه السعودية والإمارات وقطر حصة، ولهذا كان الانتقاء الصهيوني للإمارات والسعودية لدعم وتمويل مشروع خط الأنابيب الصحراوي في غاية الدقة والخطورة.
الانفتاح على إسرائيل ودول الخليج كمصدر لاستيراد النفط وتخزينه، يحمل أهمية إستراتيجية بعيدة المدى تجاه إيران، ومن شأن الطريق البري أن يقلل بشكل كبير من ضعف دول الخليج أمام إيران ومحور المقاومة والممانعة، ما ينقذ التجربة المشكوك فيها لعبور مضيق هرمز على طول طريق بحري شديد الخطورة، لأن إنشاء طريق بري سيجعل من الممكن تقليل استخدام الطريق البحري لتصدير النفط إلى الغرب، وما يحفه من مخاطر بسبب الوجود الإيراني واليمني في مضيق هرمز وباب المندب.
مكونات المشروع:
تدير المشروع شركة خط أنابيب إيلات عسقلان “EAPC” الصهيونية، والمعروفة أيضاً باسم شركة خط أنابيب آسيا – أوربا “EAPC” الإسرائيلية، وهذه قامت في الأساس على أنقاض شركة إسرائيلية – إيرانية مشتركة، تم إنشاؤها عام 1956، وأعلن الكيان الصهيوني تأميمها بعد قيام الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979.
طول الخط 158 ميلاً، ويسمح بالعمل في اتجاهين، ويقوم بنقل النفط من ميناء ايلات جنوب فلسطين المحتلة على خليج العقبة في البحر الأحمر الى محطة الناقلات في موانئ عسقلان وأشدود وحيفا وأشكول على البحر الأبيض المتوسط، ومنها إلى أوربا ودول الحوض الأبيض المتوسط وأميركا الشمالية.
ومن أهم مميزات ميناء عسقلان وجود خزانات للنفط بسعة 2.3 مليون برميل، واستقبال ناقلات للخام بحجم 300 ألف طن، وهو ما يفوق قدرة قناة السويس على استيعاب هذا النوع من الناقلات، ما يضفي على الممر الجديد أهمية إستراتيجية، تعمل إسرائيل على استغلالها، من أجل كسر المقاطعة العربية المفروضة عليها منذ عقود، وجر الدول العربية تِباعاً إلى حضيرة التطبيع، وتوظيفها لخدمة الاقتصاد الصهيوني والمشروع الصهيوني البعيد المدى.
ويؤكد الكاتب الفلسطيني “عبدالباري عطوان” أن هناك مشروعان اقتَربت مُناقشتهما، مرحلة التّنفيذ العمليّة حسب آخِر التّقارير الإخباريّة الغربيّة والإسرائيليّة:
1 – بناء خط أنابيب من أبو ظبي إلى ميناء إيلات عبر الأراضي السعوديّة، وخط الجبيل ينبع على البحر الأحمر لنقل النّفط، ووصله بخط أنابيب آخر من إيلات إلى عسقلان، وهذا الأمر قد يتطلّب امتِداد خط أنابيب الجبيل ينبع السعودي 700 كيلومتر شمالاً إلى إيلات وإيصاله بالخطّ المذكور.
2 – إرسال ناقلات نفط إماراتيّة عِملاقة، تبلغ حُمولتها ضعفيّ حُمولة النّاقلات العاديّة الأصغر المسموح لها بالمُرور عبر قناة السويس، إلى ميناء إيلات، عبر خليج العقبة، ليتم تفريغها هُناك ثمّ ضخّها عبر خطّ الأنابيب المذكور، وتجنّب القناة المِصريّة كُلياً، وربّما هذا ما يُفسِّر تنازل الحُكومة المِصريّة عن جزيرتيّ صنافير وتيران في فمِ الخليج المذكور للسّيادة السعوديّة.
وتُفيد المعلومات التقنيّة بأنّ سعة خطّ أنبوب إيلات عسقلان، أو الموانئ الإسرائيليّة الأخرى يَبلُغ 42 بوصة للنّفط الخام وطوله 254 كيلومتراً، ويُوازيه خطّ أنابيب آخَر سعة 16 بوصة لنقل المازوت والديزل والمشتقّات النفطيّة الأخرى المُكرّرة، وهذان الخطّان يُستَخدمان لتصدير النّفط الأذربيجاني والطاجيكستاني إلى الصين وكوريا الجنوبيّة تَجنُّباً لرسوم قناة السويس الباهظة.
ويستفيد المشروع من الموقع الاستراتيجي لفلسطين المحتلة عند تقاطع ثلاث قارات، الواصلة بين طرق التجارة البحرية الدولية لإفريقيا والشرق الأقصى وأوربا.
وتصل الطاقة التصديرية إلى 1.2 – 2 مليون برميل يومياً، وهو قادر على نقل 55 مليون طن من البترول، وإشعال نار المنافسة مع قناة السويس، التي تستحوذ على 51 بالمائة من كميات النفط التي تعبر القناة، وتقدر بـ 107 ملايين طن.
الأبعاد والدلالات:
سياسياً:
يُعَبِّر الاتفاق الصهيوني الإماراتي في طابعه العام عن واقع إقليمي جديد لمثلث استراتيجي تشارك فيه إسرائيل والإمارات وأميركا، وسيكون له تبعات خطيرة على الأمن القومي العربي والقضية الفلسطينية.
ويرى أستاذ الاقتصاد بالجامعة العربية الأميركية “نصر عبدالكريم” في حديث له مع موقع “عربي بوست” بتاريخ 8 أكتوبر 2020 أن التوجه الإسرائيلي لإعادة تأهيل خط “عسقلان – إيلات” يفوق الجوانب الاقتصادية ليصبح ذا أبعاد استراتيجية، فإسرائيل تسعى لإعادة التموضع في المنطقة، بما يحقق لها المميزات والمكاسب على المدى الطويل.
إعادة تشغيل خط النقل النفطي “إيلات – عسقلان” سيمنح تل أبيب النفوذ السياسي والسيطرة على موارد الغاز ومياه شرق المتوسط، وخطوط النقل والمواصلات والاتصالات، مما يؤهلها لوضع نفسها في مكان مميز على خريطة المنطقة.
الكيان الصهيوني يظل الأكثر استفادة من الناحية “الجيو – سياسية”، لأن الخط يمنحه موطئ قدم عسكري أمني في المنطقة، ويُعَمِّق مصالحه مع باقي الأطراف، ولأنه يتطلب توفير احتياجات أمنية لتوفير سلامة النقل، وما يشمله من إجراءات الحراسة والحماية، فهو يحقق المزيد من المصالح الأمنية لإسرائيل في المنطقة والعالم.
وهو ما يتيح لإسرائيل أريحية مُطلقة لتغيير قواعد اللعبة في المشرق العربي، وجعل كيانها اللقيط ملجأ آمناً للدول العربية المطبعة، لأنها ستكون أقل ضعفاً أمام إيران، لتراجع اعتمادها الكبير على مضيق هرمز، المتأثر بالتوتر الخليجي الإيراني، واستمرار حرب اليمن، والصراع الأميركي الإيراني في الخليج.
وتوجهٌ كهذا يعتقد الكيان الصهيوني أنه سيعمل على تقليص هامش المناورة أمام إيران، ويحُد من قدرتها على استهداف إمدادات النفط الخليجية.
ويمثل خط النفط الصحراوي الحلقة المركزية في مخطط إسرائيل لإحكام سيطرتها على مسار الطاقة في المنطقة، وإعادة صياغة علاقاتها الاستراتيجية القائمة على الارتباط المصلحي طويل الأمد مع الدول العربية المُطبِّعة معها.
اقتصاديا:
يرى الباحث بمركز القدس للدراسات الإسرائيلية “عواد أبو عواد” أن خط النقل النفطي “إيلات – عسقلان” سيحقق لإسرائيل أرباحاً بقيمة 3 مليارات في العام الأول، و10 مليارات أخرى بعد 7 سنوات على تشغيله.
ويرتبط هذا الخط بما أعلنه سابقاً وزير المواصلات الصهيوني السابق “يسرائيل كاتس” حول تشغيل خط السكة الحديد لربط حيفا والإمارات، لنقل البضائع الخليجية عن طريق البر، بحيث يكون أسرع وأقصر، ويوفر لها سرعة الوصول، مما سيرفع حجم التبادل التجاري الإسرائيلي الخليجي بعد مرور 10 سنوات إلى 30 مليار دولار، أي ثلث قيمة التجارة الخارجية الإسرائيلية.
الكاتبة الإسرائيلية “فازيت رابينا” في قراءتها لأبعاد الاتفاق الإماراتي الصهيوني، ترى أن للاتفاق إمكانات كامنة مهمة وفي المدَيَيْن، المتوسط والبعيد، ومن المتوقع أن يكون له تأثير أيضاً في الاقتصاد الإسرائيلي بداية، وقدّرت حجم المداخيل المتوقعة لكيانها من رسوم العبور بنحو 800 مليون دولار سنوياً، كما أن النشاطات التي ستنمو حول أنبوب النفط وتشعباته إلى مرفأ أشدود وحيفا ومحطات التكرير، من المتوقع أن تُنشىء فرعاً اقتصادياً جديداً في إسرائيل، سيشمل نقل وتخزين وصيانة موانئ تكرير النفط ومشتقاته.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة خط الأنابيب “إيزيك ليفي”، في مقابلة له مع مجلة موقع “فورين بوليسي” الأميركية: أن خط الأنابيب، يُمكن أن يزيل ويسرق حصة كبيرة من شحنات النفط التي تتدفق الآن عبر قناة السويس القريبة، ويفتح الكثير من الأبواب والفرص، فبعدما كسر الإماراتيون الجليد، أصبحت فرص صفقات الطاقة العربية – الإسرائيلية واسعة ومُربحة، بدءاً من الاستثمار في خط الأنابيب الإسرائيلي نفسه، إلى تكييفه لنقل الغاز الطبيعي أو توصيله بخطوط الأنابيب عبر السعودية والشرق الأوسط الأوسع.
عربياً، ستوفر الإمارات، وأي دول أُخرى تستخدم قناة السويس بعد توقيع اتّفاقات التّطبيع المهينة، مِئات الآلاف من الدّولارات كرسوم عبور عبر القناة عن كُلِّ شُحنةٍ نفطيّة، وهو ما يمثل ضربة قاتلة للاقتصاد المصري.
استعدادات على أعلى المستويات:
صحيح أن إقامة خط النفط الصحراوي الصهيوني الإماراتي “إيلات – عسقلان” لا يزال قيد الدراسة والبحث، وأن نجاحهُ متوقفٌ على الموافقة السعودية للسماح بمد خط الأنابيب عبر أراضيها، فالصحيح أيضاً أن الموافقة السعودية بإجماع جن بني الأصفر وجن بني الأحمر مجرد تحصيل حاصل لأسباب يعلمها العم سام والراسخون في طلاسم التطبيع والانبطاح، والمؤكد وهذا الأكثر وجعاً وإيلاماً أن تجميع النفط الخليجي عبر خط أنابيب بري رئيسي إلى شرق البحر الأبيض المتوسط سيكون بمثابة ضربة قاتلة للأمن القومي العربي، ومؤلمة للممرات المائية الاستراتيجية في المنطقة، على رأسها مضيق هرمز وخليج عُمان وباب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس وخط “سوميد”، وأن مصر المسبحة بحمد التطبيع منذ أربعة عقود ستكون الأكثر ضرراً.
وفي حال الشروع في تشغيله سيفتح الباب على مصراعيه أمام مشروعات أخرى موازية له، كإقامة طرق إقليمية سريعة للشاحنات، وخط سكة حديد لنقل البضائع من الخليج وآسيا إلى أوربا،..، وهذا يعني المنافسة الشرسة لمشروع طريق الحرير الصيني، فضلاً عما يمثله من خسارة فادحة لقناة السويس، والتي ستكون الخاسر الأكبر بحسب مجلة “فورين بوليسي” الأميركية، وتخفيض حركة المرور في هرمز وباب المندب وخليج عُمان والبحر الأحمر، وحتى روسيا لن تسلم من تهديد خط “إيلات – عسقلان” هيمنتها على أسواق الطاقة الأوربيّة بشَكلٍ أو بآخر.
عملياً، بدأت الشركة الصهيونية المخولة بتشغيل الخط المزمع، وهي شركة “EAPC” في التواصل مع بيوت تجارة النفط في أوربا وآسيا، وشركات التكرير في هولندا وسنغافورة والهند والصين وكوريا الجنوبية واليابان، لعقد اتفاقات لتصدير النفط الخام والمشتقات النفطية عبر إسرائيل.
قناة السويس “خط سوميد”:
تشكل أحد أهم الممرات في العالم لنقل النفط إلى أوربا بدلاً من دوران السفن حول أفريقيا، وهي ثاني أكبر مصدر للعملة الأجنبية لمصر بعد السياحة، وتُدِرُ سنوياً نحو 6 مليارات دولار، وتأتي 17 بالمائة من عائداتها من ناقلات النفط، ويمر منها 10 بالمائة من حجم التجارة العالمية، وتخطط مصر لزيادة هذه السعة إلى 12 بالمائة بحلول 2023.
وتعتبر روسيا وقطر أكثر الدول استخداماً لقناة السويس، لنقل حمولات النفط والغاز المُسال، حيث تستحوذ روسيا على ما يقرب من رُبع حمولات النفط، بينما تستحوذ قطر على ما يقرب من 95 بالمائة من حمولات الغاز المسال العابرة من الجنوب إلى الشمال.
وتشارك في خط “سوميد” كلاً من مصر والسعودية والإمارات والكويت وقطر.
افتتحت قناة السويس في عهد الخديوي إسماعيل عام 1869، ويبلغ طولها 193 كيلومتراً، وفي العام 2015 تم افتتاح تفريعة بطول 72 كيلومتراً، بهدف تقليص فترة انتظار السفن والسماح بمرورها في الاتجاهين طوال الوقت، لكنها لم تحدث إي فارق في أداء القناة.
ويكفي عُمقُها واتساعها للتعامل مع ما يسمى بسفن “سويز ماكس”، مع نصف سعة ناقلة النفط العملاقة فقط، وبالتالي يتعين على تجار النفط استئجار سفينتين عبر القناة مقابل كل سفينة يرسلونها عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع رسوم باتجاه واحد عبر السويس تصل لما بين 300 ألف دولار و400 ألف دولار.
ووفقاً للتقديرات الأولية ستستحوذ الشركة الصهيونية على نحو 15 بالمائة من تدفقات النفط عبر قناة السويس، من خلال تحويل مسارات ناقلات النفط إلى طريق إيلات – عسقلان، فيما تذهب مجلة “فورين بوليسي” الأميركية إلى أن حركة التجارة الإجمالية في القناة مرشحة للتناقص بأكثر من 17 بالمائة، مع بداية تشغيل الأنبوب الجديد.
وتوقع أستاذ الاقتصاد “نصر عبدالكريم” تراجع حركة مصر التجارية البحرية، والاستِغناء عن قناة السويس التي تُدِر 5.72 مِليار دولار سنوياً على الخِزانة المِصريّة، وفُقدان بريقها، وإيذاء مصر ومركزها الاستراتيجي، بجانب مضيق هرمز الذي يمر منه 40 بالمائة من النفط العربي.
وكل هذا سينعكس بالسلب على إيرادات مصر من رسوم العبور والتخزين وخدمات الشحن والتفريغ من العين السخنة إلى سيدي كرير غرب الإسكندرية، وبدلاً من اقتراب مصر من حلم الاستحواذ على ما يقرب من 10 بالمائة من النفط المنقول بحراً حول العالم من خلال قناة السويس وموانئ الإسكندرية، إذ بها تفقد حصتها الحاليّة، ومن ثم تراجع إيراداتها، في الوقت الذي تهرول فيه لإنعاش خزائنها بعائدات إضافية، لمواجهة العجز الذي تعاني منه، بسبب السياسات الاقتصادية والمالية الكارثية التي يتبعها النظام الحالي.
وحذر رئيس هيئة قناة السويس، الفريق “أسامة ربيع” على استحياء من التأثير السلبي الذي يمثله خط أنابيب النفط “إيلات – عسقلان” على الأمن القومي المصري وقناة السويس: الخط سيستحوذ على أكثر من نصف كميات النفط التي تعبر القناة، ما سيؤثر على إيراداتها.
مُبدياً مخاوفه من تركيز البضائع الخليجية في يد إسرائيل: نراهن ونعتمد على العروبة في أن تكون التجارة البينية مع إسرائيل قائمة على عدم التأثير على قناة السويس بشكل كبير.
مشيراً إلى أن قناة السويس تشهد عبور أكثر من 107 ملايين طن من النفط سنوياً، مقارنة بـ 55 مليون طن محتمل عبورها عبر خط “إيلات – عسقلان”، بمعنى أن الخط سيستحوذ على 51 بالمائة من كميات النفط التي تعبر قناة السويس حالياً.
واعتبر أن الأمر يأتي في إطار ترتيبات إقليمية تمس الأمن القومي لمصر.
يُذكر بأن طاقة خط “إيلات – عسقلان” حالياً نحو 600 ألف برميل يومياً، أي ما يعادل ربع طاقة النقل عبر خط “سوميد”، ونحو ثلث كميات النفط الخام التي تعبر قناة السويس في المتوسط منذ عام 2017.
ومع أن إسرائيل في نظر المتفائلين والطوباويين من المصريين لا تسعى إلى استعداء مصر بالاستحواذ على نسبة كبيرة من حركة الناقلات النفطية العابرة لقناة السويس، بسبب العلاقات الوطيدة بينهما، واتفاقية السلام الموقعة في العام 1979 وما ترتب عليها من تشبيكات وتربيطات واتفاقات، إلا أنهم يتوقعون انخفاض إيرادات القناة بنسبة تتراوح بين 5 إلى 7 بالمائة، قابلة للزيادة إلى حدود معينة، بسبب التحول في مسار بعض الناقلات.
في حين توقعت صحيفة “معاريف” الصهيونية ومجلة “فورين بوليسي” الأميركية، استحواذ أنبوب “إيلات – عسقلان”، في حال تحقيق الحلم الإسرائيلي، على 12 – 17 بالمائة من حجم الغاز والوقود الذي يمر في قناة السويس حالياً، والإسرائيليين والأميركيين أكثر دقة في حساباتهم، وأكثر واقعية من نرجسية بِغال العرب.
وأضافت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية بكل وضوح أن مصر ستشهد ضعف الأعمال، وستكون لديها سيطرة أقل على الأسعار الآن مع وجود منافسة.
السعودية.. مراوغة مفضوحة:
انضمام السعودية إلى المشروع الصهيوني الإماراتي، لم يعد ينقُصه سوى توقيت الإعلان، كل المؤشرات تؤكد ذلك، مخاوف أعراب الخليج من الفزاعة الإيرانية والصواريخ اليمنية، ورُهاب أحرار المقاومة الإسلامية في فلسطين المحتلة ولبنان نصر الله، ويمن أنصار الله، جعلتهم يرتمون في أحضان اليهود ويرون فيهم المنقذ والحامي والساتر لعوار حاضرهم المنخور، وخوار مستقبلهم المجهول.
وتذهب التوقعات إلى ربط خط الأنابيب النفطي المقترح، السعودية ومصر مباشرة، عن طريق مد خط ينبع البري إلى شمال غرب السعودية، قُبالة شرم الشيخ، ومد الخط بحرياً من هناك إلى العين السخنة، ليرتبط بخط “سوميد”.
وحذر خبراء من تداعيات التطبيع الخليجي الإسرائيلي على مصالح مصر، مشيرين إلى إمكانية أن تدخل السعودية على الخط ذاته بإعادة تشغيل خط التابلاين الممتد من ساحل الخليج العربي بالسعودية إلى ساحل البحر الأبيض المتوسط.
ميناء بيروت في مرمى حيفا:
في حال تفعيل الخط الصحراوي، لبنان هو الأخر لن يكون بعيداً عن تداعياته الكارثية، وهناك مخاوف كبيرة في أوساط اللبنانيين من حلول ميناء حيفا محل ميناء بيروت، خصوصاً وأن واحدة من أهم بنود الشراكة الصهيونية الإماراتية هي إعادة تأهيل ميناء حيفا، ليكون إحدى نقاط استقبال النفط الخليجي المتدفق إلى الكيان الصهيوني عبر أنابيب خطوط النفط البرية المتوقع أن تمتد من الإمارات عبر السعودية، والأردن إلى فلسطين المحتلة، ومنها الى مختلف دول أوربا وأميركا الشمالية.
ويرى النائب عن كتلة القوات اللبنانية، العميد “وهبة قاطيشا”، أن المصالحة بين إسرائيل وبعض الدول الخليجية قادرة على أن تفتح الباب على ميناء حيفا، خاصة أنه أقرب جغرافياً إلى الدول الخليجية، وأن إسرائيل لديها إمكانات واسعة لناحية تجهيز ميناء حيفا وطرقاته والتعامل معه، من خلال الشركات الأجنبية وتسهيل تبادل الحاويات، هذه التسهيلات تقابلها تعقيدات وخلافات في لبنان، وسط غياب أي رؤية مستقبلية.
متوقعاً تراجع دور مرفأ بيروت، في حال قررت الدول العربية أن تأخذ مرفأ حيفا لها باباً ثانياً، لاسيما أن واجهة المشرق العربي محصورة بثلاثة مرافئ، وهي حيفا وبيروت وطرابلس شمال لبنان.
تَرَقّب إيراني ومخاوف صهيونية:
يرى الباحث بمركز القدس للدراسات الإسرائيلية “عواد أبو عواد” أن إيران ستتضرر كثيراً من خط النفط الصهيوني الإماراتي، مما قد يُحدث نوعاً من الاحتكاك الحربي لمنع الوصول لمرحلة تفقد فيها إيران قدرتها على إدخال الأموال عبر مضائقها الإستراتيجية.
ودفع الحديث الإسرائيلي عن هذا الخط وكالة أنباء “فارس” الإيرانية لعنونة مقالها المنشور بتاريخ 25 سبتمبر 2020: “خط أنابيب النفط إيلات – عسقلان ليس آمناً من هجمات المقاومة”، ويحمل هذا العنوان تلميحاً إيرانياً وتهديداً باستهداف الخط من المقاومتين الفلسطينية واللبنانية وتخريبه بحسب الكاتبة الصهيونية “فازيت رابينا”، وحماس في غزة تمتلك إمكانيات متقدمة لوحدات “الكوماندوز” البحرية، ومنشآت إيلات وعسقلان وخطوط أنابيب النفط في نطاق نيرانها، وكذلك شواطئ “زيكيم” كما في حرب 2014.
وفرضية العمل هي أن الإيرانيين لن يسكتوا وسيحاولون تخريب الممر البري أيضاً في النقاط القصوى على البحر الأحمر.
مؤكدة بأن سفن سلاح البحر الإسرائيلي تبحر اليوم على بُعد ألف كيلومتر من سواحل فلسطين المحتلة للدفاع عن سفن شحن إسرائيلية، ولمنع تهريب سلاح إيراني عبر البحر الأحمر، وتحتفظ إسرائيل بقاعدة استخباراتية في إرتيريا التي تطل على البحر الأحمر، ومؤخراً صعد أيضاً اسم جزيرة سقطرى القريبة من سواحل اليمن، كقاعدة استخباراتية محتملة مشتركة بين الإمارات وإسرائيل.
الخبير في الشؤون الإيرانية في معهد بحوث الأمن القومي الإسرائيلي “راز تسيمت”، في قراءته لردة الفعل الإيرانية، يرى أن عملية التطبيع مع الإمارات ستزود الإيرانيين بأهداف إسرائيلية جديدة، يجب أن تُقلق إسرائيل، وخصوصاً، إذا تبلور تخوّف في إيران من وجود عسكري استخباراتي إسرائيلي في دول الخليج، هذه مسألة من الصعب على إيران تجاهلها: أي وجود مادي أو دليل على بنية تحتية أمنية في الإمارات تُستخدم لجمع معلومات استخباراتية من أجل إسرائيل ستشكل خطاً أحمر بالنسبة إلى إيران.
المخاطر والتداعيات:
التطبيع الإماراتي البحريني يمثل الخطوة الأولى نحو تدشين مرحلة “الشرق الأوسط الجديد”، وحين يحدث ذلك فإن الدور المصري هو الأكثر تعرّضاً للتهديد، بوصفها الدولة الأكبر عربياً، والأكثر التصاقاً بالقضية الفلسطينية، بجانب الأردن.
والأكثر كارثية من مشاريع التطبيع المجاني، هو عدم إدراك أنظمة الخُواء العربي لأبعاد وانعكاسات هذه التطورات الكارثية على الأمن القومي المصري والعربي على حد سواء، ومن أبرزها بحسب الكاتب المصري “محمد عصمت”:
1 – اقتصار التفاعل المصري إقليمياً على لعب دور هامشي في السيناريوهات المتوقعة لمستقبل الإقليم، بعد أن كانت قائدةً بل وملهمةً له طوال قرون طويلة.
وتعقيباً على كلام “عصمت” كشفت دراسة أعدها معهد واشنطن أن مركز القوة في العالم العربي، بدأ يتحوّل نحو دول الخليج في السنوات الأخيرة، وأن البساط بدأ يُسحب من تحت أقدام مصر، متوقعةً خُفُوت النفوذ المصري بشكل سريع في أعقاب الإعلان عن التطبيع الإماراتي الصهيوني، لا سيما بالنظر إلى القدرة المالية والتكنولوجية للإمارات على تسريع مثل هذه المبادرات.
2 – تراجع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب المركزية إلى خلفية المشهد بـ”تسوية” أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في الدول التي يعيشون فيها، على أن يحصل من يعيش منهم في فلسطين المحتلة على “شبه دولة” تهيمن عليها إسرائيل من الألف إلى الياء.
3 – تفكيك منظومة الأمن القومي العربي بأبعادها العسكرية والسياسية والاقتصادية بالكامل، وتكهيِّن كل مقولات العالم العربي عن الحرية والوحدة والتنمية المستقلة ووضعها في المخازن، فالمخططات الإسرائيلية والأميركية جاهزة بالبدائل من خلال بناء تحالف وثيق بين دولارات النفط الخليجية والتكنولوجيا الإسرائيلية، ومواجهة إيران وإجهاض كل طموحاتها النووية، بانتظار وصول القطار السعودي بقيادة محمد بن سلمان إلى محطة التطبيع، بعد أن يحل محل والده، والذي يُتردد في الصحف الغربية أنه يعارض الصلح مع إسرائيل قبل إعطاء الفلسطينيين دولتهم المنتظرة، فإن الطريق سيكون ممهداً أمام إسرائيل لكي تحقق كل أهدافها في الهيمنة على عالمنا العربي.
ويعتقد الكاتب “مصطفى عبدالسلام” أن خطي “إيلات – عسقلان”، و”بقيق – إيلات”، هما الأخطر بالنسبة لمصر، لأنهما يهددان بشكل مباشر قناة السويس، ويُفقِدان مصر ليس فقط 6 مليارات دولار تحصدها سنوياً عن رسوم المرور، ولكنهما يُهددان مشروعات تنمية إقليم السويس وإعادة تعمير سيناء ومئات الآلاف من فرص العمل، وموانئ مصر الواقعة على البحر الأحمر، والتي تساهم الإمارات في إدارة بعضها مثل ميناء السخنة الذي تديره موانئ دبي، أو الموانئ الأخرى الواقعة على البحر المتوسط سواء في السويس أو بورسعيد أو الاسكندرية أو دمياط.
وأضاف بأن خط “إيلات – عسقلان” وعمليات التطبيع الخليجية ستعمل على تحوّل مصير الخليج الاقتصادي المتمثل بالنفط ليكون واحدة من أدوات الابتزاز الإسرائيلي على المستوى الاستراتيجي، بتمكنها من التحكم في نقل النفط وبيعه وفقاً لشروطها وتوجهاتها السياسية والأمنية والاقتصادية، وسيقضي على آمال مصر بتطوير إيراداتها، والحفاظ عليها عبر عائدات القناة، التي تشكل الناقل الرئيسي للنفط من الخليج عبر البحر الأحمر، مروراً بالقناة إلى البحر المتوسط، وصولاً لأوربا.
كما أن تطوير الإمارات موانئ إسرائيلية مهمة منافسة للموانئ المصرية مثل حيفا وأشدود وإيلات، وإنشاء 3 مناطق تجارة حرة بين الإمارات وتل أبيب، هذه المناطق الحرة والموانئ تهدد مثيلتها في مصر، خاصة أن الإمارات سمحت للشركات الصهيونية بإطلاق أنشطتها من مناطق التجارة الحرة في دبي وغيرها من موانئها دون الحاجة إلى وجود شريك محلي، ومنحتها الكثير من المزايا الضريبية واللوجستية والتنظيمية، وهنا ستنافس الشركات الإسرائيلية الشركات والموانئ المصرية على أسواق العالم.
مصر.. الخيارات مفتوحة:
كان من الممكن لمصر أن تقف عائقا أمام المشاريع الصهيونية المتغوِّلة في المشرق العربي بالمال الخليجي، لولا تخليها عن سيادتها على جزيرتي “تيران” و”صنافير” للسعودية، واللتان تتحكمان في مدخل خليج العقبة وميناءي العقبة في الأردن وإيلات في فلسطين المحتلة، وتقعان على امتدادٍ يتسم بأهمية استراتيجية، ويمثل طريق إسرائيل لدخول البحر الأحمر.
ومع ذلك لا يزال أمامها العديد من الخيارات المتاحة لرفض مسار التطبيع وتجنب السيناريوهات الكارثية لتفعيل خط “إيلات – عسقلان”، من أبرزها بحسب رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط الأردني “جواد الحمد”:
1 – تطوير وتفعيل علاقات أفضل مع غزة وحماس من جهة، والسلطة الفلسطينية من جهة أخرى، وتشجيعهما على الاتفاق والوحدة.
2 – دعم موقف الفلسطينيين ضد صفقة القرن ومخطط الضم للقدس.
3 – توثيق التنسيق المصري والأردني والعراقي – وكذا إيران واليمن ممثلة بحكومة الإنقاذ باعتبارها دولا متضررة – لمواجهة هذا التحول الخطير.
4 – تطوير علاقاتها مع تركيا، لحل الأزمة الليبية.
5 – المساهمة في سرعة إنهاء الأزمة السورية بالتعاون مع تركيا وإيران وروسيا والعراق والأردن في وقت واحد.
6 – إنشاء هيئة تنسيقية للطاقة والغاز مع كل من الأردن وفلسطين ولبنان وسورية وتركيا، بموازاة منظمة شرق المتوسط، حتى تملك حرية أكثر في اختياراتها، وحتى لا تظن إسرائيل أنها قادرة على تحجيم وإضعاف ومحاصرة دورها القيادي في المنطقة.
…………………………………..
المراجع:
1 – إبراهيم نوار، القدس الفلسطينية، من يفوز بالجائزة قناة السويس أم خط إيلات – عسقلان؟، 25 نوفمبر 2020
2 – جوناثان ش. فيرزيغر، صفقة الإمارات تُعزّز خطّ أنابيب النفط الإسرائيلي الذي تمَّ بناؤه سراً مع إيران، موقع أسواق العرب، 12 سبتمبر 2020
3 – عبد الباري عطوان، مِصر أبرز المُتضرّرين من خطّ أنابيب النّفط الإماراتي الإسرائيلي، الإشراق، أكتوبر 2020
4 – عدنان أبو عامر، تنشيط الإمارات لخط إيلات – عسقلان النفطي يحرم قناة السويس من بترول الخليج، عربي بوست، 8 أكتوبر 2020
5 – محمد عصمت، قبل أن يجرفنا الطوفان، بوابة الشروق، 21 سبتمبر 2020
6 – محمود سامي، بعد أن ابتلعت الإمارات اقتصاد مصر.. لماذا يهدد التطبيع مع إسرائيل قناة السويس؟، الجزيرة نت، 26 سبتمبر 2020
7 – مصطفى عبدالسلام، الإمارات تخنق الاقتصاد المصري، العربي الجديد، 4 أكتوبر 2020
8 – فازيت رابينا، المثلث الذهبي: احتمال أن تتحول إسرائيل دولة نفطية عظمى، صحيفة “مكور ريشون” الصهيونية، ترجمة عربي21، 4 أكتوبر 2020
9 – الجزيرة نت، تطبيع إماراتي إسرائيلي في مجال الطاقة.. هل يحطم حلم مصر في قناة السويس؟، 29 أكتوبر 2020
وكذا: خط مباشر بين دبي وإيلات.. تطبيع إسرائيلي إماراتي بمجال الشحن والموانئ، 16 سبتمبر 2020
10 – الخليج الجديد، عبر أنبوب إيلات عسقلان.. مخطط إسرائيلي لنقل النفط السعودي إلى أوربا، 3 أكتوبر 2020
11 – إيماسك، كيف يشكل اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي خطراً على قناة السويس وميناء بيروت، 1 أكتوبر 2020
12 – موقع الشارع السياسي المصري، التطبيع الإماراتي.. مصر تقف على أعتاب تهديدات مصيرية، 15 أكتوبر 2020
13 – مجلة فورين بوليسي الأميركية، كيف يهدد التطبيع الإماراتي الإسرائيلي مكانة قناة السويس؟، ترجمة وتحرير الخليج الجديد، 8 سبتمبر 2020
14 – ملفات المعرفة، خط الأنابيب عبر إسرائيل
15 – نون بوست، أنبوب “إيلات – عسقلان” الإماراتي الإسرائيلي.. ضربة مؤلمة لقناة السويس، 1 نوفمبر 2020
رابط المصدر: