وضعت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الجامعات الخاصة في الولايات المتحدة أمام معضلة دقيقة: تلبية مطالب داعميها الأثرياء المؤيّدين للدولة العبرية، والحفاظ في الوقت عينه على حقّ طلابها في التعبير عن آرائهم الداعمة للفلسطينيين.
وقد تقدّمت رئيسة جامعة بنسيلفانيا (“UPenn”) الأميركية المرموقة إليزابيث ماغيل باستقالتها من منصبها في أعقاب موجة انتقادات واسعة طالتها على خلفية جلسة استماع في الكونغرس بشأن معاداة السامية في جامعات الولايات المتحدة بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس.
ويكفل الدستور الأميركي حرية التعبير والإدلاء بالرأي، ويستند الكثير من مسؤولي الأحرام الجامعية الى تقرير لجنة كالفن لعام 1967 في الدفاع عن حرية الطلاب في التعبير عن مواقفهم.
وأعادت هذه الضغوط تسليط الضوء على ضعف الدعم الحكومي للجامعات الخاصة وتركها عرضة لأهواء الأثرياء. ورأت باسكيريلا أن الاعتماد على الدعم الخاص يفرض قيودا على الأساتذة والمسؤولين “لأنهم يخشون خسارة التبرعات”.
جامعة كولومبيا في نيويورك تعيش منذ أشهر على وقع تطورات الحرب في غزة، مع بيانات نارية وعرائض مضادة وعقوبات مفروضة على مجموعات طالبية مؤيدة للفلسطينيين تشكّل موضع نقاش في أجواء يسودها التسييس إلى حدّ كبير لدرجة أن أساتذة باتوا يعربون عن قلقهم على حرية التعبير.
وبات مشهد طلاب يرفعون الأعلام الفلسطينية ويتشحون بالكوفيات في تظاهرات مطالبة بوقف إطلاق النار في القطاع، مألوفا في حرم الجامعة في مانهاتن.
ويرفع الطلاب شعار “فلسطين حرة من البحر الى النهر” الذي يرى فيه البعض دعوة لإزالة دولة إسرائيل، بينما يراه آخرون نداء لتحرير الفلسطينيين.
وعلى هامش تظاهرة نظمت، احتشدت مجموعة صغيرة مؤيدة لإسرائيل حاملة أعلام الدولة العبرية وحليفها الأميركي وسط موسيقى صاخبة.
لم تسلم من السجالات هذه الجامعة الخاصة العريقة في الولايات المتحدة المعروفة بتظاهرات طلابها سنة 1968 ضدّ الحرب في فيتنام والتمييز العرقي.
والنقاشات بشأن النزاع في الشرق الأوسط ليست حديثة العهد في الحرم الجامعي حيث قدّم المفكر الفلسطيني الأميركي إدوارد سعيد محاضرات.
في العام 2020، أفضى استطلاع لآراء الطلاب إلى تصويت لمقاطعة إسرائيل. ورفضت رئاسة جامعة كولومبيا التي يربطها برنامج تبادل بجامعة تل أبيب، نتائج التصويت.
وباتت اليوم مجموعات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين تُتهم بتغذية الكراهية إزاء اليهود، وهي اتهامات تدحضها، وتوجّه في المقابل اللوم للجامعة على تحيّزها لإسرائيل، الأمر الذي تنفيه الإدارة بدورها.
ويقر جوزيف هولي الأستاذ “اليهودي الأميركي” المحاضر في الأدب الكلاسيكي والذي يؤيّد مقاطعة إسرائيل بأن “حالة الانزعاج” في أوساط الكادر الجامعي “بلغت مستويات غير مسبوقة”.
وبعد تظاهرات متشنجة تواجه فيها الطرفان، علقت أنشطة جمعيتين للطلاب المؤيدين للفلسطينيين في تشرين الثاني/نوفمبر لانتهاكهما النظام العام، لا سيما خلال تجمع “تخلله خطاب مشحون بالتهديد والتخويف”، وفق إدارة الجامعة.
ويكشف جاك هالبرستام الأستاذ المحاضر في اللغة الإنكليزية والدراسات حول النوع الاجتماعي بأنه لم يشهد يوما “جهودا كهذه للمساس بحرية التعبير” في جامعة كولومبيا.
وهو يرى أن صرامة الإدارة مردّها خشيتها من اتهامها بتأجيج معاداة السامية، فضلا عن ضغوط الجهات المانحة.
وفي أواخر تشرين الأول/أكتوبر، أعربت لورا روزنبري، رئيسة برنارد كولدج، وهي جامعة للنساء تابعة لمؤسسة كولومبيا الجامعية، عن “الاستياء والحزن إزاء انتشار معاداة السامية ومعاداة الصهيونية” في الحرم، منددة في الوقت عينه بـ “خطاب معاد للفلسطينيين وللمسلمين”.
لكن جاك هالبرستام يرى أن الالتباس بين “معاداة الصهيونية ومعاداة السامية” يجعل “النقاش شبه مستحيل”.
ويضيف “إذا لم يكن في وسعنا انتقاد دولة تنفذ عمليات عسكرية غير شرعية على امتداد الحدود ضدّ مدنيين، نكون قد دخلنا في حقبة جديدة لخنق حرية التعبير”.
وابل من الانتقادات
تؤكد ريبيكا كوبرين، المديرة المشاركة لمعهد إسرائيل والدراسات اليهودية في جامعة كولومبيا، ضرورة مراعاة مشاعر الطلاب اليهود المنزعجين و”المنهكين” من الأحداث، والذين يرون في شعارات من قبيل “من النهر إلى البحر تحريضا على العنف”، مدافعة في الوقت عينه عن حرية التعبير.
وفي أعقاب هجوم حماس، أثار نصّ لمجموعة الطلاب المؤيدة للفلسطينيين التي علقت نشاطاتها المعروفة بـ “Students for Justice in Palestine” وابلا من الانتقادات. وجاء في النصّ أن هجوم حماس هو بمثابة “حلقة تاريخية للفلسطينيين في غزة” و”هجمة مضادة من الفلسطينيين على المستعمر المستبد”.
وإثر صدور هذا النصّ، تلقت إدارة الجامعة رسائل مفتوحة كثيرة من أساتذة وطلاب استنكر بعضهم التغافل عن “هجمات حماس الهمجية”، في حين هبّ آخرون للدفاع عن الطلاب المعنيين الذين نشرت أسماء البعض منهم وصورهم مرفقة بوسم “معاد للسامية”.
ويؤكد جوزيف هولي إن “الخسائر في الأرواح وأعمال العنف في السابع من تشرين الأول/أكتوبر كانت مأساوية ولا بدّ من أن تكون موضع تنديد”. لكن الأستاذ الذي ترعرع “وسط أجواء الحادي عشر من أيلول/سبتمبر وما يعرف بحرب الولايات المتحدة على الإرهاب” لا يخفي قلقه من “الردّ السياسي الذي يستهدف مباشرة ويعيب نشطاء شباب لم يستخدموا الكلمات المناسبة”.
وأحالت إدارة جامعة كولومبيا مراسلي وكالة فرانس برس الذين حاولوا التواصل معها إلى رابط على موقعها الإلكتروني حيث تفسر أن “الأجواء في الحرم الجامعي مشحونة” منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر وأنه تمّ اتخاذ تدابير لتعزيز الأمن والإشراف على تنظيم الفعاليات بصورة أفضل.
استقالة رئيسة جامعة أميركية
وفي هذا السياق تقدّمت رئيسة جامعة بنسيلفانيا (“UPenn”) الأميركية المرموقة إليزابيث ماغيل باستقالتها من منصبها في أعقاب موجة انتقادات واسعة طالتها على خلفية جلسة استماع في الكونغرس بشأن معاداة السامية في جامعات الولايات المتحدة بعد اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس.
وأعلن رئيس مجلس أمناء الجامعة سكوت بوك السبت أنّ ماغيل “قدّمت استقالتها بشكل طوعي”.
وأكّد متحدث باسم الجامعة لوكالة فرانس برس أنّ بوك بدوره استقال من منصبه.
وكانت ماغيل واحدة من رئيسات ثلاث جامعات أميركية مرموقة تعرّضن لانتقادات حادة بعد مثولهنّ الثلاثاء أمام الكونغرس في جلسة استماع مخصّصة للبحث بمعاداة السامية في الجامعات.
وقدّمت الرئيسات الثلاث مطالعات قانونية وأخلاقية مطوّلة وتفادين الإجابة المباشرة عن أسئلة شملت الاستفسار عمّا إذا كانت الدعوة الى “إبادة اليهود” تشكّل انتهاكاً للقوانين الطالبية في الجامعات.
وأثارت تصريحات ماغيل ورئيسة جامعة هارفرد كلودين غاي ورئيسة “أم آي تي” سالي كورنبلوث انتقادات غاضبة.
وطالب 74 مشرّعاً أميركياً بإقالة الرئيسات الثلاث، بينما اعتبر الحاكم الديموقراطي لولاية بنسيلفانيا جوش شابيرو أنّ أداء ماغيل كان “مخزياً”.
وأعلن أحد المتبرعين لجامعة بنسيلفانيا سحب دعم بقيمة 100 مليون دولار قدّمه لكلية إدارة الأعمال.
وخلال جلسة الاستماع، سألت العضو في الكونغرس إليز ستيفانيك الرئيسات الثلاث عمّا اذا كانت الدعوة الى “إبادة اليهود” تشكّل مخالفة لقواعد التصرّف في الجامعات. وردّت ماغيل بالقول “اذا تحوّل الخطاب الى تصرّف، يمكن أن يكون مضايقة، نعم”.
ومع مواصلة ستيفانيك البحث عن إجابة مباشرة، ردّت ماغيل بالقول إنّ القرار بشأن اعتبار هذا الأمر مضايقة أم لا سيكون مرتبطا بدراسة الحالة لدى وقوعها والسياق الذي حصلت فيه.
وأثارت الاجابة غضب ستيفانيك التي قالت لماغيل “الأمر لا يرتبط بالسياق. الإجابة هي نعم، ولذا عليك الاستقالة”.
وعلّقت ستيفانك على استقالة ماغيل، وتوجّهت عبر منصة “إكس” الى رئيستي هارفرد و”أم آي تي” بدعوتهما الى “القيام بالأمر الصحيح… العالم يراقب”، في دعوة غير مباشرة لهما للاستقالة.
وقالت المشرّعة الجمهورية في كارولاينا الجنوبية نانسي ميس لشبكة “فوكس نيوز” المحافظة “كل رئيس جامعة في هذا البلد لا يستطيع إدانة معاداة السامية وإبادة اليهود عليه أن يتقدّم باستقالته أو أن يُطرد”.
وأضافت أنّ “إسرائيل هي البلد الوحيد في العالم الذي يواجه خطر الإبادة الحقيقية”.
وأتى الاعلان عن استقالة ماغيل غداة تقديم رئيسة جامعة هارفرد كلودين غاي اعتذاراً علنياً عن تعليقاتها خلال جلسة الاستماع في الكونغرس.
وقالت في مقابلة نشرتها صحيفة “هارفرد كريمسون” التي ينشرها طلاب الجامعة “أنا آسفة”.
وأضافت “كان يجب أن يكون ذهني حاضراً في تلك اللحظة لأعود إلى الحقيقة التي ترشدني، وهي أنّ الدعوات إلى العنف ضدّ مجتمعنا اليهودي (…) والتهديدات الموجّهة لطلابنا اليهود (…) لا مكان لها في جامعة هارفرد، ولن تمرّ بدون أن يتمّ التصدّي لها”.
وأكد رئيس مجلس أمناء جامعة بنسيلفانيا أن ماغيل ارتكبت “زلّة مؤسفة”، وفق ما نقلت عنه صحيفة الجامعة “ديلي بنسيلفانيان”.
وأضاف “لم تكن كما نعهدها”، معتبراً أنّها “قدّمت إجابة قانونية على سؤال أخلاقي، وهذا كان خاطئاً”.
وأعرب عن أسفه لأنّ ذلك نتج عنه “تسجيل مريع مدّته 30 ثانية” غلب على “شهادة امتدّت خمس ساعات”.
وأكد بوك أنّ استقالته هي بمفعول فوري، في حين أنّ ماغيل ستبقى في منصبها الى حين تعيين رئيس بالإنابة. كما أوضح أنّها ستواصل العمل كأستاذة في كلية الحقوق.
ووضعت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس الجامعات الخاصة في الولايات المتحدة أمام معضلة دقيقة: تلبية مطالب داعميها الأثرياء المؤيّدين للدولة العبرية، والحفاظ في الوقت عينه على حقّ طلابها في التعبير عن آرائهم الداعمة للفلسطينيين.
وقام عدد من الأثرياء الأميركيين، أو لوّحوا على الأقلّ، بوقف تبرّعاتهم لمؤسسات تعليم عالٍ عريقة مثل جامعة هارفرد في ولاية ماساتشوستس وجامعة بنسلفانيا.
كذلك، واجه المسؤولون عن جامعتي كولومبيا في نيويورك وستانفورد في ولاية كاليفورنيا مطالبات بالنأي بأنفسهم بشكل لا لبس فيه عن مجموعات طالبية مؤيدة للفلسطينيين تتّهم إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” في منشورات يتم توزيعها خلال تحركاتها.
في المقابل، دعت مجموعة من أساتذة هارفرد إلى وضع حدّ للمضايقات في حقّ طلاب وقّعوا عريضة مناهضة لإسرائيل.
ويكفل الدستور الأميركي حرية التعبير والإدلاء بالرأي، ويستند الكثير من مسؤولي الأحرام الجامعية الى تقرير لجنة كالفن لعام 1967 في الدفاع عن حرية الطلاب في التعبير عن مواقفهم.
والتقرير الذي أصدرته جامعة شيكاغو في خضم احتجاجات غاضبة ضدّ حرب فيتنام وأعمال شغب على صلة بالحقوق المدنية، خلص الى أنّ دور الجامعات يجب أن يكون الترويج لتعددية الآراء عوضاً عن اتخاذ موقف بشأن قضايا مثيرة للجدل.
واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنّ الجالية اليهودية تتصدى لهذا الاتجاه الحالي لمعاداة السامية، قائلًا خلال الاجتماع الحكومي الأسبوعي “الشيء المهمّ الذي يحدث الآن هو أنّ الأصدقاء والزعماء في الجالية اليهودية يرفعون الصوت”.
وأضاف “هذه هي الطريقة الوحيدة لمحاربة (معاداة السامية)، بكل فخر وشرف وليس برؤوس منحنية”.
جامعات أمام خيارين
وهكذا قام عدد من الأثرياء الأميركيين، أو لوّحوا على الأقل، بوقف تبرّعاتهم لمؤسسات تعليم عالٍ عريقة مثل جامعة هارفرد في ولاية ماساتشوستس وجامعة بنسلفانيا في ولاية فيلادلفيا.
وأنهت منظمة ويكسنر التي تعمل على تحضير “قادة المجتمع اليهودي الأميركي ودولة إسرائيل” شراكتها مع كلية كينيدي في جامعة هارفرد.
وبرّرت العائلة الثرية خطوتها بـ”فشل قيادة هارفرد الذريع في اتخاذ موقف واضح وقاطع ضد الجرائم الوحشية وقتل المدنيين الإسرائيليين الأبرياء من قبل الإرهابيين”، في إشارة الى حركة حماس.
الى ذلك، طالب مارك روان الرئيس التنفيذي لصندوق “أبولو غلوبل ماناجمنت” الاستثماري وأحد المتبرعين الرئيسيين لجامعة بنسلفانيا، باستقالة رئيستها إليزابيث ماغيل.
وهو انتقد استضافة الجامعة قبل أسبوعين من اندلاع الحرب، منتدى للأدب الفلسطيني شارك فيه من قال إنهم “أشخاص معروفون بمعاداتهم للسامية وترويجهم للكراهية والعنصرية”.
كذلك، أعرب متبرعون آخرون لهارفرد وبنسلفانيا عن امتعاضهم من أداء الجامعتين في الوقت الراهن، مثل كينيث غريفين الداعم لهارفرد، ورونالد لاودر الداعم لبنسلفانيا، وفق ما أفادت وسائل إعلام أميركية.
وقالت رئيسة جمعية الكليات والجامعات في الولايات المتحدة لين باسكيريلا إن “قادة (المؤسسات التعليمية) يتعرضون للانتقاد لعدم الإدلاء بموقف سريع أو حازم بما يكفي. يتم إرغامهم على اختيار طرف. على رغم ذلك، يصّر كثيرون منهم على تعذر اتخاذ موقف مؤسسي بشأن قضايا دولية معقدة كهذه نظرا لتعدد الآراء في الحرم الجامعي”.
ودانت رئيسة جامعة هارفرد كلودين غاي هجوم حركة حماس، لكن منتقديها اعتبروا أن موقفها أتى متأخرا وبكلمات لا تعكس الشدّة الكافية.
كذلك، واجه المسؤولون عن جامعتي كولومبيا في نيويورك وستانفورد في ولاية كاليفورنيا مطالبات بالنأي بأنفسهم بشكل لا لبس فيه عن مجموعات طالبية مؤيدة للفلسطينيين تتهم إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” في منشورات يتم توزيعها خلال تحركاتها.
في المقابل، دعت مجموعة من أساتذة هارفرد الى وضع حد للمضايقات في حق طلاب وقّعوا عريضة مناهضة لإسرائيل. وشملت هذه المضايقات مرور مركبة قرب حرم الجامعة في مدينة بوسطن، وهي ترفع صور الطلاب وأسمائهم تحت شعار “أبرز المعادين للسامية في هارفرد”.
كذلك، واجهت التحركات الطالبية في جامعة كولومبيا انتقادات مشابهة.
وقالت كريستين شاهفرديان، مديرة برنامج حرية التعبير والتعليم في منظمة PEN America، إن “ما نسمعه مباشرة هو أن بعض الطلاب في بعض الأحرام الجامعية يشعرون بالقلق من التعبير، يقلقون ربما من الاحتجاج”.
وأضافت “أعتقد أن هذا الشعور بالخوف ملموس بالنسبة للبعض في الأحرام”.
واعتبرت باسكيريلا أن الضغوط التي يمارسها المتبرعون على الجامعات تقوض هدف التعليم العالي في الولايات المتحدة وهو “الترويج لسعي غير مقيّد الى الحقيقة والتبادل الحر للأفكار”.
وشددت شاهفرديان على أهمية أن “يدرك المتبرعون بأن حرية التعبير هي ركن أساسي في التعليم العالي، وهذا يعني في بعض الأحيان آراء قد يكون المرء معارضا لها بشدة”.
وأعادت هذه الضغوط تسليط الضوء على ضعف الدعم الحكومي للجامعات الخاصة وتركها عرضة لأهواء الأثرياء. ورأت باسكيريلا أن الاعتماد على الدعم الخاص يفرض قيودا على الأساتذة والمسؤولين “لأنهم يخشون خسارة التبرعات”.
وتأتي هذه القضية في وقت يعاني المجتمع الأميركي من انقسام متزايد بين الديموقراطيين والجمهوريين.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه حديثا معهد “غالوب”، أن نسبة الأميركيين الذين يبدون “ثقة كبيرة” بالتعليم العالي في بلادهم تراجعت من 57 بالمئة في 2016 الى 36 بالمئة هذه السنة.
جريمة كراهية
من جهة أخرى أعلنت الشرطة الأمريكية أن ثلاثة طلاب جامعيين من أصل فلسطيني أصيبوا في إطلاق نار في مدينة بيرلينغتون في ولاية فيرمونت الواقعة شمال شرق الولايات المتحدة، مشيرة إلى ما يبدو أنها “جريمة بدافع الكراهية”.
ووصفت الشرطة مطلق النار، الذي لا يزال طليقا، بأنه “رجل أبيض مسلح بمسدس”، مضيفة أنه “من دون أن يتفوه بكلمة، أطلق ما لا يقل عن أربع رصاصات من المسدس، ويعتقد أنه فر سيرا على الأقدام”.
وتأتي الواقعة وسط توترات شديدة وأعمال عنف تشهدها الجامعات وأماكن أخرى في الولايات المتحدة على خلفية الحرب بين إسرائيل وحماس.
وذكر بيان الشرطة أن اثنين من الضحايا في حال مستقرة، بينما أصيب الثالث “بجروح أكثر خطورة”.
ولفتت إلى أن طالبين يحملان الجنسية الأمريكية والثالث مقيم بشكل قانوني.
وفي حين لم يرد أي تأكيد رسمي لدوافع مطلق النار، أكدت الشرطة أن اثنين من الطلاب كانا يضعان الكوفية الفلسطينية التقليدية.
وقال بيان صادر عن قائد شرطة بيرلينغتون جون مراد: “في هذه اللحظة المشحونة، لا يمكن لأحد أن ينظر إلى هذه الواقعة من دون أن يساوره شك بأنها ربما جريمة بدافع الكراهية”.
وأضاف: “الآن بعد أن أصبح الضحايا في مكان آمن ويتلقون الرعاية الطبية، فإن أولويتنا التالية هي تحديد هوية المشتبه به ومكانه والقبض عليه”.
وقال متحدث باسم عائلات الضحايا في بيان، إن الطلاب من خريجي مدرسة الأصدقاء التابعة لمدارس كويكر في رام الله في الضفة الغربية، وهم الآن يتابعون دراستهم في جامعات مختلفة في شمال شرق الولايات المتحدة.
أضاف البيان: “ندعو سلطات إنفاذ القانون إلى إجراء تحقيق شامل، ولن نرتاح حتى تتم محاكمة مطلق النار”.
بدورها، قالت عائلات الطلاب في بيان وزعه معهد التفاهم الشرق أوسطي، وهو منظمة غير ربحية مؤيدة للفلسطينيين: “ندعو سلطات إنفاذ القانون إلى إجراء تحقيق شامل، بما في ذلك التعامل مع هذا الأمر باعتباره جريمة كراهية. لن نشعر بالارتياح لحين تقديم مطلق النار إلى العدالة”.
وقالت اللجنة العربية الأمريكية لمكافحة التمييز: “لدينا سبب للاعتقاد بأن إطلاق النار حدث لأن الضحايا عرب”، ودعت سلطات ولاية فيرمونت إلى التحقيق في الواقعة باعتبارها “جريمة كراهية”.
وأفاد البيت الأبيض بأنه تم إطلاع الرئيس جو بايدن على واقعة إطلاق النار.
ووصف السناتور المستقل عن ولاية فيرمونت بيرني ساندرز الاعتداء بأنه “صادم”، مضيفا أن “لا مكان للكراهية هنا، أو في أي مكان”.
ويأتي إطلاق النار في الوقت الذي حذرت فيه منظمات حقوقية من تزايد جرائم الكراهية ضد الأمريكيين المسلمين ومن أصل عربي.
وسابقا قتل طفل أمريكي من أصل فلسطيني يبلغ ستة أعوام طعنا، وأصيبت والدته في ولاية إلينوي. ودفع المشتبه به بارتكاب الجريمة البالغ 71 عاما ببراءته.
المصدر : https://annabaa.org/arabic/reports/37433