داعش في مخيم الهول، الواقع والمخاطر
لا تزال مخيمات ومراكز الاحتجاز أحد أكثر المشاكل المعقدة الحل في المنطقة. حيث تضم المخيمات ومراكز الاحتجازعشرات الآلاف من النساء والأطفال من جميع أنحاء العالم ، فكثير منهم لهم روابط عائلية بتنظيم داعش. ويسعى التنظيم لشن هجمات متكررة لتهريب العديد من عناصره من السجون. وتتزايد المخاوف من أن توقيت تلك الهجمات تشير إلى محاولة إعادة بناء هيكل التنظيم.
عديد مقاتلي داعش وأسرهم داخل مراكز الاحتجاز
يصل عدد العراقيين المحتجزين في مخيم الهول، حسب الإحصاءات في 13 أغسطس 2022 إلى (28) ألفًا و(806) شخصًا ضمن (7) آلاف و(850) أسرة. وهناك أكثر من (620) شخصا يحملون الجنسية العراقية، يشكلون (150) عائلة من أفراد عائلات تنظيم “داعش” المحتجزين في مخيم الهول في ريف الحسكة نقلوا عبر حافلات إلى مخيم جنوبي مدينة الموصل وهي الدفعة الرابعة منذ بداية العام 2022 . تم إخراج نحو (50) آخرين من قيادات تنظيم “داعش” وعناصره، الذين كانوا معتقلين إلى داخل الأراضي العراقية. وكان قد غادر مئات العراقيين من أفراد عائلات يشتبه بارتباطها بالتنظيم مخيم الهول. وغالبا ما تنقل السلطات العراقية هؤلاء إلى مخيم ” الجدعة ” في جنوب مدينة الموصل، قبل أن يتم إعادة بعضهم إلى المناطق التي ينحدرون منها.
تسلمت دول قليلة أفراداً من عائلات الجهاديين المحتجزين في شمال شرق سوريا، منها بأعداد كبيرة مثل أوزبكستان وكازاخستان وكوسوفو. واكتفت أخرى، خصوصاً الأوروبية، باستعادة عدد محدود من النساء والأطفال لا سيما اليتامى من أبناء الجهاديين. تم تسليم وفد من دولة طاجيكستان (146) امراة وطفلاً من رعاياها، من أفراد عائلات مقاتلين في تنظيم داعش في 25 يوليو 2022. ويتوزع هؤلاء بين (42) امرأة و(104) أطفال، بينهم أيتام،. وكانوا في مخيمي الهول وروج. مكافحة الإرهاب ـ مخيم الهول، قنبلة موقوتة وإرث ثقيل
محاولات لتهريب مقاتلي داعش
شهد مخيم الهول (728) محاولة هروب منذ مارس 2020 أخرها إحباط تهريب شاحنة تنقل (39) طفلاً و (17) امرأة من (56) عائلة من عائلات داعش كما وقعت أكثر من (30) جريمة قتل في المخيم منذ بداية عام 2022. وتم العثور على شبكة من الخنادق والأنفاق أسفل مخيم الهول شرقي الحسكة في 5 أغسطس 2022. ستخدمت من قبل الخلايا النائمة لتنظيم داعش الإرهابي لتهريب الأشخاص وتنفيذ عمليات القتل ومحاولات الاغتيال. النفق يربط أحد قطاعات المخيم بالجدار الخارجي ومن هناك بالمناطق المحيطة.
العمليات الإرهابية داخل مخيم الهول
حذرت الولايات المتحدة في 12 مايو 2022 من أن إبقاء (10) آلاف من معتقلي داعش في معسكرات الاعتقال في شمال شرق سوريا. حيث تحاول الجماعة استعادة قوتها في المنطقة. ويعد الهروب من سجن لداعش في يناير 2022 في الحسكة بسوريا كان “مثالاً على الخطر” الذي يشكله العديد من المقاتلين الأجانب المحتجزين في المنطقة. فوفقا لسجلات مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين ، فإن (90% ) من سكان مخيم الهول هم من النساء والأطفال.
تنسب العمليات الإرهابية في مخيمات الاحتجاز إلى نساء داعش، اللاتي انتموا في وقت “خلافة داعش” المزعومة إلى وحدات الشرطة الدينية الخاصة بهن المعروفة باسم “الحسبة”. والخطر الداهم أنه يعيش ما يقدر بنحو (7300) طفل في المخيم تحت وصاية أمهاتهم المنتسبين إلى داعش اللواتي يلقينهن أفكار داعش ويحرضن الأطفال على العنف على عمال الإغاثة المحليين والدوليين وكذلك على النساء الأخريات في المخيم اللائي يحاولن قطع علاقاتهن بداعش. وحاول نساء داعش مرارًا وتكرارًا الهروب من المخيم والتواصل مع العالم الخارجي باستخدام الهواتف السرية للوصول إلى منصات وسائل التواصل الاجتماعي. بالاعتماد على خدمات التحويل غير الرسمية على غرار الحوالة المتوفرة بكثرة في المخيم ، قاموا أيضًا بجمع الأموال من أنصار “الجهاديين” في الخارج في 14 يوليو 2022.
مخاطر وتهديدات مقاتلي داعش داخل مراكز الاحتجاز
تصاعد التوتر في مخيم الهول في 29 مارس 2022 على خلفية اشتباكات اندلعت بين قوات الأمن الكردية (الأسايش) المسؤولة عن أمن المخيم، و”خلايا” تابعة للتنظيم عبر تعرّض إحدى دورياتها “أثناء تجوالها ضمن مخيم الهول للاستهداف بأسلحة كلاشنكوف ومسدسات تشير الهجمات إلى عودة ظهور داعش. لا يزال داعش ينشط في سوريا ، حيث توجد “بؤرة عمليات” التنظيم. وكان داعش فيما مضى متواجدا بمدينة الرقة السورية ومدينة الموصل العراقية، حيث سعى لتحويلهما إلى “مواقع مركزية” للحكم، ويتواجد الآن في “مناطق نائية بالبلدين المتصدعين”.وينتشر مقاتلوه ضمن “خلايا مستقلة وقيادات سرية
كان هجوم على سجن الحسكة في يناير 2022، الذي كان يحتجز فيه مئات من عناصره، أكبر عملية له منذ “انهيار الخلافة”، مما يظهر أن داعش لا يزال قادرا على تنفيذ عمليات واسعة النطاق فيه. شارك ما لا يقل عن (200) من مقاتلي داعش في هجوم على السجن بعضهم جاء من مناطق “رأس العين وتل أبيض في سوريا وآخرون من منطقة الرمادي في العراق” الهجوم استغرق (6) أشهر من التخطيط. على الرغم من أن هذه ليست المحاولة الأولى من نوعها للفرار من السجن. فقد هرب العديد في عام 2020 عن طريق تمزيق الأبواب واستخدامها لتدمير جدار – إلا أن المخاوف تتزايد من أن توقيت الهجوم وجرأته تشير إلى القوة المتجددة للتنظيم.
يقول كريج وايتسايد ، الأستاذ المشارك في الكلية الحربية البحرية الأمريكية في 31 يناير 2022: “لا توجد لعبة نهائية أمريكية في سوريا أو العراق ، والسجن هو مجرد مثال واحد على هذا الفشل في العمل نحو حل طويل الأمد”. إنها حقًا مسألة وقت لداعش قبل أن تظهر فرصة أخرى. كل ما عليهم فعله هو التمسك حتى ذلك الحين “. مكافحة الإرهاب ـ هل أصبحت سوريا واليمن حاضنه للتطرف؟
استغلال النزاعات والصراعات الدولية والإقليمية
هاجمت تركيا، حليفة الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي، قوات سوريا الديمقراطية، الحليفة أيضا للولايات المتحدة في عام 2019، مما أدى إلى زعزعة استقرار المنطقة، وقد أشارت إلى نيتها القيام بذلك مرة أخرى قريبا. وفي حال حدوث توغل تركي آخر، يعتقد المسؤولون الأميركيون أن مئات الآلاف من الأشخاص الذين يعيشون في المنطقة الحدودية يمكن أن ينزحوا، مما يزيد من الاضطرابات. كما يخشون من أن حراس السجون التابعين لقوات سوريا الديمقراطية وقوة الأمن الداخلي ذات الصلة في الهول سيرسلون إلى الجبهة، كما حدث في عام 2019، وقد يفقدون السيطرة على معتقلي داعش.
عززمخيم الهول دوره كفاعل رئيسي في شبكة “داعش” المالية ، وساهم في نقل احتياطياته النقدية التي قدرت حينها بنحو (100) مليون دولار. وأفادت الأجهزة الاستخبارية الأمريكية في في 14 فبراير 2021 أنه “غالبًا ما يقوم وسطاء في تركيا بتهريب الأموال إلى سوريا من خلال أنظمة تحويل الأموال الموجودة في المخيمات”. وتشير المعلومات الاستخبارية إلى أن مجرد تسلل الأشخاص من مخيمات النازحين يمكن أن يكون عملاً تجارياً كبيراً، حيث يتقاضى المهربون (2500) دولار إلى (3000) دولار للفرد، وقد تصل إلى (14) ألف دولار. داعش ـ هل يتخذ من أفغانستان نقطة انطلاق لتنفيذ عمليات إرهابية دولياً؟
التقييم
تتزايد المخاوف على المدى البعيد من أن تخلق مخيمات الاحتجاز والسجون جيلًا جديدًا من المقاتلين الأجانب ويمهد الطريق لعودة داعش في المنطقة. أصبحت المخيمات أكثر عرضة لمحاولات داعش لتحرير المنتسبات من النساء واللاتي يمكن أن يشكلن نواة مثالية لخلايا إرهابية أكبر خارج المخيم.
إن إعادة المقاتلين الأجانب وأسرهم إلى الوطن وإعادة دمجهم هي قضية معقدة ومثيرة للجدل. في حين أن الحكومات لديها العديد من الوسائل القانونية لمعالجة ما يحدث للمقاتلين الأجانب الذكور ، فإنها غالبًا ما تفتقر إلى الأدوات اللازمة للتعامل مع أو مساعدة النساء والقصر الذين لم يشغلوا مناصب في الخطوط الأمامية.
بات من المتوقع أن تستمر العديد من الدول مترددة في إعادة المواطنين الذين سافروا للانضمام إلى النزاعات الأجنبية. مايؤدي إلى تفاقم التحديات الإنسانية والأمنية وإعادة التنظيم تجميع صفوفهم من خلال الهروب الجماعي من السجون. وهذا يزيد من خطر حدوث أسوأ سيناريو عودتهم إلى صفوف مايعطي فرصة جديدة للتنظيم للتوسع.
الهوامش
Thousands of men, women and children remain in detention because of their former ties to ISIS
https://wapo.st/3AjIRZg
ISIS, Thriving in Unstable Places, Proves It’s Still a Threat
https://nyti.ms/3pWH5c1
ISIS prison camps ‘unsustainable’ as Syria terror threat grows
https://bit.ly/3Cnq2Hp
The Crisis of Female Jihadists in Al-Hawl Displacement Camp
https://bit.ly/3CpXGvX
العراق ينقل الدفعة الرابعة من عوائل “داعش” من مخيم “الهول” شرقي سوريا
https://bit.ly/3CyipxE
أكراد سوريا يسلمون طاجيكستان 146 فرداً من عائلات جهاديين
https://bit.ly/3QHPFGZ
نقلاً عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
.
رابط المصدر: