دراسة تقويمية لأثر السياسة السعريه على زيادة أنتاج محصول القمح في العراق

إعداد : المهندس الزراعي طالب جاسب الكعبي / مدير عام الشركة العامة للتجهيزات الزراعية ، د. محمد عبد الرسول لطيف/ باحث علمي/ مدير قسم الدراسات والتطوير/ الشركة العامة للتجهيزات الزراعية

• المركز الديمقراطي العربي

تمهيد:

على الرغم من أهمية وفاعلية سياسة دعم الأسعار الزراعية الا إنه في العراق يكون الدعم على جانب مستلزمات الإنتاج الزراعي ، فضلا عن دعم الناتج النهائي وللمحاصيل الإستراتيجية على الأغلب (دعم بعض مستلزمات الإنتاج الزراعي مثل الأسمدة والحاصدات والساحبات الخ00 إلى جانب دعم أسعار الناتج النهائي لمحصول القمح) ، وبعد عام 2008 عاودت الدولة بعض أنشطة الدعم الأخرى متمثلة بالقروض المالية من خلال المبادرة الزراعية والتي تم بموجبها منح قروض وبمبالغ كبيره وبدون نسبة فائدة للمزارعين. وعلى الرغم من إرتفاع سعر شراء القمح من قبل الدولة ألا أن الأثر ألسعري على زيادة  إنتاج محصول القمح  كان ضعيف أهمية الدراسة تأتي أهمية الدراسة من أهمية دعم أسعار المدخلات الزراعية والناتج النهائي في التأثير على إنتاج محصول   القمح، فضلا عن أهمية هذا المحصول كمادة غذائية والذي يدخل في صلب الأمن الغذاني، ودور الأسعار الزراعية في تحقيق خزين إستراتيجي، وتعويض الإستيرادات مما يعني الحفاظ على العملات الصعبة مشكلة الدراسة تتمحور مشكلة الدراسة في ضعف اثر السياسة السعرية على زيادة انتاج محصول القمح على الرغم من ان الدعم يقدم على مستوى مستلزمات الإنتاج فضلا عن الناتج النهائي،  إن دعم أسعار الناتج النهائي للحنطة وإعطاء أسعار أعلى من الأسعار العالمية أدى بالبعض من التجار إلى استيراد كميات من الحنطة من دول الجوار وتسليمها إلى وزارة التجارة على إنها منتج محلي هدف الدراسة تهدف الدراسة إلى معرفة أسباب ضعف فاعلية سياسة دعم أسعار محصول القمح  في تحفيز الإنتاج ولتحقيق هدف البحث فقد تضمن المحاور الآتية:

المحور الاول / واقع حزمة التقانة الزراعية لمحصول القمح في العراق

يقصد بحزمة التقانة الزراعية كل ما يتعلق بتطبيق العلم في تطوير مدخلات الإنتاج الزراعي كالمكائن والمعدات الزراعية وطرق إستخدامها وصيانتها والبدور المحسنة والأسمدة ، فضلا عن أنظمة الري وطرق تشغيلها وأساليب مكافحة الأوبئة والآفات الزراعية المحلية، ومن الجدير بالذكر إن الدول المتقدمة تمتلك 85% ومن التقانه الزراعية بينما تمتلك الدول النامية 15% وإن العراق يعاني من نقص كبير جداً من مكونات الحزمة التكنولوجية وصعوبة توفيرها محليا، فضلاً عن صعوبة إستيرادها لإحتكارها من قبل الدول المتقدمة وشركاتها وتحت ذرائع عدة منها مالية وسياسة وحقوق الملكية الفكرية وغير ذلك، وسيتم عرض عناصر الحزمة التي خصها الدعم الحكومي وبشكل مختصر وكالآتي:

• البذور المحسنة

تعد البذور المحسنة العامل الأساس الذي تتكاثر به المحاصيل الزراعية الإستراتيجية ولها دور بارز في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين نوعيته وهي الحاملة للمادة الوراثية لذلك بدأ الاهتمام بالبدور وإجراء الأبحاث عليها من أجل تحسين نوعيتها بالمواصفات المطلوبة والتي تنعكس على الإنتاج الزراعي كماً ونوعاً،خصوصاً وإن الزراعة الحديثة تهتم بالنوعية العالية للبذور المقاومة للآفات الزراعية،  إن تجهيز بذور القمح يتم من قبل تشكيلات وزارة الزراعة، وانها من البدور المصدقة والخالية من الشوائب وقد اظهر الجدول ادناه كميات بذور القمح المطلوبة لعام 2020 والفجوة بين الكميات المطلوبة والكميات المجهزة، إذ بلغ معدل الفجوة 152.851-  طن للعام أعلاه مما ادى بالفلاحين التوجه نحو الأسواق المحليه لشراء البدور وبأسعار مرتفعة، فضلا عن إنخفاض إنتاجيتها.

جدول يوضح المساحات المزروعة بالقمح وكميات البذور المطلوبة والمجهزة والفجوة بينهما (طن) لعام 2020

المصدر:الجدول من عمل الباحث بالاعتماد على بيانات غير منشوره للجهات المعنية.

–  المكننة:

– معدل إستخدام الساحبات والحاصدات المجهزة من قبل الشركة العامة للتجهيزات لكل 100دونم إلى المساحة المزروعة بالقمح في العراق للفترة (2010-2021).

     الجدول ادناه يوضح معدل إستخدام الساحبات والحاصدات المجهزة من قبل الشركة لكل 100دونم إلى المساحات المزروعة بالقمح في العراق للمدة (2010-2021) حيث يلاحظ إن معدل إستخدام الساحبات المجهزة من قبل الشركة لكل 100دونم في العراق إلى المساحة المزروعة لمحصول القمح كان (1: 277.195/100دونم) للساحبة عام (2010) بينما كان المعدل(1: 1971.666) عام 2021.وأيضاً يلاحظ إن معدل إستخدام الحاصدات المجهزة من قبل الشركة لكل 100دونم في العراق إلى المساحة المزروعة لمحصول القمح كان (1: 3464.938/100دونم) للحاصدات عام (2010) بينما كان المعدل (1: 1971.666) عام (2021). ولازالت هذه النسب قليلة مقارنة بالدول المتقدمة مما يعني إن العراق حاجة متوقعة لزيادة المكننة مستقبلاً وبالشكل الذي يوازي إستخدامه في الدول المتقدمة من أجل النهوض بالقطاع الزراعي بإستخدامه المكننة الزراعية بشكل مكثف نحو تحقيق الوفرة الزراعية والغذائية المنشودة.

جدول يوضح معدل إستخدام الساحبات والحاصدات الزراعية المجهزة من قبل الشركة العامة للتجهيزات الزراعية لكل 100 دونم إلى المساحات المزروعة بمحصول القمح في العراق للفترة (2010-2021).

المصدر من عمل الباحث/ الشركة العامة للتجهيزات الزراعية.

*معدل إستخدام (الساحبة،الحاصدة)الزراعية =المساحة المزروعة (100دونم) /عدد (الساحبات ،الحاصدات) المجهزة.

– الأسمدة الكيماوية :

تعد الأسمدة الكيمياوية ذات اهمية كبيرة في تحقيق التنمية الزراعية وبالأخص التنمية الرأسية. اذ أكدت الدراسات ان الاسمدة الكيماوية اسهمت بحوالي (50%) من معدل الإنتاجية للمحاصيل الزراعية خلال القرن الماضي شرط استخدام عناصر حزمة التقانة الزراعية الأخرى مجتمعة ،  يحتاج الدونم من محصول القمح الى 60 كغم سماد يوريا و35 كغم داب وهي اقل كمية للدونم، فضلا عن انواع الاسمدة الأخرى. والجدول ادناه يوضح الكميات المجهزة من الأسمدة والكميات المطلوبة والعجز للعام 2020 .

جدول يوضح المساحات المزروعة بالقمح وكميات الأسمدة المطلوبة والمجهزة والفجوة بينهما  (طن) لعام 2020

المصدر : من عمل الباحث بالاعتماد على بيانات غير منشوره للجهات المعنية.

المحور الثاني  : اولا :سياسة دعم بعض مدخلات انتاج محصول القمح في العراق لعام 2020

– دعم الاسمدة الكيمياوية

يوضح الجدول ادناه حجم المبالغ التي تتحملها الدولة نتيجة دعم اسعار الاسمدة وذلك من خلال المقارنة بين سعر الشراء وسعر التجهيز للفلاح، اذ ظهر أن الدولة تتحمل ما يقارب من 35-50% من سعر الشراء للطن من الاسمدة، وعلى الرغم من ذلك فأن أسعار الاسمدة لازالت مرتفعة جدا في الاسواق العراقية سواء منها المنتج المحلي او المستورد ،ان كميات الاسمدة المدعومة من قبل الحكومة لا تلبي أكثر من 30% من حاجة الفلاح مما يلزم الشراء من الاسواق المحلية او ترك مساحات دون تسميد وتسميد البعض بكميات قليلة جدا مما ادى الى انخفاض الانتاج.

جدول يوضح دعم أسعار الأسمدة للفلاحين لعام 2020 (دينار للطن)

المصدر : وزارة الزراعة /الشركة العامة للتجهيزات الزراعية.

– دعم المكننة الحاصدات والساحبات:

اتضح ان مقدار المبالغ التي تتحملها الدولة نتيجة دعم اسعار الحاصدات والساحبات ومن خلال المقارنة بين سعر الشراء وسعر التجهيز لأخر خمسه سنوات للفلاح، أن الدولة تتحمل ما يقارب 30% من سعر الشراء للحاصدة والساحبة ، وعلى الرغم من ذلك فأن أسعار البيع للحاصدات والساحبات لازالت مرتفعة جدا في الأسواق العراقية.

ثانيا: سياسة دعم أسعار الناتج النهائي لمحصول القمح للمدة من 2015-2020.

لقد اعتمدت الدولة سياسة دعم أسعار الناتج النهائي لمحصول القمح بعد عام 2003 ولحد الآن، اذ ركزت على دعم أسعار الناتج النهائي أكثر من التركيز على دعم مستلزمات الانتاج مما ادى الى ان يواجه الفلاح صعوبة كبيرة في توفيرها بسبب ضعف الامكانيات المالية والفنية والمعلوماتية تزامنا مع الارتفاع الكبير الذي حصل في اسعار عناصر الانتاج من جهة وسيطرة الشركات الاحتكارية كونها مستوردة من الخارج من جهة اخرى، فضلا عن الارتفاع في أسعار المشتقات النفطية والجدول ادناه يوضح الارتفاع والانخفاض الذي حصل في اسعار شراء محصول القمح  من قبل الدولة للمدة من 2015 الى 2020 ، وبالرغم من ان هذه  الاسعار تعد مجزيه للفلاح واعلى من الأسعار العالمية للحنطة بالمطلق، الا ان الارتفاع الكبير في تكاليف الانتاج ادى الى انخفاض هامش الربح للفلاح، وبالتالي ضعف الأثر السعري الخاص بدعم الناتج النهائي على زيادة أنتاج محصول القمح.

جدول الكميات المنتجة من محصول القمح واسعار الشراء من قبل وزارة التجارة للمدة 2015-2020

    المصدر : من اعداد الباحث بالاعتماد على بيانات الشركة العامة لتجارة الحبوب .

المحور الثالث : أولا: واقع إنتاج محصول القمح  في العراق للمدة 2010-2021.

لغرض معرفة مدى تأثير السياسة السعرية لمحصول القمح  في العراق ( دعم اسعاربعض مستلزمات الإنتاج او دعم سعر الناتج النهائي لابد من تحليل واقع إنتاج محصول القمح  للمدة اعلاه ، فضلا عن تحليل تكاليف إنتاج محصول القمح  بشكل عام وكما يأتي:

– المساحة المزروعة والإنتاج لمحصول القمح في العراق للفترة (2010-2021)

يوضح الجدول ادناه المساحات المزروعة والإنتاج لمحصول القمح في العراق للفترة من (2010-2021) ونلاحظ من الجدول إن المساحة المزروعة زادت من (55439) (100دونم ) عام 2010 إلى (94640) (100دونم) عام 2021 وإن الإنتاج زاد من (27488) (100/طن) عام 2010 إلى (42340) (100/طن) عام 2021 ،وبصوره عامة تفاوتت كمية الانتاج والمساحة المزروعه بين سنه واخرى ولم تكن مستقره بالرغم من الدعم المقدم من الدولة في المدة اعلاه وعلى مستوى مدخلات الإنتاج  وأسعار شراء المحصول .

جدول يوضح المساحة المزروعة ، الإنتاج ، لمحصول القمح في العراق للفترة (2010-2021)

المصدر: من اعداد الباحث بالاعتماد على بيانات الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات.

ثانيا: مقارنه التكاليف والربحية لدونم  محصول القمح في العراق  بين عام 2005 وعام 2020.

بعد احداث العراق عام 2003 قل دعم مستلزمات الانتاج مما ادى الى ارتفاع اسعارها ، فضلا عن انقطاع الكهرباء الوطنية واعتماد المزارعين على مولدات الديزل مع الارتفاع في اسعار المشتقات النقطية التي تستخدم في المولدات والساحبات والحاصدات اذ توجهت الدولة نحو دعم اسعار الناتج النهائي لمحصول القمح  وتوضح الجداول ادناه زيادة تكاليف مستلزمات الإنتاج لدونم محصول القمح عام 2020 مقارنه مع عام 2005 ،فضلا عن الخسارة في عام 2005 والهامش الربحي المتواضع عام 2020.

جدول تقدير متوسط تكاليف انتاج القمح  في الدونم الواحد للمناطق المروية لعام 2005

      المصدر : من اعداد الباحث بالاعتماد على بيانات غير منشوره للجهات المعنية .

جدول تقدير متوسط تكاليف انتاج القمح  في الدونم الواحد للمناطق المروية لعام 2020

المصدر : من عمل الباحث بالاعتماد على بيانات غير منشوره للجهات المعنية

اظهر الجدولين اعلاه الارتفاع الكبير في تكاليف انتاج الدونم الواحد من محصول القمح في الاراضي المروية بين عام 2005 وعام 2020 ويعد الارتفاع الكبير في تكاليف الانتاج السبب الرئيسي الذي ادى الى ان تكون الاربحيه سالبه (خساره) في عام  2005 ومتواضعه عام 2020.

جدول تقدير تكاليف أنتاج القمح  في الدونم الواحد للمناطق المروية لعام 2022 مع المقارنة للكلف المدفوعة من لدن الدولة لدونم القمح عند دعم مدخلات الانتاج مقارنه بالكلفة المدفوعة عند دعم المخرجات .

المصدر : من اعداد الباحث بالاعتماد على بيانات الجهات المعنيه.

الإستنتاجات:

1- ارتفاع التكاليف الدونم الواحد من محصول القمح بسبب ارتفاع اسعار مدخلات الانتاج بالرغم من دعم الدوله المستمر لها .

2 لم تكن الزيادة في انتاج محصول القمح بالمستوى المطلوب على الرغم من الارتفاع الكبير في اسعار شراء القمح من قبل الدولة مما يدل أن سياسة دعم أسعار مستلزمات الانتاج اكثر فاعلية من سياسة دعم أسعار الناتج النهائي .

3- ان انخفاض الهامش الربحي لمنتجي محصول القمح  لم يشجع المنتج على لاستيراد عناصر حزمة التقانة الزراعية المطلوبه بسبب كلفتها العالية.

4-اظهرت الدراسة النقص الحاصل في عناصر حزمة التقانة الزراعية من بذور واسمدة  الخ00.

5- ان زيادة الانتاج في السنوات الأخيرة ناتج عن التوسع الأفقي وليس التوسع العمودي مما يعكس ضعف استخدام عناصر حزمة التقانة الزراعية لقلتها وارتفاع أسعارها.

التوصيات:

ضرورة التركيز على دعم مستلزمات الانتاج الزراعي لكونها أكثر فاعلية من سياسة دعم أسعار الناتج النهائي على ان توجه النسبه الاكبر من هذا الدعم الى فئه كبار المنتجين الزراعين لكون انهم الفئه التي تملك اغلب المساحات الصالحة للزراعة وهم الفئه التي يعول عليها في الوصول الى الزيادة المطلوبه اذ ان التخطيط السليم لسياسة الدعم وجعل النسبه الاكبر منه لمدخلات الانتاج لكبار المزارعين في البلد يضمن الاستفادة القصوى من مزايا الانتاج الواسع وبالتالي امكانيه تحقيق الوفره في الانتاج المحلي وصولا الى هدف اكبر وهو الاكتفاء الذاتي للمحاصيل الاستراتيجية.

المصادر

1. بلاسم جميل خلف، تقدير تكاليف إنتاج الحنطة في العراق باستخدام التقانة الزراعية، وحدة البحوث الاقتصادية والادارية كلية الادارة والاقتصاد جامعة بغداد، 2012، ص9.
2. جبار سعدون دراج، اثر سياسة دعم الاسعار على بعض المنتجات الزراعية في العراق للمدة (1993-2013) رسالة ماجستير غير منشورة كلية الادارة والاقتصاد، جامعة بغداد، 2015، ص 109.
3. سعد عبد الله مصطفى وفاضل جواد دهش ،تأثیر استعمال نقانات الري الحديثة في اقتصاديات الانتاج الزراعي في العراق مجلة الزراعة العراقية، عدد خاص المجلد 12، العدد، 2007، ص 188.
4. محمد عبد الرسول لطيف ، قياس وتحليل الاثار الاقتصادية لسياسة التدخل الحكومي في انتاج محصول القمح في المنطقة الشمالية من العراق باستخدام مصفوفه تحليل السياسة ، مجلة الزراعة العراقية، عدد 1 المجلد 26، ص 125.
5. محمد عبد الرسول لطيف ، تحديد أولويات الاستثمار في نتائج البحث العلمي الزراعي في العراق باستخدام مصفوفه تحليل السياسة لبعض محاصيل الحبوب الرئيسة ، مجلة الزراعة العراقية، عدد 1 المجلد 25، ص 109.
6. المنظمة العربية للتنمية الزراعية، دراسة حول التقانات الملائمة لتطوير انتاجية الزراعة المطرية في الوطن العربي والمشروعات المقترحة للتطوير، الخرطوم، كانون الأول 1997، ص 58.

.

رابط المصدر:

https://democraticac.de/?p=91780#google_vignette