د.رعدهادي جبارة
مبادرة ايران لمد انبوبٍ ناقلٍ للنفط الى بحر عمان ؛يعتبر خطوةً ذكيةً ومشروعاً استراتيجياً بعيد المدى، لتقليل الاعتماد على مضيق هرمز في تصدير النفط.
المشروع سيبدأ العمل به في مارس المقبل 2021، ويعتبر هذا المشروع ضامناً للامن الاقتصادي وأمن الطاقة، حيث يقع ميناء جاسك على المياه الايرانية والدولية الحرة في بحر العرب والمحيط الهندي، ،مما يمنح لايران المرونة اللازمة لتصدير نفطها ، واستقبال الناقلات العملاقة في حال اضطرارها يوما ما لغلق مضيق هرمز، لأي سبب كان في المستقبل.
والنقطة المهمة في المشروع انه “ايرانيٌّ بالكامل”؛ اذ ستقوم بانجازه عدة شركات ايرانية كبرى اعتمادا على التمويل الداخلي و الطاقات الذاتية.
المشروع سيبدأ من منطقة[ غوره] في بوشهر الى ميناء [جاسك]، و يمكّن ايران من تصدير مليون برميل ،عبر انبوب قطره 42 بوصة، وطوله 1000 كيلومتر، ويتضمن اقامة 5 محطات للضخ و 11 محول كهربائي، و 20 خزاناً ، بطاقة تخزينية تبلغ 10 ملايين برميل، ورصيف نفطي كبير.
ويأتي وضع الحجر الاساس على يد الرئيس الايراني الدكتور حسن روحاني، في ظل ظروف اقتصادية معقدة وضائقة مالية عالمية، تمثلت في اجتياح العالم من قبل فيروس كوفيد 19 الذي خلّف لحد الآن 10 ملايين مصاب ، ونصف مليون ضحية، واطاح باقتصادات كبرى، واوقف مشاريع استثمارية ومصانع مهمة عن العمل، في القارات الخمس، وفي ظل العقوبات الاقتصادية الامريكية القصوى على ايران وحلفائها .
ومن نافلة القول إن انخفاض اسعار النفط في السوق العالمية، و تداعيات covid-19 وخسائره سبّبا شللاً لعدة دول،و جعلا دولاً نفطيةً مهمةً في الشرق الاوسط ؛ تعجز حتى عن دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين، مما أجبرها على أن تلجأ الى الاكتتاب الداخلي والإقتراض الخارجي، لتوفير السيولة النقدية لميزانياتها الانقباضية التقشفية، بينما تبادر ايران إلى إطلاق مشروعٍ استثماري وشيكٍ ، يتطلب إنجازه امكاناتٍ ماليةً ضخمةً ، دون أن تقترض من الخارج دولاراً واحداً، وهذا هو الملفت للنظر .
طبعا المشروع المذكور جاء في وقته ، بل و متاخراً بعض الشيء ، حيث أضر بإيران اعتمادها _ سابقاً _ على مضيق هرمز وجزيرة خارك ( خرج) في تصدير النفط إبّان الحرب المفروضة عليها من نظام صدام ، والذي كانت طائراته العسكريه تستهدف مضخات الشحن ، و أرصفة التصدير ، وانابيب النفط ،ومنشآت جزيرة خارك ؛ بالطائرات والصواريخ ، فضلا عن استهداف ناقلات النفط العملاقة، بعد تحميلها ، بصواريخ ستارك و طائرات سوبر ايتندارد الفرنسية، مما كبّد اقتصاد ايران – انذاك – خسائر فادحة.
وهنا تكمن أهمية إيجاد منفذٍ بديلٍ لتصدير النفط ، خارج مضيق هرمز ، كي يكون الرئة البديلة لتنفّس الاقتصاد الايراني ، ويمنحه المرونة في التصدير على المدى البعيد.
فعلاً ؛ مشروعٌ طموح ، ومبادرةٌ صائبة و سديدة تماماً، سيكون لها مردود كبير.
* رئيس تحرير “الكلمةالحرة”.
المصدر: عبر منصات التواصل للمركز