د. محمد ابو النواعير
لاول مرة اليوم، أقرأ عن الاستقراء عند صاحب مذهب الشك التجريبي ديفيد هيوم.
تبين لي من وجهة نظري، باننا نحن المسلمون نتفق مع هيوم في قوله بعدم امكانية الايمان المطلق بنتائج الاستقراء التام والناقص، لانه يرى عدم وجود ضرورة منطقية تحكم تتابع وقوع نتائج السبب والمسبب التي يقوم عليها الاستقراء، وان الضرورة السببية الحاصلة من وقوع علة بسبب معلول، انما هي صورة ذهنية نفسية نشأت من حكم العادة.
اي انه يرى بان قولنا بان اقتراب الورقة من النار سيحقق حتما احتراق الورقة، هو قول لا يمكن التثبت منه بشكل دائم ومطلق، لانه يمكن ان لا تتحقق عملية الاحتراق. !
الى هنا يتوقف هيوم.
نحن المسلمون (او فلنقل المؤمنون بالله) نقول بنفس القول، فلا نرى ان هناك تلازما بين حصول السبب والنتيجة، او وجود ضرورة بين العلة والمعلول، ولكن فرقنا عن هيوم باننا اضفنا (طرفا ثالثا) للمعادلة، الا وهو وجود القوة الالهية الغيبية التي اوجدت القوة في العلة لانتاج المعلول، اذ بدون وجود القوة الالهية الغيبية التي اعطت حيزا من القوة الكامنة في العلة، واوجدت هذا النوع من الارتباط بين السبب والمسبب، لما امكن لحالة الاطراد هذه ان تحصل بين العلة ومعلولها.
نعم، كلام هيوم صحيح في حالة اخراج الطرف الثالث من المعادلة، فسيكون الايمان بحصول العلة نتاج المعلول، سيكون محض وهم انتجته العادة، ولكن بوجود الطرف الثالث (الله)، ستكون المعادلة مقبولة من وجهة نظري.
وخير دليل (خاص بالمؤمنين) على ما نقول، هو تحول النار بردا وسلاما على ابراهيم ع، فهنا قد تحققت هواجس هيوم بامكانية عدم تحقق العلة بوجود معلولها، ولكن نحن نختلف عنه بالقول بان الترابط والاطراد قد توقف هنا بسبب الطرف الثالث، موجد القوة في العلة، وهو الله سبحانه وتعالى.
والله اعلم
.
المصدر: عبر منصات التواصل للمركز