دييجو جــــارســـيـــا : ســـيـــادة الـــنــــهـــج الـــعـــســكري علي الـــقـــانـــون الـــدولـي

مـــــقـــدمــــة :

وأخيراً وبعد 65 عاماً من إستقلال موريشيوس اعترفت حكومة حزب العمال في بريطانيا التي وصلت إلى السلطة في يوليو 2024 بسيادة موريشيوس علي أرخبيل شــاجوس الذي يشمل 65 جزيرة (المعروف أيضا باسم إقليم المحيط الهندي البريطاني والذي يتضمن جزيرة دييجو جارسيا التي توجد عليها القاعدة العسكرية الأمريكية المؤجرة من بريطانيا) متناثرة في محيط جزيرة موريشيوس بالمحيط الهندي بعد التوصل لإتفاق بين الجانبين إستلزم 13 جولة تفاوضية  مُتتالية إنتهت بتوقيع هذا الإتفاق في 3  أكتوبر2024 لكن هذا الإتفاق كان مشروطاً إذ تعهدت بموجبه موريشيوس لبريطانيا بضمان وجود القاعدة العسكرية  الأمريكية ولذلك قال حينذاك وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي:”إن الاتفاق يضمن استدامة هذه القاعدة العسكرية الحيوية وسيعزز هذا دورنا في حماية الأمن العالمي والقضاء على أي احتمال لاستخدام المحيط الهندي كطريق هجرة غير قانونية خطير إلى المملكة المتحدة وتأمين علاقتنا طويلة الأمد مع موريشيوس الشريك الوثيق للكومنولث” .

كان الإتفاق علي الإعتراف بسيادة موريشيوس علي أرخبيل شـــاجـــوس مؤسساً علي حكم  أصدرته بتاريخ 25 فبراير2019 محكمة العدل الدولية من مقرها في لاهاي بهولندا( بعد نشر التقرير في 22 مايو 2019 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة   قرارا يدعو إلى انسحاب الإدارة البريطانية في غضون ستة أشهروكذلك عودة السكان الأصليين للأرخبيل) تضمن رأيها الإستشاري في النزاع بين بريطانيا وجمهورية موريشيوس علي أرخبيل Chagos وهو نزاع يرجع تاريخه إلي ما قبل إستقلال موريشيوس في 12 مارس عام 1968 وبالرغم من الدلالة الرمزية الهامة جداً لهذا الرأي الإستشاري الذي جاء لصالح موريشيوس كونه ذهب إلي ضرورة تسليم بريطانيا لموريشيوس أرخبيل Chagos بما فيه جزيرة Diego Garcia التي تؤجرها بريطانيا منذ عقود للولايات المتحدة التي أقامت عليها قاعدة عسكرية إستراتيجية في قلب المحيط الهندي ساهمت في الجهود العسكرية الأمريكية في حروب وهجمات كانت لها آثار سلبية فارقة علي مجري تاريخ منطقة الشرق الأوسط وأفغانستان ومناطق أخري بالعالم لكن وبالرغم من هذه الأهمية التي لهذا الرأي الإستشاري شديد الوضوح إلا أن هذا الحدث وكذا الإتفاق الذي تم بين موريشيوس وبريطانيا في 3 أكتوبر2024لم يحظيا بالتغطية الإعلامية المناسبة من وسائل الإعلام الدولية والعربية وفي مقدمتها “شبكة الجزيرة” المُتميزة بتغطية الحدث خبرياً و/ أو تحليله والتعليق عليه فالرأي الإستشاري تأسس علي حقيقة أن عملية إنهاء الإستعمار البريطاني لموريشيوس لم تكن شاملة كونها لم تتضمن أرخبيل Chagos بما فيه جزيرةDiego Garcia التي علي أرضها القاعدة العسكرية الأمريكية التي يتم منها الإسهام مع عصابة الجيش الصهيوني والجيش البريطاني من قاعدتيه في قبرص ضرب غـــزة علي أي حال من المعروف أن أرخبيل شاجـــوس هو الأرخبيل الذي فصلته بريطانيا قسراً عن موريشيوس  .

الـــــبـــيـــان الـــبـــريـــطــاني بــشأن إنتهاء الـــمـــفــاوضات مع موريشيوس لتسوية نــزاع أرخبـيـل شـــاجـــوس :

أدلى وزير الخارجية ديفيد لامي ببيان نُشر في 7 أكتوبر2024 بشأن اختتام المفاوضات بشأن ممارسة السيادة على إقليم المحيط الهندي البريطاني:

”  بعد الإذن سيدي الرئيس…

سأدلي ببيان بشأن اختتام المفاوضات بشأن ممارسة السيادة على إقليم المحيط الهندي البريطاني في يوم الخميس 3 أكتوبر أصدر صديقي رئيس الوزراء ورئيس وزراء موريشيوس جوجنوث إعلانا تاريخيا بعد عامين من المفاوضات وعقود من الخلاف  توصلت المملكة المتحدة وموريشيوس إلى اتفاق سياسي بشأن مستقبل إقليم المحيط الهندي البريطاني  .

السيد رئيس مجلس النواب

لم يتم توقيع المعاهدة أو التصديق عليها لكنني أردت إطلاع مجلس النواب على اختتام المفاوضات الرسمية في أقرب فرصة وسيقدر الأعضاء السياق منذ إنشائها فقد كان للإقليم والقاعدة العسكرية المشتركة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة في دييجو جارسيا وجود متنازع عليه في السنوات الأخيرة وارتفع التهديد بشكل كبيرعند تولي منصبه وكان من الواضح أن الوضع الراهن لم يكن مستداما فقد بدا الحكم الملزم ضد المملكة المتحدة أمرا لا مفر منه لقد كانت مجرد مسألة وقت قبل أن تكون خياراتنا الوحيدة هي التخلي عن القاعدة تماما أو خرق القانون الدولي فإذا كنت تعارض الصفقة فأي من هذه البدائل تفضلها؟ لقد كان إبرام هذه الصفقة – وفقا لشروطنا – هو السبيل الوحيد للحفاظ على العمليات الكاملة والفعالة للقاعدة في المستقبل  .

سيدي رئيس مجلس النواب

يجب أن يكون هذا هو السبب في أن وزير الخارجية آنذاك العضو المُحترم عن برينتري بدأ مفاوضات السيادة في نوفمبر 2022 ولهذا السبب أيضا واصل سلفي المباشر اللورد كاميرون من تشيبينج نورتون تلك المحادثات في النهاية ففي ظل الحكومة السابقة كانت هناك 11 جولة من المفاوضات عقدت الأخيرة قبل أسابيع فقط من الدعوة إلى الانتخابات العامة لذلك في يوليو2024 ورثت هذه الحكومة أعمالا غير مكتملة حيث كان التهديد حقيقيا ولم يكن التقاعس عن العمل استراتيجية فقد شكل التقاعس عن العمل العديد من المخاطر الحادة على المملكة المتحدة فأولا هددت القاعدة البريطانية الأمريكية من مواجهة النشاط الإيراني الخبيث في الشرق الأوسط إلى ضمان منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة فهي ضرورية لأمننا القومي بدون ضمان الحيازة لا يمكن لأي قاعدة أن تعمل بفعالية ولا تردع أعدائنا حقا وقد تأخرت بالفعل قرارات الاستثمار الحاسمة ثانيا أثر ذلك على علاقتنا مع الولايات المتحدة التي لم ترغب ولا ترحب بعدم اليقين القانوني وشجعتنا بقوة على إبرام صفقة عبر الأطلسي فقد كان علينا حماية هذه العلاقة المهمة وثالثا قوض مكانتنا الدولية فنحن نظهر أن ما نعنيه هو ما نقوله عن القانون الدولي والرغبة في إقامة شراكات مع جنوب الكرة الأرضية هذا يعزز حججنا عندما يتعلق الأمر بقضايا مثل أوكرانيا أو بحر الصين الجنوبي  .

سيدي رئيس مجلس النواب …

لم تخدم المزيد من المشاحنات القانونية مصالح أحد سوى مصالح خصومنا في عالم أكثر تقلبا فقد أفادتنا الصفقة جميعا المملكة المتحدة والولايات المتحدة وموريشيوس لذلك جعلت هذه الحكومة إبرام أفضل صفقة ممكنة أولوية ولقد قمنا بتعيين جوناثان باول. وبصفته المبعوث الخاص لرئيس الوزراء لهذه المفاوضات فقد عمل عن كثب مع فريق رائع من موظفي الخدمة المدنية والمحامين وكان هدفهم هو طريق للمضي قدما يخدم المصالح الوطنية للمملكة المتحدة  ويحترم مصالح شركائنا ويدعم سيادة القانون الدولي وهذه الاتفاقية تحقق هذه الأهداف وهي مدعومة بقوة من قبل الشركاء حيث ذهب الرئيس بايدن إلى حد “الإشادة” بإنجازنا في غضون دقائق من الإعلان! كما أيد الوزير بلينكن والوزير أوستن هذه “النتيجة الناجحة” التي “تؤكد من جديد علاقتنا الدفاعية الخاصة مع الولايات المتحدة كما قد رحبت الحكومة الهندية بالاتفاق وأشاد به الأمين العام للأمم المتحدة وفي مقابل الموافقة على سيادة موريشيوس على الجزر بأكملها بما في ذلك دييجو جارسيا فإن القاعدة البريطانية الأمريكية لها مستقبل طويل الأمد بلا منازع فستظل عمليات القاعدة تحت السيطرة الكاملة للمملكة المتحدة حتى القرن المقبل فستسمح لنا موريشيوس بممارسة حقوقها وسلطاتها السيادية فيما يتعلق بدييجو جارسيا هذا في البداية لمدة 99 عاما لكن المملكة المتحدة لها الحق في تمديد ذلك كما أن لدينا دعم موريشيوس الكامل لترتيبات أمنية قوية بما في ذلك منع القوات المسلحة الأجنبية من الوصول إلى الجزر الخارجية أو ترسيخ وجودها فيها وبالتالي فإن مستقبل القاعدة على المدى الطويل أكثر أمانا بموجب هذا الاتفاق وإذا لم يكن الأمر كذلك فإنني أشك في أن البيت الأبيض أو وزارة الخارجية أو البنتاجون كانوا سيشيدون بالصفقة بحماس , وسيتم دعم هذا الاتفاق بتسوية مالية مقبولة من كلا الجانبين وسيدرك الأعضاء أن الحكومة لا تكشف عادة عن مدفوعات قواعدنا العسكرية في الخارج ولذلك سيكون من غير المناسب نشر المزيد من التفاصيل عن هذه الترتيبات في هذه المرحلة  .

سيدي رئيس مجلس النواب

يعترف الاتفاق أيضا بصواب وخطأ الماضي وسيوافق مجلس النواب بأكمله على أن الطريقة التي تم بها إبعاد الشاجوسيين بالقوة في الستينيات كانت خاطئة للغاية ومؤسفة وموريشيوس الآن حرة في تنفيذ برنامج لإعادة التوطين في جزر أخرى غير دييجو جارسيا , كما التزمت المملكة المتحدة وموريشيوس بدعم رفاهية الشاجوسيين  وإنشاء صندوق استئماني جديد برأسمالية المملكة المتحدة وتقديم دعم حكومي إضافي للشاجوسيين في المملكة المتحدة  وستحافظ المملكة المتحدة على مسار الشاجوسيين للحصول على الجنسية البريطانية وعلاوة على ذلك ستضع موريشيوس والمملكة المتحدة الآن برنامجا جديدا لزيارات الشاجوسيين إلى الأرخبيل  .

يبشر هذا الاتفاق أيضا بعهد جديد في علاقاتنا مع موريشيوس وهي دولة من دول الكومنولث البريطاني والديمقراطية الرائدة في إفريقيا واتفقنا على تكثيف التعاون بشأن أولوياتنا المشتركة بما في ذلك الأمن والنمو والبيئة    .

تضمن الاتفاقية استمرار الحماية للبيئة الفريدة لهذه الجزر موطن أكثر من 200 نوع من الشعاب المرجانية وأكثر من 800 نوع من الأسماك   .

أخيرا سيدي رئيس مجلس النواب

أريد أن أطمئن مجلس النواب وجميع أفراد الأسرة البريطانية في جميع أنحاء العالم أن هذه الاتفاقية لا تشير إلى أي تغيير في السياسة تجاه أقاليم ما وراء البحار الأخرى في بريطانيا فالسيادة البريطانية على جزر فوكلاند وجبل طارق ومناطق القواعد السيادية ليست مطروحة للتفاوض المواقف غير قابلة للمقارنة.

هذا سيدي رئيس مجلس النواب تم الاعتراف به في جميع أنحاء أقاليمنا فيما وراء البحار أيد فابيان بيكاردو رئيس وزراء جبل طارق هذا الاتفاق علنا مشيرا إلى أنه “لا توجد قراءة ممكنة” لجبل طارق بشأن مسألة السيادة  وبالمثل أكد حاكم جزر فوكلاند أن السياقات التاريخية لأرخبيل شاجوس وفوكلاند “مختلفة تماما”ولا تزال الحكومة ملتزمة التزاما راسخا بالشراكات الحديثة مع أقاليم ما وراء البحار على أساس الاتفاق المتبادل  .

وبعد انتخابات موريشيوس ستتحرك الحكومة نحو التوقيع على المعاهدة ومن ثم نعتزم السعي إلى التصديق عليها في عام 2025 من خلال تقديم المعاهدة ومشروع قانون إلى هذا المجلس للتدقيق فيه  .

هذه لحظة تاريخية انتصار للدبلوماسية لقد أنقذنا القاعدة لقد قمنا بتأمين المصالح الوطنية لبريطانيا على المدى الطويل  .

وأوصي بهذا البيان لمجلس النواب  .”

تــــقـــديــــري لبيان وزير الخارجية البريطاني بشأن تسوية النزاع  :

إن قرائتي ورؤيتي للكلمة التي أوردتها بعاليه لوزير الخارجية البريطاني بشأن تسوية النزاع وتسليم السيادة البريطانية علي أرخبيل شــاجـــوس بإستثناء جزيرة دييجو جـارسـيـا تحمل في طياتها ملاحظاتي التالية :

1- أنه بينما كان بيان وزير الخارجية البريطاني بشأن إنتهاء مفاوضات أرخبيل شــاجـــوس مبادرة سريعة نسبياً فهذا تكون يقظة الدبلوماسية البريطانية فالمسألة حساسة وتتعلق بصورة بريطانيا حالياً في أذهان دول العالم الثالث سابقة الإستعمار إضافة إلي أنه لا يمكن تصور أنه بعد الإستغراق لمدة أكثر من عامين في 13 جولة تفاوضية أن تركن الدبلوماسية إلي الإسترخاء وتأجيل تتويج هذه الجهود التفاوضية ببيان أعتبره بالإضافة إلي أنه مرض ومتوازن خال من أي لهجة عدائية لموريشيوس , لكن علي نحو مُعاكس كان الإعلان عن إنتهاء مفاوضات التسوية لنزاع بريطانيا مع موريشيوس طويلاً بطيئاً زاحفاً إذ أن الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الولية صدر في 25 فبراير 2015 أي منذ نحو 5 سنوات وهو وقت طويل نسبياً قطعت فيها أنفاس موريشيوس ولهثت وراء البريطانيين كالعادة لكي يسبروا خلال هذا الوقت مافي أغوار ساسة موريشيوس وغرس الفرقة بينهم في هذه المسألة الخاضعة للتفاوض فالبريطانيون مهرة في إستخدام الوقت والزمن بمعني أعرض لخدمة أغراض التفاوض علي إختلافها حتي في سبيل الصياغة بتعديلها أو تأكيدها أو إلغاءها لصالحهم كلما طال زمن التفاوض بدأه أو إنتهاؤه أو هما معاً .

2- تجنب وزير الخارجية البريطاني في كل كلمته منذ بدايتها وحتي نهايتها ذكر محكمة العدل الدولية صراحة بل تلميحاً فقد قال : … “بدا الحكم الملزم ضد المملكة المتحدة” يقصد حكم محكمة العدل الدولية فبعد حرب غزة وبسببها نشأت كراهية غير مُبررة من محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية لمجرد أنها أبدت إستقلالً ما عن الخطوط التي وضعتها الساسات الدولية الغربية .

3- من الجلي أن إتفاق 3 أكتوبر وبالتالي المعاهدة التي ستوقع في بشأن التسوية النهائية لنزاع أرخبيل شــــاجـــوس – وهو ما لم يُعلن توقيته المحدد بعد – ومتوقع كما أشار في كلمته أن يكون تاريخ توقيع معاهدة أرخبيل شـــاجـــوس “بعد انتخابات موريشيوس فستتحرك الحكومة (البريطانية) نحو التوقيع على المعاهدة ومن ثم ستعتزم السعي إلى التصديق عليها في عام 2025 وبالطبع سيكون إتفاقاً مائلاً لوجهة النظر البريطانية فقد قال بصفة مستقيمة ومباشرة :لقد كان إبرام هذه الصفقة – وفقا لشروطنا – هو السبيل الوحيد للحفاظ على العمليات الكاملة والفعالة للقاعدة (الأمريكية /البريطانية في دييجو جارسيا) في المستقبل ” وستكون صياغة المعاهدة بشأن أرخبيل شـاجـوس برطانية بإمتياز أي ” زئـــبــقــيـة ” واضحة مستقيمة فيما يتعلق بما هو في مصلحة بريطانيا وحمالة أوجه فيما يتعلق بما هو في مصلحة موريشيوس فقد التي دُرب الساسة / القانونيون  البريطانيون علي الخبث والإلتــواء في صياغة الإتفاقات والمعاهدات بل والعقود وهو ما نراه في الإتفاقات التاريخية للحدود والأنهار والمضائق البحرية وغيرهم في الدول التي سبق وإستعمرتها بريطانيا والتي كانت نموذجاً يُحتذي للدول الإستعمارية الأخري والتي ما زالت بريطانيا مُتمسكة بهذا النهج الملتوي حــمــال الأوجه في صياغة الإتفاقات والمعاهدات ومن غير المتوقع أن تُقلع عنه .

4- ليس هناك تطابقاً كلياً أو شاملاً  comprehensive  في كلمة وزير الخارجية البريطاني المعلنة بين الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية المعلن في مقر المحكمة بلاهاي في 25 فبراير2019 والذي إنصرف معناه ومبناه علي تسليم السيادة علي أرخبيل شــاجـــوس لموريشيوس كاملة غير منقوصة وبين ما تضمنه إتفاق 3 أكتوبر 2024 وأكده في كلمته تلك حين قال : “.. …وفي مقابل الموافقة على سيادة موريشيوس على الجزر بأكملها بما في ذلك دييجو جارسيا فإن القاعدة البريطانية الأمريكية لها مستقبل طويل الأمد بلا منازع فستظل عمليات القاعدة تحت السيطرة الكاملة للمملكة المتحدة حتى القرن المقبل فستسمح لنا موريشيوس بممارسة حقوقها وسلطاتها السيادية فيما يتعلق بدييجو جارسيا هذا في البداية لمدة 99 عاما لكن المملكة المتحدة لها الحق في تمديد ذلك …” فبينما يقول وظزير الخارجية البريطاني : وفي مقابل الوافقة علي سيادة موريشيوس علي الجزر بأكملها بما فيها دييجو جارسيا ” نجده يقول ما يُناقض ذلك أيضاً فقد قال : “فإن القاعدة البريطانية الأمريكية لها مستقبل طويل الأمد بلا منازع فستظل عمليات القاعدة تحت السيطرة الكاملة للمملكة المتحدة حتى القرن المقبل فستسمح لنا موريشيوس بممارسة حقوقها وسلطاتها السيادية فيما يتعلق بدييجو جارسيا هذا في البداية لمدة 99 عاما لكن المملكة المتحدة لها الحق في تمديد ذلك أي أن موريشيوس ستسمح لبريطانيا بممارسة حقوق وسطات السيادة أي أن بريطانيا ستقترض حقوق وسلطات موريشيوس في ممارسة السادة علي جزيرة دييجو جارسيا ثم نجده يقول :”فإن القاعدة البريطانية الأمريكية لها مستقبل طويل الأمد بلا منازع” وأكد هذا المعني عندما أضاف قوله أن :” …هذا في البداية لمدة 99 عاما لكن المملكة المتحدة لها الحق في تمديد ذلك .,.. “أي أن المملكة المتحدة بعد إمتياز الحيازة الإيجارية من موريشيوس لمدة 99 عام سيكون لها الحق في تمديد ذلك الوضع بــإرادة منفردة وكل ذلك يعني ملكية بريطانية لجزيرة دييجو جارسيا لو أننا ربطنا العبارات بخيط واحد مع بعضها

5- وزير الخارجية البريطاني وهو يفصح عن سد ثغرات الجدل المُحتمل بشأن مستقبل ومصير القاعدة الأمريكية / البريطانية في جزيرة دييجو جارسيا وكذا الشاجوسيين الذين كانوا يقطنونها وكيفية تسوية هذه المسألة مالياً لكن بدون إعلان عنها وطبعاً وبدون جدال فهو يعترف إعترافاً إغير مؤجل بعدم الشفافية فهو قال بالنص في كلمته : ” وسيتم دعم هذا الاتفاق بتسوية مالية مقبولة من كلا الجانبين وسيدرك الأعضاء أن الحكومة لا تكشف عادة عن مدفوعات قواعدنا العسكرية في الخارج. ولذلك سيكون من غير المناسب نشر المزيد من التفاصيل عن هذه الترتيبات في هذه المرحلة  .

6- حققت بريطانيا ومعها الولايات المتحدة بالتالي نصراً مؤزراً في الجولات الـ13 التفاوضية مع موريشيوس إذ ظفرت بريطانيا بتعهد من موريشيوس بإبعاد العسكرية الصينية أو الروسية أو غيرهما عن المحيط الجزري حول الجزيرة الأم وهي موريشيوس إذ أن وزير الخارجية البريطاني قال في كلمته تلك : ” ….كما أن لدينا دعم موريشيوس الكامل لترتيبات أمنية قوية بما في ذلك منع القوات المسلحة الأجنبية من الوصول إلى الجزر الخارجية أو ترسيخ وجودها فيها … ” .

7- واضح وبصفة غير مباشرة من كلمة وزير الخارجية البريطاني أن تنسيقاً وتشاور بل وأخذ وعطاء في الأفكار بين المسؤلين البريطانيين والأمريكان بشأن إتفاقية تسليم السيادة البريطانية لموريشيوس علي أرخبيل شــاجـــوس كله عموماً وعلي جزيرة دييجو جارسيا مقر القاعدة الأمريكية/ البريطانية بوجه خاص وذلك التنسيق والتشاور جري في زمن الإدارتين أي في خلال إدارة الرئيس السابق بادن والرئيس الحالي دونالد ترامب فالإستراتيجة العسكرية البريطانية / الأمريكية دائمة مستقرة ثابته لانها إستراتيجية ولس ســـيــاســةولان العلاقات الأنجلو / أمريكية عضوية لا إنفصام لها ولذلك نجد وزير الخارجية في كلمته يقول : “…. وإذا لم يكن الأمر كذلك فإنني أشك في أن البيت الأبيض أو وزارة الخارجية أو البنتاجون كانوا سيشيدون بالصفقة بحماس ” .

8 – الإتفاقية أو المعاهدة (المتوقعة) لها جانب مالي وأعتقد أنه يتجاوز مدي أهمية جزيرة دييجو جارسيا نفسها فبريطانيا والولايات المتحدة معاً إنتهزا فرصة التفاوض لتسليم بريطانيا السيادة علي أرخبيل شــــاجــــوس من أجل تأمين المصالح العسكرية الأمريكية الأوسع مدي في عموم المحيط الهندي لذلك أعتقد أنهما لم يتوقفا عند الحفاظ علي تأمين موقعهما في جزيرة دييجو جارسيا – وهذا ما حققاه فعلاً – فقط بل تجاوزاه لأرخبيل شــاجوس كله أي الـ 64 جزيرة التي يتكون منها الأرخبيل بل والجزيرة الأم نفسها أي جزيرة موريشيوس نفسها لأبعداد شبح الصينيين وربما الروس أيضاً فللولايات المتحدة إحتياج لتأمين نفوذها البحري في المحيط الهندي ذا الصلة المباشرة والتداخل الجغرافي مع المحيط الهادئ .

9- إستطاعت بريطانيا من خلال المفاوضات ووسائل أخري مُساندة إقناع موريشيوس بعدم التفكير فيما بعد في أمر جزيرة دييجو جارسيا وفصلها تماماً عن المنظومة الجزرية لأرخبيل شــــاجـــوس فوزير الخارجية البريطاني أوضح بجلاء هذه الجزئية عندما قال : ” …. تنفيذ برنامج لإعادة التوطين في جزر أخرى غير دييجو جارسيا كما التزمت المملكة المتحدة وموريشيوس بدعم رفاهية الشاجوسيين  وإنشاء صندوق استئماني جديد برأسمالية المملكة المتحدة وتقديم دعم حكومي إضافي للشاجوسيين في المملكة المتحدة  وستحافظ المملكة المتحدة على مسار الشاجوسيين للحصول على الجنسية البريطانية وعلاوة على ذلك ستضع موريشيوس والمملكة المتحدة الآن برنامجا جديدا لزيارات الشاجوسيين إلى الأرخبيل” وواضح طبعاً أن التلويح المؤكد لموريشيوس بالإلتزام البريطاني (والإمريكي غير المُعلن)بإنشاء صندوق إستنمائي برأسمال بريطاني(وأمريكي) وتقديم دعم حكومي إضافي للشاجوسيين في بريطانيا فيه من الإغراء ما يكفي لنيل رضي موريشيوس عن إتفاق تسوية السيادة علي أرخبيل شـــاجوس وفيه قدر كاف من المساندة البريطانية(والأمريكية) لكي تنال حكومة موريشيوس رضي الشاجوسيين وعموم الشعب فهي لن تتكلف شيئاً – فيما يبدو – في تنفيذ برنامج إعادة توطين الشاجوسيين في موطنهم بالـ 64 جزيرة التي يتكون منها الأرخبيل بإستثناء الجزيرة الــ65 أي جزيرة دييجو جارسيا حيث مقر القاعدة الأمريكية / البريطانية فهي ستمتنع علي الشاجوسيين .

10- أكد وزير الخارجية مُجدداً أن إتفاق تسليم السيادة لموريشيوس علي أرخبيل شـــاجــــوس لم يمس أو يخدس الإستراتيجية البريطانية المُستقرة فيما يتعلق بالأقاليم البريطانية فيما وراء البحار وأهمها فوكلاند وجبل طارق وهذا ما يعني بصفة غير مباشرة أن دييجو جارسيا أصبحت أو ستصبح إقليم ما وراء البحار بموجب الإتفاقية المُرتقبة مع مويشيوس والتي إنتهي التفاوض من أجل تجهيزها للتوقيع عليها في وقت ما خلال عام 2025  فقد قال وزيرالخارجية البريطاني في كلمته تلك : “أن هذه الاتفاقية لا تشير إلى أي تغيير في السياسة تجاه أقاليم ما وراء البحار الأخرى في بريطانيا فالسيادة البريطانية على جزر فوكلاند وجبل طارق ومناطق القواعد السيادية ليست مطروحة للتفاوض المواقف غير قابلة للمقارنة “  .

11- وزير الخارجية البريطاني في كلمته كان واضحاً فقد أشار إلي أن محور إهتمام بريطانيا والولايات المتحدة كان مركزاً في صيانة الإستراتيجية العسكرية الأنجلو/ أمريكية ومكانها الصحيح هو جزيرة دييجو جارسيا وليس أرخبيل شــــاجـــوس وهذه الجزيرة تم إبعادها عن سيادة موريشيوس بصفة تدريجية ولعبت الدبلوماسية البريطانية دورها الإحترافي في الصياغة التي سيتم دمجها في نصوص المعاهدة التي سيجري توقيعها من جانب بريطانيا وموريشيوس في بحر عام 2025 ومما يؤكد ذلك آخر عبارة وردت في كلمة وزير الخارجية البريطاني إذ قال بمنتهي الوضوح : ” لقد أنقذنا القاعدة لقد قمنا بتأمين المصالح الوطنية لبريطانيا على المدى الطويل ” .

12- الإتفاق مع موريشيوس ليس محل إجماع سياسي داخلي في بريطانيا وخاصة بين حزبي المحافظين والعمال فعلى الرغم من هذه الخطوة الحاسمة لا يزال الاتفاق يثير انتقادات داخل المملكة المتحدة فقد أعربت وزيرة الحكومة المحافظة كيمي بادنوش عن معارضتها الشديدة واصفة الصفقة بأنها “استسلام” حتى مع دعم الرئيس ترامب الواضح وقالت لبي بي سي: “أنا لا أعمل مع الرئيس الأمريكي فليس من المصلحة الوطنية للمملكة المتحدة التخلي عن جزر شاجوس ودفع ثمن هذا الامتياز هذه أموال دافعي الضرائب ” وما هذا الإنفاق مثير للجدل بشكل خاص لأنه قد يؤثر على الزيادة في ميزانية الدفاع التي أعلنها السير كير ستارمر الذي وعد بزيادة الإنفاق العسكري إلى 2.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027 لكن منتقدي الاتفاقية يعتقدون أن تكلفته يمكن أن تخفف من هذه الزيادة  .

13- لم تحظ قية أرخبيل شــاجـــوس ولا موضوع القاعدة الأمريكية في جزيرة دييجو جارسيا ولا أي تداعيات نشأت عن ذلك بأي تغطية إعلامية في العالم العربي كله لسبب بسيط هو أن كل دول العالم العربي تعاني من عـــاهـــة القواعد الأجنبية والأمريكية والفرنسية خاصة والشيئ الشاذ خُــلــقــيــاً أن هذه الدول تتكلم ليل نهار عن السيادة والوطنية بلا خـــجـــل , وقناة كقناة الجزيرة ثبت بما يدع إلا قليلاً من الشك في أن قائمة التغطية الخبرية تصل لها بالبريد الإيكتروني يومياً وربما بصفة نصف يومية من واشنطن وتل أبيب أما المحطات العربية الأخري فيكفيها بلاهة مسؤليها وتدني مستواهم الخلقي والمهني لكي يمارسوا مهنة الإعلام من الهامش .

والآن من المهم معرفة الأرضية التي تم بناء عليها التفاوض في 13 جولة تفاوضية بين موريشيوس وبريطانيا منذ ما بعد 25 فبراير 2019 أي منذ صدور الراي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية لصالح موريشيوس أولذلك أعرض لأمرين :

الأمــر الأول :

ما هو أرخــــبــيـــل شـــــاجــــوس ؟ :

بإيجاز يمكن تعريف أرخبيل شـــاجـــوس Chagos بأنه  عـبـارة عـن مُقسم علي سبع جزر مُرجانية كبري مساحتها 56,13 كم مربع وهناك 3 جزر فقط من بين الخمس وخمسين جزيرة التي يتكون منها هذا الأرخبيل مأهولة بالسكان وهي : جزيرة Diego  Garcia وهي أكبرها وتبلغ مساحتها 32,8 كم مربع وجزيرة Salomon وجزيرة Peros Banhos والأرخبيل برمته يقع بالمحيط الهندي جنوب جزر المالديف وعلي بعد 1,800 كم من Port Louis عاصمة موريشيوس(التي تبلغ مساحتها الإجمالية بجزرها العديدة 2,500كم مربع) التي كانت أكثر هذه الجزر سكاناً , وأكتشفها البرتغاليون في القرن السادس عشر وكانت وقتها خالية من السكان حتي إستعمرتها فرنسا في القرن الثامن عشر وأستجلبت (هي وليس العرب) الأفارقة كعبيد ليعملوا بها في زراعة الكاكاو وجوز الهند, ثم بعد ذلك وفي صفقة فرنسية / بريطانية سيطر علي الإستعمار البريطاني علي موريشيوس ويتحدث سكانها اللغة الفرنسية ذات اللهجة والمفردات الشائعة بمنطقة غربي المحيط الهندي وخاصة بجزر Réunion الفرنسية أما أرخبيل Chagos فكان تابعاً في الأصل لموريشيوس لكن السلطة الإستعمارية البريطانية وبعد أن هجرت قسراً سكانه البالغ عددهم آنئذ 2,500 نسمة خلال الفترة ما بين عام 1967 حتي عام 1973 إعتبرت الأرخبيل وإلي ما قبل إتفاق 3 أكتوبر 2024 أراض بريطانية تقع فيما يُسمي بالمحيط الهندي البريطاني British Indian Ocean Territory أو BIOT ومن الوجهة التاريخية كان الفرنسيون هم أول من طالب بأحقيته في أرخبيل جزر Chagos بعد أن سيطروا وأستقروا بجزر Réunion عام 1665 التي دُمجت لاحقاً في السيادة الفرنسية وتُجري فيها الإنتخابات الرئاسية والتشريعية الفرنسية لكن الفرنسيين تنازلوا لاحقاً عن أرخبيل Chagos الذي كان منذ القرن الثامن عشر جزءاً من جزيرة Mauritius  وذلك في إطار التسويات الإستعمارية المعروفة – للبريطانيين بموجب معاهدة ثنائية  بعد ذلك وفي عام 1814 أُديرت مجموعة جزر Chagos من موريشيوس Mauritius التي أصبحت مُستعمرة بريطانية  وفي نوفمبر 1965 قررت الحكومة البريطانية شراء أرخبيل Chagos من Mauritius أو موريشيوس التي تنازلت فرنسا عنها لتستعمرها بريطانيا عام 1810 أي أن بريطانيا إشترت أرخبيل Chagos من نفسها إذ كانت Mauritius آنئذ مُستعمرة ذات حكم ذاتي شكلي تحت السيطرة البريطانية  وبعد ذلك وفي ستينيات القرن الماضي  فصلته بريطانيا عن الوطن الأم Mauritius لقاء 3 مليون جنية إسترليني ثم ضغطت(بريطانيا) فيما بعد عام 1965 خلال مفاوضات زعماء موريشيوس مع رئيس الوزراء البريطاني في لندن للحصول علي إستقلال Mauritius بأن خيرتهم ما بين الإستقلال التام بدون أرخبيل تتنازل نهائياً عن أرخبيل Chagos مقابل منح موريشيوس الإستقلال عام 1965 أو بقاء موريشيوس رازحة تحت نير الإستعمار البريطاني فإختار هؤلاء الإستقلال بدون الأرخبيل والتخلي عنه الأرخبيل من أجل للحصول على الاستقلال خلال عملية تصفية الاستعمار لاحقاً لكن وبعد إستقلال موريشيوس بدأ نزاع مرير بين بريطانيا عندما أثارت أو نازعت موريشيوس بريطانيا علي السيادة علي هذا الأرخبيل وتذرعت بريطانيا بعملية شراؤها للأرخبيل وتنازل موريشيوس عنه طواعية وكان الهدف الإستراتيجي البريطاني من وراء فصل أرخبيل Chagos عن موريشيوس هو إقامة منطقة بريطانية بالمحيط الهندي علي غرار ما فعلته بريطانيا في جزيرة قبرص إذ أقامت قاعدتي  Akrotiri و Dhekelia بموجب معاهدة الضمان وإستقلال قبرص المُوقعة مع اليونان وتركيا عام 1960 وإعتبارهما أراض بريطانية خاضعة تماماً للسيادة البريطانية الخالصة  .

الأمــــر الـثـاني :

 تفاصيل أو نص الراي الإستشاري في هذا النزاع كالتالي :

…..بعد دراسة قضاة المحكمة للقضية وإلإستماع للأطراف في عدة جلسات إستماع في الفترة من 3 إلي 6 سبتمبر 20   8 أعلنت محكمة العدل الدولية في جلسة النطق رأيها الإستشاري في ملف يقع في 45 صفحة عنوانه  ” الآثار القانونية لفصل أرخبيل Chagos بموريشيوس في عام 1965″ , وذلك بتاريخ 25 فبراير 2019 في تمام الساعة 1400 بتوقيت جرينتش بمقرها بقصر السلام في La Haye , وقد صدر هذا الرأي بأغلبية 13 قاض مقابل صوت واحد ونصه بعد الإشارة إلي حيثيات المحكمة كالآتي :

” تقرر وفقا للمادة 96 من ميثاق الأمم المتحدة أن يُطلب من محكمة العدل الدولية عملاً بالمادة 65 من نظامها الأساسي  فتوى حول القضايا التالية :

(ألف) هل انتهت عملية إنهاء الاستعمار بشكل صحيح عندما  حصلت على استقلالها في عام 1968 ، بعد فصل أرخبيل Chagos عن  أراضيها بالنظر إلي القانون الدولي وخاصة الالتزامات المشار إليها في قرارات الجمعية العامة 1514 (د -15) بتاريخ 14 ديسمبر 1960 ، 2066 (XX) المؤرخ 16 ديسمبر 1965 ، 2232 (XXI) المؤرخ 20 ديسمبر 1966 و 2357 (د -22) المؤرخ 19 ديسمبر 1967؟ . “

(باء) ما هي الآثار المترتبة في القانون الدولي ، بما في ذلك فيما يتعلق بالالتزامات المشار إليها في القرارات المذكورة أعلاه ، والحفاظ على أرخبيل  Chagos تحت إدارة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى ايرلندا الشمالية ولا سيما فيما يتعلق باستحالة نهوض موريشيوس ببرنامج إعادة التوطين لمواطنيها لا سيما من هم من سكان هذا الأرخبيل أصلاً ؟ . “

وكان الرأي الذي أعلنته المحكمة بشأن هذين السؤالين هو :

(1) ” أن المحكمة وبالإجماع تري أنها مُختصة بالرد علي طلب الفتوي ” .

(2) ”   بأحد عشر صوت ضد صوتين تُقرر الاستجابة لطلب الفتوى ” .

(3) ” بثلاث عشر صوت ضد صوت واحد تري أنه بموجب القانون الدولي ، فإن عملية إنهاء الاستعمار في موريشيوس لم تكتمل بشكل صحيح عندما حصلت تلك البلاد على استقلالها في عام 1968 نتيجة فصل أرخبيل Chagos  ”  .

(4) ” بثلاث عشر صوتاً ضد صوت واحد ترى أن المملكة المتحدة مطالبة في أقرب وقت ممكن بإنهاء أعمالها إدارة أرخبيل Chagos  .

(5) ” بثلاث عشر صوتاً ضد صوت واحد ترى أن جميع الدول الأعضاء مُلزمة بالتعاون مع الأمم المتحدة لاستكمال إنهاء الاستعمار في موريشيوس ” .

مُضاهاة الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية بإتـــفـــاق 3 أكـتـوبـــر 2024 بين موريشيوس وبريطانيا:

كان الإتفاق علي الإعتراف بسيادة موريشيوس علي أرخبيل شـــاجـــوس مؤسساً علي الحكم الـمُشار إليـه الذي أصدرته بتاريخ 25 فبراير2019 محكمة العدل الدولية من مقرها في لاهاي بهولندا والذي تضمن رأيها الإستشاري في النزاع بين بريطانيا وجمهورية موريشيوس علي أرخبيل Chagos وهو نزاع يرجع تاريخه إلي ما قبل إستقلال موريشيوس في 12 مارس عام 1968 وبالرغم من إتفاق 3 أكتوبر 2024 أقر بسيادة موريشيوس علي أرخبيل شــــاجـــوس إلا أن إحتفاظ بريطانيا  بحق تأجير هذه الجزيرة التابعة لأرخبيل شـــاجوس يعني أن هذا الأعتراف مازال بعد منقوصاً فمن غير المتوقع في نهاية أي عملية تفاوض بشأن أرخبيل شـــاجوس أن يتم تسليمه كله لموريشيوس ذلك أن القاعدة الأمريكية في دييجو جـــارســـيـــا خاصة في ضوء تصاعد أهميتها العملياتية العسكرية إلي أن أصبحت أصــل عــسكري أنجو/أمريكي حيوي وهذه القاعدة تغطي 30 كيلومترا مربعا فقط أي ما يقرب من 4 مرات أقل من مساحة مدينة باريس لكنها للعسكرية الأمريكية أهم من باريس نفسها  كما أنها منشأة رئيسية لواشنطن في المحيط الهندي لا يمكن تركه ســـاحة حـــرة للبحرية الصينية عسكريا وتجاريا فممرات النقل الدولي الحرجة تمر به كما أن هذه القاعدة تقع على بعد بضعة آلاف من الكيلومترات من القارة الأفريقية وكذلك شبه القارة الهندية وتسمح للقوات الموجودة على الأرض بها بالتدخل في منطقة شاسعة ولذلك لن يتم تسليمها مُطلقاً لموريشيوس بحكم أو رأي محكمة العدل الدولية أو بـغـيـره , ولهذا فهذا الرأي الإستشاري لم يتم الأخذ به إذ لم يتضمن تسليم أرخبيل شــجــوس تسليم جزيرة ديـيـجو جارسـيـا وهذا مــعناه ببساطة إهــدار هذا رأي محكمة العدل الدولية فالراي الإستشاري للمحكمة نص :

(1)علي أن عملية إنهاء الإستعمار : “لم تكتمل بشكل صحيح عندما حصلت تلك البلاد على استقلالها في عام 1968 نتيجة فصل أرخبيل Chagos ” وهذا حادث حتي بعد إتفاق 3 أكتوبر فبريطانيا إحتفظت بحق تأجير القاعدة وليس موريشيوس .

(2) كما أن محكمة العدل الدولية في رأيها الإستشاري قالت : “ترى (المحكمة) أن المملكة المتحدة مطالبة في أقرب وقت ممكن بإنهاء أعمالها إدارة أرخبيل Chagos وهذا لم يحدث فعملية التاجير للولاياتن المتحدة مازالت سارية من قبل بريطانيا لا من قبل موريشيوس .

(3) يُضاف إلي ذلك أن المحكمة وكأنها توجه رأيها أو حكمها للولايات المتحدة قالت : ترى (المحكمة) أن جميع الدول الأعضاء مُلزمة بالتعاون مع الأمم المتحدة لاستكمال إنهاء الاستعمار في موريشيوس ”وهذا أيضاً غير حادث .

إذن فإتفاق 3 أكتوبر2024 مع بريطانيا أُسس جــــزئـــيـاً وليس كـــلــيــاً علي الرأي الأستشاري لمحكمة العدل الدولية بتاريخ 25 فبراير2019 أي أن القوة والـــبأس والـــمـــال البريطاني والأمريكي تــغــلبــا علي القانون الدولي ويُذكر أن عـدد الشاجـوسيين الذين سيقررون العودة إلى الجزيرة غير معروف حاليا لأنهم يعيشون في الخارج منذ عقود كما أن الأشخاص من دييجو جـارسيا لن يتمكنوا من العودة لهذه الجزيرة بسبب وجود القاعدة العسكرية الأنجلو أمريكية التي وافقت جمهورية موريشيوس على تركها في مكانها كشرط للتنازل عن الأرخبيل وفقاً لإتفاق 3 أكتوبر2024 وسيتم تسليم أرخبيل شــجــوس لموريشيوس بدون دييجو جارسيا لــقــاء مـــبــلــغ مــحــترم تتسلمه حكومة مورشيوس سنوياً من بريطانيا التي تدير مفاوضات جانبية مع موريشيوس لتسوية إيجارية مناسبة يتم في نهايتها تسليم أرخبيل شـــاجوس لموريشيوس بصفة نهائية منقوصاً أي يتم تسليم 64 جزيرة من الأرخبيل أما الجزيرة الخامسة والستين وهي دييجو جارسيا ستظل للأبد تابعة للخرائط العسكرية الأمريكية والبريطانية وغير خاضعة لتفاوض مماثل -علي الأقل – للتفاوض الذي أدي لإتفاق 3 أكتوبر2024 بين بريطانيا وموريشيوس وأعتقد أن هناك إتفاق إمـا أنه ســـري أو علي الأقل غـيـر مـــُعلن بين بريطانيا والولايات المتحدة من جانب وموريشيوس من جانب آخــر بشـان دييجو جارسيا وهذا الإتفاق يترواح بين كونه مـجرد عـــقــد تـاجير أو إتفاقية حــيـازة أو أيلولة لجزيرة دييجو جـارسيا حتي وإن أُعلن عن دفع مبلغ سنوي مقابل إيجار الجزيرة وتـقـــري هذا يُرجحه أســلوب تـفــكــير الرئيس تـرامـب نفسه في أزمة غــــزة والأطماه الأمريكية في حــيــازة جـــزيـــرة جـريــنـــلاند من الدانمرك وهي دولة لها وزنها علي مـــســرح السياسة الدولية أثـــقـــل كـثــيـراً من موريشيوش.

مســألة النزاع البريطاني / الأمريكي مع موريشيوس لوحظ فيها غـــيــاب تــام للإتحاد الأفريقي وذلك أم تم وفقاً لمشيئة وتراض بين أطراف النزاع الثلاث أو تم لأن بريطانيا والولايات المتحدة لن يسمحا لهذه المنظمة أن تكون بقرب نزاع هم طرفاه إما لكونهما دول عظمي دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي أو لأنهما دولتان غير أفريقيتان وبالتالي فالنزاع ليس أفريقي / أفريقي أو لأن الإتحاد الأفريقي نفسه لا يتدخل تلقائياً في نزاعات تتضمن قوي عظمي أو تــهـم قوي عــُظمي خـــصوصــاً وأن التسوية النهائية للسيادة علي أرخبيل ستتضمن مسألة ذات طبيعة خاصة عسكرية ومالية هي مــســألة جزيرة دييجو جـارســيا لن يسمح الأطراف الثلاث إقتراب أي طرف آخر من التفاوض بشأن تسويتها لكن نزاع موريشيوس مع بريطانيا بشأن أرخبيل شـــاجــوس يؤكد الطبيعة المحدودة لدور الإتحاد الأفريقي علي الصعيد الدولي .

الدلالة الرمزية الهامة جداً لهذا الرأي الإستشاري الذي جاء لصالح موريشيوس تكمن في أنه ذهب إلي ضرورة تسليم بريطانيا لموريشيوس أرخبيل Chagos بما فيه جزيرة Diego Garcia التي تؤجرها بريطانيا منذ عقود للولايات المتحدة التي أقامت عليها قاعدة عسكرية إستراتيجية في قلب المحيط الهندي ساهمت في الجهود العسكرية الأمريكية في حروب وهجمات كانت لها آثار سلبية فارقة علي مجري تاريخ منطقة الشرق الأوسط وأفغانستان ومناطق أخري بالعالم لكن وبالرغم من هذه الأهمية التي لهذا الرأي الإستشاري شديد الوضوح إلا أن هذا الحدث وكذا الإتفاق الذي تم بين موريشيوس وبريطانيا في 3 أكتوبر2024لم يحظيا بالتغطية الإعلامية المناسبة من وسائل الإعلام الدولية والعربية وفي مقدمتها “شبكة الجزيرة” المُتميزة بتغطية الحدث خبرياً و/ أو تحليله والتعليق عليه فالرأي الإستشاري تأسس علي حقيقة أن عملية إنهاء الإستعمار البريطاني لموريشيوس لم تكن شاملة كونها لم تتضمن أرخبيل  Chagos بما فيه جزيرةDiego Garcia  التي علي أرضها القاعدة العسكرية الأمريكية التي يتم منها الإسهام مع عصابة الجيش الصهيوني والبريطاني من قاعدتيه في قبرص ضرب غـــزة علي أي حال من المعروف أن أرخبيل شاجـــوس هو الأرخبيل الذي فصلته بريطانيا قسراً عن موريشيوس .

يعد إتفاق 3 أكتوبر2024 وبالرغم من تضمنه تعهداً من موريشيوس بالإبقاء علي القاعدة الأمريكية في دييجو جارسيا فهو بوجه عام إتفاق تعترف فيه بريطانيا لأول مره منذ إستقلال موريشيوس عنها بسيادة موريشيوس علي أرخبيل شـــاجــوس ومن ثم يُنظر له في موريشيوس علي أنه خطوة تاريخية إلى الأمام في هذا النزاع الإقليمي الذي دام أكثر من نصف قرن كما أن عودة ترامب إلى الرئاسة الأمريكية خشي البعض من أن  تضع هذا الإتفاق موضع تساؤل بسبب وجود القاعدة العسكرية الأمريكية في الأرخبيل ولذلك قال ميلان ميتاربان سفير موريشيوس السابق لدى الأمم المتحدة  قبل الإتفاق في 3 أكتوبر2024 وأثناء دولات التفاوض :”أعتقد أنه في المستقبل القريب هناك ثمة خطر لتوقف المفاوضات “حان الوقت لإعطاء الإدارة الأمريكية الجديدة فرصة النظر في الأمرلأننا يجب أن نتذكر أن العناصر المحافظة في الولايات المتحدة لديها تحفظات ناهيك عن انتقادات من حكومة موريشيوس التي يمكنها وفقا لهم منح تسهيلات مماثلة لدول أخرى (الصيـــن) في الأرخبيل ” كما توقع جان كلود دي إلستراك وزير خارجية موريشيوس السابق مفاوضات أكثر تعقيدا فقد قال هو الآخر : “نحن نعلم أن جناحا من البرلمانيين البريطانيين معاديا للاتفاق بين موريشيوس والمملكة المتحدة الموقع في 3 أكتوبر2024 قد اتصل بالفعل بفريق ترامب بناء على ملف قدم إليه ضد الاتفاق الذي تم التوقيع عليه والمعاهدة التي يتم التفاوض بشأنها والمشكلة الحقيقية هي خطر تصلب بريطانيا حتى لو لم يكن هناك خطر من التشكيك في الاتفاقية تماما  “.

قضية النزاع بين بريطانيا وموريشيوس علي السيادة علي أرخــبــيــل شاجوس الإستراتيجي )يتضمن 65 جزيرة منهم دييجو جارسيا) الواقع في المحيط الـهـنـدي ظلت ترواح مكانها وتثير نقاشا حيويا على المسرح الدولي مع توجيه الانتقادات من عدة جبهات بينما حاول السير كير ستارمر تبرير الاتفاق مع موريشيوس لواشنطن وبمرور الوقت نمت المعارضة داخل كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وتصاعدت مـــخـــاوف ســــيــاســـيــة وأمنية ومــــالــــية بالإضافة إلي تلك المــــخـــاوف الــمــتعلقة باتهامات الفساد الـــمُـــسـتــشــري في موريشيوس فقد كشفت GB News أن اتفاقية تسليم شاجوس يمكن أن تكون موضع تساؤل بسبب تحقيق غسيل الأموال إستهدف رئيس وزراء موريشيوس  السابق برافيند جوجناوث فقد استجوبته لجنة الجرائم المالية في موريشيوس مع العديد من أفراد أسرته والوفد المرافق له بعد اكتشاف حقائب تحتوي على مبالغ كبيرة من المال بعملات مختلفة فضلا عن سلع فاخرة وقد أحيت هذه الشكوك الانتقادات الموجهة لشرعية الاتفاق مع موريشيوس ولا يمكن بأي حــال غــض  الطــرف عن تـــحـــرك الــصين البحري في المـــحــيــط الـهـنـدي ولذلك ستأخــذ مــســـألة تـــوقـــيــع إتـــفـــاق نـــهـــائي بين بريــــطـــانـــيــا وموريــشـيــوس  إتــفــاق وقـــتــاً لن يطول فموريشيوس بالتأكيد ســـتوقع فـهـي لا ترفض مبدأ تسوية النزاع ولا  مبدأ التوصل لإتفاق ولكن ترفض- تفاوضياً – الـــثـــمن البريطاني / الأمريكي المعروض عليها حتي الآن فموقف موريشيوس براجـــمـــاتي وليس له عـــلاقة وطيدة بالسيادة أوالقيم الأخلاقية إنما علاقته الوحيدة بالثمن وسعر الفرصة الـــمــهــيـــاة لـها الآن ,  أما بالنسبة لبريطانيا والولايات المتحدة بالتبعية فالمسألة ذات علاقة بكل هذه الــمـــخـــاوف المُشار إليها مـــُضـــاف إلــيها حــسابات جيوسياسية أمريكية / بريطانية مُــتــشـــابكة ومُـــعـــقــدة .    

يبدو أن الوجود الأميركي في دييجو جارسيا الذي ينظرإليه منذ فترة طويلة علي أنه عقبة أمام تسليم موريشيوس كل أرخبيل شاجوس يشكل الآن رافعة مالية رئيسية بسبب القاعدة الأمريكية / البريطانية في أحد جزر أرخبيا شاجوس وهي جزيرة دييجو جارسيا فبعد أشهر من التكهنات فقد اتخذت المفاوضات منحي آخر إذ فصل الثعالب البريطانيون موضوع السيادة علي أرخبيل شـاجـوس عن جزيرة دييجو جارسيا التي في قبضتي الولايات المتحدة وبريطنيا ولها طبيعة خاصة إذ أنها مؤجرة وهذه الطيعة ساعدت البريطانيين علي إيجاد منطق للفصل بتحويلها إلي صفقة كالصفقات التي يعلنها الرئيس ترامب في الشرق الأوسط وأوكرانيا وجريينلاند فتحول الأمر لمفاوضات علي ثمن الفرصة (بالنسبة لموريشيوس) والصفقة (بالنسبة للأمريكان والبريطانيين) وبالتالي فقد أخذ استئجار القاعدة العسكرية منعطفا جديدا تفاوضيا مختلفاً إذ غلبت عليه الطبيعة التجارية بمعني تسييل الأهمية العسكرية والسياسية لجزيرة دييجو جارسيا للتحول إلي قيمة مالية سوف تسميها الأطراف الثلاث المعنية (الولايات المتحدة – بريطانيا – موريشيوس) إيجار سنوي للجزيرة المهمة وقد بلغت قيمتها في البداية 9 مليارات جنيه إسترليني (533 مليار روبية موريشيوسية) لمدة 99 عاما(وفقاً لموريشيوس) أو حوالي 5.3 مليار روبية سنويا وكان المبلغ سيتضاعف إلى 18 مليار جنيه إسترليني (1،066 مليار روبية) متجاوزا 10 مليارات روبية وربما تصل لأكثر من ذلك فيما بعد ووفقا للصحافة البريطانية فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي كان ينظر إلي إتفاق تسليم بريطانيا لأرخبيل شــاجـــوس في البداية على أنه كبح للمشروع أعطى موافقته أخيرا في فبراير2025خلال زيارة السير كير ستارمر إلى واشنطن وقال: “عقد إيجار لمدة 140 عاما لدييجو جارسيا يبدو قويا وهذا ليس بالأمر السيئ” مُضيفاً قوله: إن تأجير القاعدة العسكرية الأمريكية في دييجو جارسيا إحدى جزر الأرخبيل لمدة 140 عاما كان حلا “قويا” و “مقبولا إلى حد ما” من سخريات القدر أن الرئيس ترمب وهو في سكرة يوم التحرير 2 أبريل2025 الذي أعلن فيه التعريفات الجمركية “الـــثــوريــة ” فرضها كذلك علي إقليم المحيط الهندي البريطاني بنسبة 10٪ على الرغم من أن هذه المنطقة تشمل فيما تشمله قاعدة دييجو جارسيا العسكرية المشتركة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة ولا يوجد سكان مدنيون بها فقد تم إجلاءهم قسراً منذ زمن طويل وهو ما يرقى إلى فرض ضرائب على الولايات المتحدة نفسها فهل يمكن لأحد أن يحذر دونالد ترامب من أن السكان الوحيدين في أراضي المحيط الهندي البريطاني هم القاعدة الأمريكية في دييجو جارسيا ؟ وهذا دليل علي أن هذه التعريفات الثورية تمت علي عجل ودون تفكير داخلي جاد فترمب فكر ودبر وأتخذ قراره الثوري علي نمط كثير من دول العالم الثالث والرابع وكلما مضي الوقت سيتبين المختصون عيوب قرار ترامب في هذا الشأن  ؟

إتصالاً بذلك ذكر موقع defimedia.info في الأول من أبريل 2025 أن مقر رئيس الوزراء البريطاني في داونينج ستريت أفاد إأنه يتم الانتهاء من تفاصيل الاتفاق مع حكومة موريشيوس بعد أن وافق عليه الرئيس الأمريكي وردا على سؤال حول التقدم المحرز في الملف قال المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء: “الانتهاء من الاتفاق جاري لكننا سنقدم تحديثا بمجرد حصولنا على ذلك” , كما أحال الموقع علي صحيفة ذكرت التلغراف قولها أن المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني قال عندما سئل عما إذا كانت المملكة المتحدة لا تزال تنتظر موافقة ترامب أجاب:” يمكنك أن ترى أن الرئيس يدرك قوة هذه الصفقة ونحن نعمل الآن مع حكومة موريشيوس لوضع اللمسات الأخيرة على النص والتوقيع على المعاهدة وفي هذه المرحلة يتوقف إبرام الاتفاق فقط على مناقشاتنا مع موريشيوس” ومن المفهوم – وفقاً لهذا الموقع – أن الاتفاقية لن تخضع لمزيد من الموافقة من جانب الولايات المتحدة بعد توقيعها من قبل موريشيوس, ولكن من جهة أخري لم يقدم داونينج ستريت جدولا زمنيا دقيقا للمراحل النهائية من المفاوضات وقال المتحدثالبريطاني عن هذه الجزئية : “ليس لدي معلومات جديدة حول هذا الموضوع لكن المعاهدة ستقدم إلى البرلمان البريطاني بعد الانتهاء منها والتوقيع عليها ” , أكد موقع lexpress.muفي 3 أبريل 2025 أن الرئيس الأمريكي تـرامب أعطي مؤخرا الضوء الأخضر للاتفاق بشأن تسوية النزاع بين بريطانيا وموريشيوس علي أرخبيل شاجوس الذي يتضمن جزيرة دييجو جارسيا التي بها القاعدة الأمريكية المؤجرة من بريطانيا وبذلك تنتقل الحكومة البريطانية إلى المرحلة التالية وفقا للمتحدث باسم رئيس الوزراء السير كير ستارمر وهي الإنهاء المرتقب للصفقة مع بورت لويس ومع ذلك لم يتم بعد  تحديد توقيت هذا الإنهاء حيث أشار مكتب رئيس وزراء موريشيوس ببساطة في بيان في اول أبريل 2025 إلى أنه انضم إلى موقف 10 داونينج ستريت ومع ذلك فإن هذا التوقيع على المعاهدة لا ينبغي أن يمر طويلا في غضون عشرة أيام تقريبا كما توضح وزارة الخارجية وقال مصدر قريب من الأمر “تم تسوية جميع العقبات التي يمكن أن تؤخر هذا التوقيع مما يترك الباب مفتوحا أمام الطرفين للتوقيع على الوثائق”وبهذه الصفقة التاريخية ستعود جزر أرخبيل شاجوس البالغ عددها 14 جزيرة في المحيط الهندي إلى سيطرة موريشيوس مما سيستعيد بالتالي سيادتها بعد 60 عاما من النضال مع مختلف الهيئات الدولية بما في ذلك الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية باستثناء جزيرة دييجو جارسيا  التي تقع عليها القاعدة العسكرية التي تديرها المملكة المتحدة والولايات المتحدة بشكل مشترك والتي سيتم تأجيرها لمدة 99 عاما ووفقا للبيان المشترك بين بورت لويس ولندن في 13  يناير 2025 تم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن مدة عقد الإيجار والتعويض لحكومة موريشيوس لمدة 99 عاما أي 90 مليون جنيه إسترليني (حوالي 5.4 بليون روبية) تدفع كل عام هذا الاستنتاج من صفقة أرخبيل شاجوس لن يكون لذوق الجميع يوم 4 أبريل 2025 نظمت منصة من 20 جمعية مسيرة سلمية في شوارع بورت لويس للمطالبة بإغلاق القاعدة العسكرية في دييجو جارسيا خوفا من أن تجد موريشيوس نفسها في خضم حرب بين الولايات المتحدة وإيران وفي شباط ودعا البرنامج رئيس الوزراء إلى ضمان ممارسة موريشيوس للسيادة على جزر شاجوس بأكملها وتعديل دستورها لإلغاء القواعد العسكرية على أراضي الجمهورية ومما لا شك فيه أن الشاجوسيين الذين يعيشون في المملكة المتحدة لن يستبعدوا بمن فيهم أصوات شاجوسيان وبرناديت دوجاسي وبيرتريس بومبي اللذين هددا باتخاذ إجراءات قانونية للطعن في صفقة شاجوس على أساس أن الشاجوسيين لم يتم استشارتهم أبدا خلال المفاوضات بين البلدين  .

إن عودة أرخبيل شاجوس إلى موريشيوس كما تراها هي أنها نتيجة سنوات من المفاوضات الدبلوماسية لعبت فيها الهند دورا رئيسيا خلف الكواليس ويعد انخراط نيودلهي مع بورت لويس جزءا من استراتيجية أوسع لدعم إنهاء الاستعمار والاستقرار الجيوسياسي في المحيط الهندي وبالفعل في 17 فبراير2025 رحب ريتيش رامفول وزير الخارجية علنا بدعم الهند الثابت وقال في مقابلة مع قناة WION الهندية على هامش المؤتمر الثامن للمحيط الهندي الذي عقد في عمان :”يجب أن أؤكد أن الهند كانت داعمة جدا لموريشيوس لوضع اللمسات الأخيرة على هذا الاتفاق وأنها لا تزال ملتزمة بمساعدتنا على استعادة سيادتنا على أرخبيل شاجوس”ولكن قبل بضعة أشهر أي في 4 أكتوبر 2024 وبعد الإعلان عن اتفاق بشأن الاسترداد الذي تم إبرامه في اليوم السابق شكر رئيس الوزراء آنذاك برافيند جوجنوث نظيره الهندي ناريندرا مودي على مساهمته في استكمال عملية إنهاء الاستعمار وكتب على الشبكة الاجتماعية X   “تشكر موريشيوس الاتحاد الأفريقي والحكومة الهندية وجميع الدول الصديقة التي دعمتنا في معركنا وأولئك الذين عارضوا الاتفاقية زعموا أن موريشيوس كانت تابعا للصين وهذا هراء تماما كانت هذه الدعاية قوية جدا وكاذبة تماما وإذا كان بإمكان أي شخص أن يشرح ذلك لترامب فهو مودي الذي يمكنه إخباره إذا كانت موريشيوس قمرا صناعيا فهي قمر صناعي هندي أعتقد أن مودي ساعد في إلغاء حظر الوضع” ويبدو أن هذا النداء قد أتى ثماره ففي 27 فبراير 2025 أيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب  في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمرالاتفاق بين لندن وبورت لويس وقال “لدي شعور بأن الأمر سيعمل بشكل جيد للغاية” قبل أن يضيف “أعتقد أننا سنميل إلى اتباع بلدكم”وفي حين أن الهند ملتزمة بعودة أرخبيل شاجوس إلى موريشيوس فإنها حريصة أيضا على الحفاظ على علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة لا سيما فيما يتعلق بقاعدة دييجو جارسيا العسكرية ونقلت رويترز 8 مارس2025 عن صموئيل باشفيلد  الخبير الأمني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في معهد أستراليا الهند قوله إن الوجود الأمريكي في الجزيرة هو أحد الأصول الاستراتيجية لنيودلهي وقال: “يمكن أن يكون دييجو جارسيا مهبطا مفيدا لطائرات المراقبة الهندية في المحيط الهندي” ومن هذا المنطلق طورت الهند البنية التحتية البحرية والجوية لجزر أجاليجا الواقعة شمال موريشيوس مما عزز موطئ قدمها في المنطقة في مواجهة الصين التي تتواجد بشكل متزايد في المحيط الهندي كذلك في مؤتمر صحفي أعاد وزير الخارجية الهندي فيكرام ميسري التأكيد على التزام بلاده: “تدعم الهند موريشيوس في موقفها من سيادة أرخبيل شاجوس وهذا يتماشى مع تقاليدنا المتمثلة في دعم إنهاء الاستعمار واحترام سيادة البلدان الأخرى وسلامتها الإقليمية مع وضع ذلك في الاعتبار قيل لنا إنه يجب تضمين القضية في المناقشات بين ناريندرا مودي ونافين رامجولام .

بالرغم من أن تسوية نزاع أرخبيل شــاجوس أصبحت وشيكة بل قريبة من أي وقت مضي لكن الحكومة غير عابئة بحقيقة أن التسوية النموذجية لهذا النزاع تكمن في تسويته علي مستويين متتالين هما تسوية مسألة إيلولة ملكية أرخبيل شاجوس وهذه تمت أو كادت بعد حكم محكمة العدل الدولية ثم الإتفاق مع بريطانيا علي تنفيذ هذا الحكم أما المستوي الثاني فهو العلاقة الإيجارية بين بريطانيا والولايات المتحدة التي تدفع الإيجار لقاء إستخدام أحد جزر أرحبيل شـــاجـــوس وهي تحديداً جزيرة دييجو جــارســـيــا كقاعدة عـــسكرية تعمل في الوقت الحالي في دعم الصهاينة في حرب غــــزة وضــرب الحوثيين في اليمن كثف الجيش الأمريكي حملته العسكرية ضد الحوثيين في اليمن حيث نُشرت قاذفات استراتيجية من طراز B-2 Spirit في قاعدة دييجو جارسيا الجوية(بدييجو جارسيا ستة على الأقل من هذه القاذفات – حوالي ثلث إجمالي أسطول B-2 التابع لسلاح الجو الأمريكي وتوجد ناقلات وطائرات شحن مما يؤكد خطورة نوايا واشنطن وهذه المعلومة عن التقرير: https://avia-pro.fr/news/ssha-ispolzuyut-bombardirovshchiki-b-2-spirit-dlya-udarov-po-husitam)ووفقا لقناة CNN التلفزيونية الأمريكية فإن  طائرات B-2قادرة على حمل الذخيرة الثقيلة تشارك بالفعل في ضربات ضد مواقع  الحوثيين وتشمل الحملة التي بدأت قبل ثلاثة أسابيع استخدام صواريخ كروز الموجهة بدقة من طراز AGM-158 JASSM و AGM-154 JSOW و Tomahawkمما يجعلها واحدة من أغلى العمليات في الذاكرة الحديثة ويُقدر الخبراء تكلفة هذه المهمة بنحو مليار دولار مما يثير جدلا جادا في الأوساط العسكرية ويُضاف لهذين الإستخدامين لقاعدة ديجو جــارســيــا الإستعداد لعمل عسكري ضد إيـــران وهذا أمــر خـــطـــير لا تعبأ حكومة موريشيوس به رغم أن المنظمات المدنية في موريشيوس تدعو إلى إغلاق القاعدة الأمريكية البريطانية في دييجو جارسيا وقد تظاهرت نحو عشرين منظمة يوم الجمعة 4 أبريل2025 في بورت لويس للمطالبة بإغلاقها في حين تصاعد التوتر هذا الأسبوع بين الولايات المتحدة وإيران وأعلنت طهران عن خطط لقصف هذا المعقل الأمريكي الواقع في الأرخبيل ولذلك يندد المتظاهرون بتهديد السلام الإقليمي في موريشيوس ويطالبون بنزع السلاح في المحيط الهندي فوفقاً للمراقبين العسكريين هناك في القاعدة الأمريكية في دييجو جارسيا قاذفات B2 وأسطول كامل متمركز هناك ويؤكد ذلك ما نشره موقع avia-pro.fr الفرنسي في الأول من أبريل 2025الذي أشار إلي أن الأوامر قد صدرت للقادة العسكريين الإيرانيين بوضع خطة لضربة استباقية ضد القاعدة الجوية الأمريكية البريطانية المشتركة في دييجو جارسيا في المحيط الهندي حسبما ذكرت صحيفة التلجراف نقلا عن مصادر لم تسمها وأن هذه الخطوة تأتي وسط تهديدات متزايدة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تزيد إدارته من ضغوطها على طهران بعد عودتها إلى السلطة في 20 يناير 2025 ونشر ذلك أيضاً موقع www1.alliancefr.com الصهيوني في الأول من أبريل 2025 حيث أشار إلي أنه وفقا لمصادر أمنية إقليمية وغربية فإن إيران تفكر بجدية في شن هجوم استباقي على قاعدة دييجو جارسيا البريطانية/الأمريكية الاستراتيجية للغاية في المحيط الهندي فهذه القاعدة العسكرية الواقعة على الأراضي البريطانية هي واحدة من المراكز العصبية للانتشار العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط  وأحال الموقع علي مصدر داخل النظام الإيراني قوله أن”القادة العسكريين الإيرانيين رفيعي المستوى تلقوا تعليمات بالتحضير لهجوم بالصواريخ والطائرات المسيرة”ووفقا لما ذكره فإن الهدف هو استباق هجوم أمريكي محتمل على المنشآت النووية الإيرانية ومن بين السيناريوهات التي تتم دراستها في طهران خيار مدروس : إطلاق صواريخ تسقط عمدا بالقرب من دييجو جارسيا، دون أن تصطدم بها مباشرة واستراتيجية محسوبة لإرسال رسالة ردع واضحة دون تجاوز عتبة الحرب الشاملة وعلق محرر الموقع علي ذلك بقوله أنه إذا ضربت إيران دييجو جارسيا ولو حتى بشكل رمزي فقد تعتبره الولايات المتحدة عدوانا مباشرا يبرر ردا عسكريا واسع النطاق وبالتالي يمكن أن تصبح الجزيرة بعد ذلك بؤرة صراع جديد غير متماثل مما يحرض التكنولوجيا العسكرية الغربية ضد استراتيجية إيران للمضايقات الإقليمية وأن مثل هذا السيناريو سيشمل أيضا حلفاء الولايات المتحدة في الخليج بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمملكة العربية السعودية التي تستضيف أيضا قواعد أمريكية يمكن استهدافها وتأتي هذه المناورة الدبلوماسية العسكرية في أعقاب صور الأقمار الصناعية الأخيرة التي كشفت عن وجود ما لا يقل عن أربع قاذفات شبح أمريكية من طراز B-2 في  دييجو جارسيا .

مع تغيير الحكومة في بريطانيا أعيد التفاوض على الاتفاقية بهدف الحصول على ظروف أكثر ملاءمة من بين أمور أخرى لاستئجار دييجو جارسيا التي تقع عليه القاعدة الأمريكية إذا لم تكن إدارة ترامب تؤيد هذا التسليم خوفا على مصالحها ليفاجئ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب  الجميع  .

وفقاً لموقع express.mu في 3 مارس2025 أشـــار إلي أنه يمكن التصديق رسميا على الاتفاق النهائي المتعلق بنقل السيادة من جزر أرخبيل شاجوس إلى موريشيوس هذا الأسبوع (وهو مالم يحدث) بعد أن ألمح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى أنه يؤيده وفقا لمصادر موريشيوسية حسبما ذكرت صحيفة التلجراف في 2 مارس 2025 وقال مسؤول كبير مشارك في المفاوضات لصحيفة التلجراف أن يوم الثلاثاء (4 مارس2025) قد يكون “يوم النصر” للصفقة بعد أن قال دونالد ترامب إنها “لا تبدو سيئة”ويمثل البيان خطوة حاسمة إلى الأمام حيث كانت الإدارة البريطانية تنتظر إشارة واضحة من الولايات المتحدة قبل وضع اللمسات الأخيرة على الصفقة وينص الاتفاق على إعادة إقليم المحيط الهندي البريطاني إلى موريشيوس مع ضمان استمرار استخدام الولايات المتحدة للقاعدة العسكرية الاستراتيجية في دييجو جارسيا هذه الجزيرة التي هي جزء من أرخبيل شاجوس في المقابل ستؤجر موريشيوس دييجو جارسيا لبريطانيا لمدة 99 عاما مقابل دفعة سنوية تقدر بـ 90 مليون جنيه إسترليني أو ما مجموعه 8.9 مليار جنيه إسترليني على مدى مدة عقد الإيجار بأكملها .

الـــدور  الأمـــريـــكي في مــــســار الإتفاق :

إتصالًا بما تقدم كان وزير خارجية موريشيوس ديفيد لامي قد قال في وقت سابق من عام 2025 :”إن الاتفاق لا يمكن أن ينجح إذا عارضه الرئيس الأمريكي خاصة في ضوء تصريح وزير الخارجية الأمريكي الحالي ماركو روبيو في أكتوبر 2024 أشار فيه إلي أن صفقة الإتفاق البريطاني مع موريشيوس بأنها “تهديد خطير” للأمن القومي الأمريكي بسبب علاقات موريشيوس مع الصين ومن جهة أخري ذكر موقع lexpress.mu في 10 أبريل 2025أن صحيفة “التلجراف” البريطانية كشفت أن حكومة موريشيوس أعربت عن امتنانها لرئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب على دعمه للاتفاق الذي تم التفاوض عليه مع المملكة المتحدة بشأن عودة جزر شاجوس وقد وصلت المحادثات بين البلدين لمرحلتها النهائية وساعد دعم إدارة ترامب في تسريع العملية وقال جافين جلوفرالمدعي العام لموريشيوس لصحيفة التلغراف: “نحن بصدد وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل الاتفاقية التي التزمت بها المملكة المتحدة وموريشيوس ولن نعلق على العملية بشكل مستمر فيكفي أن نقول إن دعم إدارة ترامب جعل الأمور أسهل وأن الصفقة على وشك الانتهاء”ولا تزال النقطة المؤلمة في المفاوضات هي مسألة مدفوعات الإيجار للقاعدة العسكرية في دييجو جارسيا أكبر جزيرة في الأرخبيل وتديرها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بشكل مشترك ووفقا لصحيفة التلغراف قدمت موريشيوس مؤخرا مطالب جديدة تطالب بزيادة الإيجار بالإضافة إلى تمويل إضافي لتطوير الأرخبيل بالإضافة إلى 9 مليارات جنيه إسترليني سبق ذكرهاعلى الرغم من أن لندن استبعدت أي زيادة في التكلفة الإجمالية للاتفاقية فقد ورد أن حكومة المملكة المتحدة اقترحت شروطا جديدة بما في ذلك الدفع المسبق لجزء من المدفوعات من أجل تلبية احتياجات الميزانية الفورية لدولة موريشيوس , وقال مصدر قريب من المناقشات لصحيفة التلجراف :”لن نوقع حتى يتم تحديد المبلغ الذي سيتم دفعه مقدما بوضوح” وبحسب ما ورد يجري دراسة خيار ثالث بعد رفض الخيارين الأولين لأسباب قانونية أما بالنسبة للطبيعة الدقيقة للتعويض المالي فقد قال جلوفر لصحيفة التلجراف: “سيظل الجزء المالي من الاتفاقية سريا حتى يتم توقيعه” وقد كتبت صحيفة ديلي ميل” في17 فبراير 2025: أن هربرت ماكماستر مستشار الأمن القومي السابق لدونالد ترامب يعتبر صفقة تسليم شاجوس “خيانة استراتيجية” ويحذر من النفوذ الصيني المتزايد قائلا إن الصفقة ستضع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في موقف ضعيف كما ينتقد فكرة التنازل عن السيادة لبلد يعتبره حليفا لبكين  .

 الـــدور الـــهـــندي في مــــســـار الإتــــفـــــاق :

لم يمارس نفوذ الهند في المنتديات الدبلوماسية التقليدية فقط فوفقا للصحفي ووزير الخارجية السابق جان كلود دي ليستراك دافع ناريندرا مودي بشكل مباشر عن قضية موريشيوس خلال زيارته لواشنطن في 13 يناير 2025  .

“أولئك الذين عارضوا الاتفاقية زعموا أن موريشيوس كانت تابعا للصين وهذا هراء تماما كانت هذه الدعاية قوية جدا وكاذبة تماما وإذا كان بإمكان أي شخص أن يشرح ذلك لترامب فهو مودي الذي يمكنه إخباره إذا كانت موريشيوس قمرا صناعيا  فهي قمر صناعي هندي أعتقد أن مودي ساعد في إلغاء حظر الوضع”  .

يبدو أن هذا النداء قد أتى بثماره في 27 فبراير 2025 فقد أيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مؤتمر صحفي إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمرالاتفاق بين لندن وبورت لويس وقال :”لدي شعور بأن الأمر سيعمل بشكل جيد للغاية” قبل أن يضيف “أعتقد أننا سنميل إلى اتباع بلدكم”.

وفي حين أن الهند ملتزمة بعودة شاجوس إلى موريشيوس فإنها حريصة أيضا على الحفاظ على علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة لا سيما فيما يتعلق بقاعدة دييجو جرسيا العسكرية ونقلت رويترز في 8مارس2025 عن صموئيل باشفيلد الخبير الأمني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في معهد أستراليا الهند  قوله إن الوجود الأمريكي في الجزيرة هو أحد الأصول الاستراتيجية لنيودلهي وقال: “يمكن أن يكون دييجو جارسيا مهبطا مفيدا لطائرات المراقبة الهندية في المحيط الهندي” ومن هذا المنطلق طورت الهند البنية التحتية البحرية والجوية لجزر أجاليجا الواقعة شمال موريشيوس مما عزز موطئ قدمها في المنطقة في مواجهة الصين التي تتواجد بشكل متزايد في المحيط الهندي وفي 8 مارس2025 وأمام مؤتمر صحفي أعاد وزير الخارجية الهندي فيكرام ميسري التأكيد على التزام بلاده: “تدعم الهند موريشيوس في موقفها من سيادة أرخبيل شاجوس وهذا يتماشى مع تقاليدنا المتمثلة في دعم إنهاء الاستعمار واحترام سيادة البلدان الأخرى وسلامتها الإقليمية مع وضع ذلك في الاعتبار قيل لنا إنه يجب تضمين القضية في المناقشات بين ناريندرا مودي ونافين رامجولام  .

بـــريطانيا بين حـــالـتي فــوكـــلانــد وأرخـــبــيـل شــاجــــوس :

أثار التزام حكومة المملكة المتحدة بأقاليمها فيما وراء البحار مخاوف في أعقاب اتفاق   نقل السيادة البريطانية علي جزر شاجوس إلى موريشيوس ولذلك صرح المتحدث باسم السير كير ستارمر بحزم أن السيادة البريطانية على جبل طارق وجزر فوكلاند غير قابلة للتفاوض مبددا الشواغل المتعلقة بآخر التطورات فقد أدى القرار البريطاني ذاك المتعلق بجزر شاجوس إلى التزام الأرجنتين باتخاذ “خطوات ملموسة” فيما يتعلق بجزر فوكلاند التي تري بوينس آيرس أنها تابعة لها بيد أن المتحدث باسم السير كير شدد على أن مسألة جزر فوكلاند منفصلة عن الحالة في شاجوس وتظل تحت سيطرة المملكة المتحدة بإحكاموقد ورد في الأخبار أن رئيس وزراء جبل طارق قال أن قضية جزر شاجوس ليس لها تأثير على الحالة الفريدة لجبل طارق وبالمثل أكد حاكم جزر فوكلاند من جديد التزام الحكومة البريطانية الثابت بسيادتها  .

كانت المملكة المتحدة في 23 يونيو2023 قد أصدرت بيانا حول جزر فوكلاند وجهته إلى منظمة الدول الأمريكية ونصه : ” الأمين العام الأمين العام المساعد الوزراء المندوبون الأصدقاء والزملاء إنه لشرف لي أن أمثل المملكة المتحدة هنا كدولة مراقبة دائمة وقبل عشر سنوات سألت حكومتهم سكان جزر فوكلاند عما إذا كانوا يرغبون في الاحتفاظ بصلاتهم بالمملكة المتحدة باعتبارها إقليمًا ما وراء البحار يتمتع بالحكم الذاتي في استفتاء بنسبة 92٪  اختار 99.8٪ من الذين صوتوا الإبقاء على روابط الجزيرة بالمملكة المتحدة وقد أشرفت على هذا الاستفتاء بعثة مراقبة من ست دول بما في ذلك دول منظمة الدول الأمريكية البرازيل وتشيلي وباراجواي وأوروجواي وكندا والولايات المتحدة الأمريكية وكان تأييدهم الكبير للعملية هو أنه كان “حرًا وعادلاً” , لقد أوضح شعب جزر فوكلاند رغباته – فهم لا يرغبون في الاندماج رغماً عن إرادتهم في الأرجنتين وبالمثل أوضحوا لي أن المملكة المتحدة ليس لديها تفويض للتفاوض مع الأرجنتين بشأن مستقبل وطنهم . وعلي الجانب الأرجنتيني  وفي سبيل تأكيد إنعاش ذاكرة المجتمع الدولي حيال موقف الأرجنتين من قضية جزر فوكلاند ومطالبة الأرجنتين بها ترأس وزير الخارجية الأرجنتيني سانتياجو كافيرو وفد بلاده إلي إلاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة والمشاركة في اللجنة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار أو C24 والتي ستتناول النزاع الأرجنتيني مع المملكة المتحدة حول جزر فوكلاند وجزر جنوب المحيط الأطلسي الأخرى وذلك بأمل التوصل إلى قرار يدعو الجانبين الأرجنتين والمملكة المتحدة لبدء مفاوضات السيادة على ما يعرف بمسألة جزر مالفيناس أو فوكلاند , وأعاد كافيرو أثناء مشاركته التأكيد على حقوق الأرجنتين في جزر مالفيناس وجورجيا الجنوبية وساندويتش الجنوبية والمساحات البحرية المجاورة وجددالتزام الحكومة الأرجنتينية بحل نهائي وسلمي للنزاع على السيادة وفقًا لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة واللجنة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار , وقد ضم الوفد الأرجنتيني العديد مسؤليين عن شؤون مالفيناس(فوكلاند) وأنتاركتيكا ووزير جنوب المحيط الأطلسي جييرمو كارمونا وأعضاء في الكونجرس من المجلسين ومن الائتلاف الحاكم والمعارضة وحاكم تييرا ديل فويجو وجوستافو ميليلا بالإضافة إلى المشرعين الإقليميين والممثلين غير المنتخبين من المجتمع الأرجنتيني , كما دعا وزير الخارجية الأرجنتيني  Santiago Cafiero في 20 يونيو2023 – الذي حضر الجلسة مع وفد ضم شخصيات أرجنتينية مُتعددة ضمت ممثلين عن المعارضة الأرجنتينية – أمام جلسة خُصصت للنظر في النزاع بين بلاده وبريطانيا علي السيادة علي جزر فوكلاند للجنة الخاصة بتصفية الإستعمار التابعة للأمم المتحدة في نيويورك بريطانيا دعا بريطانيا ثانية إلي للدخول في مفاوضات ثنائية مع الأرجنتين لحل سلمي ونهائي للنزاع علي السيادة علي جزر مالفيناس أو فوكلاند , التي تبعد بحوالي 600 كم عن ساحل الأرجنتين علي المُحيط الأطلنطي وتبعد بحوالي 6000 كم عن بريطانيا التي تدعي ملكيتها من عام 1765 وقد خاض البلدان المُتنازعان حرباً بسبب إدعاء كلاهما السيادة عليها عام 1982 دامت لشهرين إبان عهد رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت ثأتشر والحكومة العسكرية في بيونس آيريس التي خسرت هذه الحرب , وقد تجدد هذا النزاع في مارس 2023 عندما أعلنت الأرجنتين عن تخارجها من إتفاق تعاون سبق وأبرمته مع بريطانيا عام 2016 وكان يغطي مجالات كالطاقة والنقل البحري والصيد , وطالبت الأرجنتين آنئذ بالعودة إلي المفاوضات بشأن السيادة علي الجزر , لكن رد وزيرالخارجية البريطاني James Cleverly كان صارماً برفض العرض الأرجنتيني مؤكداً أن فوكلاند ستظل إقليماً بريطانياً بحكومة تسيير ذاتي فيما وراء البحار .

لكن من الواضح ومنذ عهد رئيسة الوزراء المحافظة مرجريت تاتشر أن بريطانيا تعتبر فوكلاند قضية أمن قومي غير قابلة للتفاوض أو حتي النقاش ووما أكد ذلك أن بريطانيا التي تبعد 6 الاف كم عن فوكلاند دخلت حربـــاً عام 1982 مع الأرجنتين في سبيل تأكيد السيادة البريطانية عليها .

تقوم المملكة المتحدة بتجديد قاعدتها الجوية في جزر فوكلاند /ملفيناس ففي منتصف فبراير2023 أعلنت منظمة البنية التحتية للدفاع البريطانية أن أعمال التجديد في مهبط الطائرات الذي بدأته المملكة في جزر فوكلاند ستبدأ وستشمل الأعمال استثمار ما يقرب من 7 ملايين جنيه إسترليني للسماح بتمديد العمر الإنتاجي لمهبط الطائرات Mount Agradable Complex ويشمل نطاق المشروع كما ذكرت السلطات البريطانية “… تجديد علامات الجسر بالطلاء العاكس واستبدال علامات المطار وإضافة الأضواء بالإضافة إلى طلاء الجسر بطبقة من القار وستعمل هذه الطبقة الواقية من البيتومين على إطالة عمر المسار حتى يتم إعادة ظهوره في السنوات القليلة القادمة , ومجمع Mount Agradable هو البنية التحتية الرئيسية المتاحة للقوات البريطانية في جزر فوكلاند وهي قاعدة تعمل من خلالها على الدفاع والنقل وأصول الدعم الجوي ومن الأعمال الخاصة التي يجب أن يقوم بها المقاول الفرعي Gatwick Construction هي أن يتم تنفيذها ليلاً بحيث لا يتداخل الإعداد مع تشغيل المطار ويمكن أن تستمر الرحلات الجوية كما هو مقرر”وهذا المجمع في ماونت بليزانت مهم للغاية للرحلات الجوية من وإلى المملكة المتحدة وللرحلات الجوية التي تربط جزر فوكلاند بأمريكا الجنوبية وكذلك للخدمة الجوية الحكومية لجزر فوكلاند (FIGAS) نفسها التي تربط القاعدة مع الجزر المحيطية في جزر فوكلاند  .

منذ مارس 2023 وإستحكام أزمة جزر مالفيناس / فوكلاند علي أفق العلاقات الثنائية البريطانية / الأرجنتينية قررت الأرجنتين على عكس جميع المهرجانات والطقوس وعروض التتويج الماضية في المملكة المتحدة عدم إرسال أي وفد خاص ناهيك عن وفد غير عادي إلى تتويج الملك تشارلز الثالث وإقتصار الأمرعلى حضور سفيرها في لندن خافيير فيجيروا مراسم التتويج .

تدعم الصين موقف الأرجنتين في النزاع علي السيادة علي جزر فوكلاند وقد دعم المندوب الصيني الدائم لدي الأمم المتحدة Geng Shuang في21 يونيو 2023 موقف الأرجنتين في نزاعها مع بريطانيا بشأن السيادة علي جزر مالفيناس(فوكلاند) في مقال نشره بصحيفة South China Morning Post التي يُصدرها الحزب الشيوعي الصيني دعا فيها الدول للتخلي عن التفكير الإستعماري مُحذراً من مغبة تداعياته الخطيرة علي النظام الدولي , وأوضح أن مشكلة هذه الجزر تاريخية تعود إلي الزمن الإستعماري وأنه بالرغم من أن هذا الزمن قد ولي إلا أن الهيمنة وسياسات القوة مازالت موجودة حتي اليوم , وأن علي المجتمع الدولي أن يظل في أعلي درجات اليقظة وأن يُقاوم هذا الإتجاه .

كما سبقت وعرضت فإن بريطانيا كانت متساهلة في حالة نزاعها علي السيادة علي أرخبيل شاجوس – كما سبق وعرضت – لكن السؤال المهم هو : لماذا أختلف موقف بريطانيا في الحالتين أي حالتي أرخبيل شاجوس وتفاوضت مع موريشيوس بل إقتربت من توقيع معاهدة تسليم السيادة علي الـ64 جزيرة في أرخبيل شاجوس عدا جزيرة دييجو جارسيا ورفضت بكل حسم بل حاربت الأرجنتين لشهرين بسبب دفاعها عن سيادتها علي جزر فوكلاند ؟

السبب الظاهري هو أنه في حالة موريشيوس صدر رأي إستشاري من محكمة العدل الدولية لصالح موريشيوس أما في حالة النزاع الأرجنتيني / البريطاني علي السيادة علي جزر فوكلاند فالأرجنتين تستند فقط علي قرار صدرعام 1965عن لجنة تصفية الإستعمار بشأن جزر فوكلاند / مالفيناس يدعو بريطانيا والأرجنتين للتفاوض ثم تبنت لجنة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار C24 بالإجماع     قرارًا جديدًا يكرر- كما فعلت منذ عام 1983 – يدعو المملكة المتحدة والأرجنتين إلى استئناف المفاوضات من أجل حل سلمي ونهائي للخلاف حول السيادة على مالفيناس ولم تعر بريطانيا هذا القرار وسابقيه إهتماًماً سياسياً , لكني أعتقد أن بريطانيا يدفعها للتمسك بجزر فوكلاند إلي جانب قيمة الجزر العالية للأمن القومي البريطاني التركيبة السكانية في الجزر وهي في الغالب تركيبة من ذوي الأصول البريطانية غير حالة موريشيوس تماماً , بالإضافة إلي ذلك وهذا الأهم هو أن بريطانيا والولايات المتحدة حصلتا علي الميزة العسكرية من أرخبيل شاجوس وهي جزيرة دييجو جارسيا التي ستحتفظان بالتواجد الحر عليها في الغالب بموجب إتفاق سري منفصل عن الإتفاق النهائي علي نقل السيادة البريطانية علي أرخبيل شاجوس لموريشيوس , وأخـيـراً هناك دافع سياسي ونفسي لدي بريطانيا إن صح التعبير وهو أن بريطانيا كغيرها تري في الأرجنتين دولة كبيرة وقوة سياسية في أمريكا اللاتينية تفضل بريطانيا والولايات المتحدة إذلالها وإضعافها علي المسرح السياسي اللاتيني .

غـــــلــــبــــة النهج العسكري الأمريكي علي القانون الدولي :-

إن التسوية الحالية لنزاع بريطانيا مع موربشيوس علي السيادة علي أرخبيل شـــاجــوس والتي من أجلها جرت 13 جولة تفاوضية أجرتها حكومتي العمال والمحافظين البريطانيتين مع موريشيوس وأنته بإتفاق مبدئي أعلن في 3 أكتوبر2004 أهم سماته فصل وضع جزيرة دييجو جارسيا عن مجمل الأرخبيل المكون من 65 جزيرة نظراً لطبيعة هذه الجزيرة الخاصة كقاعدة عسكرية تؤجرها الولايات المتحدة من بريطانيا وبالتالي فستظل السيادة شبه  الكاملة لبريطانيا عليها بإعتبارها المؤجر الأصلي لهذه الجزيرة نظير مبلغ ترضية سنوي مناسب تدفعه بريطانيا لموريشيوس مقابل قبول هذا الوضع القانوني الشاذ كونه مُخالف للرأي الإستشاري الذي أبدته محكمة العدل الدولية في 25 فبراير2019 والذي ينصرف معناه ومبناه علي وجوب تسليم السيادة الكاملة غير المنقوصة لموريشيوس والسبب الرئيس لهذا الوضع هو حرص الولايات المتحدة وبريطانيا علي التمسك بدييجو جارسيا كأصل عسكري إستراتيجي لهما في المحيط الهندي ذا الأهمية فوق الإستراتيجية وكذا لأهمية هذه القاعدة في الإستهداف العسكري لمنطقة الشرق الأوسط خاصة في حرب غـــزة ومواجهة إيران والحوثيين في اليمن في جنوب البحر الأحمر فوفقاً لموقعwww.eurasiantimes في 26 مارس 2025 فإن “هناك مؤشر على أنه تم التخطيط لعملية عسكرية واسعة النطاق تشمل قاذفات الشبح الاستراتيجية من طراز B-2 في الشرق الأوسط على الأرجح ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران والتي تطلق صواريخ بلا هوادة على الأصول الأمريكية في المنطقة ويزعم أن القوات الجوية الأمريكية (USAF) أرسلت ما لا يقل عن خمس إلى سبع قاذفات استراتيجية من طراز B-2 من قاعدة وايتمان الجوية في ميسوري إلى الأراضي البريطانية بجزيرة دييجو جارسيا أحد جزر أرخبيل شــاجـــوس وهذه الجزيرة موطن لقاعدة عسكرية أمريكية استخدمت لشن ضربات جوية في منطقة الشرق الأوسط في الماضي وكشفت ذلك حسابات استخباراتية مفتوحة المصدر متعددة (OSINT) تتبع نشاط الطائرات العسكرية عن ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي وقد أدى الاتصال اللاسلكي بين القاذفات والمحطات الأرضية في سان فرانسيسكو وبين القاذفات ومراقبة الحركة الجوية الأسترالية (ATC) إلى الكشف عنها فقد أصبحت تسجيلات هذه التفاعلات متاحة الآن للجمهور وتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي خلال ال 24 ساعة الماضية في البداية كان من المعروف أن ثلاث قاذفات من طراز B-2 متجهة إلى دييجو جارسيا تليها رابعة  يُزعم أنها تعرضت

لحادث عند الهبوط  في وقت لاحق وورد أن قاذفة قاذفة خامسة من طراز B-2 غادرت وايتمان متوجهة إلى منطقة المحيط الهندي الاستراتيجية للغاية وأضاف الموقع أنه وفقا للتقارير الواردة من المتوقع أن تهبط قاذفتان أخريان على الأقل في القاعدة وتمتلك القوات الجوية الأمريكية حاليا 20 قاذفة B-2 متمركزة في وايتمان مما يعني أن أكثر من 30٪ من هذه القاذفات منتشرة الآن إلى الأمام في دييجو جارسيا بالإضافة إلى ذلك تظهر صور الأقمار الصناعية (المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي) عدة طائرات نقل عسكرية من طراز C-130 وناقلات للتزود بالوقود الجوي KC-135 تم نشرها في دييجو جارسيا في اليومين الماضيين ومع ذلك وبسبب الادعاءات المتباينة لم تتمكن EurAsian Times من تحديد العدد الدقيق لهذه الطائرات وقت كتابة هذا التقرير” , واليمنيون يدركون كل هذا فأشاروا ساخرين :”إلي أن قوة عظمى جاءت مع حاملتي طائرات بالإضافة إلى قاذفات الشبح B-2 تقلع من جزيرة دييجو جارسيا في المحيط الهندي وعلى الرغم من كل هذا لم تتمكن من تحقيق هدف واحد إنها مسألة وقف العمليات اليمنية الداعمة لغزة في مواجهة العدوان الصهيوني الذي استمر لأكثر من 17 شهرا وهو أبشع عدوان عرفته البشرية فهذا عدوان تم بدعم مطلق من الأمريكيين واليمن هو البلد العربي الذي تبنى دعم غزة ليصبح الفعل قبل أن يقول ذلك “.

من اليسير جداً الآن علي أي متابع أن يتوقع أن تسوية النزاع علي السيادة علي أرخبيل شاجوس بين بريطانيا وموريشيوس كان لابد أن ينتهي ويتم بصفة منقوصة أو بمعني أكثر وضوحاً “ليس مُتطابقاً مع أحكام القانون الدولي” بسبب غلبة النهج العسكري البريطاني / الأمريكي فالرئيس ترامب نفسه مؤمن بنهج البأس العسكري الذي أحد وسائله حيازة قواعد عسكرية بلغت وفقاً لبعض التقديرات 800 قاعدة عسكرية منتشرة في العالم وهذا الرئيس وهذه الإدارة الجمهورية شـــرهة في حيازة قواعد عسكرية أخري في العالم والرئيس ترامب يعتقد وكذلك إدارته بالتبعية تعتقدب وبحسم أن النهج العسكري مقدمة طبيعية للتفوق والريادة الإقتصادية في العالم ومُحققاً لوفورات إقتصادية متتابعة فمثلاً يتطلع الرئيس ترامب لحيازة جرينلاند التابعة للدانمرك وجرينلاند إقليم يتمتع بالحكم الذاتي تابع لمملكة الدنمارك وهي عضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي وعلى الرغم من الاتفاقيات السابقة المختلفة لعقود بين الحكومتين الأمريكية والدنماركية فإن المشكلة معقدة بسبب الاحتجاجات والرفض الدنماركي فلعدة قرون كانت الجزيرة موطنا للشعوب الأصلية ومعظمها من الإنويت الذين تمكنوا من الازدهار في هذه القارة القطبية الشمالية وبعيدا عن طموحات دونالد ترامب في جرينلاند فبالنسبة لأولئك الذين يعرفون فإن ادعاءات الولايات المتحدة بهذه الجزيرة القارية الجليدية العملاقة ليست جديدة فمطالبة ترمب بجرينلاند تعود إلى زمن الحرب العالمية الثانية لكن العيون الأمريكية عليها تعود إلى القرن القرن 18 عندما تم تشكيل الولايات المتحدة من خلال التفاوض على شراء أراضيها المستقبلية وخاصة لويزيانا وتكساس وألاسكا ولقد كان من المفيد تحديث المعلومات وبداية النظرة الأميركية المستمرة إلى جرينلاند وقد تجددت هذه الرغبة الامريكية منذ الحرب العالمية الثانية كما أظهر جوردان فريدمان في مقالة نُشرت مؤخرا (في ناشيونال جيوجرافيك) ولذلك كانت جرينلاند دائما موضع اهتمام الولايات المتحدة لكنها لم تكن معروضة  للبيعأو التنازل عنها هذا ما أكدته الدنمارك والاتحاد الأوروبي لكن دونالد ترامب متسق في تصريحاته مع الطموحات الأميركية فهو يؤكد طلبًا عمره قرن من الزمان  أثار من المعارضة ما يكفي وزيادة لكنه علي مستوي الدانمرك مُستهجن ومثير للإستفزاز ففي القرن 19 وبعد آخر عملية شراء لألاسكا من روسيا كانت جرينلاند بالفعل على جدول الأعمال الأمريكي وهناك العديد من الأسباب التي تجعل العملاق الأمريكي مهتما بها اليوم فأحد الأصول الأولى يتعلق بأهميتها الاستراتيجية فالوجود العسكري الأمريكي بها موجود منذ عام 1945 ثم في زمن الحرب الباردة ولقد أصبحت الاطماع الامريكية في جريلاند حقيقة واقعة مع تطوير قاعدة Thule والتحكم في الطقس والمراقبة الجوية والآن تؤكد حماية الصواريخ الباليستية النووية واكتشاف مرور الغواصات الروسية اسباباً وجيهة  للاهتمام الأمريكي بجرينلاند ومن المفارقات أن زيادة الوجود الأمريكي به تُعد ميزة إضافية لحلف شمال الأطلسي  .

أكد موقع thecradle.co في 18 أبريل 2025ما تقدم حين أشار إلي أن تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخير بضرب إيران ما لم توقف برنامجها النووي أدي إلى إحياء الاهتمام بأصول أميركية قديمة: دييجو جارسيا فقد تم نشر قاذفات الشبح من طراز B-2 في الجزيرة – الأراضي البريطانية بالاسم ولكن هي حامية أمريكية في الممارسة العملية – مما يشير إلى أن واشنطن إما تستعد للحرب أو تزيد من المخاطر بخدعة عدوانية وأسهب الموقع في بيان دور دييجو جارسيا في الإستراتيجية العسكرية الأمريكية فأشار إلي أنه : مع إفراغ الجزيرة وتمديد المدرج سرعان ما أصبحت موقع دييجو جارسيا مركزيا في استراتيجية الحرب الأمريكية فقد لعبت دورا هذه الجزيرة دوراً رئيسيا في مهمة إنقاذ الرهائن الفاشلة في إيران عام 1980 وهي “عملية مخلب النسر” ولاحقا ضد إيران خلال الحرب العراقية الإيرانية وفي عام 1987 تم تحسين المدرج لتمركز قاذفات القنابل الأمريكية من طراز B-52التي يمكنها توصيل حمولات كبيرة وذخائر موجهة بدقة وقد كانت هذه القاذفات حيوية خلال حرب الخليج لمهاجمة مراكز القيادة والسيطرة العراقية ومرة أخرى خلال بداية غزوات واحتلال أفغانستان والعراق ومع توسيع الولايات المتحدة لوجودها في الخليج العربي اكتسبت القواعد في قطر والبحرين أهمية أكبر حيث استضافت قاذفات بعيدة المدى ومقر القيادة المركزية الأميركية والأسطول الخامس للبحرية الأميركية وكانت هاتان القاعدتان حيويتين فقد ساعدت القاذفات الأمريكية المنطلقة من قطر ومنسفن راسية قبالة البحرين في ضرب معاقل طالبان أثناء غزو أفغانستان وضربت بغداد في حملة الصدمة والرعب لكن القرب من ساحة المعركة أصبح سيفا ذا حدين  فترسانة الصواريخ الإيرانية الكبيرة بما في ذلك الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت – التي تم إظهارها خلال انتقامها ضد إسرائيل في أكتوبر 2024 – تجعل قواعد الخليج العربي هذه عرضة للخطر فالقرب يمثل أيضا تحديا لقاذفات الشبح B-2 والتي يمكن اكتشافها على مستوى الأرض وأثناء الإقلاع مع وجود 20 طائرة B-2 فقط بتكلفة 2 مليار دولار لكل منها وهذا سعر لا تستطيع الولايات المتحدة تحمله إذا اندلعت الحرب فمن غير المرجح تجنيب طهران البنية التحتية الاقتصادية لجيرانها ومن غير المرجح أن تكون البحرين أو قطر على استعداد لتحمل تكلفة الهجوم الإيراني ولم يكن بإمكان إيران مهاجمة القواعد العسكرية الأمريكية فحسببل أيضا البنية التحتية للنفط والغاز في دول الخليج (المهترئة سياسياً ) والتي من شأنها أن تدمر اقتصاداتها كما أن البلدين(قطر  والبحرين) يقتربان من إيران: كانت طهران واحدة من العواصم القليلة التي دعمت قطر خلال أزمتها الدبلوماسية مع المملكة العربية السعودية وإمارات الخليج العربي الأخري وفي عام 2024 عملت البحرين وإيران أيضا على استعادة العلاقات لكن على النقيض من ذلك تقع دييجو جارسيا بعيدا عن مدى معظم الصواريخ الإيرانية – على الأقل هذا هو التقييم في الوقت الحالي – بما يسمح للقاذفات الشبح بإطلاق القاذفات الشبح دون أن يتم اكتشافها كما أن قدرة إيران المحدودة على معاقبة أسياد جزيرة دييجو جارسيا البريطانيين تجعلها نقطة انطلاق مثالية لخطط واشنطن الحربية  فوفقا للبيانات المتاحة فإن الصاروخ الإيراني الأطول مدى هو خرمشهر-4، الذي يصل مداه إلى حوالي 2000 كيلومتر ومع ذلك فإن القاعدة العسكرية الأمريكية في دييجو جارسيا – الواقعة في عمق المحيط الهندي – تقع على بعد حوالي 4000 كيلومتر من الساحل الجنوبي لإيران في حين أنه لا يوجد دليل مؤكد على أن إيران لديها حاليا الوسائل لضرب مثل هذا الهدف البعيد إلا أنه لا يمكن استبعاد وجود قدرات – لم تكشف عنها الجمهورية الإسلامية – يمكن أن تصل إلى القاعدة الأمريكية وعلاوة على ذلك فإن القدرة المثبتة لصاروخ خرمشهر 4 على التهرب من الدفاعات الجوية الإسرائيلية تثير مخاوف بشأن قدرة الولايات المتحدة على الدفاع عن دييجو جارسيا في صراع كبير – خاصة إذا كانت إيران تمتلك صواريخ بعيدة المدى قادرة على ضرب القاعدة النائية – فأي هجوم على إيران يمكن أن يؤدي إلى حرب إقليمية أوسع نطاقا مع رد فعل سلبي ضد الأصول والحلفاء الأمريكيين في جميع أنحاء غرب آسيا أي من تل أبيب إلى الرياض وقد يؤدي قتل عدد قليل من القادة الإيرانيين إلى تحقيق انتصارات رمزية لكن هيكل قيادة طهران مبني على الصمود والمخاطر تفوق بكثير المكاسب التكتيكية.

نــــتــــيــــجـــــة :

إن جزيرة دييجو جارسيا أحد جزر أرخبيل شـــاجـــوس كانت مُستثناة من إتفاق بريطانيا وموريشيوس علي تسليم السيادة البريطانية علي أرخبيل شــاجـــوس ومن ثم فمن غير المنطقي القول بأن إتفاق 3 اكتوبر كان شاملاً أو متطابقاً مع الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 25 فبراير2019 وبناء علي ذلك يمكن القول بثقة أن النهج والإحتياج العسكري الأمريكي / البريطاني تغلب علي القانون الدولي في حالة تسليم السيادة البريطانية لموريشيوس كما في حالات أخري مشابهة في عالمنا المعاصر أو الماضي ذلك أن القاعدة الأمريكية بالغة الإستراتيجية للعسكرية الأمريكية فهي تخدم قيادتين عسكريتين أمريكيتين هما القيادة العسكري للهند والمحيط الهندي INDOPACOM والقيادة العسكرية الأمريكية المركزية USCENTCOM وكلاهما أحد أهم أهدافه صيانة أمن مــكــب القمامة البشري أي الكيان الصهيوني , ولذلك كان من الحتمي أن تكون حالة النزاع البريطاني علي السيادة علي أرخبيل شـــاجـــوس إضافة في قائمة الأحكام الـــمـــهـــدرة والمُجتزئـــة الصادرة عن محكمة العدل الدولية فالقانون الدول يطبق كاملاً علي الدول الخاضعة الضعيفة سواء بقوة السلاح أو قوة المال أما القوي العظمي فدائما ما تستمتع بمزايا الإستثناء وهي مُتعددة .

بالمناسبة الولايات المتحدة ولا بريطانيا ولا أي قوي يوصف بالعظمي بهذا القدر من الجلال والقوة الباطشة فالنيجر تلك الدولة الفقيرة لكنه أبية كريمة أذلت الولايات المتحدة وفرنسا فقد أجلت القواعد الفرنسية بل السفارة الفرنسية في نيامي عام 2023 وبعدهما في سبتمبر2023 تم إجلاء الجيش الأمريكي عن 3 قواعد عسكرية أمريكية في النيجر شماله وجنوبه والقصة بدأت عندما أعلن العقيد أمادو عبد الرحمن المتحدث باسم المجلس الوطني لحماية الوطن CNSP على التلفزيون الوطني في 16 مارس2024 أن المجلس العسكري الذي يحكم النيجر منذ (انقلاب) 26 يوليو 2023 قد أنهى إتفاقاً عسكرياً مع الولايات المتحدة الأمريكية يُعرف بـإتفاق وضعية القوات أو Status of Forcec Agreement وهو إتفاق وُقع عام 2012 بأثر فوري”مُوضحاً قوله بأن  “الوجود الأمريكي على أراضي جمهورية النيجر غير قانوني وينتهك جميع القواعد الدستورية والديمقراطية التي تتطلب استشارة الشعب ذو السيادة […] بشأن تواجد جيش أجنبي على أراضيها”, ووفقاً للمجلس العسكري فإن هذا الاتفاق “غير العادل” تم “فرضه من جانب واحد” من قبل الولايات المتحدة من خلال “مذكرة شفهية بسيطة” مُوقعة في 6 يوليو 2012

جاء إعلان المجلس العسكري لحماية الوطن بالنيجرCNSP عـن إنهاء التعاون العسكري والأمني مع الولايات المتحدة كما أشرت بعد أيام قليلة من زيارة وفد أمريكي لنيامي عاصمة النيجر استغرقت 3 أيام قام بها وفد أمريكي برئاسة مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية Molly Phee (هذه هي زيارتها الثانية خلال ثلاثة أشهرللنيجر) وضم هذا الوفد رئيس القيادة الأمريكية في إفريقيا الجنرال Michael Langley لتجديد الاتصالات مع المجلس العسكري بالنيجر , وقدانتقد عبد الرحمن هذا الوفد سواء بسبب انتقاداته للأوضاع في النيجر وتصرفات المجلس العسكري أو بسبب الافتقارالواضح للشفافية وقال عبد الرحمن تياني في خطابه التلفزيوني في 16 مارس2024أن “حكومة النيجر تدين بشدة الموقف المتعالي المصحوب بالتهديد بالانتقام من رئيس الوفد الأمريكي تجاه حكومة وشعب النيجر” وأوضح أن “وصول الوفد الأميركي لم يحترم الممارسات الدبلوماسية” وأكدأن الحكومة الأمريكية أبلغت نيامي “من جانب واحد” بموعد وصول الوفد وتشكيله , ولم تكن زيارة الوفد مُرتبة ثنائياً لذا فقد كانت بمثابة نوع من أنواع الإملاء والغطرسة فلم تُستشار السلطات في النيجر بشأن موعد هذه الزيارة ولا أُخطرت بالموضوعات التي سيتم تناولها لذا ووفقًا لمصدر حكومي نيجيري فخلال هذه الزيارة التي استمرت 3أيام لم تتمكن  Molly Phee من مقابلة رئيس النظام العسكري عبد الرحمن تياني فلم يستقبلها    لكنها مددت إقامتها 24 ساعة لمقابلته لكن قائد الانقلاب تجاهلها فكان عليها أن تكتفي بمقابلتين مع رئيس الوزراء , بل إن  المتحدث باسم المجلس العسكري بالنيجر قال على التلفزيون الرسمي إن قادة المجلس العسكري لم يستضيفوا الوفد الأمريكي إلا من باب المجاملة ووصفوا لهجتهم بأنها متعالية , وهو ما أكدته علي نحو آخر Aneliese Bernard المسؤولة السابقة بوزارة الخارجية الأمريكية والمتخصصة في الشؤون الأفريقية ومديرة مستشاري الاستقرار الاستراتيجي Strategic Stabilisation وهي مجموعة استشارية للمخاطر عندما قالت ” إن الزيارة الأخيرة (للوفد الأمريكي للنيجر) قد فشلت وإن الولايات المتحدة بحاجة إلى إلقاء نظرة نقدية على كيفية إدارتها للدبلوماسية ليس فقط في النيجر بل في أفريقيا وأن ما يحدث في النيجر ومنطقة الساحل لا يمكن النظر إليه بشكل مستمر في فراغ كما نفعل دائما فحكومة الولايات المتحدة تميل إلى العمل مع الغمامة ولا يمكننا أن ننكر أن علاقاتنا المتدهورة في أجزاء أخرى من العالم كالخليج وإسرائيل وغيرهما كلها لها تأثير مؤثر على علاقاتنا الثنائية في دول غرب أفريقيا ” .

الولايات المتحدة ولا رئيسها المتغطرس صاحب الأنا العُليا Superego المتورمة  إستطاعا أن ينبسا ببنت شفة لحكومة النيجر عندما طردت الــ1000 عسكري أمريكي من قواعد الولايات المتحدة في النيجر كما فعلت مـــالي وبوركينافاسو وتشاد ذلك أو يقترب من ذلك ولم يستطع الفرنسيين ولا الأمريكان الرد قد يكونوا منشغلين في تدبير المؤامرات وفرض العقوبات الإقتصادية لكنهما تلقيا الصفعة علي الملاً ولم يتمكنا من الرد أما في عالمنا العربي فها نحن نري حكام لا كرامة لهم ولا قيمة يسهرون علي التآمر علي شعوبهم لصالح الصهاينة والأمريكيين وربما غيرهم بينما وجههم آخذة في الأحمرار والتورم من شدة صفعات الأمريكان والصهاينة عليها أمام الملأ فلا عجب أن تُضاف موريشيوس لقائمة الدول منزوعة الكرامة مع الدول العربية .   

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M