- أرليت سيمو فوتسو
- دانيال حليم
يشكل مؤشر رأس المال البشري الذي دشنته مجموعة البنك الدولي في أكتوبر/تشرين الأول 2018 مقياسا بسيطا لكنه قوي يقيس إنتاجية الطفل المولود اليوم عندما يكبر مقارنة بما يمكن أن يكون عليه إذا تمتع “بقدر كامل من التعليم والصحة الجيدة”.
يتألف المؤشر من مكونات مهمة لرأس المال البشري: التعليم والصحة والبقاء على قيد الحياة. وتؤكد بيانات المؤشر المصنّفة حسب نوع الجنس على أهمية الأولوية التي توليها مجموعة البنك الدولي للمساواة بين الجنسين، وتحديدا في ضمان الاستثمار المتكافئ في رأس المال البشري للأولاد والبنات. في اليوم الدولي لمحو الأمية الذي نحتفل به اليوم، نعرض خمس حقائق عن المساواة بين الجنسين ورأس المال البشري، وذلك بالاستناد إلى بيانات مستمدة من موقع بوابة البنك الدولي للبيانات المصنّفة حسب نوع الجنس.
1. على المستوى الإقليمي، تحقق تقدم كبير في سد الفجوات القائمة بين الجنسين في رأس المال البشري فيما بين الأولاد والفتيات.
في 126 بلدا تتوفر بشأنها بيانات مصنّفة حسب نوع الجنس على مؤشر رأس المال البشري، فإن الفتيات في المتوسط في وضع أفضل بقليل في جميع المناطق وفئات الدخل القُطرية عبر أبعاد مقاييس المؤشر، كمعدل الإصابة بالتقزم. والواقع أن المسافة بين رأس المال البشري لبلد ما وحد الكمال (1 في الشكل أعلاه) أكبر كثيرا من الفجوات الأخرى القائمة بين الجنسين.
وعند تفصيل ذلك حسب مكونات مؤشر رأس المال البشري، يتضح أن هناك نمطا مشابها في معدلات الإصابة بالتقزم وبقاء الأطفال والبالغين على قيد الحياة. إلا أن الصورة التي تبرز في مجال التعليم أكثر تعقيدا.
2. يرى كثيرون على الصعيد الإقليمي أنه لا تزال هناك فجوات بين الجنسين في مجال التعليم لاسيما بالنسبة للفتيات، في حين برزت فجوات بين الجنسين تشير إلى تأخر الأولاد في مناطق أخرى.
على الرغم من المنجزات العالمية المدهشة في إلحاق الفتيات بالتعليم، فإن مكون التعليم بمؤشر رأس المال البشري يظهر ارتفاع عدد سنوات الدراسة المتوقعة للأولاد مقارنة بالفتيات في البلدان منخفضة الدخل، وفي منطقتي أفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا. ففي 10 من بين 24 بلداً من البلدان منخفضة الدخل، تزيد سنوات الدراسة المتوقعة للأولاد بمقدار انحراف معياري واحد على الأقل مقارنة بالفتيات. وتظهر درجات الاختبار الموحدة أن الفتيات أيضا يعانين من تدنِّي نواتج عملية التعلُّم قليلا في المتوسط مقارنة بالأولاد في هذه البلدان. ويتناقض ذلك مع البلدان متوسطة ومرتفعة الدخل حيث لا يوجد نمط واضح للفجوة بين الجنسين، على الأقل في درجات الرياضيات (انظر هذه المدونة).
إلا أنه في نمط جديد يخضع حاليا للملاحظة والمناقشة بشكل متزايد (انظر تقرير اليونيسكو) تبرز فجوات بين الجنسين تشير إلى تراجع نواتج تعليم الأولاد مقارنة بالفتيات في بعض المناطق، ولاسيما أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي. ويشير هذا الاتجاه إلى أن ذلك النمط يلوح في الأفق في منطقتي شرق آسيا وجنوبها.
3. لا تزال هناك فجوة كبيرة في معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة بين الرجال والنساء في مناطق عديدة.
في ضوء الاستثمارات الكبيرة في فرص التعليم في السنوات الأخيرة، فإن الفجوات القائمة في الإلمام بالقراءة والكتابة بين السكان البالغين تبدو مختلفة تماما عنه بين الشباب. ومنذ عام 1985، تقلصت الفجوة القائمة في معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة بين الشباب والشابات في كل مكان. ولا تزال هناك حاليا بعض الفجوات بين الشباب في مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وجنوب آسيا، وأفريقيا جنوب الصحراء. إلا أن الفجوة القائمة بين الجنسين أقل كثيرا مقارنة بالفجوة التي تُبعدها عن حد الإلمام الشامل بالقراءة والكتابة.
لكن النساء البالغات حاليا لا يزلن في وضع أدنى مقارنة بالرجال، وتُعد هذه الفجوات كبيرة. وسيكون من الضروري القيام بحملات شاملة لمحو الأمية لدى الكبار لسد الفجوات في الإلمام بالكتابة والقراءة بين عموم السكان البالغين حاليا.
4. نستطيع فقط ملاحظة الفجوات التي يمكننا قياسها.
لكن هذه الملاحظات لا تخلو من المحاذير. فحالة التفاوت بين الجنسين في رأس المال البشري غير واضحة تماما في معظم المناطق بسبب سوء نوعية البيانات المتوفرة. ولا يشتمل زهاء 20% من البلدان المدرجة في ترتيب مؤشر رأس المال البشري لعام 2018 على بيانات مصنّفة حسب نوع الجنس، ويقع معظمها في مناطق أفريقيا جنوب الصحراء، وجنوب آسيا، وشرق آسيا والمحيط الهادئ.
وترجع الفجوات في بيانات رأس المال البشري المصنّفة حسب نوع الجنس بشكل رئيسي إلى عدم وجود بيانات مصنّفة عن سنوات الدراسة المتوقعة ودرجات الاختبارات. وفي حين لا تتوفر بيانات مصنّفة عن معدلات الإصابة بالتقزم لعدد أكبر من البلدان، فإنها لا تشكل فجوة في بيانات مؤشر رأس المال البشري المصنّفة حسب نوع الجنس، حيث يمكن بناء المؤشر باستخدام معدل بقاء البالغين على قيد الحياة فقط في غياب معدلات الإصابة بالتقزم. ومن شأن زيادة توافر البيانات المصنّفة حسب نوع الجنس أن يمكّن مزيدا من البلدان من تقييم حجم التفاوتات بين الجنسين، وتطبيق السياسات الملائمة، وضمان ألا يتخلف أحد عن الركب.
5. من الضروري الاستفادة من إمكانات رأس المال البشري لتحويل التحسن في الإنتاجية إلى نمو يتشارك الجميع في جني ثماره.
رغم تحسن رأس المال البشري للفتيات، فإن قدرتهن على تحويله إلى فرص اقتصادية قد تبقى غير مستغلة بالكامل، حيث تقل نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة على مستوى العالم بواقع 27 نقطة مئوية عن الرجال. ولا تزال هناك ثغرات كبيرة في الأجور بين الجنسين قدرها 20%، ومازال جانب كبير من هذه الفجوة “بدون تفسير على أساس الفروق في مستوى التعليم” (انظر هذا التقرير الصادر عن منظمة العمل الدولية). وثمة عوامل عديدة تفسر ذلك، منها التمييز بين الجنسين في مكان العمل، والأعراف الاجتماعية المجحفة بشأن أدوار الأسرة والسوق، ونقص خدمات رعاية الأطفال وعدم ملاءمة السياسات المتعلقة بالإجازات (لكل من الآباء والأمهات)، والتحرش الجنسي ووسائل النقل غير الآمن، والقيود التمييزية في الحصول على التمويل والوصول إلى الأسواق، والحواجز القانونية/التنظيمية التي تعوق إنشاء الشركات وتطويرها. على سبيل المثال، تظهر هذه المدونة أنه لا تزال هناك حواجز تحول دون حصول المرأة على التدريب الملائم ووظائف ذات إنتاجية أعلى.
وما لم تُحل هذه المشكلات وتحصل المرأة على نفس الفرص التي يحصل عليها الرجال في سوق العمل، فإن التقدم المحرز لن يسهم إلا بدرجة محدودة في النمو الاقتصادي وتحسين الأحوال المعيشية. ومن الممكن أيضا أن يؤدي تصور تدني انخفاض العائد على التعليم في سوق العمل إلى إثناء الأسر المعيشية عن إرسال بناتها إلى المدارس، وأن يعرقل التقدم المحرز في المستقبل في زيادة التحاق الفتيات بالمدارس. ويتيح ذلك فرصة لواضعي السياسات ومجتمع التنمية للعمل على إزالة الحواجز المتبقية أمام تحقيق المساواة بين الجنسين.
رابط المصدر: