عادل رفيق
هذه الوثيقة من إيميلات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون والتي أرسلها سيدني بلومنتال، المسؤول السابق في مكتب الرئيس بيل كلينتون وأحد المقربين من هيلاري كلينتون لفترة طويلة، إلى هيلاري رودهام كلينتون، وزيرة الخارجية، والتي أرسلتها بدورها إلى بعض معاونيها من موظفي الخارجية الأمريكية، وذلك بتاريخ 24 يونيو 2012، تحت عنوان: “الاتفاق بين الإخوان والمجلس العسكري”، تتناول بعض التفاهمات التي تم الاتفاق عليها بين الإخوان المسلمين والمجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد إبلاغ الأخير الإخوان بفوز الرئيس محمد مرسي في انتخابات رئاسة الجمهورية على منافسه الفريق أحمد شفيق قبل الإعلان الرسمي للنتائج بيوم واحد.
ومن أبرز ما اتفق عليه المجلس العسكري والإخوان المسلمون في سياق العلاقات الخارجية، أنه في إطار الوضع السياسي المصري الجديد فإن أول ما يمكن لهما العمل المشترك فيه هو وضع سياسة متسقة تجاه إسرائيل. وبينما أشار ضباط المجلس العسكري إلى أن إسرائيل تشعر بالقلق الشديد من التغييرات التي تجري في مصر، أكد مسؤولو الإخوان المسلمين بأنهم عازمون على الاستمرار في السياسة التي طورها كل من المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين خلال ثورة يناير 2011، وتعزيزها، وهي: الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل؛ وفي نفس الوقت، الحدُّ من النشاط المشترك والتعاون في الأمور الأمنية الحساسة معها.
وقد استقت الوثيقة المعلومات التي وردت بها من مصادر خاصة قالت إنها على اتصال رفيع المستوى مع المجلس العسكري المصري والإخوان المسلمين بمصر، بالإضافة إلى أجهزة مخابرات غربية، وأجهزة أمنية محلية.
وقد جاءت الوثيقة على النحو التالي:
1- في مساء يوم 23 يونيو 2012، تم دعوة كبار المسؤولين من أعضاء مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين إلى اجتماع سري طارئ مع ضباط من المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وخلال هذه الجلسة، تم إبلاغ جماعة الإخوان المسلمين أن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية في مصر ستعلن في اليوم التالي فوز محمد مرسي، مرشح حزب الإخوان المسلمين / الحرية والعدالة بمنصب رئيس مصر.
وصرح ضباط المجلس العسكري أن قائدهم، المشير محمد حسين طنطاوي، كان يشعر بالقلق من أن وضع أتباع الإخوان المسلمين، وكذلك العديد من الجماعات العلمانية / الليبرالية، أصبح متقلباً بشكل متزايد خلال فترة فرز الأصوات التي كان قد تم تمديدها. وبعد إجراء اتصال مع المرشد العام للجماعة د. محمد بديع، أكد ممثلو الإخوان المسلمين في الاجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه لن يكون هناك عنف خلال الفترة التي تسبق إعلان نتائج الانتخابات. وكرر ضباط المجلس العسكري موقفهم السابق بأن طنطاوي والمجلس الأعلى للقوات المسلحة لا يريدون حكم البلاد، لكنهم لن يتسامحوا مع أي تحرك قد يحدّ من ميزانية الجيش أو وضع الاحترام الذي يتمتع به في المجتمع. وأكد مسؤولو الإخوان، الذين كانوا سعداء للغاية بالأخبار التي تلقوها من الضباط للتو، لمحدثيهم من المجلس العسكري أن بديع ومرسي وبقية قيادة الإخوان ملتزمون بهذا الموقف.
2- وبحسب مصدر حساس للغاية، فإن مسؤولي الإخوان المسلمين أضافوا أن مرسي سيختار مسؤولين حكوميين من طيف واسع من الأحزاب والحركات، بدءاً من حزب النور السلفي وصولاً إلى الجماعات العلمانية / الليبرالية مثل حركة 6 أبريل. ولم يكن لدى ضباط المجلس العسكري أي مشكلة في ذلك، لكنهم أضافوا أن المراسيم العسكرية الحالية ستظل سارية، على الأقل حتى تتم صياغة الدستور وانتخاب برلمان جديد. ويرى هذا المصدر أن ممثلي جماعة الإخوان المسلمين كانوا قد تلقوا تعليمات من بديع بتجنب الخوض في أي جدال حول هذه النقطة، خصوصاً في هذا الوقت. وبعد الفوز في الانتخابات الرئاسية، يعتقد بديع ومستشاروه أن الرأي العام والزخم السياسي سيمكنان جماعة الإخوان المسلمين من بسط السيطرة على كامل شؤون الحكم في البلاد. وفي هذا الخصوص، فإنه يعتقد أيضاً أنه من المهم ألا تتجاوز جماعة الإخوان المسلمين، كما فعل مرسي، ورئيس البرلمان عن حزب الحرية والعدالة سعد الكتاتني في الأسابيع التي سبقت الجولة الثانية من التصويت.
3- ويرى المصدر أن بديع يعتقد أن التكتيكات العدائية التي اتبعها أنصار جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، في الفترة التي سبقت الجولة الثانية من التصويت، أدت إلى تحرك طنطاوي لحل البرلمان، وإعادة تحديد مهام الرئيس (من خلال إصدار الإعلان الدستوري المكمل). ويريد المرشد العام للجماعة أن يدرك مرسي أنهم إذا استمروا في التحرك حسب وتيرة مدروسة، فإنهم سيحصلون على كل ما يريدون. وقد كشف استطلاع رأي أجرته جماعة الإخوان المسلمين أنه على الرغم من أن منافس مرسي في الانتخابات الرئاسية أحمد شفيق هو قائد سابق للقوات الجوية، فإن ما يقرب من سبعين 70 في المائة من القوات النظامية للجيش دعموا مرشح الإخوان المسلمين. وفي ذات الوقت، فقد صوت ما يصل إلى 40 في المائة من أعضاء حركة 6 أبريل لصالح مرسي. كما تعتزم قيادة جماعة الإخوان المسلمين ضم المسيحيين الأقباط وبعض النساء في الحكومة الجديدة، في مسعى للتأكيد على أن مصر الجديدة دولة إسلامية شاملة للجميع ومعتدلة. ولكن التحدي الذي يواجههم هو العثور على الأفراد الذين يشعرون أنه يمكن الوثوق بهم، وأنهم على استعداد للعمل في ظل قيادة مرسي. وبحسب هذا المصدر، فإن الأقباط على وجه الخصوص يشعرون بالإحباط بسبب ما يعتقدونه من وقوع تزوير وتخويف لأعضائها من قبل حزب الحرية والعدالة في المناطق الآهلة بالمسيحيين.
4- ووفقاً لهذا المصدر، فقد اتفق ممثلو الإخوان والمجلس العسكري في نهاية هذا الاجتماع على البقاء على اتصال والقيام بما هو ضروري لمنع أي عنف، مع الإقرار بالدور المهم الذي سيواصل الجيش أداءه في المجتمع المصري. ويدرك الطرفان أنه لا مناص من وقوع حوادث ناتجة عن المشاعر السياسية السائدة في البلاد، ولكنهما يتفقان على أنه يجب عليهما العمل منع هذه الحوادث من الخروج عن السيطرة. كما وافق ضباط المجلس العسكري على أنهم لن يبالغوا في ردة الفعل تجاه تصريحات مؤيدي الإخوان المسلمين الخاصة بتقليص دور الجيش في الحكومة. وأضاف ضباط المجلس العسكري أن طنطاوي لم يكن مستاءً من نتيجة الانتخابات، إذ أنه لم تكن تربطه بشفيق علاقة شخصية قوية، وأن لهما تاريخ من التنافس على السلطة داخل الجيش إبّان نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك.
5- ووفقاً لهذا المصدر، فقد اتفق الجانبان على أنه في إطار الوضع السياسي المصري الجديد فإن أول أمر يمكن لهما العمل المشترك فيه هو تطوير سياسة متسقة تجاه إسرائيل. وأشار ضباط المجلس العسكري إلى أن إسرائيل قلقة للغاية من التغييرات التي تجري في مصر. ولكن مسؤولي الإخوان المسلمين أضافوا بأنهم يرغبون في الاستمرار في السياسة التي طورها كل من المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين خلال ثورة يناير 2011، وتعزيزها، وهي: الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل؛ وفي نفس الوقت، الحدُّ من النشاط المشترك والتعاون في الأمور الأمنية الحساسة معها. كما اتفق الجانبان على أنه بعد انتهاء الانتخابات، سيكون من المهم توفير بيئة عمل إيجابية للشركات الأجنبية، لا سيما تلك القادمة من الولايات المتحدة وأوروبا الغربية. وصرح مسؤولو الإخوان المسلمين أن بديع ومرسي ملتزمان بشدة بالعمل طبق نظام مصرفي إسلامي / غربي مزدوج، والحفاظ على علاقات جيدة مع الشركات الغربية. وهو (بديع) يكرر باستمرار أن الغرب قد تعامل مع السعودية على مدى سنوات عديدة وأن النظام الذي يترقبه لمصر سيكون أقل تقييداً عن النظام الذي وضعه الحكام السعوديون بشكل كبير. ويعتقد بديع أيضاً أن حقيقة أن مرسي كان قد تلقى تعليمه في الولايات المتحدة ولديه العديد من العلاقات الجيدة هناك سيساعد كثيراً في ذلك.
6- وسوف يجتمع ممثلو الإخوان والمجلس العسكري مرة أخرى خلال أسبوع بدءاً من 25 يونيو، وسيواصلون الاتصالات المنتظمة بينهما أثناء التحضير لصياغة الدستور الجديد والانتخابات البرلمانية. واتفق الجانبان على أنه يتعين عليهما أيضاً مراقبة الوضع في سوريا عن كثب، والذي يمكن أن يمتد إلى لبنان ودول أخرى، مما قد يؤدي إلى خلق وضع يؤثر على أمن مصر.
تنويه: هذا النص العربي هو ترجمة دقيقة للأصل المنشور باللغة الإنجليزية في رسائل هيلاري كلينتون التي تم كشف السرية عنها على أن يتم التعامل مع كامل النصوص، وفق معايير الضبط العلمي والمنهجي عند الدراسة والتحليل.